تفسير سورة سورة الحاقة من كتاب تفسير الجلالين
المعروف بـتفسير الجلالين
.
لمؤلفه
المَحَلِّي
.
المتوفي سنة 864 هـ
ﰡ
﴿الْحَاقَّة﴾ الْقِيَامَة الَّتِي يَحِقّ فِيهَا مَا أُنْكِرَ مِنْ الْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْجَزَاء أَوْ الْمُظْهِرَة لِذَلِكَ
﴿مَا الْحَاقَّة﴾ تَعْظِيم لِشَأْنِهَا وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَر الحاقة
﴿وَمَا أَدْرَاك﴾ أَعْلَمَك ﴿مَا الْحَاقَّة﴾ زِيَادَة تَعْظِيم لِشَأْنِهَا فَمَا الْأُولَى مُبْتَدَأ وَمَا بَعْدهَا خَبَره وَمَا الثَّانِيَة وَخَبَرهَا فِي مَحَلّ الْمَفْعُول الثَّانِي لأدرى
﴿كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ﴾ الْقِيَامَة لِأَنَّهَا تَقْرَع القلوب بأهوالها
﴿فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ بِالصَّيْحَةِ الْمُجَاوِزَة لِلْحَدِّ في الشدة
﴿وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر﴾ شديد الصوت ﴿عَاتِيَة﴾ قَوِيَّة شَدِيدَة عَلَى عَادٍ مَعَ قُوَّتهمْ وشدتهم
﴿سَخَّرَهَا﴾ أَرْسَلَهَا بِالْقَهْرِ ﴿عَلَيْهِمْ سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام﴾ أَوَّلهَا مِنْ صُبْح يَوْم الْأَرْبِعَاء لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّال وَكَانَتْ فِي عَجُز الشِّتَاء ﴿حُسُومًا﴾ مُتَتَابِعَات شُبِّهَتْ بِتَتَابُعِ فِعْل الْحَاسِم فِي إعَادَة الْكَيّ عَلَى الدَّاء كَرَّة بَعْد أُخْرَى حَتَّى يَنْحَسِم ﴿فَتَرَى الْقَوْم فِيهَا صَرْعَى﴾ مَطْرُوحِينَ هَالِكِينَ ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز﴾ أُصُول ﴿نَخْل خَاوِيَة﴾ سَاقِطَة فارغة
﴿فهل ترى لهم من باقية﴾ صفة نفس مقدرة أو التاء للمبالغة أي باق لا
﴿وَجَاءَ فِرْعَوْن وَمَنْ قَبَله﴾ أَتْبَاعه وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الْبَاء أَيْ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة ﴿وَالْمُؤْتَفِكَات﴾ أَيْ أَهْلهَا وَهِيَ قُرَى قَوْم لُوط ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ بِالْفِعْلَاتِ ذَات الْخَطَأ
١ -
﴿فَعَصَوْا رَسُول رَبّهمْ﴾ أَيْ لُوطًا وَغَيْره ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَة رَابِيَة﴾ زَائِدَة فِي الشِّدَّة عَلَى غَيْرهَا
١ -
﴿إنا لما طغا الْمَاء﴾ عَلَا فَوْق كُلّ شَيْء مِنْ الْجِبَال وَغَيْرهَا زَمَن الطُّوفَان ﴿حَمَلْنَاكُمْ﴾ يَعْنِي آبَاءَكُمْ إذْ أَنْتُمْ فِي أَصْلَابهمْ ﴿فِي الْجَارِيَة﴾ السَّفِينَة الَّتِي عَمِلَهَا نُوح وَنَجَا هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا وَغَرِقَ الْآخَرُونَ
١ -
﴿لِنَجْعَلهَا﴾ أَيْ هَذِهِ الْفَعْلَة وَهِيَ إنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ ﴿لَكُمْ تَذْكِرَة﴾ عِظَة ﴿وَتَعِيهَا﴾ وَلِتَحْفَظهَا ﴿أُذُن وَاعِيَة﴾ حَافِظَة لِمَا تَسْمَع
١ -
﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور نَفْخَة وَاحِدَة﴾ لِلْفَصْلِ بَيْن الْخَلَائِق وَهِيَ الثَّانِيَة
١ -
﴿وحملت﴾ رفعت ﴿الأرض والجبال فدكتا﴾ دقتا ﴿دكة واحدة﴾
١ -
﴿فَيَوْمئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة﴾ قَامَتْ الْقِيَامَة
١ -
﴿وَانْشَقَّتْ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ وَاهِيَة﴾ ضَعِيفَة
١ -
﴿وَالْمَلَك﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَة ﴿عَلَى أَرْجَائِهَا﴾ جَوَانِب السَّمَاء ﴿وَيَحْمِل عَرْش رَبّك فَوْقهمْ﴾ أَيْ الْمَلَائِكَة الْمَذْكُورِينَ ﴿يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة﴾ مِنْ الْمَلَائِكَة أَوْ مِنْ صُفُوفهمْ
١ -
﴿يَوْمئِذٍ تُعْرَضُونَ﴾ لِلْحِسَابِ ﴿لَا تَخْفَى﴾ بِالتَّاءِ وَالْيَاء ﴿مِنْكُمْ خَافِيَة﴾ مِنْ السَّرَائِر
١ -
﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَيَقُول﴾ خِطَابًا لجماعته لما سر به ﴿هاؤم﴾ خذوا ﴿اقرؤوا كتابيه﴾ تَنَازَعَ فِيهِ هَاؤُمُ وَاقْرَءُوا
٢ -
﴿إني ظننت﴾ تيقنت {أني ملاق حسابية
762
﴿فهو في عيشة راضية﴾ مرضية
٢ -
﴿قُطُوفهَا﴾ ثِمَارهَا ﴿دَانِيَة﴾ قَرِيبَة يَتَنَاوَلهَا الْقَائِم وَالْقَاعِد والمضطجع
٢ -
فَيُقَال لَهُمْ ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا﴾ حَال أَيْ مُتَهَنِّئِينَ ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّام الْخَالِيَة﴾ الْمَاضِيَة في الدنيا
٢ -
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِشِمَالِهِ فَيَقُول يَا﴾ للتنبيه ﴿ليتني لم أوت كتابيه﴾
٢ -
﴿يَا لَيْتَهَا﴾ أَيْ الْمَوْتَة فِي الدُّنْيَا ﴿كَانَتْ القاضية﴾ القاطعة لحياتي بأن لا أبعث
٢ -
﴿هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ قُوَّتِي وَحُجَّتِي وَهَاء كِتَابِيَهْ وَحِسَابِيَهْ وَمَالِيَهْ وَسُلْطَانِيَهْ لِلسَّكْتِ تَثْبُت وَقْفًا وَوَصْلًا اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ الْإِمَام وَالنَّقْل وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا وصلا
٣ -
﴿خُذُوهُ﴾ خِطَاب لِخَزَنَةِ جَهَنَّم ﴿فَغُلُّوهُ﴾ اجْمَعُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقه فِي الْغُلّ
٣ -
﴿ثُمَّ الْجَحِيم﴾ النَّار الْمُحْرِقَة ﴿صَلُّوهُ﴾ أَدْخِلُوهُ
٣ -
﴿ثُمَّ فِي سَلْسَلَة ذَرْعهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا﴾ بِذِرَاعِ الْمَلَك ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ أَدْخِلُوهُ فِيهَا بَعْد إدْخَاله النَّار وَلَمْ تَمْنَع الْفَاء مِنْ تَعَلُّق الْفِعْل بِالظَّرْفِ الْمُتَقَدِّم
٣ -
﴿إنه كان لا يؤمن بالله العظيم﴾
٣ -
﴿ولا يحض على طعام المسكين﴾
٣ -
﴿فليس له اليوم ها هنا حَمِيم﴾ قَرِيب يَنْتَفِع بِهِ
٣ -
﴿وَلَا طَعَام إلَّا مِنْ غِسْلِين﴾ صَدِيد أَهْل النَّار أَوْ شَجَر فِيهَا
٣ -
﴿لَا يَأْكُلهُ إلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ الْكَافِرُونَ
٣ -
﴿فَلَا﴾ زَائِدَة ﴿أُقْسِم بِمَا تُبْصِرُونَ﴾ مِنْ الْمَخْلُوقَات
٣ -
﴿وَمَا لَا تُبْصِرُونَ﴾ مِنْهَا أَيْ بِكُلِّ مَخْلُوق
٤ -
﴿إنَّهُ﴾ أَيْ الْقُرْآن
﴿لَقَوْل رَسُول كَرِيم﴾ أَيْ قاله رسالة عن الله تعالى
763
﴿وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون﴾
٤ -
﴿وَلَا بِقَوْلِ كَاهِن قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ بِالتَّاءِ وَالْيَاء فِي الْفِعْلَيْنِ وَمَا مَزِيدَة مُؤَكَّدَة وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ آمَنُوا بِأَشْيَاء يَسِيرَة وَتَذْكُرُوهَا مِمَّا أَتَى بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَيْر وَالصِّلَة وَالْعَفَاف فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا
٤ -
بَلْ هُوَ ﴿تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ﴾
٤ -
﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ﴾ أَيْ النَّبِيّ ﴿عَلَيْنَا بَعْض الْأَقَاوِيل﴾ بِأَنْ قَالَ عَنَّا مَا لَمْ نَقُلْهُ
٤ -
﴿لَأَخَذْنَا﴾ لِنَلِنَا ﴿مِنْهُ﴾ عِقَابًا ﴿بِالْيَمِينِ﴾ بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَة
٤ -
﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِين﴾ نِيَاط الْقَلْب وَهُوَ عِرْق مُتَّصِل بِهِ إذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبه
٤ -
﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد﴾ هُوَ اسْم مَا ومِنْ زَائِدَة لِتَأْكِيدِ النَّفْي ومِنْكُمْ حَال مِنْ أَحَد ﴿عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ مَانِعِينَ خَبَر مَا وَجُمِعَ لِأَنَّ أَحَدًا فِي سِيَاق النَّفْي بِمَعْنَى الْجَمْع وَضَمِير عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَا مَانِع لَنَا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ العقاب
٤ -
﴿وإنه﴾ أي القرآن ﴿لتذكرة للمتقين﴾
٤ -
﴿وَإِنَّا لَنَعْلَم أَنَّ مِنْكُمْ﴾ أَيّهَا النَّاس ﴿مُكَذِّبِينَ﴾ بالقرآن ومصدقين
٥ -
﴿وَإِنَّهُ﴾ أَيْ الْقُرْآن ﴿لَحَسْرَة عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ إذَا رَأَوْا ثَوَاب الْمُصَدِّقِينَ وَعِقَاب الْمُكَذِّبِينَ بِهِ
٥ -
﴿وَإِنَّهُ﴾ أَيْ الْقُرْآن ﴿لَحَقّ الْيَقِين﴾ أَيْ الْيَقِين الحق
٥ -
﴿فَسَبِّحْ﴾ نَزِّهْ ﴿بِاسْمِ﴾ الْبَاء زَائِدَة ﴿رَبّك الْعَظِيم﴾ سبحانه = ٧٠ سورة المعارج