في السورة حكاية لبعض مواقف وأقوال وعقائد العرب. وفصول من المناظرات والمشاهد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار. وبيان لمصير المخلصين والجاحدين يوم القيامة. وسلسلة قصص بعض الأنبياء وأقوامهم ومصائرهم، وفيها بعض مواضيع السورة السابقة حتى تكاد أن تكون تتمة لها أو تعقيبا عليها مما فيه قرينة على صحة نزولها بعد سورة الأنعام. وفي أسلوبها ونظمها خصوصية فنية. ففيها تسجيع متنوع القوافي، وقد ألحقت حلقات سلسلة القصص بلازمة تتكرر عقب كل قصة مثل حلقات سورة الشعراء مع اختلاف الصيغة وفصولها مترابطة منسجمة مما يسوغ القول : إنها نزلت دفعة واحدة أو فصولا متلاحقة وهي خامسة سور القرآن في عدد الآيات.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا ( ١ ) فالزاجرات زجرا ( ٢ ) فالتاليات ذكرا ( ٣ ) إن إلهكم لواحد ( ٤ ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( ٥ ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( ٦ ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ٧ ) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( ٨ ) دحورا ولهم عذاب واصب ( ٩ ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( ١٠ ) ﴾ [ ١ – ١٠ ].في الآيات قسم رباني على سبيل التوكيد بأن إله الناس واحد وحسب، وهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب وجعلها في الوقت نفسه حافظة لها من كل شيطان باغ لمنعه من التسمع إلى الملأ الأعلى وقذفه من كل جانب من جوانبها قذفا شديدا، بالإضافة إلى ما له من عذاب دائم وكل من خطف خطفة من السمع منهم تبعه شهاب ثاقب قضى عليه.
ولقد تعددت الأقوال في المقصود بالمقسوم به في الجمل الثلاث الأولى، وأوجهها الذي رجحه جمهور المفسرين أنهم الملائكة. فهم الصافون للعبادة صفا والزاجرون الناس عن المعاصي والتالون لآيات الله والمبلغون لأوامره.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل توكيد ما بعدها. وهي جارية على الأسلوب القرآني المألوف، ونرجح أن سامعيها أو من سامعيها من قد فهم المقصود ولم تكن مبهمة عليه.
ويمكن أن يستلهم من الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لمشهد من مشاهد المناظرة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار والمشركين جرى فيه جدل حول وحدة الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت. وهي مقدمة قوية نافذة، تضمنت لفت نظر السامعين إلى عظمة كون الله تعالى والتدليل على وحدته وربوبيته كما هو المتبادر. ولقد علقنا في سياق تفسير سورتي الجن والحجر على موضوع الشياطين وتسمعهم إلى السماء ورجمهم بالشهب بما فيه الكفاية فلا ضرورة إلى زيادة شيء آخر في هذا المقام بمناسبة ورود ذكر ذلك في الآيات.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا ( ١ ) فالزاجرات زجرا ( ٢ ) فالتاليات ذكرا ( ٣ ) إن إلهكم لواحد ( ٤ ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( ٥ ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( ٦ ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ٧ ) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( ٨ ) دحورا ولهم عذاب واصب ( ٩ ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( ١٠ ) ﴾ [ ١ – ١٠ ].في الآيات قسم رباني على سبيل التوكيد بأن إله الناس واحد وحسب، وهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب وجعلها في الوقت نفسه حافظة لها من كل شيطان باغ لمنعه من التسمع إلى الملأ الأعلى وقذفه من كل جانب من جوانبها قذفا شديدا، بالإضافة إلى ما له من عذاب دائم وكل من خطف خطفة من السمع منهم تبعه شهاب ثاقب قضى عليه.
ولقد تعددت الأقوال في المقصود بالمقسوم به في الجمل الثلاث الأولى، وأوجهها الذي رجحه جمهور المفسرين أنهم الملائكة. فهم الصافون للعبادة صفا والزاجرون الناس عن المعاصي والتالون لآيات الله والمبلغون لأوامره.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل توكيد ما بعدها. وهي جارية على الأسلوب القرآني المألوف، ونرجح أن سامعيها أو من سامعيها من قد فهم المقصود ولم تكن مبهمة عليه.
ويمكن أن يستلهم من الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لمشهد من مشاهد المناظرة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار والمشركين جرى فيه جدل حول وحدة الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت. وهي مقدمة قوية نافذة، تضمنت لفت نظر السامعين إلى عظمة كون الله تعالى والتدليل على وحدته وربوبيته كما هو المتبادر. ولقد علقنا في سياق تفسير سورتي الجن والحجر على موضوع الشياطين وتسمعهم إلى السماء ورجمهم بالشهب بما فيه الكفاية فلا ضرورة إلى زيادة شيء آخر في هذا المقام بمناسبة ورود ذكر ذلك في الآيات.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا ( ١ ) فالزاجرات زجرا ( ٢ ) فالتاليات ذكرا ( ٣ ) إن إلهكم لواحد ( ٤ ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( ٥ ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( ٦ ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ٧ ) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( ٨ ) دحورا ولهم عذاب واصب ( ٩ ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( ١٠ ) ﴾ [ ١ – ١٠ ].في الآيات قسم رباني على سبيل التوكيد بأن إله الناس واحد وحسب، وهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب وجعلها في الوقت نفسه حافظة لها من كل شيطان باغ لمنعه من التسمع إلى الملأ الأعلى وقذفه من كل جانب من جوانبها قذفا شديدا، بالإضافة إلى ما له من عذاب دائم وكل من خطف خطفة من السمع منهم تبعه شهاب ثاقب قضى عليه.
ولقد تعددت الأقوال في المقصود بالمقسوم به في الجمل الثلاث الأولى، وأوجهها الذي رجحه جمهور المفسرين أنهم الملائكة. فهم الصافون للعبادة صفا والزاجرون الناس عن المعاصي والتالون لآيات الله والمبلغون لأوامره.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل توكيد ما بعدها. وهي جارية على الأسلوب القرآني المألوف، ونرجح أن سامعيها أو من سامعيها من قد فهم المقصود ولم تكن مبهمة عليه.
ويمكن أن يستلهم من الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لمشهد من مشاهد المناظرة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار والمشركين جرى فيه جدل حول وحدة الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت. وهي مقدمة قوية نافذة، تضمنت لفت نظر السامعين إلى عظمة كون الله تعالى والتدليل على وحدته وربوبيته كما هو المتبادر. ولقد علقنا في سياق تفسير سورتي الجن والحجر على موضوع الشياطين وتسمعهم إلى السماء ورجمهم بالشهب بما فيه الكفاية فلا ضرورة إلى زيادة شيء آخر في هذا المقام بمناسبة ورود ذكر ذلك في الآيات.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا ( ١ ) فالزاجرات زجرا ( ٢ ) فالتاليات ذكرا ( ٣ ) إن إلهكم لواحد ( ٤ ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( ٥ ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( ٦ ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ٧ ) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( ٨ ) دحورا ولهم عذاب واصب ( ٩ ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( ١٠ ) ﴾ [ ١ – ١٠ ].في الآيات قسم رباني على سبيل التوكيد بأن إله الناس واحد وحسب، وهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب وجعلها في الوقت نفسه حافظة لها من كل شيطان باغ لمنعه من التسمع إلى الملأ الأعلى وقذفه من كل جانب من جوانبها قذفا شديدا، بالإضافة إلى ما له من عذاب دائم وكل من خطف خطفة من السمع منهم تبعه شهاب ثاقب قضى عليه.
ولقد تعددت الأقوال في المقصود بالمقسوم به في الجمل الثلاث الأولى، وأوجهها الذي رجحه جمهور المفسرين أنهم الملائكة. فهم الصافون للعبادة صفا والزاجرون الناس عن المعاصي والتالون لآيات الله والمبلغون لأوامره.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل توكيد ما بعدها. وهي جارية على الأسلوب القرآني المألوف، ونرجح أن سامعيها أو من سامعيها من قد فهم المقصود ولم تكن مبهمة عليه.
ويمكن أن يستلهم من الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لمشهد من مشاهد المناظرة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار والمشركين جرى فيه جدل حول وحدة الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت. وهي مقدمة قوية نافذة، تضمنت لفت نظر السامعين إلى عظمة كون الله تعالى والتدليل على وحدته وربوبيته كما هو المتبادر. ولقد علقنا في سياق تفسير سورتي الجن والحجر على موضوع الشياطين وتسمعهم إلى السماء ورجمهم بالشهب بما فيه الكفاية فلا ضرورة إلى زيادة شيء آخر في هذا المقام بمناسبة ورود ذكر ذلك في الآيات.
واصب : دائم أو ثابت.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا ( ١ ) فالزاجرات زجرا ( ٢ ) فالتاليات ذكرا ( ٣ ) إن إلهكم لواحد ( ٤ ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( ٥ ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( ٦ ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ٧ ) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( ٨ ) دحورا ولهم عذاب واصب ( ٩ ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( ١٠ ) ﴾ [ ١ – ١٠ ].في الآيات قسم رباني على سبيل التوكيد بأن إله الناس واحد وحسب، وهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب وجعلها في الوقت نفسه حافظة لها من كل شيطان باغ لمنعه من التسمع إلى الملأ الأعلى وقذفه من كل جانب من جوانبها قذفا شديدا، بالإضافة إلى ما له من عذاب دائم وكل من خطف خطفة من السمع منهم تبعه شهاب ثاقب قضى عليه.
ولقد تعددت الأقوال في المقصود بالمقسوم به في الجمل الثلاث الأولى، وأوجهها الذي رجحه جمهور المفسرين أنهم الملائكة. فهم الصافون للعبادة صفا والزاجرون الناس عن المعاصي والتالون لآيات الله والمبلغون لأوامره.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل توكيد ما بعدها. وهي جارية على الأسلوب القرآني المألوف، ونرجح أن سامعيها أو من سامعيها من قد فهم المقصود ولم تكن مبهمة عليه.
ويمكن أن يستلهم من الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لمشهد من مشاهد المناظرة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار والمشركين جرى فيه جدل حول وحدة الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت. وهي مقدمة قوية نافذة، تضمنت لفت نظر السامعين إلى عظمة كون الله تعالى والتدليل على وحدته وربوبيته كما هو المتبادر. ولقد علقنا في سياق تفسير سورتي الجن والحجر على موضوع الشياطين وتسمعهم إلى السماء ورجمهم بالشهب بما فيه الكفاية فلا ضرورة إلى زيادة شيء آخر في هذا المقام بمناسبة ورود ذكر ذلك في الآيات.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والصافات صفا ( ١ ) فالزاجرات زجرا ( ٢ ) فالتاليات ذكرا ( ٣ ) إن إلهكم لواحد ( ٤ ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( ٥ ) إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( ٦ ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ٧ ) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( ٨ ) دحورا ولهم عذاب واصب ( ٩ ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( ١٠ ) ﴾ [ ١ – ١٠ ].في الآيات قسم رباني على سبيل التوكيد بأن إله الناس واحد وحسب، وهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب وجعلها في الوقت نفسه حافظة لها من كل شيطان باغ لمنعه من التسمع إلى الملأ الأعلى وقذفه من كل جانب من جوانبها قذفا شديدا، بالإضافة إلى ما له من عذاب دائم وكل من خطف خطفة من السمع منهم تبعه شهاب ثاقب قضى عليه.
ولقد تعددت الأقوال في المقصود بالمقسوم به في الجمل الثلاث الأولى، وأوجهها الذي رجحه جمهور المفسرين أنهم الملائكة. فهم الصافون للعبادة صفا والزاجرون الناس عن المعاصي والتالون لآيات الله والمبلغون لأوامره.
وعلى كل حال فالآيات بسبيل توكيد ما بعدها. وهي جارية على الأسلوب القرآني المألوف، ونرجح أن سامعيها أو من سامعيها من قد فهم المقصود ولم تكن مبهمة عليه.
ويمكن أن يستلهم من الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لمشهد من مشاهد المناظرة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار والمشركين جرى فيه جدل حول وحدة الله تعالى وحقيقة البعث بعد الموت. وهي مقدمة قوية نافذة، تضمنت لفت نظر السامعين إلى عظمة كون الله تعالى والتدليل على وحدته وربوبيته كما هو المتبادر. ولقد علقنا في سياق تفسير سورتي الجن والحجر على موضوع الشياطين وتسمعهم إلى السماء ورجمهم بالشهب بما فيه الكفاية فلا ضرورة إلى زيادة شيء آخر في هذا المقام بمناسبة ورود ذكر ذلك في الآيات.
طين لازب : طين ملتصق متحجر.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
والسؤال الذي أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيهه إليهم فيه قوة وإلزام. فالسماوات والأرض وما بينهما والملائكة والشياطين كل هذه قد خلقها الله وكلها في تصرفه المطلق. والذي خلق كل هذا الخلق العظيم قادر من باب أولى عليهم وهم أضعف من أي منهم وقد جاء الرد والتوكيد في الآية الأخيرة عنيفا ليتناسب مع ما حكته الآيات من مكابرتهم وسخريتهم وجحودهم وتصاممهم.
وليس من شك في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نفذ أمر ربه فقذف الكفار مواجهة بالرد العنيف دون مبالاة بهم وهم الأكثر عددا والأشد قوة حيث تتجلى بذلك قوته المعنوية وموقف الاستعلاء الذي يشعر به بالنسبة لهم وقد تكرر هذا الأسلوب مرارا.
ولقد تكررت حكاية مواقف الكفار التي حكتها الآيات وأقوالهم كثيرا. والمتبادر أن ذلك آت من تكرر المشاهد وتجددها. ولقد شرحنا مدى قول الكفار عن البعث إنه سحر في مناسبات سابقة وعلقنا عليه بما فيه الكفاية فلا ضرورة للإعادة. وقد تكون حكمة صيغة ومحتويات الآيات السابقة هي بيان ضعف الكفار بالنسبة للأكوان وبخاصة لمردة الشياطين الذين يحرقهم الله بقذائف السماء فإن القادر على الأقوى قادر من باب أولى عليهم. ولقد كان الكفار يعتقدون ويتداولون بما جاء في الآيات فردده القرآن واستحكمت فيهم الحجة.
زجرة : صرخة أو صيحة.
والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مر مثاله في الآيات [ ١٦ – ١٧ ] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾ الصافات :[ ٢٤ ] حديث عن أنس بن مالك قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾١ ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي صلى الله عليه ولم هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية علي ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم١ لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مر مثاله في الآيات [ ١٦ – ١٧ ] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾ الصافات :[ ٢٤ ] حديث عن أنس بن مالك قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾١ ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي صلى الله عليه ولم هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية علي ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم١ لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مر مثاله في الآيات [ ١٦ – ١٧ ] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾ الصافات :[ ٢٤ ] حديث عن أنس بن مالك قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾١ ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي صلى الله عليه ولم هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية علي ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم١ لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
أزواجهم : هنا بمعنى أمثالهم ومن هم على شاكلتهم أو أشياعهم.
والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مر مثاله في الآيات [ ١٦ – ١٧ ] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾ الصافات :[ ٢٤ ] حديث عن أنس بن مالك قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾١ ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي صلى الله عليه ولم هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية علي ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم١ لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
صراط : طريق.
والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مر مثاله في الآيات [ ١٦ – ١٧ ] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾ الصافات :[ ٢٤ ] حديث عن أنس بن مالك قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾١ ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي صلى الله عليه ولم هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية علي ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم١ لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
والآيات قوية نافذة، ومع واجب الإيمان بما حكته من مشهد أخروي فإن من الحكمة المتبادرة فيها إثارة الخوف والرهبة في السامع وحمله على التراجع إن كان جاحدا.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن الذين يؤمر بحشرهم مع الظالمين من الآلهة هم الأصنام أو الشياطين أو غير عباد الله الصالحين الذين اتخذهم الناس آلهة ومعبودات وشركاء مثل الملائكة والعزير والمسيح على اعتبار أن هؤلاء غير مسؤولين عن فعل المشركين. وقد حكت بعض الآيات تنصلهم منهم ما مر مثاله في الآيات [ ١٦ – ١٧ ] من سورة الفرقان.
ولقد روى الترمذي في سياق الآية ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾ الصافات :[ ٢٤ ] حديث عن أنس بن مالك قال :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه. وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ قول الله تعالى ﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾١ ويلحظ أن الضمير في الآية عائد بصراحة حاسمة للظالمين المشركين خاصة. فإن صح الحديث فيكون النبي صلى الله عليه ولم هدف إلى استلهام الآية لوعظ المسلمين وتحذيرهم من أي قول أو عمل فيه انحراف وضلال.
هذا، وللشيعة تأويل غريب على عادتهم للآية، حيث قالوا إنها في حق الذين أنكروا ولاية علي ومنعوها عنه، بل لقد رووا في ذلك حديثا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم١ لم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة وتغافلوا عن أن الآية مكية وأنها في سياق التنديد بالمشركين الظالمين وإنذارهم.
لا تناصرون : لا تتناصرون أي لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
والآيات كسابقاتها قوية التصوير ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي حكته فإن من حكمة الأسلوب المتبادرة الذي جاءت عليه إثارة الخوف والرعب والارعواء في قلوب الكفار تابعين ومتبوعين. ولعل مما استهدفته تنبيه التابعين الذين كانوا الأكثر إلى أن الزعماء الذين يتبعون لن ينفعوهم في الآخرة شيئا.
الآيات كما هو المتبادر معقبة على ما سبقها من حكاية ما سوف يكون من أمر الكفار بعد البعث. فما حكي هو ما سوف يحل بالمجرمين لأنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلا الله، وكانوا يستنكرون أن يتركوا آلهتهم لشاعر مجنون وبزعمهم في حين أنه إنما جاءهم بالحق المتطابق مع جاء به المرسلون الأولون. ومن أجل ذلك سيقال لهم إنكم لذائقو العذاب الأليم وإنكم لم تجزوا إلا بما عملتم وقدمتم.
وفي الآيات صورة لما كان يقفه الكفار من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن شخصه أيضا، وقد تكررت في مناسبات عديدة مماثلة حيث كانت المشاهد والمواقف تتكرر وتتجدد. وقد علقنا على نعت المجنون والشاعر الذي كان الكفار ينعتون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فيه الكفاية في المناسبات السابقة فلا نرى ضرورة لزيادة أو إعادة.
ويلحظ في الحوار الذي يجري بين الكفار والأقوال التي تقال لهم أنها مقتبسة من مألوفات الدنيا وأساليب خطابها ومشاهدها، وهذا طبيعي لأنه هو الأشد تأثيرا في الوعظ والإنذار والترغيب والترهيب، وهو مما استهدفته الآيات كما قلنا.
الآيات كما هو المتبادر معقبة على ما سبقها من حكاية ما سوف يكون من أمر الكفار بعد البعث. فما حكي هو ما سوف يحل بالمجرمين لأنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلا الله، وكانوا يستنكرون أن يتركوا آلهتهم لشاعر مجنون وبزعمهم في حين أنه إنما جاءهم بالحق المتطابق مع جاء به المرسلون الأولون. ومن أجل ذلك سيقال لهم إنكم لذائقو العذاب الأليم وإنكم لم تجزوا إلا بما عملتم وقدمتم.
وفي الآيات صورة لما كان يقفه الكفار من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن شخصه أيضا، وقد تكررت في مناسبات عديدة مماثلة حيث كانت المشاهد والمواقف تتكرر وتتجدد. وقد علقنا على نعت المجنون والشاعر الذي كان الكفار ينعتون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فيه الكفاية في المناسبات السابقة فلا نرى ضرورة لزيادة أو إعادة.
ويلحظ في الحوار الذي يجري بين الكفار والأقوال التي تقال لهم أنها مقتبسة من مألوفات الدنيا وأساليب خطابها ومشاهدها، وهذا طبيعي لأنه هو الأشد تأثيرا في الوعظ والإنذار والترغيب والترهيب، وهو مما استهدفته الآيات كما قلنا.
الآيات كما هو المتبادر معقبة على ما سبقها من حكاية ما سوف يكون من أمر الكفار بعد البعث. فما حكي هو ما سوف يحل بالمجرمين لأنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلا الله، وكانوا يستنكرون أن يتركوا آلهتهم لشاعر مجنون وبزعمهم في حين أنه إنما جاءهم بالحق المتطابق مع جاء به المرسلون الأولون. ومن أجل ذلك سيقال لهم إنكم لذائقو العذاب الأليم وإنكم لم تجزوا إلا بما عملتم وقدمتم.
وفي الآيات صورة لما كان يقفه الكفار من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن شخصه أيضا، وقد تكررت في مناسبات عديدة مماثلة حيث كانت المشاهد والمواقف تتكرر وتتجدد. وقد علقنا على نعت المجنون والشاعر الذي كان الكفار ينعتون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فيه الكفاية في المناسبات السابقة فلا نرى ضرورة لزيادة أو إعادة.
ويلحظ في الحوار الذي يجري بين الكفار والأقوال التي تقال لهم أنها مقتبسة من مألوفات الدنيا وأساليب خطابها ومشاهدها، وهذا طبيعي لأنه هو الأشد تأثيرا في الوعظ والإنذار والترغيب والترهيب، وهو مما استهدفته الآيات كما قلنا.
الآيات كما هو المتبادر معقبة على ما سبقها من حكاية ما سوف يكون من أمر الكفار بعد البعث. فما حكي هو ما سوف يحل بالمجرمين لأنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلا الله، وكانوا يستنكرون أن يتركوا آلهتهم لشاعر مجنون وبزعمهم في حين أنه إنما جاءهم بالحق المتطابق مع جاء به المرسلون الأولون. ومن أجل ذلك سيقال لهم إنكم لذائقو العذاب الأليم وإنكم لم تجزوا إلا بما عملتم وقدمتم.
وفي الآيات صورة لما كان يقفه الكفار من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن شخصه أيضا، وقد تكررت في مناسبات عديدة مماثلة حيث كانت المشاهد والمواقف تتكرر وتتجدد. وقد علقنا على نعت المجنون والشاعر الذي كان الكفار ينعتون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فيه الكفاية في المناسبات السابقة فلا نرى ضرورة لزيادة أو إعادة.
ويلحظ في الحوار الذي يجري بين الكفار والأقوال التي تقال لهم أنها مقتبسة من مألوفات الدنيا وأساليب خطابها ومشاهدها، وهذا طبيعي لأنه هو الأشد تأثيرا في الوعظ والإنذار والترغيب والترهيب، وهو مما استهدفته الآيات كما قلنا.
الآيات كما هو المتبادر معقبة على ما سبقها من حكاية ما سوف يكون من أمر الكفار بعد البعث. فما حكي هو ما سوف يحل بالمجرمين لأنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلا الله، وكانوا يستنكرون أن يتركوا آلهتهم لشاعر مجنون وبزعمهم في حين أنه إنما جاءهم بالحق المتطابق مع جاء به المرسلون الأولون. ومن أجل ذلك سيقال لهم إنكم لذائقو العذاب الأليم وإنكم لم تجزوا إلا بما عملتم وقدمتم.
وفي الآيات صورة لما كان يقفه الكفار من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن شخصه أيضا، وقد تكررت في مناسبات عديدة مماثلة حيث كانت المشاهد والمواقف تتكرر وتتجدد. وقد علقنا على نعت المجنون والشاعر الذي كان الكفار ينعتون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فيه الكفاية في المناسبات السابقة فلا نرى ضرورة لزيادة أو إعادة.
ويلحظ في الحوار الذي يجري بين الكفار والأقوال التي تقال لهم أنها مقتبسة من مألوفات الدنيا وأساليب خطابها ومشاهدها، وهذا طبيعي لأنه هو الأشد تأثيرا في الوعظ والإنذار والترغيب والترهيب، وهو مما استهدفته الآيات كما قلنا.
الآيات كما هو المتبادر معقبة على ما سبقها من حكاية ما سوف يكون من أمر الكفار بعد البعث. فما حكي هو ما سوف يحل بالمجرمين لأنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم لا إله إلا الله، وكانوا يستنكرون أن يتركوا آلهتهم لشاعر مجنون وبزعمهم في حين أنه إنما جاءهم بالحق المتطابق مع جاء به المرسلون الأولون. ومن أجل ذلك سيقال لهم إنكم لذائقو العذاب الأليم وإنكم لم تجزوا إلا بما عملتم وقدمتم.
وفي الآيات صورة لما كان يقفه الكفار من دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن شخصه أيضا، وقد تكررت في مناسبات عديدة مماثلة حيث كانت المشاهد والمواقف تتكرر وتتجدد. وقد علقنا على نعت المجنون والشاعر الذي كان الكفار ينعتون به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فيه الكفاية في المناسبات السابقة فلا نرى ضرورة لزيادة أو إعادة.
ويلحظ في الحوار الذي يجري بين الكفار والأقوال التي تقال لهم أنها مقتبسة من مألوفات الدنيا وأساليب خطابها ومشاهدها، وهذا طبيعي لأنه هو الأشد تأثيرا في الوعظ والإنذار والترغيب والترهيب، وهو مما استهدفته الآيات كما قلنا.
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ إلا عباد الله المخلصين ( ٤٠ ) أولئك لهم رزق معلوم ( ٤١ ) فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ ) في جنات النعيم ( ٤٣ ) على سرر متقابلين ( ٤٤ ) يطاف عليهم بكأس من معين( ١ ) ( ٤٥ ) بيضاء لذة للشاربين ( ٤٦ ) لا فيها غول( ٢ ) ولا هم عنها ينزفون( ٣ ) ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات( ٤ ) الطرف( ٥ ) عين ( ٤٨ ) كأنهن بيض( ٦ ) مكنون( ٧ ) ( ٤٩ ) ﴾ [ ٤٠ – ٤٩ ].
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
ينزفون : عقولهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ إلا عباد الله المخلصين ( ٤٠ ) أولئك لهم رزق معلوم ( ٤١ ) فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ ) في جنات النعيم ( ٤٣ ) على سرر متقابلين ( ٤٤ ) يطاف عليهم بكأس من معين( ١ ) ( ٤٥ ) بيضاء لذة للشاربين ( ٤٦ ) لا فيها غول( ٢ ) ولا هم عنها ينزفون( ٣ ) ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات( ٤ ) الطرف( ٥ ) عين ( ٤٨ ) كأنهن بيض( ٦ ) مكنون( ٧ ) ( ٤٩ ) ﴾ [ ٤٠ – ٤٩ ].
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
عين : ذات عيون نجلاء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ إلا عباد الله المخلصين ( ٤٠ ) أولئك لهم رزق معلوم ( ٤١ ) فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ ) في جنات النعيم ( ٤٣ ) على سرر متقابلين ( ٤٤ ) يطاف عليهم بكأس من معين( ١ ) ( ٤٥ ) بيضاء لذة للشاربين ( ٤٦ ) لا فيها غول( ٢ ) ولا هم عنها ينزفون( ٣ ) ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات( ٤ ) الطرف( ٥ ) عين ( ٤٨ ) كأنهن بيض( ٦ ) مكنون( ٧ ) ( ٤٩ ) ﴾ [ ٤٠ – ٤٩ ].
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
مكنون : مصون عن الابتذال.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٠:﴿ إلا عباد الله المخلصين ( ٤٠ ) أولئك لهم رزق معلوم ( ٤١ ) فواكه وهم مكرمون ( ٤٢ ) في جنات النعيم ( ٤٣ ) على سرر متقابلين ( ٤٤ ) يطاف عليهم بكأس من معين( ١ ) ( ٤٥ ) بيضاء لذة للشاربين ( ٤٦ ) لا فيها غول( ٢ ) ولا هم عنها ينزفون( ٣ ) ( ٤٧ ) وعندهم قاصرات( ٤ ) الطرف( ٥ ) عين ( ٤٨ ) كأنهن بيض( ٦ ) مكنون( ٧ ) ( ٤٩ ) ﴾ [ ٤٠ – ٤٩ ].
في الآيات وصف لما يكون من أمر المؤمنين يوم القيامة مقابل وصف ما يكون من أمر الكفار على سبيل الاستطراد وهو ما جرى عليه النظم القرآني. وقد بدأت بحرف الاستثناء ليعني أن عباد الله المخلصين مستثنون من ذلك المصير الذي حكي أنه سيكون بالنسبة للكفار. فلهم الرزق الوافر والفواكه والتكريم في جنات النعيم حيث يجلسون متقابلين على الأسرة ويطاف عليهم بشراب أبيض لذيذ من منبع لا ينضب ولا يسبب خمارا ولا نزيفا لشاربه ويتمتعون بالنساء النجل العيون اللاتي كأنهن اللؤلؤ بياضا وجمالا، والطاهرات المصونات عن الابتذال.
والآيات متصلة بالسياق كما هو المتبادر. وأسلوبها قوي مثل سابقاتها، ومن شأنها إغراء السامعين وحملهم على الاستجابة وإثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وهو مما استهدفته الآيات على ما هو المتبادر أيضا.
والوصف هنا كالوصف هناك مستمد من مألوفات الناس وصور الحياة الدنيا ؛ لأنه أقوى على التأثير على ما قلناه في صدد الآيات السابقة. مع واجب الإيمان بحقيقة ما انطوى فيها من مشهد أخروي.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ( ٥٠ ) قال قائل منهم إني كان لي قرين( ١ ) ( ٥١ ) يقول أئنك لمن المصدقين ( ٥٢ ) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ( ٢ ) ( ٥٣ ) قال هل أنتم مطلعون ( ٥٤ ) فاطلع فرآه في سواء الجحيم ( ٣ ) ( ٥٥ ) قال تالله إن كدت لتردين( ٤ ) ( ٥٦ ) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ( ٥٧ ) أفما نحن بميتين ( ٥٨ ) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ( ٥٩ ) إن هذا لهو الفوز العظيم ( ٦٠ ) لمثل هذا فليعمل العاملون ( ٦١ ) ﴾ [ ٥٠ – ٦١ ].
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ( ٥٠ ) قال قائل منهم إني كان لي قرين( ١ ) ( ٥١ ) يقول أئنك لمن المصدقين ( ٥٢ ) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ( ٢ ) ( ٥٣ ) قال هل أنتم مطلعون ( ٥٤ ) فاطلع فرآه في سواء الجحيم ( ٣ ) ( ٥٥ ) قال تالله إن كدت لتردين( ٤ ) ( ٥٦ ) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ( ٥٧ ) أفما نحن بميتين ( ٥٨ ) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ( ٥٩ ) إن هذا لهو الفوز العظيم ( ٦٠ ) لمثل هذا فليعمل العاملون ( ٦١ ) ﴾ [ ٥٠ – ٦١ ].
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ( ٥٠ ) قال قائل منهم إني كان لي قرين( ١ ) ( ٥١ ) يقول أئنك لمن المصدقين ( ٥٢ ) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ( ٢ ) ( ٥٣ ) قال هل أنتم مطلعون ( ٥٤ ) فاطلع فرآه في سواء الجحيم ( ٣ ) ( ٥٥ ) قال تالله إن كدت لتردين( ٤ ) ( ٥٦ ) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ( ٥٧ ) أفما نحن بميتين ( ٥٨ ) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ( ٥٩ ) إن هذا لهو الفوز العظيم ( ٦٠ ) لمثل هذا فليعمل العاملون ( ٦١ ) ﴾ [ ٥٠ – ٦١ ].
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٠:﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ( ٥٠ ) قال قائل منهم إني كان لي قرين( ١ ) ( ٥١ ) يقول أئنك لمن المصدقين ( ٥٢ ) أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ( ٢ ) ( ٥٣ ) قال هل أنتم مطلعون ( ٥٤ ) فاطلع فرآه في سواء الجحيم ( ٣ ) ( ٥٥ ) قال تالله إن كدت لتردين( ٤ ) ( ٥٦ ) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ( ٥٧ ) أفما نحن بميتين ( ٥٨ ) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ( ٥٩ ) إن هذا لهو الفوز العظيم ( ٦٠ ) لمثل هذا فليعمل العاملون ( ٦١ ) ﴾ [ ٥٠ – ٦١ ].
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
الآيات استمرار في السياق كما هو واضح، وفيها حكاية لما يكون من حوار بين المخلصين بعد أن ينزلوا منزل التكريم في الآخرة ؛ حيث يقبل بعضهم على بعض يتجاذبون الحديث فيذكر أحدهم قرينا كان له يسأله سؤال الساخر المستكبر عما إذا كان يصدق ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن الناس مبعوثون للجزاء بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا وعظاما فيجاب القائل أن انظر فينظر فيرى قرينه في وسط النار فيخاطبه مؤنبا مبكتا لقد كدت تهلكني بوسوستك وجحودك ولو لم تتداركني رحمة الله لكنت معك أقاسي ما تقاسي. ثم يتساءل المخلصون الناجون تساؤل الفرح عما إذا كانوا حقا لن يموتوا بعد الآن ولن يتعذبوا. ويهتفون مغتبطين مسرورين : ألا إن هذا لهو الفوز العظيم. وقد انتهت الآيات بالهتاف بالسامعين أن لمثل هذا المصير الكريم فليعمل من أراد العمل.
وقد استهدفت الآيات إثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين وإنذار الكفار فيما استهدفته كما هو شأن سابقاتها مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
نزلا : منزلا.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وصلة الآيات بالسياق واضحة : حيث جاءت معقبة على وصف مصير المخلصين للتنبيه إلى الفرق العظيم بين هذا المصير ومصير الظالمين. والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب والهلع في الكفار كما هو شأن سابقاتها. مع واجب الإيمان بحقيقة المشهد الأخروي الذي حكته.
وقد ذكر بعض المفسرين١ أن تعبير ﴿ إنا جعلناها فتنة للظالمين ( ٦٤ ) ﴾ أريد به الإشارة إلى ما أحدثه ذكر وجود شجرة الزقوم في النار من استنكار واستغراب لدى الكفار. على أن بعضهم ٢ قال إن كلمة ﴿ فتنة ﴾ هنا بمعنى شدة العذاب. ولقد حكت إحدى آيات سورة الإسراء السابقة لهذا السورة في الترتيب أن الله جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة للناس، وقال جمهور المفسرين إنها عنت شجرة الزقوم. ولعل هذا متصل بذاك ومع ذلك فإن للقول الثاني وجاهته أيضا والله أعلم.
وفي تشبيه طلع شجرة الزقوم الجهنمي برؤوس الشياطين دلالة على أن العرب كانوا يتخيلون الشياطين بأشكال قبيحة مفزعة، فجاء التشبيه متسقا مع ما في أذهانهم زيادة في التأثير والتخويف.
أما شجرة الزقوم الدنيوية فهي شجرة معروفة في بلاد الحجاز بكثرة شوكها وشدة مرارة ثمرها وإثارته عطشا شديدا في آكله.
وهذه الآيات معقبة على ما قبلها كما هو المتبادر : فأكثر الأمم السابقة ضلوا كما ضل أكثر العرب. ولقد أرسل الله إليهم منذرين فلم يستجيبوا، فاستحقوا ما استحقوه من سوء العاقبة باستثناء المخلصين من عباد الله الذين استجابوا واهتدوا، وقد انطوى في الآيات تقريع وإنذار للكفار وتنويه بالمؤمنين.
وقد جاءت الآيات في الوقت نفسه مقدمة لسلسلة قصص الأنبياء التي تأتي بعدهما جريا على النظم القرآني.
وهذه الآيات معقبة على ما قبلها كما هو المتبادر : فأكثر الأمم السابقة ضلوا كما ضل أكثر العرب. ولقد أرسل الله إليهم منذرين فلم يستجيبوا، فاستحقوا ما استحقوه من سوء العاقبة باستثناء المخلصين من عباد الله الذين استجابوا واهتدوا، وقد انطوى في الآيات تقريع وإنذار للكفار وتنويه بالمؤمنين.
وقد جاءت الآيات في الوقت نفسه مقدمة لسلسلة قصص الأنبياء التي تأتي بعدهما جريا على النظم القرآني.
وهذه الآيات معقبة على ما قبلها كما هو المتبادر : فأكثر الأمم السابقة ضلوا كما ضل أكثر العرب. ولقد أرسل الله إليهم منذرين فلم يستجيبوا، فاستحقوا ما استحقوه من سوء العاقبة باستثناء المخلصين من عباد الله الذين استجابوا واهتدوا، وقد انطوى في الآيات تقريع وإنذار للكفار وتنويه بالمؤمنين.
وقد جاءت الآيات في الوقت نفسه مقدمة لسلسلة قصص الأنبياء التي تأتي بعدهما جريا على النظم القرآني.
وهذه الآيات معقبة على ما قبلها كما هو المتبادر : فأكثر الأمم السابقة ضلوا كما ضل أكثر العرب. ولقد أرسل الله إليهم منذرين فلم يستجيبوا، فاستحقوا ما استحقوه من سوء العاقبة باستثناء المخلصين من عباد الله الذين استجابوا واهتدوا، وقد انطوى في الآيات تقريع وإنذار للكفار وتنويه بالمؤمنين.
وقد جاءت الآيات في الوقت نفسه مقدمة لسلسلة قصص الأنبياء التي تأتي بعدهما جريا على النظم القرآني.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٥:﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ( ٧٥ ) ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ( ١ ) ( ٧٦ ) وجعلنا ذريته هم الباقين ( ٧٧ ) وتركنا عليه في الآخرين ( ٢ ) ( ٧٨ ) سلام على نوح في العالمين ( ٧٩ ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( ٨٠ ) إنه من عبادنا المؤمنين ( ٨١ ) ثم أغرقنا الآخرين ( ٨٢ ) ﴾ [ ٧٥ – ٨٢ ].
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٥:﴿ ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ( ٧٥ ) ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ( ١ ) ( ٧٦ ) وجعلنا ذريته هم الباقين ( ٧٧ ) وتركنا عليه في الآخرين ( ٢ ) ( ٧٨ ) سلام على نوح في العالمين ( ٧٩ ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( ٨٠ ) إنه من عبادنا المؤمنين ( ٨١ ) ثم أغرقنا الآخرين ( ٨٢ ) ﴾ [ ٧٥ – ٨٢ ].
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية جاءت عقب ذكر مواقف الكفار ومصائرهم جريا على الأسلوب القرآني. وقد شاءت حكمة التنزيل أن تأتي فيها قصة نوح بهذا الأسلوب المقتضب الذي فيه تنويه بنوح عليه السلام، وإشارة إلى تنجيته وأهله من الشدة التي كانوا يلقونها من قومهم وجعل ذريته هي الباقية وإغراق الآخرين. وجعله ذا ذكر حسن دائم في العالمين وفقا لعادة الله تعالى في جزاء المحسنين المؤمنين من عباده.
ومقصد العبرة والتذكير فيها واضح ؛ حيث انطوى فيها إنذار للكفار وتنويه وتطمين وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمخلصين الذين اتبعوه.
والآيات [ ٧٧ – ٨١ ] قد تكررت بشيء يسير من الاختلاف مع كل حلقة من حلقات السلسة ؛ حيث صارت لازمة مثل اللازمة التي لحقت بسلسلة قصص سورة الشعراء، مما فيه صورة من صور النظم القرآني.
ولقد علقنا على قصة نوح عليه السلام وقومه وطوفانه في المناسبات السابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أن هناك حديثا نبويا روي في سياق هذه الآيات رأينا أن نؤيده حيث روى الترمذي عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( حام وسام ويافث ) وفي رواية رواها الحاكم وأحمد مع الترمذي ( سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم )١. وفي الإصحاح التاسع من سفر التكوين ذكرت الأسماء الثلاثة كالأبناء الباقين مع نوح وأنهم الذين أنبث منهم الناس في الأرض بعد الطوفان وذكرت أجناس نسلهم بما يتسق مع الاقتضاب الذي جاء في الحديث ؛ حيث يفيد هذا أن الأمر كان معروفا على هذا الوجه في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيئته.
من شيعته : من فئته أو جماعته أو أمثاله.
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
تله للجبين : سحبه وطرحه على الأرض وجعل جبينه نحوها تهيؤا لذبحه.
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وتمحيص مسألة الذبح من ولديه
وهذه حلقة ثانية من السلسلة احتوت قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وأصنامهم وقصة رؤياه في المنام أنه يذبح ابنه وإقدامه على تنفيذ ذلك على اعتبار أنه أمر رباني وفدائه بذبيحة ربانية. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والشطر الأول من القصة لم يرو في سفر التكوين المتداول اليوم، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون ورد في أسفار وقراطيس مفقودة وهو ما نعتقده. وفي سورتي الشعراء ومريم ورد شيء مما جاء في هذا الشطر، وجاء هنا بشيء من الخلاف الأسلوبي وشيء من الزيادة كما اقتضته حكمة التنزيل لتتكامل القصة وعبرتها.
ولقد علقنا على ما جاء في السورتين المذكورتين اللتين سبق تفسيرهما ونبهنا على ما فيهما من عبرة بالنسبة للعرب فلا نرى ضرورة للإعادة.
والزيادة الجديدة هنا هي تآمر قوم إبراهيم عليه وإلقاؤهم إياه في النار وإحباط الله كيدهم وتنجيته، وقد جاء ذلك في القرآن مرتين أخريين واحدة في سورة الأنبياء وأخرى في سورة العنكبوت.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآيتين [ ٦٨ – ٦٩ ] من سورة الأنبياء اللتين ذكر فيهما الخبر الزائد الجديد بيانات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في كيفية تأجيج قوم إبراهيم النار وشدة وهجها واتقادها وتسجيرها سبعة أيام ورميهم إبراهيم فيها بالمنجنيق بإشارة من إبليس وصيرورة النار عليه بردا وسلاما حتى إنها لم تحرق وثاقه وتلقي جبريل له فيها الخ الخ مما يفيد أن هذا الخبر بتفصيلاته مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس له مصدر والحالة هذه إلا اليهود كما هو المتبادر.
والعبرة في الزيادة هنا واضحة فيما كان من عناية الله تعالى بإبراهيم الذي أخلص لله وأسلم نفسه له وتنجيته إياه من كيد الكفار ونارهم.
أما الشطر الثاني من القصة فقد ذكر في الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين المتداول بأسلوب متوافق إجمالا مع ما جاء في الآيات [ ١٠٢ – ١٠٧ ] مع ذكر كون الذبيح إسحق عليه السلام. وفي كتب التفسير أحاديث نبوية وروايات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم في صدد ذلك منها ما يفيد أن الذبيح إسحق، ومنها ما يفيد أنه إسماعيل. وفيها مع ذلك استنباطات اجتهادية للمفسرين. وللعلماء منها ما انتهى إلى أنه إسحق، ومنها ما انتهى إلى إسماعيل أيضا. وقد شغل هذا الموضوع جزءا كبيرا في هذه الكتب. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسحق قالوا إنه ليس في السلسلة إلا اسم إسحق، وفيها بشارة به وهو غلام وبشارة بنبوته. وإنه ليس في القرآن بشارة إلا بإسحق. حيث ورد ذلك صراحة في آيات سورة هود [ ٦٩ و ٧٠ ] التي سبق تفسيرها وضمنا في آيات في سورة الذاريات فيها قرينة قوية على ذلك ومماثلة لآيات هود :﴿ فأوجس منهم خفية قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( ٢٨ ) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( ٢٩ ) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ( ٣٠ ) ﴾. والذين استنبطوا من القرآن أنه إسماعيل قالوا : إن الله ذكر البشارة بإسحق في آيات هذه السورة بعد الفراغ من قصة الرؤيا والذبيح. وأن الله بشره بأنه سيكون له نسل، ونحن نرى في هذا وجاهة وسدادا.
وننبه أولا : على أنه ليس شيء من مما يعزى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من ذلك واردا في كتب الصحاح. ثانيا : على أن معظم الأحاديث والروايات في جانب كون الذبيح هو إسماعيل وكون الحادث وقع في منطقة مكة بعد أن أسكن إبراهيم إسماعيل عليهما السلام فيها. وإسكان إبراهيم لإسماعيل في منطقة مكة مؤيد بآيات وردت في سورتي البقرة وإبراهيم حيث جاء في سورة إبراهيم :﴿ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوات فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ( ٣٧ ) ﴾ وحيث جاء في سورة البقرة هذه الآية التي تفيد كون الذي أسكنه إبراهيم هو إسماعيل :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ١٢٧ ) ﴾.
ولقد روى البغوي فيما روى أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه عن شخص الذبيح فقال : إنه إسماعيل ولكن اليهود زعموا أنه إسحق حسدا للعرب ؛ لأن إسماعيل الذي كرمه الله بالنداء هو أبوهم فأرادوا أن يجعلوا الفضل لأنفسهم حيث ينطوي في هذا اتهام لليهود بتحريف الخبر في كتبهم. ومثل هذا التحريف ملموح في سفر التكوين ؛ حيث تعمد كاتبوه تفضيل إسحق على إسماعيل مع أن هذا بكر إبراهيم وتفضيل يعقوب على عيسو مع أن عيسو بكر إسحق لأن يعقوب وإسحق هما أصلا بني إسرائيل دون إسماعيل وإخوته الآخرين ودون عيسو مما نبهنا عليه وعلى أمثاله في سياق تعليقنا على التوراة والإنجيل في تفسير سورة الأعراف، وفي القرآن ورد أكثر من مرة أنهم كانوا يحرفون كتاب الله ويقولون عما يكتبون أنه من الله وما هو من الله فليس ذلك التحريف بعيد عن طباعهم والله تعالى أعلم.
وفي الإصحاح ( ٢٢ ) من سفر التكوين إن الفداء كان كبشا وجده إبراهيم قربه، وبعض الروايات التي يرويها المفسرون عن علماء الصدر الأول تذكر أنه كبش أقرن أملح نزل من الجنة. وبعضها يذكر أنه تيس من الأروى هبط إلى إبراهيم من جبل ثبير بين عرفات ومنى. ومما ذكرته هذه الروايات أن إبليس تعرض لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وحاول التشويش عليهما وتعويقهما عن تنفيذ ما أمر إبراهيم بفعله في المنام الذي اعتبره وحيا ربانيا فكان إبراهيم يرجمه بالحصى مرة بعد مرة. وكان هذا الرمي هو أصل تقليد رمي الحصى الذي يرميه الحجاج في منى بعد نزولهم من عرفات. وهذه الروايات من جملة الروايات التي تفيد أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
وعلى كل حال فالذي نرجحه أن سامعي القرآن كانوا يعرفون القصة. وأن المهم فيها هو ضرب المثل بعباد الله الصالحين الذين منهم إبراهيم عليه السلام ؛ حيث أقدم على تنفيذ ما ظنه وحيا من الله مهما كان فيه تضحية بالغة للتدليل على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وحيث وافق ابنه الصبي على ذلك بطيبة خاطر ورضاء نفس للتدليل كذلك على انقياده وإسلامه النفس لله تعالى، وبذلك استحقاق ثناء الله وتنويهه وتكريمه وكانا مظهر رعايته وتجلياته.
ولقد انطوى في جملة ﴿ ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ﴾ تقرير واقع بالنسبة لذرية إبراهيم وإسحق عليهما السلام حيث كان منهم المحسن الصالح والمنحرف الآثم المهلك نفسه بانحرافه وإثمه. ومن الممكن أن يلمح في هذا رد على دعوى بني إسرائيل بأنهم شعب الله المختار. فهم مثل سائر البشر منهم الصالح الذي يستحق تكريم الله ورحمته والآثم المنحرف الذي يستحق عذاب الله وسخطه وغضبه. وفي آية في سورة المائدة ذكر هذا التأويل بصراحة وهي هذه :﴿ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ( ١٨ ) ﴾. مع التنبيه على أن في القرآن آيات كثيرة١ تفيد أن جميعهم إلا قليلا صاروا موضع سخط الله وغضبه ولعنته بما كان منهم من نقض لميثاقه وانحراف ديني وخلقي ومواقف مؤذية لرسل الله ثم لخاتم رسله.
ويلحظ أن الشطر الأول من القصة احتوى إشارة إلى ما كان من نظرة إبراهيم عليه السلام في النجوم التي ذكرت في السورة السابقة حيث يمكن أن يكون ما جاء هنا زيادة بيانية عما جرى بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه قد جاء تتمة للكلام في سورة الأنعام، وحيث يمكن أن يكون في ذلك دلالة على صحة رواية نزول هذه السورة بعد سورة الأنعام.
تعليق على جملة
﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾
ونريد أن ننبه إلى أمر كان من مواضيع الجدل بين المفسرين وعلماء الكلام حيث استند بعضهم على آية ﴿ والله خلقكم وما تعملون ﴾ في تقرير كون الله عز وجل قد خلق الناس وخلق أعمالهم، وأن أعمال الناس غير مكتسبة منهم وإنما هي مقدرة محتمة عليهم، بينما أنكر ذلك فريق آخر٢. وبقطع النظر عن عدم اتساق التقرير المذكور مع تقريرات القرآن الحاسمة الكثيرة التي تؤكد بأساليب مختلفة قابلية الناس على الكسب والاختيار واستحقاقهم الجزاء، وفاق ذلك على ما ذكرناه في مناسبات عديدة سابقة، فإن الآية المذكورة ليست تقريرا قرآنيا مباشرا في صدد خلق الناس وأعمالهم، وإنما هي من جملة ما حكي من أقوال إبراهيم عليه السلام لقومه في صدد محاججتهم والتنديد بهم. فهم يعبدون أصناما ينحتونها بأيديهم فقال لهم : إن الله خلقكم وخلق ما تنحتون على سبيل الإفحام الإلزام، وإن إيراد الآية في معرض الاستبدال على خلق الله لأعمال الناس في غير محله. ولقد جاء في سورة العنكبوت آية حكي فيها قول لإبراهيم عليه السلام لقومه أيضا نسب فيه الخلق إليهم وهي هذه :﴿ إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ﴾ [ ١٧ ] مما فيه تأييد لما نقول.
ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي تأويل حيث عمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أوردوا تحميله لهما مما مر منه أمثلة عديدة.
تعليق على ما وصف
بكذبات إبراهيم عليه السلام
ويورد المفسرون في سياق جملة ﴿ إني سقيم ﴾ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة :﴿ بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ في الآية [ ٦٣ ] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه :( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات اثنتين في ذات الله قوله ﴿ إني سقيم ﴾ وقوله ﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك، فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقبضت أشد من الأولى فقال لها مثل ذلك، ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألا أضرك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتيني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم ( ماذا جرى ؟ ) قالت : خيرا كف الله يد الفاجر وأخدمني خادما قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء )٣. ومع ذلك فإن بعض المفسرين أرادوا صرف صفة الكذب الصريح عن إبراهيم عليه السلام فقالوا : إن كلامه كان من المعاريض وبعضهم لم ير بأسا في الوصف وقد جاء صريحا في الحديث النبوي. ومعظمهم رأوا في مثل هذه الكذبات وظروفها أسوة يمكن أن يسار عليها ويتأسى بها. ولاسيما إذا كانت في سبيل ا
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١٤:﴿ ولقد مننا على موسى وهارون ( ١١٤ ) ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ( ١١٥ ) ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ( ١١٦ ) وآتيناهما الكتاب المستبين ( ١ ) ( ١١٧ ) وهديناهما الصراط المستقيم ( ١١٨ ) وتركنا عليهما في الآخرين ( ١١٩ ) سلام على موسى وهارون ( ١٢٠ ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( ١٢١ إنهما من عبادنا المؤمنين ( ١٢٢ ) ﴾ [ ١١٤ – ١٢٢ ].
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
وهذه حلقة ثالثة فيها إشارة تنويهية إلى موسى وهرون عليهما السلام بالأسلوب الذي اقتضته حكمة التنزيل والسياق.
وعبارتها واضحة، والعبرة فيها ملموحة وهي ضرب المثل والتذكير بما كان من عناية الله ونصره وهدايته لموسى وهرون بسبب أنهما من عباد الله المؤمنين المحسنين.
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٣:﴿ وإن إلياس لمن المرسلين ( ١٢٣ ) إذ قال لقومه ألا تتقون ( ١٢٤ ) أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ( ١٢٥ ) الله ربكم ورب آبائكم الأولين ( ١٢٦ ) فكذبوه فإنهم لمحضرون ( ١٢٧ ) إلا عباد الله المخلصين ( ١ )( ١٢٨ ) وتركنا عليه في الآخرين ( ١٢٩ ) سلام على إل ياسين( ٢ ) ( ١٣٠ ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( ١٣١ ) إنه من عبادنا المؤمنين ( ١٣٢ ) ﴾ [ ١٢٣- ١٣٢ ].
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٣:﴿ وإن إلياس لمن المرسلين ( ١٢٣ ) إذ قال لقومه ألا تتقون ( ١٢٤ ) أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ( ١٢٥ ) الله ربكم ورب آبائكم الأولين ( ١٢٦ ) فكذبوه فإنهم لمحضرون ( ١٢٧ ) إلا عباد الله المخلصين ( ١ )( ١٢٨ ) وتركنا عليه في الآخرين ( ١٢٩ ) سلام على إل ياسين( ٢ ) ( ١٣٠ ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( ١٣١ ) إنه من عبادنا المؤمنين ( ١٣٢ ) ﴾ [ ١٢٣- ١٣٢ ].
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة إلياس عليه السلام
وهذه حلقة رابعة فيها قصة النبي إلياس مع قومه الذين كانوا يعبدون البعل من دون الله أحسن الخالقين ربهم ورب آبائهم الأولين. وقد حكت تأنيب إلياس عليه السلام لقومه وتكذيبهم له وتنويها به وثناء عليه لأنه من عباد الله المحسنين المؤمنين.
وإلياس هذا هو النبي إيليا الذي ورد ذكره في السفر الأول من أسفار الملوك حسب الطبعة البروتستانتية، والثالث حسب الطبعة الكاثوليكية، وما ورد في الآيات مقتضبا قد ورد مسهبا في الإصحاحات ( ١٦ و ١٧ و ١٨و ١٩ ) من السفر المذكور ؛ حيث ذكر فيها ما كان من استشراء عبادة البعل وكثرة معابده وأنبيائه في زمن آحاب ملك دولة إسرائيل بتأثير زوجته إيزابيل بنت ملك صور وما كان من إنذار إيليا لهما بأمر الله وغضبهما عليه ومحاولتهما اعتقاله والبطش به وتسليط الله عليهما غزوات خارجية وقحطا وجفافا بسبب ذلك في سياق طويل.
والمتبادر أن هذا مما كان معروفا متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق اليهود فأشير إليه في معرض التذكير والتمثيل والموعظة. وهو الهدف الملموح والجوهري في الحلقة، حيث ذكرت ما كان من إنذار إلياس لقومه وتأنيبه لهم وتكذيبهم له وعقاب الله والتنويه به بسبب إخلاصه وإيمانه وإحسانه.
وفي كتب التفسير١ نقلا عن محمد بن إسحاق والقرظي وغيرهما من رواة الأخبار ومسلمة اليهود بيانات كثيرة حول قصة إلياس، فيها ما ذكر في إصحاحات السفر المذكور آنفا وما لم يذكر حيث يدل هذا على أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصره.
ولم نر طائلا في اقتباس ما جاء في كتب التفسير أو إصحاحات السفر المذكور لأن القصد منها، وهو العبرة، قد حصل بما اقتضت حكمة التنزيل ذكره منها.
تعليق على اسم بعل
وبعل هو معبود بلاد الشام جميعها : أي سورية ولبنان وشرق الأردن وفلسطين قبل الميلاد المسيحي٢. وكان يعني إله القمر أو إله السماء. وكان كذلك في جنوب جزيرة العرب وفي العراق أيضا حيث يبدو أنه من آلهة الجنس العربي الرئيسية، وقد قرئ في آثار اليمن اسم ( بعل سمين ) بمعنى إله السماء٣.
وقد دخلت كلمة بعل في عداد اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام وصارت بمعنى الزوج ومالك الشيء. وقد وردت في آيات عديدة في القرآن بمعنى الزوج ومن ذلك آية سورة هود [ ٧٢ ] التي مر تفسيرها.
٢ انظر الجزء الرابع من تاريخ الجنس العربي تأليفنا ٩٧ و ١٩٤و ٢٩٦..
٣ انظر الجزء الثالث من تاريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي ص ١٥٧..
تعليق على قصة لوط عليه السلام
وهذه حلقة خامسة فيها إشارة إلى قصة لوط مع قومه إشارة مقتضبة. وقد وردت هذه القصة بتفصيل أكثر في سور سابقة. وفي الحلقة شيء جديد متصل بأهل الحجاز حيث تذكرهم بأنهم يمرون على مساكن قوم لوط التي دمرها الله في الصباح وفي الليل وتندد بهم ؛ لأنهم لا يعقلون ولا يعتبرون بما يرون. وهذه المساكن على شواطئ بحر الميت في غور أريحا في فلسطين. وكانت قوافل الحجازيين التجارية تمر بها حينما تأتي من الحجاز إلى مصر أو ترجع من مصر إلى الحجاز. وكانوا يرون آثار التدمير التي ما تزال موجودة إلى اليوم. وكانوا يعرفون قصة قوم لوط وتدمير الله لمساكنهم من طريق اليهود، وبذلك استحكم فيهم الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
تعليق على قصة لوط عليه السلام
وهذه حلقة خامسة فيها إشارة إلى قصة لوط مع قومه إشارة مقتضبة. وقد وردت هذه القصة بتفصيل أكثر في سور سابقة. وفي الحلقة شيء جديد متصل بأهل الحجاز حيث تذكرهم بأنهم يمرون على مساكن قوم لوط التي دمرها الله في الصباح وفي الليل وتندد بهم ؛ لأنهم لا يعقلون ولا يعتبرون بما يرون. وهذه المساكن على شواطئ بحر الميت في غور أريحا في فلسطين. وكانت قوافل الحجازيين التجارية تمر بها حينما تأتي من الحجاز إلى مصر أو ترجع من مصر إلى الحجاز. وكانوا يرون آثار التدمير التي ما تزال موجودة إلى اليوم. وكانوا يعرفون قصة قوم لوط وتدمير الله لمساكنهم من طريق اليهود، وبذلك استحكم فيهم الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٣:﴿ وإن لوطا لمن المرسلين ( ١٣٣ ) إذ نجيناه وأهله أجمعين ( ١٣٤ ) إلا عجوزا في الغابرين( ١ ) ( ١٣٥ ) ثم دمرنا الآخرين ( ١٣٦ ) وإنكم لتمرون عليهم مصبحين ( ١٣٧ ) وبالليل أفلا تعقلون ( ١٣٨ ) ﴾ [ ١٣٣ – ١٣٨ ].
تعليق على قصة لوط عليه السلام
وهذه حلقة خامسة فيها إشارة إلى قصة لوط مع قومه إشارة مقتضبة. وقد وردت هذه القصة بتفصيل أكثر في سور سابقة. وفي الحلقة شيء جديد متصل بأهل الحجاز حيث تذكرهم بأنهم يمرون على مساكن قوم لوط التي دمرها الله في الصباح وفي الليل وتندد بهم ؛ لأنهم لا يعقلون ولا يعتبرون بما يرون. وهذه المساكن على شواطئ بحر الميت في غور أريحا في فلسطين. وكانت قوافل الحجازيين التجارية تمر بها حينما تأتي من الحجاز إلى مصر أو ترجع من مصر إلى الحجاز. وكانوا يرون آثار التدمير التي ما تزال موجودة إلى اليوم. وكانوا يعرفون قصة قوم لوط وتدمير الله لمساكنهم من طريق اليهود، وبذلك استحكم فيهم الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
تعليق على قصة لوط عليه السلام
وهذه حلقة خامسة فيها إشارة إلى قصة لوط مع قومه إشارة مقتضبة. وقد وردت هذه القصة بتفصيل أكثر في سور سابقة. وفي الحلقة شيء جديد متصل بأهل الحجاز حيث تذكرهم بأنهم يمرون على مساكن قوم لوط التي دمرها الله في الصباح وفي الليل وتندد بهم ؛ لأنهم لا يعقلون ولا يعتبرون بما يرون. وهذه المساكن على شواطئ بحر الميت في غور أريحا في فلسطين. وكانت قوافل الحجازيين التجارية تمر بها حينما تأتي من الحجاز إلى مصر أو ترجع من مصر إلى الحجاز. وكانوا يرون آثار التدمير التي ما تزال موجودة إلى اليوم. وكانوا يعرفون قصة قوم لوط وتدمير الله لمساكنهم من طريق اليهود، وبذلك استحكم فيهم الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
تعليق على قصة لوط عليه السلام
وهذه حلقة خامسة فيها إشارة إلى قصة لوط مع قومه إشارة مقتضبة. وقد وردت هذه القصة بتفصيل أكثر في سور سابقة. وفي الحلقة شيء جديد متصل بأهل الحجاز حيث تذكرهم بأنهم يمرون على مساكن قوم لوط التي دمرها الله في الصباح وفي الليل وتندد بهم ؛ لأنهم لا يعقلون ولا يعتبرون بما يرون. وهذه المساكن على شواطئ بحر الميت في غور أريحا في فلسطين. وكانت قوافل الحجازيين التجارية تمر بها حينما تأتي من الحجاز إلى مصر أو ترجع من مصر إلى الحجاز. وكانوا يرون آثار التدمير التي ما تزال موجودة إلى اليوم. وكانوا يعرفون قصة قوم لوط وتدمير الله لمساكنهم من طريق اليهود، وبذلك استحكم فيهم الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
تعليق على قصة لوط عليه السلام
وهذه حلقة خامسة فيها إشارة إلى قصة لوط مع قومه إشارة مقتضبة. وقد وردت هذه القصة بتفصيل أكثر في سور سابقة. وفي الحلقة شيء جديد متصل بأهل الحجاز حيث تذكرهم بأنهم يمرون على مساكن قوم لوط التي دمرها الله في الصباح وفي الليل وتندد بهم ؛ لأنهم لا يعقلون ولا يعتبرون بما يرون. وهذه المساكن على شواطئ بحر الميت في غور أريحا في فلسطين. وكانت قوافل الحجازيين التجارية تمر بها حينما تأتي من الحجاز إلى مصر أو ترجع من مصر إلى الحجاز. وكانوا يرون آثار التدمير التي ما تزال موجودة إلى اليوم. وكانوا يعرفون قصة قوم لوط وتدمير الله لمساكنهم من طريق اليهود، وبذلك استحكم فيهم الإفحام والتنديد. وهذا ما انطوى في الحلقة من عبرة وعظة بالإضافة إلى ما في ذكر نجاة لوط وأهله من عذاب الله بسبب إيمانهم واستثناء امرأته من النجاة بسبب انحرافها من عبرة وعظة.
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
المشحون : المملوء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٩:﴿ وإن يونس لمن المرسلين ( ١٣٩ ) إذ أبق( ١ ) إلى الفلك المشحون ( ٢ ) ( ١٤٠ ) فساهم( ٣ ) فكان من المدحضين ( ٤ ) ( ١٤١ ) فالتقمه( ٥ ) الحوت وهو مليم( ٦ ) ( ١٤٢ ) فلولا أنه كان من المسبحين ( ١٤٣ ) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ( ١٤٤ ) فنبذناه( ٧ ) بالعراء( ٨ ) وهو سقيم ( ١٤٥ ) وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ( ١٤٦ ) وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون ( ١٤٧ ) فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( ١٤٨ ) ﴾ [ ١٣٩ – ١٤٨ ].
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
المدحضين : الساقطين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣٩:﴿ وإن يونس لمن المرسلين ( ١٣٩ ) إذ أبق( ١ ) إلى الفلك المشحون ( ٢ ) ( ١٤٠ ) فساهم( ٣ ) فكان من المدحضين ( ٤ ) ( ١٤١ ) فالتقمه( ٥ ) الحوت وهو مليم( ٦ ) ( ١٤٢ ) فلولا أنه كان من المسبحين ( ١٤٣ ) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ( ١٤٤ ) فنبذناه( ٧ ) بالعراء( ٨ ) وهو سقيم ( ١٤٥ ) وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ( ١٤٦ ) وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون ( ١٤٧ ) فآمنوا فمتعناهم إلى حين ( ١٤٨ ) ﴾ [ ١٣٩ – ١٤٨ ].
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
مليم : ملوم أي أتى بما يلام عليه /ت١٣٩
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
العراء : وجه الأرض الخالي من الشجر والظل.
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
تعليق على قصة يونس عليه السلام
وهذه حلقة سادسة من سلسلة القصص وهي الأخيرة. وقد ذكر فيها قصة يونس مع قومه وقد وردت هذه القصة في سورة القلم، ووردت إشارات خاطفة إليها في سورة يونس التي مرت وفي سورة الأنبياء الآتية بعد قليل وجاءت هنا بشيء من الزيادة اقتضتها حكمة التنزيل.
ولقد قلنا في سياق تفسير آيات في سورة القلم ذكرت ( صاحب الحوت ) أن قصة يونس مذكورة في سفر يونان من أسفار العهد القديم وأوردنا خلاصة ما جاء في سفر. وهي متطابقة إجمالا مع ما جاء عنها في الآيات التي نحن في صددها وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار. واسم يونس جاء هذا بصراحة مع ذكر التقام الحوت له وهذا الاسم معرب يونان على ما هو المتبادر.
وإذا كان من شيء يزاد هنا فهو تباين بين خبر شجرة اليقطين في الآيات وشجرة الخروعة في السفر. وهناك تباين آخر، ففي الآيات أن الله أنبت الشجرة لامتحانه وليس لوقايته بعد خروجه من بطن الحوت. فقد غضب يونس لعدم إتباع الله العذاب الموعود من الله على قومه – وهذا ما يمكن أن يفيده فحوى آية في سورة الأنبياء { وذا النون إذ ذهب مغاضبا....... ) [ ٨٧ ] فأنبت الله الخروعة، وهو ذاهب مغاضب لقومه ليستظل بها فأرسل الله دودة فجففتها، فعاتب ربه على ذلك فقال له الله : أشفقت على شجرة لم تتعب بها، أفلا أشفق على مدينة عظيمة فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم عدا ما فيها من بهائم، والذي نعتقده أن ما جاء في القرآن أيضا كان مما كان واردا في قراطيس ومتداولا بين أوساط اليهود.
والعبرة التي انطوت في آيات القصة هنا وهي الجوهرية فيها ذكر ما كان من مغادرة يونس لقومه خلافا لأمر الله حتى نعت بالآبق. ومجازاة الله تعالى له بما كان من قذفه في البحر والتقام الحوت له لتنبيهه وزجره. وقد ندم وسبح الله واستغاث كما ذكرت الآيات هنا، وفي آية سورة الأنبياء ﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( ٨٧ ) ﴾ فتاب الله عليه وأنقذه من بطن الحوت ثم أرسله إلى قومه فاستأنف دعوتهم إلى الله فآمنوا. وكل هذا مما احتواه السفر أيضا، وهذه النهاية هي المهمة في مساق العبرة حيث ينطوي فيها تأميل بإيمان من لم يكن قد استجاب للدعوة النبوية إذا ما واظب النبي على دعوتهم.
هذا، وننبه على صيغة الآية [ ١٤٧ ] حيث قد يتبادر إلى الوهم منها أن هناك شكا في عدد قوم يونس مما لا يجوز على الله تعالى فنقول : إنه أسلوب مألوف من الأساليب الخطابية والأساليب القرآنية. وهو ما ظللنا نعبر عنه بجملة ( التعبير الأسلوبي ) والقصد من التعبير هو التنويه بكثرة عدد الذين أرسل إليهم وآمنوا كما هو المتبادر.
والمناسبة قائمة لإيراد حديث رواه البخاري والتعليق عليه حيث روى عن أبي هريرة قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب )١. وقد أوضح الشراح أن القصد هو النهي عن تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على يونس عليه السلام. ولقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون )٢. هذا بالإضافة إلى أن القرآن يذكر بصراحة أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما جاء في الآية [ ٥٥ ] من سورة الإسراء التي سبق تفسيرها وفي آية [ ٢٥٣ ] من سورة البقرة :﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ﴾ وشراح حديث الترمذي يقولون : إما أن يكون هذا الحديث قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يعلم أنه فضل على النبيين، وإما أن يكون من قبيل التواضع وتعليم المسلمين لواجب احترام جميع أنبياء الله، والله أعلم.
٢ التاج ج ١ ص ٢٠٥..
وفي الآيات التفات خطابي إلى المشركين الذين كانوا موضوع الحديث قبل سلسلة القصص حيث استؤنف فيها موقف المناظرة والجدل الذي حكته آيات السورة الأولى والتحم السياق بين أولها وآخرها. وبذلك تكون الآيات التي جاءت بين الآيات الأولى من السورة وهذه والتي احتوت بيان مصير الكفار والمخلصين وقصص بعض الأنبياء وأقوامهم قد جاءت من قبيل الاستطراد والاستشهاد والتذكير.
وقد تكرر هذا في سور عديدة بحيث يصح أن يقال : إنه من أساليب النظم القرآني.
تعليق على انصباب التنديد بالمشركين على زعم اتخاذ الله بنات دون البنين، وقد يبدو لأول وهلة أن آيات الاستنكار مصبوبة بقوة أكثر على نسبة البنات له تعالى دون البنين من قبل المشركين، وعلى تقرير كون البنين هم المفضلين على البنات. وهذا ما يبدو في مناسبات أخرى ذكرت فيها عقيدة المشركين بأن الملائكة بنات الله وقد مر مثال ذلك في سورة النجم.
والحقيقة أن هذا هو من قبيل المساجلة والجدل كما تلهم روح الآيات القرآنية وصيغتها. فالتكذيب القرآني لأساس الفكرة أي لاتخاذ الله أولادا قاطع وحاسم. غير أن العرب لما كانوا يكرهون ولادة البنات على ما حكته عنهم آيات عديدة في سياق مجادلة المشركين في هذه العقيدة وتسفيه عقولهم منها آيات سورة النحل هذه :﴿ ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ( ٥٧ ) وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ( ٥٨ ) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ( ٥٩ ) للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ( ٦٠ ) ﴾ سلكت الآيات سبيل التأنيث في مساجلتهم تسفيها لعقولهم وسخرية من تناقضهم إذ يفضلون الذكر ويسيغون أن يكون لله غير المفضل.
وقد علقنا بما فيه الكفاية على عقيدة الكفار في الملائكة وكونهم بنات الله وعبادتهم لهم ليكونوا شفعاء لديه في سياق سورة النجم فلا نرى ضرورة للإعادة. غير أننا ننبه إلى أن مضمون الآيات هنا يلهم أن العرب المشركين كانوا يرون أنهم على حق في عقيدتهم هذه وكانوا يجادلون عنها بقوة وعناد، فتحدتهم الآيات بقوة مماثلة وشددت عليهم بالتسفيه والسخرية.
وفي الآيات التفات خطابي إلى المشركين الذين كانوا موضوع الحديث قبل سلسلة القصص حيث استؤنف فيها موقف المناظرة والجدل الذي حكته آيات السورة الأولى والتحم السياق بين أولها وآخرها. وبذلك تكون الآيات التي جاءت بين الآيات الأولى من السورة وهذه والتي احتوت بيان مصير الكفار والمخلصين وقصص بعض الأنبياء وأقوامهم قد جاءت من قبيل الاستطراد والاستشهاد والتذكير.
وقد تكرر هذا في سور عديدة بحيث يصح أن يقال : إنه من أساليب النظم القرآني.
تعليق على انصباب التنديد بالمشركين على زعم اتخاذ الله بنات دون البنين، وقد يبدو لأول وهلة أن آيات الاستنكار مصبوبة بقوة أكثر على نسبة البنات له تعالى دون البنين من قبل المشركين، وعلى تقرير كون البنين هم المفضلين على البنات. وهذا ما يبدو في مناسبات أخرى ذكرت فيها عقيدة المشركين بأن الملائكة بنات الله وقد مر مثال ذلك في سورة النجم.
والحقيقة أن هذا هو من قبيل المساجلة والجدل كما تلهم روح الآيات القرآنية وصيغتها. فالتكذيب القرآني لأساس الفكرة أي لاتخاذ الله أولادا قاطع وحاسم. غير أن العرب لما كانوا يكرهون ولادة البنات على ما حكته عنهم آيات عديدة في سياق مجادلة المشركين في هذه العقيدة وتسفيه عقولهم منها آيات سورة النحل هذه :﴿ ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ( ٥٧ ) وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ( ٥٨ ) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ( ٥٩ ) للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ( ٦٠ ) ﴾ سلكت الآيات سبيل التأنيث في مساجلتهم تسفيها لعقولهم وسخرية من تناقضهم إذ يفضلون الذكر ويسيغون أن يكون لله غير المفضل.
وقد علقنا بما فيه الكفاية على عقيدة الكفار في الملائكة وكونهم بنات الله وعبادتهم لهم ليكونوا شفعاء لديه في سياق سورة النجم فلا نرى ضرورة للإعادة. غير أننا ننبه إلى أن مضمون الآيات هنا يلهم أن العرب المشركين كانوا يرون أنهم على حق في عقيدتهم هذه وكانوا يجادلون عنها بقوة وعناد، فتحدتهم الآيات بقوة مماثلة وشددت عليهم بالتسفيه والسخرية.
والمتبادر أن الآيتين غير منفصلتين عن السياق، وقد جاءت تحكي عقيدة أخرى من عقائد المشركين بالإضافة إلى ما ذكرته الآيات السابقة عنهم، تعليق على جملة﴿ وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ﴾.
ولقد تعددت الأقوال والروايات في مفهوم ومدى العقيدة التي حكتها الآية الأولى فمنها أن كلمة ﴿ الجنة ﴾ تعني الملائكة لأنهم مغيبون لا يرون، وأن الآية بسبيل التنديد بعقيدة المشركين بأن الملائكة بنات الله. ومنها : أن الجنة قبيل من الملائكة الذي منه إبليس. ومنها : أنها تعني عقيدة إشراك الجن مع الله وعبادتهم. وهي ما ذكرت في آية سورة الأنعام [ ١٠٠ ] السابقة. ومنها أن الله أصهر إلى الجن فكان الملائكة نتاج ذلك.
ونحن نستبعد أن يكون المقصود أحد القولين الأولين ونرى القولين الأخيرين أوجه بل ونرى أن مضمون الآية يجعل الرجحان للقول الأخير منهما وقد ذهب إلى ذلك الزمخشري وأبو السعود وابن كثير في تفسيرهم للآية. ونص الرواية التي أوردها الأخير، قال مجاهد : قال المشركون : الملائكة بنات الله، فقال أبو بكر : فمن أمهاتهن ؟ قالوا : بنات سروات الجن.
وفي هذه العقيدة العربية إذا صحت الروايات التي قد تلهم الآية صحتها طرافة في مجال الخيال الديني. فالجن ناريون والملائكة نورانيون ومصاهرة الله للجن صفت من نارهم نورا فكان منه الملائكة.
والآيات متصلة بما سبقها كما هو المتبادر. ولعلها تنطوي على دلالة على ما كان من جهد زعماء المشركين بسبيل المناضلة والمجادلة عن عقائدهم ومحاولتهم إقناع الناس بفضلها وصحتها ؛ حيث ينطوي في ذلك صورة من صور السيرة النبوية واعتداد المشركين بأنفسهم وعقائدهم وقد تكرر ذلك على ما نبهنا إليه في بعض المناسبات السابقة.
والآيات متصلة بما سبقها كما هو المتبادر. ولعلها تنطوي على دلالة على ما كان من جهد زعماء المشركين بسبيل المناضلة والمجادلة عن عقائدهم ومحاولتهم إقناع الناس بفضلها وصحتها ؛ حيث ينطوي في ذلك صورة من صور السيرة النبوية واعتداد المشركين بأنفسهم وعقائدهم وقد تكرر ذلك على ما نبهنا إليه في بعض المناسبات السابقة.
وفي الآيات تقرير صادر من عباد مخلصين بأن كلا منهم عارف حده ومقامه، وأنهم جميعا صافون لله مسبحون مقدسون له.
تعليق على آية :﴿ وما منا إلا له مقام معلوم ﴾ والآيتين التاليتين لها
وقد قال المفسرون إن المحكي كلامهم هم الملائكة، وإن فيها تكذيبا للمشركين الذين عبدوا الملائكة على اعتبار أنهم بنات الله أو قالوا : إن بينه وبينهم نسبا. والقول وجيه مؤيد بسبق ذكر عقائد المشركين في الملائكة، وعلى هذا فيكون بين الآيات وسابقاتها صلة وإن بدت كأنما جاءت معترضة في السياق.
ويلفت النظر إلى أن العبارة لا تحتوي ما يدل على أنها حكاية لأقوال المقررين، وإنما هي تقرير مباشر منهم، ولا يذكر المفسرون تعليلا وتأويلا فيما اطلعنا عليه.
والآيات مماثلة أسلوبيا لآيات سورة مريم [ ٦٤ – ٦٥ ] التي سبق تفسيرها، وفيها كذلك مماثلة موضوعية ؛ لأن آيات مريم تحكي كلاما للملائكة أيضا، ولقد علقنا على هذه الصورة الأسلوبية من صور الوحي القرآني بما فيه كفاية في سياق تفسير آيات سورة مريم فلا نرى ضرورة للزيادة.
وفي الآيات تقرير صادر من عباد مخلصين بأن كلا منهم عارف حده ومقامه، وأنهم جميعا صافون لله مسبحون مقدسون له.
تعليق على آية :﴿ وما منا إلا له مقام معلوم ﴾ والآيتين التاليتين لها
وقد قال المفسرون إن المحكي كلامهم هم الملائكة، وإن فيها تكذيبا للمشركين الذين عبدوا الملائكة على اعتبار أنهم بنات الله أو قالوا : إن بينه وبينهم نسبا. والقول وجيه مؤيد بسبق ذكر عقائد المشركين في الملائكة، وعلى هذا فيكون بين الآيات وسابقاتها صلة وإن بدت كأنما جاءت معترضة في السياق.
ويلفت النظر إلى أن العبارة لا تحتوي ما يدل على أنها حكاية لأقوال المقررين، وإنما هي تقرير مباشر منهم، ولا يذكر المفسرون تعليلا وتأويلا فيما اطلعنا عليه.
والآيات مماثلة أسلوبيا لآيات سورة مريم [ ٦٤ – ٦٥ ] التي سبق تفسيرها، وفيها كذلك مماثلة موضوعية ؛ لأن آيات مريم تحكي كلاما للملائكة أيضا، ولقد علقنا على هذه الصورة الأسلوبية من صور الوحي القرآني بما فيه كفاية في سياق تفسير آيات سورة مريم فلا نرى ضرورة للزيادة.
وفي الآيات تقرير صادر من عباد مخلصين بأن كلا منهم عارف حده ومقامه، وأنهم جميعا صافون لله مسبحون مقدسون له.
تعليق على آية :﴿ وما منا إلا له مقام معلوم ﴾ والآيتين التاليتين لها
وقد قال المفسرون إن المحكي كلامهم هم الملائكة، وإن فيها تكذيبا للمشركين الذين عبدوا الملائكة على اعتبار أنهم بنات الله أو قالوا : إن بينه وبينهم نسبا. والقول وجيه مؤيد بسبق ذكر عقائد المشركين في الملائكة، وعلى هذا فيكون بين الآيات وسابقاتها صلة وإن بدت كأنما جاءت معترضة في السياق.
ويلفت النظر إلى أن العبارة لا تحتوي ما يدل على أنها حكاية لأقوال المقررين، وإنما هي تقرير مباشر منهم، ولا يذكر المفسرون تعليلا وتأويلا فيما اطلعنا عليه.
والآيات مماثلة أسلوبيا لآيات سورة مريم [ ٦٤ – ٦٥ ] التي سبق تفسيرها، وفيها كذلك مماثلة موضوعية ؛ لأن آيات مريم تحكي كلاما للملائكة أيضا، ولقد علقنا على هذه الصورة الأسلوبية من صور الوحي القرآني بما فيه كفاية في سياق تفسير آيات سورة مريم فلا نرى ضرورة للزيادة.
والآيات غير منقطعة عن السياق، ومعطوفة على ما سبقها ومن نوعه من حيث حكايتها لأقوال الكفار وردها عليهم.
وهذا الذي حكته الآيات عن الكفار قد حكي عنهم أكثر من مرة في القرآن، وحكي عنهم في السورة السابقة لهذه السورة. ويظهر أن ذلك كان رغبة أو أمنية واسعة النطاق كثيرة الترديد فاستحكمتهم الحجة والتنديد استحكاما شديدا لتناقضهم بين القول والفعل.
ولقد علقنا على الموضوع في سياق تفسير الآيات [ ٤٢ – ٤٣ ] من سورة فاطر والآيات [ ١٥٥ – ١٥٧ ] من سورة الأنعام بما فيه الكفاية، فلا ضرورة للإعادة والزيادة.
والآيات غير منقطعة عن السياق، ومعطوفة على ما سبقها ومن نوعه من حيث حكايتها لأقوال الكفار وردها عليهم.
وهذا الذي حكته الآيات عن الكفار قد حكي عنهم أكثر من مرة في القرآن، وحكي عنهم في السورة السابقة لهذه السورة. ويظهر أن ذلك كان رغبة أو أمنية واسعة النطاق كثيرة الترديد فاستحكمتهم الحجة والتنديد استحكاما شديدا لتناقضهم بين القول والفعل.
ولقد علقنا على الموضوع في سياق تفسير الآيات [ ٤٢ – ٤٣ ] من سورة فاطر والآيات [ ١٥٥ – ١٥٧ ] من سورة الأنعام بما فيه الكفاية، فلا ضرورة للإعادة والزيادة.
والآيات غير منقطعة عن السياق، ومعطوفة على ما سبقها ومن نوعه من حيث حكايتها لأقوال الكفار وردها عليهم.
وهذا الذي حكته الآيات عن الكفار قد حكي عنهم أكثر من مرة في القرآن، وحكي عنهم في السورة السابقة لهذه السورة. ويظهر أن ذلك كان رغبة أو أمنية واسعة النطاق كثيرة الترديد فاستحكمتهم الحجة والتنديد استحكاما شديدا لتناقضهم بين القول والفعل.
ولقد علقنا على الموضوع في سياق تفسير الآيات [ ٤٢ – ٤٣ ] من سورة فاطر والآيات [ ١٥٥ – ١٥٧ ] من سورة الأنعام بما فيه الكفاية، فلا ضرورة للإعادة والزيادة.
والآيات غير منقطعة عن السياق، ومعطوفة على ما سبقها ومن نوعه من حيث حكايتها لأقوال الكفار وردها عليهم.
وهذا الذي حكته الآيات عن الكفار قد حكي عنهم أكثر من مرة في القرآن، وحكي عنهم في السورة السابقة لهذه السورة. ويظهر أن ذلك كان رغبة أو أمنية واسعة النطاق كثيرة الترديد فاستحكمتهم الحجة والتنديد استحكاما شديدا لتناقضهم بين القول والفعل.
ولقد علقنا على الموضوع في سياق تفسير الآيات [ ٤٢ – ٤٣ ] من سورة فاطر والآيات [ ١٥٥ – ١٥٧ ] من سورة الأنعام بما فيه الكفاية، فلا ضرورة للإعادة والزيادة.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.
والآيات كما هو المتبادر جاءت معقبة على ما انتهت إليه الآيات السابقة من إنذار الكفار وخاتمة لفصول المناظرة وخاتمة للسورة معا. وقوة هذه الخاتمة ملموسة نافذة، شأن كثير من خواتم حكاية مواقف الكفار ومشاهد مناظراتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد استهدفت فيما استهدفته توكيد الإنذار الرباني وإثارة الخوف في قلوب الكفار وتطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وتثبيتهم.
وصيغة الآيات تحتمل أن يكون الإنذار فيها بما سيحدث للكفار في الدنيا، ويحتمل أن يكون بمصيرهم في الآخرة، ويحتمل أن يكون بما يكون لهم في الدنيا والآخرة على السواء. وهذا مما تكرر في القرآن ومن شأنه بعث القوة والثقة والثبات والشعور بالاستعلاء والنصر النهائي في نفس النبي وأصحابه من دون ريب. على أن الآيات قد صارت مصداقا لمعجزة ربانية بما تحقق من وعد الله بالنصر الذي تم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين على زعماء المشركين وبصيرورة كلمة الله العليا وكلمة الكافرين السفلى.
وجملة ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ مما تكرر معناها بأساليب متنوعة مرت أمثلة منه في السور التي سبق تفسيرها. وهي هنا كما هي في المواضع الأخرى بسبيل التثبيت والتسلية والتطمين بنصر الله الذي وعد بالآيات التالية لها. وليست بقصد الإيعاز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف عن إنذارهم ودعوتهم ؛ لأن هذا من مهمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية التي لا يمكن أن ينقطع عنها وتوالي نزول القرآن بذلك مما يؤيد هذا.