ﰡ
﴿ الحمد لله ﴾ الحمد هو الثناء على الفعل الحسن الصادر عن اختيار وإرادة، كالتصدق والإنجاد، فلا يقال أحمدك على طول قامتك بل أمدحك. ﴿ الظلمات ﴾ جمع ظلمة وهي الظلام. ﴿ يعدلون ﴾ أي يسوون. يقال عدل فلانا بفلان يعدله به، أي ساواه.
تفسير المعاني :
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وأنشأ الظلمات والنور يتعاقبان في الوجود لفائدة هذه العوالم التي لا تدخل تحت حصر من وجوه لا يحيط بها وهم، ثم الذين كفروا يساوون بربهم أصناما نحتوها بأيديهم، أو أوهاما ولدوها بخيالهم.
﴿ ثم قضى أجلا ﴾ هو أجل الموت. ﴿ وأجل مسمى عنده ﴾ أجل القيامة. وقيل الأول ما بين الخلق والموت. والثاني ما بين الموت والبعث. وقيل الأول النوم والثاني الموت. ﴿ تمترون ﴾ تشكون. يقال امترى في الأمر يمتري امتراء شك فيه، والمرية الشك.
تفسير المعاني :
الله الذي خلقكم من طين ثم قرر لوجودكم أجلا بعده تموتون، ثم جعل لكم أجلا آخر بعده تبعثون، ثم أنتم تشكون في ذلك البعث ولا تتدبرون.
﴿ وجهرك ﴾ أي وعلنكم يقال جهر بقراءته يجهر بها جهرا أي أعلنها.
تفسير المعاني :
وهو الله المستحق للعبادة وحده في السموات والأرض يعلم سركم وعلنكم ويعلم ما تعملون من خير أو شر.
وما تجيئهم من عند الله معجزة أو حجة، وقيل آية من القرآن، إلا كانوا عنها معرضين.
فقد كذبوا بالحق " المراد به القرآن " لما جاءهم فسوف يظهر لهم خبر ما كانوا به يستهزئون.
﴿ قرن ﴾ القرن يقدر بسبعين سنة وقيل هو ثمانون. وقيل القرن أهل عصر فيه نبي أو فائق في العلم قلت المدة أو كثرت. ﴿ مكناهم في الأرض ﴾ أي جعلنا لهم فيها مكانا. ﴿ وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ﴾ أي وأرسلنا المطر والسحاب عليهم كثير الدر بالمطر. يقال درت السحب تدر وتدر، أي سالت بالمطر. ﴿ قرنا آخرين ﴾ أي أهل عصر آخرين.
تفسير المعاني :
ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من أهل زمان منحناهم من القوى والآلات للتمكن في الأرض ما لم نمنح هؤلاء. وأرسلنا عليهم الغيوث تدر عليهم درا، وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وجددنا من بعدهم ناسا آخرين.
﴿ في قرطاس ﴾ القرطاس الصحيفة التي يكتب فيها. ويقال لها قرطاس وقرطاس أيضا. ﴿ إن هذا ﴾ أي ما هذا.
تفسير المعاني :
ولقد بالغ هؤلاء في التشكك حتى إننا لو نزلنا معليك كتابا مكتوبا على ورق فلموسه بأيديهم لقال الذين كفروا ما هذا إلا سحر مبين.
﴿ لولا ﴾ أي هلا.
تفسير المعاني :
وقالوا : هلا أنزل الله معه ملكا يخبرنا أنه نبي، ولو أنزل إليهم ملك فشاهدوه لحق إهلاكهم كما جرت به عادة الله ثم لا ينظرون أي لا يمهلون.
﴿ وللبسنا ﴾ أي خلطنا. يقال لبس الأمر يلبسه خلطه، ولبس الثوب يلبسه وضعه على جسمه.
تفسير المعاني :
ولو جعلناه ملكا، أي ولو جعلنا الرسول ملكا لا إنسانا، لاضطررنا لقلبه رجلا ليقوموا على رؤيته ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم في قولهم ما هذا إلا بشر مثلكم.
﴿ فحاق ﴾ أي فنزل بهم وأصابهم. ﴿ سخروا ﴾ أي استهزءوا. يقال سخر منه يسخر سخرا، أي استهزأ.
تفسير المعاني :
ولقد استهزأ الكافرون من كل الأمم بالرجال الذين أرسلوا من قبلك فنزل بالذين سخروا منهم وبال استهزائهم.
﴿ كتب على نفسه الرحمة ﴾ أي التزمها.
تفسير المعاني :
قل لهم : سيروا في الأرض ثم تأملوا كيف كانت آخرة المكذبين بالدين.
﴿ لا ريب فيه ﴾ أي لا شك فيه. يقال رابه الأمر يريبه وأرابه يريبه حدث له منه شك. ﴿ الذين خسروا أنفسهم ﴾ تقديره أنتم الذين خسروا أنفسهم.
تفسير المعاني :
قل لهم : لمن كل ما في السموات والأرض قل : لله، الله الذي ألزم نفسه الرحمة تفضلا وإحسانا، ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا شك فيه ويجازيكم على شرككم، أنتم الذين أضاعوا أنفسهم فهم لا يؤمنون.
﴿ وله ما سكن في الليل والنهار ﴾ سكن من السكنى، والمعنى : ما اشتمل عليه الليل والنهار. وقيل سكن هنا من السكون، والمعنى : وله ما سكن في الليل والنهار وما تحرك، فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر.
تفسير المعاني :
وله ما هدأ في الليل والنهار وما تحرك وهو السميع العليم.
﴿ وليا ﴾ أي ناصرا ومعينا. ﴿ فاطر ﴾ أي خالق. يقال فطر الله الإنسان يفطره فطرة أي خلقه.
تفسير المعاني :
قل : أغير الله أتخذ مولى خالق السموات والأرض وهو يرزق ولا يرزق. قل : إني أمرت أن أكون أول المسلمين، وقيل لي : ولا تكونن من المشركين.
قل لهم : إني أخاف –إن عصيت ربي – عذاب يوم عظيم.
﴿ من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ﴾ من يصرف عنه العذاب في ذلك اليوم فقد رحمه الله.
تفسير المعاني :
من يصرف عنه ذلك العذاب ذلك اليوم فقد رحمه الله وذلك هو الفوز المبين.
﴿ بضر ﴾ أي ببلية كمرض أو فقر.
تفسير المعاني :
وإن يمسك ببلية كمرض أو فقر فلا قادر على كشفها عنك إلا هو، وإن يمسك بنعمة كصحة أو غنى فهو قادر على كل شيء ولا راد لفضله.
وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم في تدبيره الخبير بمواضع نعمه ونقمه.
﴿ لأنذركم به ﴾ الإنذار إخبار فيه تخويف بخلاف التبشير فإنه إخبار فيه سرور. ﴿ ومن بلغ ﴾ معطوف على ضمير المخاطبين، أي لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه من الأسود والأحمر.
﴿ أئنكم لتشهدون ﴾ الهمزة للإنكار أي إنكم لتشهدون.
تفسير المعاني :
قوله تعالى : قل : أي شيء أكبر شهادة، نزلت حين قالت قريش : يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة، فأرنا من يشهد لك بأنك رسول الله. فقال الله له : قل لهم : أي شيء أعظم شهادة ؟ قل : الله أعظم شهادة، وهو شهيد بيني وبينكم، وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به وأنذر من بلغه من العالمين.
﴿ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ﴾ أي يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفسير المعاني :
ثم قال : الذين آتيناهم الكتاب يعرفون النبي كما يعرفون أبناءهم لأنه مكتوب عندهم. أولئك الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون.
﴿ افترى ﴾ أي اختلق، وأصله الفرى وهو قطع الجلد لخرزه وإصلاحه، والإفراء لإفساده، والافتراء يستعمل فيهما وأكثر استعماله في الإفساد، وقد استعمل في القرآن الكريم بمعنى الكذب والشرك والظلم.
تفسير المعاني :
ومن أظلم ممن اختلق على الله الكذب أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون، فكيف أرجو أن أفلح إن كنت كاذبا ؟
﴿ نحشرهم ﴾ الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم إلى الحرب، والمراد هنا نجمعهم.
تفسير المعاني :
ويوم نجمعهم جميعا ثم نقول للمشركين : أين الذين كنتم تزعمونهم شركاء لله ؟
﴿ فتنتهم ﴾ أي ضلالتهم أو كفرهم وقيل معذرتهم وقيل جوابهم، وإنما سماه فتنة لأنه كذب.
تفسير المعاني :
فما كان عذرهم إلا أن أقسموا بأنهم ما كانوا مشركين.
﴿ وضل عنهم ما كانوا يفترون ﴾ أي وتاه عنهم ما كانوا يختلقونه من وجود شركاء ينصرونهم يوم القيامة.
تفسير المعاني :
انظر كيف كذبوا على أنفسهم وتاه عنهم ما كانوا يفترون.
﴿ أكنة ﴾ أي أغطية جمع كنان وهو الغطاء الذي يكن فيه الشيء. ﴿ أن يفقهوه ﴾ أي كراهة أن يفقهوه. ﴿ وقرا ﴾ أي ثقلا. يقال وقرت أذنه تقر وقرا، ثقلت أو صمت ومثله وقرت أذنه. ﴿ أساطير ﴾ أي خرافات، وهو جمع أسطورة أو إسطارة أو إسطار، أي الأباطيل.
تفسير المعاني :
ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أغطية كراهة أن يفهموه وفي آذانهم ثقلا، وإن يروا كل معجزة لا يؤمنوا بها، وإذا جاءوك جادلوك قائلين : ما هذا إلا خرافات الأولين.
﴿ وينأون عنه ﴾ أي ويبعدون عنه. يقال نأي عنه ينأى نأيا أي بعد عنه. ﴿ إن يهلكون ﴾ أي وما يهلكون.
تفسير المعاني :
وتراهم ينهون الناس عن الاقتراب من الرسول، ويبعدون هم عنه كذلك، وما يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون.
﴿ يا ليتنا نرد ﴾ أي نرد إلى الدنيا.
تفسير المعاني :
ولو تراهم حين يوقفون على النار ويقولون يا ليتنا نرجع إلى الدنيا ولا نكذب بآيات الله ونكون مؤمنين.
﴿ بل بدا لهم ما كانوا يخفون ﴾ أي ما كانوا يخفون من نفاقهم وقبح أعمالهم.
تفسير المعاني :
فظهر لهم ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم فتمنوا لو عادوا وآمنوا ضجرا مما هم فيه لا عزما، ولو رجعوا إلى الدنيا لعادوا إلى ما نهوا عنه لعدم استعدادهم لقبول الإيمان.
﴿ إن هي ﴾ أي ما هي.
تفسير المعاني :
وقال الكافرون : ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين للحساب يوم القيامة.
﴿ بلى ﴾ تستعمل ردا للنفي نحو : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، بلى من كسب سيئة إلخ، أو جوابا لاستفهام مقترن بنفي نحو : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى.
تفسير المعاني :
ولو تراهم إذ وقفوا على حكم ربهم وعرفوه حق التعريف، وسألهم سائل : أليس هذا بالحق ؟ قالوا : بلى وحق ربنا. قال : فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون.
﴿ الساعة ﴾ أي القيامة. ﴿ بغتة ﴾ أي فجأة. يقال بغته يبغته بغتا أي فجئه يفجأه. ومثله باغته. ﴿ يا حسرتنا ﴾ أي يا حسرتنا تعالى فهذا وقتك. ﴿ فرطنا ﴾ قصرنا. ﴿ أوزارهم ﴾ ذنوبهم جمع وزر. يقال وزر الرجل يزر، ووزر، أثم وأذنب. ووزره يزره أيضا حمله. ﴿ ساء ما يزرون ﴾ أي ساء ما يحملون.
تفسير المعاني :
قد خسر الذين كذبوا بلقاء ربهم لمحاسبتهم حتى إذا قامت القيامة فجأة، قالوا يا حسرتنا على تفريطنا في الحياة الدنيا وهم يحملون ذنوبهم على ظهورهم ألا قبح ما يحملون.
وما الحياة الدنيا لو نظر إليها بعين الجد إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يخافون الله لدوامها وجلالتها أفلا تعقلون ؟
﴿ ليحزنك ﴾ ليكدرك. يقال حزنه يحزنه حزنا كدره، وحزن يحزن تكدر.
تفسير المعاني :
قد نعلم إنه ليكدرك الذي يقولون، فإنهم لا يكذبون في الحقيقة ولكنهم بآيات الله يجحدون. وقد قالها أبو جهل : " ما نكذبك وإنك عندنا لصادق وإنما نكذب ما جئتنا به ".
وقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على التكذيب والأذى حتى جاءهم نصرنا ولا مبدل لوعد الله في قوله. ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون، ولقد جاءك من قصص المرسلين ما فيه تثبيت لك.
﴿ كبر عليك ﴾ أي شق عليك. ﴿ أن تبتغي ﴾ أي أن تطلب. ﴿ نفقا ﴾ الطريق النافذ، والسرب في الأرض النافذ فيها.
تفسير المعاني :
وإن كان شق عليك يا محمد إعراضهم عنك وعن الدين، ولم تتأس بأولى العزم من الرسل في الصبر، فإن استطعت أن تتطلب سربا إلى جوف الأرض أو سلما تصعد به إلى السماء لتأتيهم بآية، فافعل. ولو شاء ربك هدايتهم لهداهم فلا تكن من الجاهلين.
إنما يجيب دعوتك الذين يسمعون ويفهمون، وهؤلاء كالموتى والموتى يحييهم الله ثم إليه يرجعون.
﴿ لولا ﴾ هلا. ﴿ آية ﴾ أي معجزة.
تفسير المعاني :
وقالوا : هلا أنزلت عليه معجزة من ربه. ﴿ قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾ أن لله حكمة في عدم إجابتهم إلى طلبتهم.
﴿ دابة ﴾ الدابة ما دبّ من الحيوان وغلب على ما يركب ويحمل عليه، ويقع على المذكر، والهاء فيه للوحدة. يقال دب يدب دبا ودبيبا مشى على هينته كالطفل والنملة، والمراد في الآية العالم الحيواني الماشي على الأرض. ﴿ يحشرون ﴾ الحشر إخراج الناس وجمعهم للحرب. والمراد هنا جمعهم يوم البعث.
تفسير المعاني :
وما من دابة تدب على الأرض ولا طائر يطير في الهواء إلا أمم أمثالكم، ما تركنا من الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون.
﴿ صم ﴾ أي طرش. يقال صم يصم صمما أي طرش. ﴿ وبكم ﴾ جمع أبكم، وهو من لا يستطيع الكلام خلقة، فعله بكم يبكم بكما، ﴿ صراط ﴾ أي طريق جمعه صرط وأصله السراط بالسين.
تفسير المعاني :
والذين كذبوا بآياتنا صم لا يسمعون مثل هذه الآيات وبكم لا ينطقون بالحق، من يرد الله إضلاله يضلله، ومن يشأ هدايته يجعله على صراط مستقيم.
﴿ قل أرأيتكم ﴾ استفهام وتعجب.
تفسير المعاني :
قل : أرأيتم إن حل بكم عذاب الله أو دهمتكم القيامة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين في أن الأصنام آلهة ؟
بل لا تدعون غيره فيكشف عنكم ما تدعون إليه إن أراد وتنسون ما تشركونهم مع الله.
﴿ بالبأساء والضراء ﴾ البأساء الشدة والفقر. والضراء الضر والآفات.
﴿ يتضرعون ﴾ أي يتذللون، ثلاثيه ضرع إليه ضراعة أي تذلل وابتهل.
تفسير المعاني :
ولقد أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك فعالجناهم بالشدائد والآفات رجاء أن يذلوا لمولاهم.
﴿ فلولا ﴾ أي فهلا.
تفسير المعاني :
فهلا حين جاءهم بأسنا تذللوا لله ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان أعمالهم.
﴿ فلما نسوا ما ذكروا به ﴾ أي ما ذكروا به من البأساء والضراء. ﴿ بغتة ﴾ أي فجأة. يقال بغته يبغته بغتا وبغتة أي فجئه يفجؤه. ﴿ مبلسون ﴾ أي متحيرون آيسون. يقال أبلس يبلس إبلاسا، أي تحير ويئس.
تفسير المعاني :
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل المطالب الدنيوية حتى إذا فرحوا بما أعطوا أخذناهم فجأة فإذا هم متحيرون يائسون.
﴿ فقطع دابر القوم ﴾ الدابر يقال للمتأخر والتابع. ومعنى فقطع دابر القوم أي قطع آخرهم بحيث لم يبق منهم أحد.
تفسير المعاني :
فاستؤصل القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
﴿ وختم على قلوبكم ﴾ أي وغطى على قلوبكم. يقال ختم على الباب يختم ختما أقفله. ﴿ نصرف الآيات ﴾ الصرف رد الشيء من حالة إلى حالة، أو إبداله بغيره. ومعنى نصرف الآيات هنا أي نكررها على وجوه شتى.
تفسير المعاني :
قل : أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وأقفل قلوبكم، من إله غير الله يأتيكم به ؟ انظر كيف نكرر الآيات نعلى وجوه شتى، ثم هم يعرضون عنها.
﴿ جهرة ﴾ أي علنا. يقال جهر بصلاته يجهر جهرا أعلنها.
تفسير المعاني :
قل لهم : أرأيتم لو أتاكم عذاب الله فجأة بلا مقدمات أو جهرة تتقدمه أمارات، هل يهلك غير الظالمين ؟
﴿ مبشرين ومنذرين ﴾ التبشير الإخبار بأمر فيه سرور، والإنذار الإخبار بأمر فيه تخويف. ﴿ وأصلح ﴾ أي وأصلح ما يجب إصلاحه.
تفسير المعاني :
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين للمؤمنين بالنجاة، ومنذرين للكافرين بالهلاك، فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
﴿ يفسقون ﴾ أي يخرجون عن أوامر الدين. يقال فسق يفسق أي خرج عن الشرع.
تفسير المعاني :
والذين كذبوا بآياتنا ينالهم العذاب بسبب خروجهم عن الطاعة.
﴿ إن أتبع ﴾ أي ما أتبع.
تفسير المعاني :
قل لهم : أنا لا أزعم بأني متصرف في خزائن رزق الله، ولا أنى أعلم الغيب، ولا أني ملك. فأنا لا أتبع إلا ما يوحى إلي، فهل يستوي الأعمى والمبصر، أفلا تتفكرون فتميزوا بين مدعي الحق ومدعي الباطل ؟
﴿ أن يحشروا ﴾ أي أن يجمعوا. والحشر هو إخراج الناس وجمعهم إلى القتال، والمراد به هنا جمعهم يوم القيامة للحساب. ﴿ ولي ﴾أي معين ونصير.
تفسير المعاني :
وأنذر به الذين يعتقدون بأنهم سيحشرون إلى ربهم، وقل لهم إنه ليس لهم من دون الله من نصير ولا شفيع لعلهم يحذرون.
﴿ بالغداة والعشي ﴾ الغداة والغدوة أول النهار، والعشي جمع عشية وهي آخر النهار.
تفسير المعاني :
ولا تطرد الفقراء الذين معك يدعون ربهم على الدوام، إجابة لكبار قريش إذ قالوا لك : أقمهم عنا متى جئناك. أنفة من الجلوس معهم، ليس عليك حساب إيمانهم ولا عليهم حساب إيمانك فتطردهم فتكون من الظالمين.
﴿ فتنا ﴾ أي ابتلينا. يقال فتنه يفتنه فتنة أي ابتلاه، وأضله، وأحرقه، واختبره.
تفسير المعاني :
ومثل ذلك الفتن، وهو اختلاف أحوال الناس في الدنيا، ابتلينا بعضهم ببعض في أمر الدين فقدمنا هؤلاء الضعفاء على أشراف قريش بالسبق إلى الإيمان ليقولوا أهؤلاء أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق دوننا ونحن الأكابر والقادة، وهم المساكين والضعفاء ؟ أليس الله بأعلم منكم بالشاكرين فيوفقهم ويتفضل عليهم ؟
وإذا جاءك المؤمنون فقل : سلام عليكم، وبشرهم بسعة رحمة الله، إنه من عمل منكم سوءا جاهلا بحقيقة ما يتبعه من المضار، ثم تاب من بعد العمل وتدارك الضرر، فإن الله غفور رحيم.
﴿ ولتستبين ﴾ أي ولتبين.
تفسير المعاني :
مثل ذلك التفصيل الواضح نفصل آيات القرآن ولتبين طريق المجرمين.
﴿ أهواءكم ﴾ الهوى ميل النفس إلى الشهوة جمعه أهواء.
تفسير المعاني :
قل : إني نهيت أن أعبد الذين تدعونهم ممن دون الله. قل لا أتبع ضلالاتكم، قد ضللت إذن مثلكم وما أنا من المهتدين.
﴿ على بينة ﴾ البينة الدلالة الواضحة التي تفصل الحق من الباطل. ﴿ يقص الحق ﴾ أي يحكى الحق، من قص الخبر يقصه قصا حكاه. وقيل يقص الحق من قص الأثر أي تتبعه. ﴿ وهو خير الفاصلين ﴾ أي خير القاضين. يقال فصل في القضية بفصل فصلا أي قضى فيها.
تفسير المعاني :
قل : إني على دلالة واضحة من ربى وكذبتم به حيث أشركتم به غيره، ما عندي ما تستعجلون به من العذاب، ما الحكم إلا لله في تعجيله أو تأجيله يتتبع الحق في حكمه وهو خير الحاكمين.
قل : إني على دلالة واضحة من ربى وكذبتم به حيث أشركتم به غيره، ما عندي ما تستعجلون به من العذاب، ما الحكم إلا لله في تعجيله أو تأجيله يتتبع الحق في حكمه وهو خير الحاكمين.
﴿ مفاتح ﴾ أي مخازن جمع مفتح أي مخزن. أو ما يتوصل به إلى المغيبات، مستعار من المفاتح الذي هو جمع مفتح بالكسر وهو المفتاح. ﴿ في كتاب مبين ﴾ الكتاب المبين هو علم الله.
تفسير المعاني :
وعند الله خزائن الغيب لا يحيط بها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر من الحيوانات جملة وتفضلا، وما تسقط من ورقة جافة من شجرة ولا حبة صغيرة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا يعلمها بكل تفاصيلها.
﴿ يتوفاكم بالليل ﴾ أي ينيمكم فيه، استعير التوفي من الموت للنوم لما بينهما من المشاركة في زوال الإحساس بتمامه. ﴿ ويعلم ما جرحتم بالنهار ﴾ أي ما كسبتم بالنهار، والجوارح هي الأعضاء الكاسبة. ﴿ ثم يبعثكم فيه ﴾ أي يوقظكم في النهار. ﴿ ليقضى أجل مسمى ﴾ ليبلغ المتيقظ آخر أجله المسمى له في الدنيا. ﴿ ينبئكم ﴾ يخبركم.
تفسير المعاني :
وقد ذكر أنه تعالى يميت الناس ليلا ثم يبعثهم نهارا. نقول : ويعلم ما كسبوا في يقظتهم.
﴿ حفظة ﴾ جمع حافظ، وهم الملائكة الذين يحفظون الأعمال وهم الكرام الكاتبون. ﴿ توفته رسلنا ﴾ أي ملك الموت وأعوانه.
تفسير المعاني :
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم ملائكته يحفظونكم من العوادي. حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته الملائكة وهم لا يقصرون.
﴿ ثم ردوا إلى الله ﴾ أي ردوا إلى حكمه وجزائه.
تفسير المعاني :
ثم رجعوا إلى مولاهم أي إلى حكمه وجزائه وهو أسرع الحاسبين.
﴿ تضرعا وخفية ﴾ أي معلنين ومسرين. والتضرع إظهار الضراعة وهي الضعف والذلة. يقال ضرع يضرع.
تفسير المعاني :
قل : من ينجيكم من شدائد البر والبحر إذ تدعون الله تضرعا وخفية قائلين : لئن أنجيتنا من هذه الشدائد لنكونن من الشاكرين.
قل : الله ينجيكم منها ومن كل كرب سواها، ثم يعودون إلى الشر.
﴿ عذابا من فوقكم ﴾ أي من السماء. ﴿ أو من تحت أرجلكم ﴾ أي من الأرض. ﴿ أو يلبسكم شيعا ﴾ أي أو يخلطكم فرقا متنابذين. يقال لبسه يلبسه لبسا خلطه. وشيعا جمع شيعة وهي الفرقة أو الحزب.
تفسير المعاني :
قل : هو القادر أن يرسل عليكم عذابا ينصب عليكم من فوق رءوسكم أو يأخذكم من تحت أرجلكم أو يفرقكم أحزابا متنابذة ويوقع بينكم الشقاق فيذوق بعضكم بأس بعض، انظر كيف ننوع الآيات لعلهم يفهمون.
وكذب قومك بالقرآن، وهو الحق، فقل لهم : لست عليكم بحفيظ وكل إلي أمركم.
﴿ لكل نبأ مستقر ﴾ أي لكل خبر استقرار ووقوع.
تفسير المعاني :
لكل خبر وقت وقوع، وسوف تعلمون حقيقة ذلك.
﴿ يخوضون في آياتنا ﴾ بالتكذيب والاستهزاء.
﴿ وإما ينسينك الشيطان ﴾ أي وإن ينسينك الشيطان، وما زائدة. ﴿ بعد الذكرى ﴾ أي بعد التذكر.
تفسير المعاني :
وإذا رأيت الذين يتناولون آياتنا بالطعن أو الاستهزاء فتول عنهم حتى يأخذوا في حديث غيره، فإن أنساك الشيطان ذلك فلا تقعد بعد أن تتذكر هذا الأمر مع القوم الظالمين.
وما على المتقين من حساب هؤلاء الخائضين في آيات الله من شيء، ولكن عليهم أن يذكروهم ذكرى لعلهم يتقون.
﴿ وذر ﴾ أي ودع، وهذا الفعل لا يستعمل إلا في الأمر والمضارع. ﴿ أن تبسل نفس بما كسبت ﴾ أي مخافة أن تسلم إلى الهلاك وترهن بسوء عملها، وأصل الإبسال والبسل المنع. والباسل الشجاع لامتناعه من قرنه. ﴿ ولي ﴾ أي ناصر. ﴿ وإن تعدل كل عدل ﴾ أي وإن تفد كل فداء. والعدل الفدية لأنها تعادل المفدي. ﴿ أبسلوا ﴾ أسلموا إلى الهلاك. ﴿ حميم ﴾ الماء المغلى.
تفسير المعاني :
ودعك من الذين جعلوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا. وذكرهم بالقرآن مخافة أن تسلم نفس إلى الهلاك بذنوبها ليس لها من دون الله ولي لا شفيع. وإن تفد كل فداء لا يؤخذ منها أولئك الذين أسلموا إلى الهلاك بما كسبوا من الذنوب، شرابهم من ماء مغلى ولهم عذاب أليم بسبب كفرهم.
﴿ ونرد على أعقابنا ﴾ أي ونرجع على أدبارنا. الأعقاب جمع عقب أي مؤخر الرجل. وارتد على عقبه معناه رجع القهقري. ﴿ استهوته الشياطين ﴾ أي ذهبت به مردة الجن إلى القفار. والاستهواء استفعال من هوى يهوي هويا أي ذهب.
تفسير المعاني :
قل : أندعو أو نعبد أصناما لا تنفعن ولا تضرنا ونرتكس على أدبارنا بعد أن هدانا الله فنكون كالذي استطارته الشياطين فقذفته إلى الأرض حيران، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى يقولون له : ائتنا ؟ قل : إن الإسلام هو الهدى وحده، وما عداه ضلال.
﴿ تحشرون ﴾ أي تجمعون، وأصل الحشر جمع الناس وحشدهم إلى الحرب.
تفسير المعاني :
وأمرنا أن نسلم لرب العالمين، وأن نقيم الصلاة ونتقيه، وهو الذي إليه تحشرون.
﴿ يوم ينفخ في الصور ﴾ أي يوم ينفخ في البوق ليقوم الناس إلى الحشر. قيل هو بوق حقيقي ينفخ فيه إسرافيل. وقال بعض المفسرين : الصور جمع صورة، والمعنى يوم ينفخ الله في صور الموتى فيعيد إليهم الحياة. ﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ أي عالم ما وراء الطبيعة وعالم الطبيعة.
تفسير المعاني :
وهو الذي خلق الوجود بالحق، وقوله حق يوم يقول للشيء : كن. فيكون، وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير.
واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم لأبيه آزر : يا أبت أتتخذ الأصنام آلهة إني أراك وقومك بعيدين عن الحق.
﴿ ملكوت السموات والأرض ﴾ أي ربوبيتها وملكها، وقيل عجائبها وبدائعها، والملكوت أعظم الملك والتاء فيه للمبالغة. ﴿ من الموقنين ﴾ أي من أصحاب اليقين.
تفسير المعاني :
وكذلك نرى إبراهيم، أي ومثل هذا التبصير نبصر إبراهيم ملكوت السموات والأرض، أي عجائبهما وبدائعهما وأسرار الربوبية فيهما ليستدل على وجود بارئهما ويكون من أصحاب اليقين.
﴿ فلما جن عليه الليل ﴾ أي فلما ستره الليل بظلامه. أصل الجن ستر الشيء عن الحاسة، جنه الليل وأجنه الليل وجن عليه الليل : ستره. ﴿ أفل ﴾ أي غاب.
تفسير المعاني :
فلما ستره الليل بظلامه رأى كوكبا، وكان قومه يعبدون الكواكب والأصنام، فأراد أن يرشدهم إلى الله من طريق النظر والاستدلال، فقال : هذا ربي، فلما غرب قال : لا أحب الغاربين فضلا عن عبادتها، فلما بزغ القمر قال : هذا ربى، فلما غاب قال : لئن لم يهدني ربي إليه لأكونن من الضالين.
﴿ بازغا ﴾ أي مبتدئا في الطلوع. يقال بزغ القمر يبزغ بزوغا.
تفسير المعاني :
تفسير المعاني :
فلما ستره الليل بظلامه رأى كوكبا، وكان قومه يعبدون الكواكب والأصنام، فأراد أن يرشدهم إلى الله من طريق النظر والاستدلال، فقال : هذا ربي، فلما غرب قال : لا أحب الغاربين فضلا عن عبادتها، فلما بزغ القمر قال : هذا ربى، فلما غاب قال : لئن لم يهدني ربي إليه لأكونن من الضالين.
فلما رأى الشمس طالعة قال : هذا ربي، هذا أكبر، فلما غربت قال : يا قوم إني بريء مما تشركون.
﴿ فطر ﴾ أي خلق. ﴿ حنيفا ﴾ أي مائلا عن العقائد الزائفة.
تفسير المعاني :
إني وجهت وجهي للذي خلق السموات والأرض وأنا مائل عن العقائد الباطلة وما أنا من المشركين.
﴿ وحاجه قومه ﴾ أي وجادلوه.
تفسير المعاني :
وجادله قومه وخاصموه في التوحيد، فقال لهم : أتحاجونني يا قومي في وحدانية الله وقد هداني إليه ؟ فأنا لا أخاف ما تشركون به من الأصنام إلا أن يصيبني الله بمكروه من قبلها. أحاط ربي بكل شيء علما أفلا تتذكرون ؟
﴿ سلطانا ﴾ أي حجة ودليلا ناهضا.
تفسير المعاني :
وكيف أخاف ما أشركتم مع الله وهم لا يضرون ولا ينفعون ولا تخافون أنتم ما ارتكبتموه من الجريمة الشنعاء، وهي أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم حجة ناهضة ؟ فأي الطائفتين منا أحق بأن تكون آمنة مطمئنة إن كنتم تعلمون ما يحق أن يخاف منه ؟
﴿ ولم يلبسوا إيمانهم ﴾ أي ولم يخلطوه. يقال لبس الأمر يلبسه لبسا خلطه. ولبس الثوب يلبسه لبسا اكتسى به.
تفسير المعاني :
الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بظلم أي بشرك أولئك لهم الأمن الصحيح وهم مهتدون.
﴿ حجتنا ﴾ أي دليلنا.
تفسير المعاني :
وإن ما قاله إبراهيم لقومه فتلك حجتنا منحناها إياه على قومه المشركين نرفع من نشاء من عبادنا الصالحين درجات، إن ربك حكيم في رفعه وخفضه عليم بحال من يرفعه أو يخفضه واستعداده له.
ووهبنا لإبراهيم إسحق ويعقوب وقد هدينا كلا منهما، وهدينا نوحا أباه من قبل وهدينا من ذريته ﴿ ذرية إبراهيم ﴾ داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل وإليسع ويونس ولوطا، وكلا منهم فضلناه على العالمين. وكذلك نجزي المحسنين أي ونجزي المحسنين جزاء مثل ما جزينا إبراهيم برفع درجاته، وإكثار أولاده وإيتائهم النبوة.
ووهبنا لإبراهيم إسحق ويعقوب وقد هدينا كلا منهما، وهدينا نوحا أباه من قبل وهدينا من ذريته ﴿ ذرية إبراهيم ﴾ داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل وإليسع ويونس ولوطا، وكلا منهم فضلناه على العالمين. وكذلك نجزي المحسنين أي ونجزي المحسنين جزاء مثل ما جزينا إبراهيم برفع درجاته، وإكثار أولاده وإيتائهم النبوة.
ووهبنا لإبراهيم إسحق ويعقوب وقد هدينا كلا منهما، وهدينا نوحا أباه من قبل وهدينا من ذريته ﴿ ذرية إبراهيم ﴾ داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل وإليسع ويونس ولوطا، وكلا منهم فضلناه على العالمين. وكذلك نجزي المحسنين أي ونجزي المحسنين جزاء مثل ما جزينا إبراهيم برفع درجاته، وإكثار أولاده وإيتائهم النبوة.
﴿ واجتبيناهم ﴾ أي اخترناهم واصطفيناهم. ﴿ صراط ﴾ أي طريق، جمعه صرط وأصله سراط.
تفسير المعاني :
ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم معطوف على " كلا " أو " نوحا "، أي فضلنا كلا منهم أو هدينا هؤلاء وبعض آبائهم وذرياتهم وإخوانهم، واصطفيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم.
﴿ لحبط ﴾ أي لبطل. يقال حبط عمله يحبط حبوطا أي بطل وسقط ثوابه.
تفسير المعاني :
ذلك -إشارة إلى الأنبياء المذكورين في الآية السابقة ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولن أشرك هؤلاء الأنبياء لبطل ما كانوا يعملونه من جليل الأعمال وسقط ثوابه.
﴿ والحكم ﴾ أي الحكمة أو فصل الخطاب. ﴿ فقد وكلنا بها ﴾ أي بمراعاتها.
تفسير المعاني :
أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكمة والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء يعني قريشا فقد وكلنا بمراعاتها قوما ليسوا بها بكافرين.
﴿ اقتده ﴾ أي اقتص طريقهم بالاقتداء. والهاء للوقف.
تفسير المعاني :
فبهداهم اقتد. قل : لا أسألكم على تبليغي إياكم القرآن والدين أجرا، فما هو إلا ذكرى للعالمين.
﴿ وما قدروا الله ﴾ أي وما قدروا الله. يقال قدره يقدره وقدره. ﴿ قراطيس ﴾ جمع قرطاس وهو الورق، ويقال له قرطاس وقرطاس أيضا.
تفسير المعاني :
وما قدروا الله حق تقديره إذ قالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء. فقل لهم : فمن أنزل الكتاب الذي جاء به موسى، أي التوراة، نورا يضيء طريق السالكين، وهدى يرشد الضالين، تكتبونه على أوراق متفرقة تبدون بعضها وتخفون كثيرا منها على ما تمليه عليكم أهواؤكم، وعلمكم الله ما لم تكونوا تعلمون أنتم ولا آباؤكم ؟ قل : الله أنزله ثم دعهم في أباطيلهم فلا عليك لوم بعد التبليغ وإلزام الحجة.
﴿ أم القرى ﴾ هي مكة سميت بذلك لأنها قبلة أهل القرى ومحجهم وأعظم القرى شأنا. وقيل لأنها مكان أول بيت وضع للناس.
تفسير المعاني :
وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق لما تقدمه من الكتب ولتنذر مكة ومن حولها. والمؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم محافظون.
﴿ افترى ﴾ أي اختلق، والفرية الكذبة. ﴿ غمرات ﴾ جمع غمرة، وغمرة الشيء شدته ومزدحمه. وغمرات الموت شدائده وسكراته. ﴿ عذاب الهون ﴾ أي الهوان. يريد العذاب المتضمن لشدة وإهانة، وإضافته إلى الهون لعراقته فيه.
تفسير المعاني :
ومن أظلم ممن اختلق على الله الكذب فزعم أنه بعثه نبيا. وادعى أنه سيأتي للناس بمثل ما أنزل الله من القرآن والكتب السماوية. ولو ترى إذ الظالمون في شدائد الموت وأهواله والملائكة الموكلون بقبض الأرواح باسطوا أيديهم إليهم يقولون : أخرجوا أنفسكم، اليوم تجزون العذاب المهين بما كنتم تقولون على لله غير الحق كالشرك به وكنتم عن التأمل في آياته والإيمان بها تستكبرون. لو ترى كل هذا لرأيت أمرا فظيعا هائلا.
﴿ فرادى ﴾ أي منفردين جمع فرد. ﴿ ما خولناكم ﴾ أي ما أعطيناكم. والتخويل المنح والإعطاء. ﴿ وضل عنكم ﴾ أي ضاع وبطل.
تفسير المعاني :
ولقد جئتمونا للحساب والجزاء منفردين عن الأموال والأولاد والأعوان والأوثان على ما خلقناكم عليه أول مرة، وتركتم كل ما منحناكم وراء ظهوركم، وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم شركاء لله في ربوبيته، لقد تقطعت علاقاتكم وتشتت جمعكم وتاه عنكم ما كنتم تزعمون أنهم شفعاؤكم.
﴿ فالق الحب والنوى ﴾ أي فالقها بالإنبات لأنها عند بروز النبات منها تنفلق. ﴿ تؤفكون ﴾ أي تصرفون. يقال أفكه عن الأمر يأفكه أفكا أي صرفه عنه إلى غيره.
تفسير المعاني :
إن الله فالق الحب والنوى بالنبات والشجر، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ذلكم هو الله المستحق للعبادة فأين تصرفون ؟
﴿ فالق الإصباح ﴾ الإصباح في الأصل مصدر أصبح سمي به الصبح. وفالق الإصباح أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض النهار. ﴿ سكنا ﴾ السكن كل ما يسكن إليه ويؤنس به. والسكن الرحمة. ﴿ حسبانا ﴾ مصدر حسب. كما أن الحسبان مصدر حسب، وقيل حسبان هنا بمعنى حساب كشهاب وشهبان.
تفسير المعاني :
هو الله شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل وجاعل الليل وقتا يسكن إليه والشمس والقمر على أدوار شتى يحسب بها الأوقات.
وخالق النجوم للاهتداء بها في متاهات البر والبحر.
﴿ فمستقر ومستودعْْ ﴾ أي فلكم استقرار في الأصلاب أو فوق الأرض واستيداع في الأرحام أو تحت الأرض. ﴿ يفقهون ﴾ يفهمون.
تفسير المعاني :
ومنشئ الخلق من نفس واحدة لها مستقر في أصلاب الرجال ومستودع في أرحام النساء.
﴿ خضرا ﴾ أ ي شيئا أخضر. يقال هو أخضر وخضر. ﴿ متراكبا ﴾ أي بعضه فوق بعض. ﴿ قنوان ﴾ جمع قنو وقنو وهي الكباسة. والكباسة هي عنقود التمر. جمع القنو قنوان وجمع القنو قنوان. ﴿ دانية ﴾ أي قريبة التناول. ﴿ مشتبها وغير متشابه ﴾ أي بعضه متشابه في الهيئة والطعم، وبعضه غير متشابه. ﴿ إذا أثمر ﴾ أي إذا أخرج ثمره صغيرا. ﴿ وينعه ﴾ أي وانظروا إلى حالته حينما ينضج كيف يصير ضخما. يقال ينع الثمر يينع، ويينع ينعا وينعا وينوعا.
تفسير المعاني :
والله منزل الماء من السماء ليخرج به نبات كل شيء، فأخرج من النبات شيئا أخضر، وأخرج منه حبا متراكبا. وأخرج من طلع النخل قنوانا قريبة من المتناول وجنات من أعناب وزيتون ورمان بعضه يشبه بعضا وبعضه غير متشابه، انظروا إلى ثمره كيف يخرج صغيرا ثم إلى حالة ينعه وإدراكه. إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون.
﴿ وجعلوا لله شركاء الجن ﴾ المراد بالجن هنا الملائكة لأنهم عبدوهم وقالوا : الملائكة بنات الله. وسماهم جنا لأنهم مجتنون أي مستترون. وقيل أراد الله بلفظ الجن الشياطين، فإنهم عبدوا الجن بطاعتهم في تسويلاتهم. ﴿ وخرقوا له ﴾ أي افتروا. يقال خرق يخرق، ويخرق كذب.
تفسير المعاني :
وجعل الكافرون لله شركاء من الجن فعبدوهم وقد علموا أن الله خلقهم دون الجن وافتروا له بنين وبنات بغير علم منهم بحقيقة ما قالوا، تعالى الله عما يصفون.
﴿ بديع السموات والأرض ﴾ من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها. وقيل بديع هنا بمعنى مبدع. ﴿ أنى ﴾ أي من أين أو كيف.
تفسير المعاني :
مبدع السموات والأرض كيف يكون له ولد ولم تكن له زوجة، وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم.
﴿ وكيل ﴾ أي متولي أموركم فكلوه إليه وتوسلوا إليه بعبادته.
تفسير المعاني :
ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل.
﴿ الأبصار ﴾ جمع بصر وهو حاسة النظر.
تفسير المعاني :
لا تدركه الأنظار وهو يدركها وهو اللطيف الخبير.
( بصائر ) جمع البصيرة سميت بها الدلالة لأنها تجلى لها الحق وتبصرها به.
تفسير المعاني :
قد جاءتكم دلالات من ربكم تجلى لكم الحق، فمن أبصر الحق وآمن به فقد أبصر لنفسه، ومن عمى فعليها، وما أنا عليكم بحفيظ أحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها فإن ذلك لله وحده أما أنا فنذير لكم.
( نصرف ) التصريف نقل الشيء من حال إلى حال. ( درست ) أي درست الكتب الإلهية المتقدمة.
تفسير المعاني :
وكذلك نصرف الآيات ليقولوا درست الكتب القديمة، ولنبينه لقوم يعلمون الحقيقة فينتفعون بها.
اتبع ما أوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين فلا تحتفل بأهوائهم ولا تلتفت إلى آرائهم.
( عدوا ) أي عدوانا، والعدو والعدوان التجاوز عن الحق إلى الباطل. يقال عدا يعدو عدوا وعدوانا تجاوز الحد. ( فينبئهم ) أي فيخبرهم.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون لا تسبوا أصنام المشركين فيسبوا الله تجاوزا عن الحق على جهالة منهم به. كذلك زينا لكل أمة عملهم على قدر عقولهم وقابليتها.
( جهد أيمانهم ) جهد مصدر أي أقسموا يجهدون جهد أيمانهم. ويجهد بمعنى اجتهد. ( وما يشعركم ) أي وما يدريكم. يقال أشعره بكذا أي جعله يشعر به.
تفسير المعاني :
وأقسموا لو ظهرت لهم معجزة ليؤمن بها، قل : إن الله يظهر الآيات متى يشاء وما يدريكم أنها إذا ظهرت لهم لا يؤمنون كما فعل أسلافهم ؟
( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ) أي ونقلب أفئدتهم عن الحق فلا يفقهونه وأبصارهم عن المشاهد الواضح فلا يبصرونه. ﴿ طغيانهم ﴾ مصدر طغا يطغو طغوا وطغيانا، أي جاوز الحد. ﴿ يعمهون ﴾ أي يترددون في الضلال، والعمه للبصيرة كالعمى للبصر. قال عمه يعمه عمها أي تردد في الضلال وتحير، فهو عامه جمعه عمه.
تفسير المعاني :
ونقلب قلوبهم وعيونهم فلا يعقلونها ولا يبصرونها فلا يؤمنون بها كما لم يؤمن آباؤهم بالحق أول مرة، وندعم في طغيانهم يترددون.
﴿ وحشرنا ﴾ أي وجمعنا، وأصل الحشر جمع الناس للحرب. ﴿ قبلا ﴾ جمع قبيل أي قبيلة والمعنى جماعات.
تفسير المعاني :
ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وجمعنا لهم كل شيء ما كانوا ليؤمنوا إلا إذا شاء الله، ولكن أكثرهم يجهلون فيظنون أن إيمانهم يتوقف على ظهور معجزة.
﴿ زخرف القول ﴾ مموهه. يقال زخرف القول زينه. ﴿ فذرهم ﴾ أي فدعهم. هذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر.
تفسير المعاني :
كما جعلنا لك عدوا جعلنا لكل نبي سبقك عدوا من الإنس والجن يوسوس بعضهم إلى بعض زخارف من الأباطيل غرورا منهم، ولو شاء الله ما فعلوه ندفعهم وما يفترون.
﴿ ولتصغى ﴾ أي ولتميل. يقال صغى يصغى وصغا يصغو ويصغى صغا صغيا مال. وأصغى إليه استمع. ﴿ وليقترفوا ﴾ أي وليكتسبوا. يقال قرف الذنب واقترفه، اكتسبه.
تفسير المعاني :
وإنه لتميل إلى أباطيلهم قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وترضاه، فليرتكبوا من هذه الدسائس ما هم مرتكبون فإنهم لن يضروك.
﴿ الممترين ﴾ أي الشاكين. يقال امترى يمتري امتراء، أي شك. والمرية الشك.
تفسير المعاني :
أفغير الله أطلب حكما بيني وبينكم وهو الذي أنزل إليكم القرآن مفصلا وأهل الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق، فلا تكونن من الشاكين.
﴿ لا مبدل لكلماته ﴾ أي لا محرف لها. وهذا وعد آخر بأن القرآن لا يستطيع أن يحرفه أحد إلى جانب قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
تفسير المعاني :
وتمت كلمة ربك صدقا في الأخبار والمواعيد وعدلا في الأقضية والأحكام لا مبدل لكلماته.
﴿ إن يتبعون ﴾ أي ما يتبعون. ﴿ يخرصون ﴾ أي يكذبون. يقال خرص يخرص خرصا، كذب وقال بالظن.
تفسير المعاني :
وإن تطع أكثر الناس يضلوك عن سبيل ربك، ما يتبعونه إلا الظنون والأوهام وما هم إلا كاذبون.
إن ربك أعلم بمن يضل عن طريقه وهو أعلم بالمهتدين، ومن التضليل تحريمهم ما أحل الله وتحليلهم ما حرمه فكلوا مما ذكر اسم الله على ذبحه إن كنتم بآياته مؤمنين.
إن ربك أعلم بمن يضل عن طريقه وهو أعلم بالمهتدين، ومن التضليل تحريمهم ما أحل الله وتحليلهم ما حرمه فكلوا مما ذكر اسم الله على ذبحه إن كنتم بآياته مؤمنين.
﴿ بأهوائهم ﴾ أي بميولهم إلى الشهوات جمع هوى.
تفسير المعاني :
وأي غرض لكم في أن تتحرجوا عن أكل ما ذكر اسم الله عليه من الذبائح وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه فإنه هو أيضا يحل لكم للضرورة، وإن كثيرا من الناس ليضلون الجهلاء بميولهم الفاسدة بغير علم إن ربك أعلم بالمهتدين.
﴿ وذروا ﴾ أي ودعوا، هذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر. ﴿ يقترفون ﴾ أي يرتكبون. يقال قرف الإثم يقرفه واقترفه، أي ارتكبه.
تفسير المعاني :
ودعوا ما ظهر من الذنوب وما بطن إن من يرتكبون الآثام سينالون جزاء ما كانوا يرتكبون.
﴿ لفسق ﴾ أي خروج عن أوامر الدين. يقال فسق يفسق فسقا أي خرج عن حدود الشريعة. ﴿ أوليائهم ﴾ أي أنصارهم ومعينيهم.
تفسير المعاني :
ولا تأكلوا من الذبائح ما لم يذكر اسم الله عليه فإنه خروج عن الطاعة، وإن الشياطين ليوسوسون إلى أعوانهم من الكفرة ليجادلوكم بقولهم : كيف تأكلون ما تقتلونه بأيديكم وتتقززون بما يقتله الله فإن أطعتموهم في استحلال ما حرم إنكم إذن لمشركون مثلهم.
أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا من العلم والحكمة يمشى به في الناس كمن هو مغموس في الظلمات ليس بخارج منها ؟ كما زين للمؤمنين إيمانهم زين للكافرين ما كانوا يعملون.
﴿ ليمكروا فيها ﴾ المكر صرف الغير عما يقصد بحيلة، وهو محمود إن تحري به فعلا جميلا، ومذموم إن قصد به فعلا قبيحا.
تفسير المعاني :
وكما جعلنا في مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون، فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
﴿ نؤتي ﴾ أي نعطي. ﴿ أجرموا ﴾ أي ارتكبوا الجرائم. ﴿ صغار ﴾ أي ذل ومثلها صغر. يقال صغر الرجل يصغر صغرا وصغارا وصغارة وصغرانا أي هان وذل. أما صغر يصغر، وصغر يصغر صغارة، وصغرا وصغرا فضد عظم.
تفسير المعاني :
وإذا جاءت الكافرين آية قالوا لن نؤمن حتى ينزل علينا وحي كما نزل على رسل الله. أعلم في أي مكان يضع رسالته، أي أعلم بمن يصلح لها من أهل الكمالات النفسية، فيسندها إليه. سينال الذين أثموا هوان عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون.
﴿ يشرح ﴾ أي يوسع. وانشرح صدره أي اتسع. ﴿ حرجا ﴾ أي شديد الضيق وهو مصدر حرج يحرج وصف به وقرئ حرجا. ﴿ يصعد ﴾ أي يتصعد بمعنى يصعد. وقوله ﴿ كأنما يصعد في السماء ﴾ شبهه في ضيق صدره بمن يزاول مالا يقدر عليه، فإن صعود السماء بعيد عن الاستطاعة. ﴿ الرجس ﴾ أي الشيء القذر. يقال رجس يرجس، ورجس يرجس، أي عمل عملا قبيحا. وفسر قوله تعالى ﴿ يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ﴾ أي العذاب.
تفسير المعاني :
فمن يرد الله هدايته يشرح صدره لقبول الإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا يتعاصى عليه الإيمان كمن يريد أن يصعد إلى السماء وهو طلب للمحال.
﴿ دار السلام ﴾ أي دار الله وهي الجنة.
تفسير المعاني :
وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يتذكرون.
لهم الجنة عند ربهم وهو ناصرهم بما كانوا يعملون.
﴿ مثواكم ﴾ أي مأواكم. يقال ثوى بالمكان يثوي ثواء أي أوى إليه. ﴿ إلا ما شاء الله ﴾ أي إلا الأوقات التي ينقلون فيها من النار إلى الزمهرير. وقيل إلا ما شاء الله قبل الدخول كأنه قيل النار مثواكم أبدا إلا ما أمهلكم.
تفسير المعاني :
ويوم نجمعهم جميعا ونقول لهم : يا معشر الجن لقد أكثرتم من مصاحبة الإنس، وقال الذين أطاعوهم من الإنس : ربنا لقد تمتع بعضنا ببعض وقد بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا وهو البعث. قال : النار مأواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله من العفو عنكم إن ربك حكيم عليم.
وكذلك يجعل بعض الظالمين أولياء بعض يمد بعضهم بعضا في الغي جزاء لهم على ما كانوا يكسبون من الآثام.
﴿ يقصون ﴾ أي يحكون. يقال قص الخبر يقصه قصا، أي حكاه. ﴿ وينذرونكم ﴾ الإنذار هو الإخبار مع تخويف، ضد التبشير.
تفسير المعاني :
يا معشر الجن والإنس ألم يجئكم رسل من جنسكم يروون لكم أخبار آياتي ويخوفونكم من لقاء يومكم هذا ؟ قالوا : شهدنا على أنفسنا وغرتهم أباطيل الحياة الدنيا. وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين.
ذلك الإرسال من الله للرسل حكمته أن الله لم يكن ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، بل ينبههم وينذرهم ويبالغ لهم في الموعظة أولا لعلهم يرجعون.
ولكل من المكلفين درجات، أي مراتب مختلفة، مما عملوا، وما ربك بغافل عما يأتونه من الأعمال.
﴿ ويستخلف من بعدكم ما يشاء ﴾ أي ويتخذهم خلفاء.
تفسير المعاني :
وربك الغني عن العالم وعن أعمالهم، ولكنه ذو الرحمة يتعطف عليهم بالتكاليف تهذيبا لأنفسهم وإيقاظا لعوامل طبيعتهم الكامنة لينساقوا إلى الكمال المقدر لهم. وهو إن يشأ يهلككم ويسلبكم خلافته التي في أيديكم ويمنحها من بعدكم للأمة التي يراها أجدر منكم برعايتها، كما سلبها من الذين كانوا من قبلكم وعهد بها إليكم.
إن ما توعدون به من البعث وأهواله الكائن لا محالة، وما أنتم بمعجزي الله إن أراد بكم شرا.
﴿ اعملوا على مكانتكم ﴾ أي اعملوا على غاية تمكنكم واستطاعتكم. يقال مكن فلان يمكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن.
تفسير المعاني :
يا محمد قل لقومك : اعملوا على غاية تمكنكم واستطاعتكم ولا تدخروا جهدا في الكيد، إني عامل على الصبر والثبات على الدين، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون.
﴿ ذرأ ﴾ خلق. يقال ذرأ يذرأ ذرءا أي خلق، ﴿ الحرث ﴾ الزرع. ﴿ والأنعام ﴾ جمع نعم وهو الإبل. ﴿ لشركائهم ﴾ من الجن ومن سدنة الهياكل، أي القائمين على حفظها.
تفسير المعاني :
وجعلوا لله مما خلق نصيبا ولآلهتهم نصيبا، وكانوا إذا رأوا نصيب الله أزكى أخذوه للآلهة حبا فيها، ساء ما يحكمون.
﴿ ليردوهم ﴾ أي ليهلكوهم يقال : أرداهم يرديه أهلكه، ثلاثيه ردي يردي ردي أي هلك فهو رد. ﴿ وليلبسوا ﴾ أي وليخلطوا. يقال لبس عليه الأمر يلبسه لبسا أي خلطه. ﴿ فذرهم ﴾ أي فدعهم، وهذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر.
تفسير المعاني :
وكذلك، أي ومثل هذا التزيين في قسمة القربان، زين الجن ورجال الدين لهم قتل أولادهم ليهلكوهم وليخلطوا عليهم دينهم فدعهم وما يفترون، أي فاتركهم وما يختلقون على الله من الأكاذيب.
﴿ حجر ﴾ والحجر والحجر الحرام. يقال حجر الشيء ويحجره حجرا منعه.
تفسير المعاني :
وقالو : هذه إبل وزروع حرام لا يأكلها إلا من نشاء بزعمهم، وهم خدم الأوثان والرجال دون النساء. وقالوا : هذه أنعام أخرى حرم ركوبها، وهذا قسم ثالث من الأنعام لا يذكرون اسم الله عليه في الذبح بل يذكرون أسماء الأصنام، وهذا كله افتراء على الله سيجزيهم بما كانوا يفترون.
﴿ ميتة ﴾ الميتة من الحيوان ما تركه روحه بغير تذكية. ﴿ سيجزيهم وصفهم ﴾ أي سيجزيهم جزاء وصفهم الكذب على الله في التحريم والتحليل.
تفسير المعاني :
وقالوا : ما في بطون هذه الأنعام، يعنون البحائر والسوائب، حلال للذكور خاصة دون الإناث إن ولد حيا، وأما إن ولد ميتا فالذكور والإناث فيه سواء. والبحائر إبل كانوا يشقون آذانها ويتركونها وشأنها، وذلك إن ولدت خمسة أبطن آخرها ذكر. والسوائب إبل كانوا ينذرون أن يتركوها وشأنها إن شفوا من مرضهم.
ثم ذكر الذين يقتلون بناتهم خوفا عليهم من السبي، أو أنفة من تزويجهن، أو هربا من نفقتهن.
﴿ معروشات ﴾ أي مرفوعات على ما يحملها، أصل العرش شيء مسقف، فيقال عرشت الكرم أعرشه وعرشته إذا جعلت له كهيئة سقف ليوضع عليه. ﴿ مختلفا أكله ﴾ الأكل والأكل الثمر والرزق الواسع. ﴿ وآتوا حقه يوم حصاده ﴾ حقه أي زكاته. والحصاد جمع الثمر. فعله حصد يحصد ويحصد. ﴿ ولا تسرفوا ﴾ ولا تسرفوا في التصدق منه أو الزكاة.
تفسير المعاني :
ثم ذكر ما تفضل به على الناس من مختلف الفواكه وحض على أداء حقها من الزكاة.
﴿ ومن الأنعام حمولة وفرشا ﴾ الأنعام الإبل والحمولة الإبل الحيوانات التي يحمل عليها، وفرشا أي ما يفرش للذبح. وقيل هي صغار الإبل. ومن معانيها صغار الغنم والبقر. ﴿ خطوات ﴾ الخطوات جمع خطوة هي ما بين الخطوتين.
﴿ الضأن ﴾ اسم جنس كالإبل، جمعه ضئين.
تفسير المعاني :
وقد كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى وأولادها كيف كانت تارة، زاعمين أن الله حرمها.
فذكر لهم أربعة أزواج من الأنعام وسألهم : أحرم ذكورها أم إناثها أم ما اشتملت عليه أرحام إناثها ؟ تبكيتا لهم على افترائهم عليه.
﴿ طاعم ﴾ أي آكل. يقال طعم يطعم أي أكل، والطعم والطعام بمعنى واحد. ﴿ ميتة ﴾ الميتة ما تركته الروح من الحيوان من غير تذكية. ﴿ مسفوحا ﴾ أي مصبوبا. يقال سفح دمه يسفحه سفحا أي سفكه ﴿ رجس ﴾ أي قذر. يقال رجل رجس ورجال أرجاس. ﴿ أو فسقا ﴾ معطوف على لحم خنزير، والمراد به ذبيحة لم يذكر اسم الله عليها. ﴿ أهل لغير الله به ﴾ أي ذكر غير الله عند ذبحه. يقال أهل باسم الله أي قال بسم الله. ﴿ غير باغ ﴾ أي غير ظالم. يقال بغا عليه يبغو بغوا أي اعتدى. أما بغي يبغي بغا وبغاء وبغية وبغية فمعناه طلب وأراد. ﴿ ولا عاد ﴾ أي ولا معتد. يقال عدا يعدو عدوا أي اعتدى.
تفسير المعاني :
قل يا محمد : لا أجد فيما أوحي إلي من القرآن طعاما محرما على آكل إلا أن يكون الطعام ميتة أو دما مصبوبا كالكبد والطحال أو لحم خنزير أو ما ذكر اسم غير الله عليه عند ذبحه، فمن اضطر لأكل شيء من هذا غير ظالم ولا معتد قدر الضرورة، فإن الله لا يؤاخذه على ذلك.
﴿ الذين هادوا ﴾ اليهود. هاد يهود هودا أي رجع، سمي اليهود بذلك لأنهم قالوا : هدنا إليك، أي رجعنا تائبين. ﴿ كل ذي ظفر ﴾ أي كل ماله أصبع كالإبل والسباع والطيور، وقيل كل ذي مخلب وحافر. ﴿ شحومهما ﴾ الشحوم الثروب. جمع ثرب وهو شحم رقيق على الأحشاء وشحوم الكلي. ﴿ إلا ما حملت ظهورهما ﴾ أي إلا ما علق بظهورهما من الشحم. ﴿ أو الحوايا ﴾ الحوايا جمع حاوية أو حاوياء أو حوية، وهي الأمعاء. وأصله من حويت الشيء حواية. ﴿ أو ما اختلط بعظم ﴾ أي من الشحوم. ﴿ ببغيهم ﴾ أي بسبب بغيهم.
تفسير المعاني :
وعلى اليهود حرمنا كل ذي ظفر وحرمنا عليهم من البقر والغنم شحومها إلا ما علق بظهورها منه أو الشحم الذي اشتمل على الأمعاء أو الشحم المختلط بالعظم، ذلك التحريم جزيناهم به بسبب ظلمهم وإنا لصادقون في إخبارنا.
فإن كذبوك يا محمد فقل : ربكم واسع الرحمة يمهلكم على التكذيب فلا تغتروا بإمهاله فإن بأسه متى حل لا يستطيع أحد أن يرده عن المجرمين.
﴿ بأسنا ﴾ البؤس والبأس والبأساء الشدة والمكروه، إلا أن البؤس في الفقر والحرب أكثر، والبأس والبأساء في النكاية ﴿ إن تتبعون ﴾ أي ما تتبعون. ﴿ تخرصون ﴾ أي تكذبون. يقال خرص يخرص خرصا كذب.
تفسير المعاني :
سيقول الذين أشركوا : إننا على الحق المرضي عند الله، فلو كان الشرك يكرهه الله لما تركنا نشرك به ولا نحرم ما حرمنا، كذلك كذب على الله من سبقهم من الأمم حتى ذاقوا بأسنا. قل : هل لديكم علم يصح الاحتجاج به على ما زعمتم فتطلعونا عليه ؟ إنكم ما تتبعون إلا الظن وما أنتم إلا كاذبون.
﴿ الحجة البالغة ﴾ أي البينة التي تبلغ غاية القوة.
تفسير المعاني :
أما البينة البالغة أقصى درجات القوة فلله وحده، وهو لو شاء لهداكم أجمعين.
﴿ هلم ﴾ كلمة بمعنى الدعاء إلى الشيء كتعال فتكون لازمة. وتستعمل متعدية كقوله تعالى :﴿ هلم شهداءكم ﴾، أي أحضروهم. وهي عند بعضهم من أسماء الأفعال يستوي فيها المفرد الجمع والتذكير والتأنيث، وعند غيرهم فعل أمر، وغيرهم يستعملها فعلا ويلحقونها الضمائر فيقولون : هلما وهلموا، وعليه أكثر العرب. ﴿ بربهم يعدلون ﴾ أي يجعلون له عديلا أو مساويا.
تفسير المعاني :
قل لهم : هاتوا شهداءكم الذين يشهدون بأن الله حرم ما تحرمون، فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم يساوون بين الله وشركائهم.
﴿ أتل ﴾ أقرأ ﴿ وبالوالدين إحسانا ﴾ أي وأحسنوا بهما إحسانا. ﴿ من إملاق ﴾ أي من فقر. يقال أملق يملق إملاقا أي افتقر. ﴿ الفواحش ﴾ أي كبائر الذنوب، جمع فاحشة. يقال فحش الأمر يفحش فحشا أي قبح أشد القبح. ﴿ وما بطن ﴾ أي وما خفي. يقال بطن الأمر يبطن بطنا خفي.
تفسير المعاني :
قل : هلموا أقرأ عليكم ما حرمه ربكم أن لا تشركوا بالله شيئا وأن تحسنوا للوالدين وأن لا تقتلوا أولادكم من الفقر ولا تقربوا الذنوب الكبائر ما ظهر منها وما خفي، ولا تقتلوا النفس إلا بالحق كما لو قتلت غيرها.
﴿ إلا بالتي هي أحسن ﴾ أي إلا بالطريقة التي هي أحسن. ﴿ حتى يبلغ أشده ﴾ أي حتى يصير بالغا، وأشده وأشده بضم أوله أي قوته، وهو واحد على صيغة الجمع، وقيل هو جمع شدة. ﴿ وسعها ﴾ أي طاقتها.
تفسير المعاني :
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالطريقة التي هي أحسن الطرق كحفظه وتنميته، حتى يبلغ الرشد، وأوفوا الكيل والميزان بالقسط أي بالعدل، وإذا حكمتم فاعدلوا ولو كان الخصم قريبا لكم وبعهد الله أوفوا، فتخلقوا بكل هذه الفضائل قدر إمكانكم لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ذلكم وصاكم به لعلكم تتعظون.
﴿ صراطي ﴾ طريقي جمعه صرط، وأصله السراط بالسين. ﴿ ولا تتبعوا السبل ﴾ أي الأديان والمذاهب المتناقضة. ﴿ فتفرق ﴾ أي فتتفرق.
تفسير المعاني :
وأن هذا طريقي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا المذاهب والأديان المختلفة فتتفرق بكم عن سبيل الله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون الضلال والتفرق عن الحق.
يحذر الكتاب الناس عن اتباع المذاهب المختلفة لأنها قائمة على الظنون والأوهام، لا على الحقائق الساطعة كما هو حال الإسلام. وعلى هذا الأساس قامت عظمة هذا الدين، وبه لا يزال ينتشر بين العالمين.
﴿ تماما على الذي أحسن ﴾ أي تماما للكرامة على الذي أحسن القيام به.
تفسير المعاني :
ثم آتينا موسى التوراة تماما للكرامة على الذي أحسن القيام بها، فيها تفصيل كل شيء في الدين والدنيا وهدي ورحمة لبني إسرائيل لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون.
﴿ مبارك ﴾ أي كثير النفع، من البركة وهي الزيادة والنماء ﴿ أن تقولوا ﴾أي كراهة أن تقولوا.
تفسير المعاني :
وهذا كتاب. أي القرآن، أنزلناه إليك كثير النفع فاتبعوه واتقوا الله لعلكم ترحمون.
﴿ وإن كنا ﴾ اسم إن محذوف وتقديره وإنه كنا. ﴿ عن دراستهم ﴾ أي عن قراءتهم يقال درس الكتاب يدرسه درسا أي أدام قراءته.
تفسير المعاني :
ذلك كراهة أن تقولوا إنما أنزل الوحي على اليهود والنصارى من قبلنا وإننا كنا عن قراءتهم لكتبهم لغافلين.
﴿ بينة ﴾ أي حجة واضحة. ﴿ وصدف عنها ﴾ أي وأعرض عنها. يقال صدف عنه يصدف ويصدف صدفا، أعرض.
تفسير المعاني :
وكراهة أن تقولوا أيضا لو أنزل علينا كتاب لكنا أرشد منهم، فها قد جاءتكم حجة واضحة من ربكم هي هذا القرآن وهدى ورحمة، فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وأعرض عنها، سنجزي الذين يعرضون عنها سوء العذاب بما كانوا يعرضون.
﴿ أو يأتي ربك ﴾ أي يأتي أمر ربك بالعذاب.
تفسير المعاني :
هل ينتظرون إلا أن تأتيهم ملائكة الموت أو يأتي أمر ربك بالعذاب، أو يأتي بعض آيات ربك، يعني أشراط الساعة أي علاماتها، كظهور دخان ودابة الأرض وانخسافات الأرض بالمشرق والمغرب وبلاد العرب والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى ونار تخرج من عدن، فيوم تأتي بعض هذه الآيات لا ينفع الإنسان الذي لم يؤمن من قبل، أو كسب في إيمانه خيرا، إيمانه بعد مجيئها. فقل : انتظروا إنا منتظرون.
﴿ فرقوا دينهم ﴾ أي بددوه وافترقوا فيه. ﴿ وكانوا شيعا ﴾ أي فرقا جمع شيعة. ﴿ لست منهم في شيء ﴾ أي لست في شيء من السؤال عنهم وعن تفرقهم أو عن عقابهم، أو أنت برئ منهم. ﴿ ينبئهم ﴾ أي يخبرهم.
تفسير المعاني :
لست يا محمد في شيء من الذين فرقوا دينهم وأصبحوا فرقا لا تجمعهم جامعة عامة.
﴿ بالحسنة ﴾ أي بالفعلة الحسنة، وهي من الصفات التي تجري مجرى الأسماء كالسيئة وهي الفعلة السيئة.
تفسير المعاني :
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها.
﴿ صراط ﴾ أي طريق جمعه صرط، وأصله السراط بالسين. ﴿ قيما ﴾ فيعل من قام كسيد من ساد، وهو أبلغ من المستقيم باعتبار الوزن، والمستقيم أبلغ منه باعتبار الصيغة. ﴿ ملة إبراهيم حنيفا ﴾ الملة الدين، وحنيفا أي مائلا عن العقائد الزائغة.
تفسير المعاني :
قل : إن الله قد هداني إلى طريق مستقيم دينا قويما ملة إبراهيم المائل عن العقائد الباطلة.
﴿ إن صلاتي ونسكي ﴾ النسك العبادة، والناسك العابد، واختص بأعمال الحج. ﴿ ومحياي ومماتي ﴾ أي وما أنا عليه في حياتي وأموت عليه.
تفسير المعاني :
قل : إن صلاتي ونسكي وحياتي وموتي لله رب العالمين.
لا شريك له، بذلك القول وبالإخلاص له أمرت وأنا أول المسلمين.
﴿ أبغي ﴾ أي أطلب.
تفسير المعاني :
قل يا محمد : أتريدون أن أتخذ ربا غير الله وهو رب كل شيء ؟ ولا تكسب كل نفس من الآثام إلا ارتد عليها، ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، بل كل إنسان مسئول عن نفسه. ثم إلى ربكم مرجعكم فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون.
﴿ خلائف ﴾ أي يخلف بعضكم بعضا أو خلفاء الله في أرضه تتصرفون فيها على أن الخطاب عام للناس، أو خلفاء الأمم السابقة على أن الخطاب للمؤمنين. ﴿ ليبلوكم ﴾ أي ليمتحنكم. ﴿ فيما آتاكم ﴾ من المال والجاه.
تفسير المعاني :
وهو الله الذي جعلكم خلفاء الأرض بعد الأمم التي سبقتكم كاليونانيين والرومانيين، ورفع بعضكم درجات فوق بعض في الغني والجاه ليختبركم فيما أعطاكم من ذلك. إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم.