تفسير سورة إبراهيم

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

١٤ شرح إعراب سورة إبراهيم ع

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١)
الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ أي هذا كتاب أنزلناه إليك في موضع رفع على النعت لكتاب. لِتُخْرِجَ النَّاسَ لام كي، والتقدير ليخرج الناس بِإِذْنِ رَبِّهِمْ والأذن يستعمل بمعنى الأمر مجازا إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢]
اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢)
اللَّهِ على البدل والرفع على الابتداء، وإن شئت على إضمار مبتدأ، وكذا وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣]
الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣)
قال أبو إسحاق: عوجا مصدر في موضع الحال. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: هو منصوب على أنه مفعول ثان وهذا مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف، والتقدير ويبغون بها عوجا.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤)
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ نصب بلام كي. فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ مستأنف، وعند أكثر النحويين لا يجوز عطفه على ما قبله، ونظيره لِنُبَيِّنَ لَكُمْ
وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ
[الحج: ٥] وأنشد النحويون: [الرجز] ٢٤٥-
يريد أن يعربه فيعجمه «١»
قال أبو إسحاق: يجوز النصب فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ على أن يكون مثل لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [القصص: ٨] أي صار أمرهم إلى هذا.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٥]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)
يجوز أن تكون «أن» في موضع نصب أي بأن أخرج قومك. وهذا مذهب سيبويه كما يقال: أمرته أن قم والمعنى أمرته أن يقوم ثم حمل على المعنى كما قال: [الكامل] ٢٤٦-
وأنا الذي قتلت بكرا بالقنا «٢»
ويجوز أن تكون «أن» لا موضع لها من الإعراب مثل: أرسلت إليه أن قم، والمعنى أي قم، ومثله قوله سبحانه وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا [ص: ٦].
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٦]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦)
يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ في موضع آخر بغير واو، إذا كان بالواو فهو عند الفراء «٣» بمعنى يعذّبونكم ويذبّحونكم فيكون التذبيح غير العذاب الأول ويجوز عند غيره أن يكون بعض الأول، وإذا كان بغير واو فهو تبيين للأول وبدل منه كما أنشد سيبويه: [الطويل] ٢٤٧-
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا «٤»
(١) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ١٨٦، والكتاب ٣/ ٥٩، وللحطيئة في ديوانه ٢٣٩، والأزهية ٢٤٢، والدرر ٦/ ٨٦، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ١٤٩، والمقتضب ٢/ ٣٣، وهمع الهوامع ٢/ ١٣١، ولسان العرب (حضض).
(٢) الشاهد للمهلهل بن ربيعة في المقتضب ٤/ ١٣٢، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ٧٣، وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٣٥٨، وشرح المفصّل ٤/ ٢٥ وعجزه:
«وتركت تغلب غير ذات سنام»
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٦٨.
(٤) الشاهد لعبيد بن الحرّ في خزانة الأدب ٩/ ٩٠، والدرر ٦/ ٦٩، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٦٦، وسرّ صناعة الإعراب ص ٦٧٨، وشرح المفصّل ٧/ ٥٣، وبلا نسبة في الكتاب ٣/ ١٠٠، ورصف المباني ص ٣٢، وشرح الأشموني ٤٤٠، وشرح المفصّل ١٠/ ٢٠، ولسان العرب (نور) والمقتضب ٢/ ٦٣، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٨.

[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٨]

وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)
فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ كسرت إنّ لأن ما بعد الفاء في المجازاة مستأنف واللام للتوكيد.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٩]
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ على البدل ولم يخفض ثمود لأنه جعل اسما للقبيلة، ويجوز خفضه يجعل اسما للحيّ. وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ في موضع خفض معطوف. لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ رفع بالفعل. جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ.
وإن شئت حذفت الضمّة من السين لثقلها. فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ فإذا أفردت قلت: فم والأصل فجمع على أصله مثل حوض وأحواض.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١١]
قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)
وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ في موضع رفع بكان.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٢]
وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)
وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا واللازم أذي يأذى أذى.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٤]
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤)
ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ ومن أمال أراد أن يدلّ على أنه من خفت.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٥]
وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥)
وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ويجوز رفع عنيد نعتا لكلّ.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٧]
يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧)
يَتَجَرَّعُهُ أي تكرهه الملائكة على ذلك ليعذّب به. وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ أي ينزل من حلقه. وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ أي يأتيه ما يمات منه من كلّ مكان من جسده. وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ قيل: من وراء ما يعذّب به عذاب آخر غليظ.

[سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٨]

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ التقدير عند سيبويه «١» والأخفش: وفيما يقصّ عليكم، وقال الكسائي: إنما مثل أعمال الذين كفروا كرماد، وقال غيره مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا مبتدأ. أَعْمالُهُمْ بدل منه، والتقدير: مثل أعمالهم، ويجوز أن يكون مبتدأ ثانيا كما حكي صفة فلان أنّه أحمر. قال الفراء «٢» ولو قرأ قارئ بالخفض أعمالهم جاز، وأنشد: [الرجز] ٢٤٨-
ما للكمال مشيها وئيدا «٣»
فِي يَوْمٍ عاصِفٍ على النسب عند البصريين بمعنى ذي عاصف، وأجاز الفراء أن يكون بمعنى في يوم عاصف الريح، وأجاز أيضا أن يكون عاصف للريح خاصّة ثم يتبعه يوما، قال: وحكى نحويون: هذا جحر ضبّ خرب «٤». قال أبو جعفر: هذا مما لا ينبغي أن يحمل كتاب الله جلّ وعزّ عليه، وقد ذكر سيبويه أن هذا من العرب غلط واستدلّ بأنهم إذا ثنّوا قالوا: هذان جحرا ضبّ خربان لأنه قد استبان بالتثنية والتوحيد، ونظير هذا الغلط قول النابغة «٥» :[الكامل] ٢٤٩-
أمن آل ميّة رائح أو مغتدي عجلان ذا زاد وغير مزوّد
زعم البوارح أنّ رحلتنا غد وبذاك خبّرنا الغراب الأسود
فلا يجوز مثل هذا في كلام ولا لشاعر نعرفه فكيف يجوز في كتاب الله جلّ وعزّ ثم أنشد الفراء بيتا: [البسيط] ٢٥٠-
يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم أن ليس وصل إذا انحلّت عرى الذّنب «٦»
(١) انظر الكتاب ١/ ١٩٦.
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٧٣.
(٣) الرجز للزبّاء في لسان العرب (وأد)، و (صرف) و (زهق)، وأدب الكاتب ص ٢٠٠، والأغاني ١٥/ ٢٥٦، وأوضح المسالك ٢/ ٨٦، وجمهرة اللغة ص ٧٤٢، وخزانة الأدب ٧/ ٢٩٥، والدرر ٢/ ٢٨١، وشرح الأشموني ١/ ١٦٩، وشرح التصريح ١/ ٢٧١، وشرح شواهد المغني ٢/ ٩١٢، ومغني اللبيب رقم (٨١٧)، وللزباء أو للخنساء في المقاصد النحوية ٢/ ٤٤٨، وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ١٥٩، ومقاييس اللغة ٦/ ٧٨، وكتاب العين ٧/ ١١٦، وأساس البلاغة (وأد)، وبعده:
«أجندلا يحملن أم صديدا»
(٤) انظر الكتاب ١/ ١١٣.
(٥) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٨٩، والبيت الأول في الأزهيّة ١١٩، وخزانة الأدب ٢/ ١٣٣، والخصائص ١/ ٣٤٠.
(٦) الشاهد لأبي الغريب النصري في خزانة الأدب ٥/ ٩٠، والدرر ٥/ ٦٠، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١١، وتذكرة النحاة ص ٥٣٧، وشرح شواهد المغني ص ٩٦٢، وشرح شذور الذهب ص ٤٢٨، ولسان العرب (زوج)، ومغني اللبيب ص ٦٨٣، وهمع الهوامع ٢/ ٥٥.
وزعم أن أبا الجراح أنشده إياه بخفض «كلّهم»، وهذا مما لا يعرج عليه لأن النصب لا يفسد الشعر، ومن قرأ «في يوم عاصف» بغير تنوين أقام الصفة مقام الموصوف أي في يوم ريح عاصف.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢١]
وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١)
وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً أي من قبورهم ونصب جَمِيعاً على الحال. تَبَعاً بمعنى ذي تبع، ويجوز أن يكون جمع تابع. قال علي بن سليمان التقدير سواء علينا جزعنا وصبرنا.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٢]
وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢)
إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ في موضع نصب استثناء ليس من الأول. وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ بفتح الياء لأن ياء النفس فيها لغتان: الفتح والتسكين إذا لم يكن قبلها ساكن فإذا كان قبلها ساكن فالفتح لا غير، ويجب على من كسرها أن يقرأ هِيَ عَصايَ [طه: ١٨] بكسر الياء، وقد قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي «١» بكسر الياء- قال الأخفش سعيد: ما سمعت هذا من أحد من العرب ولا من النحويين، وقال الفراء:
لعلّ الذي قرأ بهذا ظنّ أن الباء تخفض الكلمة كلّها. قال أبو جعفر: فقد صار هذا بإجماع لا يجوز وإن كان الفراء قد نقض هذا وأنشد: [الرجز] ٢٥١-
قال لها هل لك يا تافيّ قالت له ما أنت بالمرضيّ «٢»
ولا ينبغي أن يحمل كتاب الله جلّ وعزّ على الشّذوذ. ومعنى بِما أَشْرَكْتُمُونِ من قبل أنه قد كان مشركا قبلهم، وقيل: من قبل الأمر.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٦]
وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦)
وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ابتداء وخبر، وأجاز الكسائي والفراء: ومثل
(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٤٠٨، ومعاني القرآن ٢/ ٧٥.
(٢) الشاهد للأغلب العجلي في الخزانة ٢/ ٢٥٧، وبلا نسبة في معاني القرآن ٢/ ٧٦، والبحر المحيط ٥/ ٤٠٩، والمحتسب ٢/ ٤٩.
كلمة خبيثة على النسق وحكيا أن في قراءة أبيّ وضرب مثل كلمة خبيثة «١».
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٨]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨)
وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ مفعولان.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٩]
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩)
جَهَنَّمَ منصوب على البدل من دار، ولم تنصرف لأنها مؤنّثة معرفة مشتقّة من قولهم: ركيّة جهنّام «٢» إذا كانت مقعّرة.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٠]
وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)
وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ نصب بلام كي وبعضهم يسميها لام العاقبة.
والمعنى أنه لما آل أمرهم إلى هذا كانوا بمنزلة من فعل ذلك ليكون هذا.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣١]
قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١)
قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ في يُقِيمُوا للنحويين أقوال: قال الفراء:
تأويله الأمر. قال أبو إسحاق بمثل هذا قال المعنى ليقيموا الصلاة ثم حذفت اللام لأنه قد تقدم الأمر قال: ويجوز أن يكون مبنيا لأن اللام حذفت وبني لأنه بمعنى الأمر. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: حدثنا محمد بن يزيد عن المازني قال:
التقدير: قل للذين آمنوا أقيموا الصلاة يقيموا، وهذا قول حسن لأن المؤمنين إذا أمروا بشيء قبلوا فهو جواب الأمر. وَيُنْفِقُوا عطف عليه. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ جعلت «لا» بمعنى ليس، وإن شئت رفعت ما بعدها بالابتداء، ويجوز رفع الأول ونصب الثاني بغير تنوين وبتنوين، ويجوز نصب الأول بغير تنوين ورفع الثاني بتنوين ونصبه بتنوين. قال الأخفش: خلال جمع خلّة وقال أبو عبيد: هو مصدر مثل القتال، وأنشد: [الطويل] ٢٥٢-
ولست بمقليّ الخلال ولا قال «٣»
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٣]
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣)
دائِبَيْنِ على الحال أي دائبين فيما يؤدّي إلى صلاح الناس.
(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٤١٠. [.....]
(٢) جهنام: بعيدة القعر.
(٣) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ٣٥، ولسان العرب (خلل)، وتهذيب اللغة ٦/ ٥٦٧، وصدره:
«صرفت الهوى عنهنّ من خشية الرّدى»

[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٤]

وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)
وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ في معناه أقوال فمذهب الفراء من كل سؤالكم، كما تقول: أنا أعطيته سؤاله وإن لم يسأل شيئا أي ما لم يسأل لسأله، وقال الأخفش:
وآتاكم من كل ما سألتموه شيئا، أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النمل: ٢٣] أي من كلّ شيء في زمانها شيئا. قال: ويكون على التكثير، وحكى سيبويه: ما بقي منهم مخبّر، وذلك معروف في كلام العرب، وفيه قول رابع وهو أنّ الناس قد سألوا على تفرّق أحوالهم الأشياء فخوطبوا على ذلك.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٥]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥)
رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مفعولان. وَاجْنُبْنِي ويقال على التكثير: جنّبني، ويقال: أجنبني. أَنْ نَعْبُدَ في موضع نصب والمعنى من أن نعبد الأصنام.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٦]
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)
فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي أي من أهل ديني ومن أصحابي، وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي له إن تاب.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٧]
رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)
رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ وحذف المفعول لأن «من» تدلّ عليه وكذا رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٢]
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢)
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا مفعولان.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٣]
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣)
وقال أبو إسحاق مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ نصب على الحال. والمعنى ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين أي مسرعين لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ رفع بيرتد. وَأَفْئِدَتُهُمْ مبتدأ. هَواءٌ خبره.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٤]
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤)
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ليس لجواب الأمر ولكنه معطوف
على يأتيهم أو مستأنف. وقد أشكل هذا على بعض النحويين حتّى قال: لا ينصب جواب الأمر بالفاء، وهذا خلاف ما قال الخليل رحمه الله وسيبويه، وقد أنشد النحويون: [الرجز] ٢٥٣-
يا ناق سيري عنقا فسيحا إلى سليمان فنستريحا «١»
وإنّما امتنع النصب في الآية لأن المعنى ليس عليه أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ أي من زوال عمّا أنتم عليه من الأمهال إلى الانتقام والمجازاة.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٦]
وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦)
وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ «إن» بمعنى «ما» وهذا يروى عن الحسن كذا، وأنّ مثله فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ [يونس: ٩٤]، وكذا قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ [الزخرف: ٨١] وقد قيل في هاتين الآيتين غير ما قال وذلك في مواضعهما، وقرأ مجاهد وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال «٢» بفتح اللام ورفع الفعل، وبه قرأ الكسائي، وكان محمد بن يزيد فيما حكي عنه يختار فيه قول قتادة. قال: هذا لكفرهم مثل قوله جلّ وعزّ: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ [مريم: ٩٠]. قال أبو جعفر:
وكان أبو إسحاق يذهب إلى أن هذا جاء على كلام العرب لأنهم يقولون: لو أنك بلغت كذا ما وصلت إلى شيء وإن كان لا تبلغه وكذا في «إن»، وأنشد سيبويه: [الطويل] ٢٥٤-
لئن كنت في جبّ ثمانين قامة ورقّيت أسباب السّماء بسلّم «٣»
وروي عن عمر وعلي وعبد الله رضي الله عنهم أنهم قرءوا وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال «٤»، بالدال ورفع الفعل. والمعنى في هذا بين وإنما هو تفسير وليس بقراءة.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٧]
فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧)
فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ مجاز كما يقال: معطي درهم زيدا، وأنشد سيبويه: [الطويل] ٢٥٥-
ترى الثّور فيها مدخل الظّلّ رأسه وسائره باد إلى الشّمس أجمع «٥»
(١) مرّ الشاهد رقم (٢٠٢).
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٧٩، والبحر المحيط ٥/ ٤٢٦، ورويت هذه القراءة عن الإمام علي.
(٣) الشاهد للأعشى في ديوانه ص ١٧٣، وشرح المفصّل ٢/ ٧٤، ولسان العرب (سبب) و (ثمن) و (رقا).
(٤) انظر مختصر ابن خالويه ٦٩، والبحر المحيط ٥/ ٤٢٥، وهي قراءة علي وعمر وعبد الله وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأبيّ وأبي إسحاق السبيعي وزيد بن علي.
(٥) الشاهد بلا نسبة في الكتاب ١/ ٢٤٠، وأمالي المرتضى ١/ ٢١٦، وخزانة الأدب ٤/ ٢٣٥، والدرر ٦/ ٣٧، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٣.

[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٨]

يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨)
يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ اسم ما لم يسمّ فاعله غَيْرَ الْأَرْضِ خبره. وفي معناه قولان: أحدهما أنها تبدّل أرضا غير هذه وفي هذا أحاديث، والقول الآخر أنّ تبديلها إذهاب جبالها وجعلها قاعا صفصفا، وتبديل السماء انفطارها وانتثار كواكبها وتكوير شمسها، كما يقال: بدّلت خاتمي أي غيّرته عمّا كان عليه.
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٩]
وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩)
مُقَرَّنِينَ نصب على الحال، مُقَرَّنِينَ معطوفة أيديهم وأرجلهم إلى أعناقهم بالسّلاسل والأغلال. والقرن بفتح الراء الحبل الذي يجمع به بين الشيئين. قال جرير:
[البسيط] ٢٥٦-
وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن «١»
[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٥٢]
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢)
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ ابتداء وخبر أي هذا الوعظ قد بلغ لهم إن اتّعظوا وَلِيُنْذَرُوا بِهِ لام كي، والفعل محذوف لعلم السامع. وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ عطف عليه.
(١) الشاهد لجرير في ديوانه ١٢٨، والكتاب ٢/ ٩٣، وجمهرة اللغة ١٣٠، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٥٩، وشرح شواهد المغني ١/ ١٦٧، وكتاب الصناعتين ٢٤، ولسان العرب (لزز) و (قعس) و (قنعس)، و (لين)، والمقتضى ٤/ ٤٦، وبلا نسبة في الردّ على النحاة ٧٤، وشرح المفصّل ١/ ٣٥.
Icon