تفسير سورة سورة ص من كتاب النكت والعيون
المعروف بـتفسير الماوردي
.
لمؤلفه
الماوردي
.
المتوفي سنة 450 هـ
سورة ص مكية في قول جميعهم
ﰡ
﴿ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص﴾ قوله عز وجل: ﴿ص﴾ فيه تسعة تأويلات: أحدها: أنه فواتح الله تعالى بها القرآن، قاله مجاهد. الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. الثالث: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عباس. الرابع: أنه حرف هجاء من أسماء الله تعالى، قاله السدي. الخامس: أنه بمعنى صدق الله، قاله الضحاك. السادس: أنه من المصادة وهي المعارضة ومعناه عارض القرآن لعلمك، قاله الحسن. السابع: أنه من المصادة وهي الاتباع ومعناه اتبع القرآن بعلمك، قاله سفيان. ﴿والقرآن ذي الذكر﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: ذي الشرف، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي. الثاني: بالبيان، قاله قتادة. الثالث: بالتذكير، قاله الضحاك. الرابع: ذكر ما قبله من الكتب، حكاه ابن قتيبة. قال قتادة: ها هنا وقع القسم.
75
واختلف أهل التأويل في جوابه على قولين: أحدهما: أن جواب القسم محذوف وحذفه أفخم له لأن النفس تذهب فيه كل مذهب. ومن قال بحذفه اختلفوا فيه على قولين: أحدهما: أن تقدير المحذوف منه لقد جاء الحق. الثاني: تقديره ما الأمر كما قالوا. والقول الثاني: من الأصل أن جواب القسم مظهر، ومن قال بإظهاره اختلفوا فيه على قولين: أحدهما: قوله تعالى ﴿كم أهلكنا من قبلهم من قرن﴾ قاله الفراء. الثاني: من قوله تعالى ﴿إن ذلك لحق تخاصم أهل النار﴾ وهو قول مقاتل. أحدها: يعني في حمية وفراق، قاله قتادة. الثاني: في تعزز واختلاف، قاله السدي. الثالث: في أنفة وعداوة. ويحتمل رابعاً: في امتناع ومباعدة. ﴿كم أهلكنا مِن قَبْلِهم﴾ يعني قبل كفار هذه الأمة. ﴿من قرن﴾ فيه قولان: أحدهما: يعني من أمة، قاله أبو مالك. الثاني: أن القرن زمان مقدور وفيه سبعة أقاويل: أحدها: أنه عشرون سنة، قاله الحسن. الثاني: أربعون سنة، قاله إبراهيم. الثالث: ستون سنة، رواه أبو عبيدة الناجي. الرابع: سبعون سنة، قاله قتادة. الخامس: ثمانون سنة، قاله الكلبي. السادس: مائة سنة، رواه عبد الله بن بشر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
76
السابع: عشرون ومائة سنة، قاله زرارة بن أوفى. قوله عز وجل: ﴿فنادوا ولات حين مناص﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: استغاثوا. الثاني: دعوا. ولات حين مناص التاء من لات مفصولة من الحاء وهي كذلك في المصحف، ومن وصلها بالحاء فقد أخطأ. وفيها وجهان: أحدها: أنها بمعنى لا وهو قول أبي عبيدة. الثاني: أنها بمعنى ليس ولا تعمل إلا في الحين خاصة، قال الشاعر:
وفي تأويل قوله تعالى ﴿ولات حين مناص﴾ خمسة أوجه: أحدها: وليس حين ملجأ، قاله زيد بن أسلم. الثاني: وليس حين مَغاث، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنه قول علي رضي الله عنه في رجز له:
الثالث: وليس حين زوال، وراه أبو قابوس عن ابن عباس، ومنه قول الشاعر:
الرابع: وليس حين فرار، قاله عكرمة والضحاك وقتادة قال الفراء مصدر من ناص ينوص. والنوص بالنون التأخر، والبوص بالباء التقدم وأنشد قول امريء القيس:
(تذكر حب ليلى لات حيناً | وأضحى الشيب قد قطع القرينا) |
(لأصبحنّ العاصي بن العاصي | سبعين ألفاً عاقِدي النواصي) |
(قد جنبوا الخيل على الدلاصِ | آساد غيل حين لا مناص) |
(فهم خشوع لدية لا مناص لهم | يضمهم مجلس يشفي من الصيد) |
(أمِن ذكر ليلى إن نأتك تنوص | فتقصر عنها خطوة وتبوص) |
تذكر حب ليلى لات حيناً | وأضحى الشيب قد قطع القرينا |
أحدها : وليس حين ملجأ، قاله زيد بن أسلم. الثاني : وليس حين مَغاث، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنه قول علي رضي الله عنه في رجز له :
لأصبحنّ العاصي بن العاصي | سبعين ألفاً عاقِدي النواصي |
قد جنبوا الخيل على الدلاصِ | آساد غيل حين لا مناص |
فهم خشوع لدية لا مناص لهم | يضمهم مجلس يشفي من الصيد |
أمِن ذكر ليلى إن نأتك تنوص | فتقصر عنها خطوة وتبوص |
الخامس : أن النوص بالنون التقدم، والبوص بالباء التأخر، وهو من الأضداد، وكانوا إذا أحسوا في الحرب بفشل قال بعضهم لبعض : مناص. أي حملة واحدة، فينجو فيها من نجا ويهلك فيها من هلك، حكاه الكلبي. فصار تأويله على هذا الوجه ما قاله السدي أنهم حين عاينوا الموت لم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة.
١ الذي أصبح معروفا هو أن القرآن مائة سنة..
﴿وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب﴾ قوله عز وجل: ﴿أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب﴾ أمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله أيسع لحاجَاتنا جميعاً إله واحد إن هذا لشيء عجاب بمعنى عجيب كما يقال رجل طوال وطويل، وكان الخليل يفرق بينهما في المعنى فيقول العجيب هو الذي قد يكون مثله والعجاب هو الذي لا يكون مثله، وكذلك الطويل والطوال. قوله عز وجل: ﴿وانطلق الملأ منهم﴾ والانطلاق الذهاب بسهولة ومنه طلاقة الوجه وفي الملأ منهم قولان: أحدهما: أنه عقبة بن معيط، قاله مجاهد. الثاني: أنه أبو جهل بن هشام أتى أبا طالب في مرضه شاكياً من رسول الله ﷺ ثم انطلق من عنده حين يئس من كفه، قاله ابن عباس. ﴿أَنِ امشوا واصبروا على آلهتكم﴾ فيه وجهان:
78
أحدهما: اتركوه واعبدوا آلهتكم. الثاني: امضوا على أمركم في المعاندة واصبروا على آلهتكم في العبادة، والعرب تقول: امش على هذا الأمر، أي امض عليه والزمه. ﴿إن هذا لشيء يراد﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وقوي به الإسلام شق على قريش فقالوا إن الإسلام عمر فيه قوة للإسلام وشيء يراد، قاله مقاتل. الثاني: أن خلاف محمد لنا ومفارقته لديننا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا. قوله عز وجل: ﴿ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة﴾ فيه أربعة أقويل: أحدها: في النصرانية لأنها كانت آخر الملل، قاله ابن عباس وقتادة والسدي. الثاني: فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الحكم. الثالث: في ملة قريش، قاله مجاهد. الرابع: معناه أننا ما سمعنا أنه يخرج ذلك في زماننا، قاله الحسن. ﴿إن هذا إلا اختلاق﴾ أي كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم. قوله عز وجل: ﴿أم عندهم خزائن رحمة ربك﴾ قال السدي مفاتيح النبوة فيعطونها من شاؤوا ويمنعونها من شاءُوا. قوله عز وجل: ﴿فليرتقوا في الأسباب﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: في السماء، قاله ابن عباس. الثاني: في الفضل والدين، قاله السدي. الثالث: في طرق السماء وأبوابها، قاله مجاهد. الرابع: معناه فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة، وهو معنى قول أبي عبيدة.
79
قوله عز وجل: ﴿جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب﴾ قال سعيد بن جبير: هم مشركو مكة و ﴿ما﴾ صلة للتأكيد، تقول: جئتك لأمر ما. قال الأعشى:
ومعنى قوله جند أي أتباع مقلِّدون ليس فيهم عالم مرشد. ﴿مهزوم من الأحزاب﴾ يعني مشركي قريش أنه أحزاب إبليس وأتباعه وقيل لأنهم تحازبوا على الجحود لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: فبشره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويلها يوم بدر.
(فاذهبي ما إليك ادركني الحلم | عداني عن هيجكم أشغالي) |
80
قوله عز وجل ﴿ أجعل الآلهة إلها واحدا أن هذا لشيء عجاب ﴾ أمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله : أيسع لحاجاتنا جميعا إله واحد إن هذا لشيء عجاب بمعنى عجيب كما يقال رجل طوال وطويل، وكان الخليل يفرق بينهما في المعنى فيقول العجيب هو الذي قد يكون مثله < والعجاب هو الذي لا يكون مثله وكذلك الطويل والطوال.
قوله عز وجل :﴿ وانطلق الملأ منهم ﴾ : والانطلاق الذهاب بسهولة ومنه طلاقه الوجه، وفي الملأ منهم> قولان : أحدهما : أنه عقبة بن أبي معيط، قاله مجاهد. الثاني : أنه أبو جهل بن هشام أتى أبا طالب في مرضه شاكيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق من عنده حين يئس من كفه، قاله ابن عباس.
﴿ أن امشوا واصبروا على آلهتكم ﴾ فيه وجهان : أحدهما : اتركوه واعبدوا آلهتكم. الثاني : امضوا على أمركم في المعاندة واصبروا على آلهتكم في العبادة، والعرب تقول : امش على هذا الأمر، أي امض عليه وألزمه.
﴿ إن هذا لشيء يراد ﴾ : فيه وجهان : أحدهما : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وقوي به الإسلام شق على قريش فقالوا إن إسلام عمر فيه قوة للإسلام وشيء يراد، قاله مقاتل. الثاني : أن خلاف محمد لنا ومفارقته لديننا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا.
﴿ أن امشوا واصبروا على آلهتكم ﴾ فيه وجهان : أحدهما : اتركوه واعبدوا آلهتكم. الثاني : امضوا على أمركم في المعاندة واصبروا على آلهتكم في العبادة، والعرب تقول : امش على هذا الأمر، أي امض عليه وألزمه.
﴿ إن هذا لشيء يراد ﴾ : فيه وجهان : أحدهما : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وقوي به الإسلام شق على قريش فقالوا إن إسلام عمر فيه قوة للإسلام وشيء يراد، قاله مقاتل. الثاني : أن خلاف محمد لنا ومفارقته لديننا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا.
قوله عز وجل :﴿ ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ﴾ : فيه أربعة أقاويل : أحدها : في النصرانية لأنها كانت آخر الملل، قاله ابن عباس وقتادة والسدي. الثاني : فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الحكم. الثالث : في ملة قريش. قاله مجاهد. الرابع : معناه أننا ما سمعنا أنه يخرج ذلك في زماننا قاله الحسن.
﴿ إن هذا إلا اختلاق ﴾ أي : كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ إن هذا إلا اختلاق ﴾ أي : كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله عز وجل :﴿ أم عندهم خزائن رحمة ربك ﴾ : قال السدي : مفاتيح النبوة فيعطونها من شاؤوا ويمنعونها من شاؤوا.
قوله عز وجل :﴿ فليرتقوا في الأسباب ﴾ فيه أربعة تأويلات : أحدها : في السماء، قاله ابن عباس. الثاني : في الفضل والدين، قاله السدي. الثالث : في طرق السماء وأبوابها، قاله مجاهد. الرابع : معناه فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة، وهو معنى قول أبي عبيدة.
قوله عز وجل :﴿ جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ﴾ : قال سعيد بن جبير : هم مشركو مكة، و " ما " صلة للتأكيد، تقول : جئتك لأمر ما. قال الأعشي :
فاذهبي ما إليك أدركني الحلم*** عداني عن هيجكم أشغالي
ومعنى قوله : جند، أي : أتباع مقلّدون ليس فيهم عالم مرشد.
﴿ مهزوم من الأحزاب ﴾ يعني : مشركي قريش أنهم أحزاب إبليس وأتباعه وقيل لأنهم تحازبوا على الجحود لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال قتادة : فبشره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويلها يوم بدر.
فاذهبي ما إليك أدركني الحلم*** عداني عن هيجكم أشغالي
ومعنى قوله : جند، أي : أتباع مقلّدون ليس فيهم عالم مرشد.
﴿ مهزوم من الأحزاب ﴾ يعني : مشركي قريش أنهم أحزاب إبليس وأتباعه وقيل لأنهم تحازبوا على الجحود لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال قتادة : فبشره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويلها يوم بدر.
﴿كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب﴾ قوله عز وجل: ﴿كذبت قبلهم قوم نوح﴾ ذكر الله عز وجل القوم بلفظ التأنيث، واختلف أهل العربية في تأنيثه على قولين: أحدهما: أنه قد يجوز فيه التأنيث والتذكير. الثاني: أنه مذكر اللفظ لا يجوز تأنيثه إلا أن يقع المعنى على العشيرة فيغلب في اللفظ حكم المعنى المضمر تنبيهاً عليه كقوله تعالى ﴿كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره﴾ ولم يقل ذكرها لأنه لما كان المضمر فيه مذكوراً ذكره وإن كان اللفظ مقتضياً للتأنيث. ﴿وعادٌ﴾ وهم قوم هود كانوا بالأحقاف من أرض اليمن، قال ابن اسحاق: كانوا أصحاب أصنام يعبدونها، وكانت ثلاثة يقال لأحدها هدر وللآخر صمور للآخر الهنا، فأمرهم هود أن يوحدوا الله سبحانه ولا يجعلوا معه إِلهاً غيره ويكفوا عن ظلم الناس ولم يأمرهم إلا بذلك.
80
﴿وفرعون ذُو الأوتاد﴾ وفي تسميته بذي الأوتاد أربعة أقاويل: أحدها: أنه كان كثير البنيان، والبنيان يسمى أوتاداً، قاله الضحاك. الثاني: أنه كانت له ملاعب من أوتاد يلعب عليها، قاله ابن عباس وقتادة. الثالث: لأنه كان يعذب الناس بالأوتاد، قاله السدي. والرابع: أنه يريد ثابت الملك شديد القوة كثبوت ما يشج بالأوتاد كما قال الأسود بن يعفر:
﴿وثمود﴾ وهم عرب وحكى مقاتل أن عاداً وثمود أبناء عم، وكانت منازل ثمود بالحجر بين الحجاز والشام منها وادي القرى، بعث الله إليهم صالحاً، واختلف في إيمانهم به، فذكر ابن عباس أنهم آمنوا ثم مات فرجعوا بعده عن الإيمان فأحياه الله تعالى وبعثه إليهم وأعلمهم أنه صالح فكذبوه وقالوا قد مات صالح فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأتاهم الله الناقة، فكفروا وعقروها، فأهلكهم الله. وقال ابن إسحاق: إن الله بعث صالحاً شاباً فدعاهم حتى صار شيخاً، فقروا الناقة ولم يؤمنوا حتى هلكوا. ﴿وقوم لوط﴾ لم يؤمنوا حتى أهلكهم الله تعالى. قال مجاهد: وكانوا أربعمائة ألف بيت في كل بيت عشرة. وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء إلا يقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا آل لوط فإنه يقوم القيامة وحده. ﴿وأصحاب الأيكة﴾ بعث الله إليهم شعيباً. وفي ﴿الأيكة﴾ قولان: أحدهما: أنها الغيضة، قاله ابن عباس. الثاني: أنه الملتف من النبع والسدر قاله أبو عمرو بن العلاء. قال قتادة: بعث شعيب إلى أمتين من الناس إلى أصحاب الإيكة وإلى مدين، وعذبتا بعذابين. ﴿أولئك الأحزاب﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أحزاب على الأنبياء بالعداوة. الثاني: أحزاب الشياطين بالموالاة.
(ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة | في ظل ملك ثابت الأوتاد) |
81
قوله عز وجل: ﴿وما ينظر هؤلاء﴾ يعني كفار هذه الأمة. ﴿إلا صيحة واحدة﴾ يعني النفخة الأولى. ﴿ما لها من فواق﴾ قرأ حمزة والكسائي بضم الفاء، والباقون بفتحها، واختلف في الضم والفتح على قولين: أحدهما: أنه بالفتح من الإفاضة وبالضم فُواق الناقة وهو قدر ما بين الحلبتين تقديراً للمدة. الثاني: معناهما واحد، وفي تأويله سبعة أقاويل: أحدها: معناه ما لها من ترداد، قاله ابن عباس. الثاني: ما لها من حبس، قاله حمزة بن إسماعيل. الثالث: من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن وقتادة. الرابع: من رحمة. وروي عن ابن عباس أيضاً. الخامس: ما لها من راحة، حكاه أبان بن تغلب. السادس: ما لها من تأخير لسرعتها قال الكلبي، ومنه قول أبي ذؤيب:
(إذا ماتت عن الدنيا حياتي... فيا ليت القيامة عن فواق)
السابع: ما لهم بعدها من إقامة، وهو بمعنى قول السدي. قوله عز وجل: ﴿وقالوا ربنا عَجَّل لنا قِطنا... ﴾ الآية. فيه خمسة تأويلات: أحدها: معنى ذلك عجل لنا حظنا من الجنة التي وعدتنا، قاله ابن جبير. الثاني: عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس. الثالث: عجل لنا رزقنا، قاله إسماعيل بن أبي خالد. الرابع: أرنا منازلنا، قاله السدي. الخامس: عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة وهو قوله ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه... وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ استهزاء منهم بذلك. وأصل القط القطع، ومنه قط القلم وقولهم ما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه وأطلق على النصيب.
(إذا ماتت عن الدنيا حياتي... فيا ليت القيامة عن فواق)
السابع: ما لهم بعدها من إقامة، وهو بمعنى قول السدي. قوله عز وجل: ﴿وقالوا ربنا عَجَّل لنا قِطنا... ﴾ الآية. فيه خمسة تأويلات: أحدها: معنى ذلك عجل لنا حظنا من الجنة التي وعدتنا، قاله ابن جبير. الثاني: عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس. الثالث: عجل لنا رزقنا، قاله إسماعيل بن أبي خالد. الرابع: أرنا منازلنا، قاله السدي. الخامس: عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة وهو قوله ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه... وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ استهزاء منهم بذلك. وأصل القط القطع، ومنه قط القلم وقولهم ما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه وأطلق على النصيب.
82
والكتاب والرزق لقطعه من غيره إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالاً وأقوى حقيقة، قال أمية بن أبي الصلت:
وفيه لمن قال بهذا قولان: أحدهما أنه ينطلق على كل كتاب يتوثق به. الثاني: أنه مخص بالكتاب الذي فيه عطية وصلة، قاله ابن بحر.
(قوم لهم ساحة العراق وما | يجبى إليه والقط والقلح) |
83
﴿ وثمود ﴾ وهم عرب وحكى مقاتل أن عاداً وثمود أبناء عم، وكانت منازل ثمود بالحجر بين الحجاز والشام منها وادي القرى، بعث الله إليهم صالحاً، واختلف في إيمانهم به، فذكر ابن عباس أنهم آمنوا ثم مات فرجعوا بعده عن الإيمان فأحياه الله تعالى وبعثه إليهم، وأعلمهم أنه صالح فكذبوه وقالوا قد مات صالح فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأتاهم الله الناقة، فكفروا وعقروها، فأهلكهم الله.
وقال ابن إسحاق : إن الله بعث صالحاً شاباً فدعاهم حتى صار شيخاً، فعقروا الناقة ولم يؤمنوا حتى هلكوا.
﴿ وقوم لوط ﴾ لم يؤمنوا حتى أهلكهم الله تعالى. قال مجاهد : وكانوا أربعمائة ألف بيت في كل بيت عشرة. وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء إلا يقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا آل لوط فإنه يقوم القيامة وحده.
﴿ وأصحاب الأيكة ﴾ بعث الله إليهم شعيباً. وفي ﴿ الأيكة ﴾ قولان : أحدهما : أنها الغيضة، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه الملتف من النبع والسدر قاله أبو عمرو بن العلاء. قال قتادة : بعث شعيب إلى أمتين من الناس إلى أصحاب الأيكة وإلى مدين، وعذبتا بعذابين.
﴿ أولئك الأحزاب ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : أحزاب على الأنبياء بالعداوة. الثاني : أحزاب الشياطين بالموالاة.
وقال ابن إسحاق : إن الله بعث صالحاً شاباً فدعاهم حتى صار شيخاً، فعقروا الناقة ولم يؤمنوا حتى هلكوا.
﴿ وقوم لوط ﴾ لم يؤمنوا حتى أهلكهم الله تعالى. قال مجاهد : وكانوا أربعمائة ألف بيت في كل بيت عشرة. وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء إلا يقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا آل لوط فإنه يقوم القيامة وحده.
﴿ وأصحاب الأيكة ﴾ بعث الله إليهم شعيباً. وفي ﴿ الأيكة ﴾ قولان : أحدهما : أنها الغيضة، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه الملتف من النبع والسدر قاله أبو عمرو بن العلاء. قال قتادة : بعث شعيب إلى أمتين من الناس إلى أصحاب الأيكة وإلى مدين، وعذبتا بعذابين.
﴿ أولئك الأحزاب ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : أحزاب على الأنبياء بالعداوة. الثاني : أحزاب الشياطين بالموالاة.
قوله عز وجل :﴿ وما ينظر هؤلاء ﴾ يعني كفار هذه الأمة.
﴿ إلا صيحة واحدة ﴾ يعني النفخة الأولى.
﴿ ما لها من فواق ﴾ قرأ حمزة والكسائي بضم الفاء، والباقون بفتحها، واختلف في الضم والفتح على قولين :
أحدهما : أنه بالفتح من الإفاقة وبالضم فُواق الناقة وهو قدر ما بين الحلبتين تقديراً للمدة. الثاني : معناهما واحد، وفي تأويله سبعة أقاويل : أحدها : معناه ما لها من ترداد، قاله ابن عباس. الثاني : ما لها من حبس، قاله حمزة بن إسماعيل. الثالث : من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن وقتادة. الرابع : من رحمة. وروي عن ابن عباس أيضاً.
الخامس : ما لها من راحة، حكاه أبان بن تغلب. السادس : ما لها من تأخير لسرعتها قال الكلبي، ومنه قول أبي ذؤيب :
السابع : ما لهم بعدها من إقامة، وهو بمعنى قول السدي.
﴿ إلا صيحة واحدة ﴾ يعني النفخة الأولى.
﴿ ما لها من فواق ﴾ قرأ حمزة والكسائي بضم الفاء، والباقون بفتحها، واختلف في الضم والفتح على قولين :
أحدهما : أنه بالفتح من الإفاقة وبالضم فُواق الناقة وهو قدر ما بين الحلبتين تقديراً للمدة. الثاني : معناهما واحد، وفي تأويله سبعة أقاويل : أحدها : معناه ما لها من ترداد، قاله ابن عباس. الثاني : ما لها من حبس، قاله حمزة بن إسماعيل. الثالث : من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن وقتادة. الرابع : من رحمة. وروي عن ابن عباس أيضاً.
الخامس : ما لها من راحة، حكاه أبان بن تغلب. السادس : ما لها من تأخير لسرعتها قال الكلبي، ومنه قول أبي ذؤيب :
إذا ماتت عن الدنيا حياتي | فيا ليت القيامة عن فواق |
قوله عز وجل :﴿ وقالوا ربنا عَجَّل لنا قِطّنا. . . ﴾ الآية. فيه خمسة تأويلات :
أحدها : معنى ذلك عجل لنا حظنا من الجنة التي وعدتنا، قاله ابن جبير.
الثاني : عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس.
الثالث : عجل لنا رزقنا، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الرابع : أرنا منازلنا، قاله السدي.
الخامس : عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة وهو قوله ﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه. . . وأما من أوتي كتابه بشماله ﴾ استهزاء منهم بذلك. وأصل القط القطع، ومنه قط القلم، وقولهم ما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه وأطلق على النصيب والكتاب والرزق لقطعه من غيره إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالاً وأقوى حقيقة. قال أمية بن أبي الصلت :
وفيه لمن قال بهذا قولان :
أحدهما أنه ينطلق على كل كتاب يتوثق به.
الثاني : أنه مختص بالكتاب الذي فيه عطية وصلة، قاله ابن بحر.
أحدها : معنى ذلك عجل لنا حظنا من الجنة التي وعدتنا، قاله ابن جبير.
الثاني : عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس.
الثالث : عجل لنا رزقنا، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الرابع : أرنا منازلنا، قاله السدي.
الخامس : عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة وهو قوله ﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه. . . وأما من أوتي كتابه بشماله ﴾ استهزاء منهم بذلك. وأصل القط القطع، ومنه قط القلم، وقولهم ما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه وأطلق على النصيب والكتاب والرزق لقطعه من غيره إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالاً وأقوى حقيقة. قال أمية بن أبي الصلت :
قوم لهم ساحة العراق وما | يجبى إليه والقط والقلم |
أحدهما أنه ينطلق على كل كتاب يتوثق به.
الثاني : أنه مختص بالكتاب الذي فيه عطية وصلة، قاله ابن بحر.
﴿اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب﴾ قوله عز وجل: ﴿اصبر على ما يقولون﴾ يعني كما صبر أولو العزم من الرسل لا كمن لم يصبر مثل يونس. ﴿واذكر عبدنا داود﴾ أي فإنا نحسن إليك كما أحسنا إلى داود قبلك بالصبر. ﴿ذا الأيد﴾ فيه قولان: أحدهما: ذا النعم التي أنعم الله بها عليه لأنها جمع يد حذفت منه الياء، واليد النعمة. الثاني: ذا القوة، قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد، ومنه ﴿والسماء بنيناها بأيد﴾ أي بقوة. وفيما نسب داود إليه من القوة قولان: أحدهما: القوة في طاعة الله والنصر في الحرب، قاله مجاهد. الثاني: ذا القوة في العبادة والفقه في الدين قاله قتادة. وذكر أنه كان يقوم نصف الليل ويصوم نصف الدهر.
83
﴿إنه أواب﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه التواب، قاله مجاهد وابن زيد. الثاني: أنه الذي يؤوب إلى الطاعة ويرجع إليها، حكاه ابن زيد. الثالث: أنه المسبح، قاله الكلبي. الرابع: أنه الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها، قاله المنصور. قوله عز وجل: ﴿وشَدَدنا ملكه﴾ فيه وجهان: أحدهما: بالتأييد والنصر. الثاني: بالجنود والهيبة. قال قتادة: باثنين وثلاثين ألف حرس. ﴿وآتيناه الحكمة﴾ فيها خمسة تأويلات: أحدها: النبوة، قاله السدي. الثاني: السنّة، قاله قتادة. الثالث: العدل، قاله ابن نجيح. الرابع: العلم والفهم، قاله شريح. الخامس: الفضل والفطنة. ﴿وفصل الخطاب﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: على القضاء والعدل فيه، قاله ابن عباس والحسن. الثاني: تكليف المدعي البينة والمدعَى عليه اليمين، قاله شريح وقتادة. الثالث: قوله أما بعد، وهو أول من تكلم بها، قاله أبو موسى الأشعري والشعبي. الرابع: أنه البيان الكافي في كل غرض مقصود. الخامس: أنه الفصل بين الكلام الأول والكلام الثاني.
84
قوله عز وجل :﴿ وشَدَدنا ملكه ﴾ فيه وجهان : أحدهما : بالتأييد والنصر. الثاني : بالجنود والهيبة. قال قتادة : باثنين وثلاثين ألف حرس.
﴿ وآتيناه الحكمة ﴾ : فيها خمسة تأويلات : أحدها : النبوة، قاله السدي. الثاني : السنّة، قاله قتادة. الثالث : العدل، قاله ابن نجيح. الرابع : العلم والفهم، قاله شريح. الخامس : الفضل والفطنة.
﴿ وفصل الخطاب ﴾ : فيه خمسة تأويلات : أحدها : على القضاء والعدل فيه، قاله ابن عباس والحسن. الثاني : تكليف المدعي البينة والمدعَى عليه اليمين، قاله شريح وقتادة. الثالث : قوله أما بعد، وهو أول من تكلم بها، قاله أبو موسى الأشعري والشعبي. الرابع : أنه البيان الكافي في كل غرض مقصود. الخامس : أنه الفصل بين الكلام الأول والكلام الثاني.
﴿ وآتيناه الحكمة ﴾ : فيها خمسة تأويلات : أحدها : النبوة، قاله السدي. الثاني : السنّة، قاله قتادة. الثالث : العدل، قاله ابن نجيح. الرابع : العلم والفهم، قاله شريح. الخامس : الفضل والفطنة.
﴿ وفصل الخطاب ﴾ : فيه خمسة تأويلات : أحدها : على القضاء والعدل فيه، قاله ابن عباس والحسن. الثاني : تكليف المدعي البينة والمدعَى عليه اليمين، قاله شريح وقتادة. الثالث : قوله أما بعد، وهو أول من تكلم بها، قاله أبو موسى الأشعري والشعبي. الرابع : أنه البيان الكافي في كل غرض مقصود. الخامس : أنه الفصل بين الكلام الأول والكلام الثاني.
{وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه
84
وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قوله عز وجل: ﴿وهل أتاك نبأ الخَصْم﴾ والخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة لأن أصله المصدر. ﴿إذ تسوروا المحراب﴾ ومعنى تسوروا أنهم أتوه من أعلى سورة وفي المحراب أربعة أقاويل: أحدها: أنه صدر المجلس، ومنه محراب المسجد، قاله أبو عبيدة. الثاني: مجلس الأشراف الذي يتحارب عليه لشرف صاحبه، حكاه ابن عيسى. الثالث: أنه المسجد، قاله يحيى بن سلام. الرابع: أنه الغرفة لأنهم تسوروا عليه فيها. ﴿إذ دخلوا على داود ففزع منهم﴾ وسبب ذلك ما حكاه ابن عيسى: إن داود حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم، فقيل له إنك ستبتلى وتعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك، فأخذ الزبور ودخل المحراب ومنع من الدخول عليه، فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر كأحسن ما يكون من الطير فجعل يدرج بين يديه، فهمّ أن يستدرجه بيده فاستدرج حتى وقع في كوة المحراب فدنا منه ليأخذه فانتفض فاطلع لينظره فأشرف على امرأة تغتسل فلما رأته غطت جسدها بشعرها، قال السدي فوقعت
85
في قلبه، قال ابن عباس وكان زوجها غازياً في سبيل الله، قال مقاتل وهو أوريا بن حنان، فكتب داود إلى أمير الغزاة أن يجعل زوجها في حملة التابوت، وكان حملة التابوت إما أن يفتح الله عليهم أو يقتلوا، فقدمه فيهم فقتل، فلما انقضت عدتها خطبها داود فاشترطت عليه إن ولدت غلاماً أن يكون الخليفة بعده، وكتبت عليه بذلك كتاباً وأشهدت عليه خمسين رجلاً من بني إسرائيل فلم يشعر بفتنتها حتى ولدت سليمان وشب وتسور عليه الملكان وكان من شأنهما ما قَصَّه الله في كتابه. وفي فزعه منهما قولان: أحدهما: لأنهم تسوروا عليه من غير باب. الثاني: لأنهم أتوه في غير وقت جلوسه للنظر. ﴿قالوا لا تخف خصمان بَغَى بعضنا على بعض﴾ وكانا ملكين ولم يكونا خصمين ولا باغيين، ولا يأتي منهما كذب، وتقدير كلامها: ما تقول إن أتاك خصمان وقالا بغى بعضنا على بعض. وثنى بعضهم هنا وجمعه في الأول حيث قال: ﴿وهل أتاك نبأ الخصم﴾ لأن جملتهم جمعت، وهم فريقان كل واحد منهما خصم. ﴿فاحكم بيننا بالحق﴾ أي بالعدل. ﴿ولا تشطط﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: لا تملْ، قاله قتادة. الثاني: لا تَجُر، قاله السدي. الثالث: لا تسرف، قاله الأخفش. وفي أصل الشطط قولان: أحدهما: أن أصله البعد من قولهم شطط الدار إذا بعدت، قال الشاعر:
الثاني: الإفراط. قال الشاعر:
(تشطط غداً دار جيراننا | والدار بعد غد أبعد) |