تفسير سورة سورة الفرقان من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سورة الفرقان مكية أو إلا ثلاث آيات ﴿ والذين لا يَدْعون ﴾ [ ٦٨ ] إلى ﴿ غفورا رحيما ﴾ [ ٧٠ ].
ﰡ
١ - ﴿تَبَارَكَ﴾ تفاعل من البركة " ع "، أو خالق البركة، أو الذي تجيء منه البركة وهي العلو، أو الزيادة، أو العظمة
﴿الْفُرْقَانَ﴾ القرآن؛ لأنه فيه بيان الحلال والحرام، أوالفرقة بين الحق والباطل، وقيل الفرقان اسم لكل منزل
﴿ليكون﴾ محمداً [صلى الله عليه وسلم] أو الفرقان
﴿لِلْعَالَمِينَ﴾ الجن والإنس؛ لأنه أرسل
416
إليهم
﴿نَذِيراً﴾ محذراً من الهلاك، ولم تعم رسالة نبي قبله إلا نوح - عليه الصلاة والسلام - فإنه عم الإنس برسالته بَعد الطوفان وقبل الطوفان مذهبان.
﴿وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم ءاخرون فقد جاءو ظلماً وزوراً وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلاً قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفوراً رحيماً﴾
417
٤ - ﴿وقال الذين كفروا﴾ مشركو مكة، أوالنضر بن الحارث " ع "
﴿إِفْكٌ﴾ كذب اختلقه وأعانه
﴿قَوْمٌ﴾ من اليهود، أو عبد الله بن الحضرمي، أو عداس مولى عتبة " وجبر مولى عامر بن الحضرمي "، أو أبو فكيهة الرومي. {وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملكٌ فيكون معه نذيراً أو يلقى إليه كنزٌ أو تكون له جنةٌ يأكل منها وقال الظالمون إن تتّبعون إلا رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك
417
الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهارويجعل لك قصوراً بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً إذا رأتهم من مكان بعيدٍ سمعوا لها تغيظاً وزفيراً وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرّنين دعوا هنالك ثبوراً لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً}
418
٧ - ﴿يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾ أنكروا أن يكون الرسول مثلهم محتاجاً إلى الطعام متبذلاً في الأسواق، أو ينبغي كما اختص بالرسالة فكذلك يجب أن لا يحتاج إلى الطعام كالملائكة ولا يتبذل في الأسواق كالملوك ﴿أنزل عليه مَلَكٌ﴾ دليلاً على صدقه، أو وزيراً يرجع إلى رأيه.
٨ - ﴿كنزٌ﴾ ينفق منه على نفسه وأتباعه كأنهم استقلوه لفقره ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ﴾ مشركو مكة، أو عبد الله بن الزَّبَعْرَى ﴿مَّسْحُوراً﴾ سُحر فزال عقلُه، أو سحركم فيما يقوله.
٩ - ﴿ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ﴾ بما تقدم من قولهم ﴿فَضَلُّواْ﴾ عن الحق في ضربها، أو فناقضوا / [١٢٥ / أ] في ذلك لأنهم قالوا: افتراه ثم قالوا يُملى عليه ﴿سَبِيلاً﴾ مخرجاً من الأمثال التي ضربوها، أو سبيلاً لطاعة الله - تعالى - أو سبيلاً إلى الخير.
١٣ - ﴿ضَيِّقاً﴾ تضيق جهنم على الكافر كمضيق الزُّج على الرمح
﴿مُّقَرَّنِينَ﴾ مُكَتَّفين، أو قرن كل واحد منهم إلى شيطانه.
﴿ثُبُوراً﴾ ويلاً أو هلاكاً، أو وانصرافاه عن طاعة الله كقول الرجل واحسرتاه وانداماه.
418
قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيراً لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعداً مسئولاً
419
١٦ - ﴿مَا يَشَآءُونَ﴾ من النعيم وتُصرف المعاصي عن شهواتهم ﴿وَعْداً مَّسْئُولاً﴾ وعدهم الله الجزاء فسألوه الوفاء فوفى " ع "، أو يسأله لهم الملائكة فيجابون إلى مَسْألتهم، أو سألوه في الدنيا أن يرزقهم الجنة فأجابهم. {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ٥ قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وءاباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفاً ولا نصراً ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً
١٧ - ﴿يَحْشُرُهُمْ﴾ حشر الموت، أو البعث " ع " ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ عيسى وعُزير والملائكة ﴿فَيَقُولُ﴾ للملائكة، أو لعيسى وعزير والملائكة ﴿أأنتم﴾ تقريرٌ لإكذاب المدعين عليهم ذلك.
١٨ - ﴿مِنْ أَوْلِيَآءَ﴾ نواليهم على عبادتنا، أو نتخذهم لنا أولياء
﴿مَّتَّعْتَهُمْ﴾ بتأخير العذاب، أو بطول العمر، أو بالأموال والأولاد
﴿بُوراً﴾ هلكى، البوار: الهلاك " ع "، أو لا خير فيهم، بارت الأرض: تعطلت من الزرع فلم يكن
419
فيها خير، أو البوار: الفساد بارت السلعة: كسدت كساداً فاسداً.
420
١٩ - ﴿فَقَدْ﴾ كذبكم الكفار أيها المؤمنون ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ من نبوة محمد [صلى الله عليه وسلم]، أو كذب الملائكة والرسل الكفار بقولهم إنهم اتخذوهم أولياء من دونه ﴿صَرْفاً﴾ للعذاب عنهم ولا ينصرون أنفسهم، أو صرف الحجة ﴿وَلا نَصْراً﴾ على آلهتهم في تكذيبهم، أو صرفك يا محمد عن الحق ولا نصر أنفسهم من عذاب التكذيب، أو الصرف: الحيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال، وفي الحديث " لا يقبل منه صرف أي نافلة ولا عدل أي فريضة "، ﴿وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا انهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربّك بصيراً﴾
٢٠ - ﴿فِتْنَةً﴾ اختباراً يقول الفقير لو شاء لجعلني غنياً مثل فلان وكذلك يقول الأعمى والسقيم للبصير، والسليم، أو العداوات في الدين أو صبر الأنبياء على تكذيب قومهم، أو أسلم بلال وعمار وصهيب وأبو ذر
420
وعامر بن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم من الفقراء والموالي قال: المستهزئون من قريش انظروا إلى أتباع محمد من فقرائنا وموالينا فنزلت، والفتنة: البلاء، أو الاختبار
﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ على ما امتُحنتم به من الفتنة تقديره أم لا تصبرون
﴿بصيرا﴾ بمن يجزع.
﴿وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجراً محجوراً ٢٢ وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً أصحاب الجنة يومئذ خيرٌ مستقراً وأحسن مقيلاً ٢٤﴾
421
٢١ - ﴿لا يَرْجُونَ﴾ لا يخافون، أو لا يأملون، أو لا يبالون
﴿الْمَلائِكَةُ﴾ ليخبرونا بنبوة محمد، أو رسلاً بدلاً من رسالته
﴿اسْتَكْبَرُواْ﴾ باقتراحهم رؤية ربهم ونزول الملائكة، أو بإنكارهم إرسالَ محمد [صلى الله عليه وسلم] إليهم / [١٢٥ / ب]
﴿عُتُوّاً﴾ تجبراً، أو عصياناً، أو سرفاً في الظلم، أو غلواً في القول، أو شدة الكفر " ع "، نزلت في عبد الله بن أبي أمية ومكرز بن حفص في جماعة من قريش قالوا: لولا
421
أنزل علينا الملائكة، أو نرى ربنا.
422
٢٢ - ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ﴾ يوم الموت، أو القيامة ﴿لا بُشْرَى﴾ للمجرمين بالجنة ﴿وَيَقُولُونَ﴾ الملائكة للكفار، أو الكفار لأنفسهم ﴿حِجْراً مَّحْجُوراً﴾ معاذ الله أن تكون لكم البشرى، أو حراماً محرماً أن تكون لكم البشرى، أو منعنا أن يصل إلينا شيء من الخير.
٢٣ - ﴿وَقَدِمْنَآ﴾ عمدنا ﴿مِنْ عَمَلٍ﴾ خير فأحبطناه بالكفر، أو عمل صالح لا يراد به وجه الله. ﴿هَبَآءً﴾ رَهَج الدواب " غبار يسطع من تحت حوافرها "، أو كالغبار يكون في شعاع الشمس إذا طلعت في كوة، أو ما ذرته الريح من أوراق الشجر، أو الماء المهراق " ع " أو الرماد.
٢٤ - ﴿وأحسن مقيلا﴾ المستقر في الجنة، والمقبل دونها، أو عبّر به عن الدعة وإن لم يقيلوا، أو مقيلتهم الجنة على الأسرة مع الحور، ومقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين " ع "، أو يفرغ من حسابهم وقت القائلة وهو نصف النهار.
422
ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً الملك يومئذٍ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً ٢٦ ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ياويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً ٢٨ لقد أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً}
423
٢٥ - ﴿بِالْغَمَامِ﴾ المعهُود لأنه لا يبقى بعد انشقاق السماء، أوغمام أبيض يكون في السماء ينزله الله - تعالى - على الأنبياء فيشقق السماء فيخرج منها ﴿وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ﴾ ليبشروا المؤمن بالجنة والكافر بالنار، أو ليكون مع كل نفس سائق وشهيد.
٢٧ - ﴿الظَّالِمُ﴾ قيل عقبة بن أبي مُعيط ﴿سَبِيلاً﴾ طريقاً إلى النجاة أو بطاعة الله، أو وسيلة عند الرسول [صلى الله عليه وسلم] تكون صلة إليه.
٢٨ - ﴿فُلاناً﴾ لا يثنى ولا يجمع. وهو هنا الشيطان، أو أُبي بن خلف، أو أمية بن خلف كان خليلاً لعقبة وكان عقبة يغشى مجلس الرسول [صلى الله عليه وسلم] فقال: أمية بلغني أنك صبوت إلى دين محمد، فقال: ما صبوت، فقال: وجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتبرأ منه، فأتاه عقبة وتفل في وجهه وتبرأ منه فاشتد ذلك على الرسول [صلى الله عليه وسلم] فنزلت. (وقال الرسول يا رب إنّ قومي اتّخذوا هذا القرءان مهجوراً وكذلك جعلنا لكل نبىٍ
423
عدواً من المجرمين وكفى بربّك هادياً ونصيراً}
424
٣٠ - ﴿مَهْجُوراً﴾ أعرضوا عنه، أو قالوا: فيه هُجراً وقبيحاً، أو جعلوه هجراً من الكلام وهو ما لا فائدة فيه كالعبث والهذيان. ﴿وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملةً واحدةً كذلك لنثبت به فؤادك ورتّلناه ترتيلاً ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شرٌ مكاناً وأضل سبيلاً﴾
٣٢ - ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ قريش، أو اليهود: هلا نُزل القرآن جملة واحدة كالتوراة
﴿لِنُثَبِّتَ﴾ لنشجع به قلبك؛ لأنه معجزة تدل على صدقك، أو أنزلناه متفرقاً لنثبت به فؤادك؛ لأنه أُمي لا يقرأ فنزل مفرقاً ليكون أثبت في فؤاده وأعلق بقلبه، أو ليثبت فؤاده باتصال الوحي فلا يصير بانقطاعه مستوحشاَ
﴿وَرَتَّلْنَاهُ﴾ رسلناه شيئاً بعد شيء " ع "، أو فرقناه، أو فصلناه، أو فسرناه، أو بيناه " ع ". {ولقد ءاتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بئاياتنا فدمرناهم تدميراً وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس ءايةً وأعتدنا للظالمين عذاباً أليماً وعاداً وثمودا وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً وكلاّ ضربنا له الأمثال وكلاً تبرنا
424
تتبيراً ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشوراً}
425
﴿ الرَّسّ ﴾ المعدن، أو قرية من قرى اليمامة يقال : لها الفلج من ثمود، أو ما بين نجران واليمن إلى حضرموت، أو بئر بأذريبجان " ع "، أو بأنطاكية الشام قتل بها صاحب ياسين، أو كل بئر لم تُطْو فهي رس. وأصحابها قوم شعيب، أو قوم رسو نبيهم في بئر، أو قوم نزلوا على بئر وكانوا يعبدون الأوثان فلا يظفرون بأحد يخالف دينهم إلا قتلوه ورَسُّوه فيها وكان الرس بالشام، أو قوم أكلوا نبيهم.
٣٩ - ﴿الرَّسِّ﴾ المعدن، أو قرية من قرى اليمامة يقال: لها الفلج من ثمود، أو ما بين نجران واليمن إلى حضرموت، أو بئر بأذريبجان " ع "، أو بأنطاكية الشام قتل بها صاحب ياسين، أو كل بئر لم تُطْو فهي / [١٢٦ / أ] رس. وأصحابها قوم شعيب، أو قوم رسو نبيهم في بئر، أو قوم نزلوا على بئر وكانوا يعبدون الأوثان فلا يظفرون بأحد يخالف دينهم إلا قتلوه وَرَسُّوه فيها وكان الرس بالشام، أو قوم أكلوا نبيهم.
٤٠ - ﴿الْقَرْيَةِ﴾ سدوم. و ﴿مَطَرَ السَّوْءِ) {الحجارة﴾ (يَرَوْنَهَا} يعتبرون بها ﴿لا يَرْجُونَ﴾ لا يخافون بعثاً. {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي بعث الله رسولاً إن كاد ليضلنا عن ءالهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضلُّ سبيلاً أرءيت من اتَخذ إلاههُ هواهُ أفأنت تكون عليه وكيلاً أم تحسبُ أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً
٤٣ - ﴿من اتخذ إلاهه هَوَاهُ﴾ قوم كانوا يعبدون ما يستحسنونه من
425
الحجارة فإذا رأوا أحسن منه عبدوه وتركوا الأول " ع "، أو الحارث بن قيس كان إذا هوى شيئاً عبده، أو التابع هواه في كل ما دعاه إليه " ح ".
﴿وَكِيلاً﴾ ناصراً، أو حفيظاً، أو كفيلاً، أو مسيطراً.
﴿ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً وهو الذي جعل لكم الّيل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً﴾
426
٤٥ - ﴿مَدَّ﴾ بسط ﴿الظِّلَّ﴾ الليل يظل الأرض يدْبر بطلوع الشمس ويقبل بغروبها، أوظلال النهار بما حجب عن شعاع الشمسن والظل: ما قبل الزوال والفيء بعده أو الظل: قبل طلوع الشمس والفيء بعد طلوعها. " ﴿سَاكِناً﴾ دائماً. ﴿دَلِيلاً﴾ برهاناً على الظل، أو تالياً يتبعه حتى يأتي عليه كله ".
٤٦ - ﴿قبضناه﴾ قبضنا الظل بطلوع الشمس، أوبغروبها ﴿يسيرا﴾ سريعاً " ع "، أو سهلاً، خفياً.
٤٧ - ﴿لِبَاساً﴾ غطاء كاللباس
﴿سُبَاتاً﴾ راحة لقطع العمل فيه، أو لأنه مسبوت فيه كالميت لا يعقل.
﴿نُشُوراً﴾ باليقظة كالنشور بالبعث، أو ينتشر فيه للمعاش.
426
﴿وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً لنحى به بلدةً ميتاً ونسقيه ممّا خلقنا أنعاماً وأناسى كثيراً ولقد صرفناه بينهم ليذّكروا فأبى أكثر الناس إلا كفوراً﴾
427
٤٨ - ﴿الرِّيَاحَ﴾ قال أُبي بن كعب: كل شيء من ذكر الرياح في القرآن فهو رحمة وكل شيء من الريح فهو عذاب، قيل لأن الرياح جمع وهي الجنوب والشمال والصبا لأنها لواقح، والعذاب ريح واحدة، وهي الدَّبور؛ لأنها لا تُلقح. ﴿نشراً﴾ تنشر السحاب ليمطر، أو تحيي الخلق كما يحيون بالنشور. ﴿بشراً﴾ لتبشيرها بالمطر. أو لأنهم يستبشرون بالمطر. ﴿رَحْمَتِهِ﴾ بالمطر.
٤٩ - ﴿بَلْدَةً مَّيْتاً﴾ لا عمارة بها ولا زرع، وإحياؤها إنبات زرعها وشجرها ﴿أناسي﴾ جمع إنسان، أو جمع إنسي.
٥٠ - ﴿صَرَّفْنَاهُ﴾ الفرقان، أو المطر. قسمة بينهم فلا يدوم على مكان فيهلك، ولا ينقطع عن آخر فيفسد، أو يصرفه في كل عام من مكان إلى مكان، قال ابن عباس. رضي الله تعالى عنهما: ليس عام بأمطر من عام ولكن الله تعالى يصرفه بين عباده
﴿كفورا﴾ قولهم: مطرنا بالأنواء. {ولو شئنا لبعثنا في كلّ قريةٍ نذيراً فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً وهو الذي مرج البحرين هذا عذبٌ فراتٌ وهذا ملحٌ أجاجٌ وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان
427
٥٢ - ﴿فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ في تعظيم آلهتهم، أو موادعتهم ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ بالقرآن أو الإسلام. ﴿كَبِيراً﴾ بالسيف، أو الغلظة.
٥٣ - ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾ أرسل أحدهما في الآخر، أو خلاهما مرجت الشيء خليته، ومرج الوالي الناس تركهم، ومرجت الدابة تركتها ترعى، فهما بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر العذب وبحر الملح. ﴿فُرَاتٌ﴾ عذب أو أعذب العذب ﴿أُجَاجٌ﴾ ملح، أو أملح الملح، أو مر، أو حار متوهج من تأجج النار ﴿بَرْزَخاً﴾ حاجزاً من اليبس " ح " أو التخوم، أو الأجل ما بين الدنيا والآخرة. ﴿حجراً﴾ مانعاً أن يختلط العذب بالمالح.
٥٤ - ﴿نسباً﴾ / [١٢٦ / ب] كل من ناسب بولد أو والد وكل شيء أضيف إلى آخر ليعرف به فهو يناسبه.
﴿وَصِهْراً﴾ الرضاع، أو المناكح، أو النسب ما لا يحل نكاحه من قريب وغيره والصهر ما يحل نكاحه من قريب وغيره، أصل الصهر الملاصقة، أو الاختلاط لاختلاط الناس بها. {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربّه ظهيراً وما
428
أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً قل ما أسئلكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيراً وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً}
429
٥٥ - ﴿عَلَى رَبِّهِ﴾ أولياء ربه. ﴿ظَهِيراً﴾ عوناً، أو الكافر هين على الله، ظهر فلان بحاجتي استهان بها، ومنه ٠ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} [هود: ٩٢] قيل نزلت: في أبي جهل.
٦٠ - ﴿قَالُواْ وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ لم تكن العرب تعرف هذا الاسم لله تعالى فلما دعوا إلى السجود له بهذا الاسم سألوا عنه مسألة الجاهل، أو لأن مسيلمة يُسمى بالرحمن فلما سمعوه في القرآن ظنوه مسيلمة فأنكروا السجود له، أو ورد في قوم لا يعرفون الصانع ولا يقرون فلما دعوا إلى السجود أزدادوا نفوراً على نفورهم وإلا فالعرب كانت تعرف الرحمن قبل ذلك. ﴿تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً وهو الذي جعل اليل والنهار خلفةٌ لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً﴾
٦١ - ﴿بُرُوجاً﴾ نجوماً عظاماً أو قصوراً فيها الحرس، أو مواضع
429
الكواكب، أو منازل الشمس
﴿سِرَاجاً﴾ الشمس، سُرُجاً: النجوم، وسمى الشمس سراجاً لاقتران نورها بالحرارة كالسراج، وسمى القمر بالنور لعدم ذلك فيه.
430
٦٢ - ﴿خِلْفَةً﴾ ما فات في أحدهما قضي في الآخر، أو يختلفان ببياض أحدهما وسواد الآخر، أو يخلف كل واحد منهما الآخر بالتعاقب. ﴿يَذَّكَّرَ﴾ يصلي بالليل صلاة النهار، وبالنهار صلاة الليل. ﴿شُكُوراً﴾ النافلة بعد الفرض قيل نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه. ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما﴾
٦٣ - ﴿هَوْناً﴾ علماء حلماء " ع "، أو أعفاء أتقياء، أو بالسكينة
430
والوقار، أو متواضعين غير متكبرين
﴿الْجَاهِلُونَ﴾ الكفار، أو السفهاء،
﴿سَلاماً﴾ سداداً، أو طلباً للمسالمة، أو وعليك السلام.
431
٦٥ - ﴿غلاما﴾ غراماً ملازماً، والغريم لملازمته، أو شديداً وشدة المحنة غرام، أو ثقيلاً. مغرمون: مثقلون، أو أغرموا بنعيم الدنيا عذاب النار.
٦٧ - ﴿يُسْرِفُواْ﴾ النفقة في المعاصي " ع "، أو لم يكثروا حتى يقول الناس قد أسرفوا، أو لا يأكلون الطعام لإرادة النعيم ولا يلبسون الثياب للجمال وهم أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] كانت قلوبهم كقلب رجل واحد، أو لم ينفقوا نفقة في غير حقها.
﴿يَقْتُرُواْ﴾ يمنعوا حق الله " ع "، أو لا يجيعهم ولا يعريهم، أو لم يمسكوا عن طاعة الله تعالى، أو لم يقتصروا في الحق قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" من منع في حق فقد أقتر ومن أعطى في غير حق فقد أسرف "
﴿قَوَاماً﴾ عدلاً، أو إخراج شطر الأموال في الطاعة، أو ينفق في الطاعة ويكف عن محارم الله تعالى. والقوام بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم
431
عليه الأمر ويستقر.
﴿والذين لا يدعون مع الله إلهاً ءاخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنّه يتوب إلى الله متاباً ٧١﴾
432
٦٨ - ﴿إِلا بالْحَقِّ﴾ كفر بعد الإيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل / نفس بغير نفس. / [١٢٧ / أ] ﴿أَثَاماً﴾ عقوبة، أو جزاء، أو اسم وادٍ في جهنم.
٦٩ - ﴿يُضَاعَفْ﴾ عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو يجمع له بين عقوبات الكبائرالتي فعلها، أو استدامة العذاب بالخلود.
٧٠ - ﴿من تاب﴾ من الزنا
﴿وآمن﴾ من الشرك وعمل صالحاً بعد السيئات
﴿حَسَنَاتٍ﴾ يبدلون في الدنيا بالشرك إيماناً وبالزنا إحصاناً، وذكر الله تعالى بعد نسيانه وطاعته بعد عصيانه، أو في الآخرة من غلبت سيئاتُه
432
حسناتِه بُدلت سيئاته حسنات، أو يبدل عقاب سيئاته إذا تاب منها بثواب حسناته التي انتقل إليها.
﴿غَفُوراً﴾ لما سبق على التوبة.
﴿رَّحِيماً﴾ بعدها. لما قتل وحشي حمزة كتب إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] هل لي من توبة فإن الله تعالى أنزل بمكة إياسي من كل خير.
﴿والذين لا يدعون مع الله﴾ الآية [٦٨] وأن وحشياً قد زنا وأشرك وقتل النفس فأنزل الله تعالى:
﴿إلا مَن تَابَ﴾ من الزنا وآمن بعد شرك وعمل صالحاً بعد السيئات الآية. فكتب بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إليه فقال: هذا شرط شديد ولعلي لا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحاً. فكتب إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم] هل من شيء أوسع من هذا. فنزلت
﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ الآية [النساء: ٦٦] فكتب بها الرسول [صلى الله عليه وسلم] إلى وحشي فقال: إني أخاف أن لا أكون من مشيئة الله فنزل في وحشي وأصحابه
﴿قل يا عبادي الذين أَسْرَفُواْ﴾ الآية [الزمر: ٥٣] فبعث بها إلى وحشي فأتى الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأسلم.
433
﴿والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مروا كراماً والذين إذا ذكروا بئايات ربّهم لم يخروا عليها صمّاً وعمياناً والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعينٍ واجعلنا للمتقين إماماً﴾
434
٧٢ - ﴿الزُّورَ﴾ الشرك بالله، أو أعياد أهل الذمة وهو الشعانين، أو الغناء، أو مجالس الخنا، أو لعب كان في الجاهلية، أو الكذب، أومجلس كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يُشتم فيه. ﴿بِاللَّغْوِ﴾ كان المشركون إذا سبوهم وأذوهم أعرضوا عنهم وإذا ذكروا النكاح كفوا عنه، ويكنون عن الفروج إذا ذكروها، أو إذا مروا بإفك المشركين أنكروه، أو المعاصي كلها ومرورهم بها ﴿كِرَاماً﴾ تركها والإعراض عنها.
٧٣ - ﴿لَمْ يَخِرُّواْ﴾ لم يقيموا، أو لم يتغافلوا. ﴿صُمّاً وَعُمْيَاناً﴾ لكنهم سمعوا الوعظ وأبصروا الرشد.
٧٤ - ﴿مَنْ أَزْوَاجِنَا﴾ اجعل أزواجنا وذريتنا قرة أعين أو ارزقنا من أزواجنا
434
أولاداً ومن ذريتنا أعقاباً، وقرة العين: أن تصادف العين ما يرضيها فتقر على النظر إليه دون غيره، أو القر البرد معناه بَرَّدَ الله دمعها، دمع السرور بارد، ودمع الحزن حار، وضد قرة العين سخنة العين.
﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ أهل طاعة تقر أعيننا في الدنيا بصلاحهم وفي الآخرة / [١٢٧ / ب] بالجنة
﴿إِمَاماً﴾ أئمة هدى يهتدى بنا " ع "، أو نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا، أو أمثالاً، أو قادة إلى الجنة، أو رضاً.
﴿أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّة وسلاماً خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً﴾
435
٧٥ - ﴿الْغُرْفَةَ﴾ الجنةٍ، أو أعلى منازل الجنة ﴿صَبَرُواْ﴾ على الطاعة، أو عن شهوات الدنيا. ﴿تَحِيَّةً﴾ بقاء دائماً، أو ملكاً عظيماً، ﴿وَسَلاماً﴾ جميع السلامة والخير، أو يحيي بعضهم بعضاً بالسلام.
٧٧ - ﴿ما يعبأ﴾ ما يصنع، أو ما يبالي بكم.
﴿دُعَآؤُكُمْ﴾ عبادتكم له وإيمانكم به، أو لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة.
﴿لِزَاماً﴾ القتل ببدر أو عذاب القيامة، أو الموت، أو لزوم الحجة لهم في الآخرة على تكذيبهم في الدنيا. وأظهر الوجوه أن اللزام الجزاء للزومه.
435
سورة الشعراء
مكية، أو إلا أربع آيات نزلت بالمدينة
﴿والشعراء يبتعهم﴾ [٢٢٤] إلى آخرها.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿طسم تلك ءايات الكتاب المبين لعلك باخعٌ نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءايةً فظلت أعناقهم لها خاضعين وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدثٍ إلا كانوا عنه معرضين فقد كذّبوا فسيأتيهم أنبؤا ما كانوا به يستهزءون أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوجٍ كريمٍ إن في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو العزيز الرحيم﴾
436