مكية، عددها تسع وخمسون آية كوفي
ﰡ
﴿ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾ [آية: ٢]، يعني البين ما فيه. ﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ ﴾، يعني القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، إلى السفرة من الملائكة، وهم الكتبة، وكان ينزل من اللوح المحفوظ كل ليلة قدر، فينزل الله عز وجل من القرآن إلى السماء الدنيا، على قدر ما ينزل به جبريل، عليه السلام، في السنة إلى مثلها من العام المقبل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر.
﴿ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾، وهى ليلة مباركة. قال: وقال مقاتل: نزل القرآن كله من اللوح المحفوظ إلى السفرة في ليلة واحدة ليلة القدر، فقبضه جبريل صلى الله عليه وسلم من السفرة في عشرين شهراً، وأداه إلى النبى صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة، وسميت ليلة القدر ليلة مباركة، لما فيها من البركة والخير، ثم قال: ﴿ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴾ [آية: ٣]، يعني بالقرآن.﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [آية: ٤]، يقول: يقضى الله في ليلة القدر كل أمر محكم من الباطل ما يكون في السنة كلها إلى مثلها من العام المقبل من الخير، والشر، والشدة، والرخاء، والمصائب. يقول الله تعالى: ﴿ أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ ﴾، يقول: كان أمراً منا.
﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [آية: ٥]، يعني منزلين هذا القرآن. أنزلناه ﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾، لمن آمن به.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ لقولهم.
﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ آية: ٦] به.﴿ رَبِّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴾ [آية: ٧] بتوحيد الرب تعالى. وحد نفسه، فقال: ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ ﴾، يقول: يحيى الموتى، ويميت الأحياء، هو ﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ [آية: ٨].
﴿ بَلْ هُمْ ﴾، لكن هم.
﴿ فِي شَكٍّ ﴾ من هذا القرآن.
﴿ يَلْعَبُونَ ﴾ [آية: ٩]، يعني لاهون عنه. قوله: ﴿ فَٱرْتَقِبْ ﴾، وذلك" أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا الله عز وجل على كفار قريش، فقال: " اللهم أعنى عليهم بسبع سنين كسنى يوسف "، فأصابتهم شدة، حتى أكلوا العظام، والكلاب، والجيف، من شدة الجوع "، فكان الرجل يرى بينه وبين السماء الدخان من الجوع، فذلك قوله: ﴿ فَٱرْتَقِبْ ﴾، فانتظر يا محمد.
﴿ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ١٠].
﴿ هَـٰذَا ﴾ الجوع.
﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آية: ١١]، يعنى وجيع. ثم إن أبا سفيان بن حرب، وعتبة بن ربيعة، والعاص بن وائل، والمطعم بن عدى، وسهيل بن عمرو، وشيبة بن ربيعة، كلهم من قريش، أتوا النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد، استسق لنا، فقالوا: ﴿ رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ ﴾، يعنى الجوع.
﴿ إِنَّا مْؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ١٢]، يعنى إنا مصدقون بتوحيد الرب وبالقرآن.﴿ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ ﴾، يقول: من أين لهم التذكرة، يعنى الجوع الذى أصابهم بمكة.
﴿ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ ﴾، يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم.
﴿ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ١٣]، يعنى هو بين أمره، جاءهم بالهدى.﴿ ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ ﴾، يقول: ثم أعرضوا عن محمد صلى الله عليه وسلم إلى الضلالة.
﴿ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴾ [آية: ١٤] قال ذلك عتبة بن أبى معيط: إن محمداً مجنون، وقالوا: إنما يعلمه جبر غلام عامر بن الحضرمى، وقالوا: لئن لم ينته جبر غلام عامر بن الحضرمى، فأوعدوه لنشترينه من سيده، ثم لنصليبنه حتى ينظر هل ينفعه محمداً أو يغنى محمد عنه شيئا.
﴿ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴾، يقول: بل هم من القرآن في شك لاهون، فدعا النبى صلى الله عليه وسلم، فقال:" اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً عاماً، طبقاً مطبقاً، غدقاً ممرعاً مرياً، عاجلاً غير ريث، نافعاً غير ضار "، فكشف الله تعالى عنهم العذاب. فذلك قوله: ﴿ إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ ﴾، يعنى الجوع.
﴿ قَلِيلاً ﴾ إلى يوم بدر.
﴿ إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ ﴾ [آية: ١٥] إلى الكفر، فعادوا، فانتقم الله منهم ببدر فقتلهم. فذلك قوله: ﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾، يعنى العظمى، فكانت البطشة فى المدينة يوم بدر، أكثر مما أصابهم من الجوع بمكة، فذلك قوله: ﴿ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ [آية: ١٦] بالقتل، وضرب الملائكة وجوههم، وأدبارهم، وعجل الله أرواحهم إلى النار.
قوله: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ﴾ كما فتنا قريشاً بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما ولدا فى قومهما.
﴿ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ [آية: ١٧]، يعنى الخلق، كان يتجاوز ويصفح، يعنى موسى حين سأل ربه أن يكشف عن أهل مصر الجراد والقمل. فقال موسى لفرعون: ﴿ أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ﴾، يعنى أرسلوا معى بنى إسرائيل، يقول: وخل سبيلهم، فإنهم أحرار ولا تستعبدهم.
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ ﴾ من الله.
﴿ أَمِينٌ ﴾ [آية: ١٨] فيما بينى وبين ربكم.﴿ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾، يعنى لا تعظموا على الله أن توحدوه.
﴿ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ١٩]، يعنى حجة بينة، كقوله: ألا تعلوا على الله، يقول: ألا تعظموا على الله.
﴿ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾، يعنى حجة بينة، وهى اليد والعصا، فكذبوه، فقال فرعون فى حم المؤمن:﴿ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ ﴾[غافر: ٢٦].
فاستعاذ موسى فقال: ﴿ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ ﴾، يعنى فرعون وحده.
﴿ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ [آية: ٢٠]، يعنى أن تقتلون.﴿ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ ﴾ [آية: ٢١]، يقول: وإن لم تصدقونى يعنى فرعون وحده.
﴿ فَٱعْتَزِلُونِ ﴾، فدعا موسى ربه فى يونس، فقال:﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ ﴾[يونس: ٨٦]، يعنى نجنى وبنى إسرائيل، وأرسل العذاب على أهل مصر. قوله تعالى: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ ﴾، يعنى أهل مصر.
﴿ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ ﴾ [آية: ٢٢]، فلا يؤمنون، فاستجاب الله له. فاوحى الله تعالى إليه: ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴾ [آية: ٢٣]، يقول: يتبعكم فرعون وقومه.﴿ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾، وذلك أن بنى إسرائيل لما قطعوا البحر، قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم: فرق لنا البحر كما كان، فإننا نخشى أن يقطع فرعون وقومه آثارنا، فأراد موسى، عليه السلام، أن يفعل ذلك، كان الله تعالى أوحى إلى البحر أن يطيع موسى، عليه السلام، فقال الله لموسى: ﴿ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً ﴾، يعنى صفوفاً، ويقال: ساكناً.
﴿ إِنَّهُمْ ﴾، إن فرعون وقومه ﴿ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾ [آية: ٢٤]، فأغرقهم الله فى نهر مصر، وكان عرضه يومئذ فرسخين. فقال الله تعالى: ﴿ كَمْ تَرَكُواْ ﴾ من بعدهم، يعنى فرعون وقومه.
﴿ مِن جَنَّاتٍ ﴾، يعنى بساتين.
﴿ وَعُيُونٍ ﴾ [آية: ٢٥]، يعنى الأنهار الجارية.﴿ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ [آية: ٢٦]، يعنى ومساكن حسان.﴿ وَنَعْمَةٍ ﴾ من العيش.
﴿ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾ [آية: ٢٧]، يعنى أرض مصر معجبين.﴿ كَذَلِكَ ﴾، يقول: هكذا فعلنا بهم فى الخروج من مصر، ثم قال: ﴿ وَأَوْرَثْنَاهَا ﴾، يعنى أرض مصر.
﴿ قَوْماً آخَرِينَ ﴾ [آية: ٢٨]، يعنى بنى إسرائيل، فردهم الله إليها بعد الخروج مها. ثم قال: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ ﴾، وذلك أن المؤمن إذا مات بكى عليه معالم سجوده من الأرض، ومصعد عمله من السماء أربعين يوماً وليلة، ويبكيان على الأنبياء ثمانين يوماً وليلة، و لايبكيان على الكافر، فذلك قوله: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ ﴾؛ لأنهم لم يصلوا لله فى الأرض، ولا كانت لهم أعمال صالحة تصعد إلى السماء؛ لكفرهم.
﴿ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾ [آية: ٢٩]، لم يناظروا بعد الآيات التسع حتى عذبوا بالغرق.
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ ﴾، يعنى الهوان من فرعون من قتل الأبناء، واستحياء النساء، يعنى البنات، قبل أن يبعث الله عز وجل موسى رسولاً، مخافة أن يكون هلاكهم فى سببه من فرعون للذى أخبره به الكهنة أنه يكون، وأنه يغلبك على ملكك. ثم قال: ﴿ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً ﴾ عن التوحيد.
﴿ مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴾ [آية: ٣١] يعنى من المشركين. ثم رجع إلى بنى إسرائيل، فقال: ﴿ وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ ﴾ علمه الله عز وجل منهم.
﴿ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٣٢]، يعنى عالم ذلك الزمان.﴿ وَآتَيْنَاهُم ﴾، يقول: وأعطيناهم.
﴿ مِّنَ ٱلآيَاتِ ﴾ حين فلق البحر وأهلك عدوهم فرعون، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، والحجر والعمود والتوراة، فيها بيان كل شىء، فكل هذا الخير ابتلاهم الله به، فلم يشكروا ربهم، فذلك قوله: ﴿ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ ﴾ ﴿ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ٣٣]، يعنى النعم البينة، كقوله:﴿ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ ﴾[الصافات: ١٠٦]، يعنى النعم البينة. قوله: ﴿ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ ﴾ [آية: ٣٤]، يعنى كفار مكة.﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ ﴾، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لهم:" إنكم تبعثون من بعد الموت "، فكذبوه، فقالوا: إن هى إلا حياتنا الدنيا.
﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ [آية: ٣٥]، يعنى بمعوثين من بعد الموت. ثم قال: ﴿ فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٣٦]، أنا نحيا من بعد الموت، وذلك أن أبا جهل بن هشام قال فى الرعد: يا محمد، إن كنت نبياً فابعث لنا رجلين أو ثلاثة ممن مات من آبائنا، منهم قصى بن كلاب، فإنه كان صادقاً، وكان إمامهم، فنسألهم فيخبرونا عن ما هو كائن بعد الموت، أحق ما تقول أم باطل؟ إن كنت صادقاً بأن العبث حق، نظيرها فى الجاثية قوله:﴿ وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ ﴾[الجاثية: ٢٤]، وما البعث بحق. فخوفهم الله تعالى بمثل عذاب الأمم الخالية، فقال: ﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ﴾؛ لأن قوم تبع أقرب فى الهلاك إلى كفار مكة.
﴿ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ من الأمم الخالية.
﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴾ بالعذاب.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ [آية: ٣٧]، يعنى مذنبين مقيمين على الشرك منهمكين عليه. قوله: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ ﴾ [آية: ٣٨]، يعنى عابثين لغير شىء، يقول: لم أخلقهما باطلاً، ولكن خلقتهما لأمر هو كائن.﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾، يعنى كفار مكة.
﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣٩]، أنهما لم يخلقا باطلاً.
﴿ مِيقَاتُهُمْ ﴾، يعنى ميعادهم.
﴿ أَجْمَعِينَ ﴾ [آية: ٤٠].
﴿ يَوْمَ ﴾، يعنى يوم القيامة، يقول: يوافى يوم القيامة الأولون والآخرون، وهم يوم الجمعة، هذه الأمة وسواهم من الأمم الخالية، ثم نعت الله تعالى ذلك اليوم، فقال: ﴿ يَوْمَ ﴾ ﴿ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً ﴾، وهم الكفار، يقول: يوم لا يغنى ولى عن وليه، يقول: لا يقدر قريب لقرابته الكافر شيئاً من المنفعة.
﴿ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ [آية: ٤١]، يقول ولا هم يمعنون من العذاب. ثم استثنى المؤمنين، فقال: ﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ ﴾ من المؤمنين، فإنه يشفع لهم.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ فى نقمته من أعدائه الذين لا شفاعة لهم.
﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [آية: ٤٢] بالمؤمنين الذين استثنى فى هذه الآية. قوله: ﴿ إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ ﴾ [آية: ٤٣].
﴿ طَعَامُ ٱلأَثِيمِ ﴾ [آية: ٤٤]، يعني الآثم بربه، فهو أبو جهل بن هشام، وفى قراءة ابن مسعود: طعام الفاجر.﴿ كَٱلْمُهْلِ ﴾، يعنى الزقوم أسود غليظ كدردى الزيت.
﴿ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ ﴾ [آية: ٤٥].
﴿ كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ ﴾ [آية: ٤٦]، يعنى الماء الحار بلسان بربر وأفريقية، الزقوم يعنون التمر والزبد، زعم ذلك عبدالله بن الزبعرى السهمى، وذلك أن أبا جهل قال لهم: إن محمداً يزعم أن النار تنبت الشجر، وإنما النار تأكل الشجر، فما الزقوم عندكم؟ فقال عبد الله بن الزبعرى: التمر والزبد، فقال أبو جهل بن هشام: يا جارية، ابغنا تمراً وزبداً، فقال: تزقموا. يقول الله عز وجل للخزنة: ﴿ خُذُوهُ ﴾، يعنى أبا جهل.
﴿ فَٱعْتِلُوهُ ﴾، يقول: فادفعوه على وجهه.
﴿ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ ﴾ [آية: ٤٧]، يعنى وسط الجحيم، وهو الباب السادس من النار. ثم قال: ﴿ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ ﴾ [آية: ٤٨]، أبى جهل، وذلك أن الملك من خزان جهنم يضربه على رأسه بمقمعة من حديد، فينقب عن دماغه، فيجرى دماغه على جسده، ثم يصب الملك فى النقب ماء حميماً قد انتهى حره، فيقع فى بطنه. ثم يقول له الملك: ﴿ ذُقْ ﴾ العذاب أيها المتعزز المتكرم، يوبخه ويصغره بذلك، فيقول: ﴿ إِنَّكَ ﴾ زعمت فى الدنيا.
﴿ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ﴾، يعنى المنيع.
﴿ ٱلْكَرِيمُ ﴾ [آية: ٤٩] يعنى المتكرم. قال: فكان أبو جهل يقول فى الدنيا: أنا أعز قريش وأكرمها، فلما ذاق شدة العذاب فى الآخرة، قال له الملك: ﴿ إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ﴾ [آية: ٥٠]، يعنى تشكون فى الدنيا أنه غير كائن، فهذا مستقر الكفار.
﴿ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ [آية: ٥٣] فى الزيارة.﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ ﴾، يعنى بيض الوجوه.
﴿ عِينٍ ﴾ [آية: ٥٤]، يعنى حسان العيون. ثم أخبر عنهم، فقال: ﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ ﴾ من ألوان الفاكهة.
﴿ آمِنِينَ ﴾ [آية: ٥٥] من الموت.﴿ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ ﴾ أبداً ﴿ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ ﴾ التى كانت فى الدنيا.
﴿ وَوَقَاهُمْ ﴾، يعنى الرب تعالى.
﴿ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ ﴾ [آية: ٥٦].
ذلك الذى ذكر فى الجنة كان ﴿ فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴾ [آية: ٥٧]، يعنى الكبير، يعنى النجاة العظيمة. قوله: ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ﴾، يعنى القرآن، يقول: هوناه على لسانك.
﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾، يقول: لكى ﴿ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [آية: ٥٨]، فيؤمنوا بالقرآن، فلم يؤمنوا به. يقول الله تعالى: ﴿ فَٱرْتَقِبْ ﴾، يقول: انتظر بهم العذاب.
﴿ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ ﴾ [آية: ٥٩]، يعنى منتظرون بهم العذاب.