تفسير سورة الحج

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة الحج من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(٢٢) سورة الحج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣)
١- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ:
اتَّقُوا رَبَّكُمْ احذروا عقاب ربكم.
إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ اضطراب يوم القيامة.
شَيْءٌ عَظِيمٌ يهول الهول كله.
٢- يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
يَوْمَ تَرَوْنَها
أي الساعة.
تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
تنسى كل مرضعة رضيعها، وهى أحنى ما تكون عليه.
وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
وتسقط الحامل جنينها فى غير أوانه.
وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
يترنحون ترنح المخمورين.
وَما هُمْ بِسُكارى
وليس هذا عن سكر.
وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
ولكن عن شدة العذاب وهوله.
٣- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ:
يُجادِلُ فِي اللَّهِ يجحد به ويمارى.
بِغَيْرِ عِلْمٍ عن غير علم ولا حجة ولا دليل.
كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ كل متمرد على ربه بعيد عن هديه.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤ الى ٥]
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)
٤- كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ:
كُتِبَ عَلَيْهِ أي قضى الله.
أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ أي تولى الشيطان واتبعه واتخذه وليا.
فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ يميل به عن الحق.
وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ ويفضى به إلى النار ذات السعير المتأجج.
٥- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ فى شك.
مِنَ الْبَعْثِ من أنكم سوف تبعثون أحياء بعد أن نتوفاكم.
فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ فإن من قدر على خلقكم من تراب لا يعجز عن بعثكم.
ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ وهى المنىّ.
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ وهى الدم الجامد.
ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ وهى لحمة قليلة قدر ما يمضغ.
مُخَلَّقَةٍ تامة الخلق.
وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ناقصة الخلق.
لِنُبَيِّنَ لَكُمْ لكى تتبينوا قدرتنا.
وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ الى أن يكمل الحمل.
ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا من بطون أمهاتكم أطفالا.
ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ تمام العقل والقوة.
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ أي يمد له فى عمره حتى يصير الى الهرم والخرف.
لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً فلا يصبح يدرك ما يأتى.
وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً لا نبت فيها.
اهْتَزَّتْ بالنبات.
وَرَبَتْ دبت فيها الحياة.
وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ وأظهرت من أصناف النبات ما يروق ويبهج.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦ الى ٧]
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧)
٦- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
ذلِكَ الذي تقدم من خلق الإنسان وإنبات الزرع.
بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ هو الإله الحق.
وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وأنه هو الذي يحيى الموتى عند بعثهم كما بدأهم.
وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي إنه القادر على كل شىء ولا يعجزه شىء.
٧- وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ:
وَأَنَّ السَّاعَةَ القيامة.
آتِيَةٌ سوف تقع.
لا رَيْبَ فِيها لا شك فى مجيئها.
وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ يحيى الموتى للحساب.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٨ الى ٩]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩)
٨- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ:
بِغَيْرِ عِلْمٍ دون حجة أو دليل.
وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ولا كتاب منزل من الله يرجع اليه تكون له فيه حجة.
٩- ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ:
ثانِيَ عِطْفِهِ يميل بجانبه تكبرا وتعاظما.
لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إعراضا عن طريق الحق.
لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ هوان وذلة.
وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وله يوم القيامة.
عَذابَ الْحَرِيقِ عذاب النار المحرقة.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٠ الى ١١]
ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٠) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١)
١٠- ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ:
ذلِكَ الذي تلقاه من خزى وعذاب.
بِما قَدَّمَتْ يَداكَ بسبب اقترافك وتكبرك.
وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أي عادل لا يكون منه ظلم لعباده.
١١- وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ
اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ
مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ لم يوغل فى العبادة ولم يتمكن الإيمان من قلبه.
اطْمَأَنَّ بِهِ فرح به.
فِتْنَةٌ أي شدة.
انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ارتد الى الكفر.
خَسِرَ الدُّنْيا راحة الاطمئنان فى الدنيا.
وَالْآخِرَةَ أي العاقبة الطيبة التي هى جزاء المؤمنين.
الْخُسْرانُ الْمُبِينُ الخسران الحق الذي لا خسران بعده.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٢ الى ١٤]
يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤)
١٢- يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ:
يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ يعبد من دون الله.
ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ من لا يملك له ضرا ولا نفعا.
ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ الذي لا ضلال بعده.
١٣- يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ:
يَدْعُوا يعبد.
لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لمن ضره لاحق ونفعه مستبعد.
لَبِئْسَ الْمَوْلى فيا سوء من تولى.
وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ويا سوء من عاشر وصاحب.
١٤- إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ:
يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي من آمن ثم عمل صالحا.
جَنَّاتٍ الجنة التي هى جزاؤه على ما قدم.
ما يُرِيدُ من مجازاة كل بجزائه.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٥ الى ١٦]
مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)
١٥- مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ:
مَنْ كانَ يَظُنُّ من الكفار.
أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ أي أن لن ينصر الله نبيه.
فِي الدُّنْيا حيث يعز دينه.
وَالْآخِرَةِ حيث يثيب أتباعه.
فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ أي فليطلب حيلة يصل بها الى السماء.
ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي ثم ليقطع النصر ان تهيأ له.
فَلْيَنْظُرْ ثم لير.
هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما حاول.
ما يَغِيظُ ما يغيظه من نصر الله لرسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.
أي إنه إن لم يتهيأ له الكيد والحيلة بأن يفعل مثل هذا لم يصل الى قطع النصر.
١٦- وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ:
وَكَذلِكَ أي ومثل ما بينا.
أَنْزَلْناهُ أي القرآن.
آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات.
وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ أي وإليه هداية من يهتدى.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٧ الى ١٨]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)
١٧- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ:
وَالَّذِينَ هادُوا اليهود.
وَالصَّابِئِينَ وعبدة النجوم.
وَالنَّصارى أتباع عيسى عليه السلام.
وَالْمَجُوسَ عبدة النار.
(والمشركين) عبدة الأوثان.
اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ أي يحكم ليتبين من كان على حق منهم ومن كان على باطل.
إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ عالم بشئونهم جميعا.
١٨- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ:
أَلَمْ تَرَ ألم تعلم.
يَسْجُدُ لَهُ يخضع لتصريفه.
وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يؤمن بالله فيستحق ثوابه.
وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ لم يؤمن فحق عليهم العذاب.
وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ من يبعده عن رحمته.
فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ فليس ثمة من يظله برحمته.
إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ فمرد كل شىء اليه.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١٩ الى ٢٣]

هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣)
١٩- هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ:
هذانِ خَصْمانِ أي فريقان من الناس تنازعوا فى أمر ربهم فآمن به فريق وكفر فريق.
قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ أي حاطت النار بهم إحاطة الثوب بالجسد.
الْحَمِيمُ الماء الشديد الحرارة.
٢٠- يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ:
أي ينفذ الى بطونهم فيذيبها كما يذيب جلودهم.
٢١- وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ:
أي مطارق ومرازب يضربون بها، سميت بذلك لأنها تقمع المضروب.
٢٢- كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ:
مِنْها أي من النار من شدة ما يلقون أُعِيدُوا فِيها ردوا إليها بالمقامع.
وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ أي وقيل لهم: ذوقوا عذاب النار المحرقة جزاء كفركم.
٢٣- إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ:
أَساوِرَ جمع سوار، وهو ما يحيط بالمعصم.
وَلُؤْلُؤاً أي ويحلون لؤلؤا.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٢٤ الى ٢٦]

وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥) وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦)
٢٤- وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ:
وَهُدُوا أرشدوا.
إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ يعنى حمدهم الله على ما أنعم عليهم.
إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ أي إلى طريق الجنة.
٢٥- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ:
وَيَصُدُّونَ ويمنعون.
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الإسلام، أي لم يسلموا، أو يمنعون غيرهم عن أن يسلم.
وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ حيث الكعبة، وإليها يحج المسلمون. يشير الى ما فعله مشركو مكة من صدهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عن المسجد الحرام عام الحديبية.
الْعاكِفُ فِيهِ المقيم فيه.
وَالْبادِ الطارئ عليه من أهل البادية.
أي الذي جعلنا للناس جميعا أمنا يستوى فى ذلك المقيم والوافد.
بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ حالان، أي عادلا عن القصد ظالما.
نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ فسوف نعذبه عذابا أليما.
٢٦- وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ:
وَإِذْ واذكر حين.
بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أي أرشدناه إلى مكانه، وأمرنا ببنائه.
أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وقلنا له: لا تشرك بي شيئا فى العبادة.
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ من الأصنام والأقذار.
لِلطَّائِفِينَ ليكون معدا للطائفين الذين يطوفون به.
وَالْقائِمِينَ ومن يقيمون بجواره.
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ومن يتعبدون عنده.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)
٢٧- وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ:
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ وأعلم الناس بالحج.
يَأْتُوكَ رِجالًا ماشين.
وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ وركبانا على إبل أضمرها السفر وهزمها.
مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ من كل مكان بعيد.
٢٨- لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ:
لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ دينية بأداء فريضة الحج ودنيوية بلقائهم إخوانهم من المسلمين من شتى الأقطار.
وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فى يوم عيد النحر والأيام الثلاثة بعده.
عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ على ذبح ما رزقهم من الإبل والبقر والغنم.
فَكُلُوا مِنْها ما شئتم.
وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ الذي أصابه البؤس فلم يعد يملك ما يكفيه.
٢٩- ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ:
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ثم ليزيلوا عنهم أدرانهم.
وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وليؤدوا نذورهم إن كانوا قد نذروا لله شيئا.
وَلْيَطَّوَّفُوا وليدوروا طائفين.
بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ بأقدم بيت بنى على الأرض.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١)
٣٠- ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ:
ذلِكَ خبر مبتدأ محذوف، أي الأمر والشأن ذلك.
وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ يكبرها فلا يتعداها.
فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فى دنياه وآخرته.
وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ الإبل والبقر والغنم.
إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ تحريمه فى القرآن الكريم كالميتة وغيرها.
فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ ما يقذر ويشين.
مِنَ الْأَوْثانِ من عبادتها، إذ عبادتها دنس عقلى.
وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ما ليس بصدق، على الله وعلى الناس.
٣١- حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ:
حُنَفاءَ لِلَّهِ مخلصين لله حريصين على اتباع الحق.
غَيْرَ مُشْرِكِينَ غير متخذين له شركاء.
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ يجعل له شركاء.
فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ أي كمن هوى الى الأرض من السماء فتمزق قطعا.
فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ فتلتقم الطير أجزاءه ولا تبقى منه شيئا.
أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ أو كمن هوت به الريح.
فِي مَكانٍ سَحِيقٍ بعيد الغور، فلا أثر له.
جعل حال المشرك يوم القيامة بمنزلة من لا يملك لنفسه نفعا، ولا يدفع عن نفسه ضرا، فهو بمنزلة من خر من السماء، أو هوى فى غور.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٢ الى ٣٤]
ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤)
٣٢- ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ:
ذلِكَ خبر لمبتدأ محذوف، أي الأمر والشأن ذلك.
وَمَنْ يُعَظِّمْ يجل ويؤدها على وجهها الأتم.
شَعائِرَ اللَّهِ مناسك الحج وفرائضه.
فَإِنَّها أي فإن تعظيمها.
مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ من آثار تقوى القلوب.
٣٣- لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ:
لَكُمْ فِيها أي هذه الهدايا التي تهدونها، يعنى النعم.
مَنافِعُ تركبونها وتشربون لبنها.
إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى الى أن يحين وقت ذبحها.
ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى ثم مكانها الذي تنتهى اليه.
الْبَيْتِ الْعَتِيقِ المسجد الحرام وهو أقدم بيت لله على الأرض، حيث تذبح تقربا الى الله تعالى.
٣٤- وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ:
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً قرابين يتقربون بها الى الله.
لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عند ذبحها.
عَلى ما رَزَقَهُمْ على ما أنعم عليهم.
مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ من بهائم الإبل والبقر والغنم.
فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ والذي شرع لكم ولهم إله واحد.
فَلَهُ أَسْلِمُوا فأسلموا له وحده أمركم.
وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الخاضعين لله من عباده بأن لهم الجنة.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٥ الى ٣٦]
الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥) وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦)
٣٥- الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ:
وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ خشعت لذكره.
وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ من المكاره.
وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ على أكمل وجوهها.
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ والذين ينفقون فى وجوه الخير بعضا مما رزقناهم.
٣٦- وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
وَالْبُدْنَ الإبل والبقر.
مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ من أعلام الدين ومظاهره.
لَكُمْ فِيها خَيْرٌ بركوبها وشرب ألبانها فى الدنيا وفى الآخرة بالأجر والثواب.
فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها حين ذبحها.
صَوافَّ مصطفة معدة للذبح ليس فيها ما يعيبها.
فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها أي سقطت على جنوبها مذبوحة.
الْقانِعَ المتعفف عن السؤال.
وَالْمُعْتَرَّ الذي دفعته الحاجة الى ذل السؤال.
كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ أي كما سخرنا كل شىء لما نريده منه سخرناها لنفعكم.
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ تشكروننا على ما أنعمنا عليكم.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]
لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧) إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)
٣٧- لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ:
لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها أي لن يقبل الله لحومها ولا دماؤها.
وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ ولكن يصل اليه التقوى منكم، أي ما أريد به وجهه فهذا الذي يقبله ويثيب عليه.
كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ أي مثل هذا التسخير سخرها لكم.
لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ لتعظموا الله على ما هداكم اليه من إتمام مناسك الحج.
وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ الذين أحسنوا أعمالهم فأخلصوا نواياهم، بثواب عظيم.
٣٨- إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ:
إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا يحميهم وينصرهم.
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ خائن مفرط فى الخيانة لأمانته.
كَفُورٍ يبالغ فى كفره.
٣٩- أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ:
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ أي قاتلهم المشركون أن يردوا اعتداءهم عليهم.
بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا أي بسبب ما نالهم من ظلم المشركين لهم بهذا الاعتداء.
وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وان الله لقدير على نصر أوليائه.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٠ الى ٤١]
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)
٤٠- الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:
الَّذِينَ أُخْرِجُوا أي الذين ظلمهم الكفار وأرغموهم على ترك وطنهم مكة.
بِغَيْرِ حَقٍّ وما كان لهم من ذنب.
إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ غير أن عرفوا الله فعبدوه وحده.
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ ولولا أن سخر الله للحق أعوانا ينصرونه ويدفعون عنه.
لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ بيوت العبادة لرهبان النصارى.
وَبِيَعٌ كنائس النصارى.
وَصَلَواتٌ كنائس اليهود.
وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وقد أخذ الله العهد الأكيد على نفسه أن ينصر كل من نصر دينه.
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ لأنه قوى على تنفيذ ما يريد عزيز لا يغلبه غالب.
٤١- الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ:
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أي هؤلاء المؤمنون الذين وعدنا بنصرهم هم الذين إن ملكنا سلطانهم فى الأرض.
أَقامُوا الصَّلاةَ حافظوا عليها فأدوها على أكمل وجه.
وَآتَوُا الزَّكاةَ وأعطوا الزكاة لمستحقيها.
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ بكل ما هو خير.
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ونهوا عن كل ما فيه شر.
وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ ولله وحده مصير كل شىء فيحاسب كلا على ما قدم.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤)
٤٢- وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ:
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يعنى كفار مكة.
قَوْمُ نُوحٍ رسولهم نوحا.
وَعادٌ عاد رسولهم هودا.
وَثَمُودُ رسولهم صالحا.
٤٣- وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ:
وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ رسولهم إبراهيم.
وَقَوْمُ لُوطٍ رسولهم لوطا.
٤٤- وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ:
وَأَصْحابُ مَدْيَنَ كذبوا رسولهم شعيبا.
وَكُذِّبَ مُوسى كذبه فرعون وقومه.
فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ أمهلتهم لعلهم يتوبون الى رشدهم ويؤمنون.
ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فعاقبتهم.
فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ فكيف كان عذابى لهم شديدا. ونكير، بمعنى الإنكار والتغيير، حيث أبدلهم بالنعمة محنة، وبالحياة هلاكا، وبالعمارة خرابا.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]
فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)
٤٥- فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ:
فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ فكثيرا من القرى.
أَهْلَكْناها أي أهلكناها بأهلها الذين يعمرونها.
وَهِيَ ظالِمَةٌ بسبب ظلمهم وتكذيبهم لرسولهم.
فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها فأصبحت ساقطة سقوفها على جدرانها، خالية من سكانها.
وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ تعطلت من روادها واختفى ماؤها.
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ مطلى بالجص قد خلا من سكانه.
٤٦- أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا الخطاب لكفار قريش.
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها فتعى وتتعظ.
أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ما يجرى على ألسنة الناس من أحاديث الناس عنهم فيرتدعون عن غيهم.
فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ أي ليس العمى عن الحق عمى الأبصار.
وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ولكن العمى عمى القلوب فإليها الوعى والتدبر.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠)
٤٧- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ:
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ بوقوع ما توعدتهم به من العذاب تحديا واستهزاء.
وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وهو واقع بهم لا محالة.
وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ولن يخلف الله وعده وان طالت السنون. فان يوما واحدا عنده يماثل ألف سنة مما تقدرون وتحسبون.
٤٨- وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ:
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ وكثير من قرى.
أَمْلَيْتُ لَها أي لأهلها، أمهلتهم ليرتدعوا.
ثُمَّ أَخَذْتُها بالعقاب.
وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ مرجعكم جميعا للحساب.
٤٩- قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ:
إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ليس لى أن أجازيكم ولكن ليس على غير إنذاركم وتحذيركم والحجة والدليل بين يدى.
٥٠- فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ:
فَالَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا بالله وبرسوله.
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وقرنوا هذا الإيمان بالعمل الصالح.
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ فالله يغفر لهم ما فرط منهم.
رِزْقٌ كَرِيمٌ فى الجنة.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٥١ الى ٥٣]

وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣)
٥١- وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ:
وَالَّذِينَ سَعَوْا جهدوا وأجهدوا أنفسهم.
فِي آياتِنا فى محاربة آياتنا، يعنى القرآن الكريم.
مُعاجِزِينَ ظانين أنهم يعجزوننا، لأنهم خالوا أن لا بعث، وأن الله لا يقدر عليهم.
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ سيخلدون فى النار.
٥٢- وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ:
إِلَّا إِذا تَمَنَّى أي قرأ وتلا.
أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي قراءته وتلاوته.
فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ أي فيبطل الله ما يلقى الشيطان.
ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ يحفظها ويصونها.
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما أوحى الى نبيه.
حَكِيمٌ يضع كل شىء موضعه.
٥٣- لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ:
لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً أي ضلالة.
لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شرك ونفاق.
وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ فلا تلين لأمر الله تعالى.
وَإِنَّ الظَّالِمِينَ أي الكافرين.
لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ لفى خلاف وعصيان ومشاقة لله عز وجل.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٥٤ الى ٥٦]

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤) وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦)
٥٤- وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ:
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ كانوا على حظ من علم يقودهم الى التيقن.
أَنَّهُ أي هذا القرآن.
الْحَقُّ الذي لا مرية فيه.
مِنْ رَبِّكَ المنزل من عند الله.
فَتُخْبِتَ لَهُ أي تخشع وتسكن.
قُلُوبُهُمْ أي قلوب الذين أوتوا العلم.
لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا أي يهديهم.
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ طريق الحق فيتبعونه.
٥٥- وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ:
فِي مِرْيَةٍ فى شك.
مِنْهُ من القرآن.
السَّاعَةُ أي الموت.
بَغْتَةً على غرة حيث لا يشعرون.
عَذابُ يَوْمٍ أي عذاب يوم القيامة.
عَقِيمٍ لا رحمة فيه.
٥٦- الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ:
يَوْمَئِذٍ يوم القيامة.
يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بين عباده.
فَالَّذِينَ آمَنُوا بالله وبرسوله.
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وقرنوا هذا الإيمان بالعمل الصالح.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٥٧ الى ٦٠]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩) ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠)
٥٧- وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ:
وَكَذَّبُوا بِآياتِنا بآيات القرآن.
عَذابٌ مُهِينٌ معه الهوان والخزي.
٥٨- وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ:
وَالَّذِينَ هاجَرُوا وتركوا أوطانهم.
فِي سَبِيلِ اللَّهِ لإعلاء شأن دينهم جهادا.
ثُمَّ قُتِلُوا فى ميدان الجهاد.
أَوْ ماتُوا على فراشهم.
لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ ليجزينهم الله.
وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ والله وحده هو مثيب فيجزل.
٥٩- لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ:
لَيُدْخِلَنَّهُمْ الجنة.
مُدْخَلًا درجة.
يَرْضَوْنَهُ يسعدون به.
وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ بأحوالهم فيجزيهم الجزاء الحسن.
حَلِيمٌ يتجاوز عن هفواتهم.
٦٠- ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ:
ذلِكَ شأننا فى مجازاة الناس لا نظلمهم.
وَمَنْ عاقَبَ اقتص.
بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ بمثل ما اقتص منه لا يزيد.
ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ بتمادي الجاني فى الاعتداء عليه بعد ذلك.
لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ فإن الله ناصره على من اعتدى عليه.
إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ كثير العفو والصفح.
غَفُورٌ كثير المغفرة.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦١ الى ٦٣]
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)
٦١- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ:
ذلِكَ أي النصر هين على الله لأنه قادر على كل شىء.
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ فهو يداول بين الليل والنهار.
وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لقول المظلوم.
بَصِيرٌ بفعل الظالم فينتقم منه.
٦٢- ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ:
ذلِكَ أي ذلك النصر للمظلومين.
بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ مرجعه الى أنه الإله الحق.
وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وأن ما يدعونه المشركون آلهة باطل لا حقيقة له.
وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ على ما عداه شأنا.
الْكَبِيرُ سلطانا.
٦٣- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ:
أَلَمْ تَرَ ألم تعلم وتعتبر.
مُخْضَرَّةً بعد أن كانت مجدبة.
لَطِيفٌ بعباده.
خَبِيرٌ بما بينهم.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٤ الى ٦٧]
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧)
٦٤- لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ:
لَهُوَ الْغَنِيُّ عن عباده، وهم المفتقرون اليه.
الْحَمِيدُ الحقيق وحده بالحمد والثناء عليه من جميع خلقه.
٦٥- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ:
لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ شديد الرأفة والرحمة بعباده فيهيىء لهم كل سبل الحياة الطيبة لهم.
٦٦- وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ:
ثُمَّ يُحْيِيكُمْ يوم القيامة للحساب والجزاء.
لَكَفُورٌ لجحود على الرغم من هذه النعم.
٦٧- لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ:
لِكُلِّ أُمَّةٍ من أصحاب الشرائع السابقة.
مَنْسَكاً شريعة خاصة بهم.
فَلا يُنازِعُنَّكَ فلا يجوز أن يشتد فى منازعتك فيه هؤلاء المتعبدون بأديانهم السابقة عليك.
فِي الْأَمْرِ فى الدعوة الى ربك.
وَادْعُ إِلى رَبِّكَ حسبما يوحى إليك.
إِنَّكَ لَعَلى هُدىً لتسير على هدى من ربك سوىّ.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٨ الى ٧٢]
وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢)
٦٨- وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ:
وان أصروا على الاستمرار فى مجادلتك فأعرض عنهم، وقل لهم الله أعلم بأعمالكم وبما تستحقون عليه من الجزاء.
٦٩- اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ:
اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فيما بينى وبينكم.
فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ معى.
٧٠- أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ:
إِنَّ ذلِكَ أي حفظه وإثباته.
يَسِيرٌ كل اليسر.
٧١- وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ:
ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً ما لم ينزل بعبادتها حجة فى كتاب سماوى.
وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وليس لديهم عليها دليل عقلى.
وَما لِلظَّالِمِينَ يوم القيامة.
مِنْ نَصِيرٍ ينصرهم ويدفع عنهم العذاب.
٧٢- وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ:
بَيِّناتٍ واضحات.
الْمُنْكَرَ الحنق والغيظ.
يَكادُونَ يَسْطُونَ حتى ليكاد يدفعهم ذلك الى الفتك بالذين يتلون عليهم هذه الآيات.
بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ بما هو أشد عليكم شرا من الغيظ الذي يحرق نفوسكم.
النَّارُ إنه هو النار.
وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا التي وعدها الله الذين كفروا أمثالكم.
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وما أسوأها مصيرا ومقاما.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]
يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)
٧٣- يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ:
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي تعبدون من الأصنام.
وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وإن تضافروا جميعا على خلقه.
وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً أي إن عدا الذباب على شىء مما يقدم لهم من قرابين.
لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ لا يستخلصوه منه ولا يستردوه.
ضَعُفَ الطَّالِبُ أي هذه الأصنام، وقيل: الذباب، وقيل:
عابد الصنم.
وَالْمَطْلُوبُ الذباب، وقيل: الأصنام.
٧٤- ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:
ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ما عظموه حق عظمته حين جعلوا هذه الأصنام شركاء له.
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ لقادر على كل شىء.
عَزِيزٌ لا يغلبه غالب.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٥ الى ٧٨]

اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)
٧٥- اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ:
اللَّهُ يَصْطَفِي يختار.
وَمِنَ النَّاسِ أي كما يختار من الملائكة رسلا كذا يختار من الناس رسلا. ورسله من الملائكة الى الأنبياء ورسله من الناس الى البشر.
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوال عباده.
بَصِيرٌ بمن يختاره لرسالته.
٧٦- يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ:
يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أي ما يظهرون وما يبطنون.
وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ وإليه وحده مرجع كل شىء.
٧٧- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا أي أقيموا الصلاة ولا تنوا فى إقامتها.
وخص الركوع والسجود تشريفا للصلاة.
وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ولا تشركوا به أحدا.
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ودوموا على فعل الخير ولا تهنوا.
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ كى تفلحوا دنيا وأخرى.
٧٨- وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ:
جاهِدُوا فِي اللَّهِ فى سبيل الله، إعلاء كلمته، وابتغاء مرضاته.
366
حَقَّ جِهادِهِ أي الجهاد الذي يرتضيه منكم.
هُوَ اجْتَباكُمْ اختاركم لنصرة دينه.
وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ أي لم يكلفكم من أمور دينكم ما فيه مشقة عليكم.
مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ أي افعلوا الخير فعل أبيكم فأقام الفعل مقام الملة، أو اتبعوا ملة أبيكم ابراهيم، وهو منصوب على تقدير حذف الكاف، كأنه قال: كملة.
هُوَ أي ابراهيم.
مِنْ قَبْلُ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.
وَفِي هذا أي وفى حكمه أن من اتبع محمدا صلّى الله عليه وآله وسلم.
لِيَكُونَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وآله وسلم شَهِيداً عَلَيْكُمْ أي بتبليغه إياكم.
وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ أن رسلهم قد بلغتهم.
وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ وكلوا اليه كل أموركم.
هُوَ مَوْلاكُمْ ولا مولى لكم غيره.
فَنِعْمَ الْمَوْلى فنعم من تكلون اليه أموركم.
وَنِعْمَ النَّصِيرُ المعين والناصر.
367
Icon