تفسير سورة الزمر

جهود القرافي في التفسير
تفسير سورة سورة الزمر من كتاب جهود القرافي في التفسير .
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

أي : ما نعبدهم لغرض من الأغراض، ولا لسبب من الأسباب إلا لسبب التقريب إلى الله زلفى.
والزلفة : القربة، فهو منصوب على المصدر ب " يقربونا " فهو استثناء من الأسباب التي لم ينطق بها، وهو استثناء متصل لحصول شروط المتصل فيه. ( الاستغناء : ٥٠٩ )
أي : لا يشرعه دينا للعباد. ( الفروق : ٣/٨٤ )
١٠٦٨- لما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر بنبوته، قال له الصديق : " صدقت " من غير احتجاج إلى معجزة خارقة، فنزل فيهما قوله تعالى :﴿ والذي جاء بالصدق وصدق به ﴾ أي : محمد جاء بالصدق وأبو بكر صدق به١. ( نفسه : ٤/١٧٠ )
١ - ن : جامع البيان : ١١/٤..
١٠٦٩- الجواب الصحيح فيه : بلى. ( العقد المنظوم : ٢/١٢ )
١٠٧٠- للنفس ثلاثة معان : يقال لذات الشيء، نحو : جاء زيد نفسه. وللروح، كقوله تعالى :﴿ الله يتوفى الأنفس حين موتها ﴾. وللذم، كقول ابن دريد١ :
خير النفوس السائلات جهرة***على ظباة المرهفات والقنا.
ومنه سميت، النفساء : ليخرج الدم منها. ( الذخيرة : ١/١٨٠ )
١ - هو محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، أبو بكر، لغوي، من مصنفاته :"الجمهرة والاشتقاق. (ت : ٣٢١ هج) ن : الأعلام : ٦/٨٠...
١٠٧١- تقتضي أنهم يفتدون بما دون ذلك بطريق الأولى، ولو عرض لأي يوم كان، فتكون هذه الآية دالة دلالة التزام على العموم في حكم الاقتداء في أفراد لا نهاية بها، وهو المطلوب.
وهذه الآية مفهومها أصرح من مفهوم الآية الأولى١ من جهة أن الإنسان قد يوجد أمينا على الأمور العظام، ويتساهل في الأمور المحقرات لقلة مفسدتها، ولذلك فإن كثيرا من الناس يتساهل في المعصية بملابسة الصغائر دون الكبائر، فيكون في مفهوم هذه الآية ضعف، بخلاف صورة الافتداء يوم القيامة ليس فيها ترخص. ( العقد المنظوم : ٢/١٩٨ )
١ - يقصد قوله تعالى ﴿ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك﴾ سورة آل عمران: ٧٥..
١٠٧٢- مقتضى هذا اللفظ أن كل ما هو " شيء " فهو مخلوق في حالة ما، ودل العقل على أن الموجودات الواجبة الوجود، هي ذات الله تعالى وصفاته العلى لم تخلق في حالة ما١. ( شرح التنقيح : ١١٢-١١٣ )
١ - قال القرافي في مكان آخر: "فإنا نعلم بالضرورة العقلية أن كل ما هو واجب الوجود لا يندرج في المراد بهذا العموم، وهو ذات الله تعالى وصفاته العلى.
واختلف الناس في التخصيص بالعقل، قال الإمام فخر الدين رحمه الله : والأشبه عندي أنه لا خلاف في المعنى، بل في اللفظ... ثم ساق أدلة المانعين والرد عليها. ن: العقد المنظوم: ٢/٣٨١ وما بعدها.
ويقول د. إدريس حمادي :"وعلى كل حال فالخلاف لفظي، إذ الكل متفق على أن ما أخرجه العقل لا يمكن أن يشمله اللفظ العام، والخلاف إنما هو في التسمية..." ن: العام وتخصيصه في الاصطلاح الأصولي : ١٦٧..

١٠٧٣- قلنا : مطلق الشرك محبط للعمل. قال الشافعي رضي الله عنه : بل يقيد بالوفاة على الكفر قلنا : الأصل عدم التقييد. ( الاستغناء : ٣٥١ على ٣٥٣ )
١٠٧٤- في هذه الآية من المسائل : ما معنى الصعق هاهنا ؟ ومن المستثنى الذي شاءه ؟
والجواب : الصعقة هاهنا الموت. والنفخات ثلاثة : نفخة الفزع، وهي في قوله تعالى :﴿ ففزع من في السماوات ومن في الأرض ﴾١ ونفخة الصعق للموت، وهي هذه ونفخة البعث، وهي في قوله تعالى :﴿ ثم نفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون ﴾٢.
ويقال : إن بين النفختين أربعين سنة٣. ففي نفخة الصعق يموت كل حي من الأحياء الحية الموجودة في ذلك الوقت، والأرواح التي فارقت أجسادها قبل ذلك، فإن الأرواح لا تموت عند موت أجسادها، ولكن تموت عند نفخة الصعق. وفي الحديث : " أول من يسمع نفخة رجل يلوط٤ حوضه " ٥.
والصور هاهنا على الصحيح : جمع صورة. وقيل : هو اسم القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل، وفي الحديث : " أنه فيه طاقات، تخرج كل روح من طاق إلى جسدها، وأن الدائرة الواحدة منه قدر السماء والأرض ". ٦
وهذه الأمور مبسوطة في كتب " البعث والنشور " ٧ للبيهقي، وللشيخ القرطبي٨ في كتاب " التذكرة في أحوال الآخرة " ٩ فمن أراد استيعابها فعليه بهما. ١٠
وأما من استثنى الله تعالى، فقيل : " جبريل وجماعة من الملائكة معه ثم يميتهم الله تعالى. وقيل : الشهداء، ومعناه : أن أرواح الشهداء التي فارقت أجسادها لا تموت إلا بعد ذلك، ويكون تأخير الموت عنها إلى أجل بعد ذلك، إكراما للشهداء ولابد من موتها بعد ذلك لقوله تعالى :﴿ كل شيء هلك إلا وجهه ﴾١١. وقيل : المستثنى أرواح الأنبياء كرامة لهم، كما تقدم في الشهداء، ثم يبعثهم الله أجمعين.
١ - سورة الزمر : ٦٥..
٢ - سورة الزمر: ٦٥..
٣ - أخرجه البخاري في صحيحه : ٦/١٥٨. بسنده عن أبي هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم "ما بين النفختين أربعون" قالوا: يا أبا هريرة : أربعون يوما؟ قال رضي الله عنه : أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قالوا أربعون شهرا؟ قال: أبيت، ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق"..
٤ - لاط الحوض بالطين لوطا : طينه، ن : اللسان : ٧/٣٩٤..
٥ - خرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقائق، الباب : ٤٠. ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن : ح: ١١٦-١٤٠. وأحمد بن حنبل في مسنده : ٢/١٦٦..
٦ - ن : تفسير الطبري : ٢٤/٣١..
٧ - ن : البعث والنشور : ٣٢٥ وما بعدها..
٨ - هو أبو عبد الرحمان بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي، مفسر(ت: ٦٧١ هج) من مصنفاته :"الجامع لأحكام القرآن" و"التذكار في فضل الأذكار" و"شرح أسماء الله الحسنى" وغيرها. ن : شذرات الذهب : ٥/٣٣٥ وشجرة النور : ١٩٧..
٩ - ن : التذكرة : ١/٢٣١ وما بعدها..
١٠ - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"سألت جبريل عليه السلام عن هذه الآية :﴿ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله﴾ من الذين لم يشأ الله تعالى أن يصعقهم؟ قال هم الشهداء يتقلدون أسيافهم حول عرشه...". ن : تفسير ابن كثير : ٤/٩٧..
١١ - سورة القصص: ٨٨..
Icon