تفسير سورة المعارج

تفسير ابن جزي
تفسير سورة سورة المعارج من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي .
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة المعارج
مكية وآياتها ٤٤ نزلت بعد الحاقة

سورة المعارج
مكية وآياتها ٤٤ نزلت بعد الحاقة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة المعارج) سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ من قرأ «١» سأل بالهمز احتمل معنيين أحدهما أن يكون بمعنى الدعاء، أي دعا داع بعذاب واقع، وقد تكون الإشارة إلى قول الكفار: أمطر علينا حجارة من السماء، وكان الذي قالها النضر بن الحرث، والآخر أن يكون بمعنى الاستخبار، أي سأل سائل عن عذاب واقع، والباء على هذا بمعنى عن، وتكون الإشارة إلى قوله متى هذا الوعد؟ وغير ذلك، وأما من قرأ سال بغير همز فيحتمل وجهين. أحدهما: أن يكون مخففا من المهموز، فيكون فيه المعنيان المذكوران، والثاني أن يكون من سال السيل إذا جرى، ويؤيد ذلك قراءة ابن عباس:
سال سيل، وتكون الباء على هذا كقولك ذهبت بزيد، وإذا كان من السيل احتمل وجهين:
أحدهما أن يكون شبّه العذاب في شدته وسرعة وقوعه بالسيل وثانيهما أن تكون حقيقة قال زيد بن ثابت: في جهنم واد يقال له سائل، فتلخص من هذا أن في القراءة بالهمز يحتمل معنيين وفي القراءة بغير همز أربعة معان لِلْكافِرينَ يحتمل أن يتعلق بواقع وتكون اللام بمعنى على، أو تكون صفة للعذاب، أو يتعلق بسأل إذا كانت بمعنى دعا، أي دعا للكافرين بعذاب، أو تكون مستأنفا كأنه قال: هو للكافرين مِنَ اللَّهِ يحتمل أن يتعلق بواقع أي واقع من عند الله، أو بدافع أي ليس له دافع من عند الله، أو يكون صفة للعذاب أو مستأنفا ذِي الْمَعارِجِ جمع معرج وهو المصعد إلى علو كالسلم، والمدارج التي يرتقى بها قال ابن عطية: هي هنا مستعارة في الفضائل والصفات الحميدة، وقيل: هي المراقي إلى السماء، وهذا أظهر لأنه فسرها بما بعدها من عروج الملائكة.
وَالرُّوحُ إِلَيْهِ أي إلى عرشه، ومن حيث تهبط أوامره وقضاياه، فالعروج هو من الأرض إلى العرش، والروح هنا جبريل عليه السلام بدليل قوله: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ [الشعراء: ١٩٣] وقيل: الروح ملائكة حفظة على الملائكة، وهذا ضعيف مفتقر إلى صحة نقل. وقيل: الروح جنس أرواح الناس وغيرهم فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
(١). وهي قراءة نافع وابن عامر.
﴿ للكافرين ﴾ يحتمل أن يتعلق بواقع وتكون اللام بمعنى على أو تكون صفة للعذاب أو يتعلق بسأل إذا كانت بمعنى دعا أي : دعا للكافرين بعذاب أو تكون مستأنفا كأنه قال : هو للكافرين.
﴿ من الله ﴾ يحتمل أن يتعلق بواقع أي : واقع من عند الله أو بدافع أي : ليس له دافع من عند الله أو يكون صفة للعذاب أو مستأنفا.
﴿ ذي المعارج ﴾ جمع معرج وهو المصعد إلى علو كالسلم والمدارج التي يرتقي بها قال ابن عطية : هي هنا مستعارة في الفضائل والصفات الحميدة وقيل : هي المراقي إلى السماء وهذا أظهر لأنه فسرها بما بعدها من عروج الملائكة.
﴿ والروح إليه ﴾ أي : إلى عرشه ومن حيث تهبط أوامره وقضاياه فالعروج هو من الأرض إلى العرش والروح هنا جبريل عليه السلام بدليل قوله :﴿ نزل به الروح الأمين على قلبك ﴾ [ الشعراء : ١٩٣- ١٩٤ ] وقيل : الروح ملائكة حفظة على الملائكة وهذا ضعيف مفتقر إلى صحة نقل وقيل : الروح جنس أرواح الناس وغيرهم.
﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ اختلف في هذا اليوم على قولين :
أحدهما : أنه يوم القيامة.
والآخر : أنه في الدنيا، والصحيح أنه يوم القيامة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مانع الزكاة :" ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له صفائح من نار يكوى بها جبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ". حتى يقضي بين العباد يعني : يوم القيامة ثم اختلف هل مقداره خمسون ألف سنة حقيقة وهذا هو الأظهر أو هل وصف بذلك لشدة أهواله كما يقال : يوم طويل إذا كان فيه مصائب وهموم وإذا قلنا إنه في الدنيا فالمعنى : أن الملائكة والروح يعرجون في يوم لو عرج فيه الناس لعرجوا في خمسين ألف سنة وقيل : الخمسون ألف سنة هي مدة الدنيا والملائكة تعرج وتنزل في هذه المرة وهذا كله على أن يكون قوله :﴿ في يوم ﴾ يتعلق بتعرج ويحتمل أن يكون في يوم صفة للعذاب فيتعين أن يكون اليوم يوم القيامة والمعنى على هذا مستقيم.
اختلف في هذا اليوم على قولين: أحدهما أنه يوم القيامة والآخر أنه في الدنيا والصحيح أنه يوم القيامة لقول رسول الله ﷺ في حديث مانع الزكاة: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له صفائح من نار يكوى بها جبينه وجنبه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد» «١» يعني يوم القيامة ثم اختلف هل مقداره خمسون ألف سنة حقيقة؟ وهذا هو الأظهر، أو هل وصف بذلك لشدة أهواله؟ كما يقال: يوم طويل إذا كان فيه مصائب وهموم، وإذا قلنا إنه في الدنيا فالمعنى أن الملائكة والروح يعرجون في يوم لو عرج فيه الناس لعرجوا في خمسين ألف سنة وقيل: الخمسون ألف سنة هي مدة الدنيا والملائكة تعرج وتنزل في هذه المدة، وهذا كله على أن يكون قوله: في يوم يتعلق بتعرج ويحتمل أن يكون في يوم صفة للعذاب، فيتعين أن يكون اليوم يوم القيامة والمعنى على هذا مستقيم.
فَاصْبِرْ هذا متصل بما قبله من العذاب وغيره، أي: اصبر على أقوال الكافرين حتى يأتيهم العذاب، ولذلك وصفه بالقرب مبالغة في تسلية النبي ﷺ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً يحتمل أن يعود الضمير على العذاب، أو على اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة، والبعيد يحتمل أن يراد به بعد الزمان أو بعد الإمكان، وكذلك القرب يحتمل أن يراد به قرب الزمان لأن كل آت قريب، ولأن الساعة قد قربت، وقرب الإمكان لقدرة الله عليه يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ يوم هنا بدل من يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، أو بدل من الضمير المنصوب في نراه أو منصوب بقوله: قريبا أو بقوله يود المجرم أو بفعل مضمر تقديره: أذكر والمهل: هو دردي الزيت شبه السماء به في سوادها وانكدار أنوارها يوم القيامة، وقيل: هو ما أذيب من الفضة ونحوها شبّه السماء به في تلوّنه وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ العهن هو الصوف، شبّه الجبال به في انتفاشه وتخلخل أجزائه وقيل: هو الصوف المصبوغ ألوانا فيكون التشبيه في الانتفاش، وفي اختلاف الألوان، لأن الجبال منها بيض وسود وحمر وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً الحميم هنا الصديق والمعنى لا يسأل أحد من حميمه نصرة ولا إعانة لعلمه أنه لا يقدر له على شيء، وقيل: لا يسأله عن حاله لأن كل أحد مشغول بنفسه.
يُبَصَّرُونَهُمْ يقال: بصر الرجل بالرجل إذا رآه، وبصّرته إياه بالتشديد إذا أريته إياه، والضميران يعودان على الحميمين لأنهما في معنى الجمع، والمعنى أن كل حميم يبصر حميمه يوم القيامة فيراه ولكنه لا يسأله «٢» وَصاحِبَتِهِ يعني امرأته وَفَصِيلَتِهِ يعني القرابة الأقربين تُؤْوِيهِ أي تضمه، فيحتمل أن يريد تضمه في الانتماء إليها أو في نصرته وحفظه
(١). رواه الإمام أحمد ج ٢ ص ٢٦٢ وص ٣٨٣ بطوله وأوله: ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه.. من حديث أبي هريرة.
(٢). في بقية الآية: مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ قرأ نافع والكسائي: يومئذ بفتح الميم. [.....]
﴿ إنهم يرونه بعيدا ﴾ يحتمل أن يعود الضمير على العذاب أو على اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة والبعيد يحتمل أن يراد به بعد الزمان أو بعد المكان.
وكذلك القرب يحتمل أن يراد به قرب الزمان لأن كل آت قريب ولأن الساعة قد قربت وقرب الإمكان لقدرة الله عليه.
﴿ يوم تكون السماء كالمهل ﴾ يوم هنا بدل من يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أو بدل من الضمير المنصوب في نراه أو منصوب بقوله :﴿ قريبا ﴾ أو بقوله :﴿ يود المجرم ﴾ أو بفعل مضمر تقديره اذكر والمهل هو دردى الزيت شبه السماء به في سوادها وانكدار أنوارها يوم القيامة وقيل : هو ما أذيب من الفضة ونحوها شبه السماء به في تلونه.
﴿ وتكون الجبال كالعهن ﴾ العهن هو الصوف شبه الجبال به في انتفاشه وتخلخل أجزائه وقيل : هو الصوف المصبوغ ألوانا فيكون التشبيه في الانتفاش وفي اختلاف الألوان لأن الجبال منها بيض وسود وحمر.
﴿ ولا يسأل حميم حميما ﴾ الحميم هنا الصديق والمعنى : لا يسأل أحد من حميمه نصرة ولا إعانة لعلمه أنه لا يقدر له على شيء، وقيل : لا يسأله عن حاله لأن كل أحد مشغول بنفسه.
﴿ يبصرونهم ﴾ يقال : بصر الرجل بالرجل إذا رآه وبصرته إياه بالتشديد إذا أريته إياه والضميران يعودان على الحميمين لأنهما في معنى الجمع، والمعنى : أن كل حميم يبصر حميمه يوم القيامة فيراه ولكنه لا يسأله.
﴿ وصاحبته ﴾ يعني : امرأته.
﴿ وفصيلته ﴾ يعني : القرابة الأقربين.
﴿ تؤويه ﴾ أي : تضمه فيحتمل أن يريد تضمه في الانتماء إليها أو في نصرته وحفظه من المضرات.
من المضرات
ثُمَّ يُنْجِيهِ الفاعل الافتداء الذي يقتضيه لو يفتدي، وهذا الفعل معطوف على لو يفتدى وإنما عطفه بثم إشعارا ببعد النجاة وامتناعها، ولذلك زجره عن ذلك بقوله كَلَّا إِنَّها لَظى الضمير للنار لأن العذاب يدل عليها، ويحتمل أن يكون ضمير القصة وفسره بالخبر ولظى علم لجهنم مشتق من اللظى بمعنى اللهب نَزَّاعَةً لِلشَّوى الشوى أطراف الجسد، وقيل: جلد الرأس، فالمعنى أن النار تنزعها ثم تعود، ونزاعة بالرفع «١» بدل من لظى أو خبر ابتداء مضمر أو خبر لأنها إن جعلنا لظى منصوبا على التخصيص أو بدل من الضمير، أو خبر ثان لأنها إن جعلنا لظى خبر لها ونزاعة بالنصب حال تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى يعني الكفار الذين تولوا عن الإسلام، ودعاؤها لهم عبارة عن أخذها لهم، وقال ابن عباس: تدعوهم حقيقة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقيل: معناه تهلك، حكاه الخليل عن العرب وَجَمَعَ فَأَوْعى يقال: أوعيت المال وغيره إذا جمعته في وعاء، فالمعنى جمع المال وجعله في وعاء، وهذه إشارة إلى قوم من أغنياء الكفار جمعوا المال من غير حله ومنعوه من حقه.
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال: قد فسره الله فلا تفسيرا أبين من تفسيره وهو قوله: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين، لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا، فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ الدوام عليها هو المواظبة بطول العمر، والمحافظة عليها المذكورة بعد ذلك هي أداؤها في أوقاتها وتوفية الطهارة لها حَقٌّ مَعْلُومٌ قد ذكرنا في الذاريات [١٩] معنى حق والسائل والمحروم، ووصفه هنا بالمعلوم إن أراد الزكاة فهي معلومة المقدار شرعا، وإن أراد غيرها فمعنى المعلوم، أن العبد يجعل على نفسه وظيفة معلومة عنده غَيْرُ مَأْمُونٍ أي لا يكون أحد آمنا منه فإن الأمن من عذاب الله حرام، فلا ينبغي للعبد أن يزيل عنه الخوف حتى يدخل الجنة لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ ذكر في المؤمنين [٨] وكذلك لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ «٢» قال ابن عباس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،
(١). قرأ حفص: نزاعة بالنصب والباقون بالرفع.
(٢). قوله لأماناتهم وبشهاداتهم هي قراءة حفص: وقرأ الباقون أماناتهم ما عدا ابن كثير، كما قرءوا بشهادتهم بالإفراد ما عدا حفص.
﴿ كلا إنها لظى ﴾ الضمير للنار لأن العذاب يدل عليها، ويحتمل أن يكون ضمير القصة وفسره بالخبر و﴿ لظى ﴾ علم لجهنم مشتق من اللظى بمعنى : اللهب.
﴿ نزاعة للشوى ﴾ الشوى أطراف الجسد وقيل : جلد الرأس فالمعنى أن النار تنزعها ثم تعود ونزاعة بالرفع بدل من لظى أو خبر ابتداء مضمر أو خبر لأنها إن جعلنا لظى منصوبا على التخصيص أو بدل من الضمير، أو خبر ثان لأنها إن جعلنا لظى خبر لها ونزاعة بالنصب حال.
﴿ تدعو من أدبر وتولى ﴾ يعني : الكفار الذين تولوا عن الإسلام ودعاؤها لهم عبارة عن أخذها لهم وقال ابن عباس : تدعوهم حقيقة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقيل : معناه : تهلك حكاه الخليل عن العرب.
﴿ وجمع فأوعى ﴾ يقال : أوعيت المال وغيره إذا جمعته في وعاء، فالمعنى : جمع المال وجعله في وعاء وهذه إشارة إلى قوم من أغنياء الكفار جمعوا المال من غير حله ومنعوه من حقه.
﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ﴾ الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال قد فسره الله فلا تفسير أبين من تفسيره وهو قوله :﴿ إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا ﴾ وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ﴾ الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال قد فسره الله فلا تفسير أبين من تفسيره وهو قوله :﴿ إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا ﴾ وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ﴾ الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال قد فسره الله فلا تفسير أبين من تفسيره وهو قوله :﴿ إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا ﴾ وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ﴾ الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال قد فسره الله فلا تفسير أبين من تفسيره وهو قوله :﴿ إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا ﴾ وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها.
﴿ الذين هم على صلاتهم دائمون ﴾ الدوام عليها هو المواظبة بطول العمر والمحافظة عليها المذكورة بعد ذلك هي أداؤها في أوقاتها وتوفية الطهارة لها.
﴿ حق معلوم ﴾ قد ذكرنا في الذاريات معنى ﴿ حق ﴾ و﴿ السائل ﴾ و﴿ المحروم ﴾،
ووصفه هنا بالمعلوم إن أراد الزكاة فهي معلومة المقدار شرعا وإن أراد غيره فمعنى المعلوم أن العبد يجعل على نفسه وظيفة معلومة عنده.
﴿ حق معلوم ﴾ قد ذكرنا في الذاريات معنى ﴿ حق ﴾ و﴿ السائل ﴾ و﴿ المحروم ﴾،
﴿ غير مأمون ﴾ أي : لا يكون أحد آمنا منه فإن الأمن من عذاب الله حرام فلا ينبغي للعبد أن يزيل عنه الخوف حتى يدخل الجنة.
﴿ لأماناتهم وعهدهم ﴾ ذكر في المؤمنين وكذلك لفروجهم حافظون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:﴿ لأماناتهم وعهدهم ﴾ ذكر في المؤمنين وكذلك لفروجهم حافظون.
﴿ والذين هم بشهادتهم قائمون ﴾ قال ابن عباس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقال الجمهور : يعني الشهادة عند الحكام ثم اختلف على هذا في معنى القيام بها فقيل : هو التحقيق لها كقوله صلى الله عليه وسلم :" على مثل الشمس فاشهدوا " وقيل : هو المبادرة إلى أدائها من غير امتناع فأما إن دعي الشاهد إلى الأداء فهو واجب عليه وأما إذا لم يدع إلى الأداء فالشهادة على ثلاثة أقسام :
أحدها : حقوق الناس، فلا يجوز أداؤها حتى يدعوه صاحب الحق إلى ذلك.
والثاني : حقوق الله التي يستدام فيها التحريم كالطلاق والعتق والأحباس، فيجب أداء الشهادة بذلك دعي أو لم يدع.
الثالث : حقوق الله التي لا يستدام فيها التحريم كالحدود فهذا ينبغي ستره، حتى يدعى إليه.
وقال الجمهور: يعني الشهادة عند الحكام، ثم اختلف على هذا في معنى القيام بها فقيل: هو التحقيق لها كقوله صلى الله عليه وسلم: «على مثل الشمس فاشهدوا». وقيل هو المبادرة إلى أدائها من غير امتناع، فأما إن دعي الشاهد إلى الأداء فهو واجب عليه، وأما إذا لم يدع إلى الأداء فالشهادة على ثلاثة أقسام أحدها حقوق الناس، فلا يجوز أداؤها حتى يدعوه صاحب الحق إلى ذلك، والثاني حقوق الله التي يستدام فيها التحريم كالطلاق والعتق والأحباس، فيجب أداء الشهادة بذلك دعي أو لم يدع الثالث حقوق الله التي لا يستدام فيها التحريم كالحدود، فهذا ينبغي ستره، حتى يدعى إليه.
فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ أي مسرعين مقبلين إليك بأبصارهم، كان رسول الله ﷺ إذا أقبل [سارع] الكفار ينظرون إليه ويستمعون قراءته، ومعنى قبلك في جهتك وما يليك عِزِينَ أي جماعات شتى وهو: جمع عزة بتخفيف الزاي وأصله عزوة، وقيل عزهة ثم حذفت لامها وجمعت بالواو والنون عوضا من اللام المحذوفة أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كانوا يقولون إن كان ثم جنة فنحن أهلها كَلَّا ردع لهم عما طمعوا فيه من دخول الجنة إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ كناية عن المنيّ الذي خلق الإنسان منه، وفي المقصود بهذا الكلام ثلاثة أوجه أحدها: تحقير الإنسان والردّ على المتكبرين.
الثاني: الردّ على الكفار في طمعهم أن يدخلوا الجنة كأنه يقول: إنا خلقناكم مما خلقنا منه الناس، فلا يدخل أحد الجنة إلا بالعمل الصالح لأنكم سواء في الخلقة، الثالث:
الاحتجاج على البعث بأن الله خلقهم من ماء مهين، فهو قادر على أن يعيدهم كقوله: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى [القيامة: ٣٧] إلى آخر السورة.
فَلا أُقْسِمُ معناه أقسم ولا زائدة بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ذكر في الصافات [٥] إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ تهديد للكفار بإهلاكهم، وإبدال خير منهم وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي مغلوبين، والمعنى: إنا لا نعجز عن التبديل المذكور أو عن البعث فَذَرْهُمْ وعيد لهم، وفيه مهادنة منسوخة بالسيف يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يعني يوم القيامة، بدليل أنه أبدل منه يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ وهي القبور كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ النصب الأصنام، وأصله كل ما نصب إلى الإنسان، فهو يقصد إليه مسرعا من علم أو بناء أو غير ذلك، وفيه لغات «١» فتح النون وإسكان الصاد، وضم النون وإسكان الصاد وضمها، ويوفضون معناه: يسرعون والمعنى أنهم يسرعون الخروج من القبور إلى المحشر، كما يسرعون المشي إلى أصنامهم في الدنيا.
(١). قرأ ابن عامر وحفص بضم النون والصاد: نصب وقرأ الباقون: نصب وقرأ أبو العالية: نصب.
﴿ فمال الذين كفروا قبلك مهطعين ﴾ أي : مسرعين مقبلين إليك بأبصارهم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الكفار ينظرون إليه ويستمعون قراءته، ومعنى قبلك في جهتك وما يليك.
﴿ عزين ﴾ أي : جماعات شتى وهو جمع عزة بتخفيف الزاي وأصله عزوة، وقيل : عزهة ثم حذفت لامها وجمعت بالواو والنون عوضا من اللام المحذوفة.
﴿ أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم ﴾ كانوا يقولون إن كان ثم جنة فنحن أهلها.
﴿ كلا ﴾ ردع لهم عما طمعوا فيه من دخول الجنة.
﴿ إنا خلقناهم مما يعلمون ﴾ كناية عن المني الذي خلق الإنسان منه، وفي المقصود بهذا الكلام ثلاثة أوجه :
أحدها : تحقير الإنسان والرد على المتكبرين كما قال بعضهم : إن الإنسان خلق من نطفة مذرة ويصير جيفة قذرة وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة.
الثاني : الرد على الكفار في طمعهم أن يدخلوا الجنة كأنه يقول إنا خلقناكم مما خلقنا منه الناس، فلا يدخل أحد الجنة إلا بالعمل الصالح لأنكم سواء في الخلقة.
الثالث : الاحتجاج على البعث بأن الله خلقهم من ماء مهين فهو قادر على أن يعيدهم كقوله :﴿ ألم يكن نطفة من مني يمنى ﴾ إلى آخر السورة.
﴿ فلا أقسم ﴾ معناه : أقسم ولا زائدة.
﴿ برب المشارق والمغارب ﴾ ذكر في الصافات.
﴿ إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم ﴾ تهديد للكفار بإهلاكهم وإبدال خير منهم.
﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾ أي : مغلوبين والمعنى إنا لا نعجز عن التبديل المذكور أو عن البعث.
﴿ فذرهم ﴾ وعيد لهم وفيه مهادنة منسوخة بالسيف.
﴿ يومهم الذي يوعدون ﴾ يعني : يوم القيامة بدليل أنه أبدل منه.
﴿ يوم يخرجون من الأجداث ﴾ وهي القبور.
﴿ كأنهم إلى نصب يوفضون ﴾ النصب الأصنام، وأصله كل ما نصب إلى الإنسان فهو يقصد إليه مسرعا من علم أو بناء أو غير ذلك وفيه لغات فتح النون وإسكان الصاد وضم النون وإسكان الصاد وضمها ويوفضون معناه : يسرعون والمعنى : أنهم يسرعون الخروج من القبور إلى المحشر كما يسرعون المشي إلى أصنامهم في الدنيا.
Icon