ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢)).
الْوَاوُ لِلْقَسَمِ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ: إِنَّ إِلَهَكُمْ.
وَ (صَفًّا) : مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، وَكَذَلِكَ «زَجْرًا». وَقِيلَ: «صَفًّا» مَفْعُولٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّفَّ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْمَصْفُوفِ.
قَالَ تَعَالَى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥)).
(رَبُّ السَّمَاوَاتِ) : بَدَلٌ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُوَ رَبُّ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) : يُقْرَأُ بِالْإِضَافَةِ. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ إِضَافَةِ النَّوْعِ إِلَى الْجِنْسِ؛ كَقَوْلِكَ: بَابٌ حَدِيدٌ؛ فَالزِّينَةُ كَوَاكِبُ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الزِّينَةُ مَصْدَرًا أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ؛ وَقِيلَ: إِلَى الْمَفْعُولِ. أَيْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ بِتَزْيِينِنَا الْكَوَاكِبَ.
وَيُقْرَأُ بِتَنْوِينِ الْأَوَّلِ وَنَصْبِ الْكَوَاكِبِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِعْمَالُ الْمَصْدَرِ مُنَوَّنًا فِي الْمَفْعُولِ. وَالثَّانِي: بِتَنْوِينِ الْأَوَّلِ. وَجَرِّ الثَّانِي عَلَى الْبَدَلِ؛ وَبِرَفْعِ الثَّانِي بِالْمَصْدَرِ؛ أَيْ بِأَنَّ زِينَتَهَا الْكَوَاكِبُ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ هِيَ الْكَوَاكِبُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَحِفْظًا) : أَيْ وَحَفِظْنَاهَا حِفْظًا.
وَ (مِنْ) : يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ.
قَالَ تَعَالَى: (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يَسَّمَّعُونَ) : جَمَعَ عَلَى مَعْنَى كُلٍّ؛ وَمَوْضِعُ الْجُمْلَةِ جَرٌّ عَلَى الصِّفَةِ، أَوْ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، أَوْ مُسْتَأْنَفٌ.
وَيُقْرَأُ بِتَخْفِيفِ السِّينِ. وَعَدَّاهُ بِإِلَى حَمْلًا عَلَى مَعْنَى يَصِفُونَ.
وَبِتَشْدِيدِهَا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
وَ (دُحُورًا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِنْ مَعْنَى يَقْذِفُونَ، أَوْ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَوْ مَفْعُولًا لَهُ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ دَاحِرٍ؛ مِثْلَ قَاعِدٍ وَقُعُودٍ؛ فَيَكُونَ حَالًا.
(إِلَّا مَنْ) : اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْجِنْسِ؛ أَيْ لَا يَسْتَمِعُونَ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا مُخَالَسَةً، ثُمَّ يُتْبَعُونَ بِالشُّهُبِ.
وَفِي (خَطِفَ) : كَلَامٌ ذُكِرَ فِي أَوَائِلِ الْبَقَرَةِ.
وَ (الْخَطْفَةُ) : مَصْدَرٌ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ، أَوْ لِلْمَعْهُودِ مِنْهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَلْ عَجِبْتَ) : بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ، وَبِضَمِّهَا؛ قِيلَ: الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: هُوَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَالْمَعْنَى: عَجِبَ عِبَادُهُ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ بَلَغَ حَدًّا يَقُولُ الْقَائِلُ فِي مِثْلِهِ: عَجِبْتُ.
قَالَ تَعَالَى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)).