تفسير سورة الكهف

تفسير ابن أبي حاتم
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم .
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

سورة الكهف
١٨
قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَاب
١٢٦٩٣ - مِنْ طَرِيق عَلِيٍّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما قَالَ: أنزل الْكِتَاب عدلا قيمًا ولم يجعل لَهُ عوجًا ملتسا
١٢٦٩٤ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَالَ: هَذَا مِنَ التقديم والتأخير، أنزل عَلَى عبده الْكِتَاب قيمًا ولم يجعل لَهُ عوجًا «١».
قوله: لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا
١٢٦٩٥ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا قَالَ: عذاباً شديداً «٢».
قوله: مِنْ لَدُنْهُ.
١٢٦٩٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْهُ أي مِنْ عنده «٣».
قوله: يبشر الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا
١٢٦٩٧ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا يَعْنِي: الْجَنَّة. وفي قوله: وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا قَالَ: هم اليهود والنصارى «٤».
قوله: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ
١٢٦٩٨ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ يَقُولُ: قاتل نفسك «٥».
قوله: أَسِفًا
١٢٦٩٩ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَسِفًا قَالَ: جزعا.
١٢٧٠٠ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنَّ لَمْ يُؤْمِنُوا بهذا الحديث أسفا
(١). الدر ٥/ ٣٥٩- ٣٦٠
(٢). الدر ٥/ ٣٥٩- ٣٦٠
(٣). الدر ٥/ ٣٥٩- ٣٦٠
(٤). الدر ٥/ ٣٥٩- ٣٦٠
(٥). الدر ٥/ ٣٥٩- ٣٦٠
قوله :﴿ لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا ﴾ آية ٢
عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا ﴾، قَالَ : عذاباً شديداً ". قوله :﴿ مِنْ لَدُنْهُ ﴾
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ مِنْ لَدُنْهُ ﴾ أي : مِنْ عنده ".
قوله :﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾
عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾، يَعْنِي : الْجَنَّة.
وفي قوله :﴿ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾، قَالَ : هم اليهود والنصارى ".
قوله :﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾ آية ٦
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾، يَقُولُ : قاتل نفسك ". قوله :﴿ أَسِفًا ﴾
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَسِفًا ﴾، قَالَ : جزعا ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيث أَسَفًا ﴾، قَالَ : حزنا عَلَيْهِمْ، نهى الله نبيه أن يأسف عَلَى الناس في ذنوبهم ".
قَالَ: حزنا عَلَيْهِمْ، نهى الله نبيه إِنَّ يأسف عَلَى الناس في ذنوبهم «١».
قوله: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْض زِينَةً لَهَا
١٢٧٠١ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زينة لها قال:
ما عليها من شيء.
١٢٧٠٢ - عن سعيد بن جبير في
قوله: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا قَالَ الرجال «٢».
١٢٧٠٣ - عَنِ الحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْض زِينَةً لَهَا قَالَ:
هم الرجال العباد العمال لله بالطاعة «٣».
قوله: لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا
١٢٧٠٤ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآية لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا فقلت: مَا معنى ذَلِكَ يا رَسُول الله؟ قَالَ:
«ليبلوكم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا وَأْورَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وأسرعكم في طاعة الله» «٤».
١٢٧٠٥ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: لِنَبْلُوَهُمْ قَالَ لنختبرهم أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا قَالَ: أيهم أتم عقلًا «٥».
١٢٧٠٦ - عَنِ الحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا قَالَ: أشدهم للدنيا تركًا «٦».
١٢٧٠٧ - عَنْ سُفْيَانَ الثوري فِي قَوْلِهِ: لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا قَالَ:
أزهدهم في الدُّنْيَا «٧».
قوله: صَعِيدًا جُرُزًا
١٢٧٠٨ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: صَعِيدًا جُرُزًا قَالَ: الصعيد: التراب.
والجرز: التي ليس فيها زرع «٨».
(١). الدر ٥/ ٣٥٩- ٣٦٠
(٢). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٣). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٤). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٥). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٦). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٧). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١. [.....]
(٨). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
قوله :﴿ صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ آية ٨
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ صَعِيدًا جُرُزًا ﴾، قَالَ : الصعيد : التراب، والجرز : التي ليس فيها زرع ".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ جُرُزًا ﴾، قَالَ : يَعْنِي بالجرز : الخراب ".
١٢٧٠٩ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: جُرُزًا قال: يعني بالجرز:
الخراب «١»
قوله: الْكَهْفِ
١٢٧١٠ - عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ الْكَهْفِ هُوَ غار في الوادي «٢».
قوله: الرَّقِيمِ
١٢٧١١ - مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الرَّقِيمِ الْكِتَاب «٣».
١٢٧١٢ - مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرَّقِيمِ واد دون فلسطين قريب مِنَ أيلة «٤».
١٢٧١٣ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ الرَّقِيمِ لوح مِنْ حجارة، كتبوا فيه أصحاب الكهف وأمرهم، ثُمَّ وضع عَلَى باب الكهف «٥».
١٢٧١٤ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: الرَّقِيمِ حين رقمت أسماؤهم في الصخرة، كتب الملك فيها أسماءهم وكتب أنهم هلكوا في زمان كذا وكذا في ملك ريبوس، ثُمَّ ضربها في سور المدينة عَلَى الباب، فكان مِنْ دَخَلَ أو خرج قرأها. فذلك قوله: أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ «٦».
١٢٧١٥ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا أدري مَا الرقيم وسألت كعبًا فقال: اسم القرية التي خرجوا منها «٧».
١٢٧١٦ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَمْ حَسِبْتَ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنَ ايَاتِنَا يَقُولُ: الّذِي آتيتك مِنَ العلم والسنة والكتاب، أفضل مِنْ شأن أصحاب الكهف والرقيم «٨».
١٢٧١٧ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَمْ حَسِبْتَ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنَ ايَاتِنَا عَجَبًا كانوا بقولهم أعجب آياتنا، ليسوا بأعجب آياتنا «٩».
(١). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٢). الدر ٥/ ٣٦٠- ٣٦١.
(٣). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
(٤). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
(٥). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
(٦). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
(٧). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
(٨). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
(٩). الدر ٣٦٢- ٣٦٣.
2346
١٢٧١٨ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنَ ايَاتِنَا عَجَبًا قَالَ: لَيْسُوا بأعجب آياتنا، كانوا مِنَ أبناء الملوك «١».
١٢٧١٩ - عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحدث عَنِ أصحاب الرقيم: «إِنَّ ثلاثة نفر دخلوا إِلَى الكهف، فوقع مِنَ الجبل حجر عَلَى الكهف فأوصد عَلَيْهِمْ، فقال قائل منهم: تذكروا أيكم عمل حسنة لعل الله إِنَّ يرحمنا. فقال أحدهم: نعم، قد عملت حسنة مرة... أنه كَانَ لي عمال استأجرتهم في عمل لي، كُلّ رجل منهم بأجر معلوم. فجاءني رجل ذات يَوْم وذلك في شطر النهار فاستأجرته بقدر مَا بقي مِنَ النهار بشطر أصحابه الذين يعملون بقية نهارهم ذَلِكَ، كُلّ رجل منهم نهاره كُلّهُ. فرأيت مِنَ الحق إِنَّ لا أنقصه شيئًا مما استأجرت عليه أصحابه. فقال رجل منهم: يعطى هَذَا مثل مَا يعطيني ولم يعمل إلا نِصْف نهاره!! فقلت لَهُ: إني لا أبخسك شيئًا مِنْ شرطك، وإنما هُوَ مالي أحكم فيه بما شئت. فغضب وترك أجره، فلما رأيت ذَلِكَ عزلت حقه في جانب البيت مَا شاء الله، ثُمَّ مر بي بعد ذَلِكَ بقر فاشتريت لَهُ فصيلًا مِنَ البقر حتى بلغ مَا شاء الله، ثُمَّ مر بي الرجل بعد حين وهو شيخ ضعيف وأنا لا أعرفه، فقال لي: إِنَّ لي عندك حقًا. فلم أذكره حتى عرفني ذَلِكَ، فقلت لَهُ: نعم... إياك أبغي.
فعرضت عليه مَا قد أخرج الله لَهُ مِنْ ذَلِكَ الفصيل مِنَ البقر، فقلت لَهُ: هَذَا حقك مِنَ البقر. فقال لي: يا عَبْد الله، لا تسخر بي... إِنَّ لا تتصدق علي أعطني حقي. فقلت: والله مَا أسخر منك، إِنَّ هَذَا لحقك. فدفعته إليه، اللهم فإن كنت تعلم أني قد كنت صادقًا وأني فعلت ذَلِكَ لوجهك فافرج عنا هَذَا الحجر. فانصدع حتى رأوا الضوء وأبصروا «٢»
.
وَقَالَ الآخر: قد عملت حسنة مرة، وذلك أنه كَانَ عندي فضل فأصاب الناس شدة فجاءتني امرأة فطلبت مني معروفًا، فقلت: لا والله، مَا هُوَ دون نفسك.
فأبت علي ثُمَّ رجعت فذكرتني بالله، فأبيت عليها وقلت: لا والله، مَا هُوَ دون نفسك. فأبت علي ثُمَّ رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت: لا والله ما هو دون نفسك. فأبت علي فذكرت ذَلِكَ لزوجها فقال: أعطيه نفسك وأغني عيالك.
(١). الدر ٥/ ٣٦٢- ٣٦٣.
(٢). الدر ٥/ ٣٦٣.
2347
فلما رأت ذَلِكَ سمحت بنفسها، فلما هممت بها قالت: إني أخاف الله رب العالمين. فقلت لها: تخافين الله في الشدة ولم أخفه في الرخاء؟ فأعطيتها مَا استغنت هي وعيالها. اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذَلِكَ لوجهك فافرج عنا هَذَا الحجر، فانصدع الحجر حتى رأوا الضوء وأيقنوا الفرج.
ثُمَّ قَالَ الثالث: قد عملت حسنة مرة، كَانَ لي أبوان شيخان كبيران قد بلغهما الكبر، وكانت غنم فكنت أرعاها... وأختلف فيما بين غنمي وبين أبوي أطعمهما وأشبعهما وأرجع إِلَى غنمي، فلما كَانَ ذات يَوْم أصابني غيث شديد فحبسني فلم أرجع إلا مؤخرًا، فأتيت أهلي فلم أدخل منزلي حتى حلبت غنمي، ثم مضيت إلى أبوي أسقيهما فوجدتهما قد ناما، فشق علي إِنَّ أوقظهما وشق علي إِنَّ أترك غنمي، فلم أبرح جالسًا ومحلبي علي يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما، اللهم إِنَّ كنت تعلم أني فعلت ذَلِكَ لوجهك فافرج عنا هَذَا الحجر. ففرج الله عنهم وخرجوا إِلَى أهليهم راجعين «١».
١٢٧٢٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: غزونا مع مَعَاوِية غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الّذِي فيه أصحاب الكهف الّذِي ذكر الله في القرآن، فقال مَعَاوِية: لو كشف لنا عَنْ هؤلاء فنظرنا إِلَيْهِمْ! فقال لَهُ ابن عباس: ليس ذَلِكَ لك، قد منع الله ذَلِكَ عمن هُوَ خير منك. فقال: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا فقال مَعَاوِية: لا أنتهي حتي أعلم علمهم. فبعث رجالًا فقال: اذهبوا فادخلوا الكهف فانظروا. فذهبوا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عَلَيْهِمْ ريحًا فأخرجتهم. فبلغ ذَلِكَ ابن عباس فأنشأ يحدث عنهم فقال: إنهم كانوا في مملكة ملك مِنَ الجبابرة يعبد الأوثان، وقد أجبر الناس عَلَى عبادتها، وكان هؤلاء الفتية في المدينة، فلما رأوا ذَلِكَ خرجوا مِنْ تلك المدينة فجمعهم الله عَلَى غير ميعاد، فجعل بعضهم يَقُولُ لبعض: أين تريدون؟ أين تذهبون!؟ فجعل بعضهم يخفي عَلَى بعض لأنه لا يدري هَذَا عَلَى مَا خرج هَذَا، ولا يدري هَذَا. فأخذوا العهود والمواثيق إِنَّ يخبر بعضهم بعضًا، فإن اجتمعوا عَلَى شيء وإلا كتم بعضهم بعضًا.
فاجتمعوا عَلَى كلمة واحدة فَقَالُوا رَبُّنَا رب السماوات وَالأَرْضِ.... إِلَى قَوْلِهِ:
مِرْفَقًا قَالَ: فقعدوا فجاء أهلهم يطلبونهم لا يدرون أين ذهبوا، فرفع أمرهم
(١). الدر ٥/ ٣٦٦.
2348
إِلَى الملك فقال: ليكونن لهؤلاء القوم بعد اليوم شأن... ناس خرجوا لا يدرى أين ذهبوا في غير خيانة ولا شيء يعرف... !! فدعا بلوح مِنْ رصاص فكتب فيه أسماءهم ثُمَّ طرح في خزانته. فذلك قول الله أَمْ حَسِبْتَ إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ والرقيم، هُوَ اللوح الّذِي كتبوا. فانطلقوا حتى دخلوا الكهف فضرب الله عَلَى آذانهم فقاموا. فلو إِنَّ الشمس تطلع عَلَيْهِمْ لأحرقتهم، ولولا أنهم يقلبون لأكلتهم الأَرْض. ذَلِكَ قول الله: وَتَرَى الشمس... الآية. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الملك ذهب وجاء ملك آخر فعبد الله وترك تلك الأوثان، وعدل في الناس، فبعثهم الله لما يريد، قال قائل منهم كم لبثتم فقال بعضهم: يوما. وقال بعضهم يومين. وقال بعضهم: أكثر من ذلك. فقال كبيرهم: لا تختلفوا، فإنه لَمْ يختلف قوم قط إلا هلكوا، فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إِلَى المدينة. فرأي شارة أنكرها ورأى بنيانا أنكره، ثُمَّ دنا إِلَى خباز فرمى إليه بدرهم وكانت دراهمهم كخفاف الربع- يَعْنِي ولد الناقة- فأنكر الخباز الدرهم فقال: مِنَ أين لك هَذَا الدرهم؟ لقد وجدت كنزًا لتدلني عليه أو لأرفعنك إِلَى الأمير. فقال: أو تخوفني بالأمير؟ وأتى الدهقان الأمير، قَالَ: مِنَ أبوك؟ قَالَ: فلان. فلم يعرفه. قَالَ:
فمن الملك؟ قَالَ: فلان. فلم يعرفه، فاجتمع عَلَيْهِمْ الناس فرفع إِلَى عالمهم فسأله فأخبره فقال: علي باللوح، فجيء به فسمى أصحابه فلانًا وفلانًا. وهم مكتوبون في اللوح، فقال للناس: إِنَّ الله قد دلكم عَلَى إخوانكم. وانطلقوا وركبوا حتى أتوا إِلَى الكهف، فلما دنوا مِنَ الكهف قَالَ الفتى: مكانكم أنتم حتى أدخل أنا عَلَى أصحابي، ولا تهجموا فيفزعون منكم وهم لا يعلمون إِنَّ الله قد أقبل بكم وتاب عليكم. فقالوا: لتخرجن علينا قَالَ: نعم إِنَّ شاء الله. فدخل فلم يدروا أين ذهب، وعمي عَلَيْهِمْ فطلبوا وحرضوا فلم يقدروا عَلَى الدخول عَلَيْهِمْ فقالوا لنتخذن عَلَيْهِمْ مسجدًا فاتخذوا عَلَيْهِمْ مسجدًا فجعلوا يصلون عَلَيْهِمْ ويستغفرون لَهُمْ.
١٢٧٢١ - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أصحاب الكهف أبناء ملوك، رزقهم الله الإسلام فتعوذوا بدينهم واعتزلوا قومهم حتى انتهوا إِلَى الكهف، فضرب الله عَلَى صماخاتهم فلبثوا دهرًا طويلًا حتى هلكت أمتهم، وجاءت أمة مسلمة وكان ملكهم مسلمًا، واختلفوا في الروح والجسد فقال قائل: يبعث الروح والجسد
2349
جميعا. وَقَالَ قائل: يبعث الروح وأما الجسد فتأكله الأَرْض فلا يكون شيئًا، فشق عَلَى ملكهم اختلافهم فانطلق فلبس المسوح وجلس عَلَى الرماد، ثُمَّ دعا الله فقال:
أي رب، قد ترى اختلاف هؤلاء فابعث لَهُمْ آية تبين لَهُمْ، فبعث الله أصحاب الكهف، فبعثوا أحدهم ليشتري لَهُمْ طعامًا فدخل السوق، فلما نظر جعل ينكر الوجوه ويعرف الطرق، ورأى الإِيمَان ظاهرًا بالمدينة. فانطلق وهو مستخف حتى أتى رَجُلاً يشتري منه طعامًا، فلما نظر الرجل إِلَى الورق أنكرها. حسبت أنه قَالَ كأنها أخفاف الرَّبِيعِ- يَعْنِي الإبل الصغار- فقال الفتى: أليس ملككم فلان؟ قَالَ الرجل: بل ملكنا فلان. فلم يزل ذَلِكَ بينهما حتى رفعه إِلَى الملك، فنادى في الناس فجمعهم فقال: إنكم اختلفتم في الروح والجسد وإن الله قد بعث لكم آية، فهذا الرجل مِنْ قوم فلان- يَعْنِي ملكهم الّذِي قبله- فقال الفتى: انطلقوا بي إِلَى أصحابي. فركب الملك وركب معه الناس حتى انتهى إِلَى الكهف، فقال الفتى:
دعوني أدخل إِلَى أصحابي. فلما أبصروه وأبصرهم ضرب عَلَى آذانهم، فلما استبطئوه دَخَلَ الملك ودخل الناس معه، فإذا أجساد لا يبلى منها شيء غير أنها لا أرواح فيها. فقال الملك: هذه آية بعثها الله لكم، فغزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة فمروا بالكهف فإذا فيه عظام، فقال رجل: هذه عظام أَهْل الكهف. فقال ابن عباس: ذهبت عظامهم أكثر من ثلاثمائة سنة «١».
قوله: أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا
١٢٧٢٢ - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: أَيُّ الْحِزْبَيْنِ قَالَ: مِنْ قوم الفتية أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا قَالَ: عددا «٢».
١٢٧٢٣ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا يَقُولُ: مَا كَانَ لواحد مِنَ الفريقين علم، لا لكفارهم ولا لمؤمنهم «٣».
قوله: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ
١٢٧٢٤ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: مَا بعث الله نبيًا إلا وهو شاب، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب وقرأ: قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لفتاه، إنهم فتية آمنوا بربهم «٤».
(١). الدر ٥/ ٣٦٥- ٣٧٠. [.....]
(٢). الدر ٥/ ٣٦٥- ٣٧٠.
(٣). الدر ٥/ ٣٦٥- ٣٧٠.
(٤). الدر ٥/ ٣٦٥- ٣٧٠.
قوله تَعَالَى :﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ﴾ آية ١٣
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : " مَا بعث الله نبياً، إلا وهو شاب، ولا أوتي العلم عالم، إلا وهو شاب، وقرأ :﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾، ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ ﴾، ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ﴾ ".
قوله :﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾
عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ قَالَ : إخلاصاً ".
قوله: وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
١٢٧٢٥ - عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس فِي
قَوْلِهِ: وَزِدْنَاهُمْ هُدًى قَالَ: إخلاصاً «٩».
قوله: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ
١٢٧٢٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ قَالَ: بالإيمان. وفي قوله: لَقَدْ قُلْنَا إِذَا شَطَطًا قَالَ: كذبا «١».
قوله: لَقَدْ قُلْنَا إِذَا شَطَطًا
١٢٧٢٧ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ قُلْنَا إِذَا شَطَطًا قَالَ: جورا «٢».
١٢٧٢٨ - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآية قَالَ: الشطط: الخطأ مِنَ القول «٣».
قوله: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ
١٢٧٢٩ - عَنْ عطاء الخراساني فِي
قوله: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وما يعبدون إلا الله قَالَ: كَانَ قوم الفتية يعبدون الله ويعبدون معه آلهة شتى، فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة ولم تعتزل عبادة الله «٤».
١٢٧٣٠ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ قَالَ هي في مصحف ابن مسعود: وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فهذا تفسيرها «٥».
قوله: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ.
١٢٧٣١ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ قَالَ: كَانَ كهفهم بين جبلين «٦».
قوله: وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنَ امْرِكُمْ مِرْفَقًا.
١٢٧٣٢ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنَ امْرِكُمْ مِرْفَقًا يقول:
غذاء «٧».
قوله: تتزاور عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ
١٢٧٣٣ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تتزاور قَالَ تميل وفي قوله:
تَقْرِضُهُمْ قَالَ: تذرهم «٨».
(٩). الدر ٥/ ٣٦٥- ٣٧٠.
(١). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٢). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٣). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٤). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٥). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٦). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٧). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
(٨). الدر ٥/ ٣٧٠- ٣٧١.
قوله :﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ ﴾ آية ١٦
عَنْ عطاء الخراساني، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ ﴾، قَالَ : كَانَ قوم الفتية يعبدون الله ويعبدون معه آلهة شتى، فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة، ولم تعتزل عبادة الله ".
عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ ﴾، قَالَ : هي في مصحف ابن مسعود :﴿ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ فهذا تفسيرها ".
قوله :﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ﴾
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ﴾ قَالَ : كَانَ كهفهم بين جبلين ".
قَوْلهُ تَعَالَى :﴿ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنَ أمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾
عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنَ أمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾، يَقُولُ : غذاء ".
قوله :﴿ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ آية ١٧
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ تَزَاوَرُ ﴾ قَالَ : تميل، وفي قوله :﴿ تَقْرِضُهُمْ ﴾، قَالَ : تذرهم ".
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ تَقْرِضُهُمْ ﴾، قَالَ : تتركهم ﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ﴾ قَالَ : المكان الداخل ".
قوله :﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ﴾ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ﴾، قَالَ : يَعْنِي بالفجوة : الخلوة مِنَ الأَرْض، ويعني بالخلوة : الناحية مِنَ الأَرْض ".
١٢٧٣٣ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: تَقْرِضُهُمْ قَالَ تتركهم وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ قَالَ: المكان الداخل.
قوله: وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ.
١٢٧٣٤ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ قَالَ: يَعْنِي بالفجوة: الخلوة مِنَ الأَرْض. ويعني بالخلوة: الناحية مِنَ الأَرْض «١».
قوله: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ
١٢٧٣٥ - عَنْ قَتَادَة وَتَحْسَبُهُمْ يا مُحَمَّد أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ «٢».
قوله: وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ.
١٢٧٣٦ - يَقُولُ: في رقدتهم الأولى وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ قَالَ: وهذا التقليب في رقدتهم الأولى، كانوا يقلبون في كُلّ عام مرة «٣».
١٢٧٣٨ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ قَالَ: ستة أشهر عَلَى ذي الجنب، وستة أشهر عَلَى ذي الجنب «٤».
١٢٧٣٩ - عَنِ ابْنِ عياض فِي قَوْلِهِ: وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ قَالَ: في كُلّ عام مرتين «٥».
١٢٧٤٠ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَنُقَلِّبُهُمْ قَالَ: في التسع سنين ليس فيما سواه «٦».
قوله: وَكَلْبُهُمْ.
١٢٧٤١ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَلْبُهُمْ قَالَ: اسم كلبهم قطمور «٧».
١٢٧٤٢ - عَنِ الحَسَنِ قَالَ: اسم كلب أصحاب الكهف، قطمير.
١٢٧٤٣ - عَنِ ابْنِ جريج قَالَ: قلت لرجل مِنَ اهْل العلم: زعموا إِنَّ كلبهم كَانَ أسدًا، قَالَ: لعمر الله مَا كَانَ أسدًا، ولكنه كَانَ كلبًا أحمر خرجوا به مِنْ بيوتهم يقال لَهُ، قطمور.
١٢٧٤٣ - مِنْ طَرِيق سفيان قَالَ: قَالَ رجل بالكوفة يقال لَهُ: عبيد وكان لا يتهم بكذب قَالَ: رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء انبجاني «٨».
(١). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣.
(٢). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣. [.....]
(٣). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣.
(٤). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣.
(٥). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣.
(٦). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣.
(٧). ٥/ ٣٧٢- ٣٧٣.
(٨). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤.
قوله: بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
١٢٧٤٤ - عَنْ عَبْد الله بن حميد المكي فِي قَوْلِهِ: وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ قَالَ: جعل رزقه في لحس ذراعيه «١».
قوله: بِالْوَصِيدِ
١٢٧٤٥ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِالْوَصِيدِ قَالَ: بالفناء «٢».
١٢٧٤٦ - عَنْ عطية فِي قَوْلِهِ: بِالْوَصِيدِ قَالَ: بفناء باب الكهف «٣».
١٢٧٤٧ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: بِالْوَصِيدِ قَالَ: بالصعيد «٤».
قوله: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا.
١٢٧٤٨ - عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ لي صاحب شديد النفس، فمر بجانب كهفهم فقال: لا أنتهي حتى أنظر إِلَيْهِمْ، فقيل لَهُ: لا تفعل... أما تقرأ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا فأبى إلا إِنَّ ينظر، فأشرف عَلَيْهِمْ فابيضت عيناه وتغير شعره، وكان يخبر الناس بعد يَقُولُ: عدتهم سبعة «٥».
قوله: أَزْكَى طَعَامًا
١٢٧٤٩ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَزْكَى طَعَامًا قَالَ: أحل ذَبِيحَة، وكانوا يذبحون للطواغيت «٦».
وأخرج ابن أَبِي شيبة وابن المنذر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَزْكَى طَعَامًا يَعْنِي أطهر لأنهم كانوا يذبحون الخنازير «٧».
قوله: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ
١٢٧٥٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ قَالَ:
أطلعنا «٨».
١٢٧٥١ - عَنِ السُّدِّىِّ قَالَ: دعا الملك شيوخًا مِنْ قَوْمِهِ فسألهم عَنِ أمرهم فقالوا: كَانَ ملك يدعى دقيوس، وأن فتية فقدوا في زمانه، وأنه كتب أسماءهم في
(١). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٢). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٣). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٤). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٥). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٦). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٧). الدر ٥/ ٣٧٣- ٣٧٤
(٨). الدر ٥- ٣٧٥. [.....]
قوله :﴿ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ آية ٢١
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ قَالَ : أطلعنا ".
عَنِ السُّدِّىِّ، قَالَ :" دعا الملك شيوخاً مِنْ قَوْمِهِ فسألهم عَنِ أمرهم، فقالوا : كَانَ ملك يدعى دقيوس، وأن فتية فقدوا في زمانه، وأنه كتب أسماءهم في الصخرة التي كانت عَلَى باب بالمدينة، فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماؤهم، ففرح الملك فرحاً شديداً، وَقَالَ : هؤلاء قوم كانوا قد ماتوا فبعثوا، ففشا فيهم أنَّ الله يبعث الموتى، فذلك قوله :﴿ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا ﴾، فقال الملك : لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجداً، فلأعبدن الله فيه حتى أموت، فذلك قوله :﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾.
قوله :﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ ﴾ قَالَ : هم الأمراء، أو قَالَ : السلاطين ".
الصخرة التي كانت عَلَى باب بالمدينة. فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماؤهم، ففرح الملك فرحًا شديدًا وَقَالَ: هؤلاء قوم كانوا قد ماتوا فبعثوا، ففشا فيهم إِنَّ الله يبعث الموتى فذلك قوله: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا فقال الملك: لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجدًا، فلأعبدن الله فيه حتى أموت. فذلك قوله: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا «١» قوله: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ قَالَ: هم الأمراء، أو قال:
السلاطين «٢».
قوله: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ
١٢٧٥٢ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ قَالَ: اليهود وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ قَالَ: النصارى «٣».
قوله: رَجْمًا بِالْغَيْبِ.
١٢٧٥٣ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: رَجْمًا بِالْغَيْبِ قَالَ: قذفًا بالظن «٤».
قوله: مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ
١٢٧٥٤ - عَنْ أَبِي مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ قَالَ: أنا مِنَ القليل، كانوا سبعة «٥».
قوله: فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا
١٢٧٥٥ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا قَالَ: يَقُولُ:
إلا مَا أظهرنا لك مِنَ امرهم وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا قَالَ: يَقُولُ لا تسأل اليهود عَنِ أصحاب الكهف، إلا مَا قد أخبرناك مِنَ أمرهم.
١٢٧٥٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَلا تُمَارِ فِيهِمْ الآية. قال: حسبك ما قصصنا «٦» عليك
(١). الدر ٥/ ٣٧٥.
(٢). الدر ٥/ ٣٧٥.
(٣). الدر ٥/ ٣٧٥.
(٤). الدر ٥/ ٣٧٥.
(٥). الدر ٥/ ٣٧٥.
(٦). الدر ٥/ ٣٧٨- ٣٧٩
قوله: وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا
١٢٧٥٧ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي
قَوْلِهِ: وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا قَالَ:
اليهود، والله أعلم «١».
قوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ
١٢٧٥٨ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كَانَ يرى الاستثناء ولو بعد سنة، ثُمَّ قرأ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ قَالَ: إِذَا ذكرت «٢».
١٢٧٥٩ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: إِذَا نسيت إِنَّ تقول لشيء. إني أفعله، فنسيت إِنَّ تقول إِنَّ شاء الله، فقل إِذَا ذكرت: إِنَّ شاء الله «٣».
١٢٧٦٠ - مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن دِينَار، عَنْ عَطَاءِ أنه قَالَ: مِنْ حلف عَلَى يمين فله الثنيا حلب ناقة.
قَالَ: وكان طَاوُسٍ يَقُولُ: مادام في مجلسه «٤».
١٢٧٦١ - عَنِ إبراهيم قَالَ: يستثنى «مادام» في كلامه «٥».
١٢٧٦٢ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ قَالَ: إِذَا نسيت الاستثناء فاستثن إِذَا ذكرت. قَالَ: هي خاصة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس لأحدنا إِنَّ يستثني إلا في صلة يمينه «٦».
١٢٧٦٣ - عَنْ عكرمه فِي قَوْلِهِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ قَالَ: إِذَا غضبت «٧».
١٢٧٦٤ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الرجل ليفسر الآية يرى أنها كذلك، فيهوي أبعد مَا بين السَّمَاء والأرض، ثم تلا ولبثوا في كهفهم... الآية ثُمَّ قَالَ: كم لبث القوم؟ قالوا: ثلاثمائة وتسع سنين. قَالَ: لو كانوا لبثوا كذلك، لَمْ يقل الله قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ولكنه حكى مقالة القوم فقال: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: رَجْمًا بِالْغَيْبِ وأخبر أنهم لا يعلمون قَالَ سيقولون: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا.
(١). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
(٢). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
(٣). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
(٤). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
(٥). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
(٦). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
(٧). الدر ٣٧٨- ٣٧٩.
قوله: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ
١٢٧٦٥ - عَنْ قَتَادَة قَالَ في حرف ابْنِ مَسْعُودٍ وقالوا لبثوا في كهفهم الآية يَعْنِي إنما قاله الناس. ألا ترى أنه قَالَ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا «١».
١٢٧٦٦ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا قَالَ: هَذَا قول أَهْل الْكِتَاب، فرد الله عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا.
قوله: ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا
١٢٧٦٧ - عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: لما نَزَلَتْ هذه الآية فِي كَهْفِهِمْ ثلاث مائة قيل:
يا رسول الله، أيامًا، أم شهورًا، أم سنين؟ فأنزل الله سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا.
١٢٧٦٨ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا يَقُولُ: عدد مَا لبثوا «٢».
قوله: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
١٢٧٦٩ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ قَالَ: لا أحد أبصر مِنَ الله ولا أسمع تَبَارَكَ وَتَعَالَى «٣».
قوله: مُلْتَحَدًا
١٢٧٧٠ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي
قوله: ملتحدا قال: ملجأ «٤».
قوله: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يدعون ربهم
١٢٧٧١ - مِنْ طَرِيق عمر بن ذر، عَنْ أَبِيهِ: «أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى إِلَى نفر مِنَ أصحابه- منهم عَبْد الله بن رواحة- يذكرهم بالله، فلما رآه عَبْد الله سكت، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذكر أصحابك.
فقال: يا رَسُول الله، أنت أحق. فقال: أما إنكم الملأ الذين أمرني الله إِنَّ أصبر نفسي معهم، ثم تلا واصبر نفسك الآية.
(١). الدر ٥/ ٣٧٩- ٣٨١-[.....]
(٢). الدر ٥/ ٣٧٩- ٣٨١-
(٣). الدر ٥/ ٣٧٩- ٣٨١-
(٤). الدر ٥/ ٣٧٩- ٣٨١-
2356
١٢٧٧٢ - عَنْ نافع قَالَ: أخبرني عَبْد الله بن عمر في هذه الآية وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة «١».
١٢٧٧٣ - مِنْ طَرِيق عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي قَوْلِهِ: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ الآية. قَالَ: نَزَلَتْ في صلاة الصبح وصلاة العصر «٢».
١٢٧٧٤ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عدى بن الخيار في هذه الآية قَالَ: هم الذين يقرءون القرآن «٣».
قوله: وَلا تُطِعْ مِنَ اغْفَلْنَا قَلْبَهُ.
١٢٧٧٥ - عَنْ ابن بريدة قَالَ: دَخَلَ عيينة بن حصن عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْم حار وعنده سلمان عليه جبة مِنْ صوف، فثار منه ريح العرق في الصوف، فقال عيينة: يا مُحَمَّد، إِذَا نحن أتيناك فأخرج هَذَا وضرباءه مِنْ عندك لا يؤذونا فإذا خرجنا فأنت وهم أعلم. فأنزل الله وَلا تُطِعْ من أغفلنا قلبه الآية «٤».
١٢٧٧٦ - عَنْ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال لَهُ، فأنزل الله ولا تطع من أغفلنا قلبه الآية.
فرجع إِلَى أصحابه وخلى عَنِ أمية، فوجد سلمان يذكرهم فقال: «الحمد لله الّذِي لَمْ أفارق الدُّنْيَا حتى أراني أقواما مِنَ أمتي ممن أمرني إِنَّ أصبر نفسي معهم» «٥».
١٢٧٧٧ - مِنْ طَرِيق مغيرة، عَنِ إبراهيم فِي قَوْلِهِ: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ قَالَ: هم أَهْل الذكر «٦».
١٢٧٧٨ - عَنِ أَبِي جعفر في الآية قَالَ: أمر إِنَّ يصبر نفسه مع أصحابه يعلمهم القرآن «٧».
(١). الدر ٥/ ٣٨٢- ٣٨٣.
(٢). الدر ٥/ ٣٨٢- ٣٨٣.
(٣). الدر ٥/ ٣٨٢- ٣٨٣.
(٤). الدر ٥/ ٣٨٢- ٣٨٣.
(٥). الدر ٥/ ٣٨٢- ٣٨٣.
(٦). الدر ٥/ ٣٨٢- ٣٨٣.
(٧). - الدر ٣٨٣، ٣٨٤.
2357
ألا ترى أنه قَالَ :﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾ ".
عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾، قَالَ : هَذَا قول أَهْل الْكِتَاب، فرد الله عَلَيْهِمْ :﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾ ".
قوله :﴿ ثَلاثَمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾
عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ :" لما نَزَلَتْ هذه الآية :﴿ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثمِائَةٍ ﴾، قِيلَ : يا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أياماً، أم شهوراً، أم سنين ؟ فأنزل الله :﴿ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ ".
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ ثَلاثمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ يَقُولُ : عدد مَا لبثوا ".
قوله :﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾ آية ٢٦
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾، قَالَ : لا أحد أبصر مِنَ الله ولا أسمع تَبَارَكَ وَتَعَالَى ".
قوله :﴿ مُلْتَحَدًا ﴾ آية ٢٧
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ مُلْتَحَدًا ﴾، قَالَ : ملجأ ".
قوله :﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾ آية ٢٨
مِنْ طَرِيق عمر بن ذر، عَنْ أبيه : " أنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى إِلَى نفر مِنَ أصحابه -منهم عَبْد الله بن رواحة- يذكرهم بالله، فلما رآه عَبْد الله سكت، فقال لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذكر أصحابك، فقال : يا رَسُول الله، أنت أحق، فقال :" أما إنكم الملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم، ثُمَّ تلا :﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ﴾ " الآية.
عَنْ نافع، قَالَ : أخبرني عَبْد الله بن عمر في هذه الآية " ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾، أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة ".
مِنْ طَرِيق عمرو بن شُعَيْب، عَنْ أبيه، عَنْ جده، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ﴾، قَالَ : نَزَلَتْ في صلاة الصبح، وصلاة العصر ".
عَنْ عبيد الله بن عَبْد الله بن عدى بن الخيار، في هذه الآية، قَالَ :" هم الذين يقرأون القرآن ".
قوله :﴿ وَلا تُطِعْ مِنَ أغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾
عَنْ ابن بريدة، قَالَ :" دَخَلَ عيينة بن حصن عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يَوْم حار، وعنده سلمان عليه جبة مِنْ صوف، فثار منه ريح العرق في الصوف، فقال عيينة : يا مُحَمَّد، إِذَا نحن أتيناك فأخرج هَذَا وضرباءه مِنْ عندك، لا يؤذونا، فإذا خرجت، فأنت وهم أعلم، فأنزل الله :﴿ وَلا تُطِعْ مِنَ أغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾ ".
عَنْ الرَّبِيعِ، قَالَ : حَدَّثَنَا أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال لَهُ، فأنزل الله :﴿ وَلا تُطِعْ مِنَ أغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾ الآية.
فرجع إِلَى أصحابه وخلى عَنِ أمية، فوجد سلمان يذكرهم، فقال : " الحمد لله الّذِي لَمْ أفارق الدُّنْيَا حتى أراني أقواماً مِنَ أمتي ممن أمرني أن أصبر نفسي معهم ".
مِنْ طَرِيق مغيرة، عَنِ ابراهيم، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾، قَالَ : هم أَهْل الذكر ".
عَنِ أَبِي جعفر، في الآية، قَالَ : " أمر أن يصبر نفسه مع أصحابه يعلمهم القرآن ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾، قَالَ : يعبدون ربهم، وقوله :﴿ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾، يَقُولُ : لا تتعداهم إِلَى غيرهم ".
عَنِ أَبِي هاشم، في الآية، قَالَ :" كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام ".
قوله :﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾، قَالَ : ضياعاً ".
١٢٧٧٩ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ قَالَ: يعبدون ربهم. وقوله: وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ يَقُولُ: لا تتعداهم إِلَى غيرهم «١».
١٢٧٨٠ - عَنِ أَبِي هاشم في الآية قَالَ: كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام «٢».
قوله: وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
١٢٧٨١ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا قَالَ: ضياعًا «٣».
قوله: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ
١٢٧٨٢ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ قَالَ: الحق هُوَ القرآن «٤».
قوله: فَمَنْ شَاءَ فليؤمن ومن شاء فليكفر
١٢٧٨٣ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ يَقُولُ: مِنْ شاء الله لَهُ الإِيمَان آمن، ومن شاء الله له الكفر كفر، وهو قوله: وما تشاؤن إِلا إِنَّ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
١٢٧٨٤ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ قَالَ: هَذَا تهديد ووعيد «٥».
١٢٧٨٥ - عَنْ رباح بن زَيْدٍ قَالَ: سألت عمر بن حبيب عَنْ قوله: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ قَالَ: حَدَّثَنِي داود بن رافع إِنَّ مجاهدًا كَانَ يَقُولُ: فليس بمعجزي وعيد مِنَ الله «٦».
قوله: بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ
١٢٧٨٦ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ:
بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ، قَالَ: كعكر الزيت، فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه «٧».
١٢٧٨٧ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كالمهل يقول: أسود كعكر الزيت «٨».
(١). الدر ٥/ ٣٨٣- ٣٨٤.
(٢). الدر ٥/ ٣٨٣- ٣٨٤.
(٣). الدر ٥/ ٣٨٣- ٣٨٤.
(٤). الدر ٥/ ٣٨٣- ٣٨٤. [.....]
(٥). الدر ٥/ ٣٨٣- ٣٨٤.
(٦). الدر ٥/ ٣٨٣- ٣٨٤.
(٧). الدر ٥/ ٣٨٤- ٣٨٥.
(٨). الدر ٥/ ٣٨٤- ٣٨٥.
١٢٧٨٨ - عَنْ عطية قَالَ: سئل ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ المهل قَالَ: ماء غليظ كدردي الزيت «١».
١٢٧٨٩ - عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أنه سئل عَنِ المهل فدعا بذهب وفضة، فإذا به قلما ذاب. قَالَ: هَذَا أشبه شيء بالمهل الّذِي هُوَ شراب أَهْل النَّار، ولونه لون السَّمَاء، غير إِنَّ شراب أَهْل النَّار أشد حرًا مِنْ هَذَا «٢».
١٢٧٩٠ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: كَالْمُهْلِ قَالَ: القيح والدم أسود كعكر الزيت.
١٢٧٩١ - عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: كَالْمُهْلِ قَالَ: أسود، وهي سوداء وأهلها سود «٣».
قوله: وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا
١٢٧٩٢ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا قَالَ: مجتمعًا «٤».
١٢٧٩٣ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا قَالَ: منزلًا «٥».
١٢٧٩٤ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا قَالَ: عليها مرتفقون عَلَى الحميم حين يشربون، والارتفاق هُوَ المتكأ «٦».
قوله: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مِنَ احْسَنَ عَمَلا
١٢٧٩٥ - عَنِ المقبري قَالَ: بلغني إِنَّ عِيسَى بن مريم كَانَ يَقُولُ: يا ابن آدم، إِذَا عملت الحسنة فاله عنها، فإنها عند من لا يضيعها. ثُمَّ تلا: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مِنَ احْسَنَ عَمَلا وَإِذَا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك «٧».
١٢٧٩٦ - عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: الإستبرق، الديباج الغليظ، وهو بلغة العجم استبره «٨».
١٢٧٩٧ - عَنْ عَبْد الرحمن بن سابط قَالَ: يبعث الله إِلَى الْعَبْد مِنَ اهْل الْجَنَّة بالكسوة فتعجبه، فَيَقُولُ: لقد رأيت الجنان فَمَا رأيت مثل هذه الكسوة قط! فَيَقُولُ الرسول الّذِي جاء بالكسوة: إِنَّ ربك يأمر أن تهيئ لهذا الْعَبْد مثل هذه الكسوة مَا شاء «٩».
(١). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٢). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٣). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٤). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٥). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٦). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٧). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٨). الدر ٥/ ٣٨٥.
(٩). الدر ٥/ ٣٨٨.
١٢٧٩٨ - عَنْ كَعْبٍ قَالَ: لو إِنَّ ثوبًا مِنْ ثياب أَهْل الْجَنَّة نشر اليوم في الدُّنْيَا، لصعق مِنْ ينظر إليه وما حملته أبصارهم «١».
١٢٧٩٩ - عَنْ سليم بن عامر قَالَ:
إِنَّ الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من حلل اهْل الْجَنَّة فيضعها بين أصبعيه، فَمَا يرى منها شيء، وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي قدميه، يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبًا إِنَّ أدناها مثل شقيق النعمان، وأنه يلبس سبعين ثوبًا يكاد إِنَّ يتوارى، وما يستطيع أحد في الدُّنْيَا يلبس سبعة أثواب مَا يسعه عنقه «٢».
١٢٨٠٠ - عَنْ الهيثم بْنِ مَالِكٍ الطائي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة مَا يتحول عنه ولا يمله، يأتيه مَا اشتهت نفسه ولذت عينه» «٣».
١٢٨٠١ - عَنْ ثَابِت قَالَ: بلغنا إِنَّ الرجل يتكئ في الْجَنَّة سبعين سنة، عنده مِنَ أزواجه وخدمه وما أعطاه الله مِنَ الكرامة والنعيم، فإذا حانت منه نظرة، فإذا أزواج لَهُ لَمْ يكن يراهن مِنْ قبل ذَلِكَ فيقلن: قد إِنَّ لك إِنَّ تجعل لنا منك نصيبًا «٤».
١٢٨٠٢ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
الأرائك، السرر في جوف الحجال عليها الفرش منضود في السماء فرسخ «٥».
قوله: جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنَ اعْنَابٍ
١٢٨٠٣ - عَنِ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنَ اعْنَابٍ قَالَ: إِنَّ الْجَنَّة هي البستان، فكان لَهُ بستان وَاحِدٍ وجدار وَاحِدٍ، وكان بينهما نهر ولذلك كَانَ جنتين، فلذلك سماه جنة مِنْ قبل الجدار الّذِي يليها.
(١). الدر ٥/ ٣٩٠. [.....]
(٢). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٣). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٤). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٥). الدر ٥/ ٣٩٠.
قوله: آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا
١٢٨٠٤ - عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا قَالَ: لَمْ تنقص، كُلّ شجر الْجَنَّة أطعم «١».
قوله: وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا
١٢٨٠٥ - عَنِ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا يَقُولُ:
وسطهما «٢».
قوله: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ
١٢٨٠٦ - مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ يَقُولُ: مال «٣».
١٢٨٠٧ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قرأها ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ بالضم، يَعْنِي أنواع المال «٤».
١٢٨٠٨ - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ قَالَ: ذهب وفضة «٥».
١٢٨٠٩ - عَنْ بشير بن عبيد، أنه كَانَ قرأ: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ برفع الثاء، وَقَالَ: الثمر، المال والولدان والرقيق: والثمر: الفاكهة «٦».
١٢٨١٠ - عَنِ أَبِي يَزِيد المدني، أنه كَانَ يقرؤها وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ قَالَ: الأصل والثمر، الثمرة «٧».
(١). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٢). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٣). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٤). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٥). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٦). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٧). الدر ٥/ ٣٩٠.
قوله :﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ آية ٣٤
مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ يَقُولُ : مال ".
عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ : قرأها ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ بالضم، يَعْنِي : أنواع المال ".
عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ قَالَ : ذهب وفضة ".
عَنْ بشير بن عبيد، أنه كَانَ قرأ :" ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ برفع الثاء، وَقَالَ : الثمر، المال والولدان والرقيق، والثمر : الفاكهة ".
عَنِ أَبِي يَزِيد المدني، أنه كَانَ يقرؤها :" ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾، قَالَ : الأصل، والثمر، الثمرة ".
قوله: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
١٢٨١١ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ يَقُولُ كفور لنعمة ربه «١».
قوله: قَالَ مَا أَظُنُّ إِنَّ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا
١٢٨١٢ - عَنِ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: قَالَ مَا أَظُنُّ إِنَّ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا يَقُولُ: تهلك «٢» وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ كانت قائمة ثُمَّ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا.
١٢٨١٣ - عَنْ أسماء بنت عميس قالت: علمني رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقولهن عند الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئًا «٣».
قوله: مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ
ويتأول قول الله وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ.
١٢٨١٤ - عَنْ زياد بن سعد قَالَ: كَانَ ابن شهاب إِذَا دَخَلَ أمواله قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ويتأول قوله: ولولا إذ دخلت جنتك الآية «٤».
١٢٨١٥ - عَنْ مطرف قَالَ: كَانَ مالك إِذَا دَخَلَ بيته قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ قلت لمالك لَمْ: «٥» تقول هَذَا؟ قَالَ: ألا تسمع الله يَقُولُ: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ «٦».
١٢٨١٦ - عَنْ حفص بن ميسرة قَالَ: رأيت عَلَى باب وهب بن منبه مكتوبًا مَا شَاءَ اللَّهُ وذلك قول الله: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ «٧».
١٢٨١٧ - عَنْ عمر بن مرة قَالَ: إِنَّ مِنَ أفضل الدعاء قول الرجل مَا شَاءَ اللَّهُ «٨».
١٢٨١٨ - عَنِ إبراهيم بن أدهم قَالَ: مَا سأل رجل مسألة أنجح مِنَ انَّ يَقُولُ:
مَا شاء الله.
(١). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٢). الدر ٥/ ٣٩٠.
(٣). الدر ٥/ ٣٩١. [.....]
(٤). الدر ٥/ ٣٩١.
(٥). الدر ٥/ ٣٩١.
(٦). الدر ٥/ ٣٩١.
(٧). الدر ٥/ ٣٩١.
(٨). الدر ٥/ ٣٩١.
﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ ﴾، كانت قائمة ثُمَّ ﴿ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ ".
عَنْ أسماء بنت عميس، قالت : علمني رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقولهن عند الكرب : " الله الله ربي لا أشرك به شيئاً ".
قوله :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ﴾ ويتأول قول الله :﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ﴾ عَنْ زياد بن سعد، قَالَ : كَانَ ابن شهاب :" إِذَا دَخَلَ أمواله، قَالَ :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ﴾، ويتأول قوله :﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ ﴾ " الآية.
عَنْ مطرف، قَالَ : كَانَ مالك :" إِذَا دَخَلَ بيته، قَالَ :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾، قلت لمالك : لَمْ تقول هَذَا ؟ قَالَ : ألا تسمع الله يَقُولُ :﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ ".
عَنْ حفص بن ميسرة، قَالَ :" رأيت عَلَى باب وهب بن منبه مكتوباً :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾، وذلك قول الله :﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ ".
عَنْ عمر بن مرة، قَالَ :" إِنَّ مِنَ أفضل الدعاء قول الرجل :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ ".
عَنِ ابراهيم بن أدهم، قَالَ :" مَا سأل رجل مسألة أنجح مِنَ أن يَقُولُ :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ ".
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ :" مِنْ رآى شيئاً مِنْ ماله، فأعجبه، فقال :﴿ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ﴾، لَمْ يصب ذَلِكَ المال آفة أبداً، وقرأ :﴿ وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ ﴾ " الآية.
١٢٨١٩ - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مِنْ رأى شيئًا مِنْ ماله فأعجبه فقال مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ لَمْ يصب ذَلِكَ المال آفة أبدًا، وقرأ وَلَوْلا إذ دخلت جنتك الآية «١».
قوله: حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاء
١٢٨٢٠ - عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاء قَالَ: ناراً «٢».
قوله: فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا
١٢٨٢١ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاء قَالَ: عذاباً فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا أي قد حصد مَا فيها فلم يترك فيها شيء أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا أي ذاهبًا قد غار في الأَرْض «٣».
قوله: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ قَالَ: يصفق عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا متلهفًا عَلَى ما فاته.
١٢٨٢٢ - عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: صَعِيدًا زَلَقًا قَالَ: الصعيد الأملس، والزلق التي ليس فيها نبات وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ قَالَ: بثمر الجنتين فأهلكت فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ يَقُولُ: ندامة عليها وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ:
قلب أسفلها أعلاها «٤».
قوله: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ
١٢٨٢٣ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ قَالَ: عشيرة «٥».
١٢٨٢٤ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ تكن له فئة قال: عشيرة «٦».
(١). الدر ٥/ ٣٩١.
(٢). الدر ٥ ٣٩٤- ٣٩٥.
(٣). الدر ٥ ٣٩٤- ٣٩٥.
(٤). الدر ٥ ٣٩٤- ٣٩٥.
(٥). الدر ٥ ٣٩٤- ٣٩٥.
(٦). الدر ٥ ٣٩٤- ٣٩٥.
﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ﴾، أي ذاهباً قد غار في الأَرْض ".
قوله :﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ﴾ آية ٤٢. ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ﴾ قَالَ : يصفق ﴿ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ﴾ متلهفاً عَلَى ما فاته ".
عَنِ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :" ﴿ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ قَالَ : الصعيد الأملس، والزلق التي ليس فيها نبات ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ﴾، قَالَ : بثمر الجنتين فأهلكت ﴿ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ﴾ يَقُولُ : ندامة عليها ﴿ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ قَالَ : قلب أسفلها أعلاها ".
قوله :﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ ﴾ آية ٤٣
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ ﴾ قَالَ : عشيرة ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ ﴾ قَالَ : عشيرة ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ ﴾ أي جند يعينونه ﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴾ أي ممتنعا ".
قوله :﴿ الْوَلايَةُ ﴾ آية ٤٤
عَنْ مبشر بن عبيد، قَالَ :" ﴿ الْوَلايَةُ ﴾ لدين، والولاية مَا أتولى ".
١٢٨٢٥ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ أي جند يعينونه مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كان منتصرا أي ممتنعا «١».
قوله: الْوَلايَةُ
١٢٨٢٦ - عَنْ مبشر بن عبيد قَالَ: الْوَلايَةُ لدين والولاية مَا أتولى «٢».
قوله: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...
١٢٨٢٧ - عَنْ سُفْيَانَ الثوري قَالَ: كَانَ يقال إنما سمي المال، لأنه يميل بالناس، وإنما سميت الدُّنْيَا، لأنها دنت «٣».
١٢٨٢٨ - عَنْ عياض بن عقبة أنه مات لَهُ ابن يقال لَهُ يحيي، فلما نزل في قبره قَالَ لَهُ رجل: والله إِنَّ كَانَ لسيد الجيش فاحتسبه. فقال: وما يمنعني إِنَّ أحتسبه؟
وكان أمس مِنْ زينة الدُّنْيَا، وهو اليوم مِنَ الباقيات الصالحات «٤».
١٢٨٢٩ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: الْمَالُ وَالْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الآخِرَةِ، وقد يجمعهما الله لأقوام «٥».
قوله: وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ...
١٢٨٣٠ - عن أبي سعيد الخدري: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«استكثروا مِنَ الباقيات الصالحات» قِيلَ: وما هن يا رَسُول الله؟ قَالَ: «التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله» «٦».
١٢٨٣١ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خذوا جنتكم» قِيلَ: يا رَسُول الله، أمن عدو قد حضر قَالَ: لا. «بل جنتكم مِنَ النَّار قول سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أكبر، فإنهن يأتين يَوْم الْقِيَامَة مقدمات معقبات محسنات وهن الباقيات الصالحات» «٧».
١٢٨٣٢ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ والباقيات الصالحات قال: الكلام الطيب «٨».
(١). الدر ٥/ ٣٩٥.
(٢). الدر ٥/ ٣٩٥.
(٣). الدر ٣٩٦- ٣٩٩. [.....]
(٤). الدر ٣٩٦- ٣٩٩.
(٥). الدر ٣٩٦- ٣٩٩.
(٦). الدر ٣٩٦- ٣٩٩.
(٧). الدر ٣٩٦- ٣٩٩.
(٨). الدر ٣٩٦- ٣٩٩.
قوله :﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. . . . . . ﴾ آية ٤٦
عَنْ سُفْيَانَ الثوري، قَالَ : " كَانَ يقال إنما سمي المال، لأنه يميل بالناس، وإنما سميت الدُّنْيَا، لأنها دنت ".
عَنْ عياض بن عقبة، أنه مات لَهُ ابن يقال لَهُ يحيي، فلما نزل في قبره، قَالَ لَهُ رجل :" والله إِن كَانَ لسيد الجيش فاحتسبه، فقال : وما يمنعني أن أحتسبه ؟ وكان أمس مِنْ زينة الدُّنْيَا، وهو اليوم مِنَ الباقيات الصالحات ".
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ :" ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ ﴾ حرث الدُّنْيَا، والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعهما الله لأقوام ".
قوله :﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ. . . . . . ﴾
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ : أنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :
" استكثروا مِنَ الباقيات الصالحات " قِيلَ : وما هن يا رَسُول الله ؟ قَالَ : التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" خذوا جنتكم "، قِيلَ : يا رَسُول الله، أمن عدو قد حضر، قَالَ : لا، بل جنتكم مِنَ النَّار : قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا لله، والله أكبر، فإنهن يأتين يَوْم الْقِيَامَة مقدمات معقبات محسنات، وهن الباقيات الصالحات ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، " ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾، قَالَ : الكلام الطيب ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه قَالَ : فِي قَوْلِهِ :﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾، و ﴿ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾، الصلوات الخمس ".
عَنْ قَتَادَة، أنه سئل عَنْ : " الباقيات الصالحات " فقال : كُلّ مَا أريد به وجه الله ".
قوله :﴿ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا ﴾ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا ﴾، قَالَ : خير جزاء مِنْ جزاء المشركين ".
قوله :﴿ وَخَيْرٌ أَمَلا ﴾ عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَخَيْرٌ أَمَلا ﴾ قَالَ : إِنَّ لكل عامل أملا يؤمله، وأن المُؤْمِن مِنْ خير الناس أملاً ".
١٢٨٣٣ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِهِ والباقيات الصالحات والحسنات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ الصلوات الخمس «١».
١٢٨٣٤ - عَنْ قَتَادَة أنه سئل، عَنْ الباقيات الصالحات فقال: كُلّ مَا أريد به وجه الله.
قوله: خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا «٢»
١٢٨٣٥ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا قَالَ: خير جزاء مِنْ جزاء المشركين «٣».
قوله: وَخَيْرٌ أَمَلا
١٢٨٣٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَخَيْرٌ أَمَلا قَالَ: إِنَّ لكل عامل أملا يؤمله، وأن المُؤْمِن مِنْ خير الناس أملًا «٤».
قوله: وَتَرَى الأَرْض بَارِزَةً
١٢٨٣٧ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَتَرَى الأَرْض بَارِزَةً قَالَ: لا عمران فيها ولا علامة «٥».
١٢٨٣٨ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَتَرَى الأَرْض بَارِزَةً قَالَ: ليس عليها بناء ولا شجرة «٦».
١٢٨٣٩ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في الآية قَالَ: الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين، والكبيرة القهقهة بذلك «٧».
(١). الدر ٥/ ٣٩٨- ٣٩٩.
(٢). الدر ٥/ ٣٩٨- ٣٩٩.
(٣). الدر ٥/ ٤٠٠.
(٤). الدر ٥/ ٤٠٠.
(٥). الدر ٥/ ٤٠١
(٦). الدر ٥/ ٤٠١
(٧). الدر ٥/ ٤٠١
قوله: وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا
١٢٨٤٠ - عَنْ قَتَادَة فِي
قوله: وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا الآية. قَالَ: يشتكي القوم كما تسمعون. الإحصاء، ولم يشتك أحد ظلمًا، فإياكم والمحقرات مِنَ الذنوب، فإنها تجتمع عَلَى صاحبها حتى تهلكه «١».
١٢٨٤١ - عَنْ سُفْيَانَ الثوري في الآية. قَالَ: سئلوا حتى عَنِ التبسم، فقيل:
فيم تبسمت يَوْم كذا وكذا؟! «٢».
قوله: إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ
١٢٨٤٢ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ قَالَ: كَانَ مِنْ قبيل مِنَ الملائكة يقال لَهُمْ الجِنّ، وكان ابن عباس يَقُولُ: لو لَمْ يكن مِنَ الملائكة، لَمْ يؤمر بالسجود، وكان عَلَى خزانة السَّمَاء الدُّنْيَا «٣».
١٢٨٤٣ - عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قاتل الله أقواما يزعمون إِنَّ إبليس كَانَ مِنْ ملائكة الله، والله تَعَالَى يَقُولُ: كَانَ مِنَ الجِنّ «٤».
١٢٨٤٤ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: كَانَ مِنَ الجِنّ قَالَ: مِنْ خزنة الجنان.
١٢٨٤٥ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: كَانَ مِنَ الجِنّ قَالَ: هم حي مِنَ الملائكة لَمْ يزالوا يصوغون حلي أَهْل الْجَنَّة حتى تقوم الساعة «٥».
١٢٨٤٦ - عَنِ ابْنِ شهاب فِي قَوْلِهِ: إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ قَالَ: إبليس أبو الجِنّ، كما إِنَّ آدم أبو الإِنْس، وآدم مِنَ الإِنْس وهو أبوهم. وإبليس مِنَ الجِنّ وهو أبوهم، وقد تبين للناس ذَلِكَ حين قَالَ الله: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي
١٢٨٤٧ - عَنْ شهر بن حوشب قَالَ: كَانَ إبليس مِنَ الجِنّ الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إِلَى السَّمَاء «٦».
قوله: فَفَسَقَ عَنِ امْرِ رَبِّهِ
١٢٨٤٨ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَفَسَقَ عَنِ امْرِ ربه قال: في السجود لآدم «٧».
(١). الدر ٥/ ٤٠١
(٢). الدر ٥/ ٤٠١ [.....]
(٣). الدر ٥/ ٤٠٢
(٤). الدر ٥/ ٤٠٣.
(٥). الدر ٥/ ٤٠٣.
(٦). الدر ٥/ ٤٠٣.
(٧). الدر ٥/ ٤٠٣.
قوله :﴿ إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ ﴾ آية ٥٠
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ ﴾، قَالَ : كَانَ مِنْ قبيل مِنَ الملائكة يقال لَهُمْ الجِنّ "، وكان ابن عباس يَقُولُ : " لو لَمْ يكن مِنَ الملائكة، لَمْ يؤمر بالسجود، وكان عَلَى خزانة السَّمَاء الدُّنْيَا ".
عَنِ الحَسَنِ، قَالَ : " قاتل الله أقواماً يزعمون أنَّ إبليس كَانَ مِنْ ملائكة الله، والله تَعَالَى يَقُولُ :﴿ كَانَ مِنَ الجِنّ ﴾ ".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ كَانَ مِنَ الجِنّ ﴾ قَالَ : مِنْ خزنة الجنان ".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ كَانَ مِنَ الجِنّ ﴾، قَالَ : هم حي مِنَ الملائكة لَمْ يزالوا يصوغون حلي أَهْل الْجَنَّة حتى تقوم الساعة ".
عَنِ ابْنِ شهاب، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنّ ﴾، قَالَ : إبليس أبو الجِنّ، كما أنَّ آدم أبو الإِنْس، وآدم مِنَ الإِنْس وهو أبوهم، وإبليس مِنَ الجِنّ وهو أبوهم، وقد تبين للناس ذَلِكَ حين قَالَ الله :﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي ﴾ ".
عَنْ شهر بن حوشب، قَالَ : " كَانَ إبليس مِنَ الجِنّ الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إِلَى السَّمَاء ".
قوله :﴿ فَفَسَقَ عَنِ أمْرِ رَبِّهِ ﴾ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَفَسَقَ عَنِ أمْرِ رَبِّهِ ﴾، قَالَ : في السجود لآدم ".
قوله :﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ ﴾ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ ﴾، قَالَ : ولد إبليس خمسة : ثبر، والأعور، وزلنبور، ومسوط، وداسم، فمسوط صاحب الصخب، والأعور وداسم لا أدري مَا يفعلان، والثبر صاحب المصائب، وزلنبور الّذِي يفرق بين الناس، ويبصر الرجل عيوب أهله ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ ﴾ قَالَ : هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم، وهم أكثر عدداً ".
قوله :﴿ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا ﴾ عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا ﴾، قَالَ : بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تَعَالَى ".
قوله: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ
١٢٨٥٠ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي
قَوْلِهِ: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ قَالَ: ولد إبليس خمسة:
ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم، فمسوط صاحب الصخب، والأعور وداسم لا أدري مَا يفعلان، والثبر صاحب المصائب، وزلنبور الّذِي يفرق بين الناس، ويبصر الرجل عيوب أهله «١».
١٢٨٥١ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ قَالَ: هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عددًا «٢».
قوله: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا
١٢٨٥٢ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا قَالَ: بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى «٣».
قوله: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خلق السماوات وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ...
١٢٨٥٣ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قوله: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السماوات وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ قَالَ: يَقُولُ: مَا أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هَذَا وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ قَالَ: الشياطين عَضُدًا قَالَ: ولا اتخذتهم عضدا عَلَى شيء عضدوني عليه فأعانوني «٤».
قوله: وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا
١٢٨٥٤ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا قَالَ: أعواناً.
قوله: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا
١٢٨٥٥ - مِنْ طَرِيق عَلِيٍّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا يَقُولُ: مهلكًا «٥».
١٢٨٥٦ - عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا قَالَ: واد في جهنم مِنْ قيح ودم.
(١). الدر ٥/ ٤٠٣.
(٢). الدر ٥/ ٤٠٣.
(٣). الدر ٥/ ٤٠٤
(٤). الدر ٥/ ٤٠٤
(٥). الدر ٥/ ٤٠٤
قوله :﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴾ آية ٥٢
مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴾، يَقُولُ : مهلكاً ".
عَنْ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴾ قَالَ : واد في جهنم مِنْ قيح ودم ".
عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴾ قَالَ : هُوَ واد عميق في النَّار، فرق الله به يَوْم الْقِيَامَة بين أَهْل الهدى والضلالة ".
عَنْ عمرو البكالي، قَالَ : " الموبق الّذِي ذكر الله، واد في النَّار بعيد القعر يفرق به يَوْم الْقِيَامَة بين أَهْل الإسلام، وبين مِنْ سواهم مِنَ الناس ".
عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ مَوْبِقًا ﴾ قَالَ : هُوَ نهر في النَّار يسيل ناراً، عَلَى حافتيه حيات أمثال البغال الدهم، فإذا ثارت إِلَيْهِمْ لتأخذهم، استغاثوا بالإقتحام في النَّار منها ".
١٢٨٥٧ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا قَالَ: هُوَ واد عميق في النَّار، فرق الله به يَوْم الْقِيَامَة بين أَهْل الهدى والضلالة «١».
١٢٨٥٨ - عَنْ عمرو البكالي قَالَ: الموبق الّذِي ذكر الله، واد في النَّار بعيد القعر يفرق به يَوْم الْقِيَامَة بين أَهْل الإسلام، وبين مِنْ سواهم مِنَ الناس «٢».
١٢٨٥٩ - عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: مَوْبِقًا قَالَ: هُوَ نهر في النَّار يسيل نارًا، عَلَى حافتيه حيات أمثال البغال الدهم، فإذا ثارت إِلَيْهِمْ لتأخذهم، استغاثوا بالاقتحام في النَّار منها «٣».
قوله: فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا
١٢٨٦٠ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا قَالَ: علموا «٤».
قوله: وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا
١٢٨٦١ - عَنْ عَلَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طرقه وفاطمة ليلًا فقال: «ألا تصليان» فقلت: يا رَسُول الله، إنما أنفسنا بيد الله إِنَّ شاء إِنَّ يبعثنا بعثنا. وانصرف حين قلت ذَلِكَ ولم يرجع إلي شيئًا، ثُمَّ سمعته يضرب فخذه ويقول وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا «٥» «٦».
١٢٨٦٢ - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا قَالَ:
الجدل الخصومة، خصومة القوم لأنبيائهم، وردهم عَلَيْهِمْ مَا جاءوا به، وكل شيء في القرآن مِنْ ذكر الجدل، فهو مِنْ ذَلِكَ الوجه، فيما يخاصمونهم من دينهم، يردون عليهم ما جاءوا به، والله أعلم «٧».
قوله: إِلا إِنَّ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ
١٢٨٦٣ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ إِلا إِنَّ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأولين قال: عقوبة الأولين «٨».
(١). الدر ٥/ ٤٠٥.
(٢). الدر ٥/ ٤٠٥.
(٣). الدر ٥/ ٤٠٥.
(٤). الدر ٥/ ٤٠٥ [.....]
(٥). الدر ٥/ ٤٠٦.
(٦). الدر ٥/ ٤٠٦.
(٧). الدر ٥/ ٤٠٦.
(٨). الدر ٥/ ٤٠٧-
قوله :﴿ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ﴾ آية ٥٤
عَنْ عَلَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " طرقه وفاطمة ليلاً، فقال : " ألا تصليان " فقلت : يا رَسُول الله، إنما أنفسنا بيد الله إِنَّ شاء أن يبعثنا بعثنا، وانصرف حين قلت ذَلِكَ، ولم يرجع إلي شيئاً، ثُمَّ سمعته يضرب فخذه، ويقول :﴿ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ﴾ ".
عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ :﴿ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ﴾ قَالَ : الجدل الخصومة، خصومة القوم لأنبيائهم، وردهم عَلَيْهِمْ مَا جاؤوا به، وكل شيء في القرآن مِنْ ذكر الجدل، فهو مِنْ ذَلِكَ الوجه، فيما يخاصمونهم مِنْ دينهم، يردون عَلَيْهِمْ مَا جاؤوا به "، والله أعلم.
قوله :﴿ إِلا أن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ﴾ آية ٥٥
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ إِلا أن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ﴾ قَالَ : عقوبة الأولين ".
قوله :﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ﴾
عَنْ مُجَاهِدٍ، أنه قرأ :" ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ﴾ قَالَ : قبائل ".
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ﴾ قَالَ : فجأة ".
عَنْ قَتَادَة أنه قرأ :" ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ﴾ أي : عياناً ".
عَنِ الأعمش، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ قُبُلا ﴾ قَالَ : جهاراً ".
عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ﴾، قَالَ : مقابلهم فينظرون إليه ".
قوله: أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا
١٢٨٦٤ - عَنْ مُجَاهِدٍ أنه قرأ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا قَالَ: قبائل «١».
١٢٨٦٥ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي
قَوْلِهِ: أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا قَالَ: فجأة «٢».
١٢٨٦٦ - عَنْ قَتَادَة أنه قرأ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا أي عيانًا «٣».
١٢٨٦٧ - عَنِ الأعمش فِي قَوْلِهِ: قُبُلا قَالَ: جهارًا «٤».
١٢٨٦٨ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا قَالَ: مقابلهم فينظرون إليه «٥».
قوله: وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
١٢٨٦٩ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ أي نسي مَا سلف من الذنوب الكثيرة «٦».
قوله: بِمَا كَسَبُوا
١٢٨٧٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلَهُ: بِمَا كَسَبُوا يَقُولُ: بِمَا عَمِلُوا «٧».
قَوْلُهُ: بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ
١٢٨٧١ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ قَالَ: الموعد يَوْم الْقِيَامَة «٨».
قوله: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا
١٢٨٧٢ - مِنْ طَرِيق عَلِيٍّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا قَالَ: ملجأ «٩».
قوله: وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا
١٢٨٧٣ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا قَالَ: مجوزا.
وفي قوله: وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا قَالَ: أجلا. «١٠»
(١). الدر ٥/ ٤٠٧.
(٢). الدر ٥/ ٤٠٧.
(٣). الدر ٥/ ٤٠٧.
(٤). الدر ٥/ ٤٠٧.
(٥). الدر ٥/ ٤٠٧.
(٦). الدر ٥/ ٤٠٦- ١٠٧.
(٧). الدر ٥/ ٤٠٦- ١٠٧.
(٨). الدر ٥/ ٤٠٦- ١٠٧.
(٩). الدر ٥/ ٤٠٦- ١٠٧.
(١٠). الدر ٥/ ٤٠٦- ١٠٧. [.....]
قوله :﴿ بِمَا كَسَبُوا ﴾ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ بِمَا كَسَبُوا ﴾ يَقُولُ : بما عملوا ".
قوله :﴿ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ ﴾ آية ٥٨
عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ ﴾ قَالَ : الموعد يَوْم الْقِيَامَة ".
قوله :﴿ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا ﴾
مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا ﴾، قَالَ : ملجأ ".
قوله :﴿ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ آية ٥٩
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا ﴾، قَالَ : مجوزا، وفي قوله :﴿ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾، قَالَ : أجلاً ".
قوله تَعَالَى :﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾
عَنِ العباس بن عزوان، أسنده فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾، قَالَ : قَضَى الله العقوبة حين عصي، ثُمَّ أخرها حتى جاء أجلها، ثُمَّ أرسلها ".
قَوْلِهِ: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا
١٢٨٧٤ - عَنِ العباس بن عزوان أسنده فِي
قَوْلِهِ: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا قَالَ: قَضَى الله العقوبة حين عصي، ثُمَّ أخرها حتى جاء أجلها، ثم أرسلها «١».
قوله: إذ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ...
١٢٨٧٥ - مِنْ طَرِيق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسِ: إِنَّ نوفا البكالي يزعم إِنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل: قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ:
كذب عدو الله!... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال:
أنا. فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إِنَّ لي عبدًا بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك. قَالَ موسى: يا رب، كيف لي به؟ قَالَ: تأخذ معك حوتًا تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ. فأخذ حوتًا فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا وأمسك الله عَنِ الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه إِنَّ يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد قَالَ موسى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نصبا قَالَ: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به فقال لَهُ فتاه: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أذكره واتخذ سبيله في البحر عَجَبًا قَالَ: فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا. فقال موسى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قَالَ سفيان: يزعم ناس إِنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة. ولا يصيب ماؤها ميتًا إلا عاش. قَالَ: وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش. قَالَ: فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قَالَ: أنا موسى. قَالَ: موسى بن إسرائيل؟ قَالَ: نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قَالَ إِنَّكَ لن تستطيع معي صَبْرًا يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ
(١). الدر ٥/ ٤٠٧.
2370
علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى: سَتَجِدُنِي إِنَّ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا فقال له الخضر:
فإن اتبعتني فلا تسئلني عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا يمشيان عَلَى ساحل البحر، فمرت بهم سفينة فكلموهم إِنَّ يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأه إلا والخضر قد قلع لوحًا مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا فقال: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ امْرِي عُسْرًا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسيانًا، قَالَ:
وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر: مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلامًا يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ: وهذه أشد مِنَ الأولى قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ قَالَ: مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا فقال: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وددنا إِنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وكان ابن عباس يقرأ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين «١».
١٢٨٧٦ - عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ: سلوني.
قلت: أي أبا عباس، جعلني الله فداءك: بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل. قَالَ: كذب عدو الله حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ قال: قال
(١). الدر ٥/ ٤١٠- ٤١٢- ٤١٣.
2371
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يومًا، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل فقال: أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك؟ قَالَ: لا. فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى. قِيلَ: بلى. قَالَ: أي رب، فأين؟ قَالَ: بمجمع البحرين. قَالَ: أي رب، اجعل لي علمًا أعلم به ذَلِكَ. قَالَ: خذ حوتًا ميتًا حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتًا فجعله في مكتل، فقال لفتاه: لا أكلفك إلا إِنَّ تخبرني بحيث يفارقك الحوت. قَالَ: مَا كلفت كثيرًا. قَالَ: فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان إِنَّ تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه: لا أوقظه. حتى إِذَا استيقظ نسي إِنَّ يخبره.
وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى: لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ: قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضرًا عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه وَقَالَ: هل بأرض مِنْ سلام... !؟ مِنَ أنت؟ قَالَ: أنا موسى قَالَ: موسى نَبِيّ إسرائيل؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا شأنك؟ قَالَ: جئت لتعلمني مما علمت رشدا.
قَالَ: أما يكفيك إِنَّ التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى؟ إِنَّ لي علمًا لا ينبغي إِنَّ تعلمه، وإن لك علمًا لا ينبغي لي إِنَّ أعلمه. فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال: والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر. حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا: عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا. قَالَ موسى: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا كَانَتِ الأولى نسيانًا، والوسطى والثالثة عمدًا قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ امْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ووجد غلمانًا يلعبون، فأخذ غلامًا كافرًا ظريفًا فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال:
أَقَتَلْتَ نَفْسًا ركية لَمْ تعمل الحنث. قَالَ ابن عباس: قرأها زَكِيَّةً زاكية مسلمة، كقولك: غلامًا زكيا. فانطلقا فوجدا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ: بيده هكذا، ورفع يده فاستقام قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ:
أجراً تأكله وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ قرأها ابن عباس «وكان أمامهم ملك»
يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ملك يأخذ كُلّ سفينة
2372
صالحة غصبًا فأردت إِذَا هي مرت به إِنَّ يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ: سدوها بالقار فَكَانَ أبواه مؤمنين وكان كافرا فَخَشِينَا إِنَّ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا أي يحملهما حبه عَلَى إِنَّ يتابعاه عَلَى دينه فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زكاة وأقرب رُحْمًا هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية «١».
١٢٨٧٧ - مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لما ظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ: كلم الله موسى نبيكم تكليمًا واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل: فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله؟ قَالَ: لا. فبعث الله جبريل إِلَى موسى فقال: إِنَّ الله يَقُولُ:
«وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم».
قَالَ ابن عباس: هُوَ الخضر. فسأل موسى ربه إِنَّ يريه إياه، فأوحى الله إليه: إِنَّ ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتًا فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب. فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت: قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وما أنسانيه إلا الشيطان أن أَذْكُرَهُ لك. قَالَ الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام...
وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض... !؟ ومن أنت؟ قَالَ: أنا موسى. فقال له
(١). الدر ٥/ ٤١٢.
2373
الخضر أصاحب بني إسرائيل؟ فرحب به وَقَالَ: مَا جاء بك؟ قَالَ: جئتك عَلَى إِنَّ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا يَقُولُ: لا تطيق ذَلِكَ.
قَالَ موسى: سَتَجِدُنِي إِنَّ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا فانطلق به وَقَالَ لَهُ: لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه. فذلك قوله: حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا «١».
١٢٨٧٨ - ومن طَرِيق هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سأل موسى ربه فقال: «رب، أي عبادك أحب إليك؟ قَالَ: الّذِي يذكرني ولا ينساني قَالَ: فأي عبادك أقَضَى؟ قَالَ: الّذِي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قَالَ: فأي عبادك أعلم؟ قَالَ: الّذِي يبتغي علم الناس إِلَى علمه، عسى إِنَّ يصيب كلمة تهديه إِلَى هدى أو ترده عَنْ ردى. قَالَ: وقد كَانَ حدث موسى نفسه أنه ليس أحد أعلم منه. قَالَ: رب، فهل أحد أعلم مني؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأين هُوَ؟ قِيلَ لَهُ:
عند الصخرة التي عندها العين.
فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى إليه عند الصخرة، فسلم كُلّ وَاحِدٍ منهما عَلَى صاحبه، فقال لَهُ موسى: إني أريد إِنَّ تصحبني. قَالَ: إنك لن تطيق صحبتي. قَالَ: بلى. قَالَ: فإن صحبتني فلا تسئلني عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فسار به في البحر حتى انتهى إِلَى مجمع البحرين، وليس في البحر مكان أكثر ماء منه. قَالَ: وبعث الله الخطاف فجعل يستقي منه بمنقاره، فقال لموسى: كم ترى هَذَا الخطاف رزأ بمنقاره مِنَ الماء؟ قَالَ: مَا أقل مَا رزأ... قَالَ:
فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر مَا استقى هَذَا الخطاف مِنْ هَذَا الماء. وذكر تمام الحَدِيث في خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار، فكان قوله موسى في الجدار لنفسه شيئًا مِنَ الدُّنْيَا، وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز وجل «٢»
.
(١). الدر ٥/ ٤١٨، ٤١٩.
(٢). الدر ٥/ ٤١٩.
2374
١٢٨٨٧ - عَنْ مُحَمَّد بن كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ: طنجة «١».
عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ: الكر والرس، حيث يصبان في البحر «٢».
قوله: أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا
١٢٨٨٨ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا قَالَ: دهرا «٣».
١٢٨٨٩ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا قَالَ: سبعين خريفًا. وفي قوله: فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا قَالَ: بين البحرين نسيا حوتهما قال: أضلاه في البحر فاتخذ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قَالَ: موسى يعجب مِنَ أثر الحوت ودوراته التي غاب فيها فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قَالَ: اتباع موسى وفتاه أثر الحوت حيث يشق البحر راجعين «٤».
قوله: نَسِيَا حُوتَهُمَا
١٢٨٩٠ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: نَسِيَا حُوتَهُمَا قَالَ: كَانَ مملوحًا مشقوق البطن «٥».
قوله: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا
قَالَ: أثره يابس في البحر كأنه في حجر «٦».
قوله: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا
١٢٨٩١ - عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا انجاب ماء منذ كَانَ الناس، غير بيت ماء كَانَ الحوت دَخَلَ منه صار منجابا كالكرة، حتى رجع إليه موسى فرأى إمساكه قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا أي، يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى مدخل الحوت «٧».
١٢٨٩٢ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا قَالَ: جاء فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء.
(١). الدر ٥/ ٤٢١.
(٢). الدر ٥/ ٤٢١.
(٣). الدر ٥/ ٤٢٣- ٤٢٤.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٣- ٤٢٤.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٣- ٤٢٤.
(٦). الدر ٥/ ٤٢٣- ٤٢٤.
(٧). الدر ٥/ ٤٢٣- ٤٢٤.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

قوله :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ آية ٦٤
عَنْ أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَا انجاب ماء منذ كَانَ الناس، غير بيت ماء كَانَ الحوت دَخَلَ منه صار منجابا كالكرة، حتى رجع إليه موسى فرأى إمساكه، قَالَ :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ أي، يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى مدخل الحوت ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ قَالَ : جاء فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء ".
عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾، قَالَ : دَخَلَ الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله، ثُمَّ اتخذ فيها سربا حتى وصل إِلَى البحر، والسرب، طَرِيق حتى وصل إِلَى الماء وهي بطحاء يابسة في البر، بعدما أكل منه دهراً طويلاً وهو زاده، ثُمَّ أحياه الله ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، " إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ شق الحوت وملحه وتغدى منه وتعشى، فلما كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ ".
عَنْ قَتَادَة، قَالَ في قراءة أَبِي :" وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكر لَهُ ".
قوله :﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ آية ٦٤
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ : عودهما عَلَى بدئهما ".
عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ :" إنما سمي الخضر، لأنه كَانَ إِذَا جلس في مكان أخضر مَا حوله، وكانت ثيابه خضرا.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

قوله: عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا
١٢٨٧٩ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إنما سمي الخضر، لأنه جلس عَلَى فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء» «١»
قوله: وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا
١٢٨٨٠ - عَنْ أَبِي ذر رفعه قَالَ: إِنَّ الكنز الّذِي ذكره الله في كتابه لوح مِنْ ذهب مضمن، عجبت لمن أيقن بالقدر ثُمَّ نصب، وعجبت لمن ذكر النَّار ثُمَّ ضحك، وعجبت لمن ذكر الموت ثُمَّ غفل. لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ.... مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ «٢».
١٢٨٨١ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا قَالَ: مَا كَانَ ذهبًا ولا فضة، كَانَ صحفاً عليها «٣».
قوله: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا قَالَ: كَانَ يؤدي الأمانات والودائع إِلَى أهلها «٤».
١٢٨٨٢ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا قَالَ: حفظ الصلاح لأبيهما وما ذكر عنهما صلاحًا «٥».
١٢٨٨٣ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده ويحفظه في ذريته والدويرات حوله، فَمَا يزالون في ستر مِنَ الله وعافية «٦».
قوله: لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ
١٢٨٨٤ - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي
قوله: لا أَبْرَحُ حتى أبلغ مجمع البحرين قَالَ:
حتى أنتهي «٧».
١٢٨٨٥ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ: بحر فارس والروم، هما بحر المشرق والمغرب «٨».
١٢٨٨٦ - عَنْ أَبِي بْنِ كَعْبٍ في قوله: مجمع البحرين قال: أفريقية «٩».
(١). الدر ٥/ ٤٢١.
(٢). الدر ٥/ ٤٢١.
(٣). الدر ٥/ ٤٢١.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٢- ٤٢٣.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٢- ٤٢٣.
(٦). الدر ٥/ ٤٢٢- ٤٢٣.
(٧). الدر ٥/ ٤٢٢- ٤٢٣.
(٨). الدر ٥/ ٤٢٢- ٤٢٣.
(٩). الدر ٥/ ٤٢٣- ٤٢٤. [.....]
2375
١٢٨٩٣ - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا قَالَ: دَخَلَ الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله، ثُمَّ اتخذ فيها سربا حتى وصل إِلَى البحر. والسرب، طَرِيق حتى وصل إِلَى الماء وهي بطحاء يابسة في البر، بعد ما أكل منه دهرًا طويلًا وهو زاده، ثُمَّ أحياه الله «١».
١٢٨٩٤ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ شق الحوت وملحه وتغدى منه وتعشى، فلما كَانَ مِنَ الغد قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا «٢»
١٢٨٩٥ - عَنْ قَتَادَة قَالَ في قراءة أَبِي «وما أنسانيه إلا الشيطان إِنَّ أذكر لَهُ» «٣».
قوله: فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا
١٢٨٩٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا قَالَ: لقيا رَجُلاً عالمًا يقال لَهُ خضر «٤».
١٢٨٩٧ - عَنْ قَتَادَة قَالَ: أتي الحوت عَلَى عين في البحر يقال لها عين الحياة، فلما أصاب تلك العين ردّ الله إليه روحه «٥».
قوله: فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا
١٢٨٩٨ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قَالَ: عودهما عَلَى بدئهما «٦».
١٢٨٩٩ - عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إنما سمي الخضر لأنه كَانَ إِذَا جلس في مكان أخضر مَا حوله، وكانت ثيابه خضرا «٧».
قوله: آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا
قَالَ: أعطيناه الهدى والنبوة «٨».
١٢٩٠٠ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: إنما سمي الخضر لأنه إِذَا قام في مكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه «٩».
(١). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٢). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٣). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٦). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٧). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥. [.....]
(٨). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
(٩). الدر ٥/ ٤٢٤-، ٤٢٥.
2377
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

قوله: رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ
١٢٩٠١ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي
قَوْلِهِ: رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ قَالَ: إنما كانت معبرًا في ماء الكر فرسخ في فرسخ «١».
قوله: شَيْئًا إِمْرًا
١٢٩٠٢ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: شَيْئًا إِمْرًا يَقُولُ: منكرا «٢».
١٢٩٠٣ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: شَيْئًا إِمْرًا قَالَ: عجبًا «٣».
١٢٩٠٤ - عَنِ أَبِي صخر فِي قَوْلِهِ: شَيْئًا إِمْرًا قَالَ: عظيمًا «٤».
١٢٩٠٥ - عَنْ أَبِي العالية ومن طَرِيق حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عَنْ شيب بن الحجاب قالا: كَانَ الخضر عبدًا لا تراه الأعين، إلا مِنَ أراد الله إِنَّ يريه إياه فلم يره مِنَ القوم إلا موسى، ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل الغلام. قَالَ حَمَّادُ: وكانوا يرون إِنَّ موت الفجأة مِنْ ذَلِكَ «٥».
قوله: لَقِيَا غُلامًا
١٢٩٠٦ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْد العزيز فِي قَوْلِهِ: لَقِيَا غُلامًا قَالَ: كَانَ غلامًا ابن عشرين سنة «٦».
قوله: قتلت نَفْسًا زَكِيَّةً
١٢٩٠٧ - مِنْ طَرِيق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرأ قتلت نفسًا زكية قَالَ سعيد: زكية مسلمة «٧».
١٢٩٠٨ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: نَفْسًا زَكِيَّةً قَالَ: لَمْ تبلغ الخطايا «٨».
١٢٩٠٩ - عَنْ عطية أنه كَانَ يقرأ: زَكِيَّةً ويقول: تائية «٩».
قوله: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
١٢٩١٠ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ: النكر أنكر من العجب. «١٠»
(١). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٢). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٣). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٦). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٧). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٨). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(٩). الدر ٥/ ٤٢٦- ٤٢٧.
(١٠). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

قوله :﴿ لَقِيَا غُلامًا ﴾ آية ٧٤
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْد العزيز، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ لَقِيَا غُلامًا ﴾، قَالَ : كَانَ غلاماً ابن عشرين سنة ".
قوله :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه كَانَ يقرأ :﴿ قتلت نفساً زكية ﴾ قَالَ سعيد : زكية مسلمة ".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾، قَالَ : لَمْ تبلغ الخطايا ".
عَنْ عطية، أنه كَانَ يقرأ :﴿ زَكِيَّةً ﴾، ويقول : تائية.
قوله :﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ قَالَ : النكر أنكر مِنَ العجب ".
عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة، قَالَ : سئل ابْنِ عَبَّاسٍ : عَنْ " الوالدان في الْجَنَّة، قَالَ : حسبك مَا اختصم فيه موسى والخضر ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

١٢٩١١ - عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة قَالَ: سئل ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الوالدان في الْجَنَّة قَالَ:
حسبك مَا اختصم فيه موسى والخضر «١».
قوله: أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ
١٢٩١٢ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ قَالَ: كَانَتِ القرية تسمى بأجروان كَانَ أهلها لئامًا «٢».
١٢٩١٣ - عَنْ مُحَمَّد بن سيرين قَالَ: أتيا الأبلة وهي أبعد أرض الله مِنَ السَّمَاء «٣»
١٢٩١٤ - مِنْ طَرِيق قَتَادَة، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ قَالَ:
هي أبرقة. قَالَ: وحدثني رجل أنها إنطاكية «٤».
١٢٩١٥ - عَنِ أَيْوبَ بن موسى قَالَ: بلغني إِنَّ المسألة للمحتاج حسنة، ألا تسمع إِنَّ موسى وصاحبه استطعما أهلها؟ «٥»
قوله: يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ
١٢٩١٦ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ قَالَ: يسقط «٦».
قوله: فَأَقَامَهُ
١٢٩١٧ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَقَامَهُ قَالَ: رفع الجدار بيده فاستقام «٧».
١٢٩١٨ - مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ عمر بن الخطاب- ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحدثهم بهذا الحَدِيث حتى فرغ مِنَ القصة-:
«يرحم الله موسى، وددنا لو صبر حتى يقص علينا مِنْ حديثهما» «٨».
قوله: فَأَرَدْتُ إِنَّ أَعِيبَهَا
١٢٩٢٠ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَرَدْتُ إِنَّ أَعِيبَهَا قَالَ: أخرقها «٩».
١٢٩٢١ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقرأ: «وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا». «١٠»
(١). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٢). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨. [.....]
(٣). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٦). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٧). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٨). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(٩). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
(١٠). الدر ٥/ ٤٢٧- ٤٢٨.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

قوله :﴿ فَأَرَدْتُ أن أَعِيبَهَا ﴾ آية ٧٩
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَأَرَدْتُ أن أَعِيبَهَا ﴾ قَالَ : أخرقها ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يقرأ :" وكان أمامهم ملك يأخذ كُلّ سفينة صالحة غصباً ".
عَنْ قَتَادَة، قَالَ :" كانت تقرأ في الحرف الأول : كُلّ سفينة صالحة غصباً، قَالَ : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

١٢٩٢٢ - عَنْ قَتَادَة قَالَ: كانت تقرأ في الحرف الأول «كُلّ سفينة صالحة غصبًا» قَالَ: وكان لا يأخذ إلا خيار السفن «١».
قوله: وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ
١٢٩٢٣ - عَنْ شُعَيْب الجبائي قَالَ: كَانَ اسم الغلام الّذِي قتله الخضر جيسور «٢».
١٢٩٢٤ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كَانَ يقرأ وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين «٣».
قوله: فَخَشِينَا
١٢٩٢٥ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: فَخَشِينَا قَالَ: فأشفقنا «٤».
عَنْ قَتَادَة قَالَ: هي في مصحف عَبْد الله «فخاف ربك إِنَّ يرهقهما طغيانًا وكفرًا» «٥».
١٢٩٢٦ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: فَخَشِينَا إِنَّ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا قَالَ: خشينا إِنَّ يحملهما حبه عَلَى إِنَّ يتابعاه عَلَى دينه «٦».
١٢٩٢٧ - عَنْ مطر في الآية قَالَ: لو بقي كَانَ فيه بوارهما واستئصالهما «٧».
١٢٩٢٨ - عَنْ قَتَادَة قَالَ: قَالَ مطرف بن الشخير: إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يَوْم ولد وحزنا عليه يَوْم قتل، ولو عاش لكان فيه هلاكهما. فرضي رجل بما قسم الله لَهُ فإن قضاء الله للمؤمن خير مِنْ قضائه لنفسه، وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب «٨».
قوله: خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا
١٢٩٢٩ - عَنْ عطية فِي قَوْلِهِ: خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً قَالَ: ديناً وَأَقْرَبَ رُحْمًا قَالَ: مودة «٩». فأبدلا جارية ولدت نبيا.
(١). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٢). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٣). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٦). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨. [.....]
(٧). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٨). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٩). الدر ٥/ ٤٢٧، ٤٢٨.
قوله :﴿ خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ آية ٨١
عَنْ عطية، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً ﴾، قَالَ : ديناً ﴿ وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ قَالَ : مودة، فأبدلا جارية ولدت نبياً ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ.... ﴾ آية ٦٠
مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : قلت لابن عباس : إِنَّ نوفا البكالي يزعم أنَّ موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل، قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ : كذب عدو الله !...... حَدَّثَنَا أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" إِنَّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا، فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه : أنَّ لي عبداً بمجمع البحرين هُوَ أعلم منك، قَالَ موسى : يا رب، كيف لي به ؟ قَالَ : تأخذ معك حوتاً تجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثُمَّ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، ثُمَّ انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إِذَا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما.
واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إِذَا كَانَ مِنَ الغد ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا مِنْ سفرنا هَذَا نصبا ﴾ قَالَ : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذِي أمره الله به.
فقال لَهُ فتاه :﴿ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾، قَالَ : فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا.
فقال موسى :﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ قَالَ سفيان : يزعم ناس أنَّ تلك الصخرة عندها عين الحياة، ولا يصيب ماؤها ميتاً إلا عاش، قَالَ : وكان الحوت قد أكل منه. فَمَا قطر عليه الماء عاش، قَالَ : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إِلَى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى بن إسرائيل ؟ قَالَ : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا.
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يا موسى، إني عَلَى علم مِنْ علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت عَلَى علم مِنْ علم الله علمك الله لا أعلمه.
فقال موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾
فقال لَهُ الخضر :﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا ﴾ يمشيان عَلَى ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة فلم يفجأة إلا والخضر قد قلع لوحاً مِنَ ألواح السفينة بالقدوم، فقال لَهُ موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ﴾
فقال :﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾
قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا }، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَتِ الأولى مِنْ موسى نسياناً، قَالَ : وجاء عصفور فوقع عَلَى حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال لَهُ الخضر : مَا علمي وعلمك مِنْ علم الله إلا مثل مَا نقص هَذَا العصفور مِنْ هَذَا البحر، ثُمَّ خرجا مِنَ السفينة فبينما هما يمشيان عَلَى الساحل، إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه فقتله، فقال لَهُ موسى :
{ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا }، قَالَ : وهذه أشد مِنَ الأولى
{ قَالَ إِنَّ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا إِنَّ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ إِنَّ يَنْقَضَّ } قَالَ : مائل، فأخذ الخضر بيده هكذا فأقامه، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ﴿ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾،
فقال :﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾، فقال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وددنا أنَّ موسى كَانَ صَبَرَ حتى يقص الله علينا مِنْ خبرهما.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : وكان ابن عباس يقرأ : وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وكان يقرأ :﴿ وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ﴾ ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ : أنا لعند ابن عباس في بيته إذ قَالَ : سلوني، قلت : أي أبا عباس، جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص يقال لَهُ نوف، يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل، قَالَ : كذب عدو الله، حَدَّثَنِي أَبِي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ ذكّر الناس يوماً، حتى إِذَا فاضت العيون ورقت القلوب ولّى، فأدركه رجل، فقال : أي رَسُول الله، هل في الأَرْض أحد أعلم منك ؟ قَالَ : لا فعتب الله عليه إذ لَمْ يرد العلم إِلَى الله تَعَالَى، قِيلَ : بلى، قَالَ : أي رب، فأين ؟ قَالَ : بمجمع البحرين، قَالَ : أي رب، اجعل لي علماً أعلم به ذَلِكَ، قَالَ : خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قَالَ : مَا كلفت كثيراً، قَالَ : فبينا هُوَ في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاه : لا أوقظه، حتى إِذَا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دَخَلَ البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كَانَ أثره في حجر، قَالَ موسى :﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴾ قَالَ : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضراً عَلَى طنفسة خضراء عَلَى كبد البحر، مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه، فسلم عليه موسى فكشف عَنْ وجهه، وَقَالَ : هل بأرض مِنْ سلام.... ! ؟ مِنَ أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، قَالَ : موسى نَبِيّ إسرائيل ؟ قَالَ : نعم، قَالَ : فَمَا شأنك ؟ قَالَ : جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ : أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إِنَّ لي علماً لا ينبغي أن تعلمه، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه، فأخذ طائر بمنقاره مِنَ البحر، فقال : والله مَا علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ الطير منقاره مِنَ البحر، حتى إِذَا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أَهْل الساحل إِلَى أَهْل هَذَا الساحل الآخر، فعرفوه فقالوا : عَبْد الله الصالح لا نحمله بأجر، فخرقها ووتد فيها وتدا، قَالَ موسى :﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ كَانَتِ الأولى نسياناً، والوسطى والثالثة عمداً ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنَ أمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ﴾ ووجد غلماناً يلعبون، فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثُمَّ ذبحه بالسكين، فقال :﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ﴾ لَمْ تعمل الحنث، قَالَ ابن عباس : قرأها ﴿ زَكِيَّةً ﴾ زاكية مسلمة، كقولك : غلاماً زكيا، فانطلقا فوجدا ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ قَالَ : بيده هكذا، ورفع يده فاستقام ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ قَالَ : أجراً تأكل ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ﴾ قرأها ابن عباس :" وكان أمامهم ملك "، يزعمون مدد بن ندد، والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ﴿ ملك يأخذ كُلّ سفينة ﴾ صالحة غصباً فأردت إِذَا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، ومنهم مِنْ يَقُولُ : سدوها بالقار ﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ وكان كفراً ﴿ فَخَشِينَا أن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ أي يحملهما حبه عَلَى أن يتابعاه عَلَى دينه ﴿ فَأَرَدْنَا أن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ هما به أرحم منهما بالأول الّذِي قتله خضر، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ".
مِنْ طَرِيق العوفي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ :" لما تظهر موسى وقومه عَلَى مصر، أنزل قَوْمِهِ بمصر، فلما استقرت بهم الدار أنزل الله :﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ فخطب قَوْمِهِ فذكر مَا آتاهم الله مِنَ الخير والنعم، وذكرهم إذ نجاهم الله مِنَ آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأَرْض، وَقَالَ : كلم الله موسى نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه، وآتاكم مِنْ كُلّ شيء سألتموه، فنبيكم أفضل أَهْل الأَرْض وأنتم تقرون اليوم.
فلم يترك نعمة أنعمها الله عَلَيْهِمْ إلا عرفهم إياها، فقال لَهُ رجل مِنْ بني إسرائيل : فهل عَلَى الأَرْض أعلم منك يا نَبِيّ الله ؟ قَالَ : لا، فبعث الله جبريل إِلَى موسى، فقال : إِنَّ الله يَقُولُ : وما يدريك أين أضع علمي ؟....... بلى عَلَى ساحل البحر رجل أعلم ". قَالَ ابن عباس : هُوَ الخضر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه : أن ائت البحر، فإنك تجد عَلَى ساحل البحر حوتاً فخذه فادفعه إِلَى فتاك، ثُمَّ الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد الْعَبْد الصالح الّذِي تطلب، فلما طال صعود موسى ونصب فيه، سأل فتاه عَنِ الحوت :﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أن أَذْكُرَهُ ﴾ لك، قَالَ الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فأعجب ذَلِكَ موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئاً مِنَ البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نَبِيّ الله يعجب مِنْ ذَلِكَ حتى انتهى الحوت إِلَى جزيرة مِنْ جوائز البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر : وعليك السلام..... وأنى يكون هَذَا السلام بهذا الأَرْض.... ! ؟ ومن أنت ؟ قَالَ : أنا موسى، فقال لَهُ الخضر أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وَقَالَ : مَا جاء بك ؟ قَالَ : جئتك ﴿ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ يَقُولُ : لا تطيق ذَلِكَ، قَالَ موسى :﴿ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ فانطلق به، وَقَالَ لَهُ : لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله :﴿ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
ومن طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ أبيه، عَنْ اب

قوله: وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا
١٢٩٣٠ - عَنْ قَتَادَة فِي
قَوْلِهِ: وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا قَالَ: كَانَ الكنز لمن قبلنا وحرم علينا، وحرمت الغنيمة عَلَى مِنْ كَانَ قبلنا وأحلت لنا، فلا تعجبن للرجل يَقُولُ: مَا شأن الكنز أحل لمن كَانَ قبلنا وحرم علينا؟ فإن الله يحل مِنَ أمره مَا يشاء ويحرم مَا يشاء، وهي السنن والفرائض... تحل لأمة وتحرم عَلَى أخرى «١».
قوله: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا
١٢٩٣١ - عن خيثمة قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مريم عَلَيْهِ السَّلامُ: طوبى لذرية المُؤْمِن ثُمَّ طوبى لَهُمْ كيف يحفظون من بعده. وتلا خيثمة وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا «٢».
١٢٩٣٢ - مِنْ طَرِيق شيبة، عَنْ سليمان بن سليم بن سَلَمَةَ قَالَ: مكتوب في التوراة «إِنَّ الله ليحفظ القرن إِلَى القرن إِلَى سبعة قرون، وإن الله يهلك القرن إِلَى القرن إِلَى سبعة قرون» «٣».
قوله: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنِ امْرِي
١٢٩٣٣ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنِ امْرِي قَالَ: كَانَ عبدًا مأمورًا مضى لأمر الله «٤».
١٢٩٣٤ - حَدَّثَنِي أبو سعيد قَالَ: سمعت إِنَّ آخر كلمة أوصى بها الخضر موسى حين فارقه: إياك إِنَّ تعير مسيئًا بإساءته فتبتلى «٥».
قوله: يسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا
١٢٩٣٥ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: قالت اليهود لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُحَمَّدُ، إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا، فأخبرنا عَنْ نَبِيّ لَمْ يذكره الله في التوراة إلا في مكان وَاحِدٍ. قَالَ: ومن هُوَ؟ قالوا: ذو القرنين. قَالَ: مَا بلغني عنه شيء. فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم، فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا.
(١). الدر ٥/ ٤٢٨- ٤٢٩.
(٢). الدر ٥/ ٤٢٨- ٤٢٩.
(٣). الدر ٥/ ٤٢٨- ٤٢٩.
(٤). الدر ٥/ ٤٢٨- ٤٢٩.
(٥). الدر ٥/ ٤٢٨- ٤٢٩.
قوله :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ آية ٨٣
عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ :" قالت اليهود للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يا مُحَمَّد، إنما تذكر إبراهيم، وموسى، وعيسى، والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا، فأخبرنا عَنْ نَبِيّ لَمْ يذكره الله في التوراة إلا في مكان وَاحِدٍ، قَالَ : ومن هُوَ ؟ قالوا : ذو القرنين، قَالَ : مَا بلغني عنه شيء، فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم، فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ ".
عَنْ عمر مولى غفرة، قَالَ :" دَخَلَ بعض أَهْل الْكِتَاب عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألوه، فقالوا : يا أبا القَاسِم، كيف تقول في رجل كَانَ يسيح في الأَرْض ؟ قَالَ : لا علم لي به، فبينما هم عَلَى ذَلِكَ إذ سمعوا نقيضاً في السقف، ووجد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غمة الوحي، ثُمَّ سري عنه فتلا :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ﴾، فلما ذكر السد، قالوا : أتاك خبره يا أبا القَاسِم، حسبك ".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم :" مَا أدري أتبع كَانَ لعينا أم لا، وما أدري أذو القرنين كَانَ نبياً أم لا، وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا ".
عَنْ الأحوص بن حكيم، عَنْ أبيه، أنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سئل عَنْ ذي القرنين ؟ فقال :" هُوَ ملك مسح الأَرْض بالإحسان ".
عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، قَالَ :" كَانَ نذيراً واحداً بلغ مَا بين المشرق والمغرب، ذو القرنين بلغ السدين وكان نذيراً، لَمْ أسمع بحق أنه كَانَ نبياً.
أنَّ هشام بن عَبْد الملك سأله عَنْ ذي القرنين : أكان نبياً ؟ فقال : لا، ولكنه إنما أُعْطِيَ مَا أُعْطِيَ بأربع خصال كَانَ فيه : كَانَ إِذَا قدر عفا، وَإِذَا وعد وفى، وَإِذَا حدث صدق، ولا يجمع اليوم لغد ".
١٢٩٣٦ - عَنْ عمر مولى غفرة قَالَ: دَخَلَ بعض أَهْل الْكِتَاب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه فقالوا: «يا أبا القَاسِم، كيف تقول في رجل كَانَ يسيح في الأَرْض؟ قَالَ: لا علم لي به. فبينما هم عَلَى ذَلِكَ إذ سمعوا نقيضًا في السقف، ووجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غمة الوحي، ثُمَّ سري عنه فتلا ويسئلونك عن ذي القرنين الآية. فلما ذكر السد قالوا: أتاك خبره يا أبا القَاسِم، حسبك» «١».
١٢٩٣٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «مَا أدري أتبع كَانَ لعينا أم لا، وما أدري أذو القرنين كَانَ نبيًا أم لا، وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا» «٢».
١٢٩٣٨ - عَنْ الأحوص بن حكيم عَنْ أَبِيهِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذي القرنين فقال: «هُوَ ملك مسح الأَرْض بالإحسان» «٣».
١٢٩٣٩ - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ نَذِيرًا وَاحِدًا بَلَغَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، ذو القرنين بلغ السدين وكان نذيرًا، لَمْ أسمع بحق أنه كَانَ نبيًا «٤».
إِنَّ هشام بن عَبْد الملك سأله عَنْ ذي القرنين: أكان نبيًا؟ فقال: لا، ولكنه إنما أُعْطِيَ مَا أُعْطِيَ بأربع خصال كَانَ فيه: كَانَ إِذَا قدر عفا، وَإِذَا وعد وفى، وَإِذَا حدث صدق، ولا يجمع اليوم لغد.
قوله: وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا
١٢٩٤٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا قَالَ: علماً «٥».
قوله: فَأَتْبَعَ سَبَبًا
١٢٩٤١ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: فَأَتْبَعَ سَبَبًا قَالَ: المنزل «٦».
(١). الدر ٥/ ٤٣٥- ٤٣٦.
(٢). الدر ٥/ ٤٣٥- ٤٣٦.
(٣). الدر ٥/ ٤٣٥- ٤٣٦.
(٤). الدر ٥/ ٤٣٥- ٤٣٦.
(٥). الدر ٤٤٩- ٤٥٠.
(٦). الدر ٤٤٩- ٤٥٠. [.....]
قوله :﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ آية ٨٥
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾، قَالَ : المنزل ".
عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾، قَالَ : علماً مِنْ ذَلِكَ تعليم الألسنة، كَانَ لا يعرف قوماً إلا كلمهم بلسانهم ".
عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هلال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ مَعَاوِية بن أَبِي سفيان، قَالَ لكعب الأحبار : تقول :" إِنَّ ذا القرنين كَانَ يربط خيله بالثنايا ؟ قَالَ لَهُ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : إِن كنت قلت ذاك، فإن الله قَالَ :﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾ ".
عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾ قَالَ : منازل الأَرْض، وأعلامها ".
عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾، قَالَ : منزلاً وطرفاً مِنَ المشرق إِلَى المغرب ".
عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾، قَالَ : هذه لأن الطريق كما قَالَ فرعون لهامان ﴿ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ ﴾ أسباب السموات، طَرِيق السماوات، قَالَ : والشيء يكون اسمه واحداً وهو متفرق في المعنى، وقرأ :﴿ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ﴾، قَالَ : أسباب الأعمال ".
١٢٩٤٢ - عن ابن زيد رضي الله عنه في قَوْلِهِ: وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا قَالَ علمًا. مِنْ ذَلِكَ تعليم الألسنة، كَانَ لا يعرف قومًا إلا كلمهم بلسانهم «١».
١٢٩٤٣ - عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هلال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِنَّ مَعَاوِية بن أَبِي سفيان قَالَ لكعب الأحبار: تقول إِنَّ ذا القرنين كَانَ يربط خيله بالثنايا؟ قَالَ لَهُ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ كنت قلت ذاك فإن الله قَالَ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا «٢».
١٢٩٤٤ - عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَبًا قَالَ:
منازل الأَرْض وأعلامها «٣».
١٢٩٤٥ - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَأَتْبَعَ سَبَبًا قَالَ: منزلًا وطرفًا مِنَ المشرق إِلَى المغرب «٤».
١٢٩٤٦ - عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَأَتْبَعَ سَبَبًا قَالَ: هذه لأن الطريق كما قَالَ فرعون لهامان ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أسباب السماوات، طَرِيق السماوات. قَالَ: والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى. وقرأ: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ قَالَ: أسباب الأعمال «٥».
قوله: عَيْنٍ حَمِئَةٍ
١٢٩٤٧ - مِنْ طَرِيق عثمان بن أَبِي حاضر، إِنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ذكر لَهُ أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سُورَة الكهف تغرب في عين حامية قَالَ ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فقلت لمعاوية رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا نقرؤها إلا حَمِئَةٍ فسأل مَعَاوِية عَبْد الله بن عمرو: كيف تقرؤها؟ فقال عَبْد الله: كما قرأتها. قَالَ ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فقلت لمعاوية: في بيتي نزل القرآن، فأرسل إِلَى كَعْبٍ فقال لَهُ: أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ فقال لَهُ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سل أَهْل العربية، فإنهم أعلم بها، وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين- وأشار بيده إلى المغرب-.
(١). الدر ٥/ ٤٤٩- ٤٥٠.
(٢). الدر ٥/ ٤٤٩- ٤٥٠.
(٣). الدر ٥/ ٤٤٩- ٤٥٠.
(٤). الدر ٥/ ٤٤٩- ٤٥٠.
(٥). الدر ٥/ ٤٤٩- ٤٥٠.
2383
١٢٩٤٨ - قَالَ ابن أَبِي حاضر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في حَمِئَةٍ. قَالَ ابن عباس: وما هُوَ؟ قلت: فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم وإتباعه إياه:
قد كَانَ ذو القرنين عمرو مسلما ملكًا تدين لَهُ الملوك وتحسد
فأتى المشارق والمغارب يبتغي أسباب ملك مِنْ حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثاط حرمد
فقال ابن عباس: مَا الخلب؟ قلت: الطين بكلامهم. قَالَ: فَمَا الثاط؟ قلت:
الحمأة. قَالَ: فَمَا الحرمد؟ قلت: الأسود. فدعا ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا غلامًا فقال لَهُ: اكتب مَا يَقُولُ هَذَا الرجل «١».
١٢٩٤٩ - مِنْ طَرِيق سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ قَالَ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا سمعت أحدًا يقرؤها كما في كتاب الله غير ابن عباس، فإنا نجدها في التوراة «تغرب في حمئة سوداء» «٢».
١٢٩٥٠ - مِنْ طَرِيق ابن حاضر، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كنا عند مَعَاوِية فقرأ «تغرب في عين حامية» فقلت لَهُ: مَا نقرؤها إلا فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ فأرسل مَعَاوِية إِلَى كَعْبٍ فقال: أين تجد الشمس في التوراة تغرب؟ قَالَ: أما العربية فلا علم لي بها، وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماء وطين.
١٢٩٥١ - عَنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «في عين حامية» يَقُولُ: حارة «٣».
قوله: وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا
١٢٩٥٢ - عَنِ ابْنِ جريج فِي قَوْلِهِ: وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قَالَ: مدينة لها اثنا عشر ألف باب، لولا أصوات أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب «٤».
(١). الدر ٥/ ٤٥١- ٤٥٢.
(٢). الدر ٥/ ٤٥١- ٤٥٢.
(٣). الدر ٥/ ٤٥٣- ٤٥٤.
(٤). الدر ٥/ ٤٥٣- ٤٥٤.
2384
١٢٩٥٣ - عَنْ سعد بن أَبِي صالح قَالَ: كَانَ يقال: لولا لغط أَهْل الرومية سمع الناس وجبة الشمس حين تقع «١».
١٢٩٥٤ - حَدَّثَنَا حجاج بن حمزة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد- يَعْنِي ابن بشر- حَدَّثَنَا عمرو بن ميمون، أنبأنا ابن حاضر، إِنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ ذكر لَهُ إِنَّ مَعَاوِية بن أبي سفيان قرأ الأية التي في سورة الكهف: تغرب في عين حامية، قَالَ ابن عباس:
فقلت لمعاوية: مَا نقرؤها إلا حَمِئَةٍ، فسأل مَعَاوِية عَبْد الله بن عمرو: كيف تقرؤها؟ فقال عَبْد الله: كما قرأتها. قَالَ ابن عباس: فقلت لمعاوية: في بيتي نزل القرآن. فأرسل إِلَى كَعْبٍ فقال لَهُ: أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ [فقال لَهُ كَعْبٍ: سل أَهْل العربية، فإنهم أعلم بها. وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة] في ماء وطين وأشار بيده إِلَى المغرب، قَالَ ابن حاضر: لو أني عندكما أفدتك بكلام تزداد فيه بصيرة في حَمِئَةٍ. قال ابن عباس: وإذا ما هو؟ قلت:
فيما يؤثر مِنْ قول تبع، فيما ذكر به ذا القرنين، في تخلقه بالعلم وإتباعه إياه:
بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمر، مِنْ حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثاط حرمد
قوله: قَالَ أَمَّا مِنْ ظَلَمَ
١٢٩٥٥ - عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: قَالَ أَمَّا مِنْ ظَلَمَ قَالَ: مِنَ اشرك «٢».
قوله: فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ
١٢٩٥٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ قَالَ: القتل «٣».
١٢٩٥٧ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: كَانَ عذابه إِنَّ يجعلهم في بقر مِنْ صفر، ثُمَّ توقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها «٤».
(١). الدر ٥/ ٤٥٣- ٤٥٤.
(٢). الدر ٥/ ٤٥٣- ٤٥٤.
(٣). الدر ٥/ ٤٥٣- ٤٥٤.
(٤). الدر ٥/ ٤٥٣- ٤٥٤.
قوله: فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى
مدينة عَنْ مسروق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي
قَوْلِهِ: فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى قَالَ الحسنى لَهُ جزاء «١».
قوله: وَسَنَقُولُ لَهُ مِنَ امْرِنَا يُسْرًا
١٢٩٥٩ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَسَنَقُولُ لَهُ مِنَ امْرِنَا يُسْرًا قَالَ: معروفًا.
والله تَعَالَى أعلم «٢».
قوله: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ
١٢٩٦٠ - عَنْ ابن جريج فِي
قوله: حَتَّى إِذَا بلغ مطلع الشمس الآية. قَالَ: حدثت عَنْ الحسن عَنْ سمرة بن جندب... قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا أنها لَمْ يبن فيها بناء قط، كانوا إِذَا طلعت الشمس دخلوا أسرابًا لَهُمْ حتى تزول الشمس «٣».
قوله: تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا
١٢٩٦١ - الحسن فِي قوله: تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نجعل لهم مِنْ دُونِهَا سِتْرًا قَالَ: أرضهم لا تحمل البناء، فإذا طلعت الشمس تغور في المياه، فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعي البهائم. ثُمَّ قَالَ الحسن: هَذَا حديث سمرة «٤».
١٢٩٦٢ - عَنْ قَتَادَة في الآية قَالَ: ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لَهُمْ فيها شيء، فهم إِذَا طلعت دخلوا في أسراب حتى إِذَا زالت الشمس خرجوا إِلَى حروثهم ومعايشهم «٥».
١٢٩٦٣ - عَنْ سَلَمَةَ بن كهيل في الآية قَالَ: ليست لَهُمْ أكناف، إِذَا طلعت الشمس طلعت عَلَيْهِمْ، ولأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى «٦».
(١). الدر ٥/ ٤٥٣، ٤٥٤. [.....]
(٢). الدر ٥/ ٤٥٣، ٤٥٤.
(٣). الدر ٥/ ٤٥٣، ٤٥٤.
(٤). الدر ٥/ ٤٥٥- ٤٥٧- ٤٥٩.
(٥). الدر ٥/ ٤٥٥- ٤٥٧- ٤٥٩.
(٦). الدر ٥/ ٤٥٥- ٤٥٧- ٤٥٩.
قوله :﴿ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنَ امْرِنَا يُسْرًا ﴾ آية ٨٩
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنَ أمْرِنَا يُسْرًا ﴾ قَالَ : معروفاً "، والله تَعَالَى أعلم.
قوله :﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ﴾ آية ٩٠
عَنْ ابن جريج، فِي قَوْلِهِ :﴿ حتى إِذَا بلغ مطلع الشمس ﴾ الآية، قَالَ : حدثت عَنْ الحسن، عَنْ سمرة بن جندب. . . . . ، قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" ﴿ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ﴾، أنها لَمْ يبن فيها بناء قط، كانوا إِذَا طلعت الشمس دخلوا أسراباً لَهُمْ حتى تزول الشمس ".
قوله :﴿ تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ﴾
الحسن فِي قَوْلِهِ :" ﴿ تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ﴾ قَالَ : أرضهم لا تحمل البناء، فإذا طلعت الشمس تغور في المياه، فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعي البهائم، ثُمَّ قَالَ الحسن : هَذَا حديث سمرة.
عَنْ قَتَادَة، في الآية، قَالَ : " ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لَهُمْ فيها شيء، فهم إِذَا طلعت دخلوا في أسراب حتى إِذَا زالت الشمس خرجوا إِلَى حروثهم ومعايشهم ".
عَنْ سَلَمَةَ بن كهيل، في الآية، قَالَ : " ليست لَهُمْ أكناف، إِذَا طلعت الشمس طلعت عَلَيْهِمْ، ولأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ ﴾ الآية. قَالَ : يقال لَهُمْ الزنج ".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في الآية، قَالَ :" تطلع عَلَى قوم حمر قصار، ماكنهم الغيران، فيلقى لَهُمْ سمك أكثر معيشتهم ".
١٢٩٦٤ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قوم الآية. قَالَ: يقال لَهُمْ الزنج «١».
١٢٩٦٥ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في الآية قَالَ: تطلع عَلَى قوم حمر قصار، ماكنهم الغيران، فيلقى لَهُمْ سمك أكثر معيشتهم «٢».
قوله: بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا
١٢٩٦٦ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا قَالَ: علما «٣».
قوله: يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ
١٢٩٦٧ - عَنْ عَبْد الله بن مسعود قَالَ: أتينا نَبِيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا وهو في قبة أدم لَهُ، فخرج إلينا فحمد الله، ثُمَّ قَالَ: «أبشركم أنكم ربع أَهْل الْجَنَّة. فقلنا: نعم يا رَسُول الله؟ فقال: أبشركم أنكم ثلث أَهْل الْجَنَّة. فقلنا:
نعم يا نَبِيّ الله؟ قَالَ: والذي نفسي بيده، إِنِّي لارْجُو إِنَّ تَكُونُوا نِصْف أَهْل الْجَنَّة إِنَّ مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود، أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض، إِنَّ بعدكم يأجوج ومأجوج، إِنَّ الرجل منهم ليترك بعده مِنَ الذرية ألفًا فَمَا زاد، وإن وراءهم ثلاث أمم: منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله»
.
١٢٩٦٨ - مِنْ طَرِيق البكالي، عَنْ عَبْد الله بن عمر قَالَ: إِنَّ الله جزأ الملائكة والإِنْس وَالْجِنّ عشرة أجزاء، تسعة أجزاء منهم الملائكة، وجزء وَاحِدٍ الجِنّ والإِنْس وجزأ الملائكة عشرة أجزاء، تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وجزء وَاحِدٍ لرسالاته ولخزائنه وما يشاء مِنَ أمره. وجزأ الإِنْس وَالْجِنّ عشرة أجزاء، فتسعة منهم الجِنّ، والإِنْس جزء وَاحِدٍ فلا يولد مِنَ الإِنْس ولد إلا ولد مِنَ الجِنّ تسعة. وجزأ الإِنْس عشرة أجزاء، تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك قَالَ السَّمَاء السابعة والحرم بحيالة العرش «٤»
(١). الدر ٥/ ٤٥٥- ٤٥٩.
(٢). الدر ٥/ ٤٥٥- ٤٥٩.
(٣). الدر ٥/ ٤٥٥- ٤٥٩.
(٤). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
قوله :﴿ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ﴾ آية ٩٤
عَنْ عَبْد الله بن مسعود، قَالَ : أتينا نَبِيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً وهو في قبة أدم لَهُ، فخرج إلينا، فحمد الله، ثُمَّ قَالَ :" أبشركم أنكم ربع أَهْل الْجَنَّة، فقلنا : نعم يا رَسُول الله ؟ فقال : أبشركم أنكم ثلث أَهْل الْجَنَّة، فقلنا : نعم يا نَبِيّ الله، قَالَ : والذي نفسي بيده، إني لأرجو أنَّ تكونوا نِصْف أَهْل الْجَنَّة، إِنَّ مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود، أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض، إِنَّ بعدكم يأجوج ومأجوج، إِنَّ الرجل منهم ليترك بعده مِنَ الذرية ألفاً فَمَا زاد، وإن وراءهم ثلاث أمم : منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله ".
مِنْ طَرِيق البكالي، عَنْ عَبْد الله بن عمر، قَالَ :" إِنَّ الله جزأ الملائكة والإِنْس وَالْجِنّ عشرة أجزاء : تسعة أجزاء منهم الملائكة، وجزء وَاحِدٍ الجِنّ والإِنْس وجزأ الملائكة عشرة أجزاء : تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وجزء وَاحِدٍ لرسالته ولخزانته وما يشاء مِنَ أمره، وجزأ الإِنْس وَالْجِنّ عشرة أجزاء : فتسعة منهم الجِنّ، والإِنْس جزء وَاحِدٍ، فلا يولد مِنَ الإِنْس ولد إلا ولد مِنَ الجِنّ تسعة، وجزأ الإِنْس عشرة أجزاء : تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس، والسماء ذات الحبك، قَالَ : السَّمَاء السابعة والحرم بحيالة العرش ".
عَنْ قَتَادَة، قَالَ :" إِنَّ الله جزأ الإِنْس عشرة أجزاء : تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس ".
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ : " إِنَّ يأجوج ومأجوج شبر وشبران، وأطولهم ثلاثة أشبار، وهم مِنْ ولد آدم ".
قوله :﴿ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْض ﴾
عَنْ حبيب الأرجاني، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْض ﴾، قَالَ : كَانَ فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس ".
قوله :﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ﴾
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ﴾، قَالَ : أجراً عظيماً ".
قوله :﴿ سَدًّا ﴾
عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ :" مَا صنع الله فهو السد، وما صنع الناس فهو السد ".
١٢٩٦٩ - عَنْ قَتَادَة قَالَ: إِنَّ الله جزأ الإِنْس عشرة أجزاء، تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس «١».
١٢٩٧٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطولهم ثلاثة أشبار وهم مِنْ ولد آدم «٢».
قوله: مُفْسِدُونَ فِي الأَرْض
١٢٩٧١ - عَنْ حبيب الأرجاني فِي قَوْلِهِ: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْض قَالَ: كَانَ فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس «٣».
قوله: فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا
١٢٩٧٢ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا قَالَ: أجراً عظيماً «٤».
قوله: سَدًّا
١٢٩٧٣ - عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: مَا صنع الله فهو السد، وما صنع الناس فهو السد «٥».
قوله: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ
١٢٩٧٤ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ قَالَ: الّذِي أعطاني ربي هُوَ خير مِنَ الّذِي تبذلون لي مِنَ الخراج.
قوله: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا
١٢٩٧٥ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا قَالَ: هو كأشد الحجاب «٦».
قوله زُبَرَ الْحَدِيدِ
١٢٩٧٦ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله: زُبَرَ الْحَدِيدِ قال: قطع الحديد «٧».
(١). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
(٢). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
(٣). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
(٤). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
(٥). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠. [.....]
(٦). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
(٧). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠.
قوله :﴿ زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾ آية ٩٦
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾، قَالَ : قطع الحديد ".
قوله :﴿ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ﴾
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ﴾، قَالَ : الجبلين ".
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ﴾، قَالَ : رأس الجبلين ".
قوله :﴿ قِطْرًا ﴾
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ قِطْرًا ﴾، قَالَ : النحاس ".
عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾، قَالَ : نحاساً ".
عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾، قَالَ : نحاساً ليلزم بعضه بعضاً ".
قوله: بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ
١٢٩٧٧ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي
قَوْلِهِ: بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ: الجبلين «١».
١٢٩٧٨ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ: رأس الجبلين «٢».
قوله: قِطْرًا
١٢٩٧٩ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: قِطْرًا قَالَ: النحاس «٣».
١٢٩٨٠ - عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا قَالَ: نحاسًا «٤».
١٢٩٨١ - عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا قَالَ: نحاسًا ليلزم بعضه بعضًا «٥».
قوله: فَمَا اسْطَاعُوا إِنَّ يَظْهَرُوهُ
١٢٩٨٢ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَمَا اسْطَاعُوا إِنَّ يَظْهَرُوهُ قَالَ: مَا استطاعوا إِنَّ يرتقوه «٦».
١٢٩٨٣ - عَنِ ابْنِ جريج فِي قَوْلِهِ: فَمَا اسْطَاعُوا إِنَّ يَظْهَرُوهُ يَقُولُ: إِنَّ يعلوه وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ: مِنَ أسفله «٧».
١٢٩٨٤ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَمَا اسْطَاعُوا إِنَّ يَظْهَرُوهُ قَالَ: مِنْ فوقه وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ: مِنَ أسفله «٨».
١٢٩٨٥ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَمَا اسْطَاعُوا إِنَّ يَظْهَرُوهُ قَالَ: مِنْ فوقه وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ: مِنَ أسفله «٩».
قوله: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ
١٢٩٨٦ - عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ قَالَ: جعله طريقاً كما كان. «١٠»
(١). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٢). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٣). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٤). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٥). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٦). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٧). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٨). الدر ٥/ ٤٥٩- ٤٦٠
(٩). ٥/ ٤٦٠- ٤٦١.
(١٠). ٥/ ٤٦٠- ٤٦١.
2389
١٢٩٨٧ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ قَالَ: لا أدري الجبلين يَعْنِي به أم مَا بينهما «١».
١٢٩٨٨ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّ يأجوج ومأجوج خلف السد، لا يموت الرجل منهم حتى يولد لَهُ ألف لصلبه، وهم يغدون كُلّ يَوْم عَلَى السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض، فيقولون: نرجع غدًا ونفتحه، فيصبحون وقد عاد إِلَى مَا كَانَ عليه قبل إِنَّ يلحس، فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم، فإذا غدوا يلحسون قَالَ لَهُمْ: قولوا بسم الله، فإذا قالوا بسم الله فأرادوا إِنَّ يرجعوا حين يمسون، فيقولون: نرجع غدًا فنفتحه. فيصبحون وقد عاد إِلَى مَا كَانَ عليه فَيَقُولُ: قولوا: إِنَّ شاء الله. فيقولون: إِنَّ شاء الله.
فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه عَلَى الناس، فيخرج أول مِنْ يخرج منهم سبعون ألفًا عَلَيْهِمْ التيجان، ثُمَّ يخرجون مِنْ بعد ذَلِكَ أفواجًا فيأتون عَلَى النهر مثل نهركم هَذَا- يَعْنِي الفرات- فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء، ثُمَّ يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون: لقد كان هاهنا ماء مرة، وذلك قول الله فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ والدك: التراب وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا «٢».
١٢٩٨٩ - عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم، حتى إِذَا كادوا إِنَّ يخرقوه قالوا: نرجع إليه غدًا فنفرغ منه، فيرجعون إليه وقد عاد كما كَانَ، فيرجعون فهم كذلك، وَإِذَا بلغ الأمر ألقي عَلَى بعض ألسنتهم يقولون: نأتي إِنَّ شاء الله غدًا، فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هُوَ فيخرقونه فيخرجون، فيأتي أولهم عَلَى البحيرة فيشربون مَا كَانَ فيها مِنْ ماء، ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون مَا كَانَ فيها مِنَ الطين، ويأتي آخرهم عليها فيقولون: قد كان هاهنا مرة ماء. فيرمون بسهامهم نحو السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: قهرنا مِنْ في الأَرْض، وظهرنا عَلَى مِنْ في السَّمَاء، فيدعو عَلَيْهِمْ عيسى بن مريم فيقول:
(١). الدر ٤٦٠- ٤٦١.
(٢). الدر ٤٦٠- ٤٦١. [.....]
2390
قوله :﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾ آية ٩٨
عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾، قَالَ : جعله طريقاً كما كَانَ ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾ قَالَ : لا أدري الجبلين يَعْنِي به أم مَا بينهما ".
عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ : قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : " إِنَّ يأجوج ومأجوج خلف السد، لا يموت الرجل منهم حتى يولد لَهُ ألف لصلبه، وهم يغدون كُلّ يَوْم عَلَى السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض، فيقولون : نرجع غداً ونفتحه، فيصبحون وقد عاد إِلَى ما كان عليه قبل أن يلحس، فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم، فإذا غدوا يلحسون، قَالَ لَهُمْ : قولوا بسم الله، فإذا قالوا : بسم الله، فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون، فيقولون : نرجع غداً فنفتحه، فيصبحون وقد عاد إِلَى مَا كَانَ عليه، فَيَقُولُ : قولوا : إِن شاء الله، فيقولون : إِن شاء الله، فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه عَلَى الناس، فيخرج أول مِنْ يخرج منهم سبعون ألفاً عَلَيْهِمْ التيجان، ثُمَّ يخرجون مِنْ بعد ذَلِكَ أفواجاً فيأتون عَلَى النهر مثل نهركم هَذَا يَعْنِي الفرات، فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء، ثُمَّ يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه، فيقولون : لقد كَانَ ههنا ماء مرة، وذلك قول الله :﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾، والدك : التراب ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ ".
عَنْ كَعْبٍ، قَالَ :" إِنَّ يأجوج، ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم، حتى إِذَا كادوا أن يخرقوه، قالوا : نرجع إليه غداً فنفرغ منه، فيرجعون إليه وقد عاد كما كَانَ، فيرجعون فهم كذلك، وَإِذَا بلغ الأمر ألقي عَلَى بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إِن شاء الله غداً، فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هُوَ فيخرقونه فيخرجون، فيأتي أولهم عَلَى البحيرة فيشربون مَا كَانَ فيها مِنْ ماء، ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون مَا كَانَ فيها مِنَ الطين، ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كَانَ ههنا مرة ماء، فيرمون بسهامهم نحو السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء، فيقولون : قهرنا مِنْ في الأَرْض، وظهرنا عَلَى مِنْ في السَّمَاء، فيدعو عَلَيْهِمْ عِيسَى بن مريم، فَيَقُولُ :
اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد، فأكفناهم بما شئت، فيبعث الله عَلَيْهِمْ دوداً يقال لَهُ النغف، فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأَرْض مِنْ ريحهم، ثُمَّ يبعث الله عَلَيْهِمْ طيراً فتنقل أبدانهم إِلَى البحر، ويرسل الله إِلَيْهِمْ السَّمَاء أربعين يوماً فينبت الأَرْض، حتي أنَّ الرمانة لتشبع أَهْل البيت ".
اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد، فاكفناهم بما شئت. فيبعث الله عَلَيْهِمْ دودًا يقال لَهُ النغف، فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأَرْض مِنْ ريحهم، ثُمَّ يبعث الله عَلَيْهِمْ طيرًا فتنقل أبدانهم إِلَى البحر، ويرسل الله إِلَيْهِمْ السَّمَاء أربعين يومًا فينبت الأَرْض، حتي إِنَّ الرمانة لتشبع أَهْل البيت «١».
قوله: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ
١٢٩٩٠ - عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ قَالَ:
هَذَا أول يَوْم الْقِيَامَة، ثُمَّ ينفخ في الصور عَلَى أثر ذَلِكَ «٢».
١٢٩٩١ - مِنْ طَرِيق هارون بن عنترة، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ قَالَ: الجِنّ والإِنْس يموج بعضهم في بعض «٣»
١٢٩٩٢ - عَنْ هارون بن عنترة، عَنْ شيخ مِنْ بني فزارة فِي قَوْلِهِ: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ قَالَ: إِذَا ماج الجِنّ والإِنْس بعضهم في بعض، قَالَ إبليس: أنا أعلم لكم علم هَذَا الأمر، فيظعن إِلَى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأَرْض، ثُمَّ يظعن إِلَى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأَرْض، ثُمَّ يظعن يمينًا وشمالًا حتى ينتهي إِلَى أقصى الأَرْض فيجد الملائكة قد نطقوا الأَرْض فَيَقُولُ: مَا مِنْ محيص، فبينما هُوَ كذلك إذ عرض لَهُ طَرِيق كأنه شواظ، فأخذ عليه هُوَ وذريته.
فبينما هُوَ كذلك إذ هجم عَلَى النَّار فخرج إليه خازن مِنْ خزان النَّار فقال: يا إبليس، ألم تكن لك المنزلة عند ربك؟ ألم تكن في الجنان؟ فَيَقُولُ: ليس هَذَا يَوْم عتاب، لو إِنَّ الله افترض علي عبادة لعبدته عبادة لَمْ يعبده أحد مِنْ خلقه. فَيَقُولُ:
إِنَّ الله قد فرض عليك فريضة. فَيَقُولُ: مَا هي؟ فَيَقُولُ: يأمرك إِنَّ تدخل النَّار.
فيتلكأ عليه فَيَقُولُ به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النَّار، فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نَبِيّ مرسل إلا جثا لركبتيه «٤».
١٢٩٩٣ - عَنْ يعقوب، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ، قَالَ: الجِنّ والإِنْس، يموج بعضهم في بعض «٥».
(١). الدر ٥/ ٤٦٣.
(٢). الدر ٥/ ٤٦٣.
(٣). الدر ٥/ ٤٦٣.
(٤). الدر ٥/ ٤٦٣.
(٥). ابن كثير ٥/ ٦٩٦.
قوله: الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا
١٢٩٩٤ - عَنْ قَتَادَة فِي
قَوْلِهِ: الَّذِينَ كَانَتِ اعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا قَالَ: كانوا عميًا عَنِ الحق فلا يبصرونه صمًا عنه فلا يسمعونه «١».
١٢٩٩٥ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا قَالَ: لا يعقلون سمعًا «٢»
قوله: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا
١٢٩٩٦ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ قَالَ: ظن كفرة بني آدم إِنَّ يتخذوا الملائكة مِنْ دونه أولياء «٣».
١٢٩٩٧ - عَنْ عِكْرِمَةَ، أنه قرأ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَقُولُ: أفحسبهم ذَلِكَ «٤»
قوله: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا
١٢٩٩٨ - ومن طَرِيق مصعب بن سعد، قَالَ: سألت أَبِي قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا أهم الحرورية؟ قَالَ: لا، هم اليهود والنصارى. أما اليهود، فكذبوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما النصارى، فكذبوا بالجنة، وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب. والحرورية الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ. وكان سعد يسميهم الفاسقين «٥».
١٢٩٩٩ - عَنْ مصعب قَالَ: قلت لأبي: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الحرورية هم؟ قَالَ: لا، ولكنهم أصحاب الصوامع، والحرورية قوم زاغوا ف أزاغ الله قلوبهم.
(١). الدر ٥/ ٤٦٣- ٤٦٥.
(٢). الدر ٥/ ٤٦٣- ٤٦٥.
(٣). الدر ٥/ ٤٦٣- ٤٦٥.
(٤). الدر ٥/ ٤٦٣- ٤٦٥.
(٥). الدر ٥/ ٤٦٥.
قوله :﴿ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ آية ١٠٢
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ ﴾ قَالَ : ظن كفرة بني آدم أنَّ يتخذوا الملائكة مِنْ دونه أولياء ".
عَنْ عِكْرِمَةَ، أنه قرأ ﴿ أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ يَقُولُ : أفحسبهم ذَلِكَ ".
قوله :﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ﴾ آية ١٠٣
ومن طَرِيق مصعب بن سعد، قَالَ : سألت أَبِي " ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ﴾، أهم الحرورية ؟ قَالَ : لا، هم اليهود، والنصارى، أما اليهود، فكذبوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما النصارى، فكذبوا بالجنة، وقالوا : لا طعام فيها، ولا شراب، والحرورية الذين ينقضون عهد الله مِنْ بعد ميثاقه، وكان سعد يسميهم : الفاسقين ".
عَنْ مصعب، قَالَ : قلت لأبي :" ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ﴾ الحرورية هم ؟ قَالَ : لا، ولكنهم أصحاب الصوامع، والحرورية : قوم زاغوا، فأزاغ الله قلوبهم ".
عَنْ أَبِي خميصة عَبْد الله بن قيس، قَالَ : سمعت عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ في هذه الآية :" ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ﴾ إنهم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري ".
عَنْ عَلِيٍّ، أنه سئل عَنْ هذه الآية :" ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ﴾ قَالَ : لا أظن إلا أن الخوارج منهم ".
١٣٠٠٠ - عَنْ أَبِي خميصة عَبْد الله بن قيس قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ في هذه الآية: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا انَّهُمُ الرُّهْبَانُ الَّذِينَ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي السَّوَارِي «١».
١٣٠٠١ - عَنْ عَلِيٍّ أنه سئل عَنْ هذه الآية قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا قَالَ: لا أظن إلا إِنَّ الخوارج منهم «٢».
قوله: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا
١٣٠٠٢ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أبو الوليد، حَدَّثَنَا عَبْد الرحمن بن أَبِي الزناد، عَنْ صالح مولى التوأمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: يؤتى بالرجل الأكول الشروب العظيم، فيوزن بحبة فلا يزنها. قَالَ:
وقرأ: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا «٣».
١٣٠٠٣ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يَوْم الْقِيَامَة لا يزن عند الله جناح بعوضة».
وَقَالَ: «اقرءوا إِنَّ شئتم فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وزنا» «٤».
قوله: جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا
١٣٠٠٤ - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سلوا الله الفردوس فإنها سرة الْجَنَّة، وأن أَهْل الفردوس يسمعون أطيط العرش».
١٣٠٠٥ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الْجَنَّة وأعلى الْجَنَّة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الْجَنَّة».
١٣٠٠٦ - عَنْ سمرة بن جندب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«جنة الفردوس هي ربوة الْجَنَّة العليا التي هي أوسطها وأحسنها» «٥».
١٣٠٠٧ - عَنْ أََبِِي مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الفردوس مقصورة الرحمن، فيها خيار الأنهار والأثمار».
(١). الدر ٥/ ٤٦٥.
(٢). الدر ٥/ ٤٦٥.
(٣). الدر ٥/ ٤٦٥.
(٤). ابن كثير ٥/ ١٩٨. [.....]
(٥). الدر ٥/ ٤٦٥
قوله :﴿ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا ﴾ آية ١٠٧
عَنْ أَبِي أمامة، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سلوا الله الفردوس، فإنها سرة الْجَنَّة، وأن أَهْل الفردوس يسمعون أطيط العرش ".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الْجَنَّة، وأعلى الْجَنَّة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الْجَنَّة ".
عَنْ سمرة بن جندب، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" جنة الفردوس : هي ربوة الْجَنَّة العليا التي هي أوسطها وأحسنها ".
عَنْ أََبِِي مُوسَى الأشعري، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الفردوس مقصورة الرحمن، فيها خيار الأنهار، والأثمار ".
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ : " الفردوس : بستان بالرومية ".
عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ : " الفردوس : هُوَ الكرم بالنبطية، وأصله فرداساً ".
١٣٠٠٨ - عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الفردوس بستان بالرومية «١».
١٣٠٠٩ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: الفردوس هُوَ الكرم بالنبطية، وأصله فرداساً «٢».
قوله: لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا
١٣٠١٠ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا قَالَ: متحولًا «٣».
قوله: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي
١٣٠١١ - عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي يَقُولُ: علم ربي «٤».
١٣٠١٢ - عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي يَقُولُ: ينفد ماء البحر قبل إِنَّ ينفد كلام الله وحكمته «٥».
قوله: فمن كان يرجوا لقاء ربه
١٣٠١٣ - عن (ابن) عباس في قوله: فَمَنْ كَانَ يرجوا لقاء ربه الآية. قَالَ:
نَزَلَتْ في المشركين الذين عبدوا مع الله إلهًا غيره، وليست هذه في المؤمنين «٦».
١٣٠١٤ - عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ رجل: يا نَبِيّ الله، إني أقف مواقف أبتغي وجه الله، وأحب إِنَّ يرى موطني. فلم يرد عليه شيئًا حتى نَزَلَتْ هذه الآية فَمَنْ كَانَ يرجوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا «٧».
١٣٠١٥ - عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ مِنَ المسلمين مِنْ يقاتل وهو يحب إِنَّ يرى مكانه فأنزل الله فمن كان يرجوا لقاء ربه الآية.
(١). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
(٢). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
(٣). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
(٤). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
(٥). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
(٦). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
(٧). الدر ٥/ ٤٦٧- ٤٦٨.
2394
قوله: فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
١٣٠١٦ - عَنْ سعيد فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ كان يرجوا لِقَاءَ رَبِّهِ قَالَ: ثواب ربه فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صالحا ولا يشرك قَالَ: لا يرائي بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا «١».
١٣٠١٧ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: فَمَنِ كَانَ يرجوا لِقَاءَ رَبِّهِ قَالَ: مِنْ كَانَ يخشى البعث في الآخرة فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا مِنْ خلقه «٢».
١٣٠١٨ - عَنْ كثير بن زياد قَالَ: قلت للحسن قول الله: فمن كان يرجوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا قَالَ: في المُؤْمِن نَزَلَتْ.
قلت: أشرك بالله؟ قَالَ: لا، ولكن أشرك بِذَلِكَ العمل عملًا يريد الله به والناس، فذلك يرد عليه «٣».
١٣٠١٩ - عَنْ عَبْد الواحد بن زَيْدٍ قَالَ: قلت للحسن: أخبرني عَنِ الرياء، أشرك هُوَ؟ قَالَ: نعم يا بني، وما تقرأ: فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ ربه أحدا؟ «٤»
١٣٠٢٠ - عن شداد ابن أوس: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«أخاف عَلَى أمتي الشرك والشهوة الخفية. قلت: أتشرك أمتك مِنْ بعدك؟ قَالَ:
نعم، أما إنهم لا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا حجرًا ولا وثنًا، ولكن يراءون الناس بأعمالهم. قلت: يا رَسُول الله، فالشهوة الخفية؟ فقال: يصبح أحدهم صائمًا فتعرض لَهُ شهوة مِنْ شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته»
«٥».
١٣٠٢١ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرويه عَنْ ربه قَالَ:
«أنا خير الشركاء»، فمن عمل عملًا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه، وهو الّذِي أشرك» «٦»
(١). الدر ٥/ ٤٧٠- ٤٧١
(٢). الدر ٥/ ٤٧٠- ٤٧١
(٣). الدر ٥/ ٤٧٠- ٤٧١
(٤). الدر ٥/ ٤٧٠- ٤٧١
(٥). الدر ٥/ ٤٧٠- ٤٧١
(٦). الدر ٥/ ٤٧٠- ٤٧١ [.....]
2395
قوله :﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ﴾ آية ١٠٩
عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ﴾ يَقُولُ : علم ربي ".
عَنْ قَتَادَة، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أن تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ﴾، يَقُولُ : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته ".
قوله :﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ آية ١١٠
عَنْ عباس، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ الآية، قَالَ : نَزَلَتْ في المشركين الذين عبدوا مع الله إلهاً غيره، وليست هذه في المؤمنين ".
عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ : قَالَ رجل : يا نَبِيّ الله، " إني أقف مواقف أبتغي وجه الله، وأحب أن يرى موطني، فلم يرد عليه شيئاً حتى نَزَلَتْ هذه الآية :﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ ".
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ : " كَانَ مِنَ المسلمين مِنْ يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه، فأنزل الله :﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ " الآية.
قوله :﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾
عَنْ سعيد، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾، قَالَ : ثواب ربه، ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا ﴾، قَالَ : لا يرائي :﴿ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ ".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ :" ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾، قَالَ : مِنْ كَانَ يخشى البعث في الآخرة :﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾، مِنْ خلقه ".
عَنْ كثير بن زياد، قَالَ : قلت للحسن، قول الله :" ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾، قَالَ : في المُؤْمِن نَزَلَتْ، قلت : أشرك بالله ؟ قَالَ : لا، ولكن أشرك بِذَلِكَ العمل عملاً يريد الله به والناس، فذلك يرد عليه ".
عَنْ عَبْد الواحد بن زَيْدٍ، قَالَ : قلت للحسن : " أخبرني عَنِ الرياء، أشرك هُوَ ؟ قَالَ : نعم يا بني، وما تقرأ :﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ ؟ ".
عَنْ شداد بن أوس، سمعت رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ : " أخاف عَلَى أمتي : الشرك، والشهوة الخفية، قلت : أتشرك أمتك مِنْ بعدك ؟ قَالَ : نعم، أما إنهم لا يعبدون شمساً، ولا قمراً، ولا حجراً، ولا وثناً، ولكن يراؤون الناس بأعمالهم، قلت : يا رَسُول الله، فالشهوة الخفية ؟ فقال : يصبح أحدهم صائماً، فتعرض لَهُ شهوة مِنْ شهواته، فيترك صومه ويواقع شهوته ".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرويه عَنْ ربه، قَالَ : " أنا خير الشركاء "، فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري، فأنا بريء منه، وهو الّذِي أشرك ".
Icon