تفسير سورة سورة الصافات من كتاب روح البيان
المعروف بـروح البيان
.
لمؤلفه
إسماعيل حقي
.
المتوفي سنة 1127 هـ
ﰡ
فان كان العمل كريما أكرم صاحبه وان كان لئيما آلمه) اى ان كان عملا صالحا آنس صاحبه وبشره ووسع عليه قبره ونورّه وحماه من الشدائد والأهوال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والأهوال والعذاب والوبال كما جاء فى المثنوى
وعن بعض الصالحين فى بعض بلاد اليمن انه لما دفن بعض الموتى وانصرف الناس سمع فى القبر صوتا ودقا عنيفا نم خرج من القبر كلب اسود فقال له الشيخ الصالح ويحك أىّ شىء أنت فقال انا عمل الميت قال فهذا الضرب فيك أم فيه قال فى وجدت عنده سورة يس وأخواتها فحالت بينه وبينى وضربت وطردت قال اليافعي قلت لما قوى عمله الصالح غلب عمله الصالح وطرد عنه بكرم الله ورحمته ولو كان عمله القبيح أقوى لغلبه وافزعه وعذبه نسأل الله الكريم الرحيم لطفه ورحمته وعفوه وعافيته لنا ولاحبابنا ولاخواننا المسلمين اللهم أجب دعانا بحرمة سورة يس تمت سورة يس فى ثانى ذى القعدة الشريف من الشهور المنسلكة فى سلك سنة عشر ومائة والف
تفسير سورة الصافات
احدى او اثنتان وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا الواو للقسم والصافات جمع صافة بمعنى جماعة صافة فالصافات بمعنى الجماعات الصافات ولو قيل والصافين وما بعدها بالتذكير لم يحتمل الجماعات. والصف ان يجعل الشيء على خط مستقيم كالناس والأشجار: وبالفارسية [رسته كردن] تقول صففت القوم من باب ردّ فاصطفوا إذا أقمتم على خط مستو لاداء الصلاة او لاجل الحرب. اقسم الله سبحانه بالملائكة الذين يصفون للعبادة فى السماء ويتراصون فى الصف اى بطوائف الملائكة الفاعلات للصفوف على ان المراد إيقاع نفس الفعل من غير قصد الى المفعول واللاتي يقفن صفا صفا فى مقام العبودية والطاعة: وبالفارسية [وبحق فرشتكان صف بر كشيده در مقام عبوديت صف بر كشيدنى] او الصافات أنفسها اى الناظمات لها فى سلك الصفوف بقيامها فى مواقف الطاعة ومنازل الخدمة وفى الحديث (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم) قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال (يتمون الصفوف المقدّمة ويتراصون فى الصف) [والتراص: نيك در يكديكر بايستادن] وكان عمر بن الخطاب رضى الله
در زمانه مر ترا سه همره اند | آن يكى وافى واين يك غدرمند |
آن يكى ياران وديكر رخت ومال | وآن سوم وافيست وان حسن الفعال |
مال نايد با تو بيرون از قصور | يار آيد ليك آيد تا بكور |
چون ترا روز أجل آيد به پيش | يار كويد از زبان حال خويش |
تا بدينجا بيش همره نيستم | بر سر كورت زمانى بيستم |
فعل تو وافيست زو كن ملتحد | كه در آيد با تو در قعر لحد |
پس پيمبر كفت بهر اين طريق | با وفاتر از عمل نبود رفيق |
كر بود نيكو ابد يارت شود | ور بود بد در لحد مارت شود |
تفسير سورة الصافات
احدى او اثنتان وثمانون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا الواو للقسم والصافات جمع صافة بمعنى جماعة صافة فالصافات بمعنى الجماعات الصافات ولو قيل والصافين وما بعدها بالتذكير لم يحتمل الجماعات. والصف ان يجعل الشيء على خط مستقيم كالناس والأشجار: وبالفارسية [رسته كردن] تقول صففت القوم من باب ردّ فاصطفوا إذا أقمتم على خط مستو لاداء الصلاة او لاجل الحرب. اقسم الله سبحانه بالملائكة الذين يصفون للعبادة فى السماء ويتراصون فى الصف اى بطوائف الملائكة الفاعلات للصفوف على ان المراد إيقاع نفس الفعل من غير قصد الى المفعول واللاتي يقفن صفا صفا فى مقام العبودية والطاعة: وبالفارسية [وبحق فرشتكان صف بر كشيده در مقام عبوديت صف بر كشيدنى] او الصافات أنفسها اى الناظمات لها فى سلك الصفوف بقيامها فى مواقف الطاعة ومنازل الخدمة وفى الحديث (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم) قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم قال (يتمون الصفوف المقدّمة ويتراصون فى الصف) [والتراص: نيك در يكديكر بايستادن] وكان عمر بن الخطاب رضى الله
تربية الخلق والربوبية بمعنى المالكية والخالقية ونحوهما عامة وبمعنى التربية خاصة بكل نوع بحسبه فهو مربى الأشباح بانواع نعمه ومربى الأرواح بلطائف كرمه ومربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ومربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ومربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة والرب عنوان الادعية فلا بد للداعى من استحضاره لسانا وقلبا حتى يستجاب فى دعائه اللهم ربنا انك أنت الواحد وحدة حقيقية ذاتية لا انقسام لك فيها فاجعل توحيدنا توحيدا حقانيا ذاتيا سريا لا مجازية فيه وانك أنت الرب الكريم الرحيم فكما انك ربنا وخالقنا فكذا مربينا ومولينا فاجعلنا فى تقلبات انواع نعمك شاغلين بك فارغين عن غيرك وأوصل إلينا من كل خيرك إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى القربى منكم ومن الأرض واما بالنسبة الى العرش فهى البعدى. والدنيا تأنيث الأدنى بمعنى الأقرب بِزِينَةٍ عجيبة بديعة الْكَواكِبِ بالجر بدل من زينة على ان المراد بها الاسم اى ما يزان به لا المصدر فان الكواكب بانفسها وأوضاع بعضها عن بعض زينة وأي زينة وفيه اشارة الى ان الزينة التي تدرك بالبصر يعرفها الخاصة والعامة والى الزينة التي يختص بمعرفتها الخاصة وذلك أحكامها وسيرها والكواكب معلقة فى السماء كالقناديل او مكوكبة عليها كالمسامير على الأبواب والصناديق وكون الكواكب زينة للسماء الدنيا لا يقتضى كونها مر كوزة فى السماء الدنيا ولا ينافى كون بعضها مركوزة فيما فوقها من السموات لان السموات إذا كانت شفافة واجراما صافية فالكواكب سواء كانت فى السماء الدنيا او فى سماوات اخرى فهى لا بد وان تظهر فى السماء الدنيا وتلوح منها فتكون سماء الدنيا مزينة بالكواكب والحاصل ان المراد هو التزيين فى رأى العين سواء كانت اصول الزينة فى سماء الدنيا او فى غيرها وهذا مبنى على ما ذهب اليه اهل الهيئة من ان الثوابت مركوزة فى الفلك الثامن وما عدا القمر فى السنة المتوسطة وان لم يثبت ذلك فحقيقة العلم عند الله تعالى وَحِفْظاً منصوب بعطفه على زينة باعتبار المعنى كأنه قيل انا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا برمى الشهب مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ اى خارج عن الطاعة متعر عن الخير من قولهم شجر امرد إذا تعرى من الورق ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر وفى التأويلات النجمية بقوله (إِنَّا زَيَّنَّا) إلخ يشير الى الرأس فانه بالنسبة الى البدن كالسماء مزين (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) الحواس وايضا زين سماء الدنيا بالنجوم وزين قلوب أوليائه بنجوم المعارف والأحوال وكما حفظ السموات بان جعل النجوم للشياطين رجوما كذلك زين القلوب بانوار التوحيد فاذا قرب منها الشياطين رجموهم بنور معارفهم كما قال (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) يعنى من شياطين الانس وحكى ان أبا سعيد الخراز قدس سره رأى إبليس فى المنام فاراد ان يضربه بالعصا فقال يا أبا سعيد انا لا أخاف العصا وانما أخاف من شعاع شمس المعرفة بسوزد نور پاك اهل عرفان ديو نارى را لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى اصل يسمعون يتسمعون فادغمت التاء فى السين وشددت والتسمع وتعديته بالى لتضمنه معنى الإصغاء. والملأ جماعة يجتمعون على رأى فيملأون
أدركه الشهاب قبل ان يلقيه وربما ألقاه قبل ان يدركه ولاجل ان يصيبهم مرة ويسلمون اخرى لا يرتدعون عن الاستراق بالكلية كراكب البحر للتجارة فانه قد يصيبه الموج وقد لا يصيبه فلذا يعود الى ركوب البحر رجاء السلامة ولا يقال ان الشيطان من النار فلا يحترق لانه ليس من النار الصرف كما ان الإنسان ليس من التراب الخالص مع ان النار القوية إذا استولت على الضعيفة استهلكتها ثم ان المراد بالشهاب شعلة نار تنفصل من النجم لا انه النجم نفسه لانه قار فى الفلك على حاله وقالت الفلاسفة ان الشهب انما هى اجزاء نارية تحصل فى الجو عند ارتفاع الابخرة المتصاعدة واتصالها بالنار التي دون الفلك انتهى وقال بعض كبار اهل الحقيقة لولا الأثير الذي هو بين السماء والأرض ما كان حيوان ولا نبات ولا معدن فى الأرض لشدة البرد الذي فى السماء الدنيا فهو يسخن العالم لتسرى فيه الحياة بتقدير العزيز العليم وهذا الأثير الذي هو ركن النار متصل بالهواء والهواء حار رطب ولما فى الهواء من الرطوبة إذا اتصل بهذا الأثير اثر فيه لتحركه اشتعالا فى بعض اجزاء الهواء الرطبة فبدت الكواكب ذوات الأذناب لانها هواء محترق لا مشتعل وهى سريعة الاندفاع وان أردت تحقيق هذا فانظر الى شرر النار إذا ضرب الهواء النار بالمروحة يتطاير منها شرر مثل الخيوط فى رأى العين ثم تنطفئ كذلك هذه الكواكب وقد جعلها الله رجوما للشياطين الذين هم كفار الجن كما قال الله تعالى انتهى كلامه قدس سره قال بعضهم لما كان كل نير يحصل فى الجو مصابيح لاهل الأرض فيجوز ان تنقسم الى ما تكون باقية على وجه الدهر آمنة من التغير والفساد وهى الكواكب المركوزة فى الافلاك والى ما لا تبقى بل تضمحل وهو الحادث بالبخار الصاعد على ما ذهب اليه الفلاسفة او بتحريك الهواء الأثير واشعاله على ما ذهب اليه بعض الكبار فلا يبعد ان يكون هذا الحادث رجما للشيطان يقول الفقير أغناه الله القدير قول بعض الكبار يفيد حدوث بعض الكواكب ذوات الاذناب من التحريك المذكور وهى الكواكب المنقضة سواء كانت ذوات أذناب اولا وهذا لا ينافى ارتكاز الكواكب الغير الحادثة فى أفلاكها او تعليقها فى السماء او بايدى الملائكة كالقناديل المعلقة فى المساجد او كونها ثقبا فى السماء او عروقا نيرة من الشمس على ما ذهب الى كل منها طائفة من اهل الظاهر والحقيقة قال قتادة جعل الله النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به. فعلى طالب الحق ان يرجم شيطانه بنور التوحيد والعرفان كيلا يحوم حول جنانه ويكون كالملأ الأعلى فى الاشتغال بشانه
فَاسْتَفْتِهِمْ خطاب للنبى عليه السلام والضمير لمشركى مكة [والاستفتاء: فتواى خواستن] والفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الاحكام يقال استفتيته فافتانى بكذا قال بعضهم الفتوى من الفتى وهو الشاب القوى وسمى الفتوى فتوى لان المفتى يقوى السائل فى جواب الحادثة وجمعه فتاوى بالفتح والمراد بالاستفتاء هنا الاستخبار كما فى قوله تعالى فى قصة اهل
كاه كويى أعوذ وكه لا حول | ليك فعلت بود مكذب قول |
بحقيقت بسوز شيطانرا | ساز از نور حال درمانرا |
فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ لا تحتاج الى نعم الاخرى وهى اما ضمير مبهم يفسره خبره او ضمير البعثة المذكورة فى ضمن نعم لان المعنى نعم مبعوثون والجملة جواب شرط مضمر او تعليل لنهى مقدر اى إذا امر الله بالبعث فانما هى إلخ اولا تستصعبوه فانما هى إلخ. والزجرة الصيحة من زجر الراعي غنمه او ابله إذا صاح عليها وهى النفخة الثانية فَإِذا هُمْ إذا للمفاجأة والضمير للمشركين وفى بعض التفاسير للخلائق كلهم اى فاذا هم قائمون من مراقدهم احياء يَنْظُرُونَ حيارى او يبصرون كما كانوا او ينتظرون ما يفعل بهم وَقالُوا اى المبعوثون وصيغة الماضي للدلالة على التحقق والتقرر يا وَيْلَنا الويل الهلاك اى يا هلاكنا احضر فهذا أوان حضورك وقال الكاشفى [اى واى بر ما] هذا يَوْمُ الدِّينِ تعليل لدعائهم الويل بطريق الاستئناف اى اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا وانما علموا ذلك لانهم كانوا يسمعون فى الدنيا انهم يبعثون ويحاسبون ويجزون بأعمالهم فلما شاهدوا البعث أيقنوا بما بعده ايضا فتقول لهم الملائكة بطريق التوبيخ والتقريع هذا يَوْمُ الْفَصْلِ اى القضاء او الفرق بين فريقى الهدى والضلال الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ اى كنتم على الاستمرار تكذبون به وتقولون انه كذب ليس له اصل ابدا فيقول الله تعالى للملائكة احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا الحشر يجيىء بمعنى البعث وبمعنى الجمع والسوق وهو المراد هاهنا دون الاول كما لا يخفى والمراد بالظالمين المشركون من بنى آدم [جمع كنيد وبهم آريد آنان را كه ستم كردند بر خود بشرك] وَأَزْواجَهُمْ اى أشباههم من اهل الشرك والكفر والنفاق والعصيان عابد الصنم مع عبدته وعابد الكواكب مع عبدتها واليهود مع اليهود والنصارى مع النصارى والمجوس مع المجوس وغيرهم من الملل المختلفة ويجوز ان يكون المراد بالأزواج نساءهم اللاتي على دينهم او قرناءهم من الشياطين كل كافر مع شيطانه فى سلسلة وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام ونحوها زيادة فى تحسيرهم وتخجيلهم فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ الضمير للظالمين وأزواجهم ومعبوديهم اى فعرّفوهم طريق جهنم ووجهوهم إليها وفيه تهكم بهم ويقال الظالم فى الآية عام على من ظلم نفسه وغيره فيحشر كل ظالم مع من كان معينا له اهل الخمر مع اهل الخمر واهل الزنى مع اهل الزنى واهل الربا مع اهل الربا وغيرهم كل مع مصاحبه [در قوت القلوب آورده كه يكى از عبد الله بن مبارك قدس سره پرسيد كه من خياطم وأحيانا براى ظلمه چامه مى دوزم ناكاه از عوان ايشان نباشيم ابن مبارك فرمودنى تو كه از أعوان نيستى بلكه از ظالمانى أعوان ظلمه آنهااند كه سوزن ورشته بتو ميفروشند] وفى الفروع ويكره للخفاف والخياط ان يستأجر على عمل من زى الفساق ويأخذ فى ذلك اجرا كثيرا لانه اعانة على المعصية [نقليست كه يكبار امام أعظم رضى الله عنه را محبوس كردند يكى از ظلمه بيامد كه مرا قلمى تراش كن كفت ترسم كه از ان قوم باشم كه حق تعالى ميفرمايد] (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) اى اتباعهم وأعوانهم واقرانهم المقتدين بهم فى أفعالهم وفى الحديث (امرؤ القيس قائد لواء الشعراء الى النار) كما فى تذكرة القرطبي