تفسير سورة النّاس

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الناس من كتاب لطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ
قوله جل ذكره :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾.
" بسم الله " الذي قصرت عنه العقول فوقفت، وعجزت العلوم فتحيرت، وتقاصرت المعارف فخجلت، وانقطعت الفهوم فدهشت. . وهو بنعت علائه، ووصف سنائه وبهائه، وعز كبريائه، يعلم، ولكن الإحاطة في العلم به محال، ويرى، ولكن الإدراك في وصفه مستحيل، ويعرف، ولكن الإشراف في نعته غير صحيح.

قوله جل ذكره :﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾.
أعتصِمْ بربِّ الناسِ خالقِهِم وسيَّدِهم.
أي مالكهم جميعهم.
القادِر على إيجادهم.
من حديثِ النَّفْسِ بما هو كالصوتِ الخفيِّ.
ويقال : مِنْ شرِّ الوسواس.
ويقال : من شرِّ الوسوسة التي تكون بين الجِنَّةِ والناس.
" والخنَّاس " الذي يغيب ويخنس عن ذِكْرِ الله. وهو من أوصاف الشيطان.
قيل :" الناس " يقع لفظها على الجنِّ والإنْسِ جميعاً كما قال تعالى :﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ ﴾ [ الأحقاف : ٢٩ ] فسمَّاهم نفراً، وكما قال :﴿ يعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ ﴾ [ الجن : ٦ ] فسمَّاهم رجالاً. . فعلى هذا استعاذ من الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس، والشيطانُ الذي له تسلُّطٌ على الناسِ كالوسواس ؛ فللنَّفْس من قِبَلِ العبد هواجسُ، وهواجِسُ، وهواجِسُ النَّفْسِ ووساوسُ الشيطانِ يتقاربان ؛ إذ إنه يدعو إلى متابعة الشهوة أو الضلالة في الدين، أو إلى ارتكاب المعصية، أو إلى الخصال الذميمة، فهو نتيجة الوساوس والهواجس.
وبالعلم يُمَيَّزُ الإلهام بين الخواطِر الصحيحة وبين الوساوس.
( ومما تجب معرفته ) أن الشيطان إذا دعا إلى محظورٍ فإن خالَفْتَه يَدَعْ ذلك، ( ثم ) يدعوك إلى معصيةٍ أخرى ؛ إذ لا غََرَضَ له إلا الإقامة على دعائك (. . . ) غير مختلفة.
Icon