ﰡ
﴿الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله﴾ أي اعرضوا وامتنعوا عن الدخول في الاسلام او صدوا غيرهم عنه قال الجوهري صد عنه يصد صدوداً أعرض وصده عن الأمر صداً منعه وصرفه عنه وهم المطعمون يوم بدر أو أهل الكتاب أو عام في كل من كفر وصد ﴿أَضَلَّ أعمالهم﴾ أبطلها وأحبطها وحقيقته جعلها ضالة ضائعة ليس لها من بتقبلها ويثيب عليها كالضالة من الإبل وأعمالهم ما عملوه في كفرهم من صلة الأرحام وإطعام الطعام وعمارة المسجد الحرام او ماعملوه من الكيد لرسول الله ﷺ والصد عن سبيل الله
﴿والذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ هم ناس من قريش أو من الأنصار أو من أهل الكتاب أو عام ﴿وآمنوا بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ﴾ وهو القرآن وتخصيص الايمان بالنزل على رسوله من بين ما يجب الإيمان به لتعظيم شأنه وأكد ذلك بالجملة الاعتراضية وهي قوله ﴿وَهُوَ الحق مِن رَّبِّهِمْ﴾ أي القرآن وقيل ان دين محم هو الحق اذا لا يرد عليه النسخ وهو ناسخ لغيره ﴿كفر عنهم سيئاتهم﴾ ستر بايماتهم وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي لرجوعهم عنها وتوبتهم ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ أي حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور
﴿ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل﴾
من النصرة والتأييد
﴿ذلك بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل وَأَنَّ الذين آمنوا اتبعوا الحق مِن رَّبِّهِمْ﴾ ذلك مبتدأ وما بعده خبره أي ذلك الأمر وهو إضلال اعمال احد الفريقين وتكفير سيآت الثاني والإصلاح كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهو الشيطان وهؤلاءالحق وهو القرآن ﴿كذلك﴾ مثل ذلك الضرب ﴿يَضْرِبُ الله﴾ أي يبين الله ﴿لِلنَّاسِ أمثالهم﴾ والضمير راجع إلى الناس أو إلى المذكورين من الفريقين على معنى أنه يضرب أمثالهم لأجل الناس ليعتبروا بهم وقد جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكافرين واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين أو جعل الإضلال مثلاً لخيبة الكفار وتكفير السيآت مثلاً لفوز الأبرار
﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ﴾ من اللقاء وهو الحرب ﴿فَضَرْبَ الرقاب﴾ أصله فاضربوا الرقاب ضرباً فحذف الفعل وقدم المصدر فأنيب منابه مضافاً إلى المفعول وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد لأنك تذكر المصدر وتدل على الفعل بالنصبة التي فيه وَضَرَبَ الرقاب عبارة عن القتل لا أن الواجب أن تضرب الرقاب خاصة دون غيرها من الأعضاء ولأن قتل الإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته فوقع عبارة عن القتل وإن ضرب غير رقبته ﴿حتى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ﴾ أكثرتم فيهم القتل ﴿فَشُدُّواْ الوثاق﴾ فأسروهم والوثاق بالفتح والكسر اسم ما يوثق به والمعنى فشدوا وثاق الأسارى حتى لا يفلتوا منكم ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ﴾ أي بعد ان تاسروهم ﴿وإما فداء﴾ منا وفداء منصوبان بفعلهما مضمرين أي فإما تمنون مناً أو تفدون قداء والمعنى والتخيير بين الامرين بعد الاسريين ان يمنوا عليهم فيطلقوهم وبين ان يغادوهم وحكم أسارى المشركين عندنا القتل أو الاسترقاق والمن والفداء المذكوران في الآية منسوخ بقوله اقتلوا المشركين لأن
﴿ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم﴾
شوكة وقيل إذا نزل عيسى عليه السلام وعند ابى حنيفة رحمه الله إذا علق بالضرب والشد فالمعنى أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب الأوزار وذلك حين لا تبقى شوكة المشركين وإذا علق بالمن والفداء فالمعنى أنه يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها إلا أن يتأول المن والفداء بما ذكرنا من التأويل ﴿ذلك﴾ أي الأمر ذلك فهو مبتدأ وخبر أو فعلوا بهم ذلك فهو في محل النصب ﴿وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾ لانتقم منهم بغير قتلا ببعض أسباب الهلاك كالخسف أو الرجفة أو غير ذلك ﴿ولكن﴾ أمركم بالقتال ﴿لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ أي المؤمنين بالكافرين تمحيصاً للمؤمنين وتمحيقاً للكافرين ﴿والذين قُتِلُواْ﴾ بصري وحفص قَاتَلُواْ غيرهم ﴿فِى سَبِيلِ الله فَلَن يُضِلَّ أعمالهم﴾
﴿سَيَهْدِيهِمْ﴾ إلى طريق الجنة أو إلى الصواب في جواب منكر ونكير ﴿وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾ يرضى خصماءهم ويقبل أعمالهم
﴿وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ عن مجاهد عرفهم مساكنهم فيها حتى لا يحتاجون أن يسألوا أو طيبها لهم من العرف وهو طيب الرائحة
﴿يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله﴾ اى دين اله ورسوله ﴿يَنصُرْكُمْ﴾ على عدوكم ويفتح لكم ﴿وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ في مواطن الحرب أو على محجة الاسلام
﴿والذين كَفَرُواْ﴾ في موضع رفع بالابتداء والخبر ﴿فَتَعْساً لَّهُمْ﴾ وعطف قوله ﴿وَأَضَلَّ أعمالهم﴾ على الفعل الذي نصب تعسا لأن المعنى فقال تعساً لهم والتعس العثور وعن ابن عباس رضى الله عنهما يرد في الدنيا القتل وفي الآخرة التردي في النار
﴿ذلك﴾ أي التعس والضلال ﴿بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ الله﴾ أي القرآن ﴿فَأَحْبَطَ أعمالهم﴾
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الأرض﴾ يعني كفار أمتك ﴿فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ دمر الله عليهم﴾ اهلكهم هلال استئصال ﴿وللكافرين﴾ مشركي قريش ﴿أمثالها﴾ أمثال تلك الهلكة لأن التدمير يدل عليها
﴿ذلك﴾ اى نصر المؤمنين وسموء عاقبة الكافرين ﴿بأن الله مولى الذين آمنوا﴾ وليهم وناصرهم ﴿وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ﴾ أي لا ناصر لهم فإن الله مولى العباد جميعاً من جهة الاختراع وملك التصرف فيهم ومولى المؤمنين خاصة من جهة النصرة
﴿إن الله يدخل الذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار والذين كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ﴾
ينتفعون بمتاع الحياة الدنيا أياماً قلائل ﴿وَيَأْكُلُونَ﴾ غافلين غير متفكرين في العاقبة ﴿كَمَا تَأْكُلُ الأنعام﴾ في معالفها ومسارحها غافلة عما هي بصدده من النحر والذبح ﴿والنار مَثْوًى لَّهُمْ﴾ منزل ومقام
﴿وكأين من قرية﴾ اى كم من قرية للتكثير وأراد بالقرية اهلها ولذكل قال أهلكناهم ﴿هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مّن قَرْيَتِكَ التى أَخْرَجَتْكَ﴾ أي وكم من قرية أشد قوة من قومك الذين أخرجوك أي كانوا سبب خروجك ﴿أهلكناهم فَلاَ ناصر لَهُمْ﴾ أي فلم يكن لهم من ينصرهم ويدفع العذاب عنهم
﴿أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبّهِ﴾ أي على حجة من عنده وبرهان وهو القرآن المعجز وسائر المعجزات يعنى رسول الله ﷺ ﴿كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ هم أهل مكة الذين زين لهم الشيطان شركهم وعداوتهم لله ورسوله وقال سوء عمله ﴿واتبعوا أَهْوَآءَهُمْ﴾ للحمل على لفظ من ومعناه
﴿مَّثَلُ الجنة﴾ صفة الجنة العجيبة الشأن ﴿التى وُعِدَ المتقون﴾ عن الشرك ﴿فِيهَآ أَنْهَارٌ﴾ داخل في حكم الصلة كالتكرير لها ألا ترى الى صحة فولك التي فيها انهار او حال اى مسقرة فيها انهار ﴿من ماء غير آسن﴾ غير متغير اللون والريح والطعم يقال أسن الماء إذا تغير طعمه وريحه أسِن مكي ﴿وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾ كما تتغير ألبان الدنيا إلى الحموضة وغيرها ﴿وأنهار من خمر لذة﴾ تأنيث للذيذ وهو لاذيذ ﴿لِّلشَّارِبِينَ﴾ أي ما هو إلا التلذذ الخالص ليس معه ذهاب عقل ولا خمار ولا صداع ولا آفة من آفات الخمر ﴿وأنهار مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى﴾ لم يخرج من بطون النحل فيخالطه الشمع وغيره {وَلَهُمْ فِيهَا
﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ من عندك﴾
الأنهار وبين النار التي يسقى أهلها الحميم
﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ العلم مَاذَا قال آنفا﴾ هم المنافقون كانوا يحضرون مجلس رسول الله ﷺ فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يلقون له بالانهاونا منهم فإذا خرجوا قالوا لأولي العلم من الصحابة ماذا قال الساعة على جهة الاستهزاء ﴿أُوْلَئِكَ الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ واتبعوا أهواءهم﴾
﴿والذين اهتدوا﴾ بالإيمان واستماع القرآن ﴿زَادَهُمْ﴾ الله ﴿هُدًى﴾ أي بصيرة وعلماً أو شرح صدورهم ﴿وآتاهم تقواهم﴾ اعلنهم عليها أو آتاهم جزاء تقواهم أو بين لهم ما يتقون
﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ الساعة﴾ أي ينتظرون ﴿أَن تَأْتِيهُم﴾ أي إتيانها فهو بدل اشتمال من الساعة ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة ﴿فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا﴾ علاماتها وهو مبعث محمد ﷺ وإنشقاق القمر والدخان وقيل قطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام ﴿فأنى لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ قال الأخفش التقدير فأنى لهم ذكراهم اذا جاءتهم
﴿فاعلم أَنَّهُ﴾ أن الشأن {لآ إله إِلاَّ الله واستغفر لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
﴿ويقول الذين آمنوا لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ﴾ فيها ذكر الجهاد ﴿فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ﴾ في معنى الجهاد ﴿مُّحْكَمَةٌ﴾ مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجهاً إلا وجوب القتال وعن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة لأن النسخ لا يرد عليها من قبل أن القتال نسخ ما كان من الصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة ﴿وَذُكِرَ فِيهَا القتال﴾ أي أمر فيها بالجهاد ﴿رَأَيْتَ الذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ﴾ نفاق أي رأيت المنافقين فيما بينهم
﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت﴾
يضجرون منها ﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت﴾ أي تشخص أبصارهم جبناً وجزعاً كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت ﴿فأولى لَهُمْ﴾ وعيد بمعنى فويل لهم وهو أفعل من الولى وهو القرب ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه
﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ كلام مستأنف أي طاعة وقول معروف خير لهم ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأمر﴾ فإذا جد الأمر ولزمهم فرض القتال ﴿فَلَوْ صَدَقُواْ الله﴾
﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الأرض وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ﴾ أي فلعلكم إن أعرضتم عن دين رسول الله ﷺ وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً ووأد البنات وخبر عسى أَن تُفْسِدُواْ والشرط اعتراض بين الاسم والخبر والتقدير فهل عسيتم ان تفسدوا في الارض تقطعوا أرحامكم إن توليتم
﴿أولئك﴾ إشارة إلى المذكورين ﴿الذين لَعَنَهُمُ الله﴾ أبعدهم عن رحمته ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾ عن استماع الموعظة ﴿وأعمى أبصارهم﴾ عن إبصارهم طريق الهدى
﴿أفلا يتدبرون القرآن﴾ فيعرفوا ما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة حتى لا يجسروا على المعاصى وام في ﴿أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ بمعنى بل وهمزة التقدير للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل اليها ذكر ونكرت القلوب لأن المراد على قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك والمراد بعض القلوب وهي قلوب المنافقين وأضيفت الأقفال إلى القلوب لأن المراد الأقفال المختصة بها وهي أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح نحو الرين والختم والطبع
﴿إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى﴾ أي المنافقون رجعوا إلى الكفر سراً بعد وضوح الحق لهم ﴿الشيطان سَوَّلَ﴾ زين ﴿لَهُمْ﴾ جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبر الان نحو إن زيداً عمرو مر به ﴿وأملى لَهُمْ﴾ ومدّ لهم في الآمال والأماني وَأُمْلِىَ ابو عمر واى امهلوا ومد في عمرهم
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ الله﴾ أي المنافقون قالوا لليهود ﴿سَنُطِيعُكُمْ فِى بعض الأمر﴾ اى عداوة محمد والقعود عن نصرته ﴿والله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾ على المصدر من اسر حمزة وعلى
﴿فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم﴾
وحفص اسرارهم غير جمع سر
﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة﴾ أي فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذ ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم﴾ عن ابن عباس رضى الله عنهما لا يتوفى أحد على معصية إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره
﴿ذلك﴾ إشارة إلى التوفي الموصوف ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ بسبب أنهم ﴿اتبعوا مَا أَسْخَطَ الله﴾ من معاونة الكافرين ﴿وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ﴾ من نصرة المؤمنين ﴿فَأَحْبَطَ أعمالهم﴾
﴿أَمْ حَسِبَ الذين فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ الله أضغانهم﴾ أحقادهم والمعنى أظن المنافقون أن الله تعالى لا يبرز بغضهم وعداوتهم للمؤمنين
﴿وَلَوْ نَشَآءُ لأريناكهم﴾ لعرّفناكهم ودللناك عليهم ﴿فَلَعَرَفْتَهُم بسيماهم﴾ بعلامتهم وهو أن يسمهم الله بعلامة بها وعن انس رضى الله عنه ماخفى على رسول الله ﷺ بعد هذه الآية احد من المافقين كان يعرفهم بسيماهم ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ القول﴾ في نحوه وأسلوبه الحسن من فحوى كلامهم لأنهم كانوا لا يقدرون على كتمان ما في أنفسهم واللام في فَلَعَرَفْتَهُم داخلة في جواب لو كالتى في لاريناكم كررت في المعطوف وأما اللام في وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم﴾ بالقتال إعلاماً لا استعلاماً أو نعاملكم معاملة المختبر ليكون أبلغ في إظهار العدل ﴿حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين﴾ على الجهاد أي نعلم كائناً ما علمناه أنه سيكون ﴿ونبلو أخباركم﴾ اسراركم وليبلونكم حتى يعلم ويبلوا أبو بكر وعن الفضيل أنه كان إذا قرأها بكى وقال اللهم لا تبلنا فإنك إن بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا وعذبتنا
﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله وَشَآقُّواْ الرسول﴾ وعادوه يعني المطعمين يوم بدر وقد مر ﴿مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى﴾ من بعد ما ظهر لهم أنه الحق وعرفوا الرسول ﴿لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أعمالهم﴾ التي عملوها في مشاقة الرسول أي سيبطلها فلا يصلون منها إلى أغراضهم
﴿يا أيها الذين آمنوا أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول وَلاَ تُبْطِلُواْ أعمالكم﴾ بالنفاق أو بالرياء
﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله﴾
﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ﴾ قيل هم أصحاب القليب والظاهر العموم
﴿فلا تهنوا﴾ فلا تضغفوا ولا تذلوا للعدو ﴿وَتَدْعُواْ إِلَى السلم﴾ وبالكسر حمزة وأبو بكر وهما المسالة أي ولا تدعوا الكفار إلى الصلح ﴿وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾ أي الاعلبون وتدعوا مجزوم لدخوله في حكم النهي ﴿والله مَعَكُمْ﴾ بالنصرة أي ناصركم ﴿وَلَن يَتِرَكُمْ أعمالكم﴾ ولن ينقصكم أجر أعمالكم
﴿إِنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ تنقطع في أسرع مدة ﴿وَإِن تُؤْمِنُواْ﴾ بالله ورسوله ﴿وَتَتَّقُواْ﴾ الشرك ﴿يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ﴾ ثواب إيمانكم وتقواكم ﴿وَلاَ يسألكم أموالكم﴾ أي لا يسألكم جميعها بل ربع العشر والفاعل الله اوالرسول وقال سفيان بن عبينة غيضا من فيض
﴿إن يسألكموها فَيُحْفِكُمْ﴾ أي يجهدكم ويطلبه كله والإحفاء المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء يقال أحفاه في المسألة إذا لم يترك شيئاً من الإلحاح وأحفى شاربه إذا استأصله ﴿تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ﴾ أي الله أو البخل ﴿أضغانكم﴾ عند الامتناع أو عند سؤال الجميع لان عند مسألة المال تظهر العداوة والحقد
﴿ها أنتم﴾ ها للتنبيه ﴿هؤلاء﴾ موصول بمعنى الذين صلته ﴿تَدْعُونَ﴾ أي أنتم الذين تدعون ﴿لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ الله﴾ هي النفقة في الغزو أو الزكاة كأنه قال الدليل على أنه لو أحفاكم لبخلتم وكرهتم العطاء أنكم تدعون إلى أداء ربع العشر ﴿فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ﴾ بالرفع لأن من هذه ليست للشرط أي فمنكم ناس يبخلون به ﴿وَمَن يَبْخَلْ﴾ بالصدقة وأداء الفريضة ﴿فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ أي يبخل عن داعي نفسه لا عن داعي ربه وقيل يبخل على نفسه يقال بخلت عليه وعند ﴿والله الغنى وَأَنتُمُ الفقرآء﴾ أي أنه لا يأمر بذلك لحاجته إليه لأنه غني عن الحاجات ولكن لحاجتكم وفقركم إلى الثواب ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْاْ﴾ وإن تعرضوا أيها العرب عن طاعته وطاعة رسوله والإنفاق في سبيله وهو معطوف على وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ يخلق قوماً خيراً منكم وأطوع وهم فارس وسئل رسول الله ﷺ عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال
بسم الله الرحمن الرحيم