ﰡ
﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ الظاهر عود الضمير على الاستهزاء المفهوم من قوله: يستهزؤن، والباء في به للسبب والمجرمون هنا كفار قريش ومن دعاهم الرسول إلى الإِيمان. و ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ إذ كان إخباراً مستأنفاً فهو من العام المراد به الخصوص فيمن حتم عليه إذ قد آمن عالم ممن كذب الرسول.﴿ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ في تكذيبهم رسولهم أو في إهلاكهم حين كذبوا رسلهم واستهزؤوا بهم وهو تهديد لمشركي قريش والضمير في عليهم عائد على المشركين وذلك لفرط تكذيبهم وبعدهم عن الإِيمان حتى ينكروا ما هو مشاهد. بالأعين المحسوس مماس بالأجساد بالحركة والانتقال وهذا بحسب المبالغة التامة في إنكار الحق والظاهر الضمير في فظلوا عائد على من عاد عليه في قوله: عليهم أي لو فتح لهم باب من السماء وجعل لهم معراج يصعدون فيه لقالوا هو شىء نتخيله لا حقيقة له وقد سحرنا بذلك وجاء لفظ فظلوا مشعراً بحصول ذلك في النهار ليكونوا مستوضحين لما عاينوا.﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً ﴾ الآية، لما ذكر تعالى حال منكري النار وكانت مفرعة على التوحيد ذكر دلائله السماوية وبدأ بها ثم اتبعها بالدلائل الأرضية والبروج جمع برج. قال ابن عيسى الرفاني: البروج اثنا عشر برجاً: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. وهي منازل الشمس والقمر والظاهر أن الضمير في وزيناها عائد على البروج لأنها المحدث عنها والأقرب في اللفظ وقيل على السماء وهو قول الجمهور وخص بالناظرين لأنها من المحسوس الذي لا يدرك إلا بنظر العين ويجوز أن يكون نظر القلب لما فيها من الزينة المعنوية وهو ما فيها من حسن الحكم وبدائع الصنع وغرائب القدرة والضمير في وحفظناها عائد على السماء وكذلك قال الجمهور ان الضمير في وزيناها عائد على السماء حتى لا تختلف الضمائر وحفظ السماء وهو بالرجم بالشهب على ما تضمنته الأحاديث الصحاح.﴿ وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ﴾ الآية، ومعنى مددناها بسطناها ليحصل بها الانتفاع لمن حلها ولما كانت هذه الجملة تقدمها جملة فعلية كان النصب على الاشتغال أرجح من الرفع على الابتداء فلذلك نصب والأرض والرواسي الجبال والظاهر أن الضمير في فيها عائد على الأرض الممدودة وقال ابن عباس وغيره: موزون مقدر بقدر وتقدم تفسير المعايش في أول الأعراف والظاهر أن من لمن يعقل ويراد به العيال والمماليك والخدم الذين يحسبون أنهم يرزقونهم ويخطئون فإِن الله هو الرزاق يرزقكم وإياهم ومن مجرور معطوف على الضمير في لكم وحسن العطف الفصل بينهما بقوله: فيها معايش، أو يدخل معهم ما لا يعقل بحكم التغليب كالانعام والدواب وما بتلك المثابة مما رزقه الله تعالى وقد سبق إلى ظنهم أنهم هم الرازقون لهم وتقدم شرح الخزائن وان نافية ومن زائدة والظاهر أن المعنى وما من شىء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والانعام به فتكون الخزائن وهي ما تحفظ فيه الأشياء مستعارة من المحسوس الذي هو الجسم إلى المعقول. و ﴿ لَوَاقِحَ ﴾ جمع لاقح يقال: ريح لاقح جائيات بخير من إنشاء السحاب الماطر كما قيل للتي لا تأتي بخير بل شر ريح عقيم. و ﴿ ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ ﴾ قال ابن عباس: الأموات. و ﴿ ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ ﴾ الأحياء.﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ ﴾ فيه التفات وخروج من ضمير العظمة للواحد إلى الاسم الظاهر تنبيهاً على أن المتصف بتلك الأفعال السابقة هو ربك المالك لك والناظر في مصلحتك وهو توكيد للفظ الرب.