ﰡ
[سورة فصلت (٤١) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١)قوله تعالى: حم [١] يعني قضى في اللوح المحفوظ، وكتب فيه ما هو كائن.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤ الى ٥]
بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥)
قوله: بَشِيراً وَنَذِيراً [٤] قال: بشيراً بالجنة لمن أطاعه واتبع ما فيه، ونذيراً بالنار لمن عصاه وأعرض عن مراد الله فيه وخالفه.
قوله تعالى: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ [٥] قال: أي في أغطية الإهمال فمالت إلى الشهوة والهوى، فلا تعقل دعوة الحق، وَفِي آذانِنا [٥] التي في القلوب وَقْرٌ [٥] أي ثقل من الصمم عن الخير، فلا تسمع هواتف الحق، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [٥] أي ستر من الهوى وجبلة الطبع، لا نراك كما يراك غيرنا.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٢٤]
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)
قوله: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ [٢٤] يعني إن يستقيلوا لا يقالوا، وإن اعتذروا لا يعذروا.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٣٠]
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)
قوله: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا [٣٠] قال: أي لم يشركوا بعده، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «هم أمتي ورب الكعبة استقاموا ولم يشركوا كما فعلت اليهود والنصارى» «١»، قال عمر رضي الله عنه: لم يروغوا روغان الثعالب «٢».
قوله: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا [٣٠] يعني عند الموت. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «يقول الله تعالى: ما ترددت في شيء كترددي في قبض روح المؤمن» «٣»، أي ما رددت الملائكة إلى شيء كردهم إلي عبدي المؤمن في قبض روحه بالبشارة وبالكرامة، أن لا تخافوا على أنفسكم ولا تحزنوا يوم الجمع، كما قال: لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ [الأنبياء: ١٠٣] قال: المتولي لجملتكم بالرضا، الحافظ قلوبكم، المقر أعينكم بالتجلي، جزاء لتوحيدكم، وتفضلاً من ربكم.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٣٣]
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)
وقوله: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ [٣٣] أي ممن دل على الله وعلى عبادته وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، واجتناب المناهي، وإدامة الاستقامة مع الله، والاستقامة به خوفاً من الخاتمة، وفي الطريقة الوسطى، والجادة المستقيمة التي من سلكها سلم، ومن تعداها ندم.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٤٩]
لاَّ يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩)
قوله: لاَّ يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ [٤٩] قال: لا يمل من ذكر ربه وشكره وحمده والثناء عليه.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٥١]
وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١)
قوله: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ [٥١] قال: يعني عن الدعاء والشكر على ما أنعم به عليه، واشتغل بالنعمة، وافتخر بغير مفتخر به.
[سورة فصلت (٤١) : آية ٥٣]
سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)
قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ [٥٣] يعني الموت، قال: والموت خاص وعام، فالعام موت الخلقة والجبلة، والخاص موت شهوات النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(٢) الزهد لابن مبارك ص ١١٠، وفيه: (أخرجه أحمد في الزهد).
(٣) صحيح البخاري: الرقاق، رقم ٦١٣٧ ونوادر الأصول ٢/ ٢٣٢ وفيض القدير ٥/ ٥٠١.