تفسير سورة غافر

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة غافر من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

إلَّا:﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ ﴾[غافر: ٥٦] الآيتين. ولما بين مرجعي المؤمنين والكافرين ذكر أنه غافر الذنب وقابل التوب استدعاء للكافر إلى الإيمان فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * حـمۤ ﴾: كما مر ﴿ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ ﴾: كائن ﴿ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ﴾: في ملكه ﴿ ٱلْعَلِيمِ ﴾: بخلقه ﴿ غَافِرِ ٱلذَّنبِ ﴾: لمن شاء ﴿ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ ﴾: لمن تاب ﴿ شَدِيدِ ﴾: أي: مشدد ﴿ ٱلْعِقَابِ ﴾: أو شديد عقابه ﴿ ذِي ٱلطَّوْلِ ﴾: أي: التفضل أو الفضل والوصف في الكل للدوام، وأفاد بتوحيد صفة القهر فقط سبق الرحمة، وبالواو: رفع توهم اتحاد الوصفين، إذ الذنب في الأول باق دون الثاني ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾: للجزاء ﴿ مَا يُجَادِلُ ﴾: بالطعن ﴿ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: وأما الجدال فيه لحل عقده ونحو ذلك فمن أعظم الطاعات، ولذا في الحديث:" إن جدالا في القرآن كفر "بالتنكر، وإذا كانو كافرين ﴿ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ ﴾: ممهلين سالمين فإن عاقبتهم كمن قبلهم ﴿ كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ ﴾: كعاد وثمود ﴿ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ ﴾: قصدت ﴿ كُـلُّ أُمَّةٍ ﴾: منهم ﴿ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ﴾: ليأسروه للقتل وغيره ﴿ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ ﴾: ليزيلوا ﴿ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ﴾: بالإهلاك ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾: لهم ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: الحق ﴿ حَقَّتْ ﴾: وجبت ﴿ كَلِمَةُ ﴾: وعيد ﴿ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ ﴾: بدل من كلمة ﴿ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ * ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ﴾: الكروبيون ﴿ يُسَبِّحُونَ ﴾: ملتبسين ﴿ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾: بقول: سبحان الله وبحمده ﴿ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾: وصفهم بالإيمان لتعظيمه، ولأن مساق الآية له ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ ﴾: بالشفاعة ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: للمناسبة الإيمانية بينهم قائلين: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ ﴾: من الشرك ﴿ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ ﴾: الحق ﴿ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَ ﴾: أدخل ﴿ مَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾: أي: ساو بينهم ليتم سرورهم ﴿ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: في ملكه ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في فعله ﴿ وَقِهِمُ ﴾: جزاء ﴿ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ﴾: تقيه ﴿ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ ﴾: القيامة ﴿ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ ﴾: الرحم ﴿ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ * إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ ﴾: في القيامة ﴿ لَمَقْتُ ﴾: لبغض ﴿ ٱللَّهِ ﴾: إياكم بكفركم ﴿ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ ﴾: بعضكم بعضا عند معاينة العذاب ﴿ إِذْ تُدْعَوْنَ ﴾: بمقتهم أنفسهم ﴿ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ * قَالُواْ ﴾: يا ﴿ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ﴾: إماتتين ﴿ ٱثْنَتَيْنِ ﴾: أي: في كونهم نطفا من باب صغر البعوض، وفي أجلهم أو في القبر ﴿ وَأَحْيَيْتَنَا ﴾: إحيائتين ﴿ ٱثْنَتَيْنِ ﴾: في الدنيا والبعث أو في القبر والبعث ﴿ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ ﴾: من النار ﴿ مِّن سَبِيلٍ ﴾: فنسلكه فيقال لهم: ﴿ ذَلِكُم ﴾: العذاب ﴿ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ﴾: بالتوحد ﴿ كَـفَرْتُمْ ﴾: به ﴿ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ ﴾: بالإشراك ﴿ فَٱلْحُكْمُ ﴾: في عذابكم الأبدي ﴿ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ ﴾: من أن يشرك به ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ ﴾: الدالة على توحيده ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ رِزْقاً ﴾: بالمطر ﴿ وَمَا يَتَذَكَّرُ ﴾: بها ﴿ إِلاَّ مَن يُنِيبُ ﴾: يرجع إلى الله تعالى لا المعرض ﴿ فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ ﴾: من الرياء ﴿ لَهُ ٱلدِّينَ ﴾: العبادة ﴿ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ ﴾: إخلاصكم هو ﴿ رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ﴾: أي: مراتب خلقه أو مراتب كماله بحيث لا يظهر دونه كمال ﴿ ذُو ٱلْعَرْشِ ﴾: الذي هو أصل العالم الجسماني ﴿ يُلْقِي ٱلرُّوحَ ﴾: الوحي أو جبريل ﴿ مِنْ أَمْرِهِ ﴾: قضائه ﴿ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾: فيجعله نبيا ﴿ لِيُنذِرَ ﴾: النبي ﴿ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ ﴾: القيامة، تتلاقى الخلائق فيه ﴿ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ﴾: من قبورهم ﴿ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ ﴾: من أحوالهم ﴿ شَيْءٌ ﴾: أي: على اعتقادهم، فيقول تعالى بين النفختين أو في القيامة ﴿ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ﴾: فيجيب بعد أربعين سنة ﴿ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ * ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾: يحاسب الكل في قدر نصف نهارنا بالنسبة إلى المؤمن ﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ ﴾: القريبة، يعني القيامة ﴿ إِذِ ٱلْقُلُوبُ ﴾: ترتفع ﴿ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ ﴾: خوفا كما مر ﴿ كَاظِمِينَ ﴾: ممتلئين كربا جمع ضميرها لأن الكظم فعل العقلاء ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ ﴾: أي: لهم ﴿ مِنْ حَمِيمٍ ﴾: محب ﴿ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾: لا مفهوم له أو على زعمهم هؤلاء شفعاؤنا
﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ ﴾: كالنظرة الثانية إلى غير المحرم أو خيانتها ﴿ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ * وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾: من الأصنام ﴿ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ﴾: لأنهم جماد ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾: للأقوال ﴿ ٱلْبَصِيرُ ﴾: بالأفعال ﴿ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ ﴾: كالحصون وغيرها ﴿ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: عذابه ﴿ مِن وَاقٍ * ذَلِكَ ﴾: الأخذ ﴿ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ فَكَفَرُواْ ﴾: بها ﴿ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ ﴾: حجة ﴿ مُّبِينٍ ﴾: بين ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُواْ ﴾: هو ﴿ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ * فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ ﴾: بالحجة على نبوته ﴿ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ ﴾: أي: أعيدوا ما كنتم تفعلون بهم ﴿ وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ ﴾: أي: كيدهم ﴿ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ ﴾: ضياع ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ﴾: لمن معه ﴿ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ﴾: ليقيه عني ﴿ إِنِّيۤ أَخَافُ ﴾: إن لم أقتله ﴿ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ ﴾: من الفتن ﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ ﴾: لقومه حين سمع ذلك ﴿ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ ﴾: أضافة إلهم حَثًّا على موافقته ﴿ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ ﴾: فإن المؤمن به لا يظلم، ذكر وصفا يعمه لتعميم الاستعاذة وليدل على الداعي على ذلك ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾: ابن عمه وولي عهدة حزبيل أو سمعان أو حبيب ﴿ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن ﴾: لأن ﴿ يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ مِن رَّبِّكُمْ ﴾: على صدقه ﴿ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ﴾: أي: وباله ﴿ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ ﴾: وهو العذاب العاجل، أي: لا أقل من ذلك، تكلم على سبيل التنزيل نصحا ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾: كلام ذو وجهين، نظرا إلى موسى وفرعون ﴿ يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ ﴾: غالبين ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: أي: مصر ﴿ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ ﴾: عذابه ﴿ إِن جَآءَنَا ﴾: أي: فلا تتعرضوا لبأسه بقتله ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ ﴾: أي: أشير عليكم ﴿ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ ﴾: أي: أستصوبه من قتله ﴿ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ ﴾: الصَّواب ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ ﴾: من آله: ﴿ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ ﴾: بتكذبيه ﴿ مِّثْلَ يَوْمِ ﴾: أي: وقائع ﴿ ٱلأَحْزَابِ ﴾: أي: يوم: حِزْب حِزْب، فجمع للتكرير كـ﴿ أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ ﴾[البقرة: ١٥٧] ﴿ مِثْلَ ﴾: بدل من مثل جزاء ﴿ دَأْبِ ﴾: أي: عادة ﴿ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾: في تكذيب رسلهم ﴿ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ ﴾: أي: لا يعاقب بلا ذنب ولا يخلي ظالما بلا انتقام ﴿ وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ ﴾: القيامة، يكثر فيها التنادي كما مر في الأعراف ﴿ يَوْمَ تُوَلُّونَ ﴾: عن الموقف ﴿ مُدْبِرِينَ ﴾: منصرفين عنه إلى النار ﴿ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: أي: عذابه ﴿ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ ﴾: بن يعقوب على الأصح، وقيل: ابن إبراهيم بن يوسف ﴿ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات، إذ بعث إلى القبط فما أطاعوه لعبادة الله بل لوزارته ﴿ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ ﴾: مَاتَ ﴿ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً ﴾: ضممتم إلى تكذيبه تكذيب رسل بعده ﴿ كَذَلِكَ ﴾: الإضلال ﴿ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ ﴾: في المعاصي ﴿ مُّرْتَابٌ ﴾: شَاك في دينه
﴿ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ ﴾: إبطال ﴿ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ ﴾: حجة ﴿ أَتَاهُمْ كَبُرَ ﴾: جدالهم ﴿ مَقْتاً ﴾: بغضا ﴿ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ ﴾: الطبع ﴿ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾: فلا يفقه الرشاد ﴿ وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً ﴾: قصرا عاليا ظاهرا ﴿ لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ ﴾: الطرق ﴿ أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾: أطلق فأوضح تفخيما وتشريفا ﴿ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ ﴾: قيل: لعل مراده رصد الكواكب لينظر هل في أحوال الكواكب ما يدل على إرسال رسول ﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً ﴾: في رسالته ﴿ وَكَـذَلِكَ ﴾: التزيين ﴿ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ ﴾: سبيل الرشاد ﴿ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ ﴾: خسار ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ ﴾: الواصل إلى المطلوب ﴿ يٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا مَتَاعٌ ﴾: تمتع قَليل فَانٍ ﴿ وَإِنَّ ٱلآخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلْقَـرَارِ * مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا ﴾: أفاد أن الجنايات تقوم بمثلها ﴿ وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: أي: بلا موازنه بالعمل بل بفضل الله، وأما قوله تعالى:﴿ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾[الأنعام: ١٦٠] فلبيان منع النقصان والمثلية ﴿ وَيٰقَوْمِ ﴾: ترك العطف في النداء الثاني لأنه تفصيل لإجمال الأول، وهنا عطف لأنه ليس بتلك المثابة ﴿ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ﴾: سبب ﴿ ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ﴾: سبب ﴿ ٱلنَّارِ * تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ ﴾: أي: بإلهيته ﴿ عِلْمٌ ﴾: حجة، أو أراد نفي المعلوم، وأفاد أن الاعتقاد لا يصح إلا بحجة ﴿ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ﴾: أي: في انتقامه من أعدائه ﴿ ٱلْغَفَّارِ ﴾: لأوليائه ﴿ لاَ ﴾: رد لقولهم ﴿ جَرَمَ ﴾: حق وثبت ﴿ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ ﴾: باطل ﴿ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ ﴾: إلى عبادته أو استجابتها ﴿ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ ﴾: كما هو، شأن الإله ﴿ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ ﴾: مرجعنا ﴿ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴾: الكافرين ﴿ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ ﴾: ثم لما أوعدوه بتعذيبه قال: ﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ ﴾: إذا عاينتم العذاب ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ * فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ ﴾: أنجاه مع موسى ﴿ وَحَاقَ ﴾: نزل ﴿ بِآلِ فِرْعَوْنَ ﴾: كما مر ﴿ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ ﴾: الغرق، ثم ﴿ ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً ﴾: صباحا ﴿ وَعَشِيّاً ﴾: مساء في القبر كما في الصحيحين، قال الحسن: وكذا أرواح جميع أهل النار، لكن لهم مزيد ألم، وكذا أرواح المؤمنين يغدى بها ويراح على أرزتقها في الجنة، غير أم لأرواح الشهداء من السرور ما ليس لغيرهم، وروى ابن مسعود: " أن أرواحهم في جوف طير سود تعرض عليها فيها، وقيل: أي: تتجدد جلودهم فيها بهذه المقادير من ساعات الدنيا، وأفادت الآية بقاء النفس وعذاب القبر ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ ﴾: يقال ﴿ أَدْخِلُوۤاْ ﴾: يا ﴿ آلَ فِرْعَوْنَ ﴾: وبالقطع أمر للملائكة ﴿ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ * وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ يَتَحَآجُّونَ ﴾: يتخاصم الكفار ﴿ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً ﴾: جمع تابع ﴿ فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ ﴾: دافعون ﴿ عَنَّا نَصِيباً ﴾: جزاء ﴿ مِّنَ ٱلنَّارِ * قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ ﴾: فكيف ندفعه ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ ﴾: فأعطي كلاما يستحقه ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ﴾: أظهرها تهويلا ﴿ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً ﴾: قدر يوم شيئا ﴿ مِّنَ ٱلْعَذَابِ * قَالُوۤاْ ﴾: أ كنتم غافلين عنه ﴿ وَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ ﴾: يأسا ﴿ فَٱدْعُواْ ﴾: أنتم فإنا لا ندعوا لكم ﴿ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ ﴾: أي: ضياع بلا نفع ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: بالانتقام من أعدائهم ﴿ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ﴾: الملائكة ﴿ ٱلأَشْهَادُ ﴾: فيشهدون للرسل على الكفار ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ ﴾: جهنم
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ ﴾: ما يهتدى به ﴿ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ ﴾: التوراة بعده ﴿ هُدًى ﴾: هاديا ﴿ وَذِكْرَىٰ ﴾: تذكرة ﴿ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ﴾: العقول ﴿ فَٱصْبِرْ ﴾: على أذاهم ﴿ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾: بنصر أوليائه ﴿ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ ﴾: من ترك الأولى أو ليستن بك ﴿ وَسَبِّحْ ﴾: ملتبسا ﴿ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ ﴾: بعد الزوال ﴿ وَٱلإِبْكَارِ ﴾: أي: دم عليه أو صَلِّ إذ ما وجبت بمكة إلا ركعتان بكرة وكذا عشية ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ ﴾: حجة ﴿ أَتَاهُمْ إِن ﴾: ما ﴿ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ﴾: طمع علو عليك ﴿ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ﴾: من شرهم ﴿ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾: لأقوالكم ﴿ ٱلْبَصِيرُ ﴾: بأحوالكم ﴿ لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ ﴾: أعظم عندكم ﴿ مِنْ ﴾: إعادة ﴿ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: فينكرون البعث ﴿ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ ﴾: الجاهل ﴿ وَٱلْبَصِيرُ ﴾: العالم ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ ﴾: فيجب البعث لإظهار تفاوتهم تذكرا ﴿ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ * إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ﴾: لإمكانها وإجماع الرسل على وقوعها ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾: لجهلهم ﴿ وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ ﴾: سلوني ﴿ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾: أي: دعائي، فإنَّه مُخُّ العبادةِ ﴿ سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾: ذليلين ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ ﴾: لتستريحوا ﴿ فِيهِ ﴾: فخلقه باردا مظلما لتسكن الحركات والحواس ﴿ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً ﴾: مجاز للمبالغة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ * ذَٰلِكُمُ ﴾: المختص بتلك الأفعال ﴿ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ ﴾: فكيف ﴿ تُؤْفَكُونَ ﴾: تصرفون عن عبادته ﴿ كَذَلِكَ ﴾: الإفك ﴿ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ * ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً ﴾: مستقرا ﴿ وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً ﴾: قبة عليكم ﴿ وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ ﴾: الترتيب اعتباري ﴿ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ﴾: اللذائذ ﴿ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ ﴾: اعبدوه ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ﴾: العبادة من الرياء قائلين: ﴿ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * قُلْ ﴾: حين يدعونكم إلى دينهم ﴿ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ ﴾: تعبدونه ﴿ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ﴾: الحجج ﴿ ٱلْبَيِّنَـٰتُ ﴾: على وحدانيته ﴿ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ ﴾: أنقاد ﴿ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾: أي: آدم ﴿ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ ﴾: أي: كل واحد منكم ﴿ طِفْلاً ثُمَّ ﴾: يبقيكم ﴿ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ﴾: أي: كمال قوتكم من الثلاثين إلى الأربعين ﴿ ثُمَّ ﴾: يبقيكم ﴿ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ﴾: أي: قبل تلك الأحوال ﴿ وَ ﴾: يفعل ذلك ﴿ لِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى ﴾: مقدراً ﴿ وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: قدرته ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا ﴾: الفاء لأنه نتيجة السابق، لأنه يقتضي قدرة ذاتية مطلقة.
﴿ قَضَىٰ ﴾: أراد ﴿ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ ﴾: كما مر
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ ﴾: إبطال ﴿ آيَاتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ ﴾: أي: كيف ﴿ يُصْرَفُونَ ﴾: عن تصديقها ﴿ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ ﴾: القرآن ﴿ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ﴾: من الشرائع ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾: وباله ﴿ إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ ﴾: أتى بإذ لتحققه ﴿ يُسْحَبُونَ ﴾: يجرون بها ﴿ فِي ٱلْحَمِيمِ ﴾: جهنم ﴿ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ ﴾: يحرقون بها ﴿ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ ﴾: تقريعًا: ﴿ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾: به ﴿ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا ﴾: وهذا قبل أن يقرنوا بآلهتهم ﴿ بَل ﴾: بان لنا أن ﴿ لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً ﴾: يعتد به ﴿ كَذَلِكَ ﴾: الظَّلالُ ﴿ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ ﴾: عما ينفعهم في الآخرة، ثم يقال لهم: ﴿ ذَلِكُمْ ﴾: العذاب ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾: من الشرك ونحوه ﴿ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾: تتوسعون في الفرح ﴿ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ﴾: طبقاتها السبع المقسومة لكم ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ﴾: مأوى ﴿ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ * فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ ﴾: بعذابهم ﴿ حَقٌّ فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ ﴾: " ما " صلة، أي: إن نريك بعض الذي نعدهم كقتلهم وأسرهم فذاك ﴿ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾: قبل ﴿ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾: فنجازيهم ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾: في الحديث:" كلهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر "﴿ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ ﴾: منهم ﴿ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ ﴾: مقترحة ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾: بإنجائهم ﴿ قُضِيَ بِٱلْحَقِّ ﴾: بينهم وبين مكذبيهم ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ ﴾: أي: ظهر خسرانهم ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَامَ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا ﴾: من جنسها كالأبل ﴿ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾: كالغنم، غير النظم، لأن الأكل ضروري وللفرق بين المنفعة والعين والفواصل ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ ﴾: الدر وغيره ﴿ وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ ﴾: من السفرة وغيره ﴿ وَعَلَيْهَا ﴾: في البر ﴿ وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ﴾: الدالة على كمال قدرته ﴿ فَأَيَّ ﴾: آية من ﴿ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ * أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ ﴾: أي: من قريش ﴿ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً ﴾: من القصور ونحوها ﴿ فِي ٱلأَرْضِ فَمَآ أَغْنَىٰ ﴾: أي: دفع ﴿ عَنْهُم ﴾: العذاب ﴿ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ ﴾: على زعمهم أي: عقائدهم الفاسدة، وسخروا بعلم الرسل ﴿ وَحَاقَ ﴾: نزل ﴿ بِهِم ﴾: وبال ﴿ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَلَمَّا رَأَوْاْ ﴾: عاينوا ﴿ بَأْسَنَا ﴾: شدة عذابنا ﴿ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ﴾: من الأصنام ﴿ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ ٱللَّهِ ﴾: أي: لسنته ﴿ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ ﴾: مضت ﴿ فِي عِبَادِهِ ﴾: من أنه لا يقبل الإيمان وقت نزول العذاب ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ﴾: وقت رؤيته ﴿ ٱلْكَافِرُونَ ﴾: أي: ظهر خسرانهم حينئذ - واللهُ أعْلَمُ بالصّواب.
Icon