تفسير سورة النجم

صفوة التفاسير
تفسير سورة سورة النجم من كتاب صفوة التفاسير المعروف بـصفوة التفاسير .
لمؤلفه محمد علي الصابوني .

اللغَة: ﴿هوى﴾ هوى يهوي إذا سقط إلى أسفل ﴿مِرَّةٍ﴾ المِرَّة بكسر الميم القوة قال قطرب: تقول العرب لكل جزل الرأي حصيف العقل: ذو مرَّة ﴿تدلى﴾ التدلي: الامتداد من أعلى إلى أسفل يقال: تدلّى الغصن إِذا امتد نحو الأسفل ﴿قَابَ﴾ قدر قال في البحر: القابُ والقاد والقيد: المقدار ﴿ضيزى﴾ جائرة مائلة عن الحق يقال: ضاز في الحكم أي جار، وضازه حقه أي يخسفه قال الشاعر:
ضازت بنو أسدٍ بحكمهم إِذْ يجعلون الرأس كالذَنب
﴿اللمم﴾ الصغائر من الذنوب قال الزجاج: أصل اللَّمم ما يعمله الإِنسان المرَّة بعد المرة ولا يقيم عليه يقال: مافعلتُه إِلا لمماً ولِماماً ﴿أَجِنَّةٌ﴾ جمع جنين وهو الولد ما دام في البطن سمي جنيناً لاستتاره.
التفسِير: ﴿والنجم إِذَا هوى﴾ أي أقسمُ بالنجم وقت سقوطه من علو قال ابن عباس: أقسم
254
سبحانه بالنجوم إذا انقضَّت في إِثر الشياطين حين استراقها السمع وقال الحسن: المراد في الآية النجوم إِذا انتثرت يوم القيامة كقوله ﴿وَإِذَا الكواكب انتثرت﴾ [الإنفطار: ٢] قال ابن كثير: الخالق يُقسم بِما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي أن يُقسم إِلا بالخالق ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ﴾ أي ما ضلَّ محمدٌ عن طريق الهداية، ولا حاد عن نهج الاستقامة ﴿وَمَا غوى﴾ أي وما اعتقد باطلاً قط بل هو في غاية الهدى والرشد قال أبو السعود: والخطاب لكفار قريش، والتعبير بلفظ ﴿صَاحِبُكُمْ﴾ للإِيذان بوقوفهم على تفاصيل أحواله، فإِن طول صحبتهم له، ومشاهدتهم لمحاسن أوصافه العظيمة مقتضيةٌ ذلك ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى﴾ أي لا يتكلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن هوى نفسي ورأي شخصي ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى﴾ أي لا يتكلم إلا عن وحيٍ من الله عزَّ وجل قال البيضاوي: أي ما القرآن إلا وحيٌ يوحيه الله إليه ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى﴾ أي علَّمه القرآن ملكٌ شديدٌ قواه وهو جبريل الأمين قال المفسرون: ومما يدل على شدة قوته أنه قلع قرى قوم لوط وحملها على جناحه حتى بلغ بها السماء ثم قلبها، وصاح بثمود فأصبحوا خامدين، وكان هبوطه بالوحي على الأنبياء أو صعوده في أسرع من رجعه الطرف ﴿ذُو مِرَّةٍ فاستوى﴾ أي ذو حصافة في العقل، وقوةٍ في الجسم، فاستقرَّ جبريل على صورته الحقيقية ﴿وَهُوَ بالأفق الأعلى﴾ أي وهو بأفق السماء حيث تطلع الشمس جهة المشرق قال ابن عباس: المراد بالأفق الأعلى مطلع الشمس قال الخازن: كان جبريل يأتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في وصورة الآدميين كما كان يأتي الأنبياء قبله، ومرة في السماء، فأما التي في الأرض فبالأفق الأعلى أيجانب المشرق حيث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بحراء فطلع عليه جبريل من ناحية المشرق وفتح جناحيه فسدَّ ما بين المشرق والمغرب، فخرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مغشياً عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمَّه إلى نفسه وجعل يسمح الغبار عن وجهه وهو قوله ﴿ثُمَّ دَنَا فتدلى﴾ وأما التي في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحدٌ من الأنبياء على صورته الملكية التي خُلق عليها إلا نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿ثُمَّ دَنَا فتدلى﴾ أي ثم اقترب جبريل من محمد وزاد في القرب منه ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى﴾ أي فكان منه على مقدار قوسين أو أقل قال الألوسي: والمراد إِفادة شدة القرب فكأنه قيل: فكان قريباً منه ﴿فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى﴾ أي فأوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما أوحى إليه من أوامر الله عَزَّ وَجَلَّ ﴿مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى﴾ أي ما كذب قلب محمد ما رآه ببصره من صورة جبريل الحقيقية قال ابن مسعود: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جبريل في صورته وله ستمائة جناح، كل جناحٍ منهما قد سدَّ الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما اللهُ به عليم ﴿أَفَتُمَارُونَهُ على مَا يرى﴾ ؟ أي أفتجادولنه يا معشر المشركين على ما رأى ليلة الإِسراء والمعراج؟ قال في البحر:
255
كانت قريش حين أخبرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأمره في الإِسراء كذبوا واستخفوا حتى وصف لهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بيت المقدس، والجمهور على أن المرئي مرتين هو جبريل، وعن ابن عباس وعكرمة أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رأى ربه بعيني رأسه، وأنكرت ذلك عائشة وقالت إنه رأى جبريل في صورته مرتين ثم قال أبو حيان: والصحيح أن جميع ما في هذه الآيات هو مع جريل بدليل قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى﴾ فإنه يقتضي مرة متقدمة ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى﴾ أي رأى الرسول جبريل في صورته الملكية مرةً أُخرى ﴿عِندَ سِدْرَةِ المنتهى﴾ أي عند سدرة المنتهى التي هي في السماء السابعة قرب العرش قال المفسرون: والسشدرة شجرة النَّبق تنبع من أصلها الأنهار، وهي عين يمين العرش، وسميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها علم الخلائق وحميع الملائكة، ولا يعلم أحدٌ ما وراءها إلا الله جل وعلا وفي الحديث
«صُعد بي إلى السماء السابعة، ورفعت إليَّ سدرة المنتهى، فإِذا نبقها أي ثمرها مثل قلال هجر، وإِذا أوراقها كآذان الفيلة..» ﴿عِندَهَا جَنَّةُ المأوى﴾ أي عند سدرة المنتهى الجنة التي تأوي إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين ﴿إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى﴾ أي رآه وقت ما يغشى السدرة ما يغشى من العجائب قال الحسن: غشيها نور رب العالمين فاستنارت وقال ابن مسعود: غشيها فراش من ذهب وفي الحديث
«لما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيَّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها» قال المفسرون: رأى عليه السلام شجرة سدرة المنتهى وقد غشيتها سبحات أنوار الله عَزَّ وَجَلَّ، حتى ما يستطيع أحد أن ينظر إليها، وغشيتها الملائكة أمثال الطيور يعبدون الله عندها، يجتمعون حولها مسبِّحين وزائرين كما يزور الناس الكعبة وفي الحديث «رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب، ورأيت على كل ورقة ملكاً قائماً يسبح لله تعالى» ﴿مَا زَاغَ البصر﴾ أي ما صال بصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في المقام وفي تلك الحضرة يميناً وشمالاً ﴿وَمَا طغى﴾ أي وما جاوز الحدَّ الذي رأى قال القرطبي: أي لم يمدَّ بصره إلى غير ما رأى من الآيات، وهذا وهذا وصف أدب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ذلك المقام إذ لم يلتفت يميناً ولا شمالاً وقال الخازن: لما تجلَّى رب العزة وظهر نوره، ثبت صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ذلك المقام العظيم الذي تحار فيه العقول، وتزلُّ فيه الأقدام، وتميل فيه الأبصار ﴿لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى﴾ أي والله لقد رأى محمد ليلة المعراج عجائب ملكوت الله، رأى سدة المنتهى، والبيت المعمور، والجنة والنار، ورأى جبريل في صورته التي يكون عليها في السموات له ستمائة جناحٍ، ورأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سدَّ الأفق، وغير ذلك من الآيات العظام قال الفخر: وفي الآية دليلٌ على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رأى ليلة المعراج آياتِ الله ولم
256
يرَ الله كما قال البعض، ووجهه أن الله ختم قصة المعراج برؤية الآيات، وقال في الإِسراء ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ﴾ [الإِسراء: ١] ولو كان رأى ربه لكان ذلك أعظم ما يمكن ولأخبر تعالى به ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى﴾ أي أخبرونا يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها «اللات والعزة ومناة» هل لها من القدرة والعظمة التي وُصف بها رب العزة شيء حتى زعم أنها آلهة؟ قال الخازن: هذه أسماء أصنام اتخذوها آهلة يعبدونها، واشتقوا لها أسماء من أسماء الله عَزَّ وَجَلَّ فقالوا من الله اللات، ومن العزيز العُزَّى، وكانت اللات بالطائف، والعُزَّى بغطفان وقد حطمها خالد بن الوليد، ومناة صنم لخزاعة يعبده أهل مكة ﴿أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى﴾ ؟ توبيخٌ وتقريع أي ألكم يا معشر المشركين النوع المحبوب من الأولاد وهو الذكر، وله تعالى النوع المذموم بزعمكم وهو الأنثى؟ ﴿تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى﴾ أي تلك القسمة قسمة جائزة غير عادلة حيث جعلتم لربكم ما تكرهونه لأنفسكم قال الرازي: إنهم ما قالوا لنا البنون وله البنات، وإنما نسبوا إلى الله البنات وكانوا يكرهونهن كما قال تعالى ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ [النحل: ٦٢] فلما نسبوا إلى الله البنات حصل من تلك النسبة قسمة جائرة ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم﴾ أي ما هذه الأوثان إِلا أسماء مجردة لا معنى تحتها لأنها لا تضر ولا تنفع، سميتموها آلهة أنتم وآباؤكم وهي مجرد تسميات ألقيت على جمادات ﴿مَّآ أَنزَلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾ أي ما أنزل الله بها من حجة ولا برهان ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَمَا تَهْوَى الأنفس﴾ أي ما يتبعون في عبادتها إلا الظنون والأوهام، وما تشتهيه أنفسهم مما زينه لهم الشيطان ﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهدى﴾ أي والحال أنه قد جاءهم من ربهم البيان الساطع، والبرهان القاطع على أن الأصنام ليست بآلهة، وأن العبادة لا تصلح إِلا لله الواحد القهار قال ابن الجوزي: وفيه تعجيبٌ من حالهم إذ لم يتركوا عبادتها بعد وضوح البيان ﴿أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تمنى﴾ أي ليس للإِنسان كل ما يشتهي حتى يطمع في شفاعة الأصنام قال الصاوي: والمراد بالإِنسان الكافر، وهذه الآية تجر بذيلها على من يلتجىء لغير الله طلباً للفاني، ويتبع هوى نفسه فيما تطلبه فليس له ما يشتهي، واتباعُ الهوى هوان ﴿فَلِلَّهِ الآخرة والأولى﴾ أي فالملك كله لله يعطي من يشاء ويمنعم من يشاء، لأنه مالك الدنيا والآخرة، وليس الأمر كما يشتهي الإنسان، بل هو تعالى يعطي من اتبع هداه وترك هواه.
. ثم أكَّد هذا المعنى بقوله ﴿وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي السماوات﴾ أي وكثير من الملائكة الأبرار الأطهار المنبثين في السموات ﴿لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً﴾ أي أن الملائكة مع علو منزلتهم ورفعة شأنهم لا تنفع شفاعتهم أحداً إلا بإِذن الله، فكيف تشفع الأصنام مع حقارتها؟! ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله لِمَن يَشَآءُ ويرضى﴾ أي إِلا من بعد أن يأذن تعالى في الشفاعة لمن يشاء من أهل التوحيد والإِيمان ويرضى عنه كقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى﴾ [الأنبياء: ٢٨] قال ابن كثير: فإِذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة الأصنام والأنداد عند الله تعالى؟ ثم أخبر تعالى عن ضلالات المشركين فقال ﴿إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة﴾ أي
257
لا يصدقون بالبعث والحساب ﴿لَيُسَمُّونَ الملائكة تَسْمِيَةَ الأنثى﴾ أي ليزعمون أنهم إناثٌ وأنهم بناتُ الله ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ أي لا علم لهم بما يقولون أصلا، لأنهم لم يشاهدوا خلق الملائكة، ولا جاءهم عن الله حجة أو برهان ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن﴾ أي ما يتبعون في هذه الأقوال الباطلة إلا الظنون والأوهام ﴿وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً﴾ أي وإِن الظنَّ لا يجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا﴾ أي فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين الذين استنكفوا عن الإِيمان والقرآن ﴿وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحياة الدنيا﴾ أي وليس له همٌ إلا الدنيا وما فيها من النعليم الزائل، والمتعة الفانية قال أبو السعود: والمراد النهيُّ عن دعوة المعرض عن كلام الله وعدم الاعتناء بشأنه، فإن من أعرض عما ذكر، وانهمك في الدنيا بحيث صارت منتهى همته وقاصرى سعيه، لا تزيده الدعوة إِلا عناداً وإِصراراً على الباطل ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ العلم﴾ أي ذلك نهاية علمهم وغاية إدراكهم أن آثروا الدنيا على الآخرة ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى﴾ أي هو عالم بالفريقين: الضالين والمهتدين ويجازيهم بأعمالهم ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أي له كل ما في الكون خلقاً وملكاً وتصرفاً ليس لأحدٍ من ذلك شيء أصلاً ﴿لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ﴾ أي ليجازي المسيء بإساءته ﴿وَيِجْزِيَ الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى﴾ أي وليجازي المحسن بالجنة جزاء إحسانه قال ابن الجوزي: والآية إِخبارٌ عن قدرته وسعة ملكه، وهو كلام معترض بين الآية الأولى وبين قوله ﴿لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ﴾ لأنه إِذا كان أعلم بالمسيء وبالمحسن جازى كلاً بما يستحقه، وإنما يقدر على مجازاة الفريقين إذا كان واسع الملك.
. ثم ذكر تعالى صفات المتقين المحسنين فقال ﴿الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم﴾ أي يبتعدون عن كبائر الذنوب كالشرك والقتل وأكل مال اليتيم ﴿والفواحش﴾ أي ويبتعدون عن الفواحش جمع فاحشة وهي ما تناهى قبحها عقلاً وشرعاً كالزنى ونكاح زوجة الأب لقوله تعالى ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ [الإِسراء: ٣٢] وقوله ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً﴾ [النساء: ٢٢] ﴿إِلاَّ اللمم﴾ أي إلا ما قلَّ وصغر من الذنوب قال القرطبي: وهي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله كالقبلة والغمزة والنظرة وفي الحديث «إن الله عَزَّ وَجَلَّ كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطقُ، والنفسُ تتمنى وتشتهي، والفرج يصدِّق ذلك أو يكذبه» فإذا اجتنب العبد كبائر الذنوب غفر الله بفضله وكرمه الصغائر لقوله تعالى ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [النساء: ٣١] يعني الصغائر ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المغفرة﴾ أي هو تعالى غفار الذنوب ستار العيوب، يغفر لمن فعل ذلك ثم تاب قال ابن كثير: أي رحمته وسعت كل شيء، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب
258
منها قال البيضاوي: ولعله عقَّب به وعيد المسيئين ووعد المحسنين، لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته، ولا يتوهم وجوب العقاب على الله تعالى ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض﴾ أي هو جل وعلا أعلم بأحوالكم منكم قبل أن يخلقكم، ومن حين أن خلق أباكم آدم من التراب ﴿وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ أي ومن حين أن كنتم مستترين في أرحام أُمهاتكم، فهو تعالى يعلم التقيَّ والشقي، والمؤمن والكافر، والبرِّ والفاجر، علم ما تفعلون وإلى ماذا تصيرون ﴿فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ﴾ أي لا تمدحوها على سبيل الإِعجاب، ولا تشهدوا لها بالكمال والتقى، فإن النفس خسيسة إِذا مُدحت اغترت وتكبَّرت قال أبو حيان: أي لا تنسبوها إِلى الطهارة عن المعاصي، ولا تثنوا عليها، فقد علم الله منكم الزكيَّ والتقي قبل إخراجكم من صلب آدم، وقبل إخراجكم من بطون أُمهاتكم ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقى﴾ أي هو تعالى العالم بمن أخلص العمل، واتقى ربه في السر والعلن.
259
المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى في الآيات السابقة سفاهات المشركين وضلالاتهم في عبادتهم للأصنام، وميَّز بين المؤمنين والمجرمين، ذكر هنا نوعاً خاصاً من أهل الإِجرام، وختم السورة الكريمة ببيان ما حلَّ بالمكذبين من أنواع العذاب والدمار، تذكيراً للمشركين بانتقام الله من أعدائه المكذبين لرسوله.
اللغَة: ﴿وأكدى﴾ قطع العطاء مأخوذ من الكُدية يقال لمن حفر بئراً ثم وجد صخرة تمنعه من إتمام الحفر قد أكدى، ثم استعمله العرب لمن أعطى ولم يتمم، ولمن طلب شيئاً فلم يبلغ آخره قال الحطيئة:
259
فأعطى قليلاً ثم أكدى عطاءه ومن يبذل المعروف في الناس يُحمد
﴿وأقنى﴾ أعطاه الكفاية من المال ورضَّاه بما أعطاه قال الجوهري: قني الرجل يقنى مثل غني يغنى أي أعطاه الله ما يُقتنى من المال والنشب، وأقناه الله رضَّاه ﴿الشعرى﴾ الكوكب المضيء الذي يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر ﴿أَزِفَتِ﴾ قربت قال كعب بن زهير:
بان الشباب وهذا الشيبُ قد أزفا ولا أرى لشبابٍ بائنٍ خلفا
والآزفة القيامة سيمت بذلك لقربها ودونها ﴿سَامِدُونَ﴾ لاهون ولاعبون، والسمودُ اللهو.
سَبَبُ النّزول: روي أن «الوليد بن المغيرة» جلس عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وسمع وعظه، فتأثر قلبه بما سمع وكاد أن يُسلم، فعيَّره رجلٌ من المشركين وقال: تركت دين آبائك وضلَّلتهم وزعمت أنهم في النار؟! فقال الوليد: إِني خشيتٌ عذاب الله، فضمن له الرجل إِن هو أعطاه شيئاً من ماله، ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله عَزَّ وَجَلَّ، فأعطاه بعض الذي ضمن له ثم بخل ومنعه الباقي فأنزل الله ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي تولى وأعطى قَلِيلاً وأكدى﴾ الآيات.
التفسِير: ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي تولى﴾ أي أخبرني يا محمد عن هذا الفاجر الأثيم الذي أعرض عن الإِيمان واتباع الهوى؟ ﴿وأعطى قَلِيلاً وأكدى﴾ أي وأعطى لصاحبه الذي عيَّره قليلاً من المال المشروط ثم بخل بالباقي قال مجاهد: نزلت في الوليد بن المغيرة ﴿أَعِندَهُ عِلْمُ الغيب فَهُوَ يرى﴾ أي أعنده علمٌ بالأمور الغيبية حتى يعلم أن صاحبه يتحمل عنه العذاب؟ ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ موسى﴾ أي لم يُخبر بما في التوراة المنزلة على موسى ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى﴾ أي وبما في صحف إبراهيم الذي تمَّم ما أُمر به من طاعة الله وتبليغ رسالته، على وجه الكمال والتمام قال الحسن: ما أمره الله بشيء إلا وفّى به كقوله تعالى ﴿وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] ﴿أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ أي أن لا تحمل نفسٌ ذنب غيرها، ولا يؤاخذ أحدٌ بجريرة غيره، والآية ردٌّ على من زعم أنه يتحمل العذاب عن غيره كقوله تعالى ﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ اتبعوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾
[العنكبوت: ١٢] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى﴾ أي وأنه ليس للإِنسان إلا عمله وسعيه قال ابن كثير: أي كما لا يُحمل عليه وزرُ غيره، كذلك لا يحصل له الأجر إِلا ما كسب هو لنفسه ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يرى﴾ أي وأن عمله سيُعرض عليه يوم القيامة، ويراه في ميزانه قال الخازن: وفي الآية بشارة للمؤمن، وذلك أن الله تعالى يريه أعماله الصالحة ليفرح بها ويحزن الكافر بأعماله الفاسدة فيزداد غماً ﴿ثُمَّ يُجْزَاهُ الجزآء الأوفى﴾ أي ثم يُجزى بعمله الجزاء الأتم الأكمل، وهو وعيدٌ للكافر ووعدٌ للمؤمن ﴿وَأَنَّ إلى رَبِّكَ المنتهى﴾ إي إليه جل وعلا المرجع والمآب والمصير فيعاقب ويثيب.. ثم شرع تعالى في بيان آثار قدرته فقال ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبكى﴾ أي هو الذي
260
خلق الفرح والحزن، والسرور والغم، فأضحك في الدنيا من أضحك، وأبكى من أبكى قال مجاهد: أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ أي خلق الموت والحياة فهو جل وعلا القادر على الإِماتة والإِحياء لا غيره، ولهذا كرر الإِسناد «هو» لبيان أن هذا من خصائص فعل الله ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزوجين الذكر والأنثى﴾ أي أوجد الصنفين الذكر والأنثى من أولاد آدم ومن كل حيوان قال الخازن: والغرض أنه تعالى هو القادر على إيجاد الضدين في محل واحد: الضحك والبكاء، والإِحياء والإِماتة، والذكر والأنثى، وهذا شيء لا يصل إليه فهم العقلاء ولا يعلمونه، وإنما هو بقدرة الله تعالى وخلقه لا بفعل الطبيعة، وفيه تنبيه على كمال قدرته، لأن النطفة شيء واحد خلق خلق الله منها أعضاء مختلفة، وطباعاً متباينة، وخلق منها الذكر والأنثى، وهاذ من عجيب صنعته وكمال قدرته، ولهذا قال ﴿مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تمنى﴾ أي خلق الذكر والأنثى من نطفة إذا تدفقت من صلب الرجل، وصُبّت في رحم المرأة ﴿وَأَنَّ عَلَيْهِ النشأة الأخرى﴾ أي وأن عليه جل وعلا إِعادة خلق النَّاس للحساب والجزاء، وإِحياؤهم بعد موتهم قال في البحر: لما كانت هذه النشأة ينكرها الكفار بولغ فيها بقوله تعالى ﴿عَلَيْهِ﴾ كأنه تعالى أوجب ذلك على نفسه ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أغنى وأقنى﴾ أي أغنى من شاء، وأفقر من شاء وقال ابن عباس: أعطى فأرضى، أغنى الإِنسان ثم رضاه بما أعطاه ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشعرى﴾ أي هو ربُّ الكوكب المضيء المسمَّى بالشعرى الذي كانوا يعبدونه قال أبو السعود: أي هو رب معبودهم وكانت خزاعة تعبدها سنَّ لهم ذلك رجلٌ من أشرافهم هو «أبو كبشة» ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأولى﴾ أي أهلك قوم عاد القدماء الذين بُعث لهم نبيُّ الله «هود» عليه السلام، وكانوا من أشد الناس وأقواهم، وأعتاهم على الله وأطغاهم، فأهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية قال البيضاوي: سميت عاداً الأولى أي القدماء لأنهم أُولى الأمم هلاكاً بعد قوم نوح عليه السلام ﴿وَثَمُودَ فَمَآ أبقى﴾ أي وثمود دمَّرهم فلم يُبق منهم أحداً ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ﴾ أي وقوم نوح قبل عادٍ وثمود أهلكناهم ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وأطغى﴾ أي كانوا أظلم من الفريقين، وأشد تمدراً وطغياناً ممن سبقهم، قال في البحر: كانوا في غاية العتو والإِيذاء لنوح عليه السلام، يضربونه حتى لا يكاد يتحرك، ولا يتأثرون بشيء مما يدعوهم إليه قال قتادة: دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، كلما هلك قرن نشأ قرن، حتى كان الرجل يأخذ بيد ابنه يتمشى به إلى نوح ليحذره منه ويقول له: يا بني إن أبي مشى بي إلى هذا وأنا مثلك يومئذٍ فإِياك أن تصدقه، فيموت الكبير على الكفر، وينشأ الصغير على بغض نوح ﴿والمؤتفكة أهوى﴾ أي وقرى قوم لوط أهواها فأسقطها علىلأرض بعد أن انقلبت بهم فصار عاليها سافلها، وذلك أن جبريل رفعها إلى السماء ثم أهوى بها ﴿فَغَشَّاهَا مَا غشى﴾ أي فغطَّاها من فنون العذاب ما غطَّى، وفيه تهويلٌ للعذاب وتعميمٌ لما أصابهم منه قال في البحر:
261
والمؤتفكة هي مدائن قوم لوط، سميت بذلك لأنها انقلبت بأهلها، رفعها جبريل عليه السلام ثم أهوى بها إلى الأرض، ثم أمطرت عليهم حجارة من سجيل منضود فذلك قوله ﴿فَغَشَّاهَا مَا غشى﴾ ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تتمارى﴾ أي فبأي نعم الله الدالة على وحدانيته وقدرته تتشكك أيها الإِنسان وتكذب!! ﴿هذا نَذِيرٌ مِّنَ النذر الأولى﴾ أي هذا هو محمد رسول الله منذر كسائر الرسل ومن جنس المنذرين الأولين وقد علمتم ما حلَّ بالمكذبين ﴿أَزِفَتِ الآزفة﴾ أي دنت الساعة واقترتب القيامة قال القرطبي: سميت آزفة لدنوها وقرب قيامها ﴿لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله كَاشِفَةٌ﴾ أي لا يقدر على كشفها وردها إِذا غشيت الخلق بأهوالها وشدائدها إلا الله تعالى ﴿أَفَمِنْ هذا الحديث تَعْجَبُونَ﴾ ؟ استفهامٌ للتوبيخ أي أفمن هذا القرآن تعجبون يا معشر المشركين سخرية واستهزاءً؟ ﴿وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ﴾ أي وتضحكون عند سماعه، ولا تبكون من زواجره وآياته؟ وقد كان حقكم أن تبكوا الدم بدل الدمع حزناً على ما فرطتم ﴿وَأَنتُمْ سَامِدُونَ﴾ أي وأنتم لاهون غافلون؟ ﴿فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا﴾ أي فساجدوا لله الذي خلقكم وأفردوه بالعبادة، ولا تبعدوا اللات والعزى، ومناة والشعرى، فهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا يليق السجود والعبادة إلاَّ له جلا وعلا.
البَلاَغة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الإِبهام للتعظيم والتهويل ﴿فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى﴾ [النجم: ١٠] ومثله ﴿إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى﴾ [النجم: ١٦] وكذلك ﴿فَغَشَّاهَا مَا غشى﴾.
٢ - الجناس ﴿والنجم إِذَا هوى... وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى﴾ [النجم: ١٣] فالأول هو بمعنى خرَّ وسقط والثاني بمعنى هوى النفس.
٣ - الطباق بين ﴿أَضْحَكَ وأبكى﴾ وبين ﴿أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ وبين ﴿ضَلَّ وِ اهتدى﴾ وبين
﴿الآخرة والأولى﴾ [النجم: ٢٥] وبين ﴿وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ﴾ وهي من المحسنات البديعية.
٤ - المقابلة ﴿لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى﴾ [النجم: ٣١] كما فيه إطناب في تكرار لفظ يجزي وكلاهما من المحسنات البديعية.
٥ - الاستفهام التوبيخي مع الإِزراء بعقولهم ﴿أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى﴾ [النجم: ٢١٢٢].
٦ - الجناس الناقص بين ﴿أغنى.. وأقنى﴾ لتغير بعض الحروف.
٧ - جناس الاشتقاق ﴿أَزِفَتِ الآزفة﴾.
٩ - عطف العام على الخاص ﴿فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا﴾.
١٠ - مراعاة الفواصل ورءوس الآيات، مما له أجمل الوقع على السمع مثل ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى﴾ [النجم: ١٩٢١] ؟ ومثله ﴿أَفَمِنْ هذا الحديث تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ﴾ ؟ ويسمى بالسجع.
تنبيه: كانت الأصنام التي عبدها المشركون كثيرة تثرب من ثلاثمائة وستين صنماً ومعظمها
262
حول الكعبة وقد حطمها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عند فتحه لمكة، وأشهر هذه الأصنام «اللات، والعُزَّى، ومناة» وقد أرسل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عام الفتح خالد بن الوليد ليحطم العزَّى فحطمها وهو يقول:
يا عزُّ كفرانك لا سبحانك إِني رأيتُ الله قد أهانك
وانتهت بفتح مكة عبادة الأوثان والأصنام، ودخل الناس في دين الإِسلام أفواجاً أفواجاً.
263
Icon