تفسير سورة الصافات

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الصافات من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لمَّا بيّنَ كمال قدرته بين تفرده بالألوهية فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * وَ ﴾: الملائكة ﴿ ٱلصَّافَّاتِ ﴾: في مقام العبادة ﴿ صَفَّا * فَٱلزَّاجِرَاتِ ﴾: للعلويات والسفليات بالتدبير أو للناس عن المعاصي ﴿ زَجْراً * فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً ﴾: نزل على الرسل، والعطف لاختلاف الذوات أو الصفات، والفاء لترتيب الوجود أو الرتبة ﴿ إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾: ومن جملته أفعال العباد ﴿ وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ ﴾: للكواكب أو للشمس، إذ لها كل يوم من السنة مشرق، وترك المغارب لأن اختلافها بحبسها، على أن الشروق أبلغ في النعمة ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا ﴾: القربى منكم ﴿ بِزِينَةٍ ﴾: أي: تزيين ﴿ ٱلْكَوَاكِبِ ﴾: وبقطع الإضافة مجروراً بدل من " زينة " ومنصوبا مفعولا لها وتخصيصها لؤرية الكواكب منها ﴿ وَ ﴾: حفظناها ﴿ حِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ﴾: خارج عن الطاعة ﴿ لاَّ يَسَّمَّعُونَ ﴾: يصغون ﴿ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ ﴾: ملائكة السماء ﴿ وَيُقْذَفُونَ ﴾: يرمون ﴿ مِن كُلِّ جَانِبٍ ﴾: من آفاق السماء إذا صعدوا للاستراق ﴿ دُحُوراً ﴾: طردا أو مطرودين ﴿ وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾: دائم في الآخرة ﴿ إِلاَّ ﴾: استثناء من ضمير يسمعون ﴿ مَنْ خَطِفَ ﴾: اختلس كلامهم ﴿ ٱلْخَطْفَةَ ﴾: الواحدة وللمرة ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ﴾: هو ما يرى كان كوكبا انقض ﴿ ثَاقِبٌ ﴾: يثقه ويحرقه، وهل يتأذى فيرجع، أو يحترق؟ قولان، وقد يصيبه وقد لا يصيبه، ولذا يرتدعون رأسا وكونه من النار لا ينافى احتراقه بها لأنه ليس من صرفها، كما أنا لسنا من صرف الطين، على أن النار الضعيفة تهلك بالقوية والمراد بانقطاعه بولادة نبينا صلى الله عليه وسلم انقطاع كثرته به، وكونه من الأبخرة تخمين ويمكن أن يكون إسناده إلى السماء لأنه يرى من جهتها وسيأتي نظيره في الملك ﴿ فَٱسْتَفْتِهِمْ ﴾: استخبر المشركين ﴿ أَهُمْ أَشَدُّ ﴾: أصعب ﴿ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ ﴾: مما ذكر من الملك والسماء ﴿ إِنَّا خَلَقْنَاهُم ﴾: أي: أصلهم ﴿ مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾: أي: لاصق باليد، فكيف يتكبرون على عبادتنا؟ ﴿ بَلْ عَجِبْتَ ﴾: من تكذيبهم إياك ﴿ وَ ﴾: هم ﴿ يَسْخَرُونَ ﴾: منك، من تعجبك وبضم التاء بمعنى الاستعظام اللازم له، إذ العجب: روعة ٌ تعتريك عند استعظامك شيئاً، والروعة سرور من خوف، وهو عليه تعالى محال، فمعناه: بلغ كمال قدرتي إلى أن استعظمته ﴿ وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ ﴾: لا يتعظون ﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً ﴾: كشقِّ القمر ﴿ يَسْتَسْخِرُونَ ﴾: يبالغون في السخرية ﴿ وَقَالُوۤاْ إِن ﴾: ما ﴿ هَـٰذَآ ﴾: المؤتى ﴿ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾: وقالوا إنكاراً: ﴿ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾: كرر الهمزة مبالغة في الإنكار أ نُبْعثُ ﴿ أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ ﴾: وبسكون الواو للترديد ﴿ قُلْ نَعَمْ ﴾: تبعثون ﴿ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ ﴾: ذليلون، إذا كان ذلك ﴿ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ ﴾: صيحة ﴿ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ ﴾: أحياء ﴿ يَنظُرُونَ ﴾: يبصرون ﴿ وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا ﴾: كما مر ﴿ هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ ﴾: الجزاء ﴿ هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾: فيقال للملائكة: ﴿ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾: أشباههم في عملهم ﴿ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾: من الاصنام ﴿ فَٱهْدُوهُمْ ﴾: تهكم، أي: سُوقوهم ﴿ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ ﴾: عند الصراط ﴿ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾: عن صنعيهم والواو لا توجب الترتيب، ويقال لهم توبيخا: ﴿ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ ﴾: كما في الدنيا ﴿ بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴾: منقادون ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾: لائمين ﴿ يَتَسَآءَلُونَ * قَالُوۤاْ ﴾: لرؤسائهم: ﴿ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ ﴾: أي: الحلف، بحلفكم أنكم على الحق أو عَنْ قِبلَ الخير كأنكم تهدوننا فلبستم علينا ﴿ قَالُواْ ﴾: جوابا: ﴿ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾: في أنفسكم، فكيف أضللنا كم؟ ﴿ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ ﴾: تسلط ﴿ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ ﴾: ضالين ﴿ فَحَقَّ عَلَيْنَا ﴾: جميعا ﴿ قَوْلُ رَبِّنَآ ﴾: بالعذاب بقوله:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ ﴾[الأعراف: ١٨] إلى آخره، فأحببنا أن تكونوا مثلنا ﴿ إِنَّا لَذَآئِقُونَ ﴾: عذابه كذلك ﴿ فَأَغْوَيْنَاكُمْ ﴾: بلا تكليف ﴿ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ﴾: فأحببنا أن تكونوا مثلنا قال تعالى: ﴿ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾: لغوايتهم ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ ﴾: المشركين ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾: في الدنيا ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾: عن قبولها ﴿ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴾: أي: محمد، قال تعالى: ﴿ بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: لتطابقهم على التوحيد ﴿ إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ * وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ﴾: مثل ﴿ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾: عن الكفر لا يذوقون ﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ ﴾: خصائصه من نحو الدوام وتمحيض اللذة، فإن النفس إلى المعلوم أسكن ﴿ فَوَاكِهُ ﴾: بيان للرزق وهي ما يؤكل تلذذا لا تغذيا لحفظهم عن التحلل، فإنهم أبديون ﴿ وَهُم مُّكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ * عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾: لا يرى بعضهم قفا بعض ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ ﴾: بخمر أو إناء فيه خمر ﴿ مِّن مَّعِينٍ ﴾: نهر ظاهر للعيون ﴿ بَيْضَآءَ ﴾: بلا كدر ﴿ لَذَّةٍ ﴾: مبالغة أو تأنيث لذ، بمعنى لذيد ﴿ لِّلشَّارِبِينَ ﴾: لا كخمر الدنيا ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾: إفساد ﴿ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾: بسكرون ﴿ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ ﴾: أي: العين على أزواجهن ﴿ عِينٌ ﴾: جمع عيناء، واسعة العين ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ ﴾: في بياض ألوانهن مشربا بصفرة ﴿ مَّكْنُونٌ ﴾: مصون عن الغبار، وفي حديث:" أنَّ رقَّة جلدهنَّ كرقة قِشْرته السُّفْلى "﴿ فَأَقْبَلَ ﴾: الماضي للتأكيد ﴿ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾: عن المعارف، وما مر بهم ﴿ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾: كافر ﴿ يَقُولُ ﴾: لي تقريعا: ﴿ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ ﴾: بالبعث ﴿ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾: لمجزيون ﴿ قَالَ ﴾: هذا القائل لجلسائه ﴿ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ ﴾: إلى جهنم لأريكموه ﴿ فَٱطَّلَعَ ﴾: من بعض كوى الجنة ﴿ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ﴾: وسط ﴿ ٱلْجَحِيمِ * قَالَ ﴾: له شماتة ﴿ تَٱللَّهِ ﴾: أي: إنه ﴿ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ ﴾: لتهلكني بالإغواء ﴿ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي ﴾: بالهداية ﴿ لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ ﴾: معك فيها ﴿ أَ ﴾: نحن مخلدون ﴿ فَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ﴾: استفهام تلذذ أو تقريع لقرينه ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ ﴾: كانت في الدنيا والقبر ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾: مثلكم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَـٰذَا ﴾: المذكور ﴿ لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ * أَذَلِكَ ﴾: المذكور ﴿ خَيْرٌ نُّزُلاً ﴾: ما يعد أولا للنازل فيدل على أن لهم أعظم منه ﴿ أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ ﴾: شجرة ثمرتها نزل أهل النار، من تزقمه: تناول على كره
﴿ إِنَّا جَعَلْنَٰهَا فِتْنَةً ﴾: ابتلاء ﴿ لِّلظَّٰلِمِينَ ﴾: لإنكارهم نباتها في النار ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ﴾: قعْر ﴿ ٱلْجَحِيمِ ﴾: وأغصانها تصل إلى دركتها ﴿ طَلْعُهَا ﴾: ثمرها في تناهي القبح ﴿ كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ ﴾: الحيات القبيحة، أو تشبيه تخييلي ﴿ فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا ﴾: طلعها ﴿ فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ ﴾: للجوع أو الجبر على أكلها ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا ﴾: بعد شبعهم منها وعطشهم ﴿ لَشَوْباً ﴾: شرابا من عساق أو صديد مشوبا بماء ﴿ مِنْ حَمِيمٍ ﴾: ماء حار يقطع أمعاءهم ﴿ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ﴾: أصل ﴿ ٱلْجَحِيمِ ﴾: فإنهما كانا نزلا قبل دخولها ﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ﴾: وجدوا ﴿ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ * فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴾: يسرعون شديدا كناية عن مبادرتهم إليه بلا نظر ﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ ﴾: قبل قومك ﴿ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ ﴾: رسلا ﴿ مُّنذِرِينَ * فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ ﴾: فظاعة ﴿ إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾: المنتهين بالإنذار ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا ﴾: دعانا ﴿ نُوحٌ ﴾: بعد يأسه بقوله:﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ ﴾[القمر: ١٠] ﴿ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ ﴾: نحن ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ ﴾: الغرق أو الأذية ﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ ﴾: سام أبو العرب وفارس والروم، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك، ويأجوج ومأجوج ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ ﴾: إلى القيامة أي: يقولون: ﴿ سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ ﴾: أى هذه الكلمة ﴿ فِي ٱلْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: تعليل إحسانه بالإيمان، إجلالا لشأن الإيمان ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ * وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ ﴾: ممن شايعه في أصوله دينه ﴿ لإِبْرَاهِيمَ ﴾: بينهما الف ومائة واثنتان وأربعون سنة، وبعث بينهما هود وصالح، اذكر ﴿ إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾: من النقائص ﴿ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ﴾: إنكارا ﴿ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ ﴾: أي: أتريدونها للعبادة دون الله للإفك ﴿ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: هل يترككم بلا عذاب مع شرككم، فخرجوا إلى عيدهم وتركوا طعامهم ع أصنامهم ليرجعوا ويأكلو تبركا وقالوا له أخرج معنا ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ﴾: علم ﴿ ٱلنُّجُومِ ﴾: إذ كانوا منجمين ﴿ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾: سأسقم بالطاعون أوهمهم أنه استدل بها ليسمعوا منه أو كان عام النجوم حقًّا من النبوة ثم نسخ، بل النسخ في الأحكام ﴿ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾: هاربين مخافة العدوى ﴿ فَرَاغَ ﴾: ذهب خفيةً ﴿ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ ﴾: لهم سخرية: ﴿ أَلا تَأْكُلُونَ ﴾: من هذه الأطعمة ﴿ مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ * فَرَاغَ ﴾: أقبل خفية ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾: يضرب ﴿ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ ﴾: لقوة اليمين أو بالقسم وهو:﴿ وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ ﴾[الأنبياء: ٥٧] فكسرها فبلغ قومه ﴿ فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ ﴾: أي: إلى إبراهيم بعد رجوعهم ﴿ يَزِفُّونَ ﴾: يسرعون وقالوا: أأنت تكسر معبودنا ﴿ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾: تعلمونه أو عملكم، يعني معمولكم، إذ جوهره بخلقه وشكله بإقداره غياهم عليه أو بمعنى الحدث، ويدل على خلق الأعمال، ويرجع عل الأولين بعدم الحذف والمجاز ﴿ قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً ﴾: حائطاً طوله ثلاثون وعرضه عشرون، واملئوه حطباً واضرموه بالنار ﴿ فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ ﴾: النار الشديدة، فألقوه فيها ﴿ فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً ﴾: شرا ﴿ فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ ﴾: الأذلين بإبطال كيدهم وإعزازه ﴿ وَقَالَ ﴾: بعد خروجه منها: ﴿ إِنِّي ذَاهِبٌ ﴾: مهاجر ﴿ إِلَىٰ ﴾: حيث أمرني ﴿ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾: إلى صلاحي، بت القول لسبق وعده، وأما قول موسى:﴿ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي ﴾[القصص: ٢٢] إلى آخره فقبل النبوة هاجر إلى الشام، وقال: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي ﴾: أي: ولدا ﴿ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: ولفظ الهبة غالب في الولد ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ ﴾: بحيث انقاد حين عرض ذبحه عليه وهو إسماعيل على الأصح لحديث" أنا ابن الذبيحين "ولعطف بشارة إسحاق على بشارته ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ ﴾: سنا أي: يسعى معه في أعماله وكان ابن ثلاثة عشر سنة ﴿ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ ﴾: أتى بالمضارع لتكررها ثلاث ليال: التروية وعرفة والنحر، وبذلك يظهر وجه تسمية الكل ﴿ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾: رأى ذلك أو ما يعبر به ورؤيا الأنبياء وحي ﴿ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ﴾: من الرأي، اختبر صبره على الطاعة ﴿ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ ﴾: به، ولا تشاورني ﴿ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾: انقادا لأوامر الله تعالى ﴿ وَتَلَّهُ ﴾: أضجعه ﴿ لِلْجَبِينِ ﴾: على إحدى جانبي الجبهة بـ " منى " عند منحر الناس اليوم، وأمر السكين بقوته على حلقه مرارا فلم تقطع وجواب لما كان ما كان من السرور، دل عليه ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ ﴾: بعزمك والإتيان بما في وسعك ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾: بتفريج شدتهم، أفاد جواز النسخ قبل وقوعه ﴿ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ﴾: الاختبار ﴿ ٱلْمُبِينُ ﴾: البين ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ ﴾: ما يذبح بدله ﴿ عَظِيمٍ ﴾: جثة أو قدرا، هو كبش أقرن أملح جاء به جبريل من الجنة، قيل، هو الذي تقبل من هابيل وهرب منه عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى أخذه فصارت سن فيها ما يدل على أن من نذر ذبح ولده لزمه ذبح شاه إذ لا نذر فيها ولا لزومية ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: كما مر ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ ﴾: بوجوده ﴿ نَبِيّاً ﴾: مقضيا بنبوته ﴿ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: ومن جعله الذبيح يجعل البشارة بنبوته ﴿ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ ﴾: بتكثير ذريته ﴿ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ﴾: بجعل أكثر الأنبياء من نسله ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ ﴾: بالإيمان ﴿ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ﴾: بالكفر ﴿ مُبِينٌ ﴾: ظلمه، أفاد أن النسب لا يؤثر في الهدى والضلال
﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴾: بالنبوة وغيرها ﴿ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ ﴾: ظلم فرعون ﴿ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴾: على القبط ﴿ وَآتَيْنَاهُمَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ ﴾: البليغ البيان ﴿ وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ إِلْيَاسَ ﴾: ابن ياسين سبط هارون، وقيل: هو إدريس ﴿ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾: عذاب الله ﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً ﴾: تعبدون صنم أهل بك من الشام ﴿ وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ * ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾: في النار ﴿ إِلاَّ ﴾: استثناء من الواو ﴿ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ﴾: لغة في إلياس كميكائيل، وميكال، أو المراد هو وأهله، جمع تغليبا كمهلبين للمهلب، وعلى قراءة آل مفصولا فالأظهر أن المراد إلياس، وأهله ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عَجُوزاً ﴾: امرأته ﴿ فِي ٱلْغَابِرِينَ ﴾: الباقين في العذاب ﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ ﴾: كما مر ﴿ وَإِنَّكُمْ ﴾: يا قريش ﴿ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ ﴾: على آثارهم في سفركم إلى الشام ﴿ مُّصْبِحِينَ ﴾: في الصباح ﴿ وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾: فتعتبرون ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ ﴾: هرب بلا إذن ربه حين استبطأَ العذاب الذي وعد قومه ﴿ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ ﴾: المملوء فركدت، فقيل هنا: عبد آبق تظهره القرعة ﴿ فَسَاهَمَ ﴾: قارع أهله ﴿ فَكَانَ ﴾: فصار ﴿ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ ﴾: المغلوبين بالقرعة فقال: أنا الآبق ورمى بنفسه في الماء ﴿ فَٱلْتَقَمَهُ ﴾: ابتلعه ﴿ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾: نفسه بما فعل قائلاً: " لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين " وَمَكث أربعين يوما وقيل: غير ذلك وكان الحوت يسير من الفلك رافعا رأسه يتنفس فيه يونس ويسبح حتى انتهوا إلى البر ﴿ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ ﴾: بذلك ﴿ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ ﴾: ميتا أو حيا ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾: فيه حث على إكثار الذكر ﴿ فَنَبَذْنَاهُ ﴾: طرحناه من بطنه ﴿ بِٱلْعَرَآءِ ﴾: الأرض الخالية عن النبات ﴿ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾: كطفل ولد ﴿ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ ﴾: هو ما يبسط على وجه الأرض بلا ساق والمراد القرع، نبتَ بساق مُعجزةً له، وغطاه بأوراقه فمنع الذباب فإنه لا يقع عليها، وكانت وعلة تأتيه كل يوم مرتين لشرب لبنها حتى قوي ﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ ﴾: قومه الذي هرب عنهم ﴿ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾: في تقديرهم، والمواد: الوصف بالكثرة كما مر ﴿ فَآمَنُواْ ﴾: عند معاينة العذاب كما مر في يونس ﴿ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴾: أجلهم ﴿ فَٱسْتَفْتِهِمْ ﴾: استخبر قريشا، عطف على مثله أول السورة ﴿ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ ﴾: إذ قالوا: الملائكة بنات الله حتى سألهم الصديق رضي الله تعالى عنه فمن أمهم ﴿ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ ﴾: كما مر في النحل ﴿ أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ ﴾: أنوثتهم، خصها بالمشاهدة لتشبههم بها، كأنهم شاهدوها ﴿ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾: فيه ﴿ أَصْطَفَى ﴾: اختار ﴿ ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾: بهذا ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ * فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ ﴾: المنزل عليكم بهذا ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ ﴾: تعالى ﴿ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ ﴾: الملائكة المجتنة من الخلق ﴿ نَسَباً ﴾: بالنبوة، وقيل: قالوا: صاهر الجن فخرج الملكُ ﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ ﴾: أي: القائلون ﴿ لَمُحْضَرُونَ ﴾: في العذاب ﴿ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾: ناجون منه ﴿ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ ﴾: من الأصنام ﴿ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ﴾: مفسدين أحدا بالإغواء ﴿ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ﴾: داخل ﴿ ٱلْجَحِيمِ ﴾: ويقول الملك خضوعا لله عز وجل ﴿ وَمَا مِنَّآ ﴾: أحد ﴿ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾: في السماء يبعد الله فيه، قاله جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ ﴾: في مقام العبودية ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ ﴾: الله تعالى عما لا يليق به ﴿ وَإِن ﴾: إنه ﴿ كَانُواْ ﴾: قريش ﴿ لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً ﴾: كتابا ﴿ مِّنَ ﴾: كتب ﴿ ٱلأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * فَكَفَرُواْ بِهِ ﴾: بالِّكر القرآن لما جاءهم ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾: عاقبتهم ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا ﴾: بالنصر ﴿ لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: هي ﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ ﴾: عاقبة ولو في الآخرة ولم يقتل قط نبي أُمِر بالجهاد ﴿ فَتَوَلَّ ﴾: أعرض ﴿ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ ﴾: ينصرك عليهم ﴿ وَأَبْصِرْهُمْ ﴾: حينئذ كيف يذلون ﴿ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾: عزك، فقالوا استهزاءً: متى هذا الوعد فنزل ﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ ﴾: أي: فنائهم هي كناية عم القوم ﴿ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ ﴾: استعير من الصباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب وسموا الغارة صباحا لكثرة وقوعها فيه ﴿ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾: كرره تأكيدا وتهديدا وطرح الضمير اختصارا واكتفاء بما سبق ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ ﴾: الإضافة لأن له العزة ولمن أعزه ﴿ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾: المشركون ﴿ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾: الذين سبقت الكلمة لهم ﴿ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: على ما أنعم عليهم وعلى أممهم. عن علي رضي الله عنه: " من أحب أن يكتال بالمكيال الأ وفي من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه:﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾[الصافات: ١٨٠] إلى آخره السورة ". واللهُ أعْلَمُ.
Icon