تفسير سورة المسد

حاشية الصاوي على تفسير الجلالين
تفسير سورة سورة المسد من كتاب حاشية الصاوي على تفسير الجلالين .
لمؤلفه الصاوي . المتوفي سنة 1241 هـ

قوله: ﴿ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ ﴾ بفتح الهاء وسكونها، سبعيتان ولغتان جيدتان، واتفق القراء على فتح الهاء في قوله: ﴿ ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ والفرق أنها فاصلة، فلو سكنت زال التشاكل. قوله: (وهذه خبر) أي إخبار بحصول التباب له الذي دعا به عليه في الجملة الأولى، وهذا أحد قولين، وقيل: إن كلتا الجملتين دعاء، وصرح بكنيته لقبح اسمه، فإن اسمه عبد العزى، أو لأن الله تعالى أراد أن يحقق نسبته بأن يدخله النار. قوله: ﴿ مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ ﴾ يصح أن تكون ﴿ مَآ ﴾ نافية أو استفهامية، وعلى الثاني فهو في محل نصب بـ ﴿ أَغْنَىٰ ﴾ والتقدير: أي شيء أغنى قدم لكونه له صدر الكلام. قوله: ﴿ مَالُهُ ﴾ أي الموروث من آبائه. قوله: (وكسبه) أشار بذلك إلى أن ﴿ مَا ﴾ مصدرية، ويصح أن تكون اسم موصول بمعنى الذي، والعائد محذوف، أي والذي كسبه. قوله: (أي ولده) وهو عتيبة بالتصغير، وأما عتبة ومعتب فقد أسلما، قال بعضهم: كرهت عتيبة إذ أجرما   وأحببت عتبة إذْ أسلماكذا معتب مسلم فاحترز   وخف أن تسب فتى مسلماومات أبو لهب بداء يسمى العدسة، بعد وقعة بدر لسبع ليال، والعدسة قرحة تخرج بالبدن فتقتل صاحبها، كانت العرب تهرب منها لزعمهم أنها تعدي. قوله: ﴿ سَيَصْلَىٰ نَاراً ﴾ أي يحترق بها. قوله: (فهي مآل تكنيته) جواب عما يقال: كيف ذكره بكنيته دون اسمه وهو عبد العزى، مع أن ذلك إكرام واحترام؟ وإيضاحه أنه ذكره بكنيته لموافقة حاله لها، فإن مصيره إلى النار ذات اللهب، أو لأن ذكره باسمه خلاف الواقع حقيقة، لأنه عبد الله لا عبد العزى (وهي أم جميل) أي وهي أخت أبي سفيان بن حرب، وكانت عوراء وماتت مخنوقة بحبلها. قوله: ﴿ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ ﴾ إن قلت: إنها كانت من بيت العز والشرف، فكيف يليق بها حمل الحطب؟ قلت: إنها لشدة عداوتها للنبي صلى الله عليه وسلم لا تستعين في ذلك بأحد، بل تفعله بنفسها. قوله: (بالرفع) أي على أنه نعت لامرأته، وقرأ عاصم ﴿ حَمَّالَةَ ﴾ بالنصب على الذم أو الحال من امرأته، والمعنى: أنها تصل النار حال كونها ﴿ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ ﴾ لما ورد:" أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب النار، كما كانت تحمل الحطب في الدنيا ". قوله: (والسعدان) هو نبت له شوك يشبه به حلمه الثدي وهو بوزن سرحان. قوله: (تلقيه) أي بالليل لقصد أذية النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴾ قيل: إنها في الدنيا كانت تحتطب في حبل من ليف تجعله في عنقها، فبينما هي ذات يوم حاملة للحزمة، فقعدت على حجر لتستريح، إذا أتاها ملك فجذبها من خلفها فأهلكها خنقاً بحبلها، وقيل: هذا في الآخرة، قال ابن عباس: هو سلسلة من حديد، ذرعها سبعون ذرعاً، تدخل من فيها وتخرج من دبرها، ويكون سائرها في عنقها، فتلت من حديد فتلا محكماً اهـ. ويكون المراد بالمسد الحديد، فإنه يطلب عليه أيضاً كما يؤخذ من القاموس، ولا مانع من الجمع، قوله: (أي ليف) قيل: هو ليف المقل وهو شجر الدوم أبيض مشهور، وقيل: مطلق الليف قوله: (وهذه الجملة) أي المركبة من المبتدأ الذي هو ﴿ حَبْلٌ ﴾، ومن الخبر الذي هو ﴿ فِي جِيدِهَا ﴾.
قوله: (أو خبر مبتدأ مقدر) أي وتقديره: المرأة المذكورة ﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴾.
Icon