تفسير سورة مريم

التيسير في أحاديث التفسير
تفسير سورة سورة مريم من كتاب التيسير في أحاديث التفسير .
لمؤلفه المكي الناصري . المتوفي سنة 1415 هـ
والآن وقد ختمنا بفضل الله ومعونته سورة الكهف المكية، تنتقل إلى سورة مريم المكية أيضا، وقد جاءت هذه السورة مفتتحة بالحروف الهجائية المتقطعة على غرار مجموعة السور المتفتحة بمثل هذا النوع من الحروف، وقد بينا عند تفسيرها ما في ذلك من حكمة وإعجاز، وإنما عرفت هذه السورة باسم سورة مريم، لما ورد فيها من قصة مريم بنت عمران وميلاد ابنها عيسى عليهما السلام ﴿ واذكروا في الكتاب مريم ﴾ ﴿ قالوا يا مريم ﴾ ﴿ ذلك عيسى ابن مريم، قول الحق الذي فيه يمترون ﴾. وهذه القصة لا تستغرق سورة مريم بأكملها، كقصة يوسف التي استغرقت سورة يوسف بتمامها، بل إن سورة مريم علاوة على ما تضمنته من الحديث عن مريم وابنها عيسى عليهما السلام تعرضت لذكر عدد من الأنبياء والمرسلين، فوصفت أحوالهم، والإرهاصات التي جرت لهم في بداية أمرهم، وذكرت شيئا من سيرتهم وأخلاقهم وأقوالهم، وخصت بالذكر آدم، وإدريس، ونوحا، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب ( ويعرف أيضا باسم إسرائيل ) وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، عليهم السلام، وسيأتي في الربع القادم قوله تعالى مجملا الحديث عن الأنبياء، ومنوها بشأنهم عموما، بمناسبة ذكر طائفة منهم في هذه السورة ﴿ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح، ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل، وممن هدينا واجتبينا ﴾.
ويتجلى من سياق هذه السورة على العموم التركيز على وحدة الرسالة الإلهية، وإن تعدد حملتها الذين تلاحقوا عليها جيلا بعد جيل، والتركيز على مضمون تلك الرسالة، وكونها رسالة تثبت الوحدانية لله، وتنفي عنه الشريك والولد نفيا باتا، كما تثبت البعث بعد الموت، وتقرر الجزاء الأخروي في الدار الآخر.

﴿ كهيعص ﴾ وقد جاءت هذه السورة مفتتحة بالحروف الهجائية المتقطعة على غرار مجموعة السور المفتتحة بمثل هذا النوع من الحروف، وقد بينا عند تفسيرها ما في ذلك من حكمة وإعجاز
﴿ ذكر رحمة ربك عبده زكريا ﴾ أما بداية " سورة مريم " فقد عنيت بالحديث عن زكرياء عليه السلام، ﴿ إذ نادى ربه نداء خفيا ﴾ الذي أحس عند كبره بحاجته إلى إنجاب ولد صالح يكون خير خلف لخير سلف، فالتجأ إلى الله بالتوسل والدعاء ليهب له غلاما يرث عنه العلم والدين، رغما عن كون امرأته عاقرا لا ينتظر منها عادة أن تلد، وذلك قوله تعالى :﴿ كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقياً وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ أي خاف شرار بني إسرائيل أن يغيروا من الدين، وأن لا يحسنوا الخلافة بعده ﴿ وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ﴾،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢:﴿ ذكر رحمة ربك عبده زكريا ﴾ أما بداية " سورة مريم " فقد عنيت بالحديث عن زكرياء عليه السلام، ﴿ إذ نادى ربه نداء خفيا ﴾ الذي أحس عند كبره بحاجته إلى إنجاب ولد صالح يكون خير خلف لخير سلف، فالتجأ إلى الله بالتوسل والدعاء ليهب له غلاما يرث عنه العلم والدين، رغما عن كون امرأته عاقرا لا ينتظر منها عادة أن تلد، وذلك قوله تعالى :﴿ كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقياً وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ أي خاف شرار بني إسرائيل أن يغيروا من الدين، وأن لا يحسنوا الخلافة بعده ﴿ وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ﴾،

﴿ قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقياً ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢:﴿ ذكر رحمة ربك عبده زكريا ﴾ أما بداية " سورة مريم " فقد عنيت بالحديث عن زكرياء عليه السلام، ﴿ إذ نادى ربه نداء خفيا ﴾ الذي أحس عند كبره بحاجته إلى إنجاب ولد صالح يكون خير خلف لخير سلف، فالتجأ إلى الله بالتوسل والدعاء ليهب له غلاما يرث عنه العلم والدين، رغما عن كون امرأته عاقرا لا ينتظر منها عادة أن تلد، وذلك قوله تعالى :﴿ كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقياً وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ أي خاف شرار بني إسرائيل أن يغيروا من الدين، وأن لا يحسنوا الخلافة بعده ﴿ وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ﴾،

﴿ وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا ﴾
واستجاب الله دعاء عبده زكرياء فنودي من السماء ﴿ يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ﴾ أي موافقا له في اسمه، فلم يسبق أن حمل هذا الاسم أحد قبله.
وبعد ميلاد يحيى ناداه ربه ﴿ يا يحيى خذ الكتاب بقوة ﴾، ونوه كتاب الله بخصال يحيى وبروره بوالديه، ومقامه الكريم عند ربه، رغما عن كونه لا يزال صبيا دون البلوغ، فقال تعالى :﴿ وآتيناه الحكم صبيا ﴾ أي الحكمة والفقه في الدين
﴿ وحنانا من لدنا وزكاة ﴾ أي طهارة وصلاحا ﴿ وكان تقيا ﴾
﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ﴾
وعندما أنهى كتاب الله الحديث عن إكرام زكرياء بولده يحيى عليهما السلام، رغما عن كون امرأته عاقرا، وكونه قد بلغ من الكبر عتيا، انتقل فورا إلى قصة مريم، وتبشير الله لها بميلاد عيسى عليه السلام، وكما جمع كتاب الله هنا في سياق واحد بين هاتين القصتين، لما بينهما من مناسبة ومشابهة، سلك نفس المسلك في سورة آل عمران وسورة الأنبياء، إذ جمع بينهما أيضا في نفس السياق. على أن قصة مريم أغرب من قصة زكرياء وأعجب، إذ ها هنا يتم الإخصاب والإنجاب في رحم امرأة عذراء لم يمسسها بشر، وتحدث كتاب الله عن هذه القصة حديثا ينفي عن مريم العذراء مزاعم اليهود الخبيثة، التي بلغت الغاية في اللؤم والتحقير، والقذف والتشهير، كما ينفي عن ابنها عيسى المسيح مزاعم النصارى الطائشة، التي بلغت الغاية في الغلو والإطراء، والتطوح مع الشهوات والأهواء، وإلى قصة مريم يشير قوله تعالى هنا خطابا لخاتم النبيين :﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً ﴾،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ﴾
وعندما أنهى كتاب الله الحديث عن إكرام زكرياء بولده يحيى عليهما السلام، رغما عن كون امرأته عاقرا، وكونه قد بلغ من الكبر عتيا، انتقل فورا إلى قصة مريم، وتبشير الله لها بميلاد عيسى عليه السلام، وكما جمع كتاب الله هنا في سياق واحد بين هاتين القصتين، لما بينهما من مناسبة ومشابهة، سلك نفس المسلك في سورة آل عمران وسورة الأنبياء، إذ جمع بينهما أيضا في نفس السياق. على أن قصة مريم أغرب من قصة زكرياء وأعجب، إذ ها هنا يتم الإخصاب والإنجاب في رحم امرأة عذراء لم يمسسها بشر، وتحدث كتاب الله عن هذه القصة حديثا ينفي عن مريم العذراء مزاعم اليهود الخبيثة، التي بلغت الغاية في اللؤم والتحقير، والقذف والتشهير، كما ينفي عن ابنها عيسى المسيح مزاعم النصارى الطائشة، التي بلغت الغاية في الغلو والإطراء، والتطوح مع الشهوات والأهواء، وإلى قصة مريم يشير قوله تعالى هنا خطابا لخاتم النبيين :﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً ﴾،

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ﴾
وعندما أنهى كتاب الله الحديث عن إكرام زكرياء بولده يحيى عليهما السلام، رغما عن كون امرأته عاقرا، وكونه قد بلغ من الكبر عتيا، انتقل فورا إلى قصة مريم، وتبشير الله لها بميلاد عيسى عليه السلام، وكما جمع كتاب الله هنا في سياق واحد بين هاتين القصتين، لما بينهما من مناسبة ومشابهة، سلك نفس المسلك في سورة آل عمران وسورة الأنبياء، إذ جمع بينهما أيضا في نفس السياق. على أن قصة مريم أغرب من قصة زكرياء وأعجب، إذ ها هنا يتم الإخصاب والإنجاب في رحم امرأة عذراء لم يمسسها بشر، وتحدث كتاب الله عن هذه القصة حديثا ينفي عن مريم العذراء مزاعم اليهود الخبيثة، التي بلغت الغاية في اللؤم والتحقير، والقذف والتشهير، كما ينفي عن ابنها عيسى المسيح مزاعم النصارى الطائشة، التي بلغت الغاية في الغلو والإطراء، والتطوح مع الشهوات والأهواء، وإلى قصة مريم يشير قوله تعالى هنا خطابا لخاتم النبيين :﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً ﴾،

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ﴾
وعندما أنهى كتاب الله الحديث عن إكرام زكرياء بولده يحيى عليهما السلام، رغما عن كون امرأته عاقرا، وكونه قد بلغ من الكبر عتيا، انتقل فورا إلى قصة مريم، وتبشير الله لها بميلاد عيسى عليه السلام، وكما جمع كتاب الله هنا في سياق واحد بين هاتين القصتين، لما بينهما من مناسبة ومشابهة، سلك نفس المسلك في سورة آل عمران وسورة الأنبياء، إذ جمع بينهما أيضا في نفس السياق. على أن قصة مريم أغرب من قصة زكرياء وأعجب، إذ ها هنا يتم الإخصاب والإنجاب في رحم امرأة عذراء لم يمسسها بشر، وتحدث كتاب الله عن هذه القصة حديثا ينفي عن مريم العذراء مزاعم اليهود الخبيثة، التي بلغت الغاية في اللؤم والتحقير، والقذف والتشهير، كما ينفي عن ابنها عيسى المسيح مزاعم النصارى الطائشة، التي بلغت الغاية في الغلو والإطراء، والتطوح مع الشهوات والأهواء، وإلى قصة مريم يشير قوله تعالى هنا خطابا لخاتم النبيين :﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً ﴾،

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ﴾
وعندما أنهى كتاب الله الحديث عن إكرام زكرياء بولده يحيى عليهما السلام، رغما عن كون امرأته عاقرا، وكونه قد بلغ من الكبر عتيا، انتقل فورا إلى قصة مريم، وتبشير الله لها بميلاد عيسى عليه السلام، وكما جمع كتاب الله هنا في سياق واحد بين هاتين القصتين، لما بينهما من مناسبة ومشابهة، سلك نفس المسلك في سورة آل عمران وسورة الأنبياء، إذ جمع بينهما أيضا في نفس السياق. على أن قصة مريم أغرب من قصة زكرياء وأعجب، إذ ها هنا يتم الإخصاب والإنجاب في رحم امرأة عذراء لم يمسسها بشر، وتحدث كتاب الله عن هذه القصة حديثا ينفي عن مريم العذراء مزاعم اليهود الخبيثة، التي بلغت الغاية في اللؤم والتحقير، والقذف والتشهير، كما ينفي عن ابنها عيسى المسيح مزاعم النصارى الطائشة، التي بلغت الغاية في الغلو والإطراء، والتطوح مع الشهوات والأهواء، وإلى قصة مريم يشير قوله تعالى هنا خطابا لخاتم النبيين :﴿ واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً ﴾،

كما قال الملك لزكرياء عليه السلام :﴿ كذلك قال ربك هو علي هين ﴾ قال الملك لمريم عليها السلام نفس الشيء :﴿ قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً ﴾.
وإلى براءة عيسى من إفك اليهود وافترائهم، وبراءته من غلو النصارى وإطرائهم، إحقاقا للحق وإبطالا للباطل، جاء في كتاب الله بعد الانتهاء من عرض قصته مع أمه قوله تعالى في الربع المقبل :﴿ ذلك عيسى ابن مري، قول الحق الذي فيه يمترون ﴾.
الربع الثالث من الحزب الواحد والثلاثين في المصحف الكريم
حصة هذا اليوم تتناول الربع الثالث من الحزب الواحد والثلاثين في المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى في سورة مريم المكية :﴿ فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً ﴾ إلى قوله تعالى في نفس السورة :﴿ وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ﴾.
في القسم الأول من هذا الربع واصل كتاب الله الحديث عن قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام، فوصف حالها أثناء الحمل وعند المخاض، وما أصابها من قلق بالغ وحزن عميق، لخروج أمرها عن العادة ﴿ فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً ﴾ أي بعيدا من أهلها
﴿ فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً ﴾،
غير أن الله تعالى هدأ روعها ﴿ فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾. المراد بالسري عيسى عليه السلام، وبه قال جماعة من مفسري السلف، والمنادي هنا إما الملك، وإما ابنها عيسى، واختاره ابن زيد وابن جرير في تفسيره،
وفي هذا الظرف الدقيق تلقت مريم نداء من السماء بهذا الخطاب الرقيق ﴿ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً ﴾
ثم أشار كتاب الله إلى ما واجهها به الشاكون والمفترون من بني إسرائيل عندما جاءتهم وهي تحمل ولدها عيسى ﴿ فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً ﴾
غير أن الله تعالى أسعفها بكلام ابنها عيسى، وإن كان لا يزال في المهد، تأكيدا لبراءة أمه وإثباتا لطهارة عرقه، وتعريفا للشاكين والمفترين بمعجزة الله التي وقعت في ولادته وخلقه ﴿ فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً ﴾، وهذا إخبار عما سيؤول إليه أمره عندما يصبح نبيا ورسولا، " وإن كان من ( الجائز ) أن يرسل الله الصغير إلى الخلق كامل العقل والعلم، مؤيدا بالمعجزة، لكن لم يرد بذلك خبر، ولا كان فيمن تقدم " حسبما حققه القاضي أبو بكر ( ابن العربي ).
ثم قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام :﴿ وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقياً ﴾.
وكما نوه كتاب الله بيحيى إذ قال في حقه من قبل :﴿ وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ﴾ حكى على لسان عيسى عليه السلام أيضا قوله وهو يتحدث بنعمة الله عليه ﴿ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً ﴾.
ثم عقب كتاب الله على ما حكاه في قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام بقوله تعالى :﴿ ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ﴾ إشارة إلى أن ما يدعيه اليهود على مريم العذراء إنما هو زور وبهتان، وإلى أن ما يعتقده النصارى من ان المسيح ابن الله إنما هو مجرد غلو فاحش، وادعاء باطل كل البطلان، وإذا كان المسيح يجعل فاتحة كلامه عندما نطق وهو لا يزال في المهد الاعتراف بعبوديته لله، فيقول بصيغة التأكيد ﴿ إني عبد الله ﴾ فكيف يزعم النصارى أنه إله أو ابن إله.
﴿ ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه ﴾ أي تنزه عن أن يكون له ولد، وإذا كان عيسى ابن مريم قد ولدته أمه دون والد، فتلك معجزة من بين المعجزات المثيرة التي خرق الله بها العوائد ﴿ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴾، لكن وقوع معجزة كهذه المعجزة لا يقلب الحقائق، ولا يرفع إلى درجة الألوهية أي واحد من الخلائق،
وقوله تعالى :﴿ فاختلف الأحزاب من بينهم ﴾ إشارة إلى ما وقع من اللعنة والشطط في شأن عيسى ابن مريم عليهما السلام، منذ ولادته إلى الآن وحتى الآن، بين الفرق المتعددة داخل الملة المسيحية نفسها من جهة، وبين اليهود والنصارى من جهة أخرى، فلا يزال أمره عند الكثير منهم لغزا من الألغاز، بينما أمره في الإسلام أوضح من فلق الصبح، و " الأحزاب " جمع حزب، وهو عبارة عن الفرقة المنفردة برأيها عن غيرها، وقد جاء كتاب الله في شأن عيسى وأمه مريم بالقول الفصل، لكن المفترين عليهما، والمسرفين في حقهما، أصروا على عنادهم، واستمروا في ضلالهم،
ومهما طال بهم الأمد فمردهم جميعا إلى الله ﴿ إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ﴾
وانتقل كتاب الله من قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام إلى قصة إبراهيم عليه السلام وأبيه، واقتصر في هذا السياق على ما دار بين الأب وابنه من محاورة فريدة من نوعها حول عقيدة التوحيد الثابتة، ومعتقد الشرك الباطل، وما تبع ذلك من تهديد أبيه له بالقطيعة والقتل رجما بالحجارة، وما أنعم الله به عليه من نعمة الذرية الصالحة التي اصطفاها لنبوته وحمل رسالته من بعده، فقال تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * ﴾، ويتجلى في هذا الخطاب الذي خاطب به إبراهيم أباه ما تقوم عليه الدعوة إلى الله من الاستناد إلى العلم، والتزام الحكمة والموعظة الحسنة، والإقناع بالحجة البالغة، والجدال بالتي هي أحسن، وما تختاره لنشرها من أساليب التلطف والتعطف التي يكون لها وقع طيب في القلوب، فها هو إبراهيم يكرر قوله :﴿ يا أبت ﴾ أربع مرات في حديثه إلى أبيه، تأليفا لقلبه، وتطييبا لخاطره، وأخذه بيده إلى صراط الله السوي، دون أن يخرج عاطفته، ولا أن يهين كرامته،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:وانتقل كتاب الله من قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام إلى قصة إبراهيم عليه السلام وأبيه، واقتصر في هذا السياق على ما دار بين الأب وابنه من محاورة فريدة من نوعها حول عقيدة التوحيد الثابتة، ومعتقد الشرك الباطل، وما تبع ذلك من تهديد أبيه له بالقطيعة والقتل رجما بالحجارة، وما أنعم الله به عليه من نعمة الذرية الصالحة التي اصطفاها لنبوته وحمل رسالته من بعده، فقال تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * ﴾، ويتجلى في هذا الخطاب الذي خاطب به إبراهيم أباه ما تقوم عليه الدعوة إلى الله من الاستناد إلى العلم، والتزام الحكمة والموعظة الحسنة، والإقناع بالحجة البالغة، والجدال بالتي هي أحسن، وما تختاره لنشرها من أساليب التلطف والتعطف التي يكون لها وقع طيب في القلوب، فها هو إبراهيم يكرر قوله :﴿ يا أبت ﴾ أربع مرات في حديثه إلى أبيه، تأليفا لقلبه، وتطييبا لخاطره، وأخذه بيده إلى صراط الله السوي، دون أن يخرج عاطفته، ولا أن يهين كرامته،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:وانتقل كتاب الله من قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام إلى قصة إبراهيم عليه السلام وأبيه، واقتصر في هذا السياق على ما دار بين الأب وابنه من محاورة فريدة من نوعها حول عقيدة التوحيد الثابتة، ومعتقد الشرك الباطل، وما تبع ذلك من تهديد أبيه له بالقطيعة والقتل رجما بالحجارة، وما أنعم الله به عليه من نعمة الذرية الصالحة التي اصطفاها لنبوته وحمل رسالته من بعده، فقال تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * ﴾، ويتجلى في هذا الخطاب الذي خاطب به إبراهيم أباه ما تقوم عليه الدعوة إلى الله من الاستناد إلى العلم، والتزام الحكمة والموعظة الحسنة، والإقناع بالحجة البالغة، والجدال بالتي هي أحسن، وما تختاره لنشرها من أساليب التلطف والتعطف التي يكون لها وقع طيب في القلوب، فها هو إبراهيم يكرر قوله :﴿ يا أبت ﴾ أربع مرات في حديثه إلى أبيه، تأليفا لقلبه، وتطييبا لخاطره، وأخذه بيده إلى صراط الله السوي، دون أن يخرج عاطفته، ولا أن يهين كرامته،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:وانتقل كتاب الله من قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام إلى قصة إبراهيم عليه السلام وأبيه، واقتصر في هذا السياق على ما دار بين الأب وابنه من محاورة فريدة من نوعها حول عقيدة التوحيد الثابتة، ومعتقد الشرك الباطل، وما تبع ذلك من تهديد أبيه له بالقطيعة والقتل رجما بالحجارة، وما أنعم الله به عليه من نعمة الذرية الصالحة التي اصطفاها لنبوته وحمل رسالته من بعده، فقال تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * ﴾، ويتجلى في هذا الخطاب الذي خاطب به إبراهيم أباه ما تقوم عليه الدعوة إلى الله من الاستناد إلى العلم، والتزام الحكمة والموعظة الحسنة، والإقناع بالحجة البالغة، والجدال بالتي هي أحسن، وما تختاره لنشرها من أساليب التلطف والتعطف التي يكون لها وقع طيب في القلوب، فها هو إبراهيم يكرر قوله :﴿ يا أبت ﴾ أربع مرات في حديثه إلى أبيه، تأليفا لقلبه، وتطييبا لخاطره، وأخذه بيده إلى صراط الله السوي، دون أن يخرج عاطفته، ولا أن يهين كرامته،
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:وانتقل كتاب الله من قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام إلى قصة إبراهيم عليه السلام وأبيه، واقتصر في هذا السياق على ما دار بين الأب وابنه من محاورة فريدة من نوعها حول عقيدة التوحيد الثابتة، ومعتقد الشرك الباطل، وما تبع ذلك من تهديد أبيه له بالقطيعة والقتل رجما بالحجارة، وما أنعم الله به عليه من نعمة الذرية الصالحة التي اصطفاها لنبوته وحمل رسالته من بعده، فقال تعالى :﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * ﴾، ويتجلى في هذا الخطاب الذي خاطب به إبراهيم أباه ما تقوم عليه الدعوة إلى الله من الاستناد إلى العلم، والتزام الحكمة والموعظة الحسنة، والإقناع بالحجة البالغة، والجدال بالتي هي أحسن، وما تختاره لنشرها من أساليب التلطف والتعطف التي يكون لها وقع طيب في القلوب، فها هو إبراهيم يكرر قوله :﴿ يا أبت ﴾ أربع مرات في حديثه إلى أبيه، تأليفا لقلبه، وتطييبا لخاطره، وأخذه بيده إلى صراط الله السوي، دون أن يخرج عاطفته، ولا أن يهين كرامته،
ثم يحكي كتاب الله جواب أبيه الذي انطبع بطابع الوثنية والجاهلية، فيبدو جوابه جافيا نابيا، مليئا بالتهديد والوعيد، خاليا من كل حجة أو دليل، اللهم إلا مجرد التقليد الأعمى والرأي السقيم العليل
﴿ قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً ﴾ أي زمنا طويلا.
وعندما يسمع إبراهيم رد والده المطبوع بطابع التعسف والعنف، يجيبه بجواب كله أدب ولطف ﴿ قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً ﴾ أي عودني اللطف بي وإجابة دعائي.
وبعد أن بلغ إبراهيم رسالته إلى أبيه وقومه، ووجه إلى معبوداتهم سهامه النافذة، وزلزل قواعدها من الأساس، فلم تبق لها حرمة في النفوس، فارقهم جميعا، واعتزلهم متبرئا منهم ومن آلهتهم، فكان أسوة لأصحاب الكهف من بعده الذين اعتزلوا مشركي قومهم وما يعبدونه من دون الله، وإلى هذا الموقف الحاسم يشير قوله تعالى على لسان إبراهيم :﴿ وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً ﴾.
وأشار كتاب الله إلى أن هذه الفترة التي اعتزل فيها إبراهيم أباه وقومه، لإصرارهم على الشرك، كانت فترة خير وبركة على إبراهيم وعلى ذريته، فقد وهب الله له أثناءها ولده إسحاق، ثم وهب لابنه إسحاق وهو على قيد الحياة حفيده يعقوب، ثم ضاعف الله إكرامه لخليله إبراهيم فأنعم على ذريته بالنبوة والذكر الحسن الباقي بين الناس، وذلك قوله تعالى :﴿ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب ﴾ ويعقوب هو ولد إسحاق الذي عاش إلى جانب جده إبراهيم ﴿ وكلا جعلنا نبياً ﴾
﴿ ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق علياً ﴾، وبذلك تعززت عقيدة التوحيد، وتركزت دعوتها الخالدة جيلا بعد جيل.
ولعل الحكمة في الحديث عن إبراهيم الخليل في كتاب الله عموما، وفي أمر الرسول بأن يتلو على مشركي قريش ما أنزله الله في كتابه عن إبراهيم ﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم ﴾ هي تذكيرهم بأن إبراهيم الذي ينتسبون إليه، ويقرون بأنهم من سلالته وولده لم يكن مشركا ولا يهوديا ولا نصرانيا، وإنما كان حنيفا مسلما، يكره الأوثان والأصنام، ويوجه إلى عبادها المغفلين أنفذ السهام، ولذلك اعتزل قومه وأباه، وهاجر إلى مكة وبنى فيها البيت الحرام مع ابنه إسماعيل لتوحيد الله، ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ﴾ [ البقرة : ١٢٧ ]. ولا يعتنق الشرك إلا من فقد عقله وحسه ﴿ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٩:وأشار كتاب الله إلى أن هذه الفترة التي اعتزل فيها إبراهيم أباه وقومه، لإصرارهم على الشرك، كانت فترة خير وبركة على إبراهيم وعلى ذريته، فقد وهب الله له أثناءها ولده إسحاق، ثم وهب لابنه إسحاق وهو على قيد الحياة حفيده يعقوب، ثم ضاعف الله إكرامه لخليله إبراهيم فأنعم على ذريته بالنبوة والذكر الحسن الباقي بين الناس، وذلك قوله تعالى :﴿ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب ﴾ ويعقوب هو ولد إسحاق الذي عاش إلى جانب جده إبراهيم ﴿ وكلا جعلنا نبياً ﴾
﴿ ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق علياً ﴾، وبذلك تعززت عقيدة التوحيد، وتركزت دعوتها الخالدة جيلا بعد جيل.
ولعل الحكمة في الحديث عن إبراهيم الخليل في كتاب الله عموما، وفي أمر الرسول بأن يتلو على مشركي قريش ما أنزله الله في كتابه عن إبراهيم ﴿ واذكر في الكتاب إبراهيم ﴾ هي تذكيرهم بأن إبراهيم الذي ينتسبون إليه، ويقرون بأنهم من سلالته وولده لم يكن مشركا ولا يهوديا ولا نصرانيا، وإنما كان حنيفا مسلما، يكره الأوثان والأصنام، ويوجه إلى عبادها المغفلين أنفذ السهام، ولذلك اعتزل قومه وأباه، وهاجر إلى مكة وبنى فيها البيت الحرام مع ابنه إسماعيل لتوحيد الله، ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ﴾ [ البقرة : ١٢٧ ]. ولا يعتنق الشرك إلا من فقد عقله وحسه ﴿ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ].

وأشار كتاب الله إلى اصطفاء موسى للرسالة والجمع له بينها وبين النبوة، وشد أزره بمعونة أخيه هارون، فقال تعالى منوها بقدره :﴿ واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولاً نبياً ﴾
﴿ وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً ﴾ أي يناجي ربه
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥١:وأشار كتاب الله إلى اصطفاء موسى للرسالة والجمع له بينها وبين النبوة، وشد أزره بمعونة أخيه هارون، فقال تعالى منوها بقدره :﴿ واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولاً نبياً ﴾

﴿ ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً ﴾. وكانت نبوة هارون إكراما من الله لموسى، مصداقا لقوله تعالى :﴿ قد أوتيت سؤلك يا موسى ﴾ [ طه : ٣٦ ] وهذه الآية نفسها إشارة إلى قول موسى فيما حكاه عنه كتاب الله ﴿ واجعل لي وزيرا ن أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري ﴾ [ طه : ٢٩، ٣٠، ٣١، ٣٢ ]، وقوله أيضا :﴿ وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردا يصدقني ﴾ [ القصص : ٣٤ ] ﴿ قال سنشد عضدك بأخيك ﴾ [ القصص : ٣٥ ].
ثم عاد كتاب الله إلى الحديث عن ذرية إبراهيم، فأشار إلى ولده إسماعيل، والد العرب العدنانية، الذي كان له الفضل في إقامة قواعد البيت الحرام مع أبيه، بانفراد وتخصيص، فقال تعالى مثنيا عليه أجل الثناء :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبياً * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً ﴾.
وقوله تعالى في حق إسماعيل :﴿ وكان رسولا نبيئا ﴾ دليل على مزية إسماعيل وفضله على أخيه إسحاق، فقد جمع الله لإسماعيل بين النبوة والرسالة بمقتضى هذه الآية، بينما كان حظ أخيه إسحاق منحصرا في النبوة لا غير، مصداقا لقوله تعالى فيما سبق :﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب، وكلا جعلنا نبيئا ﴾ وثبت في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم :( إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ) الحديث.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:ثم عاد كتاب الله إلى الحديث عن ذرية إبراهيم، فأشار إلى ولده إسماعيل، والد العرب العدنانية، الذي كان له الفضل في إقامة قواعد البيت الحرام مع أبيه، بانفراد وتخصيص، فقال تعالى مثنيا عليه أجل الثناء :﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبياً * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً ﴾.
وقوله تعالى في حق إسماعيل :﴿ وكان رسولا نبيئا ﴾ دليل على مزية إسماعيل وفضله على أخيه إسحاق، فقد جمع الله لإسماعيل بين النبوة والرسالة بمقتضى هذه الآية، بينما كان حظ أخيه إسحاق منحصرا في النبوة لا غير، مصداقا لقوله تعالى فيما سبق :﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب، وكلا جعلنا نبيئا ﴾ وثبت في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم :( إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ) الحديث.

وأخيرا تحدث كتاب الله عن إدريس الذي يقال أنه أول مرسل بعد آدم علي السلام، فأثنى عليه ونوه بقدره إذ قال :﴿ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً ﴾
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٦:وأخيرا تحدث كتاب الله عن إدريس الذي يقال أنه أول مرسل بعد آدم علي السلام، فأثنى عليه ونوه بقدره إذ قال :﴿ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً ﴾

﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾. وفي حديث الإسراء الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بإدريس وهو في السماء الرابعة فحياه إدريس بقوله :( مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح ) وقد حمل بعض مفسري السلف قوله تعالى هنا :﴿ ورفعناه مكانا عليا ﴾ على ان المراد به أن إدريس رفع إلى السماء ولم يمت، على غرار تفسيرهم لقوله تعالى في شأن عيسى :﴿ بل رفعه الله إليه ﴾ [ النساء : ١٥٨ ]، وحمله آخرون على شرف النبوة والزلفى عند الله.
وبعدما استعرض كتاب الله هذه المجموعة المختارة من الأنبياء والرسل من زكريا إلى إدريس كنموذج صالح للاقتداء والاتباع، منوها بنصر الله لهم ولدعوتهم، معرفا بقدرهم عنده ومكانتهم، أجمل كتاب الله القول مرة ثانية عن عموم الأنبياء، وأثنى على سلسلتهم الذهبية أعطر ثناء، فقال تعالى مشيرا إلى جنسهم على العموم :﴿ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم ﴾ [ الآية : ٥٨ ]، وكأنه يقول لخاتم الأنبياء والمرسلين نفس ما قاله له في آية أخرى :﴿ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ﴾ [ الأنعام : ٩٠ ]. ثم مضى كتاب الله يقول في حقهم جميعا :﴿ وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ﴾ أي أنهم إذا سمعوا كلام الله في كتبه المنزلة، وتدبروا حججه البالغة، خشعت قلوبهم، واهتزت جوارحهم، فخروا على أذقانهم ساجدين لعظمة الله، باكين من خوف الله، قال ابن كثير : " فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود هنا، اقتداء بهم، واتباعا لهم ".
ومن خلال ما ذكره كتاب الله في وصف أنبيائه ورسله الذين أنعم عليهم يتبين للمومن ما يرضى عنه ربه من الخصال الحميدة، وفي طليعتها إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ﴿ وأوصني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ﴾ على لسان عيسى عليه السلام، ﴿ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ﴾ في الحديث عن إسماعيل عليه السلام، والبرور بالوالدين :﴿ وبرا بوالديه ﴾ في وصف يحيى عليه السلام، ﴿ وبرا بوالدتي ﴾ على لسان عيسى عليه السلام، والحنان والتواضع :﴿ وحنانا من لدنا ﴾ ﴿ ولم يكن جبارا عصيا ﴾ في وصف يحيى عليه السلام، ﴿ ولم يجعلني جبارا عصيا ﴾ على لسان عيسى عليه السلام، والصدق والإخلاص :﴿ إنه كان صديقا نبيئا ﴾ في وصف إبراهيم عليه السلام، ﴿ إنه كان صادق الوعد ﴾ في وصف إسماعيل عليه السلام، ﴿ إنه كان مخلصا ﴾ في وصف موسى عليه السلام.
فهذه بعض خصال الذين أنعم الله عليهم، ممن نسأل الله تعالى في " فاتحة الكتاب " عند كل صلاة أن يهدينا إلى سلوك طريقهم فنقول :﴿ اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ﴾.
الربع الأخير من الحزب الواحد والثلاثين في المصحف الكريم
سبق في الرابع الماضي في معرض الحديث عن سيرة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام قوله تعالى :﴿ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ﴾، كما سبق في نفس الربع، حكاية على لسان عيسى ابن مريم عليهما السلام قوله تعالى :﴿ وأوصيني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ﴾، وفي آية أخرى سابقة من كتاب الله يقول الله تعالى :﴿ وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ﴾ [ البقرة : ١٢٥ ].
وسبق في سورة البقرة، خطابا لبني إسرائيل، قوله تعالى :﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، واركعوا مع الراكعين ﴾ [ الآية : ٤٣ ]، وقوله تعالى فيها خطابا لهم أيضا :﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة، وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ﴾ [ الآية : ٤٥ ] وسبق في سورة آل عمران قوله تعالى في شأن زكريا عليه السلام :﴿ فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ﴾ [ الآية : ٣٩ ].
وبهذه الآيات وما شابهها يتبين أن ( الصلاة والزكاة ) شعيرتان قديمتان من شعائر الدين، التي أوحى الله بها إلى عدد من الأنبياء والرسل السابقين، نظير ( الحج ) الذي دعا إليه إبراهيم الخليل، امتثالا لأمر الله تعالى الوارد في كتابه العزيز، إذ قال مخاطبا له :﴿ وأذن في الناس بالحج يأتونك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ﴾ [ الحج : ٢٧ ٢٨ ]، ونظير ( الصيام ) الذي ورد في شأنه قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أياما معدودات ﴾ [ البقرة : ١٨٣، ١٨٤ ].
وبناء على ذلك تكون شعائر الإسلام وأركانه الأربعة المتفرعة عن ( الإيمان ) الذي هو القاسم المشترك بين كافة الأنبياء والرسل كلها ذات أصل واحد، ولها جذر عريقة في القدم، على حد قوله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ﴾ [ الشورى : ١٣ ]، والإسلام إنما أحياها وجدد معالمها، وأصلح منها ما أفسدته الأهواء والشهوات، ونفى عنها ما دخل عليها من الجهالات والضلالات، وقد أدرك الإسلام عرب الجاهلية وهم يمارسون الحج والصيام والصلاة بالمفهوم الجاهلي الذي آل إليه أمر هذه العبادات عندهم، ﴿ وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ﴾ [ الأنفال : ٤٥ ] وكانت بداية إصلاح ما فسد منها، وتنقيتها من الشوائب، في التشريع المكي على وجه الإجمال، ثم بلغ أمر تنقيتها وتهذيبها وتجديد نظمها في التشريع المدني حد الكمال، مصداقا لقوله تعالى في آخر عهد الرسالة :﴿ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ﴾ [ المائدة : ٣ ].
وعلى ضوء هذا التحليل ننتقل إلى أول آية في هذا الربع وهي قوله تعالى :﴿ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ﴾، فقد كان الحديث في الآية قبلها عن الذين أنعم الله عليهم من النبيئين السابقين من ذرية آدم وذرية إبراهيم وإسرائيل، ومن ذرية الذين حملهم نوح معه في السفينة وبذلك يكون الضمير في قوله تعالى هنا ﴿ فخلف من بعدهم خلف ﴾ عائدا على أولئك النبيئين السابقين الذين كانوا يصلون ويأمرون الناس بالصلاة، حتى إذا جاءت الأجيال اللاحقة من بعدهم لم تهتد بهديهم في طاعة الله وتقواه، بل أقبلت على الشهوات وقطعت صلتها مع الله، ومن أجل ذلك أطلقت عليهم الآية هنا لفظ ( خلف ) بمعنى أولاد السوء.
ويشهد للتفسير الذي ذهبنا إليه، المبني على ربط هذه الآية بما قبلها، قوله تعالى في سورة البقرة أثناء الحديث عن بني إسرائيل :﴿ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ﴾ [ الآية : ٨٣ ] مع التعقيب عليه بعد ذلك بقوله تعالى :﴿ ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون ﴾.
و( الشهوات ) عبارة عما يوافق الإنسان ويشتهيه، ويلائمه ولا يتقيه، والمراد بها هنا اللذات والمعاصي، وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات ). وقوله تعالى :﴿ فسوف يلقون غيا ﴾ أي سيلقون ضلالا وخيبة وخسرانا وهلاكا في جهنم. ولا مانع من إدخال تاركي الصلاة الذين هم عن صلاتهم ساهون، ولها مضيعون، ممن ينتسبون للإسلام، تحت الوعيد الوارد في هذه الآية، إذ ما جرى على المثل يجري على المماثل، والجرم الذي يرتكب في حق الله تعالى يعاقب عليه صاحبه كيفما كانت الملة التي ينتسب إليها. جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة "، وفي موطأ الإمام مالك عن نافع مولى عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله :( إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ).
وقوله تعالى في نفس السياق :﴿ إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ﴾ استثناء من الوعيد الشديد الموجه إلى تاركي الصلاة، ومقتضاه أن من تاب إلى الله ورجع عن ترك الصلاة فأقبل على إقامتها وحافظ على أدائها، وتراجع عن الاستغراق في الشهوات فلم يبق أسيرا من أسرائها، وانصرف إلى الأعمال الصالحة بمختلف أصنافها، فإن الله يقبل توبته، ويحسن عاقبته، ويمن عليه بأعظم منة، فيجعله من ورثة الجنة، وفي الحديث الشريف " التائب من الذنب كمن لا ذنب له "، وقوله تعالى :﴿ ولا يظلمون شيئاً ﴾ يقتضي أنهم لا يحاسبون على ما عملوه قبل التوبة، لأن التوبة إذا استوفت شروطها تجب ما قبلها.
وبمناسبة ذكر ( الجنة ) في هذا السياق تولى كتاب الله وصف الجنة التي وعد بها عباده المتقين، ترغيبا في الإقبال على العمل الصالح والتمسك بالتقوى، فقال تعالى :﴿ جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً ﴾
﴿ لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً ﴾.
وقوله تعالى في هذه الآية ﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾ يفهم منه أن رزقهم في الجنة دائم غير منقطع، على غرار قوله تعالى :﴿ وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة ولا ممنوعة ﴾ [ الواقعة : ٣٢، ٣٣ ]، ومعنى كلمة ( عدن ) الواردة في نص الآية الإقامة والاستقرار،
﴿ تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً ﴾
والجنة دار إقامة جعلها الله إرثا للمتقين.
وقوله تعالى :﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياً ﴾ يحتمل تفسيرين اثنين :
التفسير الأول : أن تكون هذه الآية مرتبطة بما قبلها، وحيث أن الحديث فيما قبلها مباشرة كان عن الجنة التي يورثها الله عباده المتقين، تكون هذه الآية حكاية لقولهم عند دخول الجنة، إخبارا منهم عن حالهم فيها، ويكون معناها : وما نتنزل هذه الجنان إلا بأمر ربك، لا يخفى عليه أي شيء من أعمالنا وأحوالنا، ولا يغادر كبيرة ولا صغيرة من شؤونها، على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ لا يضل ربي ولا ينسى ﴾ [ طه : ٥٢ ].
التفسير الثاني : أن تكون غير مرتبطة بما قبلها، بل بداية موضوع جديد، وعلى هذا الفهم يكون الخطاب في قوله تعالى :﴿ إلا بأمر ربك ﴾ موجها إلى خاتم النبيئين والمرسلين، تأكيدا لكون الرسالة عن الله لا تتجاوز حدود التبليغ عنه، وتنبيها إلى ضرورة انتظار ما يرد من أوامره العليا عن طريق الوحي، ويكون ضمير المتكلم ومعه غيره أو المعظم نفسه في قوله تعالى :﴿ وما تنتزل ﴾ عائدا على ملك الوحي جبريل عليه السلام، إخبارا منه بأنه لا يستطيع أن ينزل على الرسول إلا إذا أمره الله بالنزول، وبأنه لا يتأخر عن تنزيل الوحي متى صدرت به أوامر الله إلى الرسول ﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك ﴾، ويكون قوله تعالى في نفس السياق :﴿ له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ﴾ واردا على لسان ملك الوحي، تأكيدا لكونه في قبضة الله، ومسيرا في أفعاله بأمر الله على الدوام والاستمرار، وأنه مهما علا قدره فما هو إلا واحد من ملائكة الرحمن الذين ﴿ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يومرون ﴾ [ التحريم : ٦ ].
وقوله تعالى :﴿ وما كان ربك نسيا ﴾ يحتمل وجهين اثنين :
الوجه الأول أن يكون المراد إدخال الطمأنينة على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهدئة روعه عندما يتأخر عنه الوحي، وذلك حتى لا يستولي عليه القلق، ولا يظن به أعداء الله الظنون، والمعنى حينئذ أنه بالرغم من تأخر الوحي عنك فإن الله لا ينساك، وأنه في كل وقت يرعاك، على غرار قوله تعالى :﴿ ما ودعك ربك وما قلى ﴾ [ الضحى : ٣ ].
الوجه الثاني أن يكون المراد تنبيه الرسول عليه السلام وعن طريقه تنبيه كافة المؤمنين إلى أن الوحي إذا لم ينزل في بعض الشؤون فإنه لا يتصور في حق الله أن يكون ذلك عن نسيان، وإنما المقصود به الرفق والتيسير والتوسعة على بني الإنسان. روى أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية أي معفو عنه فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم ينس شيئا " ثم تلا هذه الآية ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾.
وقوله تعالى هنا :﴿ هل تعلم له سميا ﴾ أي هل تعلم لله نظيرا وشبيها، ولفظ ( سمي ) في هذا المقام مأخوذ من ( المساماة ) لا من الاسم، يقال " ساماه " إذا عالاه وباراه، وتسامى القوم إذا تباروا وتفاخروا، والمراد أنه لا مثل له ولا شبيهة ﴿ ليس كمثله شيء ﴾.
وقوله تعالى :﴿ ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتياً ﴾ أن معناه أن الله تعالى يسلط عذابه يوم القيامة على رؤساء الضلال قبل أتباعهم، ويبدأ بأكابر المجرمين قبل أصاغرهم، لعظم مسؤوليتهم في إشاعة الفاحشة ونشر الإجرام، وصد الخلق عن طريق الحق، على غرار قوله تعالى في آية أخرى :﴿ حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء اضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار ﴾ [ الأعراف : ٣٨ ]، وقوله تعالى في آية أخرى :﴿ وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لهنا كثيرا ﴾ [ الأحزاب : ٦٧، ٦٨ ].
وقوله تعالى :﴿ وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضياً، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً ﴾ إما أن يكون الخطاب فيه موجها إلى أصناف الكافرين، والعصاة المتمردين، وعلى هذا المعنى يكون " الورود " على النار قاصرا عليهم دون غيرهم، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾ [ الأنبياء : ١٠١ ]، وتكون هذه الآية مرتبطة بما قبلها تمام الارتباط، وإن كان الضمير فيما سبقها ضمير غيبة، والضمير الوارد فيها ضمير خطاب، قال ابن الأنباري : " جائز في اللغة أن يرجع من خطاب الغيبة إلى لفظ المواجهة بالخطاب " واستدل بقوله تعالى :﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا، إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ﴾[ الإنسان : ٢١، ٢٢ ].
وإما أن يكون الخطاب فيه موجها إلى الناس أجمعين، ويكون الورود على النار لازما للجميع، يرد عليها المتقون عابري سبيل، فتكون عليهم بردا وسلاما، ثم يصدرون عنها، ناجين من عذابها، مصداقا لقوله تعالى هنا :
﴿ ثم ننجي الذين اتقوا ﴾ ويكون ما وعدهم الله به من الإبعاد عنها عبارة عن كونهم وإن دخلوها لا يحسون منها وجعا ولا ألما.
ويرد عليها الكافرون والعصاة المتمردون فيخلد فيها الكفار، ويصلى بنارها الفجار، مصداقا لقوله تعالى هنا :﴿ ونذر الظالمين فيها جثيا ﴾، روي عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، ونذر الظالمين فيها جثيا ) أسنده أبو عمر بن عبد البر في كتاب " التمهيد ".
وقوله تعالى :﴿ قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ﴾ هذا غاية الوعيد والتهديد لمن أصر على الضلال، واغتر بإمهال الله له، ظنا منه أن ذلك نوع من الإهمال، نظير قوله تعالى :﴿ ونذرهم في طغيانهم يعمهون ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ]، وقوله تعالى :﴿ إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ﴾ [ آل عمران : ١٧٨ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧١:وقوله تعالى :﴿ وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضياً، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً ﴾ إما أن يكون الخطاب فيه موجها إلى أصناف الكافرين، والعصاة المتمردين، وعلى هذا المعنى يكون " الورود " على النار قاصرا عليهم دون غيرهم، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾ [ الأنبياء : ١٠١ ]، وتكون هذه الآية مرتبطة بما قبلها تمام الارتباط، وإن كان الضمير فيما سبقها ضمير غيبة، والضمير الوارد فيها ضمير خطاب، قال ابن الأنباري :" جائز في اللغة أن يرجع من خطاب الغيبة إلى لفظ المواجهة بالخطاب " واستدل بقوله تعالى :﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا، إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ﴾[ الإنسان : ٢١، ٢٢ ].
وإما أن يكون الخطاب فيه موجها إلى الناس أجمعين، ويكون الورود على النار لازما للجميع، يرد عليها المتقون عابري سبيل، فتكون عليهم بردا وسلاما، ثم يصدرون عنها، ناجين من عذابها، مصداقا لقوله تعالى هنا :
﴿ ثم ننجي الذين اتقوا ﴾ ويكون ما وعدهم الله به من الإبعاد عنها عبارة عن كونهم وإن دخلوها لا يحسون منها وجعا ولا ألما.
ويرد عليها الكافرون والعصاة المتمردون فيخلد فيها الكفار، ويصلى بنارها الفجار، مصداقا لقوله تعالى هنا :﴿ ونذر الظالمين فيها جثيا ﴾، روي عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، ونذر الظالمين فيها جثيا ) أسنده أبو عمر بن عبد البر في كتاب " التمهيد ".
وقوله تعالى :﴿ قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ﴾ هذا غاية الوعيد والتهديد لمن أصر على الضلال، واغتر بإمهال الله له، ظنا منه أن ذلك نوع من الإهمال، نظير قوله تعالى :﴿ ونذرهم في طغيانهم يعمهون ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ]، وقوله تعالى :﴿ إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ﴾ [ آل عمران : ١٧٨ ].

وقوله تعالى :﴿ لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ﴾ الشفاعة في العصاة بعد تعذيبهم لا تكون إلا بإذن الله، وهذا الإذن لا يمنح إلا لمن اتخذ عند الله عهدا، و ( العهد ) هنا لفظ جامع للإيمان والعمل الصالح ﴿ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ].
وقوله تعالى :﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ﴾ وعد صادق من الله تعالى لكل من آن وعمل صالحا ذكرا أو أنثى بأنه سيغرس محبته في القلوب، وسيخلع عليه رداء القبول، حتى يصبح في أعين الناس المثل الأعلى للمومن المقبول المحبوب، علاوة على ما يحظى به من تيسير الله له كل عسير، وما يناله من لطفه الخفي في كل أمر خطير، مصداقا لقوله تعالى في سورة النحل ﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ﴾ [ الآية : ٩٨ ]، وفي آية ثانية :﴿ ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ﴾ [ الطلاق : ٤ ]. روى الترمذي من حديث سعد وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : إني قد أحببت فلانا فأحبه، فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قوله تعالى سيجعل لهم الرحمن ودا، وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل : إني أبغضت فلانا، فينادي في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض " وخرجه البخاري ومسلم بمعناه، ومالك في الموطأ وأحمد في المسند.
وبختام هذا الربع ختمت سورة مريم المكية، وكان مسك الختام التنويه بالدعوة الإسلامية وما جاءت به من البشائر للمتقين آيات الذكر الحكيم، وما ينتظر أعداءها الألداء من هلاك مقيم في عذاب الجحيم ﴿ فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ﴾،
Icon