تفسير سورة النبأ

تفسير الثعالبي
تفسير سورة سورة النبأ من كتاب الجواهر الحسان في تفسير القرآن المعروف بـتفسير الثعالبي .
لمؤلفه الثعالبي . المتوفي سنة 875 هـ
مكية وآياتها ٤٠.

تفسير سورة النبأ
وهي مكّيّة بإجماع
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣)
قوله عز وجل: عَمَّ يَتَساءَلُونَ أصل «عم» :«عَنْ مَا» ثُمَّ أُدْغمتِ النونُ بَعْدَ قَلْبِهَا [في الميم لاشْتِرَاكِهِما في الغُنَّة] فبقي «عما» في الخبرِ وفي الاستفهام، ثم حذفوا الألفَ في الاستفهامِ فرقاً بينَه وبين الخبر، ثم مِنَ العرب مَنْ يخففُ الميم فيقول: «عَمْ»، وهذا الاستفهامُ ب «عم» استفهام توقيف وتعجيب، والنَّبَإِ الْعَظِيمِ قال ابن عباس وقتادة: هو الشَّرعُ الذي جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم «١»، وقال مجاهد: هو القرآن «٢» خاصةً، وقال قتادة أيضاً:
هو البعثُ من القبور «٣»، والضميرُ في: يَتَساءَلُونَ لكفارِ قريشٍ ومن نَحا نَحْوَهم، وأكْثَر النحاة أن قوله: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ متعلقٌ ب يَتَساءَلُونَ، وقال الزجاج: الكلام تامُّ في قوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ ثُمَّ كان مقتضَى القولِ/ أن يجيبَ مجيبٌ فيقول: يتساءلونَ عن النبأ العظيم، وله أمثلة في القرآن اقتضَاها إيجازُ القرآن وبلاغتُه، واختلافُهم هو شكُّ بعضٍ وتكذيبُ بعضٍ، وقولهُم: سِحْرٌ وكهانةٌ إلى غير ذلك من باطلهم.
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٤ الى ٧]
كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧)
وقوله تعالى: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ رَدّ على الكفارِ في تكذيبِهم ووعيدٌ لهم في المستقبلِ، وكَرَّرَ عليهمُ الزَّجْرَ والوعيدَ تأكيداً، والمعنى: سيعلمون عاقبةَ تكذيبِهم، ثم وقفَهُم تعالى ودَلَّهم على آياتِه، وغرائبِ مخلوقاتِه، وقدرته التي تُوجِبُ للناظرِ فيها الإقْرَارَ بالبعثِ والإيمانَ باللَّه تعالى، ت: وفي ضِمْنِ ذلكَ تَعْدِيدُ نِعَمِهِ سبحانه التي يجب
(١) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٣).
(٢) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٣)، والبغوي (٤/ ٤٣٦)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٢)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٩٨) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٩٦)، (٣٦٠٠٠)، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٣)، والبغوي (٤/ ٤٣٦)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٢). [.....]
شُكْرُها، والمِهادَ: الفراشُ المُمَهَّدُ، وشَبَّه الجبالَ بالأوتادِ لأنها تمنع الأرض أن تميد بهم.
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٨ الى ٢٣]
وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢)
وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧)
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢)
لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣)
وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً أي: أنواعاً، والسُّبَاتُ: السُّكُونُ، وسَبَتَ الرجلُ: معناه استراحَ، ورُوِّينَا في «سنن أبي داودَ» عن معاذِ بن جبلٍ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرِ [اللَّهِ] طَاهِراً فَيَتَعَارُّ مِنَ الليلِ، فَيَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى خَيْراً مِنْ أمُورِ الدنيا والآخِرَةِ إلاَّ أعطَاهُ اللَّه إياه» ورَوَى أبو داودَ عن بعضِ آلِ أم سلمةَ قال: كان فراشُ النبي صلّى الله عليه وسلّم نحواً مِمَّا يوضَعُ الإنْسَانُ في قبره، وكانَ المسجد عند رأسه، انتهى، ولِباساً مصدرٌ، وكأنَّ الليلَ كذلكَ مِنْ حيثُ يَغْشَى الأشخاص، فهي تلبسه وتتدرعه، والنَّهارَ مَعاشاً على حذفِ مضافٍ، أو على النَّسَبِ، والسبعُ الشدادُ: السمواتُ، والسراجُ: الشمسُ، والوهَّاج:
الحارُّ المضْطَرِمُ الاتِّقادِ المُتَعَالِي اللهبِ، قالَ ابن عباس وغيره: الْمُعْصِراتِ السحائب القاطِرة «١»، وهو مَأْخوذٌ مِن العَصْرِ لأن السَحابَ يَنْعَصِرُ فيخرج/ منه الماءُ، وهذا قول الجمهور، والثَّجَاج: السريعُ الاندفاعِ، كما يَنْدَفِع الدمُ مِنْ عروقِ الذبيحةِ، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم وَقَدْ قِيلَ له ما أفْضَلُ الحَجِّ؟ فقال: «العَجُّ والثَجُّ» «٢» أرادَ التَّضَرّعُ إلى اللَّهِ تعالى بالدعاء
(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٩٩) (٣٦٠٢٢)، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٤)، والبغوي (٤/ ٤٣٧)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٢) بنحوه.
(٢) أخرجه الترمذي (٣/ ١٨٠)، كتاب «الحج» باب: ما جاء في فضل التلبية والنحر. (٨٢٧)، وابن ماجه (٢/ ٩٧٥)، كتاب «المناسك» باب: رفع الصوت بالتلبية (٢٩٢٤)، والبيهقي (٥/ ٤٢- ٤٣)، كتاب «الحج» باب: رفع الصوت بالتلبية، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٤٥٠- ٤٥١) عن أبي بكر الصديق.
قال الترمذي: حديث أبي بكر حديث غريب لا نعرفه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وفي الباب من حديث عبد الله بن عمر: أخرجه الترمذي (٥/ ٢٢٥)، كتاب «تفسير القرآن» باب: ومن سورة آل عمران رقم: (٢٩٩٨)، وابن ماجه (٢/ ٩٦٧)، كتاب «المناسك» باب: ما يوجب الحج، رقم: (٢٨٩٦)، والدارقطني (٢/ ٢١٧)، كتاب «الحج» رقم: (١٠)، والبيهقي في «الكبرى» (٤/ ٣٣٠)، كتاب «الحج» باب: الرجل يطيق المشي.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن عمر إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي، وقد تكلم بعض أهل الحديث في يزيد من قبل حفظه.
الجهير، وذبح الهدي، وأَلْفافاً أي: ملتفّة الأغصان والأوراق، ويَوْمَ الْفَصْلِ هُو يوم القيامةِ، والأفواجُ: الجماعاتُ، يتلو بعضُها بعضاً، «وفُتِحَتِ السماء» بتشديد التَّاء قراءةُ نافعٍ وأبي عمرٍو وابن كثير وابن عامر، والباقون دون تشديد «١».
وقوله تعالى: فَكانَتْ أَبْواباً قيل معناه: تَتَشَقَّقُ حتَى يكونَ فيها فُتُوحٌ كالأَبوابِ في الجدرات، وقيل: إنها تتقطعُ السماء قِطَعاً صغاراً حتى تكونَ كألواح الأَبواب، والقولُ الأول أحسَنُ، وقد قال بعض أهل العلم: تَنْفَتِح في السماء أبواب للملائِكَةِ من حيثُ ينزلونَ ويصعَدون.
وقوله تعالى: فَكانَتْ سَراباً عبارةٌ عن تلاشيها بعد كونها هباء منبثّا، ومِرْصاداً: مَوْضع الرصدِ، وقيل: مِرْصاداً بمعنى رَاصِدٍ، والأحقاب: جمع حُقُبٍ وهي المدةُ الطويلةُ من الدهر غيرَ محدودة، وقال ابن عباس وابن عمر الحُقْبُ: ثمانونَ سنةٍ «٢». وقال أبو أمامة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه ثلاثون ألفَ سَنَة، وقد أكثر الناسُ في هذا، واللازمُ أنّ اللَّه تعالى أخبرَ عن الكفارِ أنهم يلبثُونَ أحْقَاباً، كلما مَرَّ حُقْبٌ جَاءَ غيره إلى غير نهاية، نجانا اللَّه من سَخَطِه، قال الحسنُ: ليسَ للأحْقَابِ عدّة إلا الخلود في النار «٣».
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٢٤ الى ٣٧]
لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨)
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣)
وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧)
وقوله سبحانه: لاَّ يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً... الآية، قال الجمهورُ: البَرْدُ في الآية مَسُّ الهَوَاءِ البَاردِ، أي: لا يمسُّهم منه مَا يُسْتَلَذُّ، وقال أبو عبيدة وغيره: البردُ في الآية النوم «٤»،
(١) ينظر: «السبعة» (٦٦٨)، و «الحجة» (٦/ ٣٦٨)، و «إعراب القراءات» (٢/ ٤٣١)، و «معاني القراءات» (٦/ ١١٦)، و «العنوان» (٢٠٢)، و «حجة القراءات» (٧٤٥)، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢/ ٥٨٣).
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٤٠٤) (٣٦٠٥٣) عن ابن عبّاس، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٣)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٢) عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وابن عبّاس.
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٤٠٥) (٣٦٠٥٨)، وذكره البغوي (٤/ ٤٣٨)، وابن عطية (٥/ ٤٢٦)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٤).
(٤) ذكره البغوي (٤/ ٤٣٨)، وابن عطية (٥/ ٤٢٦)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٤)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٣).
والعَرَبُ تُسَمِّيه/ بذلكَ لأنَّه يُبَرِّدُ سورَةَ العَطَشِ، وقال ابن عباس: البردُ الشرابُ البارد المستلذّ «١»، وقال قتادة وجماعة: الغَسَّاقُ: هو ما يسيل من أجْسَامِ أهل النارِ من صديدٍ ونحوِه «٢».
وقوله تعالى: وِفاقاً معناه لأعمالهم وكفرهم، ولا يَرْجُونَ قال أبو عبيدَة وغيره معناه: لا يَخافُونَ، وقال غيره: الرجاء هنا على بابه «٣»، وكِذَّاباً مصدرٌ، لغةٌ فصيحةٌ يَمَانِيَّة، وعن ابن عمرَ قال: ما نَزَلَتْ في أهل النار آية أشدَ مِن قوله تعالى: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً «٤» ورواه أبو هريرةَ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، والحدائقُ: هي البساتينُ علَيها حَلَقٌ وحظائرُ وجدرات، في البخاريِّ: وَكَواعِبَ أي: نَوَاهد، انتهى، والدِّهَاقُ: المُتْرَعَة فيما قال الجمهورُ، وقيل: الصافيةُ، وقال مجاهد: متتابعةٌ «٥»، وعبارة البخاريِّ وقال ابن عباس: دِهاقاً: ممتلئة، انتهى «٦»، وكِذَّاباً: مصدرٌ وهو الكَذِبُ.
وقوله: عَطاءً حِساباً أي: كَافِياً قاله الجمهور من قولهم، أحْسَبَنِي هذَا الأمْرُ، أي: كَفَاني، ومنه حَسْبِي اللَّهُ، وقال مجاهد: حِساباً معناه: بتَقْسِيطٍ، فالحِسَابُ على هذا بمَوازنةِ أعمالِ القَومِ إذ منهم المُكْثِرُ مِنَ الأعمال، والمُقِلُّ ولكلٍ بحسْبِ عملهِ «٧».
وقوله تعالى: لاَّ يَمْلِكُونَ الضميرُ للكفارِ، أي: لاَ يَمْلِكُونَ منْ أفضالهِ وإجماله سبحانه أنْ يخاطبوه بمعذرةٍ ولا غيرها وهذا أيضاً في موطنٍ خاصٍّ.
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠)
(١) ذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٧).
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٤٠٦) (٣٦٠٦٩)، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٧)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٤) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٤٠٩) (٣٦٠٩٤) عن قتادة، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٧).
(٤) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٠) (٣٦٠٩٤) بنحوه عن عبد الله بن عمرو، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٤)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٤)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عن الحسن بن دينار.
(٥) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٢) (٣٦١٢١)، وذكره البغوي (٤/ ٤٣٨)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٥)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٥)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١١) (٣٦١٠٩)، وذكره البغوي (٤/ ٤٣٩)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٥)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٥)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٧) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٣) (٣٦١٢٦)، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٨).
544
وقوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ اخْتُلِفَ في الرُّوحِ المذكورِ هنا فقال الشعبي والضحاك: هو جبريلُ- عليه السلام «١» - وقال ابن مسعودٍ: هو مَلَكٌ عظيم أكبرُ الملائكةِ خِلْقَةً يسمَى الرُّوح «٢»، وقال ابن زيد «٣» : هو القرآن، وقال مجاهدٌ: الروحُ خَلْقٌ على صورة بني آدمَ يأكلُون ويشربون «٤»، / وقال ابن عبّاس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الرُّوحُ خَلْقٌ غَيْرُ المَلاَئِكَةِ هُمْ حَفَظَةٌ لِلْمَلاَئِكَةِ كَمَا المَلاَئِكَةُ حَفَظَةٌ لَنَا» «٥»، وقيلَ الرُّوح اسمُ جنسٍ لأرواحِ بني آدم، والمعنى: يوم تَقُوم الأرواحُ في أجسادها إثْرَ البَعْثِ، ويكونُ الجميعُ من الإنس والملائِكَةِ صفًّا ولاَ يتكلمُ أحدٌ منهم هَيْبَةً وفَزَعاً إلا مَنْ أذنَ له الرحمنُ مِنْ مَلَكٍ أو نبي وكان أهلاً أنْ يقولَ صواباً في ذلك الموطنِ، وقال البخاريُّ: صَواباً: حَقًّا في الدنيا وعَمِلَ به، انتهى، ، وفي قوله: فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً وعدٌ ووعيدٌ وتحريضٌ، والعذابُ القريبُ: هو عذاب الآخرةِ، إذ كلُّ آتٍ قريبٌ، وقال أبو هريرةَ وعبدُ اللَّه بن عمر: إن اللَّه تعالى يُحْضِرُ البهائم يَومَ القيامةِ فيقتصُّ لبعضها من بعضٍ، ثم يقول لَها بَعْدَ ذلكَ:
كوني تراباً فيعودُ جميعُها تراباً فعند ذلك يقول الكافر: الَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
«٦»
(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٥) (٣٦١٣٦) (٣٦١٣٧)، وذكره البغوي (٤/ ٤٤٠)، وابن عطية (٥/ ٤٢٨)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٥)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٦)، وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ عن الضحاك. [.....]
(٢) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٥) (٣٦١٣٣)، (٣٦١٣٤) عن ابن عبّاس بنحوه، وذكره البغوي (٤/ ٤٤٠)، وابن عطية (٥/ ٤٢٨)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٥)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٦)، وعزاه لابن جرير.
(٣) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٦) (٣٦١٤٧) عن ابن زيد عن أبيه، وذكره ابن عطية (٥/ ٤٢٩)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٥).
(٤) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٥) (٣٦١٣٨)، وذكره البغوي (٤/ ٤٤٠)، وابن عطية (٥/ ٤٢٩)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٥)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٥)، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن مجاهد.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٥)، وعزاه لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ في «العظمة»، وابن مردويه.
(٦) أخرجه الطبري (١٢/ ٤١٨) عن عبد الله بن عمرو برقم: (٣٦١٦٠)، وعن أبي هريرة برقم: (٣٦١٦١) بنحوه، وذكره البغوي (٤/ ٤٤٠) عن عبد الله بن عمرو، وابن عطية (٥/ ٤٢٩)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٤٦٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٥٠٧)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث والنشور» عن أبي هريرة.
545
قلت: وَاعْلَمْ رحمكَ اللَّه أَني لم أقفْ على حديثٍ صحيحٍ في عَوْدِها تراباً، وقدْ نَقَلَ الشيخُ [أبُو العباسِ القَسْطَلاَّنِيُّ عن] الشيخ أبي الحكم بن أبي الرَّجَّالِ إنكارَ هذا القولِ، وقال: ما نُفِثَ روحُ الحياةِ في شَيْءٍ فَفَنِيَ بَعْدَ وجودِه، وقد نقَلَ الفَخْرُ هنا عن قَوْم بقاءَها وأن هذه الحيواناتِ إذا انْتَهَتْ مدةُ إعراضِها جعلَ اللَّه كلَّ ما كانَ مِنْهَا حَسَنَ الصُّورَةِ ثواباً لأهلِ الجنةِ، وما كانَ قَبيحَ الصورةِ عقاباً لأَهْلِ النارِ، انتهى، والمُعَوَّلُ عليه في هذا: النقلُ فإن صحّ فيه شيء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وَجَبَ اعْتِقَادُه وصِيرَ إليه، وإلا فلا مدخلَ للعقل هنا، والله أعلم.
546
Icon