تفسير سورة يوسف

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة يوسف من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿عُصْبَةٌ﴾ قَالَ جُمْهُورُ اللُّغَوِيُّونَ: تُطْلَقُ العُصْبَةُ عَلَى الجماعةِ مِنْ عَشَرَةٍ إلى أربعينَ، وعن «ابن عباس» أنها من ثلاثة إلى عَشَرَةٍ، وَذَهَبَ إليه بَعْضُ أهلِ اللغةِ.
﴿يَخْلُ﴾ أي: يَخْلُصُ وَيَصْفُو لكم حُبُّ أبيكم فَيُقْبِلُ عَلَيْكُمْ.
﴿غَيَابَةِ الجُبِّ﴾ أَلْقَوْهُ فِي أَسْفَلِ الجُبِّ وَظُلْمَتِهِ التي تُغَيِّبُهُ عن الناظرينَ، وَالْغَيَابَةُ: كُلّ موضعٍ سَتَرَ شيئًا وَغَيَّبَهُ عن النَّظَرِ، والجُبُّ: البِئْرُ الكبيرةُ غيرُ المَطْوِيَّةِ، سُمِّيَ بذلك لأنه جُبَّ أي: قُطِعَ وَلَمْ يُطْوَ.
﴿السَّيَّارَةِ﴾ أي: يأخذه بعضُ المُسَافِرِينَ فيذهبُ به إلى ناحيةٍ أُخْرَى فتستريحون منه، والالتقاطُ: أَخْذُ الشَّيْءِ من الطريق، أو من حيث لا يَحْتَسِبُ، وَالسَّيَّارَةُ: الجَمْعُ الَّذِينَ يَسِيرُونَ في الطريقِ للسَّفَرِ.
﴿يَرْتَعْ﴾ يَتَّسِعُ في أَكْلِ الفواكهِ وغيرِها، والرَّتْعُ: هُوَ الاتِّسَاعُ في الملاذ، يقال: رَتَعَ فُلَانٌ في مَالِهِ إذا أَنْفَقَهُ في شَهَوَاتِهِ.
﴿شَرَوْهُ﴾ بَاعُوهُ.
﴿بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ قَلِيلٌ نَاقِصٌ، وَقِيلَ: حَرَامٌ، وَقِيلَ: ظُلْمٌ.
﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ لَمْ تَصِلْ إلى حَدِّ الوَزْنِ، وهي بيانٌ للثمن البَخْسِ؛ لأن مِنْ عادتهم أنه إذا بَلَغَتِ الدراهمُ أَرْبَعِينَ وَزَنُوهَا وَزْنًا، وإذا كانت أَقَلَّ من ذلك عَدُّوهَا عَدًّا، فمعنى هذا: أن يوسفَ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا.
﴿الزَّاهِدِينَ﴾ الرَّاغِبِينَ عنه الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الخَلَاصَ مِنْهُ، والزَّهْدُ فِي الشيءِ: قِلَّةُ الرَّغْبَةِ فِيهِ.
﴿رَاوَدَتْهُ﴾ أَصْلُ المُرَاوَدَةِ: الإرادةُ وَالطَّلَبُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، والمعنى أن امرأةَ العزيزِ طَلَبَتْ مِنْ يُوسُفَ الفِعْلَ القَبِيحَ، وَدَعَتْهُ إلى نَفْسِهَا لِيُوَاقِعَهَا.
﴿فَتَاهَا﴾ الْفَتَى هُوَ الَّذِي في سِنِّ الشبابِ وَيُكْنَى بِهِ عن المملوكِ وعن الخادمِ كما يُكْنَى بالغلامِ والجاريةِ وهو المرادُ هنا، والعربُ تُسَمِّي المملوكَ فتًى ولو شَيْخًا.
﴿أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ أَمِلْ إليهن، يقال: صَبَا فلانٌ إلى كذا إذا مَالَ إليه.
﴿عِجَافٌ﴾ جمع عَجْفَاءَ وهي البقرةُ الهزيلةُ.
﴿دَأَبًا﴾ مُتَتَابِعَةً مُتَتَالِيَةً.
﴿مَكِينٌ﴾ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ مَكُنَ -بضمِّ الكافِ- إذا صَارَ ذَا مَكَانَةٍ وهي المرتبةُ العظيمةُ، وهي مُشْتَقَّةٌ من المكان.
﴿نَمِيرُ أَهْلَنَا﴾ أي نَجْلِبُ لهم المِيرَةَ بِكَسْرِ الميمِ بَعْدَهَا ياءٌ سَاكِنَةٌ وهي الطعامُ يَجْلِبُهُ الإنسانُ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ، والِميرَةُ: الطَّعَامُ يَمْتَارُهُ الإنسانُ، وَالِميرَةُ جَلْبُ الطَّعَامِ، ويقال: مَارَ أَهْلَهُ يَمِيرُهُمْ مَيْرًا إذا حَمَلَ الطَّعَامَ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ.
﴿آوَى﴾ ضَمَّ إليه أَخَاهُ شَقِيقَهُ.
﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ﴾ لَا تَحْزَنْ.
﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ انْفَرَدُوا عن الناس وحدَهم وَخَلَا بعضُهم ببعضٍ يَتَنَاجَوْنَ وَيَتَشَاوَرُونَ سِرًّا.
﴿ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ﴾ فيه قَوْلَانِ: أحدُهما: أنه ضَعُفَ بَصَرُهُ لبياضٍ قَدْ حَصَلَ فيه من كثرةِ بُكَائِهِ، والقولُ الثاني: أنه ذَهَبَ بَصَرُهُ، وبه قال مجاهد.
﴿كَظِيمٌ﴾ مَغْمُومٌ مَكْرُوبٌ كَاظِمٌ لِلْحُزْنِ لَا يُظْهِرُهُ بَيْنَ الناسِ.
﴿تَفْتَأُ﴾ أي: لَا تَفْتَأُ، يعني: لا تَزَالُ تذكرُ يوسفَ، ولا تَفْتُرُ عن حُبِّهِ.
﴿حَرَضًا﴾ أي: تَالِفًا، والحَرَضُ: فَسَادٌ في العقلِ والجسمِ من شدةِ الحُزْنِ.
﴿بَثِّي﴾ قال «ابْنُ قُتَيْبَةَ»: البَثُّ أَشَدُّ الحُزْنِ، وذلك لأن الإنسانَ إذا سَتَرَ الحزنَ وَكَتَمَهُ كان همًّا، فإذا ذكره لغيره كان بثًّا، فَالْبَثّ: أَشَدُّ الحُزْنِ، والحُزْنُ: الهَمُّ، والمعنى: إنما أَشْكُو حُزْنِي العظيمَ وَحُزْنِي القليلَ إلى اللهِ لا إليكم ولا إلى غيرِكم، فَخَلّونِي وَشِكَايَتِي.
﴿فَتَحَسَّسُوا﴾ اطْلُبُوا خَبَرَهُمَا، والتَّحَسُّسُ: طَلَبُ الشيءِ بالحواسِّ.
﴿مُزْجَاةٍ﴾ مَرْفُوضَةٌ لِقِلَّتِهَا، أو رَدَاءَتِهَا وَكَسَادِهَا.
﴿لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ التَّثْرِيبُ: التَّعْيِيرُ والتَّوْبِيخُ، أي: لا تَعْيِيرَ ولا تَوْبِيخَ ولا لَوْمَ عليكم اليومَ، وكأنه قال: لئن كان هذا اليوم هُوَ يومُ التثريبِ والتقريعِ والتوبيخِ، فأنا لا أُقَرِّعُكُمْ وَلَا أُوَبِّخُكُمْ.
﴿لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ﴾ أي: لَوْلَا أَنْ تَنْسِبُونِي إلى ضَعْفِ العَقْلِ وَفَسَادِ الرَّأْيِ لَصَدَّقْتُمُونِي أني أَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ، وَأَصْلُ التَّفْنِيدِ: مِنَ الفَنَدِ، وهو ضَعْفُ الرَّأْيِ.
﴿نَزغَ﴾ أَفْسَدَ مَا بَيْنَنَا بسببِ الحسدِ، وَأَصْلُ النَّزْغِ: الدُّخُولُ فِي أَمْرٍ لِإِفْسَادِهِ.
﴿غَاشِيَةٌ﴾ عُقُوبَةٌ تَغْشَاهُمْ.
107
سُورة الرَّعْدِ
Icon