تفسير سورة الهمزة

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم.
قوله عز وجل :﴿ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴾.
وإنما نزلت في رجل واحد كان يهمز الناس، ويلمِزهم : يغتابهم ويعيبهم، وهذا جائز في العربية أن تذكر الشيء العام، وأنت تقصد قصد واحد من هذا، وأنت قائل في الكلام عند قول الرجل : لا أزورك أبدا، فتقول أنت : كل من لم يزرني فلست بزائره، وأنت تريد الجواب، وتقصد قصده، وهي في قراءة عبد الله :«وَيْلٌ لِلْهُمَزَةِ اللُّمَزَةِ ».
وقوله عز وجل :﴿ الذي جَمَعَ مالاً ﴾.
ثقّل( جمّع ) الأعمش وأبو جعفر المدني، وخففها عاصم ونافع والحسن البصري، واجتمعوا جميعا على ﴿ وَعَدَّدَهُ ﴾ بالتشديد، يريدون : أحصاه. وقرأها الحسن :«وعدَدَه » خفيفة، فقال بعضهم فيمن خفف : جمَع مالا وأحصى عدده، مخففة يريد : عشيرته.
وقوله عز وجل :﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾.
يريد : يخلده، وأنت قائل للرجل : أتحسب أنّ مالك أنجاك من عذاب الله ؟ ما أنجاك من عذابه إلاّ الطاعة، وأنت تعني : ما ينجيك. ومن ذلك قولك للرجل يعمل الذنب الموُبق : دخل والله النار، والمعنى : وجبت له النار.
وقوله عز وجل :﴿ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴾.
قرأها العوام :«لَيُنْبَذَنَّ » على التوحيد، وقرأها الحسن البصري وحده [ ١٤٨/ب ] «لَيُنْبَذَانِّ في الحطمة » يريد : الرجل وماله، والحطمة، اسم من أسماء النار، كقوله : جهنم، وسقر، ولظى. فلو ألقيت منها الألف واللام إِذ كانت اسما لم يَجرِ.
وقوله عز وجل :﴿ تَطَّلِعُ على الأَفْئِدَةِ ﴾.
يقول : يبلغ ألمها الأفئدة، والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد. العرب تقول : متى طلعتَ أرضنا، وطلعتُ أرضي، أي : بلغت.
وقوله جل وعز :﴿ مُّؤْصَدَةٌ ﴾.
وهي المطبَقة، تهمز ولا تهمز.
وقوله عز وجل :﴿ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ ﴾.
[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء، قال : حدثني إسماعيل بن جعفر المدني قال : كان أصحابنا يقرءون :( في عَمَد ) بالنصب، وكذلك الحسن. وحدثني به الكسائي عن سليمان بن أرقم عن الحسن :( في عَمَد ).
[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثني قيس بن الربيع، عن أبي إساحق، عن عاصم بن ضمرة السلولي، عن علي رحمه الله أنه قرأها :«في عُمُد مُمَدَّدَةٍ ».
[ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء، قال : حدثني محمد بن الفضل، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت أنهما قرآ :«في عُمُد مُمَدَّدَة ». قال الفراء : والعُمُد، والعَمَد جمعان للعمود، مثل : الأديم والأُدُم والأَدَم، وَالإهاب والأُهُب والأَهَب، والقضيم والقَضَم والقُضُم، ويقال : إنها عُمُد من نار.
Icon