ﰡ
(١) - قَسَماً بِالمَلاَئِكَةِ الذِينَ يُتِمُّونَ صُفُوفَهُمْ، وَيَتَرَاصُّونَ فِيهَا وَهُمْ وَقُوفٌ فِي مَقَامِ العُبُودِيَّةِ عِنْدَ رَبَّهِمْ.
(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَكَيْفَ تَصُفُّ المَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ المُتَقَدِّمَةَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ "). (رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمْ).
(٢) - وَقَسَماً بِالمَلاَئِكَةِ الذينَ يَرْدَعُونَ النَّاسَ عَنْ الشَّرِّ والمَعَاصِي بِالإِلْهَامِ، وَيَزْجُرُوُنَهُمْ زَجراً شَديداً.
الزَّجْرُ - السَّوْقُ أَوِ الحَثُّ، أَوْ هُوَ المَنْعُ والنًَّهْيُ.
(٣) - وَقَسَماً بِالمَلاَئِكَةِ الذِينَ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ.
(٤) - لَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِالمَلاَئِكَةِ الذينَ يُتِمُّونَ صُفُوفَهُمْ، وَيَزْجُرُونَ الأَشْرَارَ عَنِ المَعَاصِي والشُّرُورِ، وَيَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ عَلَى رُسُلِهِ، عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَلاَ مَعْبُودَ سِوَاهُ (وَهَذَا هُوَ جَوابُ القَسَمِ).
(٥) - لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَخَالِقُهُمَا، وَخَالِقُ مَا بَيْنَهُمَا، وَهُوَ المُتَصَرِّفُ بِالكَوْنِ بِتَسْخِيرِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ كَوَاكِبَ تَطلعُ مِنَ المَشْرِقِ، وَتَغْرُبُ فِي المَغْرِبِ. وَقَدِ اكْتَفَى بِذِكْرِ المَشَارِقِ عَن المَغَارِبِ لِدَلاَلَةِ النَّصِّ عَلَيْهِ. وَبِمَا أَنَّ لِكُلِّ كَوْكَبٍ مَشَارِقَ مُتَعَدِّدَةً لِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: رَبُّ المَشَارِقِ، وَلَمْ يَقُلْ رَبُّ المَشْرِقِ.
(٧) - وَحَفِظَ اللهُ السَّمَاءِ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مُتَمَرِّد عَاتٍ فَإِذَا تَجَاوَزَ هَذَا الشَّيْطَانُ حُدُودَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِقَ السَّمْعَ أَتَاهُ شَهَابٌ ثَاقِبٌ.
مَارِدٌ - مُتَمَرِّدٌ خَارِجٌ عَن الطَّاعَةِ.
يُقْذَفُونَ - يُرْجَمُونَ.
دُحُوراً - يُبْعَدُونَ إِبْعَاداً وَيُطْرَدُونَ طَرْداً.
وَاصِبٌ - دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ.
خَطِفَ الخَطْفَةَ - اخْتَلَسَ الكَلِمَةَ مُسَارَقَةً.
شِهَابٌ - مَا يُرى كَالكَوَاكِبِ مُنْقَضّاً مِنَ السَّمَاءِ.
ثَاقِبٌ - شَدِيدُ الضَّوْءِ أَوْ مُحْرِقُ.
(١١) - فَسَلْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلاَءِ المُنْكِرِينَ لِلبَعْثِ والنُّشُورِ: أَيُّ شَيْءٍ أَصْعَبُ خَلْقاً وَإِيْجَاداً (أَشَدُّ خَلْقاً) ؟ هُمْ أَمِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ عَوَالِمَ وَمَخْلُوقَاتٍ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللهُ تَعَالَى؟ وَبِمَا أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ هَذِهِ المَخْلُوقَاتِ أَصْعَبُ خَلْقَاً مِنْهُمْ، وَلِهَذَا فَإِنَّ الأَمْرَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَلِمَاذَا يُنْكِرُونَ البَعْثَ وَهُمْ يُشَاهِدُونَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا أَنْكَرُوا؟ مَعَ أَنَّهُمْ هُمْ قَدْ خُلِقُوا مِنْ شَيءٍ ضَعِيفٍ مَهِينٍ، إِنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ طِينٍ لَزِجٍ يُمْكِنُ أَنْ يَلْتصِقَ بِاليَدِ (طِينٍ لاَزِبٍ)، فَلِمَاذَا يَسْتَبْعِدُونَ إِعَادَةَ خَلْقِهِمْ مَرَّةً أُخْرَى؟
طِينٍ لاَزِبٍ - لَزِجٍ مُلْتَصِقٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ أَوْ بِالَيدِ.
يَسْخَرُونَ - يَهْزَؤُونَ بِتَعَجُّبٍ.
(١٤) - وَإِذَ أُقِيمَتْ لَهُمْ الأَدِلَّةُ والمُعْجِزَاتُ التي تُرْشِدُ إِلَى صِدْقِ مَنْ يَعِظُهُمْ، وَيُذَكِّرُهُمْ بِاللهِ وَآيَاتِهِ، وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الخَلْقِ، نَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً مُتَضَاحِكِينَ مُسْتَهْزِئِينَ.
يَسْتَسْخِرُونَ - يُبَالِغُونَ فِي سُخْرِيَّتِهِمْ.
(١٦) - وَهَلْ سَنُبْعَثُ مِنْ قُبُورِنَا أَحْيَاءً بَعْدَمَا نَمُوتُ، وَبَعْدَ أَنْ تَبْلَى عِظَامُنَا وَأَجْسَادُنَا، وَتُصْبحَ رَمِيماً؟
(١٧) - وَهَلْ سَيُبْعَثُ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ أَيْضاً، وَقَدْ مَضَى عَلَى مَوْتِهِمْ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ، فَأَصْبَحَ بَعْثُهُمْ أَشدَّ صُعُوبَةً وَغَرَابَةً، وَأَكْثَرَ اسْتِبْعَاداً؟
(١٨) - قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنَّكُمْ سَتُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بَعْدَ مَا تَصِيرُونَ تُرَاباً وَعِظَاماً رَمِيماً، وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ أَذِلاَّءُ (دَاخِرُونَ)، أَمَامَ قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى البَالِغَةِ، التِي لا حُدُودَ لَهَا.
دَاخِرُونَ - صَاغِرُونَ أَذِلاَّءُ.
(١٩) - وَسَيَكُونُ أمْرُ إِعَادَةِ بَعْثِكُمْ سَهْلاً يَسِيراً عَلَى اللهِ إِذْ يَأْمُرُ اللهُ بِأَنْ يُنْفَخَ فِي الصُّوْرِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ أَحْيَاء يَنْظُرُونَ إِلَى مَا كَانُوا يُوعَدُونَ بِهِ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ.
(٢٠) - وَحِينَئذٍ يَرْجِعُ الكَافِرُونَ المُنْكِرُونَ لِلبَعْثِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالمَلاَمَةِ قَائِلِينَ: يَا خَسَارَنَا وَيَا هَلاَكَنَا (يَا وَيْلَنَا) هَذَا يَوْمُ الجَزَاءِ عَلَى الأَعْمَالِ (يَوْمُ الدِّيِنِ) الذي أَنْذَرَنَا بِهِ الرَّسُولُ، فَكَذَّبْنَاهُ، وَسَخِرْنَا مِنْهُ.
يَا وَيْلَنَا - يَا خَسَارَنَا هَلاَكَنَا.
يَوْمُ الدِّينِ - يَومُ الحِسَابِ والجَزَاءِ عَلَى الأَعْمَالِ.
(٢٢) - وَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المَلاَئِكَةَ بِأَنْ يُمَيِّزُوا الكُفَّارَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي المَوْقِفِ، وَبِأَنْ يَحْشُروا الظَّالِميِنَ مَعَ قُرَنَائِهِمْ وَأَشْبَاهِهِمْ (أَزْوَاجِهِم).
فَيُحْشَرُ أَصْحَابُ الزِّنى مَعَ أَصْحَابِ الزِّنى، وَأَصْحَابٌ الرِّبَا مَعَ أَصْحَابِ الرِّبَا، وَعَابِدُوا الأَوْثَانِ والأَصْنَامِ مَعَ الأَصْنَامِ التي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ.
أَزْوَاجَهُمْ - أَشْبَاهَهُمْ وَقُرَنَاءَهُمْ.
(٢٣) - ثُمَّ يَأْمُرُ تَعَالَى المَلاَئِكَةَ الكِرَامَ قَائِلاً: أَرْشِدُوا هَؤُلاَءِ المُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ إِلَى طَرِيقِ جَهَنَّمَ، وَدُلُّوهُمْ عَلَيْهَا.
(٢٤) - واحْبِسُوهُمْ فِي المَوْقِفِ (قِفُوهُمْ) حَتَّى يُسْأَلُوا عَمَّا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ، وَعَمَّا اجْتَرَحُوهُ مِنَ الآثَامِ والمَعَاصِي.
قِفُوهُمْ - احْبسُوهُمْ فِي مَوْقِفِ الحِسَابِ.
تَنَاصَرُونَ - يَنْصُرُ بَعْضُكُم بَعْضاً.
(٣٠) - وَنَحْنُ لَمْ يَكُنْ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ وَسِيلَةٍ نُكْرِهُكُمْ بِهَا عَلَى الكُفْرِ والغوَايَةِ (أَو لَمْ يَكُنْ لَنَا سَبَبٌ نَسْتَطِيعُ بِهِ أَنْ نُؤكِّدَ لَكُمْ أَنَّنَا كُنَّا عَلَى صَوَابٍ فِيمَا دَعَوْنَاكُم إِلَيْهِ)، وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُم أَنْتُمْ قَوْماً تَمِيلُونَ إِلَى الطُّغْيَانِ وَمُجَاوَزَةِ الحَقِ، اسْتَجَبْتُم لِدَعْوَتِنَا، وَتَرَكْتُم الحَقَّ الذِي جَاءَكُمْ بِهِ رُسُلُ رَبِّكُمْ.
قَوْماً طَاغِينَ - مُجَاوِزِينَ الحَدَّ فِي العَصْيَانِ والفَسَادِ.
(٣١) - وَيَقُولُ الكُبَرَاءُ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ: إِنَّهُمْ بِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ نُفُوسِهِمْ لِلكُفْْرِ والطُّغْيَانِ، وَتَجَاوُزِ الحَقِّ، وَالإِعْرَاضِ عَنِ الهُدَى، حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ أَنَّهُمْ مِنَ الأَشْقِيَاءِ الذَّائِقِينَ للعَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
فَحَقَّ عَلَيْنَا - ثَبَتَ وَوَجَبَ.
(٣٢) - وَإِنَّهُمْ دَعَوا المُسْتَضْعَفِينَ إِلَى مَا كَانُوا هُمْ فِيهِ مِنَ الغوَايَةِ وَالضَلاَلِ، فَاسْتَجَابَ المُسْتَضْعَفُونَ لَهُمْ، فَأَصْبَحُوا جَمِيعاً مِنَ الضَّالينَ الغَاوِينَ، فَلاَ لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِيمَا كَانَ مِنْهُمْ.
أَغْوَيْنَاكُمْ - دَعَوْنَاكُمْ إِلَى الغَيِّ فَاسْتَجَبْتُمْ.
(٣٣) - وَكَمَا اشْتَرَكَ الفَرِيقَانِ - الكُبَرَاءُ والمُسْتَضْعَفُونَ - فِي الضَّلاَلَةِ كَذَلِكَ يَشْتَرِكُونَ فِي العَذَابِ فِي نَارِ جهَنَّمَ، كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ عَمَلِهِ، وَمَرْتَبَتِهِ فِي الضَّلاَلَةِ والغوَايَةِ.
(٣٦) - وَيَقُولُونَ: هَلْ نَتْرُكُ آلِهَتَنَا التِي وَرِثْنَا عِبَادَتَهَا عَنْ أَسْلاَفِنَا الأَوَّلِينَ، اتِّبَاعاً لِقَوْلِ شَاعِرٍ مَجْنُونٍ يَهْذِي وَيَخْلِطُ فِي كَلاَمِهِ؟
(٣٨) - إِنَّكُمْ أَيُّهَا الكُفَّارُ المُجْرِمُونَ سَتَذُوقُونَ العَذَابَ الأَلِيمَ، وَسَتَخْلُدُونَ فِيهِ.
المُخْلَصِينَ - الذِينَ أَخْلَصَهُمُ اللهُ لِطَاعَتِهِ.
(٤١) - وَيُثيبُهُمْ رَبُّهُم الكَرِيمُ عَلَى أَعْمَالِهِمْ بِإِدْخَالِهِمْ الجَنَّةَ، وَيَتَمَتَّعُونَ فِيهَا بِكُلِّ مَا لذَّ وَطَابَ، وَلَهُمْ فِيهَا رِزْقٌ كَرِيمٌ مَعْلُومٌ.
(٤٢) - وَتَأْتِيهُمُ الفَوَاكِهُ التي يَشْتَهُونَها، وَهُمْ مُكَرَّمُونَ مَخْدُومُونَ مُرَفَّهُونَ.
(٤٣) - وَيَأْتِيهِمْ رِزْقُهُم الكَرِيمُ وَهُمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
(٤٤) - وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى أَسِرَّةِ يُقَابِلُ بَعْضُها بَعْضاً، يَتَمَتَّعُونَ بِالإِينَاسِ، وَطِيبِ الحَدِيثِ، شَأْنَ المُتَحَابِّينَ.
بِكَأْسٍ - بِخَمْرٍ أَوْ بِقَدَحٍ فِيهِ خَمْرٌ.
(٤٦) - لَوْنُها أَبْيَضُ صَافٍ مُشْرِقٌ، وَطَعْمَها لَذِيذُ المَذَاقِ، تَلَذُّ شَارِبيِهَا.
لاَ فِيهَا غَوْلٌ - لَيْسَ فِيهَا ضَرَرٌ وَلاَ تَغْتَالُ العُقُولَ.
(٤٨) - وَلَدَيْهِمْ نِسَاءٌ عَفِيفَاتُ، لاَ يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ، وَهُنَّ نُجْلُ العُيونِ، فِي جَمَالٍ وَحُسْنٍ.
قَاصِرَاتُ الطَّرَفِ - لاَ يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ.
عِينٌ - وَاسِعَاتُ العُيُونِ مَعَ جَمَالٍ.
(وَقِيلَ إِنَّ لَوْنَهُنَّ أَبْيَضُ ضَارِبٌ إِلَى صُفْرَةٍ كَلَوْنِ بَيْضِ النعَامِ وَهُوَ اللَّوْنُ الذِي يَرْغَبُ فِيهِ العَرَبُ فِي النِّسَاءِ).
مَكْنُونٌ - مَصُونٌ مَسْتُورٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلغُبَارِ.
(٥١) - قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ الذِينَ يَتَحَادَثُونَ: إِنَّهُ كَانَ لِي صَاحِبٌ (قَرِينٌ) مُشْرِكٌ فِي الدُّنْيَا يَلُومُ المُؤْمِنِينَ عَلَى إِيْمَانِهِمْ بِالحَشْرِ والحِسَابِ، وَيَسْخَرُ مِنْهُمْ.
(٥٢) - وَيَقُولُ لِصَدِيقِه المُؤْمِنِ: هَلْ أَنْتَ مُصَدِّقٌ بِالبَعْثِ والنُّشُورِ والجَزَاءِ؟
(٥٣) - وَيَقُولُ مُتَعَجِّباً: هَلْ إِذَا أَصْبَحْنَا تُراباً وَعِظَاماً نِخْرَةً، سَنُبَعَثُ لِنُحَاسَبَ عَلَى أَعْمَالِنَا وَنُجْزَى بِهَا؟ إِنَّ ذَلِكَ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أبداً.
لَمَدِينُونَ - لَمَجْزِيُّونَ وَمُحَاسَبُونَ.
(٥٥) - فَاطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ، فَرَأى قَرِينَهُ وَسَطَ الجَحِيمِ، يَتَلَظَّى بِلَهِيبِها.
سَوَاءِ الجَحِيمِ - وَسَطِ الجَحِيمِ.
إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ - إِنَّكَ قَارَبْتَ لَتُهْلِكُنِي بِالإغْوَاءِ.
المُحْضَرِينَ - المَسُوقِينَ لِلْعَذَابِ مِثْلَكَ.
(٦١) - وَلِمِِثْلِ هَذَا النَّعِيمِ، الذِي فَازَ بِهِ المُؤْمِنُونَ البَرَرَةُ فِي الآخِرَةِ، فَلْيَعْمَلِ العَامِلُونَ فِي الدُّنْيَا لِيُدْرِكُوا مَا أَدْرَكُوا.
خَيْرٌ نُزُلاً - خَيْرٌ ضِيَافَةً وَتَكْرِمَةً.
شَجَرَةُ الزَّقُّومِ - شَجَرٌ خَبِيثٌ يَخْرُجُ فِي تِهَامَةَ، وَيَكُونُ فِي الجَحِيمِ لِيأْكُلَ مِنْهُ أَهْلُ النَّارِ.
(٦٣) - وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ عَنْ وُجُودِ شَجَرَةِ الزُّقُومِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ابْتِلاَءً مِنْهُ واخْتِبَاراً لِيَرَى مَنْ يُصَدِّقُ بِهَا، مِمَّنْ يُكَذِّبُ، وَجَعَلَهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ الكَافِرِينَ.
فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ - ابْتِلاَءً وَمِحْنَةً، أَوْ عَذَاباً فِي الآخِرَةِ.
أَصْلِ الجَحِيمِ - فِي قَعْرِ الجَحِيمِ.
(٦٥) - كَأَنَّ ثَمَرَهَا (طَلْعِهَا)، فِي قُبْحِ مَنْظَرِهِ، رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ: (وَالعَرَبُ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ قَبِيحَةُ المَنْظَرِ، فَأَرَادَ اللهُ تَعَالَى تَقْبِيحَ شَجَرَةِ الزُّقُّومِ، وَتَكْرِيهَ السَّامِعِينَ بِهَا).
شَوْباً - مَزْجاً.
حَمِيمٍ - مَاءٍ بَالِغِ الغَايَةِ فِي الحَرَارَةِ.
(٦٩) - إِنَّهُمْ وَجَدُوا آبَاءَهُمْ عَلَى الضَّلاَلَةِ فَتَابَعُوهُمْ.
(٧٠) - فَأَسْرَعُوا فِي تَقْلِيدِهِمْ، وَاتِّبَاعِهِمْ بِلاَ تَدَبُّرٍ وَلاَ تَرَوٍّ.
يُهْرَعُونَ - يُسْرِعُونَ المَشْيَ.
(٧٣) - وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَةِ الرُّسُلِ، وَأَصَرُّوا عَلَى الإِقَامَةِ عَلَى شِرْكِهِمْ فَدَمَّرَهُمُ اللهُ وَأَهْلَكَهُمْ، وَعَفَّى آثَارَهُمْ، فَانْظُرْ يَا مُحَمَّدُ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ هَؤُلاَءِ الأَقْوَامِ الذينَ أَنْذَرَهُمْ رُسُلُهُمْ بِعَذَابِ اللهِ وَبَأْسِهِ، فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يَتَّعِظُوا، فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ وَدَمَّرَ عَلَيْهِمْ.
(٧٥) - لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى الأَوَّلِينَ الذينَ ضَلُّوا أَخَذَ يُبَيِّنُ ذَلِكَ تَفْصِيلاً، فَذَكَرَ نُوحاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَمَا لَقِيَ مِنَ المُكَذِّبِينَ مِنْ قَوْمِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ لَهُ إِلاَّ القَلِيلُونَ، فَاسْتَنْصَرَ نُوحٌ بِرَبِهِ عَلَى كُفَّارِ قَوْمِهِ ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فانتصر﴾، وَكَانَ اللهُ تَعَالَى نِعْمَ المُجِيبُ والنَّاصِرُ لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، فَنَجَّاه وَأَهْلَهُ والمُؤْمِنِينَ مَعَهُ، وَأَهْلَكَ الكَافِرِينَ.
(٧٦) - فَأَنْجَاهُ اللهُ تَعَالَى وَأَهْلَهُ مِنَ الغَمِّ الشَّدِيدِ مِنْ أَذَى قَوْمِهِ، وَمِنَ الغَرَقِ بالطُّوفَانِ، وَمِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ.
(٧٨) - وَأَبْقَى اللهُ تَعَالَى لَهُ ثَنَاءً جَمِيلاً، وَذِكْراً حَسَناً فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ والأُمَمِ، إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
(٧٩) - وَقَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي المَلاَئِكَةِ والإِنْسِ والجِنِّ (العَالِمِينَ).
(٨٢) - ثُمَّ أَغْرَقَ اللهُ تَعَالَى الكَافِرِينَ مِنْ قَوْمِهِ، وَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً.
(٨٣) - وَكَانَ مِمَّنْ سَارَ عَلَى نَهْجِ نُوحٍ، وَاتَّبَعَ سَبِيلَهُ وَسُنَّتَهُ، إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ.
مِنْ شِيعَتِهِ - مِمَّنْ شَايَعَهُ عَلَى مِلَّتِهِ وَمِنْهَاجِهِ.
(٨٦) - أَتَتَّخِذُونَ أَصْنَاماً تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ، وَتَزْعُمُونَ إِفْكاً وَكَذِباً أَنَّهَا آلِهَةٌ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ حُجَّةٌ أَو دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ؟ إِنَّ هَذَا لَخَطَأ جَسِيمٌ.
(٨٧) - أَعَلِمْتُمْ أيَّ شيءٍ هُوَ رَبُّ العَالَمِينَ حَتَّى جَعَلْتُمُ الأَصْنَامَ وَالأَنْدَادَ لَهُ شُرَكَاءَ فِي العِبَادَةِ.
(وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ العَرَبَ تَقُولُ لِمَنْ تَفَكَّرَ وَأَطَالَ التَّفْكِيرَ نَظَرَ فِي النُّجُومِ).
(٩١) - فَذَهَبَ إِلَى قَوْمِهِ بِسُرْعَةٍ مُسْتَخْفِياً، وَقَالَ لَهَا مُسْتَهْزِئاً بِهَا أَلاَ تَأَكُلُونَ الطَّعَامَ الذِي قُدِّمَ إِلَيْكُمْ؟
(وََكَانَ قَوْمُهُ يَضَعُونَ الطَّعَامَ أَمَامَ الآلِهَةِ فِي الأَعْيَادِ لِتُبَارِكَهُ).
رَاغَ - أَسْرَعَ وَهُوَ مُسْتَخفٍ.
(٩٧) - وَلَمَّا أَبْطَلَ حُجَّتَهُمْ، وَأَقَامَ الحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، مَالُو إِلَى أَخْذِهِ بِالقَهْرِ والبَطْشِ سَتراً لِعَجْزِهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً، وَضَعُوا فِيهِ حَطَباً أَوْقِدُوهُ، ثُمَّ اقْذِفُوهُ فِي هَذِهِ النَّارِ فَفَعَلُوا.
(٩٨) - فأَرَادُوا إِحْرَاقَهُ فِي النَّارِ، فَأَنْجَيْنَاهُ مِنْهَا، وَجَعَلْنَاهَا بَرْداً وَسَلاَماً عَلَيْهِ، وَجَعَلْنَا كَيْدَ الظَّالِمِينَ المُكَذِّبِينَ فِي نُحُورِهِمْ، وَكَتَبْنَا لَهُ الغَلَبَةَ والنَّصْرَ عَلَيْهِمْ.
(١٠٠) - وَلَمَّا هَاجَرَ مِنْ أَرْضِهِ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ ذُرِّيةً مِنَ الصَّالِحِينَ المُطِيعِينَ الذِينَ يُعِينُونَهُ عَلَى القِيَامِ بِأَمْرِ الدَّعْوَةِ وَيَتْولَّونَهَا بَعْدَهُ.
(١٠١) - فَبَشَّرَهُ اللهُ تَعَالَى بِمَولُودٍ لَهُ يَبْلُغُ الحُلْمَ، وَيَكُونُ حَلِيماً - وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ عَلَى أَصَحِّ الأَقْوَالِ.
(١٠٢) - فَلَمَّا كَبُرَ وَتَرَعْرَعَ، وَصَارَ يَذْهَبُ مَعَ أَبِيهِ، وَيَسْعَى فِي أَشْغَالِهِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِ قَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ إِنِّي رَأَيْتُ فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَمَا رَأْيُكَ؟ وَقَدْ قَصَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِيَعْلَمَ صَبْرَهُ، وَمَا يَرَاهُ فِيمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ مِنَ الابْتِلاَءِ، وَلِيوَطِّنَ نَفْسَهُ عَلَى الذَّبْحِ اكْتِسَابا لِلمَثُوبَةِ مِنَ اللهِ تَعَالَى.
فَرَدَّ إِسْمَاعِيلُ عَلَى أَبِيهِ قَائِلاً: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ، وَسَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ عَلَى الابْتِلاَءِ، وَعَلَى قَضَاءِ اللهِ.
بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ - دَرَجَ فِي العَمَلِ مَعَهُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ.
(وَقِيلَ إِنَّ الذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ).
أَسْلَمَا - اسْتَسْلَمَا وانْقَادَا لأَمْرِ اللهِ تَعَالَى.
تَلَّهُ لِلْجَبِينِ - أَضْجَعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ عَلَى الأَرْضِ.
(١٠٤) - وَعَلِمَ اللهُ تَعَالَى صِدْقَ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِه فِي الاخْتِبَارِ، فَنَادَى اللهُ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ ذَلِكَ.
(١٠٥) - وَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ لَقَدْ صَدَّقْتَ الرُؤْيَا بِعَزْمِكَ عَلَى ذَبْحِ ابْنِكَ إِطَاعَةً لأَمْرِ رَبِّكَ، فَحَصَلَ المَقْصُودُ.
وَهَكَذَا يَجْزِي اللهُ المُحْسِنِينَ المُطِيعِينَ، فَيَصْرِفُ عَنْهُمُ المَكَائِدَ والشَّدَائِدَ، وَيَجْعَلُ لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ فَرَجاً وَمَخْرَجاً.
(١٠٦) - وَهَذَا الابْتِلاَءُ الذِي ابْتَلَيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنَهُ لَهُوَ الابْتِلاَءُ الذِي أَبَانَ جَوْهَرَ إِيْمَانِهِمَا وَيَقِيِنِهِمَا بِرَبِّ العَالَمِينَ، إِذْ أمَرَهُ رَبُّهُ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَسَارَعَ هُوَ وابْنُهُ إِلَى ذَلِكَ مُسْتَسْلِمَيْنِ، خَاضِعَيْنِ مُنْقَادَيْنِ لأَمْرِ رَبِّهِمَا.
البَلاءُ المُبِينَ - الاخْتِبَارُ البَيِّنُ الوَاضِحُ.
(١٠٧) - وَفَدَى اللهُ تَعَالَى إِسْمَاعِيلَ بِكَبْشٍ سَمِينٍ ضَخْمٍ قَامَ إِبْرَاهِيمُ بِذَبْحِهِ بَدَلاً مِنْ ذَبْحِ ابْنِهِ.
بِذِبْحٍ عَظِيمٍ - بِكَبْشٍ يُذْبَحُ.
(١٠٨) - وَتَرَكَ اللهُ تَعَالَى لَهُ ذِكْراً حَسَناً عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَجَعَلَهُ مُحَبَّباً لِلنَّاسِ جَمِيعاً.
(١٠٩) - وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ فِي المَلاَئِكَةِ وَالإِنْسِ والجِنِّ.
(١١٢) - وَبَشَّرَ اللهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، بأَنَّهُ سَيُولَدُ لَهُ ابْنُهُ إِسْحَاقُ، وَأَنَّهُ سَيَكُونُ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَ كَانَ إِسْمَاعِيلَ، ثُمَّ بَعْدَ حَادِثَةِ الذَّبْحِ وُلِدَ إِسْحَاقُ.
(١١٣) - وَأَفَاضَ اللهُ تَعَالَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ بَرَكَاتِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَكَثَّرَ نَسْلَهُمَا، وَجَعَلَ مِنْهُمَا أَنْبِيَاءُ وَرُسُلاً وَجَعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا أُنَاساً مُحْسِنِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ، مُؤْمِنِينَ بِرَبِّهِمْ، وَجَعَلَ مِنْهُمْ ظَالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ والفُسُوقِ والعِصْيَانِ.
(١١٤) - وَأَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدَيْهِ مُوسَى وَهَارُونَ بِالنُّبُوَّةِ والنَّصْرِ والخَيْرِ الكَثِيرِ.
(١١٥) - وَنَجَّاهُمَا اللهُ تَعَالَى، وَمَنْ آمَنَ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمِهِمَا، مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ الذِي كَانُوا فِيهِ تَحْتَ حُكْمِ فِرْعَوْنَ، الذِي كَانَ يَسْتَخْدِمُهُمْ فِي أَخَسِّ الأَعْمَالِ وأَشَقِّهَا، وَكَانَ يَقْتُلُ الذُّكُورَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، وَيَسْتَحْيِي النِّسَاءَ.
(١١٦) - وَنَصَرَهُمَا اللهُ تَعَالَى عَلَى أَعْدَائِهِمَا فَغَلَبَاهُمْ.
(١١٧) - وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ الكِتَابَ الجَلِيَّ الوَاضِحَ، الجَامِعَ لِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ البَشَرُ فِي مَصَالِحِ الدِّينِ والدُّنْيَا، وَهُوَ التَّوْرَاةُ.
(١١٨) - وَأَرْشَدَهُمَا اللهُ تَعَالَى إِلَى طَرِيقِ الحَقِّ والهُدَى.
(١١٩) - وَأَبْقَى اللهُ لَهُمَا الذِّكرَ الحَسَنَ، والثَّنَاءَ الجَمِيلَ فِيمَنْ أَتَوْا بَعْدَهُمَا.
(١٢٠) - وَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى المَلاَئِكَةَ والإِنْسَ والجِنِّ يُسَلِّمُونَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ أبدَ الدَّهْرِ.
(١٢٥) - أَتَعْبُدُونَ الصَّنَمَ (بَعْلاً)، وَتَتْرُكُونَ عِبَادَةَ مَنْ خَلَقَكُمْ، وَخَلَقَ آباءَكُمْ وَهُوَ المُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ دُونَ سِوَاهُ.
(١٢٦) - وَاللهُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ الآبَاءِ السَّالِفِينَ فَهُوَ الحَقِيقُ بِالعِبَادَةِ.
لِمُحْضَرُونَ - تُحْضِرُهُمْ الزَّبَانِيَةُ فِي النَّارِ.
(١٢٩) - وَجَعَلَ اللهُ ذِكْراً حَسَناً بَيْنَ النَّاسِ تَتَنَاقَلُهُ الأَجْيَالُ، وَجَعَلَهُ مُحَبَّباً إِلى النَّاسِ جَمِيعاً.
(١٣٠) - سَلاَمٌ مِنَ اللهِ عَلَى إِلْيَاسَ (وَإِلْ يَاسِينَ لُغَةٌ فِي إِلْيَاسَ).
(١٣٤) - وَنَجَّى اللهُ لُوطاً وَأَهْلَهُ مِمَّا أَنْزَلَهُ بِقَوْمِهِ مِنَ العَذَابِ والدَّمَارِ.
(١٣٥) - وَلَمْ يَسْتَثْنِ اللهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ لُوطٍ الذِينَ أَنْجَاهُمْ مِنَ الدَّمَارِ الذِي أَنْزَلَهُ بِقَوْمِ لُوطٍ إِلاَّ امْرَأَتَهُ التِي بَقِيَتْ مَعَ قَوْمِهَا، فَهَلَكَتْ مَعَهُمْ.
فِي الغَابِرِينَ - فِي البَاقِينَ أَوْ فِي الهَالِكِينَ.
(١٣٦) - ثُمَّ أَهْلَكَ اللهُ القَوْمَ جَمِيعاً، فَخَسَفَ بِهِم الأَرْضَ، وَجَعَلَ عَالِيَ قَرْيَتِهِم سَافِلَهَا، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
مُصْبِحِينَ - دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ.
(١٣٨) - كَمَا تَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ فِي اللَّيْلِ أَيْضاً، وَتَرَوْنَ آثَارَهُمْ، وَكَيْفَ أَصْبَحَتْ دِيَارُهُمْ خَرَاباً يَبَاباً، وَالْمَفْرُوضُ فِيكُمْ أَنْ تَعْتَبِرُوا، وَتَتَّعِظُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَؤُلاَءِ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ عُقُولٌ تَعِي وَتُدْرِكُ، فَتُقْلِعُوا عَنِ الكُفْرِ والفَسَادِ والعُتُوِّ والعِصْيَانِ، وَتَكْذِيبِ رَسُولِ اللهِ.
أَبَقَ العَبْدُ - هَرَبَ مِنْ سَيِّدِهِ.
المَشْحُونِ - المَمْلُوءِ بِالحُمُولَةِ.
فَسَاهَمَ - فَقَارَعَ مَنْ فِي الفُلْكِ.
المُدْحَضِينَ - المَغْلُوبِينَ بِالقُرْعَةِ.
فَالتَقَمَهُ - فَابْتَلَعَهُ.
مُليمٌ - آتٍ بِمَا يُلاَمُ عَلَيْهِ.
(١٤٥) - فَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى الحُوتَ بِأَنْ يُلْقِيَهِ فِي مَكَانٍ خَالٍ لاَ شَجَرَ فِيهِ وَلاَ نَبَاتَ، وَهُوَ عَلِيلُ الجِسْمِ، سَقِيمُ النَّفْسِ.
فَنَبَذْنَاهُ - فَطَرَحْنَاهُ فِي الأَرْضِ الفَضَاءِ.
اليَقْطِينُ - القَرْعُ المَعْرُوفُ (وَقِيلَ بَلْ هُوَ شَجَرُ المَوْزِ).
(١٤٧) - ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ أَنْ شَفِيَ، وَرَضِيَ عَلَيْهِ رَبُّهُ، بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى رَسُولاً إِِلَى قَوْمِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَكَانَ عَدَدُهُمْ كَثِيراً قَدْ يَتَجَاوَزُ مِئَةَ أَلْفٍ، فَاسْتَقَامَتْ حَالُهُمْ مَعَهُ، لأَنَّهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهُمْ، خَافُوا عَذَابَ اللهِ، وَمَا أَنْذَرَهُمْ بِهِ يُونُسُ، فَخَرَجُوا خَارِجَ البَلَدِ بِأْمْوَالِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَمَوَاشِيِهِمْ، وَجَأَرُوا إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ، وَأَعْلَنُوا التَّوْبَةَ لِرَبِّهِمْ، فَأَنْجَاهُمْ رَبُّهُمْ مِنَ الهَلاَكِ، وَلَمَا عَادَ إِلَيْهِمْ يُونُسُ التَفُّوا حَوْلَهُ.
(١٤٨) - فآمَنُوا بِاللهِ، وَبِمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ نَبِيُّهُمْ يُونُسُ، فَمَتَّعَهُم اللهُ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، حَتَّى حَانَتْ آجَالُهُمْ، فَهَلَكُوا فِيمَنْ هَلَكَ.
(١٥٠) - وَهَلْ كَانُوا شُهُوداً حِينَ خَلَقَ اللهُ المَلاَئِكَةَ فَرَأَوْا أَنَّهُ خَلَقَهُمْ إِنَاثاً؟ وَبِمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا خَلْقِ اللهِ لِلمَلائِكَةِ، لِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَلاَ حُجَّةٌ.
إِفْكِهِمْ - كَذِبِهِمْ عَلَى اللهِ.
(١٥٢) - وَقَوْلُهُم إِنَّ للهِ وَلَداً. وَهُوَ افْتِرَاءٌ قَبِيحٌ، وَإِفْكٌ صَرِيحٌ لاَ مُسْتَنَدَ لَهُمْ فِيهِ، وَلاَ دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُمْ كَاذِبُونَ فِيمَا يَقُولُونَ.
أَصْطَفَى - أَخْتَارَ - اسْتِفْهَامُ تُوْبِيخٍ.
(١٥٦) - أَمْ لَكُمْ حُجَّةٌ وَبُرْهَانٌ وَاضِحَانِ عَلَى صِحَّةِ مَا تَقُولُونَ وَتَعْتَقِدُونَ، نَزَلَ بِهِمَا وَحْيٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَلَيْكُم؟
سُلْطَانٌ - حُجَّةٌ وَبُرْهَانٌ.
(١٥٧) - وَإِذَا كَانَ قَدْ نَزَلَ عَلْيكُم بِذَلِكَ وَحْيٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، فَأَرُونِي هَذَا الكِتَابَ الذِي نَزَلَ عَلَيْكُم إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِيمَا تَقُولُونَ.
القَوْلَ المُفْتَرى، لَمُحْضَرُونَ فِي العَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ، لِكَذِبِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللهِ.
الجِنَّةُ الشَّيَاطِينُ - (وَهُنَاكَ مَنْ قَالَ بَلْ هُمُ المَلاَئِكَةُ).
إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ - إِنَّ الكُفَّارَ لَمُحْضَرُونَ فِي النَّارِ لِلْعَذَابِ.
(١٥٩) - تَعَالَى اللهُ وَتَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وََلَدٌ، وَعَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ نَسيبٌ، وَعَمَّا يَصِفُهُ الظَّالِمُونَ، وَتَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً.
(١٦٢) - لا يَتَيَسَّرُ لَكُمْ فِتْنَةُ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ، وَلاَ إِضْلاَلُ أَحَدٍ، وَصَرْفُهُ عَنِ الهُدَى.
عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ - بِمُضلِّينَ أَوْ مُفْسِدِينَ عَلَى اللهِ أَحَداً.
صَالِ الجَحِيمِ - دَاخِلُها أَوْ مُقَاسٍ حَرَّهَا.
(وَقِيلَ إِنَّ المَعْنَى هُوَ: أَنَّ الله تَعَالَى أَرَادَ تَنْزِيهَ المَلاَئِكَةِ مِمَّا نَسَبَهُ إِلَيْهمُ الكُفَّارُ كَذِباً وَافْتِرَاءً مِنْ أَنَّهٌمْ بَنَاتُ اللهِ).
وَقَالَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا: " قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَا مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَوْضِعٌ إِلاَّ عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا مِنَّا إِلاَّ وَلَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ " (رَوَاهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ).
(وَقَالَ ابْنُ جُرَيحٍ: كَانُوا لاَ يَصفُّونَ فِي الصَّلاَةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فَصَفُّوا).
(وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ: " فَضَّلَنَا اللهُ عَلَى النَّاسِ بِثَلاَثٍ: جُعِلْنَا صُفُوفاً كَصُفُوفِ المَلاَئِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ مَسْجِداً، وَتُرْبَتُهَا طَهُوراً "). (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الصَّافُّونَ - أَنْفُسَنَا فِي مَقَامِ العِبَادَةِ.
المُسَبِّحُونَ - المُنَزِّهُونَ اللهَ تَعَالَى عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ.
(١٧٣) - وَإِنَّ جُنْدَ اللهِ الذِينَ يُقَاتِلُونَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا، سَتَكُونَ لَهُمْ الغَلَبَةُ عَلَى أَعْدَائِهِمْ فِي الحَرْبِ.
بِسَاحَتِهِمْ - بِفِنَائِهِمْ أَيْ نَزَلَ بِهِمْ.
(١٨٠) - يُقَدِّسُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَه الكَرِيمَةَ، وَيُنَزِّهُهَا عَمَّا يَقُولُهُ الظَّالِمُونَ المُفْتَرُونَ، فَهُوَ رَبُّ العِزَّةِ التِي لاَ تُرَامُ وَلاَ تَغَالَبُ.
رَبُّ العِزَّةِ - رَبُّ القُدْرَةِ والغَلَبَةِ والبَطْشِ.
(١٨١) - وَيُسَلِّمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ المُرْسَلِينَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
(١٨٢) - وَيَحْمَدُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَريمَةَ فِي آخِرِ السُّورَةِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ المُخْلَصِينَ المُصْطَفينَ الأخْيَارِ، وَعَلَى خَلْقِهِ مِنْ أَنْعُمٍ وَأَفْضَالٍ، فَلِلَّهِ الحَمْدُ والفَضْلُ والمِنَّةُ.