وآياتها ثماني عشرة ومائة
كلماتها : ١٨٤٠ ؛ حروفها : ٤٨٤٠
ﰡ
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ { ١ ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ { ٢ ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ { ٣ ) ﴾
﴿ أفلح ﴾ فاز ونجا وبقي في النعيم.
﴿ المؤمنون ﴾ المصدقون بالله وملائكته وكتبه ورسله والآخرة والعاملون بمقتضى التصديق.
[ والمراد بالمؤمنين قيل : إما المصدقون بما علم ضرورة أنه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والحشر الجسماني والجزاء ونظائرها، فقوله تعالى :﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ وما عطف عليه صفات مخصصة لهم ؛ وإما الآتون بفروعه أيضا.. فهي صفات موضحة أو قادحة لهم.. ﴿ خاشعون ﴾ خائفون ساكنون.. وعن أبي الدرداء : إعظام المقام، وإخلاص المقال، واليقين التام، وجمع الاهتمام، ويتبع ذلك ترك الالتفات وهو من الشيطان، فقد روى البخاري.. عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال :" هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " ]١ ؛ ومن خصال المؤمنين : ترك مالا نفع فيه، ولا فائدة منه، من قول أو عمل ؛ وقيل ﴿ اللغو ﴾ المعاصي كلها.
ومما نقل النيسابوري : وأما الخشوع فمنهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة ؛ ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون، وترك الالتفات، والنظر إلى موضع السجود، والتوقي عن كف الثوب ـ أي جمعه ـ والعبث بجسده وثيابه، والتمطي والتثاؤب والتغميض وتغطية الفم.. والاحتراز عن الفرقعة والتشبيك وتقليب الحصا، والاختصار ـ وهو أن يمسك بيده عصا أو سوطا ونحوهما، أو يضع يده على خاصرته ـ.. وهذا الخشوع واجب عند المحققين،... وأما الفقهاء فالأكثرون منهم لا يوجبون ذلك ؛ فيقال لهم : هبوا أنه ليس من شرط الإجزاء ـ وهو عدم وجوب القضاء ـ أليس هو من شرط القبول الذي يترتب عليه الثواب... اهـ
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ { ١ ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ { ٢ ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ { ٣ ) ﴾
﴿ أفلح ﴾ فاز ونجا وبقي في النعيم.
﴿ المؤمنون ﴾ المصدقون بالله وملائكته وكتبه ورسله والآخرة والعاملون بمقتضى التصديق.
[ والمراد بالمؤمنين قيل : إما المصدقون بما علم ضرورة أنه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والحشر الجسماني والجزاء ونظائرها، فقوله تعالى :﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ وما عطف عليه صفات مخصصة لهم ؛ وإما الآتون بفروعه أيضا.. فهي صفات موضحة أو قادحة لهم.. ﴿ خاشعون ﴾ خائفون ساكنون.. وعن أبي الدرداء : إعظام المقام، وإخلاص المقال، واليقين التام، وجمع الاهتمام، ويتبع ذلك ترك الالتفات وهو من الشيطان، فقد روى البخاري.. عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال :" هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " ]١ ؛ ومن خصال المؤمنين : ترك مالا نفع فيه، ولا فائدة منه، من قول أو عمل ؛ وقيل ﴿ اللغو ﴾ المعاصي كلها.
ومما نقل النيسابوري : وأما الخشوع فمنهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة ؛ ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون، وترك الالتفات، والنظر إلى موضع السجود، والتوقي عن كف الثوب ـ أي جمعه ـ والعبث بجسده وثيابه، والتمطي والتثاؤب والتغميض وتغطية الفم.. والاحتراز عن الفرقعة والتشبيك وتقليب الحصا، والاختصار ـ وهو أن يمسك بيده عصا أو سوطا ونحوهما، أو يضع يده على خاصرته ـ.. وهذا الخشوع واجب عند المحققين،... وأما الفقهاء فالأكثرون منهم لا يوجبون ذلك ؛ فيقال لهم : هبوا أنه ليس من شرط الإجزاء ـ وهو عدم وجوب القضاء ـ أليس هو من شرط القبول الذي يترتب عليه الثواب... اهـ
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ { ١ ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ { ٢ ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ { ٣ ) ﴾
﴿ أفلح ﴾ فاز ونجا وبقي في النعيم.
﴿ المؤمنون ﴾ المصدقون بالله وملائكته وكتبه ورسله والآخرة والعاملون بمقتضى التصديق.
[ والمراد بالمؤمنين قيل : إما المصدقون بما علم ضرورة أنه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والحشر الجسماني والجزاء ونظائرها، فقوله تعالى :﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ وما عطف عليه صفات مخصصة لهم ؛ وإما الآتون بفروعه أيضا.. فهي صفات موضحة أو قادحة لهم.. ﴿ خاشعون ﴾ خائفون ساكنون.. وعن أبي الدرداء : إعظام المقام، وإخلاص المقال، واليقين التام، وجمع الاهتمام، ويتبع ذلك ترك الالتفات وهو من الشيطان، فقد روى البخاري.. عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال :" هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " ]١ ؛ ومن خصال المؤمنين : ترك مالا نفع فيه، ولا فائدة منه، من قول أو عمل ؛ وقيل ﴿ اللغو ﴾ المعاصي كلها.
ومما نقل النيسابوري : وأما الخشوع فمنهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة ؛ ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون، وترك الالتفات، والنظر إلى موضع السجود، والتوقي عن كف الثوب ـ أي جمعه ـ والعبث بجسده وثيابه، والتمطي والتثاؤب والتغميض وتغطية الفم.. والاحتراز عن الفرقعة والتشبيك وتقليب الحصا، والاختصار ـ وهو أن يمسك بيده عصا أو سوطا ونحوهما، أو يضع يده على خاصرته ـ.. وهذا الخشوع واجب عند المحققين،... وأما الفقهاء فالأكثرون منهم لا يوجبون ذلك ؛ فيقال لهم : هبوا أنه ليس من شرط الإجزاء ـ وهو عدم وجوب القضاء ـ أليس هو من شرط القبول الذي يترتب عليه الثواب... اهـ
واختص الله تعالى المؤمنين بأنهم يتزكون ويتطهرون، أو يؤدون حقا في أموالهم يؤتونه الفقراء ومما رزقهم الله ينفقون ؛
والصفة الخامسة للمؤمنين : رعايتهم لما ائتمنوا فيه وتعاهدوا عليه من ميثاق الله تعالى ومطالب دينه، وحقوق العباد كافة، فهم بحقوق ربهم قائمون، ولحقوق الخلق يصونون ويؤدون، ويوفون ولا يبخسون ؛
وعلماء المعاني يلفتون إلى وجوه من البلاغة متتابعة في هذه الآيات المباركات ؛ فقد جاءت جملا اسمية دالة على الثبات والدوام ؛ وتقدم الضمير المفيد لتقوي الحكم بتكريره ؛ والتعبير في المسند بالاسم الدال كما شاع على الثبات ؛ وتقديم الظرف عليه المفيد للحصر.
فلينظر طلاب الفوز والسعادة، كم حققوا من هذه الصفات ؟ وليسأل العاقل نفسه أين هو من تلك العلامات، فإن وجد خيرا فليحمد الله تعالى، وليسأله سبحانه الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد، وإن وجد غير ذلك فليوف بعهد ربه، يوف إليه ربه بعهده ؛ ربنا تقبل عنا أحسن ما عملنا وتجاوز عن سيئاتنا في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
وعلماء المعاني يلفتون إلى وجوه من البلاغة متتابعة في هذه الآيات المباركات ؛ فقد جاءت جملا اسمية دالة على الثبات والدوام ؛ وتقدم الضمير المفيد لتقوي الحكم بتكريره ؛ والتعبير في المسند بالاسم الدال كما شاع على الثبات ؛ وتقديم الظرف عليه المفيد للحصر.
فلينظر طلاب الفوز والسعادة، كم حققوا من هذه الصفات ؟ وليسأل العاقل نفسه أين هو من تلك العلامات، فإن وجد خيرا فليحمد الله تعالى، وليسأله سبحانه الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد، وإن وجد غير ذلك فليوف بعهد ربه، يوف إليه ربه بعهده ؛ ربنا تقبل عنا أحسن ما عملنا وتجاوز عن سيئاتنا في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
﴿ خلقنا ﴾ أبدعنا وصورنا وأوجدناه بعد أن كان معدوما.
﴿ الإنسان ﴾ أول الأناسي، والذي منه تناسل الجنس البشري ؛ آدم عليه السلام.
﴿ سلالة ﴾ ما يستل ويستخرج ويستخلص.
كما ذكر المولى الحكيم بحسن الجزاء، ومصير السعداء، الذين يخلدون في دار النعيم، بينت هذه الآيات بدء خلق الإنسان، وعظيم فضل المولى عليه في كل طور وآن ؛ فكأن اللام موطئة للقسم، وقد للتحقيق، أي تحققوا واستيقنوا أنا أبدعنا وأنشأنا آدم، وصورناه على غير مثال سبق، وأوجدناه بعد أن كان معدوما، وأردنا أن يكون في مادته مستخلصا من طين الأرض وترابها، وتنبث الروح في جوانب مادته بإشراقها وأسرارها ؛ ثم جعلنا توال ذريته وتكاثرهم من ماء ضعيف هين، يمنيه الرجل، فيقر الله تعالى منه ما يشاء في رحم الأم داخل ظلمات ثلاث، وقد شئنا أن نحكم خلقة الرحم فجعلناه مكينا لا ينفصل حين يثقل حمله، ولا يلقي ما فيه إلا بأمرنا، وبهذا امتن الله تعالى على البشر :{ ألم نخلقهم من ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين. إلى قدر معلوم. فقدرنا فنعم القادرون )١، وتنفذ مشيئتنا ولطفنا إلى ما بداخل هذه الظلمات الثلاث فنخلق من النطفة بعد حين قطعة من الدم منعقدة غير يابسة، أو كالدودة المسودة إلى حمرة، تعلق بجدار الرحم فتمتص منه ما نريد أن يتغذى به هذا الكائن الضعيف وينمو ؛ ثم نخلق من العلقة قطعة لحم صغيرة، ثم ينقضي وقت على هذين الطورين العلقة والمضغة فنخلق من المضغة عظاما ؛ وبعدها نكسو هذه العظام لحما، وبعد حين نركبه في أحسن تقويم، ونصورهم فنحسن صورته، فما أعظم قوة واقتدار البارئ المصور الذي أتقن كل شيء صنعا
﴿ قرار مكين ﴾ رحم الأم ؛ وتمكنها عدم انفصالها حين يثقل حملها ؛ ولا تمج ما فيها.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ { ١٢ ) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ { ١٣ ) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ { ١٤ ) ﴾.
﴿ خلقنا ﴾ أبدعنا وصورنا وأوجدناه بعد أن كان معدوما.
﴿ الإنسان ﴾ أول الأناسي، والذي منه تناسل الجنس البشري ؛ آدم عليه السلام.
﴿ سلالة ﴾ ما يستل ويستخرج ويستخلص.
كما ذكر المولى الحكيم بحسن الجزاء، ومصير السعداء، الذين يخلدون في دار النعيم، بينت هذه الآيات بدء خلق الإنسان، وعظيم فضل المولى عليه في كل طور وآن ؛ فكأن اللام موطئة للقسم، وقد للتحقيق، أي تحققوا واستيقنوا أنا أبدعنا وأنشأنا آدم، وصورناه على غير مثال سبق، وأوجدناه بعد أن كان معدوما، وأردنا أن يكون في مادته مستخلصا من طين الأرض وترابها، وتنبث الروح في جوانب مادته بإشراقها وأسرارها ؛ ثم جعلنا توال ذريته وتكاثرهم من ماء ضعيف هين، يمنيه الرجل، فيقر الله تعالى منه ما يشاء في رحم الأم داخل ظلمات ثلاث، وقد شئنا أن نحكم خلقة الرحم فجعلناه مكينا لا ينفصل حين يثقل حمله، ولا يلقي ما فيه إلا بأمرنا، وبهذا امتن الله تعالى على البشر :{ ألم نخلقهم من ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين. إلى قدر معلوم. فقدرنا فنعم القادرون )١، وتنفذ مشيئتنا ولطفنا إلى ما بداخل هذه الظلمات الثلاث فنخلق من النطفة بعد حين قطعة من الدم منعقدة غير يابسة، أو كالدودة المسودة إلى حمرة، تعلق بجدار الرحم فتمتص منه ما نريد أن يتغذى به هذا الكائن الضعيف وينمو ؛ ثم نخلق من العلقة قطعة لحم صغيرة، ثم ينقضي وقت على هذين الطورين العلقة والمضغة فنخلق من المضغة عظاما ؛ وبعدها نكسو هذه العظام لحما، وبعد حين نركبه في أحسن تقويم، ونصورهم فنحسن صورته، فما أعظم قوة واقتدار البارئ المصور الذي أتقن كل شيء صنعا
﴿ مضغة ﴾ قطعة لحم قدر ما يلقي الإنسان في فيه.
﴿ فتبارك ﴾ كثر خيره، وعظمت بركاته.
﴿ أحسن الخالقين ﴾ أتقن الصانعين.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ { ١٢ ) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ { ١٣ ) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ { ١٤ ) ﴾.
﴿ خلقنا ﴾ أبدعنا وصورنا وأوجدناه بعد أن كان معدوما.
﴿ الإنسان ﴾ أول الأناسي، والذي منه تناسل الجنس البشري ؛ آدم عليه السلام.
﴿ سلالة ﴾ ما يستل ويستخرج ويستخلص.
كما ذكر المولى الحكيم بحسن الجزاء، ومصير السعداء، الذين يخلدون في دار النعيم، بينت هذه الآيات بدء خلق الإنسان، وعظيم فضل المولى عليه في كل طور وآن ؛ فكأن اللام موطئة للقسم، وقد للتحقيق، أي تحققوا واستيقنوا أنا أبدعنا وأنشأنا آدم، وصورناه على غير مثال سبق، وأوجدناه بعد أن كان معدوما، وأردنا أن يكون في مادته مستخلصا من طين الأرض وترابها، وتنبث الروح في جوانب مادته بإشراقها وأسرارها ؛ ثم جعلنا توال ذريته وتكاثرهم من ماء ضعيف هين، يمنيه الرجل، فيقر الله تعالى منه ما يشاء في رحم الأم داخل ظلمات ثلاث، وقد شئنا أن نحكم خلقة الرحم فجعلناه مكينا لا ينفصل حين يثقل حمله، ولا يلقي ما فيه إلا بأمرنا، وبهذا امتن الله تعالى على البشر :{ ألم نخلقهم من ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين. إلى قدر معلوم. فقدرنا فنعم القادرون )١، وتنفذ مشيئتنا ولطفنا إلى ما بداخل هذه الظلمات الثلاث فنخلق من النطفة بعد حين قطعة من الدم منعقدة غير يابسة، أو كالدودة المسودة إلى حمرة، تعلق بجدار الرحم فتمتص منه ما نريد أن يتغذى به هذا الكائن الضعيف وينمو ؛ ثم نخلق من العلقة قطعة لحم صغيرة، ثم ينقضي وقت على هذين الطورين العلقة والمضغة فنخلق من المضغة عظاما ؛ وبعدها نكسو هذه العظام لحما، وبعد حين نركبه في أحسن تقويم، ونصورهم فنحسن صورته، فما أعظم قوة واقتدار البارئ المصور الذي أتقن كل شيء صنعا
بعد المبدأ جاء ذكر المعاد وأول مراحل الآخرة الموت ؛ ثم إنكم أيها الذين سويت أباكم بيدي، وكرمتكم على سائر خلقي، وخلقتكم أطوارا، ووهبتكم السمع والأبصار، والنطق والعقل، وسخرت لكم ما في الكون إنكم لمرتحلون عن هذه الدنيا وتاركوها ؛ فاللهم كما رعيتنا أجنة في بطون أمهاتنا، أسبغ علينا واسع رحمتك، وعظيم رضوانك، حين تبلغ الروح الحلقوم، وحين نقبر وحين نقوم، وعلى كل أحوالنا يا حي يا قيوم، يا بر يا رحيم ؛ ثم إذا نفخ في الصور بأمرنا نفخة ثانية نحيي الموتى ونخرجهم من الأجداث سراعا، ثم يساقون ويحشرون إلى حيث يحاسبون ويسألون، ويقضى بينهم، فمعذبون ومنعمون ؛ وفي كلتا الآيتين تأكيد بإن واسمية الجملة، أي صائر ذلك لا محالة ؛ لكن في الأولى جاء النعت الذي هو للثبوت، ربما لأن كراهية الموت لا يكاد يسلم منها أحد نزلت منزلة شدة الإنكار فبولغ في تأكيد الجملة الدالة عليه ؛ أو لأن برهان البعث تردد كثيرا في طائفة من الآيات كثيرة.
بعد المبدأ جاء ذكر المعاد وأول مراحل الآخرة الموت ؛ ثم إنكم أيها الذين سويت أباكم بيدي، وكرمتكم على سائر خلقي، وخلقتكم أطوارا، ووهبتكم السمع والأبصار، والنطق والعقل، وسخرت لكم ما في الكون إنكم لمرتحلون عن هذه الدنيا وتاركوها ؛ فاللهم كما رعيتنا أجنة في بطون أمهاتنا، أسبغ علينا واسع رحمتك، وعظيم رضوانك، حين تبلغ الروح الحلقوم، وحين نقبر وحين نقوم، وعلى كل أحوالنا يا حي يا قيوم، يا بر يا رحيم ؛ ثم إذا نفخ في الصور بأمرنا نفخة ثانية نحيي الموتى ونخرجهم من الأجداث سراعا، ثم يساقون ويحشرون إلى حيث يحاسبون ويسألون، ويقضى بينهم، فمعذبون ومنعمون ؛ وفي كلتا الآيتين تأكيد بإن واسمية الجملة، أي صائر ذلك لا محالة ؛ لكن في الأولى جاء النعت الذي هو للثبوت، ربما لأن كراهية الموت لا يكاد يسلم منها أحد نزلت منزلة شدة الإنكار فبولغ في تأكيد الجملة الدالة عليه ؛ أو لأن برهان البعث تردد كثيرا في طائفة من الآيات كثيرة.
هذه الآيات المباركات فيها بيان لشيء من النعم والآلاء، وربما تكون كالبرهان على قدرة الحي القيوم على الإماتة والإحياء، إذ من رفع السماء، وأجرى الماء، وأحيا الأرض اليابسة الجرداء، فاهتزت وأنبتت صنوف الفاكهة والغذاء، لا يعجزه أن يبعث من في القبور للسؤال والحساب والجزاء ؛ فتحققوا أنا خلقنا للأرض التي تسكنونها بناء وسقفا يعلوها، ذلك هو السماوات السبع، وسميت ﴿ طرائق ﴾ لأنه يعلو بعضها بعضا، أو لأنها طرائق الملائكة عليهم السلام في هبوطهم وعروجهم لمصالح العباد، أو لأنها طرائق الكواكب في مسيرها، أو لأن كل سماء طريقة، واستودع الله تعالى في كل سماء ما لم يودعه في الأخرى والله تعالى أعلم وما نغفل عن شأن كائنا ما كان من أمر الخلق، ومن جملة الخلق السماوات ؛
وفوق نعمة السقيا والماء الطهور المبارك العذب، وما منح الكريم الوهاب من خيرات الشجر والزرع و[ الثروة النباتية ] تفضل الرزاق المنعم بتسخير الرزاق المنعم بتسخير الأنعام لخيرنا، نشرب من لبنها أبرك طعام وأمرأه وأهنأه وأضوأه مع أنه خارج من بين فرث ودم فسبحان من لا يعجزه شيء ونلبس ونؤثث من أصوافها وأوبارها وأشعارها، ونغتني ونقتني من حملانها وثمنها، ونأكل من لحومها، ونركب ظهورها، وتحمل أثقالنا إلى بلد لم نكن لنبلغه دونها إلا بشق الأنفس، فتلك مراكب البر و[ الثروة الحيوانية ] كما سخر لنا الفلك تحملنا وأمتعتنا فوق ثبج البحر، فما أكرم المنعم، وما أبرك النعم !
وفوق نعمة السقيا والماء الطهور المبارك العذب، وما منح الكريم الوهاب من خيرات الشجر والزرع و[ الثروة النباتية ] تفضل الرزاق المنعم بتسخير الرزاق المنعم بتسخير الأنعام لخيرنا، نشرب من لبنها أبرك طعام وأمرأه وأهنأه وأضوأه مع أنه خارج من بين فرث ودم فسبحان من لا يعجزه شيء ونلبس ونؤثث من أصوافها وأوبارها وأشعارها، ونغتني ونقتني من حملانها وثمنها، ونأكل من لحومها، ونركب ظهورها، وتحمل أثقالنا إلى بلد لم نكن لنبلغه دونها إلا بشق الأنفس، فتلك مراكب البر و[ الثروة الحيوانية ] كما سخر لنا الفلك تحملنا وأمتعتنا فوق ثبج البحر، فما أكرم المنعم، وما أبرك النعم !
اللام في ﴿ ولقد ﴾ موطنة للقسم، وقد للتحقيق ؛ وكأن المعنى : وقسما لقد أرسلنا وبعثنا نوحا نذيرا إلى قومه فناداهم بما يرقق قلوبهم ويستميلهم إلى إجابة النداء إذ هو منهم ورائدهم، والرائد لا يكذب أهله، وإنما يحرص على خيرهم وعزهم : وحدوا الله تعالى، فما يستحق العبادة إلا هو، أفلا تدركون، فتتوقون نقمته، وسخطه وبطشته ؟ ! أفلا تخشون بعبادتكم الأصنام عقابه أن يحل بكم ؟ ! ١ والآيات الكريمة التي بينت جانبا من قصة نوح عليه السلام ههنا أوجزت سبيل الدعوة، بينما الآيات المباركات في سورة نوح صلى الله عليه وسلم قد أفاضت في سبلها، وتعدد أوقاتها، وطرائق إعراض القوم عنها وردها، بل والتواصي بمناوأتها والصبر على تقديس الأوثان التي دعا الله إلى التبرؤ منها والكفر بها :{ وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا )٢.
ومن هنا نتبين أن قصص الأنبياء في القرآن حين يتعدد إنما يعلم في كل مرة علما نافعا هاديا، يثبت القلب، وينفي الريب، وليس تكرارا وترديدا لمعنى واحد، كما يفتري بعض السفهاء من أعداء الدين، فيفتن بزيفهم من حرم تدبر آي الكتاب المبين ؛ نسأل الله تعالى الهداية للحق، والعصمة من الزيغ.
٢ سورة نوح. الآية ٢٣..
فسارع كبراء قومه الذين يجحدون الحق، ويضلون الخلق، إلى النهي عنه، والنأي عنه، يتباعدون عن الاستجابة للهدى الذي جاءهم به رسولهم من ربهم، ويصدون ويمنعون غيرهم أن يستجيبوا له ؛ واحتجوا بحجج داحضة منها : إنكار مجيء رسول إنسي :﴿ ما هذا إلا بشر مثلكم ﴾ [ أو إنكار كونه مثلهم في الأسباب الدنيوية من المال والجاه والجمال كأنهم ظنوا أن القرب من الله يوجب المزية في هذه الأمور ]١ ؛ وحجة باطلة ثانية أوردوها يشير إليها قول الحق سبحانه : حكاية عن قيلهم.. ﴿ يريد أن يتفضل عليكم ﴾ رموه عليه السلام بهتانا بأنه يقصد بدعوته أن يكون متبوعا ونحن له تبع ؛ وكذبوا ! فقد عرضوا عليه أن يجلسوا إليه إن هو تخلى عمن اتبعوه من الضعاف والفقراء فاستعصم ؛ وقال ما بينه تبارك اسمه :﴿ .. وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون )٢ { وما أنا بطارد المؤمنين. إن أنا إلا نذير مبين )٣ ؛ وضلالة ثالثة افتروها وقالوا : لو أراد الله أن يبعث رسولا لأنزل ملكا يبلغ عنه ؛ وقد أبطل المولى الحكيم ما اقترحوا فقال عز من قائل :{ .. ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون. ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون )٤ وأمر خاتم النبيين عليه من الله الصلاة والتسليم أن يبين للناس أن هذا ليس من سنة الحكيم الخبير :{ قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا )٥ ؛ ورابعة ضلالاتهم : إصرارهم على اتباع أسلافهم في غيهم، ولو كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؛ وإلى هذا أشار القول الرباني الحكيم :{ ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ﴾ كالذي قال كبراء قريش لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبينه الفرقان في سورة { ص ) في آيات كريمات :{ أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )٦ { ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق )٧ ؛
٢ سورة هود. من الآية ٢٩..
٣ سورة الشعراء. الآيتان: ١١٤، ١١٥..
٤ سورة الأنعام. من الآية ٨، والآية ٩..
٥ سورة الإسراء. الآية ٩٥..
٦ الآية ٥..
٧ الآية. ٧..
حين ضل قوم نوح ضلالهم البعيد، وتتابعت القرون يدعوهم نبيهم وهم يسبونه ويتهددونه بأقبح الوعيد، حتى أنذروه قائلين :{ .. لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين )١ ؛ { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر )٢ أي : أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي، ففي هزيمتهم إزهاق الباطل والشرك، ونصرة للحق وأهل الحق ؛ هذا والتضرع قد يكون أرجى للقبول حين نتخشع به لربنا الولي أكرم مسئول وأفضل مأمول، ولعل أكثر سياق آيات الدعاء تحبب إليك أن تلظ ب{ يا رب ) فإنه نعم المولى مجيب النداء ؛ يقول تبارك اسمه :{ ادعوا ربكم تضرعا وخفية.. )٣ { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة.. )٤ { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم.. )٥ وكذلك دعا الرسل الكرام ربهم :{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك.. )٦ ؛ وموسى حين هم به الفراعنة الطغاة، واستعاذ منهم بالله، لجأ إليه سبحانه وناداه :{ وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون )٧ { وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )٨، وسليمان حين سأل الكريم الوهاب جزيل العطاء قال ما بينه الكتاب المبين ! { .. رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب )٩ وحين استعان به عز وجل على شكر النعماء قال :{ ... رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين )١٠ والذين يحملون العرش ومن حوله من كرام الملائكة عليهم السلام يدعون للمؤمنين :{ .. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.. )١١ وكذلك علمتنا آيات القرآن الحكيم :{ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )١٢ { .. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار )١٣ { .. ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيآتنا وتوفنا مع الأبرار. ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد )١٤.
٢ سورة القمر. الآية ١٠..
٣ سورة الأعراف. من الآية ٥٥..
٤ سورة الأعراف. من الآية ٢٠٥..
٥ سورة غافر. من الآية ٦٠..
٦ سورة البقرة. الآية ١٢٧؛ ومن الآية ١٢٨..
٧ سورة الدخان. الآية ٢٠..
٨ سورة يونس. الآية ٨٨..
٩ سورة ص من الآية ٣٥..
١٠ سورة النمل. من الآية ١٩..
١١ سورة غافر. من الآيتين ٧، ٨..
١٢ سورة آل عمران. الآية ٨..
١٣ سورة آل عمران. من الآية ١٩١..
١٤ سورة آل عمران. من الآية ١٩٣، والآية ١٩٤..
ثم خلقنا من بعد قوم نوح أهل قوم وزمان آخرين قيل هم عاد إذ هم الذين جاءوا بعد قوم نوح ؛ وقيل : ثمود، إذ قد بين القرآن العظيم في أكثر من آية أنهم أهلكوا بالصيحة، هذا وممن أهلك بالصيحة أصحاب مدين، وأصحاب القرية التي أرسل إليها رسل عيسى عليه السلام، فقتلوا الثالث [ حبيبا النجار ] فبعث الله تعالى فيهم نبيا من قرابتهم أو محلتهم، وناداهم : أن أخلصوا لله العبادة، فما يستحق العبادة إلا الله ؛ أجهلتم سلطان الملك المهيمن فلا تتقون سخطه وعقابه ؟ ! فإن كانوا عادا فالمبعوث إليهم هو هود عليه السلام ؛ وإن كانت ثمود فالمرسل إليهم نبي الله صالح عليه السلام وإن كانوا أصحاب مدين، فالمبعوث إليهم شعيب عليه السلام١.
ثم خلقنا من بعد قوم نوح أهل قوم وزمان آخرين قيل هم عاد إذ هم الذين جاءوا بعد قوم نوح ؛ وقيل : ثمود، إذ قد بين القرآن العظيم في أكثر من آية أنهم أهلكوا بالصيحة، هذا وممن أهلك بالصيحة أصحاب مدين، وأصحاب القرية التي أرسل إليها رسل عيسى عليه السلام، فقتلوا الثالث [ حبيبا النجار ] فبعث الله تعالى فيهم نبيا من قرابتهم أو محلتهم، وناداهم : أن أخلصوا لله العبادة، فما يستحق العبادة إلا الله ؛ أجهلتم سلطان الملك المهيمن فلا تتقون سخطه وعقابه ؟ ! فإن كانوا عادا فالمبعوث إليهم هو هود عليه السلام ؛ وإن كانت ثمود فالمرسل إليهم نبي الله صالح عليه السلام وإن كانوا أصحاب مدين، فالمبعوث إليهم شعيب عليه السلام١.
وانبعث رؤساء قومه بكفرهم بالله ورسالاته، وإنكارهم البعث والحياة الآخرة، وبطرهم بما أوتوا، وفرحهم بالعاجلة ونسيان وترك الآجلة انبعثوا يصدون عن الرسول الذي يدعوهم، متذرعين في تكذيبه بأنه ليس إلا بشرا يطعم كطعامهم ويشرب كشربهم ؛ وإن أطاعوا من يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فقد خسروا عقولهم ؛
وانبعث رؤساء قومه بكفرهم بالله ورسالاته، وإنكارهم البعث والحياة الآخرة، وبطرهم بما أوتوا، وفرحهم بالعاجلة ونسيان وترك الآجلة انبعثوا يصدون عن الرسول الذي يدعوهم، متذرعين في تكذيبه بأنه ليس إلا بشرا يطعم كطعامهم ويشرب كشربهم ؛ وإن أطاعوا من يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فقد خسروا عقولهم ؛
نقل الألوسي : وقوله سبحانه :﴿ لما توعدون ﴾ بيان لمرجع ذلك الضمير، فاللام متعلقة بمقدر، كما في : سقيا له : أي : التصديق، أو الوقوع المتصف بالبعد كائن لما توعدون.
أورد القرطبي : يقال : كيف قالوا : نموت ونحيا، وهم لا يقرون بالبعث ؟ ففي هذا أجوبة ؛ منها : أن يكون المعنى : نكون مواتا أي نطفا ثم نحيا في الدنيا ؛ وقيل : فيه تقديم وتأخير ؛ أي إن هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت ؛ كما قال :﴿ ... واسجدي واركعي... )١ ؛ وقيل { نموت ﴾ يعني الآباء، ﴿ ونحيا ﴾ يعني الأولاد.. اه.
نقل الألوسي : وقوله سبحانه :﴿ لما توعدون ﴾ بيان لمرجع ذلك الضمير، فاللام متعلقة بمقدر، كما في : سقيا له : أي : التصديق، أو الوقوع المتصف بالبعد كائن لما توعدون.
أورد القرطبي : يقال : كيف قالوا : نموت ونحيا، وهم لا يقرون بالبعث ؟ ففي هذا أجوبة ؛ منها : أن يكون المعنى : نكون مواتا أي نطفا ثم نحيا في الدنيا ؛ وقيل : فيه تقديم وتأخير ؛ أي إن هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت ؛ كما قال :﴿... واسجدي واركعي... )١ ؛ وقيل { نموت ﴾ يعني الآباء، ﴿ ونحيا ﴾ يعني الأولاد.. اه.
نقل الألوسي : وقوله سبحانه :﴿ لما توعدون ﴾ بيان لمرجع ذلك الضمير، فاللام متعلقة بمقدر، كما في : سقيا له : أي : التصديق، أو الوقوع المتصف بالبعد كائن لما توعدون.
أورد القرطبي : يقال : كيف قالوا : نموت ونحيا، وهم لا يقرون بالبعث ؟ ففي هذا أجوبة ؛ منها : أن يكون المعنى : نكون مواتا أي نطفا ثم نحيا في الدنيا ؛ وقيل : فيه تقديم وتأخير ؛ أي إن هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت ؛ كما قال :﴿... واسجدي واركعي... )١ ؛ وقيل { نموت ﴾ يعني الآباء، ﴿ ونحيا ﴾ يعني الأولاد.. اه.
نقل الألوسي : وقوله سبحانه :﴿ لما توعدون ﴾ بيان لمرجع ذلك الضمير، فاللام متعلقة بمقدر، كما في : سقيا له : أي : التصديق، أو الوقوع المتصف بالبعد كائن لما توعدون.
أورد القرطبي : يقال : كيف قالوا : نموت ونحيا، وهم لا يقرون بالبعث ؟ ففي هذا أجوبة ؛ منها : أن يكون المعنى : نكون مواتا أي نطفا ثم نحيا في الدنيا ؛ وقيل : فيه تقديم وتأخير ؛ أي إن هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت ؛ كما قال :﴿... واسجدي واركعي... )١ ؛ وقيل { نموت ﴾ يعني الآباء، ﴿ ونحيا ﴾ يعني الأولاد.. اه.
ما تغني الآيات والنذر شيئا عن قوم أبطرهم الترف، وغرتهم الحياة الدنيا، وألهتهم عن الآخرة، وشهدوا على أنفسهم أنهم استحبوا الكفر على الإيمان، فلا عجب أن قال رسولهم داعيا مولاه متضرعا : رب أزهق الباطل، وامحق هذا الفساد، الذي تمادى فيه هؤلاء، فكفروا بالله ورسله، وأنكروا يوم المعاد، ودعوا إلى الجحود والكفران، فخير للعباد أن تطهر الأرض من الصادين عن الهدى والإيمان ؛ كالذي جاء في دعاء نوح عليه السلام على طغاة قومه :﴿ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا والمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا )١ فاستجاب الله تعالى دعوة ذلك الرسول سلام الله عليه وعلى سائر المرسلين ونودي : بالله تعالى ليصيرن نادمين على ما فعلوا من التكذيب بعد زمان قليل ؛ وجائز أن يكون القوم هم ثمود كما أشرنا من قبل وأن يكون نبيهم صالح عليه السلام قد أنذرهم بما بين الكتاب الحكيم :{ .. فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام وذلك وعد غير مكذوب، فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز. وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود )٢ وهكذا أخذتهم صيحة جبريل عليه السلام، صاح بهم فدمرهم ؛ { بالحق ﴾ بالأمر الذي يتحقق لا محالة ؛ أو بالعدل من الله عز وجل، من قولك : فلان يقضي بالحق، إذ كان عادلا في قضياه ؛ أو بالوعد الصدق الذي وعده الرسول في ضمن قوله تعالى :{ .. عما قليل ليصبحن نادمين )٣ فجعلناهم هباء كالأوراق والعيدان البالية التي يحملها الماء المندفع في الوديان حين ينهمر المطر ؛ وهو الذي يقال عنه : غثاء السيل ؛ فبعدوا بعدا من رحمة الله، أو أبعدهم الله تعالى من رحمته بعدا كبيرا، لجحودهم، وتكذيبهم، وبطرهم، وصدهم عن الهدى بعد أن تبين لهم.
٢ سورة هود. من الآية ٦٥؛ والآيات: ٦٦، ٦٧، ٦٨.
٣ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
ما تغني الآيات والنذر شيئا عن قوم أبطرهم الترف، وغرتهم الحياة الدنيا، وألهتهم عن الآخرة، وشهدوا على أنفسهم أنهم استحبوا الكفر على الإيمان، فلا عجب أن قال رسولهم داعيا مولاه متضرعا : رب أزهق الباطل، وامحق هذا الفساد، الذي تمادى فيه هؤلاء، فكفروا بالله ورسله، وأنكروا يوم المعاد، ودعوا إلى الجحود والكفران، فخير للعباد أن تطهر الأرض من الصادين عن الهدى والإيمان ؛ كالذي جاء في دعاء نوح عليه السلام على طغاة قومه :﴿ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا والمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا )١ فاستجاب الله تعالى دعوة ذلك الرسول سلام الله عليه وعلى سائر المرسلين ونودي : بالله تعالى ليصيرن نادمين على ما فعلوا من التكذيب بعد زمان قليل ؛ وجائز أن يكون القوم هم ثمود كما أشرنا من قبل وأن يكون نبيهم صالح عليه السلام قد أنذرهم بما بين الكتاب الحكيم :{.. فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام وذلك وعد غير مكذوب، فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز. وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود )٢ وهكذا أخذتهم صيحة جبريل عليه السلام، صاح بهم فدمرهم ؛ { بالحق ﴾ بالأمر الذي يتحقق لا محالة ؛ أو بالعدل من الله عز وجل، من قولك : فلان يقضي بالحق، إذ كان عادلا في قضياه ؛ أو بالوعد الصدق الذي وعده الرسول في ضمن قوله تعالى :{.. عما قليل ليصبحن نادمين )٣ فجعلناهم هباء كالأوراق والعيدان البالية التي يحملها الماء المندفع في الوديان حين ينهمر المطر ؛ وهو الذي يقال عنه : غثاء السيل ؛ فبعدوا بعدا من رحمة الله، أو أبعدهم الله تعالى من رحمته بعدا كبيرا، لجحودهم، وتكذيبهم، وبطرهم، وصدهم عن الهدى بعد أن تبين لهم.
٢ سورة هود. من الآية ٦٥؛ والآيات: ٦٦، ٦٧، ٦٨.
٣ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
ما تغني الآيات والنذر شيئا عن قوم أبطرهم الترف، وغرتهم الحياة الدنيا، وألهتهم عن الآخرة، وشهدوا على أنفسهم أنهم استحبوا الكفر على الإيمان، فلا عجب أن قال رسولهم داعيا مولاه متضرعا : رب أزهق الباطل، وامحق هذا الفساد، الذي تمادى فيه هؤلاء، فكفروا بالله ورسله، وأنكروا يوم المعاد، ودعوا إلى الجحود والكفران، فخير للعباد أن تطهر الأرض من الصادين عن الهدى والإيمان ؛ كالذي جاء في دعاء نوح عليه السلام على طغاة قومه :﴿ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا والمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا )١ فاستجاب الله تعالى دعوة ذلك الرسول سلام الله عليه وعلى سائر المرسلين ونودي : بالله تعالى ليصيرن نادمين على ما فعلوا من التكذيب بعد زمان قليل ؛ وجائز أن يكون القوم هم ثمود كما أشرنا من قبل وأن يكون نبيهم صالح عليه السلام قد أنذرهم بما بين الكتاب الحكيم :{.. فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام وذلك وعد غير مكذوب، فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز. وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود )٢ وهكذا أخذتهم صيحة جبريل عليه السلام، صاح بهم فدمرهم ؛ { بالحق ﴾ بالأمر الذي يتحقق لا محالة ؛ أو بالعدل من الله عز وجل، من قولك : فلان يقضي بالحق، إذ كان عادلا في قضياه ؛ أو بالوعد الصدق الذي وعده الرسول في ضمن قوله تعالى :{.. عما قليل ليصبحن نادمين )٣ فجعلناهم هباء كالأوراق والعيدان البالية التي يحملها الماء المندفع في الوديان حين ينهمر المطر ؛ وهو الذي يقال عنه : غثاء السيل ؛ فبعدوا بعدا من رحمة الله، أو أبعدهم الله تعالى من رحمته بعدا كبيرا، لجحودهم، وتكذيبهم، وبطرهم، وصدهم عن الهدى بعد أن تبين لهم.
٢ سورة هود. من الآية ٦٥؛ والآيات: ٦٦، ٦٧، ٦٨.
٣ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
﴿ قرونا ﴾ أهل قرون وأزمان، وكل جماعة عاشوا مقترنين في زمن فهم قرن.
ثم أوجدنا وخلقنا بعد المهلكين من قوم نوح والذين من بعدهم أهل قرون غيرهم، أهل أزمان وفترات، وفي كل فترة وإلى كل أمة كنا نرسل رسولا ؛ وصدق الله العظيم :{ .. وإن من أمة إلا خلا فيها نذير )١ ؛ { .. وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )٢ ؛ { ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )٣ ما يتقدمون على الموعد الذي قضى الله أن يهلكهم فيه، ولا يتأخرون عنه قليلا ولا كثيرا ؛ ولكل قوم نبيهم، ليكون عالما بأحوالهم، وبلسانهم ليبين لهم ؛ ولكن قليلا من المنذرين يؤمنون، وأكثرهم يكذبون. وأولئك هم المهلكون، ويرون النذر فيمن تقدموا فلا يعتبرون، فيبطش الله القوي الجبار بهم ليكونوا مثلا ومزدجرا لمن بعدهم يجيئون، هذا عذابهم العاجل، ويوم القيامة لا ينصرون، لأنهم من رحمة الله تعالى مبعدون.
﴿ قرونا آخرين ﴾ هم عند أكثر المفسرين قوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب وغير ذلك... ﴿ ثم أرسلنا رسلنا.. ﴾ عطف على ﴿ أنشأنا ﴾ لكن لا معنى أن إرسالهم متراخ عن إنشاء القرون المذكورة جميعا، بل على معنى أن إرسال كل رسول متأخر عن إرسال قرن مخصوص بذلك الرسول، كأنه قيل : ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين قد أرسلنا إلى كل فريق منهم رسولا خاصا به... وفي الصحاح : المواترة المتابعة، ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينهما فترة.. ٤.
نقل النيسابوري : ولا يستأصلهم إلا إذا علم منهم أنهم لا يزدادون إلا عنادا، وأنهم لا يلدون مؤمنا، وأنه لا نفع في بقائهم لغيرهم، ولا ضرر على أحد في هلاكهم. اه.
ومما أورد الطبري :.. ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الذي أجلنا لهلاكها، والوقت الذي وقتنا لفنائها، ولكنها تهلك لمجيئه ؛ وهذا وعيد من الله لمشركي قوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإعلام منه لهم أن تأخره في آجالهم مع كفرهم به وتكذيبهم رسوله ليبلغوا الأجل الذي أجل لهم، فيحل بهم نقمته كسنته فيمن قبلهم من الأمم السالفة
٢ سورة غافر. من الآية ٥..
٣ سورة الأعراف. الآية ٣٤.
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٢:﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ { ٤٢ ) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ { ٤٣ ) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ { ٤٤ ) ﴾
﴿ قرونا ﴾ أهل قرون وأزمان، وكل جماعة عاشوا مقترنين في زمن فهم قرن.
ثم أوجدنا وخلقنا بعد المهلكين من قوم نوح والذين من بعدهم أهل قرون غيرهم، أهل أزمان وفترات، وفي كل فترة وإلى كل أمة كنا نرسل رسولا ؛ وصدق الله العظيم :{.. وإن من أمة إلا خلا فيها نذير )١ ؛ {.. وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )٢ ؛ { ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )٣ ما يتقدمون على الموعد الذي قضى الله أن يهلكهم فيه، ولا يتأخرون عنه قليلا ولا كثيرا ؛ ولكل قوم نبيهم، ليكون عالما بأحوالهم، وبلسانهم ليبين لهم ؛ ولكن قليلا من المنذرين يؤمنون، وأكثرهم يكذبون. وأولئك هم المهلكون، ويرون النذر فيمن تقدموا فلا يعتبرون، فيبطش الله القوي الجبار بهم ليكونوا مثلا ومزدجرا لمن بعدهم يجيئون، هذا عذابهم العاجل، ويوم القيامة لا ينصرون، لأنهم من رحمة الله تعالى مبعدون.
﴿ قرونا آخرين ﴾ هم عند أكثر المفسرين قوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب وغير ذلك... ﴿ ثم أرسلنا رسلنا.. ﴾ عطف على ﴿ أنشأنا ﴾ لكن لا معنى أن إرسالهم متراخ عن إنشاء القرون المذكورة جميعا، بل على معنى أن إرسال كل رسول متأخر عن إرسال قرن مخصوص بذلك الرسول، كأنه قيل : ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين قد أرسلنا إلى كل فريق منهم رسولا خاصا به... وفي الصحاح : المواترة المتابعة، ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينهما فترة.. ٤.
نقل النيسابوري : ولا يستأصلهم إلا إذا علم منهم أنهم لا يزدادون إلا عنادا، وأنهم لا يلدون مؤمنا، وأنه لا نفع في بقائهم لغيرهم، ولا ضرر على أحد في هلاكهم. اه.
ومما أورد الطبري :.. ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الذي أجلنا لهلاكها، والوقت الذي وقتنا لفنائها، ولكنها تهلك لمجيئه ؛ وهذا وعيد من الله لمشركي قوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإعلام منه لهم أن تأخره في آجالهم مع كفرهم به وتكذيبهم رسوله ليبلغوا الأجل الذي أجل لهم، فيحل بهم نقمته كسنته فيمن قبلهم من الأمم السالفة
٢ سورة غافر. من الآية ٥..
٣ سورة الأعراف. الآية ٣٤.
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
﴿ أحاديث ﴾ يحدث بهم على سبيل التعجب والتلهي ؛ وأكثر ما يكون ذلك في الشر.
﴿ فبعدا ﴾ أبعدهم الله من رحمته
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٢:﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ { ٤٢ ) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ { ٤٣ ) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ { ٤٤ ) ﴾
﴿ قرونا ﴾ أهل قرون وأزمان، وكل جماعة عاشوا مقترنين في زمن فهم قرن.
ثم أوجدنا وخلقنا بعد المهلكين من قوم نوح والذين من بعدهم أهل قرون غيرهم، أهل أزمان وفترات، وفي كل فترة وإلى كل أمة كنا نرسل رسولا ؛ وصدق الله العظيم :{.. وإن من أمة إلا خلا فيها نذير )١ ؛ {.. وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب )٢ ؛ { ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )٣ ما يتقدمون على الموعد الذي قضى الله أن يهلكهم فيه، ولا يتأخرون عنه قليلا ولا كثيرا ؛ ولكل قوم نبيهم، ليكون عالما بأحوالهم، وبلسانهم ليبين لهم ؛ ولكن قليلا من المنذرين يؤمنون، وأكثرهم يكذبون. وأولئك هم المهلكون، ويرون النذر فيمن تقدموا فلا يعتبرون، فيبطش الله القوي الجبار بهم ليكونوا مثلا ومزدجرا لمن بعدهم يجيئون، هذا عذابهم العاجل، ويوم القيامة لا ينصرون، لأنهم من رحمة الله تعالى مبعدون.
﴿ قرونا آخرين ﴾ هم عند أكثر المفسرين قوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب وغير ذلك... ﴿ ثم أرسلنا رسلنا.. ﴾ عطف على ﴿ أنشأنا ﴾ لكن لا معنى أن إرسالهم متراخ عن إنشاء القرون المذكورة جميعا، بل على معنى أن إرسال كل رسول متأخر عن إرسال قرن مخصوص بذلك الرسول، كأنه قيل : ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين قد أرسلنا إلى كل فريق منهم رسولا خاصا به... وفي الصحاح : المواترة المتابعة، ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينهما فترة.. ٤.
نقل النيسابوري : ولا يستأصلهم إلا إذا علم منهم أنهم لا يزدادون إلا عنادا، وأنهم لا يلدون مؤمنا، وأنه لا نفع في بقائهم لغيرهم، ولا ضرر على أحد في هلاكهم. اه.
ومما أورد الطبري :.. ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الذي أجلنا لهلاكها، والوقت الذي وقتنا لفنائها، ولكنها تهلك لمجيئه ؛ وهذا وعيد من الله لمشركي قوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإعلام منه لهم أن تأخره في آجالهم مع كفرهم به وتكذيبهم رسوله ليبلغوا الأجل الذي أجل لهم، فيحل بهم نقمته كسنته فيمن قبلهم من الأمم السالفة
٢ سورة غافر. من الآية ٥..
٣ سورة الأعراف. الآية ٣٤.
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
﴿ بآياتنا ﴾ بعلامات دالة على اقتدارنا، ومعجزات تثبت صدق رسولنا.
﴿ وسلطان مبين ﴾ وبرهان واضح، وحجة بالغة، ودليل قاطع.
بعث الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام بعد ذهاب الغابرين بحجج تؤكد صدقهما، وتشهد من قبل ومن بعد بقدرة وحكمة من أرسلهما ؛ ولعل المراد بها الآيات التسع ومنها العصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والقحط، ونقص الثمرات ؛ وربما يراد ب ﴿ سلطان مبين ﴾ قوة موسى عليه السلام في الاستدلال والمحاورة، وقد يشير إلى هذا ويشهد له ما تضمنته آيات محكمات من الذكر الحكيم بينت كيف حاج فرعون رسول الله موسى، فدحض موسى كليم الله حجة العاتي الطاغية ؛ فما إن بلغه موسى وهارون بعض أمانات الرسالة :{ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل )١ حتى أخذ يجادل موسى، فأقام عليه موسى حجة الله البالغة :{ قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين. وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل )٢ ؛ وكانت رسالتهما أولا إلى فرعون وكبراء ورؤساء قومه وإنما خص الكبراء ورسالتهما إلى القوم جميعا لأن الضعاف والعامة يتبعون الكبراء والرؤساء فتكلفوا التكبر، وتمادوا في العتو والتجبر، وسارعوا برد الدعوة متذرعين بأن الرسولين من جنس الآدميين، بل ومن الإسرائليين المستعبدين للفرعونيين، فكبر عليهم أن يتبعوا بعد أن كانوا متبوعين ؛ وحكى الكتاب الحق بعض قيلهم، فجاء في الذكر الحكيم :{ قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض.. )٣ ؛ وشارك الضعفاء الكبراء في التكذيب والعناد والإعراض والإباء، فأغرق الله الأتباع والرؤساء :{ فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا فاسقين. فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين )٤
٢ سورة الشعراء. الآيات: من ١٨ إلى ٢٢..
٣ سورة يونس. من الآية ٧٨..
٤ سورة الزخرف. الآيات: ٥٤، ٥٥، ٥٦..
﴿ عالين ﴾ متكبرين متعاظمين، متسلطين على غيرهم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ { ٤٥ ) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ { ٤٦ ) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ { ٤٧ ) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ { ٤٨ ) ﴾
﴿ بآياتنا ﴾ بعلامات دالة على اقتدارنا، ومعجزات تثبت صدق رسولنا.
﴿ وسلطان مبين ﴾ وبرهان واضح، وحجة بالغة، ودليل قاطع.
بعث الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام بعد ذهاب الغابرين بحجج تؤكد صدقهما، وتشهد من قبل ومن بعد بقدرة وحكمة من أرسلهما ؛ ولعل المراد بها الآيات التسع ومنها العصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والقحط، ونقص الثمرات ؛ وربما يراد ب ﴿ سلطان مبين ﴾ قوة موسى عليه السلام في الاستدلال والمحاورة، وقد يشير إلى هذا ويشهد له ما تضمنته آيات محكمات من الذكر الحكيم بينت كيف حاج فرعون رسول الله موسى، فدحض موسى كليم الله حجة العاتي الطاغية ؛ فما إن بلغه موسى وهارون بعض أمانات الرسالة :{ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل )١ حتى أخذ يجادل موسى، فأقام عليه موسى حجة الله البالغة :{ قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين. وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل )٢ ؛ وكانت رسالتهما أولا إلى فرعون وكبراء ورؤساء قومه وإنما خص الكبراء ورسالتهما إلى القوم جميعا لأن الضعاف والعامة يتبعون الكبراء والرؤساء فتكلفوا التكبر، وتمادوا في العتو والتجبر، وسارعوا برد الدعوة متذرعين بأن الرسولين من جنس الآدميين، بل ومن الإسرائليين المستعبدين للفرعونيين، فكبر عليهم أن يتبعوا بعد أن كانوا متبوعين ؛ وحكى الكتاب الحق بعض قيلهم، فجاء في الذكر الحكيم :{ قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض.. )٣ ؛ وشارك الضعفاء الكبراء في التكذيب والعناد والإعراض والإباء، فأغرق الله الأتباع والرؤساء :{ فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا فاسقين. فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين )٤
٢ سورة الشعراء. الآيات: من ١٨ إلى ٢٢..
٣ سورة يونس. من الآية ٧٨..
٤ سورة الزخرف. الآيات: ٥٤، ٥٥، ٥٦..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٥:﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ { ٤٥ ) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ { ٤٦ ) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ { ٤٧ ) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ { ٤٨ ) ﴾
﴿ بآياتنا ﴾ بعلامات دالة على اقتدارنا، ومعجزات تثبت صدق رسولنا.
﴿ وسلطان مبين ﴾ وبرهان واضح، وحجة بالغة، ودليل قاطع.
بعث الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام بعد ذهاب الغابرين بحجج تؤكد صدقهما، وتشهد من قبل ومن بعد بقدرة وحكمة من أرسلهما ؛ ولعل المراد بها الآيات التسع ومنها العصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والقحط، ونقص الثمرات ؛ وربما يراد ب ﴿ سلطان مبين ﴾ قوة موسى عليه السلام في الاستدلال والمحاورة، وقد يشير إلى هذا ويشهد له ما تضمنته آيات محكمات من الذكر الحكيم بينت كيف حاج فرعون رسول الله موسى، فدحض موسى كليم الله حجة العاتي الطاغية ؛ فما إن بلغه موسى وهارون بعض أمانات الرسالة :{ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل )١ حتى أخذ يجادل موسى، فأقام عليه موسى حجة الله البالغة :{ قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين. وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل )٢ ؛ وكانت رسالتهما أولا إلى فرعون وكبراء ورؤساء قومه وإنما خص الكبراء ورسالتهما إلى القوم جميعا لأن الضعاف والعامة يتبعون الكبراء والرؤساء فتكلفوا التكبر، وتمادوا في العتو والتجبر، وسارعوا برد الدعوة متذرعين بأن الرسولين من جنس الآدميين، بل ومن الإسرائليين المستعبدين للفرعونيين، فكبر عليهم أن يتبعوا بعد أن كانوا متبوعين ؛ وحكى الكتاب الحق بعض قيلهم، فجاء في الذكر الحكيم :{ قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض.. )٣ ؛ وشارك الضعفاء الكبراء في التكذيب والعناد والإعراض والإباء، فأغرق الله الأتباع والرؤساء :{ فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا فاسقين. فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين )٤
٢ سورة الشعراء. الآيات: من ١٨ إلى ٢٢..
٣ سورة يونس. من الآية ٧٨..
٤ سورة الزخرف. الآيات: ٥٤، ٥٥، ٥٦..
﴿ بآياتنا ﴾ بعلامات دالة على اقتدارنا، ومعجزات تثبت صدق رسولنا.
﴿ وسلطان مبين ﴾ وبرهان واضح، وحجة بالغة، ودليل قاطع.
بعث الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام بعد ذهاب الغابرين بحجج تؤكد صدقهما، وتشهد من قبل ومن بعد بقدرة وحكمة من أرسلهما ؛ ولعل المراد بها الآيات التسع ومنها العصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والقحط، ونقص الثمرات ؛ وربما يراد ب ﴿ سلطان مبين ﴾ قوة موسى عليه السلام في الاستدلال والمحاورة، وقد يشير إلى هذا ويشهد له ما تضمنته آيات محكمات من الذكر الحكيم بينت كيف حاج فرعون رسول الله موسى، فدحض موسى كليم الله حجة العاتي الطاغية ؛ فما إن بلغه موسى وهارون بعض أمانات الرسالة :{ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل )١ حتى أخذ يجادل موسى، فأقام عليه موسى حجة الله البالغة :{ قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين. وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل )٢ ؛ وكانت رسالتهما أولا إلى فرعون وكبراء ورؤساء قومه وإنما خص الكبراء ورسالتهما إلى القوم جميعا لأن الضعاف والعامة يتبعون الكبراء والرؤساء فتكلفوا التكبر، وتمادوا في العتو والتجبر، وسارعوا برد الدعوة متذرعين بأن الرسولين من جنس الآدميين، بل ومن الإسرائليين المستعبدين للفرعونيين، فكبر عليهم أن يتبعوا بعد أن كانوا متبوعين ؛ وحكى الكتاب الحق بعض قيلهم، فجاء في الذكر الحكيم :{ قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض.. )٣ ؛ وشارك الضعفاء الكبراء في التكذيب والعناد والإعراض والإباء، فأغرق الله الأتباع والرؤساء :{ فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا فاسقين. فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين )٤
٢ سورة الشعراء. الآيات: من ١٨ إلى ٢٢..
٣ سورة يونس. من الآية ٧٨..
٤ سورة الزخرف. الآيات: ٥٤، ٥٥، ٥٦..
بعد أن بينت الآيات السابقات بعض أنباء رسالة موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وملائه، بينت هذه الآية نبأ من رسالتهما ١ إلى بني إسرائيل ؛ وقسما لقد أعطينا كتابنا التوراة موسى ليكون هاديا لقومه، ضياء للعقول والبصائر، وذكرى لمن كان له قلب { .. وضياء وذكرا للمتقين )٢ وفضلا ورأفة من رب العالمين { .. نورا وهدى للناس.. )٣{ .. هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون )٤ ؛ أما الذين قست قلوبهم فهيهات أن يهتدوا :{ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم )٥.
فهم كالدواب لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؛ وفيهم أنزل الله تعالى قوله الحكيم :﴿ مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين )٦ { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهو يعلمون )٧ والضمير في { لعلهم ﴾ يعود على بني إسرائيل، وإن لم يتقدم لهم في هذه السورة ذكر لأن الكلام يقتضيه، كما عاد الضمير في قوله سبحانه :{ إنا أنزلناه في ليلة القدر ) على القرآن وإن لم يجر له هناك ذكر.
٢ سورة الأنبياء. من الآية ٤٨..
٣ سورة الأنعام. من الآية ٩١..
٤ سورة الأعراف. من الآية ١٥٤..
٥ سورة يونس. الآيتان: ٩٦، ٩٧..
٦ سورة الجمعة. الآية ٥..
٧ سورة آل عمران. الآية ٧٨..
كما أوجدنا عيسى ابن مريم دون أب، وحملت به أمه الطاهرة بأمرنا من غير أن تكون ذات زوج لنجعلهما علامة على قدرتنا وأنا نخلق من نشاء بأب وبغير أب، وبأم ودون أم، فقد خلقنا حواء من ضلع آدم، وخلقنا آدم من تراب فلا تمتروا في عيسى، إذ ليس يعجزنا فعل شيء :{ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون )١ وصيرهما الله تعالى وضمهما إلى مكان مرتفع وهو أفضل المساكن٢ جعلهما الله تعالى يأويان إليه ويسكنانه، وكانت بقعة طيبة يستقر فيها من يعمرها لأنها كثيرة الزروع والثمار، وذات ماء جار يعاين ؛ واختلف أين كانت تلك الربوة ؟ فقيل : بيت المقدس، وقيل : دمشق، وقيل : مصر ؛ وذكروا أن سبب هجرة أمه به ما كان به ما كان من عزم الملك ذلك الزمان على قتله، فخرجت به أمه مهاجرة، ولم يرجعا إلا بعد موت ذلك الملك الطاغية.
٢ مما جاء في المأثور: "وابنوا مدائنكم مشرفة"..
﴿ الطيبات ﴾ جمع طيب، وهو ما يستطاب ويستلذ ؛ أو : الحلال ؛ وقيل : حلال لا يعصى الله فيه، وصاف لا ينسى الله فيه، وقوام يمسك النفس ويحفظ العقل.
جائز أن يكون في الكلام مقدرا ؛ أي : وقلنا : يا أيها الرسل كلوا مما يطيب ويستلذ من رزق الله تعالى ونعمته والأمر عليه للإباحة والترفيه، وفيه إبطال للرهبانية التي ابتدعها النصارى١ خوطب كل واحد منهم عليهم السلام في عصره ؛ أو الأمر هنا مراد به تحري الحلال، فيكون الأمر تكليفيا ؛ ويشهد لهذا المعنى أن الآية عقبت بالقول الرباني الكريم :﴿ ... واعملوا صالحا ﴾.
كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :﴿ يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ﴾ وقال :﴿ يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم.. )٢ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك " ؟ ٣ كما جاء الأمر بوجوب العمل الصالح وتقديم الأمر بأكل الحلال لأن أكل الحلال معين على العمل الصالح و.. { إني بما تعملون ﴾ من الأعمال الظاهرة والباطنة ﴿ عليم ﴾ فأجازيكم عليه ؛ وفي البحر : أن هذا تحذير للرسل عليهم السلام، في الظاهر، والمراد أتباعهم٤ [ إني بأعمالكم ذو علم لا يخفى علي منها شيء، وأنا مجازيكم بجميعها، وموفيكم أجوركم وثوابكم عليها، فخذوا في صالحات الأعمال واجتهدوا ]٥.
٢ سورة البقرة. من الآية ١٧٢..
٣ روي عن أم عبد الله أخت شداد بن الأوس أنها بعثت رسول الله عليه السلام بقدح من لبن في شدة الحر عند فطره صلى الله عليه وسلم وهو صائم، فرده الرسول إليها وقال:: من أين لك هذا؟" فقالت: من شاة؛ ثم رده وقال: "من أين هذه الشاة"؟ فقالت اشتريتها بمالي؛ فأخذه؛ ثم إنها جاءته وقالت: يا رسول الله لم رددته؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "بذلك أمرت الرسل أن لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا"، أخرجه أحمد في الزهد؛ والحاكم وصححه..
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٥ مما أورد الطبري..
والحالة التي بعثتكم بها أيها الرسل متفقة، والدين والشرع الذي أوحيت إليكم متحد في أصوله التي لا تتبدل، فكلكم أرسلتم بأنه لا إله إلا الله، وبوجوب توحيده وطاعته، وعبادته وتقواه، ورعاية حقوق خلق الله ؛ وما تختلف شريعة نبي عن نبي آخر إلا في نهج اقتضته حكمة الله ؛ وأنا وليكم ومصلحكم، ومعبودكم لا شريك لي يستحق عبادة ؛ فإن إلهكم وربكم واحد، فأطيعوه، ولا تخالفوا عن أمره فتغضبوه، فلا تنالوا ولايته ؛ ومن اتقاه تولاه وفي إرشاد العقل السليم أن ضمير الخطاب في قوله تعالى ﴿ ربكم ﴾ وفي قوله سبحانه :﴿ فاتقون ﴾ للرسل والأمم جميعا، على أن الأمر في حق الرسل للتهييج والإلهاب، وفي حق الأمة للتحذير والإيجاب... والمعنى : فاتقون في شق العصا، والمخالفة بالإخلال بموجب ما ذكر١ ويقول النيسابوري : المشار إليه ملة الإسلام.
﴿ فتقطعوا ﴾ فتفرقوا.
﴿ أمرهم ﴾ دينهم.
﴿ زبرا ﴾ كتبا.
ربنا الكبير المتعال دعا الناس إلى دين بعث به رسله لا تختلف أصوله باختلاف الأزمان :{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه.. )١ فافترقت الأمم وقد أمروا بالاجتماع وجعلوا دينهم أديانا [ فتفرق الذين أمرهم الله بلزوم دينه من الأمم دينهم بينهم كتبا ؛ كل فريق بما اختاروه لأنفسهم من الدين والكتب فرحون معجبون به لا يرون أن الحق سواه ]٢.
يقول القرطبي : هذه الآية تنظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة ".. الحديث. أخرجه أبو داود. ورواه الترمذي وزاد : قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو ؛ وهذا يبين أن الافتراق المحذر منه في الآية والحديث إنما هو في أصول الدين وقواعده، لأنه قد أطلق عليها مللا ؛ وأخبر أن التمسك بشيء من تلك الملل موجب لدخول النار ؛ ومثل هذا لا يقال في الفروع، فإنه لا يوجب تعديد الملل ولا عذاب النار ؛ قال الله تعالى :{ .. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا.. )٣ ؛ ﴿ زبرا ﴾ يعني كتبا وضعوها وضلالات ألفوها ؛ قال ابن زيد ؛ وقيل : إنهم فرقوا الكتب فاتبعت فرقة الصحف وفرقة التوراة وفرقة الزبور وفرقة الإنجيل، ثم حرف الكل وبدل ؛ قاله قتادة.. اه.
٢ ما بين العلامتين [ ] مما أورد الطبري..
٣ من سورة المائدة. من الآية ٤٨..
كأن الخطاب في هذه الآية لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في شأن قريش، فقد دعوا إلى الإيمان بإله واحد هو ربهم ورب آبائهم رب السماوات والأرض، رب العالمين، رب البيت والبلد الأمين، الذين أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ؛ فتركوا عبادة الله الواحد، واتخذت كل قبيلة إلها من دون الله سبحانه، ولو عقلوا لآمنوا بالخلاق العليم. الرزاق الكريم، العزيز الحكيم، الحي القيوم الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين ؛ فهل من يخلق كمن لا يخلق ؟ وهل يعبد من لا يملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ؟ فكيف إذا كانت أصنامهم لا تسمع ولا تبصر، ولا تنطق ولا تعقل، ولا تتحرك ولا على أي شيء تقدر ؟ ! لكن ضلال المشركين أعماهم عن الحق، وفرحوا بما هم فيه من الغي والزيغ ؛ وتأبوا عن الاستجابة لنداء الهدى والرشد، فتوعدهم الله بأنه ممهلهم إلى حين، ووقت يحل بمجيئه عليهم الخزي والعذاب المهين، في هذه الحياة الدنيا وفي يوم الدين ؛ مما أورد القرطبي : قوله تعالى :﴿ حتى حين ﴾ قال مجاهد : حتى الموت، فهو تهديد لا توقيت ؛ كما يقال : سيأتي لك يوم. اه. ونقل النيسابوري : أي إلى أن يقتلوا أو يموتوا ؛ والتحقيق : أنه الحالة التي يظهر عندها الحسرة والندامة، وذلك إذا عرفهم الله بطلان ما كانوا عليه، وعرفهم سوء منقلبهم، فيشمل الموت والقبر والمحاسبة والنار ؛ وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهي عن الجزع من تأخير عقابهم. اه.
أيظن الذين اقتسموا وتوزعوا ما أمرهم الله أن يقيموه ويجتمعوا عليه من الدين، وفرحوا بما أملته عليهم أهواؤهم وزينته لهم الشياطين، فأشركوا برب العالمين، أيظن هؤلاء الضالون أن ما متعهم الله تعالى به من ثراء وأبناء يعني أنهم عند ربهم كرماء وإليه أحباء ؟ ! كلا بل ذلك قول السفهاء ؛ فإن المولى الحكيم يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، وذلك منه سبحانه اختبار وابتلاء١، ولقد حكى القرآن الكريم في موطن آخر قيلهم، ثم أبطل إفكهم وافتراءهم :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين. قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثرهم لا يعلمون. وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ﴾٢ وجاء في موطن ثالث :﴿ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها الحياة الدنيا.. ﴾٣ وفي سورة كريمة أخرى :﴿ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وأملي لهم.. ﴾ ٤ ومن هنا قيل : من يعص الله تعالى ولم ير نقصانا فيما أعطاه سبحانه من الدنيا فليعلم أنه مستدرج قد مكر به ؛ وقال قتادة : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم ؛ يا ابن آدم فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح. اه.
وكيف لا ! وقد بين الحق جل علاه هوان الدنيا وزينتها، حتى لو اختص بها الكفار دون غيرهم لم يهون ذلك من عظيم خسرانهم :{ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون. ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين )٥.
٢ سورة سبأ. الآيات: ٣٥ و٣٦ و٣٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٥٥..
٤ سورة القلم. الآية ٤٤، ومن الآية ٤٥..
٥ سورة الزخرف. الآيات: ٣٣ و٣٤ و٣٥.
أيظن الذين اقتسموا وتوزعوا ما أمرهم الله أن يقيموه ويجتمعوا عليه من الدين، وفرحوا بما أملته عليهم أهواؤهم وزينته لهم الشياطين، فأشركوا برب العالمين، أيظن هؤلاء الضالون أن ما متعهم الله تعالى به من ثراء وأبناء يعني أنهم عند ربهم كرماء وإليه أحباء ؟ ! كلا بل ذلك قول السفهاء ؛ فإن المولى الحكيم يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، وذلك منه سبحانه اختبار وابتلاء١، ولقد حكى القرآن الكريم في موطن آخر قيلهم، ثم أبطل إفكهم وافتراءهم :﴿ وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين. قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثرهم لا يعلمون. وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ﴾٢ وجاء في موطن ثالث :﴿ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها الحياة الدنيا.. ﴾٣ وفي سورة كريمة أخرى :﴿ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وأملي لهم.. ﴾ ٤ ومن هنا قيل : من يعص الله تعالى ولم ير نقصانا فيما أعطاه سبحانه من الدنيا فليعلم أنه مستدرج قد مكر به ؛ وقال قتادة : مكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم ؛ يا ابن آدم فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح. اه.
وكيف لا ! وقد بين الحق جل علاه هوان الدنيا وزينتها، حتى لو اختص بها الكفار دون غيرهم لم يهون ذلك من عظيم خسرانهم :{ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون. ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين )٥.
٢ سورة سبأ. الآيات: ٣٥ و٣٦ و٣٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٥٥..
٤ سورة القلم. الآية ٤٤، ومن الآية ٤٥..
٥ سورة الزخرف. الآيات: ٣٣ و٣٤ و٣٥.
لما بينت الآيات الكريمة السابقة ضلال رأي الكفار، وبطلان حسبانهم الكاذب أن ما هم فيه من ترف يعني أنهم أعز وأكرم ممن سواهم، بينت هذه الآيات المباركة أن أهل الخشية من الملك الديان، وأهل الصدق والإيمان، وتوحيد المعبود ذي الجلال والإكرام، . ويعملون الصالحات وهو في وجل وخوف أن لا يثقل بها الميزان ؛ هؤلاء المكرمون خاصة يسارعون في نيل الخيرات وهم سابقون الناس إليها ؛ إذ قد وعد الغني الوهاب عباده الصالحين بخيري العاجلة والآجلة :﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )١ وامتن الله سبحانه بجزيل ما وهبهم :{ فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.. )٢ أثنى عليهم ربهم بأنهم يتهيبون سخطه وعذابه، فهم كانوا على حذر لا يأمنون مكر الله ف { من ﴾ تعليلية وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة، ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى :{ .. إنما يخشى الله من عباده العلماء.. )٣ والثاني خوف مع اعتناء٤ وأثنى عليهم ثانيا بأنهم مصدقون بالآيات القرآنية والمعجزات الكونية، وعلامات الاقتدار الآفاقية والأنفسية.
[ وليس المراد التصديق بوجودها فقط، فإن المعلوم بالضرورة فلا يوجب المدح، بل التصديق بكونها دلائل موصلة إلى العرفان، ويتبعه الإقرار اللساني ظاهرا ]٥ ؛ ثم هم بمعزل دائما عن الشرك الظاهر والخفي ؛ ورابع ما أنعم الله به على هؤلاء المكرمين الفائزين : أنهم يعطون ما يعطون وقلوبهم خائفة من عدم القبول٦، لأنهم راجعون إلى الله تعالى يوم القيامة وهو سبحانه لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ثم إن الموصولات الأربع.. عبارة عن طائفة واحدة
متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة… وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها، وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها ٧ أولئك الذين بعدت منازلهم في الفضل يسابقون إلى نيل الفيض العاجل والآجل وهم سابقون إليه، ظافرون به، مدركونه تفضلا من ربنا الغني الكريم، الشكور الحليم.
٢ سورة آل عمران. من الآية ١٤٨..
٣ سورة فاطر. من الآية ٢٨..
٤ ما بين العارضتين مما أورد النيسابوري.
٥ ما بين العلامتين مما أورد الألوسي..
٦ أورد الألوسي: أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم وصححه، وابن المنذر، وابن جرير وجماعة: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت: يا رسول الله! قول الله: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله تعالى؟ قال: لا! ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله تعالى أن لا يتقبل منه".. لكن أوردها غيره عن أحمد والترمذي.. واللفظ له ـ عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله ﴿.. الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال" لا يابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم ﴿أولئك يسارعون في الخيرات﴾".
٧ ما بين العارضتين مقتبس من روح المعاني..
لما بينت الآيات الكريمة السابقة ضلال رأي الكفار، وبطلان حسبانهم الكاذب أن ما هم فيه من ترف يعني أنهم أعز وأكرم ممن سواهم، بينت هذه الآيات المباركة أن أهل الخشية من الملك الديان، وأهل الصدق والإيمان، وتوحيد المعبود ذي الجلال والإكرام،. ويعملون الصالحات وهو في وجل وخوف أن لا يثقل بها الميزان ؛ هؤلاء المكرمون خاصة يسارعون في نيل الخيرات وهم سابقون الناس إليها ؛ إذ قد وعد الغني الوهاب عباده الصالحين بخيري العاجلة والآجلة :﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )١ وامتن الله سبحانه بجزيل ما وهبهم :{ فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.. )٢ أثنى عليهم ربهم بأنهم يتهيبون سخطه وعذابه، فهم كانوا على حذر لا يأمنون مكر الله ف { من ﴾ تعليلية وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة، ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى :{.. إنما يخشى الله من عباده العلماء.. )٣ والثاني خوف مع اعتناء٤ وأثنى عليهم ثانيا بأنهم مصدقون بالآيات القرآنية والمعجزات الكونية، وعلامات الاقتدار الآفاقية والأنفسية.
[ وليس المراد التصديق بوجودها فقط، فإن المعلوم بالضرورة فلا يوجب المدح، بل التصديق بكونها دلائل موصلة إلى العرفان، ويتبعه الإقرار اللساني ظاهرا ]٥ ؛ ثم هم بمعزل دائما عن الشرك الظاهر والخفي ؛ ورابع ما أنعم الله به على هؤلاء المكرمين الفائزين : أنهم يعطون ما يعطون وقلوبهم خائفة من عدم القبول٦، لأنهم راجعون إلى الله تعالى يوم القيامة وهو سبحانه لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ثم إن الموصولات الأربع.. عبارة عن طائفة واحدة
متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة… وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها، وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها ٧ أولئك الذين بعدت منازلهم في الفضل يسابقون إلى نيل الفيض العاجل والآجل وهم سابقون إليه، ظافرون به، مدركونه تفضلا من ربنا الغني الكريم، الشكور الحليم.
٢ سورة آل عمران. من الآية ١٤٨..
٣ سورة فاطر. من الآية ٢٨..
٤ ما بين العارضتين مما أورد النيسابوري.
٥ ما بين العلامتين مما أورد الألوسي..
٦ أورد الألوسي: أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم وصححه، وابن المنذر، وابن جرير وجماعة: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت: يا رسول الله! قول الله: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله تعالى؟ قال: لا! ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله تعالى أن لا يتقبل منه".. لكن أوردها غيره عن أحمد والترمذي.. واللفظ له ـ عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله ﴿.. الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال" لا يابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم ﴿أولئك يسارعون في الخيرات﴾".
٧ ما بين العارضتين مقتبس من روح المعاني..
لما بينت الآيات الكريمة السابقة ضلال رأي الكفار، وبطلان حسبانهم الكاذب أن ما هم فيه من ترف يعني أنهم أعز وأكرم ممن سواهم، بينت هذه الآيات المباركة أن أهل الخشية من الملك الديان، وأهل الصدق والإيمان، وتوحيد المعبود ذي الجلال والإكرام،. ويعملون الصالحات وهو في وجل وخوف أن لا يثقل بها الميزان ؛ هؤلاء المكرمون خاصة يسارعون في نيل الخيرات وهم سابقون الناس إليها ؛ إذ قد وعد الغني الوهاب عباده الصالحين بخيري العاجلة والآجلة :﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )١ وامتن الله سبحانه بجزيل ما وهبهم :{ فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.. )٢ أثنى عليهم ربهم بأنهم يتهيبون سخطه وعذابه، فهم كانوا على حذر لا يأمنون مكر الله ف { من ﴾ تعليلية وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة، ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى :{.. إنما يخشى الله من عباده العلماء.. )٣ والثاني خوف مع اعتناء٤ وأثنى عليهم ثانيا بأنهم مصدقون بالآيات القرآنية والمعجزات الكونية، وعلامات الاقتدار الآفاقية والأنفسية.
[ وليس المراد التصديق بوجودها فقط، فإن المعلوم بالضرورة فلا يوجب المدح، بل التصديق بكونها دلائل موصلة إلى العرفان، ويتبعه الإقرار اللساني ظاهرا ]٥ ؛ ثم هم بمعزل دائما عن الشرك الظاهر والخفي ؛ ورابع ما أنعم الله به على هؤلاء المكرمين الفائزين : أنهم يعطون ما يعطون وقلوبهم خائفة من عدم القبول٦، لأنهم راجعون إلى الله تعالى يوم القيامة وهو سبحانه لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ثم إن الموصولات الأربع.. عبارة عن طائفة واحدة
متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة… وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها، وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها ٧ أولئك الذين بعدت منازلهم في الفضل يسابقون إلى نيل الفيض العاجل والآجل وهم سابقون إليه، ظافرون به، مدركونه تفضلا من ربنا الغني الكريم، الشكور الحليم.
٢ سورة آل عمران. من الآية ١٤٨..
٣ سورة فاطر. من الآية ٢٨..
٤ ما بين العارضتين مما أورد النيسابوري.
٥ ما بين العلامتين مما أورد الألوسي..
٦ أورد الألوسي: أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم وصححه، وابن المنذر، وابن جرير وجماعة: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت: يا رسول الله! قول الله: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله تعالى؟ قال: لا! ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله تعالى أن لا يتقبل منه".. لكن أوردها غيره عن أحمد والترمذي.. واللفظ له ـ عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله ﴿.. الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال" لا يابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم ﴿أولئك يسارعون في الخيرات﴾".
٧ ما بين العارضتين مقتبس من روح المعاني..
لما بينت الآيات الكريمة السابقة ضلال رأي الكفار، وبطلان حسبانهم الكاذب أن ما هم فيه من ترف يعني أنهم أعز وأكرم ممن سواهم، بينت هذه الآيات المباركة أن أهل الخشية من الملك الديان، وأهل الصدق والإيمان، وتوحيد المعبود ذي الجلال والإكرام،. ويعملون الصالحات وهو في وجل وخوف أن لا يثقل بها الميزان ؛ هؤلاء المكرمون خاصة يسارعون في نيل الخيرات وهم سابقون الناس إليها ؛ إذ قد وعد الغني الوهاب عباده الصالحين بخيري العاجلة والآجلة :﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )١ وامتن الله سبحانه بجزيل ما وهبهم :{ فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.. )٢ أثنى عليهم ربهم بأنهم يتهيبون سخطه وعذابه، فهم كانوا على حذر لا يأمنون مكر الله ف { من ﴾ تعليلية وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة، ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى :{.. إنما يخشى الله من عباده العلماء.. )٣ والثاني خوف مع اعتناء٤ وأثنى عليهم ثانيا بأنهم مصدقون بالآيات القرآنية والمعجزات الكونية، وعلامات الاقتدار الآفاقية والأنفسية.
[ وليس المراد التصديق بوجودها فقط، فإن المعلوم بالضرورة فلا يوجب المدح، بل التصديق بكونها دلائل موصلة إلى العرفان، ويتبعه الإقرار اللساني ظاهرا ]٥ ؛ ثم هم بمعزل دائما عن الشرك الظاهر والخفي ؛ ورابع ما أنعم الله به على هؤلاء المكرمين الفائزين : أنهم يعطون ما يعطون وقلوبهم خائفة من عدم القبول٦، لأنهم راجعون إلى الله تعالى يوم القيامة وهو سبحانه لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ثم إن الموصولات الأربع.. عبارة عن طائفة واحدة
متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة… وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها، وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها ٧ أولئك الذين بعدت منازلهم في الفضل يسابقون إلى نيل الفيض العاجل والآجل وهم سابقون إليه، ظافرون به، مدركونه تفضلا من ربنا الغني الكريم، الشكور الحليم.
٢ سورة آل عمران. من الآية ١٤٨..
٣ سورة فاطر. من الآية ٢٨..
٤ ما بين العارضتين مما أورد النيسابوري.
٥ ما بين العلامتين مما أورد الألوسي..
٦ أورد الألوسي: أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم وصححه، وابن المنذر، وابن جرير وجماعة: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت: يا رسول الله! قول الله: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله تعالى؟ قال: لا! ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله تعالى أن لا يتقبل منه".. لكن أوردها غيره عن أحمد والترمذي.. واللفظ له ـ عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله ﴿.. الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال" لا يابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم ﴿أولئك يسارعون في الخيرات﴾".
٧ ما بين العارضتين مقتبس من روح المعاني..
لما بينت الآيات الكريمة السابقة ضلال رأي الكفار، وبطلان حسبانهم الكاذب أن ما هم فيه من ترف يعني أنهم أعز وأكرم ممن سواهم، بينت هذه الآيات المباركة أن أهل الخشية من الملك الديان، وأهل الصدق والإيمان، وتوحيد المعبود ذي الجلال والإكرام،. ويعملون الصالحات وهو في وجل وخوف أن لا يثقل بها الميزان ؛ هؤلاء المكرمون خاصة يسارعون في نيل الخيرات وهم سابقون الناس إليها ؛ إذ قد وعد الغني الوهاب عباده الصالحين بخيري العاجلة والآجلة :﴿ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )١ وامتن الله سبحانه بجزيل ما وهبهم :{ فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.. )٢ أثنى عليهم ربهم بأنهم يتهيبون سخطه وعذابه، فهم كانوا على حذر لا يأمنون مكر الله ف { من ﴾ تعليلية وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة، ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى :{.. إنما يخشى الله من عباده العلماء.. )٣ والثاني خوف مع اعتناء٤ وأثنى عليهم ثانيا بأنهم مصدقون بالآيات القرآنية والمعجزات الكونية، وعلامات الاقتدار الآفاقية والأنفسية.
[ وليس المراد التصديق بوجودها فقط، فإن المعلوم بالضرورة فلا يوجب المدح، بل التصديق بكونها دلائل موصلة إلى العرفان، ويتبعه الإقرار اللساني ظاهرا ]٥ ؛ ثم هم بمعزل دائما عن الشرك الظاهر والخفي ؛ ورابع ما أنعم الله به على هؤلاء المكرمين الفائزين : أنهم يعطون ما يعطون وقلوبهم خائفة من عدم القبول٦، لأنهم راجعون إلى الله تعالى يوم القيامة وهو سبحانه لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ثم إن الموصولات الأربع.. عبارة عن طائفة واحدة
متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة… وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها، وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها ٧ أولئك الذين بعدت منازلهم في الفضل يسابقون إلى نيل الفيض العاجل والآجل وهم سابقون إليه، ظافرون به، مدركونه تفضلا من ربنا الغني الكريم، الشكور الحليم.
٢ سورة آل عمران. من الآية ١٤٨..
٣ سورة فاطر. من الآية ٢٨..
٤ ما بين العارضتين مما أورد النيسابوري.
٥ ما بين العلامتين مما أورد الألوسي..
٦ أورد الألوسي: أخرج أحمد، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم وصححه، وابن المنذر، وابن جرير وجماعة: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قلت: يا رسول الله! قول الله: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله تعالى؟ قال: لا! ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله تعالى أن لا يتقبل منه".. لكن أوردها غيره عن أحمد والترمذي.. واللفظ له ـ عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله ﴿.. الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة..﴾ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل؟ قال" لا يابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم ﴿أولئك يسارعون في الخيرات﴾".
٧ ما بين العارضتين مقتبس من روح المعاني..
لما كانت الآية السابقة على هذه قد بينت حال المتقين الصادقين المحسنين، فكأنما بينت الآية الكريمة الثانية والستون يسر الوصول إلى هذه الدرجات العالية من الإحسان، فإن البر الرحيم لا يكلف نفسا إلا قدر طاقتها، ولا يشرع لعباده إلا ما في وسعهم، فإن لم يبلغوا في عمل البر وفعل الطاعات مبلغ السابقين فلا عليهم بعد أن يفعلوا المستطاع ؛ ولهذا كان من هدى الإسلام : سددوا وقاربوا ؛ ﴿ ولدينا كتاب ينطق بالحق ﴾ وعندنا كتاب استنسخناه مما قال المكلفون وعملوا، يظهر الحق المطابق للواقع على ما هو عليه ؛ ينطق الله الصحائف، أو ينطق الأنبياء والملائكة بما في صحائف أعمال العباد، أو ينطق كل واحد بما في كتابه، مصداقا لوعده الذي لا يخلف :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )١ ؛ { وهم لا يظلمون ﴾ في الجزاء بنقص ثواب أو زيادة عذاب ؛ بل يجزون بقدر ما عملوا وشهدوا على أنفسهم لا يبخسون من الخير شيئا، وأما السيئات فيعفوا ويصفح عن كثير منها لعباده المؤمنين ٢
٢ ما بين العارضتين مما أورد ابن كثير..
﴿ غمرة ﴾ غطاء وغفلة وعمى.
عادت الآيات الكريمة تبين حال الكفرة، فقلوبهم في غطاء وعمى عن بيان القرآن لمصير أهل الإيمان، وشهادة صحائف الأعمال يوم القيامة على كل إنسان، ولهم أعمال كثيرة سيئة، فشركهم وجحودهم بالخالق وعهده أكبر الكبائر، ومن دون ذلك بغيهم وظلمهم الخلائق ؛ وهم مستمرئون المعاصي، مقيمون على الكفر والفجور والشرور ؛ حتى إذا أنزل الله تعالى العذاب بأكابر مجرميهم إذا هم يصيحون ويستغيثون وهم كفار أهل مكة، لكن بإرادة من بقي منهم بعد أخذ المترفين بالقتل.. لأنهم ناحوا واستغاثوا.. ناحوا على قتلاهم في بدر شهرا..
وعن الضحاك أن المراد بالعذاب عذاب الجوع، وذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا عليهم فقال : " اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف " فاستجيب له عليه الصلاة والسلام، فأصابهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام المحرقة... وقيل المراد بالعذاب عذاب الآخرة..
لأن العذاب الأخروي هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والإقناط من النصر... ١ فيقنطهم الله تعالى من الاستجابة لصياحهم واستغاثتهم وتضرعهم بأنهم لن ينتفعوا بدعائهم حينئذ، ولا يمنعون من بأس الله إذا أنزله بهم ؛ وهو نهي يراد به الإخبار ؛ سبب هذا الإقناط أنكم كنتم تسمعون آياتي، وتقرأ عليكم كلماتي، فكنتم عنها تعرضون، وإلى ضلالكم القديم تعودون ؛ مستكبرين بالبيت الحرام.
[ والباء للسببية ؛ وسوغ هذا الإضمار مع أنه لم يجر له ذكر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوّامه ؛ وهذا ما عليه جمهور المفسرين ]٢ ؛ تتحدثون ليلا في سمر القمر ؛ وكانت قريش تسمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، وفي الافتراء على القرآن ومن أنزل عليه، فيقولون : سحر، وأساطير الأولين، ويهذون في شأن النبي عليه الصلاة والسلام، وينطقون بهجر الكلام وقبيحه ويفحشون كثيرا.
[ يعني أن الله تعالى ذم أقواما يسمرون في غير طاعة الله، إما في هذيان، وإما في إذاية.. وأما كراهية الحديث بعدها يعني صلاة العشاء فلأن الصلاة قد كفرت خطاياه فينام على سلامة، وقد ختم الكتاب يعني الملائكة الكتبة صحيفته بالعبادة ؛ فإن هو سمر وتحدث فيملؤها بالهوس ويجعل خاتمتها اللغو والباطل، وليس هذا من فعل المؤمنين ؛ وأيضا فإن السمر في الحديث مظنة غلبة النوم آخر الليل، فينام عن قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح ؛ وروى عن عمر أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العشاء، ويقول : أسمرا أول الليل نوما آخره !... هذه الكراهة إنما تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعليم العلم، ومسامرة الأهل بالعلم وبتعليم المصالح وما شابه ذلك... وقد قال البخاري :[ باب الفقه والخير بعد العشاء ]... قال :[ باب السمر مع أهل الضيف والأهل ]... وقد جاء في حراسة الثغور وحفظ العساكر بالليل من الثواب الجزيل والأجر العظيم ما هو مشهور في الأخبار ]٣
٢ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
٣ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن..
﴿ يجأرون ﴾ يصيحون ويضجون ويستغيثون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٣:﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ { ٦٣ ) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ { ٦٤ ) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ { ٦٥ ) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ { ٦٦ ) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ { ٦٧ ) ﴾
﴿ غمرة ﴾ غطاء وغفلة وعمى.
عادت الآيات الكريمة تبين حال الكفرة، فقلوبهم في غطاء وعمى عن بيان القرآن لمصير أهل الإيمان، وشهادة صحائف الأعمال يوم القيامة على كل إنسان، ولهم أعمال كثيرة سيئة، فشركهم وجحودهم بالخالق وعهده أكبر الكبائر، ومن دون ذلك بغيهم وظلمهم الخلائق ؛ وهم مستمرئون المعاصي، مقيمون على الكفر والفجور والشرور ؛ حتى إذا أنزل الله تعالى العذاب بأكابر مجرميهم إذا هم يصيحون ويستغيثون وهم كفار أهل مكة، لكن بإرادة من بقي منهم بعد أخذ المترفين بالقتل.. لأنهم ناحوا واستغاثوا.. ناحوا على قتلاهم في بدر شهرا..
وعن الضحاك أن المراد بالعذاب عذاب الجوع، وذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا عليهم فقال :" اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف " فاستجيب له عليه الصلاة والسلام، فأصابهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام المحرقة... وقيل المراد بالعذاب عذاب الآخرة..
لأن العذاب الأخروي هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والإقناط من النصر... ١ فيقنطهم الله تعالى من الاستجابة لصياحهم واستغاثتهم وتضرعهم بأنهم لن ينتفعوا بدعائهم حينئذ، ولا يمنعون من بأس الله إذا أنزله بهم ؛ وهو نهي يراد به الإخبار ؛ سبب هذا الإقناط أنكم كنتم تسمعون آياتي، وتقرأ عليكم كلماتي، فكنتم عنها تعرضون، وإلى ضلالكم القديم تعودون ؛ مستكبرين بالبيت الحرام.
[ والباء للسببية ؛ وسوغ هذا الإضمار مع أنه لم يجر له ذكر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوّامه ؛ وهذا ما عليه جمهور المفسرين ]٢ ؛ تتحدثون ليلا في سمر القمر ؛ وكانت قريش تسمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، وفي الافتراء على القرآن ومن أنزل عليه، فيقولون : سحر، وأساطير الأولين، ويهذون في شأن النبي عليه الصلاة والسلام، وينطقون بهجر الكلام وقبيحه ويفحشون كثيرا.
[ يعني أن الله تعالى ذم أقواما يسمرون في غير طاعة الله، إما في هذيان، وإما في إذاية.. وأما كراهية الحديث بعدها يعني صلاة العشاء فلأن الصلاة قد كفرت خطاياه فينام على سلامة، وقد ختم الكتاب يعني الملائكة الكتبة صحيفته بالعبادة ؛ فإن هو سمر وتحدث فيملؤها بالهوس ويجعل خاتمتها اللغو والباطل، وليس هذا من فعل المؤمنين ؛ وأيضا فإن السمر في الحديث مظنة غلبة النوم آخر الليل، فينام عن قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح ؛ وروى عن عمر أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العشاء، ويقول : أسمرا أول الليل نوما آخره !... هذه الكراهة إنما تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعليم العلم، ومسامرة الأهل بالعلم وبتعليم المصالح وما شابه ذلك... وقد قال البخاري :[ باب الفقه والخير بعد العشاء ]... قال :[ باب السمر مع أهل الضيف والأهل ]... وقد جاء في حراسة الثغور وحفظ العساكر بالليل من الثواب الجزيل والأجر العظيم ما هو مشهور في الأخبار ]٣
٢ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
٣ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٣:﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ { ٦٣ ) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ { ٦٤ ) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ { ٦٥ ) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ { ٦٦ ) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ { ٦٧ ) ﴾
﴿ غمرة ﴾ غطاء وغفلة وعمى.
عادت الآيات الكريمة تبين حال الكفرة، فقلوبهم في غطاء وعمى عن بيان القرآن لمصير أهل الإيمان، وشهادة صحائف الأعمال يوم القيامة على كل إنسان، ولهم أعمال كثيرة سيئة، فشركهم وجحودهم بالخالق وعهده أكبر الكبائر، ومن دون ذلك بغيهم وظلمهم الخلائق ؛ وهم مستمرئون المعاصي، مقيمون على الكفر والفجور والشرور ؛ حتى إذا أنزل الله تعالى العذاب بأكابر مجرميهم إذا هم يصيحون ويستغيثون وهم كفار أهل مكة، لكن بإرادة من بقي منهم بعد أخذ المترفين بالقتل.. لأنهم ناحوا واستغاثوا.. ناحوا على قتلاهم في بدر شهرا..
وعن الضحاك أن المراد بالعذاب عذاب الجوع، وذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا عليهم فقال :" اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف " فاستجيب له عليه الصلاة والسلام، فأصابهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام المحرقة... وقيل المراد بالعذاب عذاب الآخرة..
لأن العذاب الأخروي هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والإقناط من النصر... ١ فيقنطهم الله تعالى من الاستجابة لصياحهم واستغاثتهم وتضرعهم بأنهم لن ينتفعوا بدعائهم حينئذ، ولا يمنعون من بأس الله إذا أنزله بهم ؛ وهو نهي يراد به الإخبار ؛ سبب هذا الإقناط أنكم كنتم تسمعون آياتي، وتقرأ عليكم كلماتي، فكنتم عنها تعرضون، وإلى ضلالكم القديم تعودون ؛ مستكبرين بالبيت الحرام.
[ والباء للسببية ؛ وسوغ هذا الإضمار مع أنه لم يجر له ذكر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوّامه ؛ وهذا ما عليه جمهور المفسرين ]٢ ؛ تتحدثون ليلا في سمر القمر ؛ وكانت قريش تسمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، وفي الافتراء على القرآن ومن أنزل عليه، فيقولون : سحر، وأساطير الأولين، ويهذون في شأن النبي عليه الصلاة والسلام، وينطقون بهجر الكلام وقبيحه ويفحشون كثيرا.
[ يعني أن الله تعالى ذم أقواما يسمرون في غير طاعة الله، إما في هذيان، وإما في إذاية.. وأما كراهية الحديث بعدها يعني صلاة العشاء فلأن الصلاة قد كفرت خطاياه فينام على سلامة، وقد ختم الكتاب يعني الملائكة الكتبة صحيفته بالعبادة ؛ فإن هو سمر وتحدث فيملؤها بالهوس ويجعل خاتمتها اللغو والباطل، وليس هذا من فعل المؤمنين ؛ وأيضا فإن السمر في الحديث مظنة غلبة النوم آخر الليل، فينام عن قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح ؛ وروى عن عمر أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العشاء، ويقول : أسمرا أول الليل نوما آخره !... هذه الكراهة إنما تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعليم العلم، ومسامرة الأهل بالعلم وبتعليم المصالح وما شابه ذلك... وقد قال البخاري :[ باب الفقه والخير بعد العشاء ]... قال :[ باب السمر مع أهل الضيف والأهل ]... وقد جاء في حراسة الثغور وحفظ العساكر بالليل من الثواب الجزيل والأجر العظيم ما هو مشهور في الأخبار ]٣
٢ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
٣ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن..
﴿ على أعقابكم تنكصون ﴾ ترجعون وراءكم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٣:﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ { ٦٣ ) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ { ٦٤ ) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ { ٦٥ ) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ { ٦٦ ) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ { ٦٧ ) ﴾
﴿ غمرة ﴾ غطاء وغفلة وعمى.
عادت الآيات الكريمة تبين حال الكفرة، فقلوبهم في غطاء وعمى عن بيان القرآن لمصير أهل الإيمان، وشهادة صحائف الأعمال يوم القيامة على كل إنسان، ولهم أعمال كثيرة سيئة، فشركهم وجحودهم بالخالق وعهده أكبر الكبائر، ومن دون ذلك بغيهم وظلمهم الخلائق ؛ وهم مستمرئون المعاصي، مقيمون على الكفر والفجور والشرور ؛ حتى إذا أنزل الله تعالى العذاب بأكابر مجرميهم إذا هم يصيحون ويستغيثون وهم كفار أهل مكة، لكن بإرادة من بقي منهم بعد أخذ المترفين بالقتل.. لأنهم ناحوا واستغاثوا.. ناحوا على قتلاهم في بدر شهرا..
وعن الضحاك أن المراد بالعذاب عذاب الجوع، وذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا عليهم فقال :" اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف " فاستجيب له عليه الصلاة والسلام، فأصابهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام المحرقة... وقيل المراد بالعذاب عذاب الآخرة..
لأن العذاب الأخروي هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والإقناط من النصر... ١ فيقنطهم الله تعالى من الاستجابة لصياحهم واستغاثتهم وتضرعهم بأنهم لن ينتفعوا بدعائهم حينئذ، ولا يمنعون من بأس الله إذا أنزله بهم ؛ وهو نهي يراد به الإخبار ؛ سبب هذا الإقناط أنكم كنتم تسمعون آياتي، وتقرأ عليكم كلماتي، فكنتم عنها تعرضون، وإلى ضلالكم القديم تعودون ؛ مستكبرين بالبيت الحرام.
[ والباء للسببية ؛ وسوغ هذا الإضمار مع أنه لم يجر له ذكر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوّامه ؛ وهذا ما عليه جمهور المفسرين ]٢ ؛ تتحدثون ليلا في سمر القمر ؛ وكانت قريش تسمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، وفي الافتراء على القرآن ومن أنزل عليه، فيقولون : سحر، وأساطير الأولين، ويهذون في شأن النبي عليه الصلاة والسلام، وينطقون بهجر الكلام وقبيحه ويفحشون كثيرا.
[ يعني أن الله تعالى ذم أقواما يسمرون في غير طاعة الله، إما في هذيان، وإما في إذاية.. وأما كراهية الحديث بعدها يعني صلاة العشاء فلأن الصلاة قد كفرت خطاياه فينام على سلامة، وقد ختم الكتاب يعني الملائكة الكتبة صحيفته بالعبادة ؛ فإن هو سمر وتحدث فيملؤها بالهوس ويجعل خاتمتها اللغو والباطل، وليس هذا من فعل المؤمنين ؛ وأيضا فإن السمر في الحديث مظنة غلبة النوم آخر الليل، فينام عن قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح ؛ وروى عن عمر أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العشاء، ويقول : أسمرا أول الليل نوما آخره !... هذه الكراهة إنما تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعليم العلم، ومسامرة الأهل بالعلم وبتعليم المصالح وما شابه ذلك... وقد قال البخاري :[ باب الفقه والخير بعد العشاء ]... قال :[ باب السمر مع أهل الضيف والأهل ]... وقد جاء في حراسة الثغور وحفظ العساكر بالليل من الثواب الجزيل والأجر العظيم ما هو مشهور في الأخبار ]٣
٢ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
٣ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن..
﴿ تهجرون ﴾ تتركون، أو تهذون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٣:﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ { ٦٣ ) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ { ٦٤ ) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ { ٦٥ ) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ { ٦٦ ) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ { ٦٧ ) ﴾
﴿ غمرة ﴾ غطاء وغفلة وعمى.
عادت الآيات الكريمة تبين حال الكفرة، فقلوبهم في غطاء وعمى عن بيان القرآن لمصير أهل الإيمان، وشهادة صحائف الأعمال يوم القيامة على كل إنسان، ولهم أعمال كثيرة سيئة، فشركهم وجحودهم بالخالق وعهده أكبر الكبائر، ومن دون ذلك بغيهم وظلمهم الخلائق ؛ وهم مستمرئون المعاصي، مقيمون على الكفر والفجور والشرور ؛ حتى إذا أنزل الله تعالى العذاب بأكابر مجرميهم إذا هم يصيحون ويستغيثون وهم كفار أهل مكة، لكن بإرادة من بقي منهم بعد أخذ المترفين بالقتل.. لأنهم ناحوا واستغاثوا.. ناحوا على قتلاهم في بدر شهرا..
وعن الضحاك أن المراد بالعذاب عذاب الجوع، وذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا عليهم فقال :" اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف " فاستجيب له عليه الصلاة والسلام، فأصابهم سنة أكلوا فيها الجيف والجلود والعظام المحرقة... وقيل المراد بالعذاب عذاب الآخرة..
لأن العذاب الأخروي هو الذي يفاجئون عنده الجؤار فيجابون بالرد والإقناط من النصر... ١ فيقنطهم الله تعالى من الاستجابة لصياحهم واستغاثتهم وتضرعهم بأنهم لن ينتفعوا بدعائهم حينئذ، ولا يمنعون من بأس الله إذا أنزله بهم ؛ وهو نهي يراد به الإخبار ؛ سبب هذا الإقناط أنكم كنتم تسمعون آياتي، وتقرأ عليكم كلماتي، فكنتم عنها تعرضون، وإلى ضلالكم القديم تعودون ؛ مستكبرين بالبيت الحرام.
[ والباء للسببية ؛ وسوغ هذا الإضمار مع أنه لم يجر له ذكر اشتهار استكبارهم وافتخارهم بأنهم خدام البيت وقوّامه ؛ وهذا ما عليه جمهور المفسرين ]٢ ؛ تتحدثون ليلا في سمر القمر ؛ وكانت قريش تسمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، وفي الافتراء على القرآن ومن أنزل عليه، فيقولون : سحر، وأساطير الأولين، ويهذون في شأن النبي عليه الصلاة والسلام، وينطقون بهجر الكلام وقبيحه ويفحشون كثيرا.
[ يعني أن الله تعالى ذم أقواما يسمرون في غير طاعة الله، إما في هذيان، وإما في إذاية.. وأما كراهية الحديث بعدها يعني صلاة العشاء فلأن الصلاة قد كفرت خطاياه فينام على سلامة، وقد ختم الكتاب يعني الملائكة الكتبة صحيفته بالعبادة ؛ فإن هو سمر وتحدث فيملؤها بالهوس ويجعل خاتمتها اللغو والباطل، وليس هذا من فعل المؤمنين ؛ وأيضا فإن السمر في الحديث مظنة غلبة النوم آخر الليل، فينام عن قيام آخر الليل، وربما ينام عن صلاة الصبح ؛ وروى عن عمر أنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العشاء، ويقول : أسمرا أول الليل نوما آخره !... هذه الكراهة إنما تختص بما لا يكون من قبيل القرب والأذكار وتعليم العلم، ومسامرة الأهل بالعلم وبتعليم المصالح وما شابه ذلك... وقد قال البخاري :[ باب الفقه والخير بعد العشاء ]... قال :[ باب السمر مع أهل الضيف والأهل ]... وقد جاء في حراسة الثغور وحفظ العساكر بالليل من الثواب الجزيل والأجر العظيم ما هو مشهور في الأخبار ]٣
٢ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
٣ ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن..
﴿ يدبروا ﴾ يتدبروا ويتفهموا ويتعقلوا.
﴿ القول ﴾ القرآن الكريم.
أفحملهم الاستكبار والنكوص والهجر على إغلاق قلوبهم من دون هذا القرآن الحق العربي المبين فلم يتفهموه ولا تعقلوه ليتبين لهم أنه الصدق والهدى والرشد فيستيقنوا به ويستقيموا على منهاجه ؟ بل أجاءهم هذا الكتاب بدعا من الكتب السابقة المنزلة على سابقيهم فهم في مرية منه ؟ ! وقيل المعنى : أفلم يتدبروا القرآن ليخافوا عن تدبر آياته وأقاصيصه مثل ما نزل بمن قبلهم من المكذبين ؟ أم جاءهم من الأمن ما لم يأت آباءهم الأولين حين خافوا الله تعالى فآمنوا به وبكتبه ورسله وأطاعوه ؟ فالمراد بآبائهم المؤمنون كإسماعيل عليه السلام ١ وأنكر عليهم ربهم وقبحهم في الآية الثانية ؛ إذ قد يكون المعنى : بل ألم يعرفوا النبي المبعوث إليهم بأنه الصادق الأمين ؟ فلماذا أنكروه وكذبوه ؟ ! واللام للتقوية، وتقديم المعمول للتخصيص.. والكلام على تقدير مضاف أي منكرون لدعواه أو لرسالته عليه الصلاة والسلام ثم أنكر القرآن عليهم ووبخهم إذ تمادوا في السفاهة فقالوا على النبي المصطفى المختار إنه مجنون، وكذبوا ؛ فقد جاءهم بالصدق والدين المرتضى والكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه { .. تنزيل من حكيم حميد )٢ ؛ وأكثر قريش للحق كارهون حسدا وبغيا، وعنادا وعناقا وتقليدا.
وقال قتادة :﴿ أفلم يدبروا القول ﴾ إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم.. ٣ [ وقد عرفوا رسولهم وأنه من أهل الصدق والأمانة ؛ ففي اتباعه النجاة والخير لولا العنت ؛ قال سفيان ؛ بلى ؟ قد عرفوه ولكنهم حسدوه ]٤
٢ سورة فصلت. من الآية ٤٢..
٣ ما بين العارضتين نقله ابن كثير..
٤ مما أورد القرطبي..
﴿ يدبروا ﴾ يتدبروا ويتفهموا ويتعقلوا.
﴿ القول ﴾ القرآن الكريم.
أفحملهم الاستكبار والنكوص والهجر على إغلاق قلوبهم من دون هذا القرآن الحق العربي المبين فلم يتفهموه ولا تعقلوه ليتبين لهم أنه الصدق والهدى والرشد فيستيقنوا به ويستقيموا على منهاجه ؟ بل أجاءهم هذا الكتاب بدعا من الكتب السابقة المنزلة على سابقيهم فهم في مرية منه ؟ ! وقيل المعنى : أفلم يتدبروا القرآن ليخافوا عن تدبر آياته وأقاصيصه مثل ما نزل بمن قبلهم من المكذبين ؟ أم جاءهم من الأمن ما لم يأت آباءهم الأولين حين خافوا الله تعالى فآمنوا به وبكتبه ورسله وأطاعوه ؟ فالمراد بآبائهم المؤمنون كإسماعيل عليه السلام ١ وأنكر عليهم ربهم وقبحهم في الآية الثانية ؛ إذ قد يكون المعنى : بل ألم يعرفوا النبي المبعوث إليهم بأنه الصادق الأمين ؟ فلماذا أنكروه وكذبوه ؟ ! واللام للتقوية، وتقديم المعمول للتخصيص.. والكلام على تقدير مضاف أي منكرون لدعواه أو لرسالته عليه الصلاة والسلام ثم أنكر القرآن عليهم ووبخهم إذ تمادوا في السفاهة فقالوا على النبي المصطفى المختار إنه مجنون، وكذبوا ؛ فقد جاءهم بالصدق والدين المرتضى والكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {.. تنزيل من حكيم حميد )٢ ؛ وأكثر قريش للحق كارهون حسدا وبغيا، وعنادا وعناقا وتقليدا.
وقال قتادة :﴿ أفلم يدبروا القول ﴾ إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم.. ٣ [ وقد عرفوا رسولهم وأنه من أهل الصدق والأمانة ؛ ففي اتباعه النجاة والخير لولا العنت ؛ قال سفيان ؛ بلى ؟ قد عرفوه ولكنهم حسدوه ]٤
٢ سورة فصلت. من الآية ٤٢..
٣ ما بين العارضتين نقله ابن كثير..
٤ مما أورد القرطبي..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٨:﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ { ٦٨ ) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ { ٦٩ ) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ { ٧٠ ) ﴾
﴿ يدبروا ﴾ يتدبروا ويتفهموا ويتعقلوا.
﴿ القول ﴾ القرآن الكريم.
أفحملهم الاستكبار والنكوص والهجر على إغلاق قلوبهم من دون هذا القرآن الحق العربي المبين فلم يتفهموه ولا تعقلوه ليتبين لهم أنه الصدق والهدى والرشد فيستيقنوا به ويستقيموا على منهاجه ؟ بل أجاءهم هذا الكتاب بدعا من الكتب السابقة المنزلة على سابقيهم فهم في مرية منه ؟ ! وقيل المعنى : أفلم يتدبروا القرآن ليخافوا عن تدبر آياته وأقاصيصه مثل ما نزل بمن قبلهم من المكذبين ؟ أم جاءهم من الأمن ما لم يأت آباءهم الأولين حين خافوا الله تعالى فآمنوا به وبكتبه ورسله وأطاعوه ؟ فالمراد بآبائهم المؤمنون كإسماعيل عليه السلام ١ وأنكر عليهم ربهم وقبحهم في الآية الثانية ؛ إذ قد يكون المعنى : بل ألم يعرفوا النبي المبعوث إليهم بأنه الصادق الأمين ؟ فلماذا أنكروه وكذبوه ؟ ! واللام للتقوية، وتقديم المعمول للتخصيص.. والكلام على تقدير مضاف أي منكرون لدعواه أو لرسالته عليه الصلاة والسلام ثم أنكر القرآن عليهم ووبخهم إذ تمادوا في السفاهة فقالوا على النبي المصطفى المختار إنه مجنون، وكذبوا ؛ فقد جاءهم بالصدق والدين المرتضى والكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {.. تنزيل من حكيم حميد )٢ ؛ وأكثر قريش للحق كارهون حسدا وبغيا، وعنادا وعناقا وتقليدا.
وقال قتادة :﴿ أفلم يدبروا القول ﴾ إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم.. ٣ [ وقد عرفوا رسولهم وأنه من أهل الصدق والأمانة ؛ ففي اتباعه النجاة والخير لولا العنت ؛ قال سفيان ؛ بلى ؟ قد عرفوه ولكنهم حسدوه ]٤
٢ سورة فصلت. من الآية ٤٢..
٣ ما بين العارضتين نقله ابن كثير..
٤ مما أورد القرطبي..
﴿ بذكرهم ﴾ بشرفهم وعزهم.
شهد الله تعالى أن نبيه بنعمة ربه ليس إلا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وما أرسله مولاه الحكيم إلا بالحق ﴿ بل جاءهم الحق ﴾ وإنما كرهوا ما أنزل الله لأنه لا يوافق أهواءهم ؛ ولو وافق أهواءهم لهلك الكون بمن فيه.
نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن النحاس : وتقديره في العربية : ولو اتبع صاحب الحق ؛ وقد قيل : هو مجاز، أي لو وافق الحق أهواءهم ؛ فجعل موافقته اتباعا مجازا ؛ أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك... لفسدت السماوات والأرض ؛ وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الآلهة، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض، وإذا فسدتا فسد من فيهما... وظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محملا على فساد ما يعقل من الحيوان ؛ لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد، فعلى هذا ما يكون من الفساد يعود على من في السماوات من الملائكة بأن جعلت أربابا وهي مربوبة، وعبدت وهي مستعبدة ؛ وفساد الإنس يكون على وجهين : أحدهما باتباع الهوى، وذلك مهلك ؛ والثاني بعبادة غير الله، وذلك كفر... اه١ ؛ بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم كما امتن الله تعالى عليهم بذلك في قوله تبارك اسمه :﴿ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وإنه لذكر لك ولقومك.. )٢، فأعرضوا عن الكتاب الذي ترفع به أقدارهم ؛ [ وقيل ! المراد بذكرهم ما تمنوه بقولهم :{ لو أن عندنا ذكرا من الأولين. لكنا عباد الله المخلصين )٣ فكأنه قيل : بل أتيناهم بالكتاب الذي تمنوه ]٤ وما دمت تدعو إلى الحق، وبالحق تقوم السماوات والأرض، وفي الحق الذي جئت به صيتهم وعزهم فلماذا التكذيب ؟ بل أنكصوا على أعقابهم إذ ناديتم إلى الخير والرشد لأنك تطالبهم بأجر على هدايتك إياهم ؟ كلا ! فإنما أجرك الأوفى تناله من ربك العلي الأعلى، فأنت لا تسألهم شيئا، فإن ما آتاك الله في الأولى والأخرى خير مما يجمعون، وأوسع وأدوم مما هم فيه ممتعون، وربك خير الرازقين، فرزقه أبرك رزق وأخلد ؛ ولا يصدنك والمؤمنين عما هداكم إليه رب العالمين ما ترون من نكوص هؤلاء المستكبرين، فإنك لا تسمع الموتى { .. ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين. وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا.. )٥ فأنت على الحق المبين٦، ومن استقام على المنهاج الذي بعثت به أدرك رضوان رب العالمين :{ .. إن ربي على صراط مستقيم )٧ ؛ وقد كفر كثير ممن دعوت بالله الواحد، وكفروا بالحق الذي جاءهم، والرسول الذي دعاهم ونصح لهم ؛ وكذبوا بما ينتظرهم من الجزاء يوم يلقون ربهم، فمالوا عن الخير والرشد ميلا عظيما، فاستوجبوا بكفرهم وتكذيبهم عذابا أليما مقيما ؛ { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ﴾ بعد أن عاينوا النار وسوء المستقر، فرددناهم إلى الدنيا لعاودوا الطغيان والشر، والصدود والكفر ؛ وبهذا شهد كتاب ربنا الحكيم الخبير :{ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين )٨ فهذا من علمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف يكون ؛ قال الضحاك عن ابن عباس : كل ما فيه [ لو ] فهو مما لا يكون أبدا٩
٢ سورة الزخرف. الآية ٤٣ ومن الآية ٤٤.
٣ سورة الصافات. الآيتان: ١٦٨ و١٦٩..
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٥ سورة النمل. من الآيتين: ٨٠، ٨١..
٦ نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل أمته فقال إن مثل هذا أو مثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا يرجعون به فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال: أرايتم إن أوردتكم رياضا معشبة وحياضا رواء تتبعوني؟ فقالوا: نعم قال فانطلق بهم وأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني. قال: فقالت طائفة: صدق والله لنتبعنه وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي وبسنده عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون على معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم رب العالمين أي رب قومي أي رب أمتي فيقال يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.." الحديث..
٧ سورة هود. من الآية ٥٦..
٨ سورة الأنعام. الآيات ٢٧، ٢٨، ٢٩..
٩ ما بين العارضتين أورده ابن كثير.
﴿ فخراج ربك ﴾ فعطاء ربك وإنعامه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧١:﴿ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ { ٧١ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ { ٧٢ ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { ٧٣ ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ { ٧٤ ) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ { ٧٥ ) ﴾
﴿ بذكرهم ﴾ بشرفهم وعزهم.
شهد الله تعالى أن نبيه بنعمة ربه ليس إلا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وما أرسله مولاه الحكيم إلا بالحق ﴿ بل جاءهم الحق ﴾ وإنما كرهوا ما أنزل الله لأنه لا يوافق أهواءهم ؛ ولو وافق أهواءهم لهلك الكون بمن فيه.
نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن النحاس : وتقديره في العربية : ولو اتبع صاحب الحق ؛ وقد قيل : هو مجاز، أي لو وافق الحق أهواءهم ؛ فجعل موافقته اتباعا مجازا ؛ أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك... لفسدت السماوات والأرض ؛ وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الآلهة، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض، وإذا فسدتا فسد من فيهما... وظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محملا على فساد ما يعقل من الحيوان ؛ لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد، فعلى هذا ما يكون من الفساد يعود على من في السماوات من الملائكة بأن جعلت أربابا وهي مربوبة، وعبدت وهي مستعبدة ؛ وفساد الإنس يكون على وجهين : أحدهما باتباع الهوى، وذلك مهلك ؛ والثاني بعبادة غير الله، وذلك كفر... اه١ ؛ بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم كما امتن الله تعالى عليهم بذلك في قوله تبارك اسمه :﴿ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وإنه لذكر لك ولقومك.. )٢، فأعرضوا عن الكتاب الذي ترفع به أقدارهم ؛ [ وقيل ! المراد بذكرهم ما تمنوه بقولهم :{ لو أن عندنا ذكرا من الأولين. لكنا عباد الله المخلصين )٣ فكأنه قيل : بل أتيناهم بالكتاب الذي تمنوه ]٤ وما دمت تدعو إلى الحق، وبالحق تقوم السماوات والأرض، وفي الحق الذي جئت به صيتهم وعزهم فلماذا التكذيب ؟ بل أنكصوا على أعقابهم إذ ناديتم إلى الخير والرشد لأنك تطالبهم بأجر على هدايتك إياهم ؟ كلا ! فإنما أجرك الأوفى تناله من ربك العلي الأعلى، فأنت لا تسألهم شيئا، فإن ما آتاك الله في الأولى والأخرى خير مما يجمعون، وأوسع وأدوم مما هم فيه ممتعون، وربك خير الرازقين، فرزقه أبرك رزق وأخلد ؛ ولا يصدنك والمؤمنين عما هداكم إليه رب العالمين ما ترون من نكوص هؤلاء المستكبرين، فإنك لا تسمع الموتى {.. ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين. وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا.. )٥ فأنت على الحق المبين٦، ومن استقام على المنهاج الذي بعثت به أدرك رضوان رب العالمين :{.. إن ربي على صراط مستقيم )٧ ؛ وقد كفر كثير ممن دعوت بالله الواحد، وكفروا بالحق الذي جاءهم، والرسول الذي دعاهم ونصح لهم ؛ وكذبوا بما ينتظرهم من الجزاء يوم يلقون ربهم، فمالوا عن الخير والرشد ميلا عظيما، فاستوجبوا بكفرهم وتكذيبهم عذابا أليما مقيما ؛ { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ﴾ بعد أن عاينوا النار وسوء المستقر، فرددناهم إلى الدنيا لعاودوا الطغيان والشر، والصدود والكفر ؛ وبهذا شهد كتاب ربنا الحكيم الخبير :{ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين )٨ فهذا من علمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف يكون ؛ قال الضحاك عن ابن عباس : كل ما فيه [ لو ] فهو مما لا يكون أبدا٩
٢ سورة الزخرف. الآية ٤٣ ومن الآية ٤٤.
٣ سورة الصافات. الآيتان: ١٦٨ و١٦٩..
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٥ سورة النمل. من الآيتين: ٨٠، ٨١..
٦ نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل أمته فقال إن مثل هذا أو مثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا يرجعون به فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال: أرايتم إن أوردتكم رياضا معشبة وحياضا رواء تتبعوني؟ فقالوا: نعم قال فانطلق بهم وأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني. قال: فقالت طائفة: صدق والله لنتبعنه وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي وبسنده عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون على معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم رب العالمين أي رب قومي أي رب أمتي فيقال يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.." الحديث..
٧ سورة هود. من الآية ٥٦..
٨ سورة الأنعام. الآيات ٢٧، ٢٨، ٢٩..
٩ ما بين العارضتين أورده ابن كثير.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧١:﴿ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ { ٧١ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ { ٧٢ ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { ٧٣ ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ { ٧٤ ) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ { ٧٥ ) ﴾
﴿ بذكرهم ﴾ بشرفهم وعزهم.
شهد الله تعالى أن نبيه بنعمة ربه ليس إلا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وما أرسله مولاه الحكيم إلا بالحق ﴿ بل جاءهم الحق ﴾ وإنما كرهوا ما أنزل الله لأنه لا يوافق أهواءهم ؛ ولو وافق أهواءهم لهلك الكون بمن فيه.
نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن النحاس : وتقديره في العربية : ولو اتبع صاحب الحق ؛ وقد قيل : هو مجاز، أي لو وافق الحق أهواءهم ؛ فجعل موافقته اتباعا مجازا ؛ أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك... لفسدت السماوات والأرض ؛ وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الآلهة، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض، وإذا فسدتا فسد من فيهما... وظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محملا على فساد ما يعقل من الحيوان ؛ لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد، فعلى هذا ما يكون من الفساد يعود على من في السماوات من الملائكة بأن جعلت أربابا وهي مربوبة، وعبدت وهي مستعبدة ؛ وفساد الإنس يكون على وجهين : أحدهما باتباع الهوى، وذلك مهلك ؛ والثاني بعبادة غير الله، وذلك كفر... اه١ ؛ بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم كما امتن الله تعالى عليهم بذلك في قوله تبارك اسمه :﴿ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وإنه لذكر لك ولقومك.. )٢، فأعرضوا عن الكتاب الذي ترفع به أقدارهم ؛ [ وقيل ! المراد بذكرهم ما تمنوه بقولهم :{ لو أن عندنا ذكرا من الأولين. لكنا عباد الله المخلصين )٣ فكأنه قيل : بل أتيناهم بالكتاب الذي تمنوه ]٤ وما دمت تدعو إلى الحق، وبالحق تقوم السماوات والأرض، وفي الحق الذي جئت به صيتهم وعزهم فلماذا التكذيب ؟ بل أنكصوا على أعقابهم إذ ناديتم إلى الخير والرشد لأنك تطالبهم بأجر على هدايتك إياهم ؟ كلا ! فإنما أجرك الأوفى تناله من ربك العلي الأعلى، فأنت لا تسألهم شيئا، فإن ما آتاك الله في الأولى والأخرى خير مما يجمعون، وأوسع وأدوم مما هم فيه ممتعون، وربك خير الرازقين، فرزقه أبرك رزق وأخلد ؛ ولا يصدنك والمؤمنين عما هداكم إليه رب العالمين ما ترون من نكوص هؤلاء المستكبرين، فإنك لا تسمع الموتى {.. ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين. وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا.. )٥ فأنت على الحق المبين٦، ومن استقام على المنهاج الذي بعثت به أدرك رضوان رب العالمين :{.. إن ربي على صراط مستقيم )٧ ؛ وقد كفر كثير ممن دعوت بالله الواحد، وكفروا بالحق الذي جاءهم، والرسول الذي دعاهم ونصح لهم ؛ وكذبوا بما ينتظرهم من الجزاء يوم يلقون ربهم، فمالوا عن الخير والرشد ميلا عظيما، فاستوجبوا بكفرهم وتكذيبهم عذابا أليما مقيما ؛ { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ﴾ بعد أن عاينوا النار وسوء المستقر، فرددناهم إلى الدنيا لعاودوا الطغيان والشر، والصدود والكفر ؛ وبهذا شهد كتاب ربنا الحكيم الخبير :{ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين )٨ فهذا من علمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف يكون ؛ قال الضحاك عن ابن عباس : كل ما فيه [ لو ] فهو مما لا يكون أبدا٩
٢ سورة الزخرف. الآية ٤٣ ومن الآية ٤٤.
٣ سورة الصافات. الآيتان: ١٦٨ و١٦٩..
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٥ سورة النمل. من الآيتين: ٨٠، ٨١..
٦ نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل أمته فقال إن مثل هذا أو مثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا يرجعون به فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال: أرايتم إن أوردتكم رياضا معشبة وحياضا رواء تتبعوني؟ فقالوا: نعم قال فانطلق بهم وأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني. قال: فقالت طائفة: صدق والله لنتبعنه وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي وبسنده عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون على معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم رب العالمين أي رب قومي أي رب أمتي فيقال يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.." الحديث..
٧ سورة هود. من الآية ٥٦..
٨ سورة الأنعام. الآيات ٢٧، ٢٨، ٢٩..
٩ ما بين العارضتين أورده ابن كثير.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧١:﴿ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ { ٧١ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ { ٧٢ ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { ٧٣ ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ { ٧٤ ) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ { ٧٥ ) ﴾
﴿ بذكرهم ﴾ بشرفهم وعزهم.
شهد الله تعالى أن نبيه بنعمة ربه ليس إلا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وما أرسله مولاه الحكيم إلا بالحق ﴿ بل جاءهم الحق ﴾ وإنما كرهوا ما أنزل الله لأنه لا يوافق أهواءهم ؛ ولو وافق أهواءهم لهلك الكون بمن فيه.
نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن النحاس : وتقديره في العربية : ولو اتبع صاحب الحق ؛ وقد قيل : هو مجاز، أي لو وافق الحق أهواءهم ؛ فجعل موافقته اتباعا مجازا ؛ أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك... لفسدت السماوات والأرض ؛ وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الآلهة، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض، وإذا فسدتا فسد من فيهما... وظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محملا على فساد ما يعقل من الحيوان ؛ لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد، فعلى هذا ما يكون من الفساد يعود على من في السماوات من الملائكة بأن جعلت أربابا وهي مربوبة، وعبدت وهي مستعبدة ؛ وفساد الإنس يكون على وجهين : أحدهما باتباع الهوى، وذلك مهلك ؛ والثاني بعبادة غير الله، وذلك كفر... اه١ ؛ بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم كما امتن الله تعالى عليهم بذلك في قوله تبارك اسمه :﴿ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وإنه لذكر لك ولقومك.. )٢، فأعرضوا عن الكتاب الذي ترفع به أقدارهم ؛ [ وقيل ! المراد بذكرهم ما تمنوه بقولهم :{ لو أن عندنا ذكرا من الأولين. لكنا عباد الله المخلصين )٣ فكأنه قيل : بل أتيناهم بالكتاب الذي تمنوه ]٤ وما دمت تدعو إلى الحق، وبالحق تقوم السماوات والأرض، وفي الحق الذي جئت به صيتهم وعزهم فلماذا التكذيب ؟ بل أنكصوا على أعقابهم إذ ناديتم إلى الخير والرشد لأنك تطالبهم بأجر على هدايتك إياهم ؟ كلا ! فإنما أجرك الأوفى تناله من ربك العلي الأعلى، فأنت لا تسألهم شيئا، فإن ما آتاك الله في الأولى والأخرى خير مما يجمعون، وأوسع وأدوم مما هم فيه ممتعون، وربك خير الرازقين، فرزقه أبرك رزق وأخلد ؛ ولا يصدنك والمؤمنين عما هداكم إليه رب العالمين ما ترون من نكوص هؤلاء المستكبرين، فإنك لا تسمع الموتى {.. ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين. وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا.. )٥ فأنت على الحق المبين٦، ومن استقام على المنهاج الذي بعثت به أدرك رضوان رب العالمين :{.. إن ربي على صراط مستقيم )٧ ؛ وقد كفر كثير ممن دعوت بالله الواحد، وكفروا بالحق الذي جاءهم، والرسول الذي دعاهم ونصح لهم ؛ وكذبوا بما ينتظرهم من الجزاء يوم يلقون ربهم، فمالوا عن الخير والرشد ميلا عظيما، فاستوجبوا بكفرهم وتكذيبهم عذابا أليما مقيما ؛ { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ﴾ بعد أن عاينوا النار وسوء المستقر، فرددناهم إلى الدنيا لعاودوا الطغيان والشر، والصدود والكفر ؛ وبهذا شهد كتاب ربنا الحكيم الخبير :{ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين )٨ فهذا من علمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف يكون ؛ قال الضحاك عن ابن عباس : كل ما فيه [ لو ] فهو مما لا يكون أبدا٩
٢ سورة الزخرف. الآية ٤٣ ومن الآية ٤٤.
٣ سورة الصافات. الآيتان: ١٦٨ و١٦٩..
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٥ سورة النمل. من الآيتين: ٨٠، ٨١..
٦ نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل أمته فقال إن مثل هذا أو مثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا يرجعون به فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال: أرايتم إن أوردتكم رياضا معشبة وحياضا رواء تتبعوني؟ فقالوا: نعم قال فانطلق بهم وأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني. قال: فقالت طائفة: صدق والله لنتبعنه وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي وبسنده عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون على معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم رب العالمين أي رب قومي أي رب أمتي فيقال يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.." الحديث..
٧ سورة هود. من الآية ٥٦..
٨ سورة الأنعام. الآيات ٢٧، ٢٨، ٢٩..
٩ ما بين العارضتين أورده ابن كثير.
﴿ طغيانهم ﴾ بغيهم وضلالهم وتجاوزهم الحد.
﴿ يعمهون ﴾ يتذبذبون ويخبطون ويترددون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧١:﴿ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ { ٧١ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ { ٧٢ ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { ٧٣ ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ { ٧٤ ) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ { ٧٥ ) ﴾
﴿ بذكرهم ﴾ بشرفهم وعزهم.
شهد الله تعالى أن نبيه بنعمة ربه ليس إلا هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وما أرسله مولاه الحكيم إلا بالحق ﴿ بل جاءهم الحق ﴾ وإنما كرهوا ما أنزل الله لأنه لا يوافق أهواءهم ؛ ولو وافق أهواءهم لهلك الكون بمن فيه.
نقل صاحب الجامع لأحكام القرآن عن النحاس : وتقديره في العربية : ولو اتبع صاحب الحق ؛ وقد قيل : هو مجاز، أي لو وافق الحق أهواءهم ؛ فجعل موافقته اتباعا مجازا ؛ أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك... لفسدت السماوات والأرض ؛ وقيل : المعنى : ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الآلهة، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض، وإذا فسدتا فسد من فيهما... وظاهر التنزيل في قراءة الجمهور يكون محملا على فساد ما يعقل من الحيوان ؛ لأن ما لا يعقل تابع لما يعقل في الصلاح والفساد، فعلى هذا ما يكون من الفساد يعود على من في السماوات من الملائكة بأن جعلت أربابا وهي مربوبة، وعبدت وهي مستعبدة ؛ وفساد الإنس يكون على وجهين : أحدهما باتباع الهوى، وذلك مهلك ؛ والثاني بعبادة غير الله، وذلك كفر... اه١ ؛ بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرهم وشرفهم كما امتن الله تعالى عليهم بذلك في قوله تبارك اسمه :﴿ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم. وإنه لذكر لك ولقومك.. )٢، فأعرضوا عن الكتاب الذي ترفع به أقدارهم ؛ [ وقيل ! المراد بذكرهم ما تمنوه بقولهم :{ لو أن عندنا ذكرا من الأولين. لكنا عباد الله المخلصين )٣ فكأنه قيل : بل أتيناهم بالكتاب الذي تمنوه ]٤ وما دمت تدعو إلى الحق، وبالحق تقوم السماوات والأرض، وفي الحق الذي جئت به صيتهم وعزهم فلماذا التكذيب ؟ بل أنكصوا على أعقابهم إذ ناديتم إلى الخير والرشد لأنك تطالبهم بأجر على هدايتك إياهم ؟ كلا ! فإنما أجرك الأوفى تناله من ربك العلي الأعلى، فأنت لا تسألهم شيئا، فإن ما آتاك الله في الأولى والأخرى خير مما يجمعون، وأوسع وأدوم مما هم فيه ممتعون، وربك خير الرازقين، فرزقه أبرك رزق وأخلد ؛ ولا يصدنك والمؤمنين عما هداكم إليه رب العالمين ما ترون من نكوص هؤلاء المستكبرين، فإنك لا تسمع الموتى {.. ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين. وما أنت بهادي العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا.. )٥ فأنت على الحق المبين٦، ومن استقام على المنهاج الذي بعثت به أدرك رضوان رب العالمين :{.. إن ربي على صراط مستقيم )٧ ؛ وقد كفر كثير ممن دعوت بالله الواحد، وكفروا بالحق الذي جاءهم، والرسول الذي دعاهم ونصح لهم ؛ وكذبوا بما ينتظرهم من الجزاء يوم يلقون ربهم، فمالوا عن الخير والرشد ميلا عظيما، فاستوجبوا بكفرهم وتكذيبهم عذابا أليما مقيما ؛ { ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ﴾ بعد أن عاينوا النار وسوء المستقر، فرددناهم إلى الدنيا لعاودوا الطغيان والشر، والصدود والكفر ؛ وبهذا شهد كتاب ربنا الحكيم الخبير :{ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون. وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين )٨ فهذا من علمه تعالى بما لا يكون لو كان كيف يكون ؛ قال الضحاك عن ابن عباس : كل ما فيه [ لو ] فهو مما لا يكون أبدا٩
٢ سورة الزخرف. الآية ٤٣ ومن الآية ٤٤.
٣ سورة الصافات. الآيتان: ١٦٨ و١٦٩..
٤ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٥ سورة النمل. من الآيتين: ٨٠، ٨١..
٦ نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل أمته فقال إن مثل هذا أو مثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا يرجعون به فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال: أرايتم إن أوردتكم رياضا معشبة وحياضا رواء تتبعوني؟ فقالوا: نعم قال فانطلق بهم وأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني. قال: فقالت طائفة: صدق والله لنتبعنه وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي وبسنده عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ممسك بحجزكم هلم عن النار هلم عن النار وتغلبونني تتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب فأوشك أن أرسل حجزكم وأنا فرطكم على الحوض فتردون على معا وأشتاتا أعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريب من الإبل في إبله فيذهب بكم ذات اليمين وذات الشمال فأناشد فيكم رب العالمين أي رب قومي أي رب أمتي فيقال يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.." الحديث..
٧ سورة هود. من الآية ٥٦..
٨ سورة الأنعام. الآيات ٢٧، ٢٨، ٢٩..
٩ ما بين العارضتين أورده ابن كثير.
﴿ استكانوا ﴾ خضعوا.
﴿ يتضرعون ﴾ يدعون من صميم فؤادهم.
﴿ مبلسون ﴾ محزونون متحيرون آيسون.
في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " أي بسبع سنوات مجدبات كسني يوسف التي قحط الناس فيها ؛ ومن سنة الله تعالى أنه قد يضيق على قوم عصوا لعلهم يزدجرون ويقلعون عن غوايتهم، كالذي وعده سبحانه في كتابه :{ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون )١ { .. ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )٢ وكما فعل سبحانه بقوم فرعون مما بينه قوله تبارك اسمه :{ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون )٣ وقوله :{ وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون )٤ واستنفر الذين كذبوا النبي الخاتم ليلجأوا إليه جل ثناؤه فأعرضوا ؛ يقول المولى تبارك اسمه :{ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون )٥ ؛ أخذهم الله تعالى بالشدائد والبلايا فما ردهم ذلك عن غيهم، ولا أنابوا إلى ربهم، بل استمروا على حالهم حتى إذا فتح الله عليهم في الآخرة الباب الذي يطلع عليهم منه العذاب إذا هم في ذلك العذاب قانطون حائرون محزونون.
أخرج ابن جرير وجماعة عن ابن عباس ما هو نص في أن قصة ثمامة سبب لنزول قوله تعالى :﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب ﴾ إلى آخره ؛ وذلك أن ثمامة بن أثال الحنفي جاءت به إلى المدينة سرية محمد بن مسلمة حين بعثها صلى الله عليه وسلم إلى بني بكر بن كلاب، فأسلم بعد أن امتنع من الإسلام ثلاثة أيام، ثم خرج معتمرا، فلما قدم بطن مكة لبى ؛ وهو أول من دخلها ملبيا ؛ ومن هنا قال الحنفي :
ومنا الذي لبى بمكة معلنا برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم.
فأخذته قريش فقالوا : لقد اجترأت علينا وقد صبوت يا ثمامة ! قال : أسلمت واتبعت خير دين دين محمد صلى الله عليه وسلم ؛ والله لا يصل إليكم حبة من اليمامة وكانت ريفا لأهل مكة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم خرج ثمامة إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، حتى أضر بهم الجوع، وأكلت قريش العلهز وهو ما كانوا يأخذونه من الصوف والوبر فيبلونه بالدم ثم يشوونه ويأكلونه فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين.. إنك تأمر بصلة الرحم وأنت قد قطعت أرحامنا ؛ فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة رضي الله عنه : " خل بين قومي وبين ميرتهم " ففعل٦ ؛ ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا ؛ وهيهات أن يستجيبوا حتى يطالعوا جهنم ويعاينوها :﴿ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) ٧عندها يصرخون :{ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾٨ فيجابون :﴿ .. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾٩ فاللهم لا تخزنا يوم يبعثون
٢ سورة الروم. من الآية ٤١..
٣ سورة الأعراف. الآية ١٣٠..
٤ سورة الزخرف. الآية ٤٨..
٥ سورة الأنعام. الآية ٤٣..
٦ نقل ا الألوسي في كتبه [روح المعاني] جـ١٨ ص٥٥.
٧ سورة يونس. الآيتين ٩٦، ٩٧.
٨ سورة المؤمنون. الآية ١٠٧..
٩ سورة المؤمنون. الآية ١٠٨..
﴿ استكانوا ﴾ خضعوا.
﴿ يتضرعون ﴾ يدعون من صميم فؤادهم.
﴿ مبلسون ﴾ محزونون متحيرون آيسون.
في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال :" اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " أي بسبع سنوات مجدبات كسني يوسف التي قحط الناس فيها ؛ ومن سنة الله تعالى أنه قد يضيق على قوم عصوا لعلهم يزدجرون ويقلعون عن غوايتهم، كالذي وعده سبحانه في كتابه :{ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون )١ {.. ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )٢ وكما فعل سبحانه بقوم فرعون مما بينه قوله تبارك اسمه :{ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون )٣ وقوله :{ وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون )٤ واستنفر الذين كذبوا النبي الخاتم ليلجأوا إليه جل ثناؤه فأعرضوا ؛ يقول المولى تبارك اسمه :{ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون )٥ ؛ أخذهم الله تعالى بالشدائد والبلايا فما ردهم ذلك عن غيهم، ولا أنابوا إلى ربهم، بل استمروا على حالهم حتى إذا فتح الله عليهم في الآخرة الباب الذي يطلع عليهم منه العذاب إذا هم في ذلك العذاب قانطون حائرون محزونون.
أخرج ابن جرير وجماعة عن ابن عباس ما هو نص في أن قصة ثمامة سبب لنزول قوله تعالى :﴿ ولقد أخذناهم بالعذاب ﴾ إلى آخره ؛ وذلك أن ثمامة بن أثال الحنفي جاءت به إلى المدينة سرية محمد بن مسلمة حين بعثها صلى الله عليه وسلم إلى بني بكر بن كلاب، فأسلم بعد أن امتنع من الإسلام ثلاثة أيام، ثم خرج معتمرا، فلما قدم بطن مكة لبى ؛ وهو أول من دخلها ملبيا ؛ ومن هنا قال الحنفي :
ومنا الذي لبى بمكة معلنا برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم.
فأخذته قريش فقالوا : لقد اجترأت علينا وقد صبوت يا ثمامة ! قال : أسلمت واتبعت خير دين دين محمد صلى الله عليه وسلم ؛ والله لا يصل إليكم حبة من اليمامة وكانت ريفا لأهل مكة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم خرج ثمامة إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، حتى أضر بهم الجوع، وأكلت قريش العلهز وهو ما كانوا يأخذونه من الصوف والوبر فيبلونه بالدم ثم يشوونه ويأكلونه فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين.. إنك تأمر بصلة الرحم وأنت قد قطعت أرحامنا ؛ فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة رضي الله عنه :" خل بين قومي وبين ميرتهم " ففعل٦ ؛ ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا ؛ وهيهات أن يستجيبوا حتى يطالعوا جهنم ويعاينوها :﴿ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) ٧عندها يصرخون :{ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾٨ فيجابون :﴿.. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾٩ فاللهم لا تخزنا يوم يبعثون
٢ سورة الروم. من الآية ٤١..
٣ سورة الأعراف. الآية ١٣٠..
٤ سورة الزخرف. الآية ٤٨..
٥ سورة الأنعام. الآية ٤٣..
٦ نقل ا الألوسي في كتبه [روح المعاني] جـ١٨ ص٥٥.
٧ سورة يونس. الآيتين ٩٦، ٩٧.
٨ سورة المؤمنون. الآية ١٠٧..
٩ سورة المؤمنون. الآية ١٠٨..
﴿ ذرأكم ﴾ خلقكم وبثكم، وفرقكم ونشركم.
﴿ الأفئدة ﴾ العقول والقلوب.
تذكر الآيات بكمال القدرة، وتمتن بكثرة النعمة وتنبه على أن أسباب التأمل في الدلائل موجودة، وأبواب الأعذار بالكلية مسدودة ١ فربكم هو واهب السمع والأبصار وهما من أهم الحواس، وبهما تصان وتتحقق مطالب حياة الناس، ومن أقدسها الإحساس بالآيات التنزيلية والتكوينية، وهو سبحانه دون سواه واهب العقول والقلوب التي تكمن فيها قوة الإدراك والفهم والوجدان، وبها يتميز الإنسان ؛ مما يقول الألوسي : وقدم السمع لكثرة منافعه، وأفرد لأنه يدرك به نوع واحد، بخلاف البصر فإنه يدرك به الأضواء والألوان والأكوان والأشكال ؛ وفي الآية إشارة إلى الدليل الحسي والعقلي.. اه.
تشكرون شكرا قليلا لأن العمدة في الشكر صرف تلك القوى التي هي نعم باهرة إلى ما خلقت هي له.. ﴿ وما ﴾ للتوكيد ٢ ثم أخبر جل ثناؤه أنه لا غيره هو الذي خلق وأنشأ وبرأ وذرأ، وبث وفرق ونشر البشر في سائر أقطار الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم، ومهما تقلبوا في الأمصار، أو غيبوا في الغيابات والقبور والأغوار، وبليت العظام وتمزقت الجلود وتفرقت الشعور والأبشار، فإنهم إلى ربهم راجعون، وإليه مسوقون، وبين يديه موقوفون ؛ وهو لا شريك له له المحيا والممات وقد خلقهما للابتلاء، ثم يكون الحساب والفصل والجزاء يجعلهم أحياء بعد أن كانوا نطفا بنفخ الروح، ويميتهم بعد أن أحياهم٣ أو بمعنى أنه يحيي الرمم، ويميت الأمم كما قال ابن كثير وله خاصة وعن أمره التخالف بين الليل والنهار زيادة ونقصانا، وظلمة وضياء، وسعيا وسكونا، أو تعاقبهما، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا، يتعاقبان لا يفتران ؛ أفليس لكم عقول تدلكم على أن الذي فعل هذه الأفعال ابتداء من غير أصل لا يمتنع عليه إحياء الأموات بعد فنائهم وإنشاء ما شاء إعدامه بعد إنشائه أول مرة ؟ ! ٤
٢ من روح المعاني؛ بتصرف.
٣ من روح المعاني؛ بتصرف..
٤ من جامع البيان.. ؛بتصرف.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٨:﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ { ٧٨ ) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ { ٧٩ ) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ { ٨٠ ) ﴾
﴿ ذرأكم ﴾ خلقكم وبثكم، وفرقكم ونشركم.
﴿ الأفئدة ﴾ العقول والقلوب.
تذكر الآيات بكمال القدرة، وتمتن بكثرة النعمة وتنبه على أن أسباب التأمل في الدلائل موجودة، وأبواب الأعذار بالكلية مسدودة ١ فربكم هو واهب السمع والأبصار وهما من أهم الحواس، وبهما تصان وتتحقق مطالب حياة الناس، ومن أقدسها الإحساس بالآيات التنزيلية والتكوينية، وهو سبحانه دون سواه واهب العقول والقلوب التي تكمن فيها قوة الإدراك والفهم والوجدان، وبها يتميز الإنسان ؛ مما يقول الألوسي : وقدم السمع لكثرة منافعه، وأفرد لأنه يدرك به نوع واحد، بخلاف البصر فإنه يدرك به الأضواء والألوان والأكوان والأشكال ؛ وفي الآية إشارة إلى الدليل الحسي والعقلي.. اه.
تشكرون شكرا قليلا لأن العمدة في الشكر صرف تلك القوى التي هي نعم باهرة إلى ما خلقت هي له.. ﴿ وما ﴾ للتوكيد ٢ ثم أخبر جل ثناؤه أنه لا غيره هو الذي خلق وأنشأ وبرأ وذرأ، وبث وفرق ونشر البشر في سائر أقطار الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم، ومهما تقلبوا في الأمصار، أو غيبوا في الغيابات والقبور والأغوار، وبليت العظام وتمزقت الجلود وتفرقت الشعور والأبشار، فإنهم إلى ربهم راجعون، وإليه مسوقون، وبين يديه موقوفون ؛ وهو لا شريك له له المحيا والممات وقد خلقهما للابتلاء، ثم يكون الحساب والفصل والجزاء يجعلهم أحياء بعد أن كانوا نطفا بنفخ الروح، ويميتهم بعد أن أحياهم٣ أو بمعنى أنه يحيي الرمم، ويميت الأمم كما قال ابن كثير وله خاصة وعن أمره التخالف بين الليل والنهار زيادة ونقصانا، وظلمة وضياء، وسعيا وسكونا، أو تعاقبهما، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا، يتعاقبان لا يفتران ؛ أفليس لكم عقول تدلكم على أن الذي فعل هذه الأفعال ابتداء من غير أصل لا يمتنع عليه إحياء الأموات بعد فنائهم وإنشاء ما شاء إعدامه بعد إنشائه أول مرة ؟ ! ٤
٢ من روح المعاني؛ بتصرف.
٣ من روح المعاني؛ بتصرف..
٤ من جامع البيان.. ؛بتصرف.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٨:﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ { ٧٨ ) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ { ٧٩ ) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ { ٨٠ ) ﴾
﴿ ذرأكم ﴾ خلقكم وبثكم، وفرقكم ونشركم.
﴿ الأفئدة ﴾ العقول والقلوب.
تذكر الآيات بكمال القدرة، وتمتن بكثرة النعمة وتنبه على أن أسباب التأمل في الدلائل موجودة، وأبواب الأعذار بالكلية مسدودة ١ فربكم هو واهب السمع والأبصار وهما من أهم الحواس، وبهما تصان وتتحقق مطالب حياة الناس، ومن أقدسها الإحساس بالآيات التنزيلية والتكوينية، وهو سبحانه دون سواه واهب العقول والقلوب التي تكمن فيها قوة الإدراك والفهم والوجدان، وبها يتميز الإنسان ؛ مما يقول الألوسي : وقدم السمع لكثرة منافعه، وأفرد لأنه يدرك به نوع واحد، بخلاف البصر فإنه يدرك به الأضواء والألوان والأكوان والأشكال ؛ وفي الآية إشارة إلى الدليل الحسي والعقلي.. اه.
تشكرون شكرا قليلا لأن العمدة في الشكر صرف تلك القوى التي هي نعم باهرة إلى ما خلقت هي له.. ﴿ وما ﴾ للتوكيد ٢ ثم أخبر جل ثناؤه أنه لا غيره هو الذي خلق وأنشأ وبرأ وذرأ، وبث وفرق ونشر البشر في سائر أقطار الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم، ومهما تقلبوا في الأمصار، أو غيبوا في الغيابات والقبور والأغوار، وبليت العظام وتمزقت الجلود وتفرقت الشعور والأبشار، فإنهم إلى ربهم راجعون، وإليه مسوقون، وبين يديه موقوفون ؛ وهو لا شريك له له المحيا والممات وقد خلقهما للابتلاء، ثم يكون الحساب والفصل والجزاء يجعلهم أحياء بعد أن كانوا نطفا بنفخ الروح، ويميتهم بعد أن أحياهم٣ أو بمعنى أنه يحيي الرمم، ويميت الأمم كما قال ابن كثير وله خاصة وعن أمره التخالف بين الليل والنهار زيادة ونقصانا، وظلمة وضياء، وسعيا وسكونا، أو تعاقبهما، كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا، يتعاقبان لا يفتران ؛ أفليس لكم عقول تدلكم على أن الذي فعل هذه الأفعال ابتداء من غير أصل لا يمتنع عليه إحياء الأموات بعد فنائهم وإنشاء ما شاء إعدامه بعد إنشائه أول مرة ؟ ! ٤
٢ من روح المعاني؛ بتصرف.
٣ من روح المعاني؛ بتصرف..
٤ من جامع البيان.. ؛بتصرف.
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨١:﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ { ٨١ ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ { ٨٢ ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ { ٨٣ ) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٤ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ { ٨٥ ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ { ٨٦ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ٨٧ ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٨ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ { ٨٩ ) ﴾
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨١:﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ { ٨١ ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ { ٨٢ ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ { ٨٣ ) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٤ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ { ٨٥ ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ { ٨٦ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ٨٧ ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٨ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ { ٨٩ ) ﴾
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨١:﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ { ٨١ ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ { ٨٢ ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ { ٨٣ ) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٤ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ { ٨٥ ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ { ٨٦ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ٨٧ ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٨ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ { ٨٩ ) ﴾
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨١:﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ { ٨١ ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ { ٨٢ ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ { ٨٣ ) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٤ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ { ٨٥ ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ { ٨٦ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ٨٧ ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٨ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ { ٨٩ ) ﴾
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
﴿ يجير ﴾ يمنع من شاء ممن يشاء، ويغيث.
﴿ لا يجار عليه ﴾ لا يمنع أحد منه ؛ ولا ينصر عليه، ولا يغاث.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨١:﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ { ٨١ ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ { ٨٢ ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ { ٨٣ ) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٤ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ { ٨٥ ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ { ٨٦ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ٨٧ ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٨ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ { ٨٩ ) ﴾
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨١:﴿ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ { ٨١ ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ { ٨٢ ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ { ٨٣ ) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٤ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ { ٨٥ ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ { ٨٦ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ٨٧ ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ { ٨٨ ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ { ٨٩ ) ﴾
هذه الآيات الثلاث الأول تبين فرط سفههم، إذ كانت قد سبقت بما يفيد الحض على التعقل ﴿ أفلا تعقبون ﴾ مع إفادة التقريع والوعيد، بمعنى : أفليس لكم عقول تدلكم على أن قدرتنا لا يعجزها البعث، فلم يعقلوا ؛ بل قالوا كقول السفهاء من قبلهم، ومنكري البعث من أسلافهم ولآبائهم مستبعدين ومستنكرين أن قالوا : ما هذه إلا ترهات وأباطيل، وأكاذيب وأعاجيب نقلت عن الأقدمين، ووعدنا بها كما وعد من سبقنا من الأولين ؛ مما أورد النيسابوري : لا شبهة لهم في إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد، والاستبعاد ؛ قال علماء المعاني : قوله :﴿ لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا ﴾ وارد على الأصل، لأن التأكيد مذكور عقيب المؤكد، وبعده المفعول الثاني أما في سورة { النمل ) فسبب تقديم المفعول الثاني على الضمير وعلى المعطوف هو أنه اقتصر هناك على قوله :{ ترابا ) والتراب أبعد في باب الإعادة من العظام، فقدم ليدل على مزيد الاعتناء به في شأن الاستنكار. اه
وجاءت الآيات الست احتجاجا على المقرين بالصانع وهم مع ذلك يشركون معه غيره في العبادة، والعقل يقضي بأنه لا يستحق الألوهية والعبادة إلا من يملك ويسخر ويدبر، ويبدع ويصور، ويغيث ويهيمن، وهو العزيز الجبار المتكبر ودلت هذه الآية على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم١ قل يا محمد لمنكري البعث والمشركين : لمن ملك الأرض، ومن فيها وما فيها من الخلق ؟ إن كنتم تعلمون مالكها ومليكها ! وكان الكثيرون منهم يقرون بأن خالقهم هو الله { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.. )٢ فسيقرون إذا بأنها لله دون سواه مملوكة، ومادام هذا جوابهم فقل لهم : أفلا تتذكرون أن المتفرد بإيجاد الأرض وعمارها، ومودعها أقواتها وبركاتها حقه أن يفرد بالتقديس والطاعة ؟ أفلا يكفيكم هذا واعظا ؟ ! قل لهم كذلك من مصلح وولي وبديع السماوات السبع وبارؤها ورب العرش العظيم، والمهيمن على الكون والخلق وسائر العوالم سفلية وعلوية ؟ ولن يملكوا إلا الإقرار بأنه الواحد الفاعل المختار :{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم )٣ فذكرهم بأن من هذا ملكه يجب أن يتقي ويحذر، ويشكر فلا يكفر، ويطاع فلا يعصى ؛ سلهم يا محمد من له الملك والسلطان، القاهر فوق الأكوان، العزيز الذي يغيث ولا يغاث عليه ؛ ويمنع من يشاء ممن يشاء، ولا يمنع أحد منه، ولا ينصر عليه ؟ إن كنتم تعلمون فأجيبوني، سيقولون : الحول والطول لله ؛ قل لهم : فكيف تصرفون إذا عن توحيده وطاعته ؟ ومن أي وجه تخدعون ويخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ؟ ! ويزين لكم أن تشاقوه ؛ فعل المسحور مختل العقل ؟ !
٢ سورة الزخرف. من الآية ٨٧..
٣ سورة الزخرف. الآية ٩..
ما توحيد الله ولا اليقين في لقائه بالخفاء الذين يزعمون، ولكنهم فتنوا أنفسهم وظنوا بالله الظنون، وحين يسألون عن الآخرة يترددون ويرتابون، فيقولون : تكون أو لا تكون ؛ فأبطل الله تعالى تغافلهم، وهتك تجاهلهم، كما قال سبحانه في آية كريمة أخرى مخاطبا نبيه :﴿ .. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )١ وقال تبارك اسمه في شأن أمثالهم :{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )٢ وقال جل ثناؤه :{ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها.. )٣ فقد تبين لهم الرشد من الغي وجاءتهم رسلهم بالبينات، وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا حين يدعون عدم العلم بالله العظيم { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن.. )٤ ومن قبلهم قالها الطاغية المتجبر فرعون { .. وما رب العالمين )٥ فأكذبهم الله تعالى من قيلهم ؛ ومحال أن يتخذ ربنا تبارك وتعالى ولدا من البنين أو البنات، وما صاحبه ولا شاركه أحد في خلق الكائنات، إذ لو كان معه آلهة لذهب كل إله بموجوداته التي أوجدها، يريد أن يهيمن عليها، ولتنازع الآلهة، إذ القوي لا يعبأ بالضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها ؛ تنزه الله تعالى مقامه عما يصفه به هؤلاء المشركون معه غيره ؛ لقد حاجهم القرآن الكريم فدحض افتراءهم ؛ ومن حجة ربنا البالغة قوله تبارك اسمه :{ قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين )٦، سبحان الله عالم ما غاب وما ظهر، عالم ما يرى وما لا يرى ؛ ف{ عالم ﴾ [ بكسر الميم ] نعت للاسم الجليل، أو بدل منه ؛ تقدس المعبود بحق وترفع أن يكون له شريك.
٢ سورة النمل. من الآية ٨٣..
٣ سورة النحل. من الآية ٨٣..
٤ سورة الفرقان. من الآية ٦٠..
٥ سورة الشعراء. من الآية ٢٣..
٦ سورة الأحقاف الآية٤..
ما توحيد الله ولا اليقين في لقائه بالخفاء الذين يزعمون، ولكنهم فتنوا أنفسهم وظنوا بالله الظنون، وحين يسألون عن الآخرة يترددون ويرتابون، فيقولون : تكون أو لا تكون ؛ فأبطل الله تعالى تغافلهم، وهتك تجاهلهم، كما قال سبحانه في آية كريمة أخرى مخاطبا نبيه :﴿.. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )١ وقال تبارك اسمه في شأن أمثالهم :{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )٢ وقال جل ثناؤه :{ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها.. )٣ فقد تبين لهم الرشد من الغي وجاءتهم رسلهم بالبينات، وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا حين يدعون عدم العلم بالله العظيم { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن.. )٤ ومن قبلهم قالها الطاغية المتجبر فرعون {.. وما رب العالمين )٥ فأكذبهم الله تعالى من قيلهم ؛ ومحال أن يتخذ ربنا تبارك وتعالى ولدا من البنين أو البنات، وما صاحبه ولا شاركه أحد في خلق الكائنات، إذ لو كان معه آلهة لذهب كل إله بموجوداته التي أوجدها، يريد أن يهيمن عليها، ولتنازع الآلهة، إذ القوي لا يعبأ بالضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها ؛ تنزه الله تعالى مقامه عما يصفه به هؤلاء المشركون معه غيره ؛ لقد حاجهم القرآن الكريم فدحض افتراءهم ؛ ومن حجة ربنا البالغة قوله تبارك اسمه :{ قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين )٦، سبحان الله عالم ما غاب وما ظهر، عالم ما يرى وما لا يرى ؛ ف{ عالم ﴾ [ بكسر الميم ] نعت للاسم الجليل، أو بدل منه ؛ تقدس المعبود بحق وترفع أن يكون له شريك.
٢ سورة النمل. من الآية ٨٣..
٣ سورة النحل. من الآية ٨٣..
٤ سورة الفرقان. من الآية ٦٠..
٥ سورة الشعراء. من الآية ٢٣..
٦ سورة الأحقاف الآية٤..
ما توحيد الله ولا اليقين في لقائه بالخفاء الذين يزعمون، ولكنهم فتنوا أنفسهم وظنوا بالله الظنون، وحين يسألون عن الآخرة يترددون ويرتابون، فيقولون : تكون أو لا تكون ؛ فأبطل الله تعالى تغافلهم، وهتك تجاهلهم، كما قال سبحانه في آية كريمة أخرى مخاطبا نبيه :﴿.. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )١ وقال تبارك اسمه في شأن أمثالهم :{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )٢ وقال جل ثناؤه :{ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها.. )٣ فقد تبين لهم الرشد من الغي وجاءتهم رسلهم بالبينات، وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا حين يدعون عدم العلم بالله العظيم { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن.. )٤ ومن قبلهم قالها الطاغية المتجبر فرعون {.. وما رب العالمين )٥ فأكذبهم الله تعالى من قيلهم ؛ ومحال أن يتخذ ربنا تبارك وتعالى ولدا من البنين أو البنات، وما صاحبه ولا شاركه أحد في خلق الكائنات، إذ لو كان معه آلهة لذهب كل إله بموجوداته التي أوجدها، يريد أن يهيمن عليها، ولتنازع الآلهة، إذ القوي لا يعبأ بالضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها ؛ تنزه الله تعالى مقامه عما يصفه به هؤلاء المشركون معه غيره ؛ لقد حاجهم القرآن الكريم فدحض افتراءهم ؛ ومن حجة ربنا البالغة قوله تبارك اسمه :{ قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين )٦، سبحان الله عالم ما غاب وما ظهر، عالم ما يرى وما لا يرى ؛ ف{ عالم ﴾ [ بكسر الميم ] نعت للاسم الجليل، أو بدل منه ؛ تقدس المعبود بحق وترفع أن يكون له شريك.
٢ سورة النمل. من الآية ٨٣..
٣ سورة النحل. من الآية ٨٣..
٤ سورة الفرقان. من الآية ٦٠..
٥ سورة الشعراء. من الآية ٢٣..
٦ سورة الأحقاف الآية٤..
علم الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يدعوه بهذه الدعوة : رب إن أريتني في هؤلاء المشركين الجاحدين المعاندين ما وعدتهم من عذابك ونكالك فلا تجعلني يا مولاي مع المهلكين، ولا تهلكني بما تهلكهم به، ولا تجعلني في المفتونين، ولكن اجعلني فيمن رضيت عنهم من أوليائك وأنصارك، الفائزين الناجين في الدنيا والآخرة والمنصورين ؛ جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه : " وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " ١ وقد يجوز أن يستعيذ العبد مما علم أنه لا يفعله ونقل الألوسي : وفي أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعوا بذلك مع أنه عليه الصلاة والسلام في حرز عظيم من أن يجعل قرينا لهم إيذان بكمال فظاعة العذاب الموعود وكونه بحيث يجب أن يستعيذ منه من لا يكاد يمكن أن يحيق به... وقيل : لأن شؤم الكفرية قد يحيق بمن سواهم، كقوله تعالى :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة.. ) وإنا لقادرون على أن نريك يا محمد ما وعدناهم من العذاب ولكنا نؤخره ليبلغ الكتاب أجله لعلمنا أن بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمنون، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم٢ وأمر المولى الكريم نبيه بالصفح والإحسان إلى من أساء ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة، وبغضه محبة ٣ وبهذا أوصانا ربنا في محكم كتابه فقال تبارك اسمه :{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )٤ وهذا خلق رضي دعينا إليه ونودينا للاستقامة عليه ما لم يؤد إلى ثلم الدين والمروءة ٥ ؛ وكأن الصفح مطلوب، والإحسان حسن، وبذل لاستطاعة فيه أحسن، يقول صاحب [ الجامع لأحكام القرآن ] : قوله تعالى :{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ أمر بالصفح ومكارم الأخلاق ؛ فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم باق في الأمة أبدا، وما كان فيها من معنى موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفح عن أمورهم فمنسوخ بالقتال اه. لكن الاتجاه إلى أن الآية محكمة أمثل، فإن المداراة مستحبة ما لم تؤد إلى محذور ؛ نحن أعلم بما يفترونه على الله تعالى من كذب، وبالذي يصفونك به من الباطل والسوء، وسنجازيهم على جميع ذلك، فلا يحزنك قولهم، { واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )٦.
٢ مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد ابن كثير..
٤ سورة فصلت. الآيتان: ٣٤، ٣٥.
٥ مما أورد الألوسي..
٦ سورة هود. الآية ١٠.
علم الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يدعوه بهذه الدعوة : رب إن أريتني في هؤلاء المشركين الجاحدين المعاندين ما وعدتهم من عذابك ونكالك فلا تجعلني يا مولاي مع المهلكين، ولا تهلكني بما تهلكهم به، ولا تجعلني في المفتونين، ولكن اجعلني فيمن رضيت عنهم من أوليائك وأنصارك، الفائزين الناجين في الدنيا والآخرة والمنصورين ؛ جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه :" وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " ١ وقد يجوز أن يستعيذ العبد مما علم أنه لا يفعله ونقل الألوسي : وفي أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعوا بذلك مع أنه عليه الصلاة والسلام في حرز عظيم من أن يجعل قرينا لهم إيذان بكمال فظاعة العذاب الموعود وكونه بحيث يجب أن يستعيذ منه من لا يكاد يمكن أن يحيق به... وقيل : لأن شؤم الكفرية قد يحيق بمن سواهم، كقوله تعالى :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة.. ) وإنا لقادرون على أن نريك يا محمد ما وعدناهم من العذاب ولكنا نؤخره ليبلغ الكتاب أجله لعلمنا أن بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمنون، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم٢ وأمر المولى الكريم نبيه بالصفح والإحسان إلى من أساء ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة، وبغضه محبة ٣ وبهذا أوصانا ربنا في محكم كتابه فقال تبارك اسمه :{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )٤ وهذا خلق رضي دعينا إليه ونودينا للاستقامة عليه ما لم يؤد إلى ثلم الدين والمروءة ٥ ؛ وكأن الصفح مطلوب، والإحسان حسن، وبذل لاستطاعة فيه أحسن، يقول صاحب [ الجامع لأحكام القرآن ] : قوله تعالى :{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ أمر بالصفح ومكارم الأخلاق ؛ فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم باق في الأمة أبدا، وما كان فيها من معنى موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفح عن أمورهم فمنسوخ بالقتال اه. لكن الاتجاه إلى أن الآية محكمة أمثل، فإن المداراة مستحبة ما لم تؤد إلى محذور ؛ نحن أعلم بما يفترونه على الله تعالى من كذب، وبالذي يصفونك به من الباطل والسوء، وسنجازيهم على جميع ذلك، فلا يحزنك قولهم، { واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )٦.
٢ مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد ابن كثير..
٤ سورة فصلت. الآيتان: ٣٤، ٣٥.
٥ مما أورد الألوسي..
٦ سورة هود. الآية ١٠.
علم الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يدعوه بهذه الدعوة : رب إن أريتني في هؤلاء المشركين الجاحدين المعاندين ما وعدتهم من عذابك ونكالك فلا تجعلني يا مولاي مع المهلكين، ولا تهلكني بما تهلكهم به، ولا تجعلني في المفتونين، ولكن اجعلني فيمن رضيت عنهم من أوليائك وأنصارك، الفائزين الناجين في الدنيا والآخرة والمنصورين ؛ جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه :" وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " ١ وقد يجوز أن يستعيذ العبد مما علم أنه لا يفعله ونقل الألوسي : وفي أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعوا بذلك مع أنه عليه الصلاة والسلام في حرز عظيم من أن يجعل قرينا لهم إيذان بكمال فظاعة العذاب الموعود وكونه بحيث يجب أن يستعيذ منه من لا يكاد يمكن أن يحيق به... وقيل : لأن شؤم الكفرية قد يحيق بمن سواهم، كقوله تعالى :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة.. ) وإنا لقادرون على أن نريك يا محمد ما وعدناهم من العذاب ولكنا نؤخره ليبلغ الكتاب أجله لعلمنا أن بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمنون، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم٢ وأمر المولى الكريم نبيه بالصفح والإحسان إلى من أساء ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة، وبغضه محبة ٣ وبهذا أوصانا ربنا في محكم كتابه فقال تبارك اسمه :{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )٤ وهذا خلق رضي دعينا إليه ونودينا للاستقامة عليه ما لم يؤد إلى ثلم الدين والمروءة ٥ ؛ وكأن الصفح مطلوب، والإحسان حسن، وبذل لاستطاعة فيه أحسن، يقول صاحب [ الجامع لأحكام القرآن ] : قوله تعالى :{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ أمر بالصفح ومكارم الأخلاق ؛ فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم باق في الأمة أبدا، وما كان فيها من معنى موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفح عن أمورهم فمنسوخ بالقتال اه. لكن الاتجاه إلى أن الآية محكمة أمثل، فإن المداراة مستحبة ما لم تؤد إلى محذور ؛ نحن أعلم بما يفترونه على الله تعالى من كذب، وبالذي يصفونك به من الباطل والسوء، وسنجازيهم على جميع ذلك، فلا يحزنك قولهم، { واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )٦.
٢ مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد ابن كثير..
٤ سورة فصلت. الآيتان: ٣٤، ٣٥.
٥ مما أورد الألوسي..
٦ سورة هود. الآية ١٠.
علم الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يدعوه بهذه الدعوة : رب إن أريتني في هؤلاء المشركين الجاحدين المعاندين ما وعدتهم من عذابك ونكالك فلا تجعلني يا مولاي مع المهلكين، ولا تهلكني بما تهلكهم به، ولا تجعلني في المفتونين، ولكن اجعلني فيمن رضيت عنهم من أوليائك وأنصارك، الفائزين الناجين في الدنيا والآخرة والمنصورين ؛ جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه :" وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون " ١ وقد يجوز أن يستعيذ العبد مما علم أنه لا يفعله ونقل الألوسي : وفي أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعوا بذلك مع أنه عليه الصلاة والسلام في حرز عظيم من أن يجعل قرينا لهم إيذان بكمال فظاعة العذاب الموعود وكونه بحيث يجب أن يستعيذ منه من لا يكاد يمكن أن يحيق به... وقيل : لأن شؤم الكفرية قد يحيق بمن سواهم، كقوله تعالى :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة.. ) وإنا لقادرون على أن نريك يا محمد ما وعدناهم من العذاب ولكنا نؤخره ليبلغ الكتاب أجله لعلمنا أن بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمنون، أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم٢ وأمر المولى الكريم نبيه بالصفح والإحسان إلى من أساء ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة، وبغضه محبة ٣ وبهذا أوصانا ربنا في محكم كتابه فقال تبارك اسمه :{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )٤ وهذا خلق رضي دعينا إليه ونودينا للاستقامة عليه ما لم يؤد إلى ثلم الدين والمروءة ٥ ؛ وكأن الصفح مطلوب، والإحسان حسن، وبذل لاستطاعة فيه أحسن، يقول صاحب [ الجامع لأحكام القرآن ] : قوله تعالى :{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ أمر بالصفح ومكارم الأخلاق ؛ فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم باق في الأمة أبدا، وما كان فيها من معنى موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفح عن أمورهم فمنسوخ بالقتال اه. لكن الاتجاه إلى أن الآية محكمة أمثل، فإن المداراة مستحبة ما لم تؤد إلى محذور ؛ نحن أعلم بما يفترونه على الله تعالى من كذب، وبالذي يصفونك به من الباطل والسوء، وسنجازيهم على جميع ذلك، فلا يحزنك قولهم، { واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )٦.
٢ مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد ابن كثير..
٤ سورة فصلت. الآيتان: ٣٤، ٣٥.
٥ مما أورد الألوسي..
٦ سورة هود. الآية ١٠.
﴿ أعوذ ﴾ ألجأ وأحتمي وأستجير.
﴿ همزات ﴾ وساوس، والهمز : النخس والدفع ؛ ومنه مهماز الرائض : حديدة أوعود ينخس به الدابة لتسرع أو تثب.
وصانا ربنا أن نطلب منه الحماية من همز الشيطان ونفخه ونفثه١ فهمزه الجنون، ونفخه الكبر، ونفثه الشعر إلا ما كان منه صدقا ودعوة إلى بر : مما جاء في صحيح مسلم عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضر عند طعامه.. " ؛ مما أورد الألوسي : وتخصيص حال الصلاة وقراءة القرآن... وحال حلول الأجل.. لأنها أحرى الأحوال بالاستعاذة منها لا سيما الحال الأخيرة.. وإلى العموم٢ ذهب ابن زيد... ويسن التعوذ من همزات الشياطين وحضورهم عند إرادة النوم٣ ؛ والجمع ﴿ همزات ﴾ للمرات أو لتنوع الوساوس، أو لتعدد الشياطين. اهـ
٢ ومما يشهد للعموم ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم حين يأتي أهله يقول بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن قضي بينهما ولد لم يضره شيطان أبدا" أو كما قال عليه الصلاة والسلام..
٣ وأورد ما أثر: اللهم إني أعوذ بك من النزغ عند النزع؛ أخرجه أحمد وغيره عن عمرو وابن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون".
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٧:﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ { ٩٧ ) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ { ٩٨ ) ﴾
﴿ أعوذ ﴾ ألجأ وأحتمي وأستجير.
﴿ همزات ﴾ وساوس، والهمز : النخس والدفع ؛ ومنه مهماز الرائض : حديدة أوعود ينخس به الدابة لتسرع أو تثب.
وصانا ربنا أن نطلب منه الحماية من همز الشيطان ونفخه ونفثه١ فهمزه الجنون، ونفخه الكبر، ونفثه الشعر إلا ما كان منه صدقا ودعوة إلى بر : مما جاء في صحيح مسلم عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضر عند طعامه.. " ؛ مما أورد الألوسي : وتخصيص حال الصلاة وقراءة القرآن... وحال حلول الأجل.. لأنها أحرى الأحوال بالاستعاذة منها لا سيما الحال الأخيرة.. وإلى العموم٢ ذهب ابن زيد... ويسن التعوذ من همزات الشياطين وحضورهم عند إرادة النوم٣ ؛ والجمع ﴿ همزات ﴾ للمرات أو لتنوع الوساوس، أو لتعدد الشياطين. اهـ
٢ ومما يشهد للعموم ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم حين يأتي أهله يقول بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن قضي بينهما ولد لم يضره شيطان أبدا" أو كما قال عليه الصلاة والسلام..
٣ وأورد ما أثر: اللهم إني أعوذ بك من النزغ عند النزع؛ أخرجه أحمد وغيره عن عمرو وابن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون".
تبين الآيات الكريمتان حال من يحضره الموت من الكافرين، بل ومن المسلمين المفرطين، كما يشهد لذلك قول رب العالمين :﴿ وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين. ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها.. )١ يسأل ربه أن يرجعه إلى الدنيا ليتدارك ما فات، ويعمل صالحا فيما ضيع ؛ ف{ رب ﴾ منادى، وحرف النداء مقدر ؛ و﴿ ارجعون ﴾ يراد به التعظيم والله أعلم بالمراد و﴿ لعلي ﴾ أي رجاء ؛ فيجاب هذا المترجي :﴿ كلا ﴾ لن ترجع ! فليس الأمر على هواك ليس الأمر على ما يظنه من أن يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا، بل هو كلام يطيح في أدراج الريح ؛ وقيل : لو أجيب إلى ما طلب لما وفى بما يقول ؛ كما قال المولى تبارك وتعالى :﴿ .. ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )٢ ؛ قيل :{ كلا إنها كلمة هو قائلها ﴾ ترجع إلى الله تعالى ؛ أي : لا خلف في خبره، وقد أخبر أنه لن يؤخر نفسا إذا جاء أجلها، وأخبر بأن هذا الكافر لا يؤمن ﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾ من أمام النادمين المتحسرين وبين أيديهم حاجز بين الدنيا والآخرة ؛ فالمقبور ليس من أهل الدنيا إذ قد فارقها بالموت وليس بعد من أهل الآخرة لأنها لما تجيء، فيعرض على النار غدوا وعشيا حتى يجيء يوم البعث فيجازى الجزاء الأوفى، وإذا كان من الذين سعدوا وآمنوا واتقوا وعملوا الصالحات فإنه في برزخه يبقى راضيا مرضيا حتى يبعث فيجزى كذلك الجزاء الأوفى، ويخلد في النعيم الأبقى وأضيف ﴿ يوم ﴾ إلى ﴿ يبعثون ﴾ لأنه ظرف زمان، والمراد بالإضافة المصدر ٣
٢ سورة الأنعام. من الآية ٢٨..
٣ ما بين العارضتين أورده القرطبي؛ بتصرف..
تبين الآيات الكريمتان حال من يحضره الموت من الكافرين، بل ومن المسلمين المفرطين، كما يشهد لذلك قول رب العالمين :﴿ وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين. ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها.. )١ يسأل ربه أن يرجعه إلى الدنيا ليتدارك ما فات، ويعمل صالحا فيما ضيع ؛ ف{ رب ﴾ منادى، وحرف النداء مقدر ؛ و﴿ ارجعون ﴾ يراد به التعظيم والله أعلم بالمراد و﴿ لعلي ﴾ أي رجاء ؛ فيجاب هذا المترجي :﴿ كلا ﴾ لن ترجع ! فليس الأمر على هواك ليس الأمر على ما يظنه من أن يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا، بل هو كلام يطيح في أدراج الريح ؛ وقيل : لو أجيب إلى ما طلب لما وفى بما يقول ؛ كما قال المولى تبارك وتعالى :﴿.. ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )٢ ؛ قيل :{ كلا إنها كلمة هو قائلها ﴾ ترجع إلى الله تعالى ؛ أي : لا خلف في خبره، وقد أخبر أنه لن يؤخر نفسا إذا جاء أجلها، وأخبر بأن هذا الكافر لا يؤمن ﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾ من أمام النادمين المتحسرين وبين أيديهم حاجز بين الدنيا والآخرة ؛ فالمقبور ليس من أهل الدنيا إذ قد فارقها بالموت وليس بعد من أهل الآخرة لأنها لما تجيء، فيعرض على النار غدوا وعشيا حتى يجيء يوم البعث فيجازى الجزاء الأوفى، وإذا كان من الذين سعدوا وآمنوا واتقوا وعملوا الصالحات فإنه في برزخه يبقى راضيا مرضيا حتى يبعث فيجزى كذلك الجزاء الأوفى، ويخلد في النعيم الأبقى وأضيف ﴿ يوم ﴾ إلى ﴿ يبعثون ﴾ لأنه ظرف زمان، والمراد بالإضافة المصدر ٣
٢ سورة الأنعام. من الآية ٢٨..
٣ ما بين العارضتين أورده القرطبي؛ بتصرف..
﴿ الصور ﴾ قرن [ بوق ] يأمر الله تعالى ملكا أن ينفخ فيه فيموت كل حي إلا الله سبحانه، ثم يأمره الله أن ينفخ فيه أخرى فإذا الأموات يبعثون.
حال من أحوال القيامة وهول من أهوالها، ذلك يوم النشور يوم يأمر الله تعالى الملك الموكل بالنفخ فينفخ في قرن من نور كما ورد فإذا الموتى يخرجون من الأجداث سراعا، تشققت الأرض عنهم، وجمع الله ما تحلل منهم، وعادت الأرواح إلى الأجسام، وأنشأهم كما خلقهم أول مرة ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ لا يفتخرون بالأنساب هناك مثلما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتعارفون لعظم ما دهاهم فألهاهم ؛ بل لو رأى أحدهم أقرب الناس كانوا إليه في الدنيا لم يسأله عونا، ولا قر به عينا :{ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )١ وأورد المفسرون والمحدثون في هذا المقام آثارا ترقق القلوب٢ فمن رجحت كفة حسناته فقد فاز وأفلح ونجح وربح، وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ومن خرج من الدنيا ولا حسنة له، أو عمل ولم يكن قد آمن فلا وزن له، مصداق قوله تعالى :{ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )٣ { .. أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )٤ فأولئك الذين ضيعوا أنفسهم وأشقوها. وغبنوها حظوظها من رحمة الله، فلا مأوى لهؤلاء إلا دار العذاب مخلدين فيها { .. لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها.. )٥ والنار تشوي وجوههم وتحرقها، كما تحرق سائر الأعضاء، ولهم مع السعير والحريق الحسي، تحسير وغم نفسي، حتى ليعلوهم العبوس والكشرة، وتغشاهم الغبرة والقترة ؛ وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا يحسرهم ويبكتهم : ألم يكن كتابي يقرأ عليكم، وعهدي يبلغ إليكم، فأبيتم إلا الجحود والنكران ؛ وأقمتم على الكفر والعصيان ؟ فاستوجبتم بذلك النكال والخسران ؟ ! فاللهم حبب إلينا القرآن ؛ وثبتنا على منهاج الفرقان، وقنا سخطك وأجزل لنا العطاء والرضوان
٢ رووا أن عليا ـ زين العابدين ـ ابن الحسين رضي الله تعالى عنهما كان بكاء في خلواته وأنه فزع يوما إلى أرض خلاء وقف فيها يناجي ربه منيبا تائبا، شديد الإشفاق من ربه، شديد الإعظام لذنبه؛ وكان مما قال:
ألا أيها المقصود في كل وجــهة | شكوت إليك الضر فارحم شكايتي |
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي | فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي |
أتيت بأعمال قباح رديئـــــــــــة | وما في الورى عبد جنى كجـــنايتي |
أتحرقني بالنار يا غاية المــــنى | فأين رجائــــي ثم أين مخـــــــافتي |
٣ من سورة الفرقان. الآية ٢٣..
٤ من سورة النور. من الآية ٣٩..
٥ سورة فاطر. من الآية ٣٦..
﴿ المفلحون ﴾ الرابحون الفائزون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠١:﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ { ١٠١ ) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ { ١٠٢ ) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ { ١٠٣ ) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ { ١٠٤ ) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ { ١٠٥ ) ﴾
﴿ الصور ﴾ قرن [ بوق ] يأمر الله تعالى ملكا أن ينفخ فيه فيموت كل حي إلا الله سبحانه، ثم يأمره الله أن ينفخ فيه أخرى فإذا الأموات يبعثون.
حال من أحوال القيامة وهول من أهوالها، ذلك يوم النشور يوم يأمر الله تعالى الملك الموكل بالنفخ فينفخ في قرن من نور كما ورد فإذا الموتى يخرجون من الأجداث سراعا، تشققت الأرض عنهم، وجمع الله ما تحلل منهم، وعادت الأرواح إلى الأجسام، وأنشأهم كما خلقهم أول مرة ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ لا يفتخرون بالأنساب هناك مثلما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتعارفون لعظم ما دهاهم فألهاهم ؛ بل لو رأى أحدهم أقرب الناس كانوا إليه في الدنيا لم يسأله عونا، ولا قر به عينا :{ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )١ وأورد المفسرون والمحدثون في هذا المقام آثارا ترقق القلوب٢ فمن رجحت كفة حسناته فقد فاز وأفلح ونجح وربح، وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ومن خرج من الدنيا ولا حسنة له، أو عمل ولم يكن قد آمن فلا وزن له، مصداق قوله تعالى :{ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )٣ {.. أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )٤ فأولئك الذين ضيعوا أنفسهم وأشقوها. وغبنوها حظوظها من رحمة الله، فلا مأوى لهؤلاء إلا دار العذاب مخلدين فيها {.. لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها.. )٥ والنار تشوي وجوههم وتحرقها، كما تحرق سائر الأعضاء، ولهم مع السعير والحريق الحسي، تحسير وغم نفسي، حتى ليعلوهم العبوس والكشرة، وتغشاهم الغبرة والقترة ؛ وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا يحسرهم ويبكتهم : ألم يكن كتابي يقرأ عليكم، وعهدي يبلغ إليكم، فأبيتم إلا الجحود والنكران ؛ وأقمتم على الكفر والعصيان ؟ فاستوجبتم بذلك النكال والخسران ؟ ! فاللهم حبب إلينا القرآن ؛ وثبتنا على منهاج الفرقان، وقنا سخطك وأجزل لنا العطاء والرضوان
٢ رووا أن عليا ـ زين العابدين ـ ابن الحسين رضي الله تعالى عنهما كان بكاء في خلواته وأنه فزع يوما إلى أرض خلاء وقف فيها يناجي ربه منيبا تائبا، شديد الإشفاق من ربه، شديد الإعظام لذنبه؛ وكان مما قال:
ألا أيها المقصود في كل وجــهة | شكوت إليك الضر فارحم شكايتي |
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي | فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي |
أتيت بأعمال قباح رديئـــــــــــة | وما في الورى عبد جنى كجـــنايتي |
أتحرقني بالنار يا غاية المــــنى | فأين رجائــــي ثم أين مخـــــــافتي |
٣ من سورة الفرقان. الآية ٢٣..
٤ من سورة النور. من الآية ٣٩..
٥ سورة فاطر. من الآية ٣٦..
﴿ خسروا أنفسهم ﴾ ضيعوها، وأشقوها، وغبنوا أنفسهم حظوظا من رحمة الله.
﴿ خالدون ﴾ ماكثون أبدا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠١:﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ { ١٠١ ) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ { ١٠٢ ) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ { ١٠٣ ) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ { ١٠٤ ) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ { ١٠٥ ) ﴾
﴿ الصور ﴾ قرن [ بوق ] يأمر الله تعالى ملكا أن ينفخ فيه فيموت كل حي إلا الله سبحانه، ثم يأمره الله أن ينفخ فيه أخرى فإذا الأموات يبعثون.
حال من أحوال القيامة وهول من أهوالها، ذلك يوم النشور يوم يأمر الله تعالى الملك الموكل بالنفخ فينفخ في قرن من نور كما ورد فإذا الموتى يخرجون من الأجداث سراعا، تشققت الأرض عنهم، وجمع الله ما تحلل منهم، وعادت الأرواح إلى الأجسام، وأنشأهم كما خلقهم أول مرة ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ لا يفتخرون بالأنساب هناك مثلما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتعارفون لعظم ما دهاهم فألهاهم ؛ بل لو رأى أحدهم أقرب الناس كانوا إليه في الدنيا لم يسأله عونا، ولا قر به عينا :{ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )١ وأورد المفسرون والمحدثون في هذا المقام آثارا ترقق القلوب٢ فمن رجحت كفة حسناته فقد فاز وأفلح ونجح وربح، وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ومن خرج من الدنيا ولا حسنة له، أو عمل ولم يكن قد آمن فلا وزن له، مصداق قوله تعالى :{ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )٣ {.. أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )٤ فأولئك الذين ضيعوا أنفسهم وأشقوها. وغبنوها حظوظها من رحمة الله، فلا مأوى لهؤلاء إلا دار العذاب مخلدين فيها {.. لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها.. )٥ والنار تشوي وجوههم وتحرقها، كما تحرق سائر الأعضاء، ولهم مع السعير والحريق الحسي، تحسير وغم نفسي، حتى ليعلوهم العبوس والكشرة، وتغشاهم الغبرة والقترة ؛ وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا يحسرهم ويبكتهم : ألم يكن كتابي يقرأ عليكم، وعهدي يبلغ إليكم، فأبيتم إلا الجحود والنكران ؛ وأقمتم على الكفر والعصيان ؟ فاستوجبتم بذلك النكال والخسران ؟ ! فاللهم حبب إلينا القرآن ؛ وثبتنا على منهاج الفرقان، وقنا سخطك وأجزل لنا العطاء والرضوان
٢ رووا أن عليا ـ زين العابدين ـ ابن الحسين رضي الله تعالى عنهما كان بكاء في خلواته وأنه فزع يوما إلى أرض خلاء وقف فيها يناجي ربه منيبا تائبا، شديد الإشفاق من ربه، شديد الإعظام لذنبه؛ وكان مما قال:
ألا أيها المقصود في كل وجــهة | شكوت إليك الضر فارحم شكايتي |
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي | فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي |
أتيت بأعمال قباح رديئـــــــــــة | وما في الورى عبد جنى كجـــنايتي |
أتحرقني بالنار يا غاية المــــنى | فأين رجائــــي ثم أين مخـــــــافتي |
٣ من سورة الفرقان. الآية ٢٣..
٤ من سورة النور. من الآية ٣٩..
٥ سورة فاطر. من الآية ٣٦..
﴿ كالحون ﴾ مكشرون عابسون مقطبون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠١:﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ { ١٠١ ) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ { ١٠٢ ) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ { ١٠٣ ) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ { ١٠٤ ) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ { ١٠٥ ) ﴾
﴿ الصور ﴾ قرن [ بوق ] يأمر الله تعالى ملكا أن ينفخ فيه فيموت كل حي إلا الله سبحانه، ثم يأمره الله أن ينفخ فيه أخرى فإذا الأموات يبعثون.
حال من أحوال القيامة وهول من أهوالها، ذلك يوم النشور يوم يأمر الله تعالى الملك الموكل بالنفخ فينفخ في قرن من نور كما ورد فإذا الموتى يخرجون من الأجداث سراعا، تشققت الأرض عنهم، وجمع الله ما تحلل منهم، وعادت الأرواح إلى الأجسام، وأنشأهم كما خلقهم أول مرة ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ لا يفتخرون بالأنساب هناك مثلما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتعارفون لعظم ما دهاهم فألهاهم ؛ بل لو رأى أحدهم أقرب الناس كانوا إليه في الدنيا لم يسأله عونا، ولا قر به عينا :{ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )١ وأورد المفسرون والمحدثون في هذا المقام آثارا ترقق القلوب٢ فمن رجحت كفة حسناته فقد فاز وأفلح ونجح وربح، وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ومن خرج من الدنيا ولا حسنة له، أو عمل ولم يكن قد آمن فلا وزن له، مصداق قوله تعالى :{ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )٣ {.. أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )٤ فأولئك الذين ضيعوا أنفسهم وأشقوها. وغبنوها حظوظها من رحمة الله، فلا مأوى لهؤلاء إلا دار العذاب مخلدين فيها {.. لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها.. )٥ والنار تشوي وجوههم وتحرقها، كما تحرق سائر الأعضاء، ولهم مع السعير والحريق الحسي، تحسير وغم نفسي، حتى ليعلوهم العبوس والكشرة، وتغشاهم الغبرة والقترة ؛ وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا يحسرهم ويبكتهم : ألم يكن كتابي يقرأ عليكم، وعهدي يبلغ إليكم، فأبيتم إلا الجحود والنكران ؛ وأقمتم على الكفر والعصيان ؟ فاستوجبتم بذلك النكال والخسران ؟ ! فاللهم حبب إلينا القرآن ؛ وثبتنا على منهاج الفرقان، وقنا سخطك وأجزل لنا العطاء والرضوان
٢ رووا أن عليا ـ زين العابدين ـ ابن الحسين رضي الله تعالى عنهما كان بكاء في خلواته وأنه فزع يوما إلى أرض خلاء وقف فيها يناجي ربه منيبا تائبا، شديد الإشفاق من ربه، شديد الإعظام لذنبه؛ وكان مما قال:
ألا أيها المقصود في كل وجــهة | شكوت إليك الضر فارحم شكايتي |
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي | فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي |
أتيت بأعمال قباح رديئـــــــــــة | وما في الورى عبد جنى كجـــنايتي |
أتحرقني بالنار يا غاية المــــنى | فأين رجائــــي ثم أين مخـــــــافتي |
٣ من سورة الفرقان. الآية ٢٣..
٤ من سورة النور. من الآية ٣٩..
٥ سورة فاطر. من الآية ٣٦..
﴿ الصور ﴾ قرن [ بوق ] يأمر الله تعالى ملكا أن ينفخ فيه فيموت كل حي إلا الله سبحانه، ثم يأمره الله أن ينفخ فيه أخرى فإذا الأموات يبعثون.
حال من أحوال القيامة وهول من أهوالها، ذلك يوم النشور يوم يأمر الله تعالى الملك الموكل بالنفخ فينفخ في قرن من نور كما ورد فإذا الموتى يخرجون من الأجداث سراعا، تشققت الأرض عنهم، وجمع الله ما تحلل منهم، وعادت الأرواح إلى الأجسام، وأنشأهم كما خلقهم أول مرة ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ﴾ لا يفتخرون بالأنساب هناك مثلما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتعارفون لعظم ما دهاهم فألهاهم ؛ بل لو رأى أحدهم أقرب الناس كانوا إليه في الدنيا لم يسأله عونا، ولا قر به عينا :{ يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )١ وأورد المفسرون والمحدثون في هذا المقام آثارا ترقق القلوب٢ فمن رجحت كفة حسناته فقد فاز وأفلح ونجح وربح، وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ومن خرج من الدنيا ولا حسنة له، أو عمل ولم يكن قد آمن فلا وزن له، مصداق قوله تعالى :{ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )٣ {.. أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.. )٤ فأولئك الذين ضيعوا أنفسهم وأشقوها. وغبنوها حظوظها من رحمة الله، فلا مأوى لهؤلاء إلا دار العذاب مخلدين فيها {.. لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها.. )٥ والنار تشوي وجوههم وتحرقها، كما تحرق سائر الأعضاء، ولهم مع السعير والحريق الحسي، تحسير وغم نفسي، حتى ليعلوهم العبوس والكشرة، وتغشاهم الغبرة والقترة ؛ وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا يحسرهم ويبكتهم : ألم يكن كتابي يقرأ عليكم، وعهدي يبلغ إليكم، فأبيتم إلا الجحود والنكران ؛ وأقمتم على الكفر والعصيان ؟ فاستوجبتم بذلك النكال والخسران ؟ ! فاللهم حبب إلينا القرآن ؛ وثبتنا على منهاج الفرقان، وقنا سخطك وأجزل لنا العطاء والرضوان
٢ رووا أن عليا ـ زين العابدين ـ ابن الحسين رضي الله تعالى عنهما كان بكاء في خلواته وأنه فزع يوما إلى أرض خلاء وقف فيها يناجي ربه منيبا تائبا، شديد الإشفاق من ربه، شديد الإعظام لذنبه؛ وكان مما قال:
ألا أيها المقصود في كل وجــهة | شكوت إليك الضر فارحم شكايتي |
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي | فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي |
أتيت بأعمال قباح رديئـــــــــــة | وما في الورى عبد جنى كجـــنايتي |
أتحرقني بالنار يا غاية المــــنى | فأين رجائــــي ثم أين مخـــــــافتي |
٣ من سورة الفرقان. الآية ٢٣..
٤ من سورة النور. من الآية ٣٩..
٥ سورة فاطر. من الآية ٣٦..
إذا أخزاهم الواحد القهار، واستنطقهم : ألم تكذبوا بآياتي وقد جاءتكم رسلي يتلونها عليكم، ويبلغها أولو العلم، فعندئذ يشهدون على أنفسهم بالكفر والفجور، ويقرون أن طاعة الشهوات والهوى هونت عليهم اجتراح المفاسد والشرور، وحملتهم على الطغيان والغرور ؛ وسمى ذلك شقوة لأنه يؤدي إليها، وقيل [ الشقوة ] : حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق ؛ واعترفوا بزيغهم وضلالهم عن الهدى، لكن بعد فوات الأوان ﴿ فنادوا ولات حين مناص )١ ليس الحين حين خلاص ؛ ومثلما قال الواحد منهم عندما حضره الموت ما بينه القرآن { رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾ يقولون عند معاينة النار :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ كالذي تمنوه مما بينته آية أخرى كريمة :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )٢ لكن دعوتهم لا يتقبلها الحكيم الخبير { ... وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )٣ وتعظم في نفوسهم الحسرة حين يجابون { .. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ أي انزجروا زجر الكلاب وذلوا ؛ وابعدوا في جهنم وامكثوا صاغرين، فطالما حاددتم الله ورسوله فكان حقا علينا أن نجعلكم في الأذلين، وعملتم على إطفاء نوري وفتنة عبادي، وأمعنتم فيهم نكالا، وسعيتم تبغون لهم خبالا، وأوسعتموهم سخرية واستهزاء { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )٤ وشغلهم الإزراء على المؤمنين برب العالمين، الضارعين الطامعين في عفو ورضوان من البر الرحيم، شغلكم هذا عن تذكر مقامي، وإجابة دعوتي، فأقمتم على الغي والباطل، فكانت عاقبة المفرطين الساخرين الخزي والعذاب المهين، وقد قدمت إليكم بالوعيد :{ .. من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين )٥ ؛ وجزيت من هزئتم بهم وسخرتم منهم بالفوز العظيم، والنعيم المقيم، والرضوان من المولى الكريم.
٢ سورة الأنعام. الآية ٢٧..
٣ سورة الرعد. من الآية ١٤..
٤ سورة المطففين. الآيات: من ٢٩ إلى ٣٦..
٥ سورة الزمر. من الآية ٥٥ والآية ٥٦.
إذا أخزاهم الواحد القهار، واستنطقهم : ألم تكذبوا بآياتي وقد جاءتكم رسلي يتلونها عليكم، ويبلغها أولو العلم، فعندئذ يشهدون على أنفسهم بالكفر والفجور، ويقرون أن طاعة الشهوات والهوى هونت عليهم اجتراح المفاسد والشرور، وحملتهم على الطغيان والغرور ؛ وسمى ذلك شقوة لأنه يؤدي إليها، وقيل [ الشقوة ] : حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق ؛ واعترفوا بزيغهم وضلالهم عن الهدى، لكن بعد فوات الأوان ﴿ فنادوا ولات حين مناص )١ ليس الحين حين خلاص ؛ ومثلما قال الواحد منهم عندما حضره الموت ما بينه القرآن { رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾ يقولون عند معاينة النار :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ كالذي تمنوه مما بينته آية أخرى كريمة :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )٢ لكن دعوتهم لا يتقبلها الحكيم الخبير {... وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )٣ وتعظم في نفوسهم الحسرة حين يجابون {.. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ أي انزجروا زجر الكلاب وذلوا ؛ وابعدوا في جهنم وامكثوا صاغرين، فطالما حاددتم الله ورسوله فكان حقا علينا أن نجعلكم في الأذلين، وعملتم على إطفاء نوري وفتنة عبادي، وأمعنتم فيهم نكالا، وسعيتم تبغون لهم خبالا، وأوسعتموهم سخرية واستهزاء { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )٤ وشغلهم الإزراء على المؤمنين برب العالمين، الضارعين الطامعين في عفو ورضوان من البر الرحيم، شغلكم هذا عن تذكر مقامي، وإجابة دعوتي، فأقمتم على الغي والباطل، فكانت عاقبة المفرطين الساخرين الخزي والعذاب المهين، وقد قدمت إليكم بالوعيد :{.. من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين )٥ ؛ وجزيت من هزئتم بهم وسخرتم منهم بالفوز العظيم، والنعيم المقيم، والرضوان من المولى الكريم.
٢ سورة الأنعام. الآية ٢٧..
٣ سورة الرعد. من الآية ١٤..
٤ سورة المطففين. الآيات: من ٢٩ إلى ٣٦..
٥ سورة الزمر. من الآية ٥٥ والآية ٥٦.
إذا أخزاهم الواحد القهار، واستنطقهم : ألم تكذبوا بآياتي وقد جاءتكم رسلي يتلونها عليكم، ويبلغها أولو العلم، فعندئذ يشهدون على أنفسهم بالكفر والفجور، ويقرون أن طاعة الشهوات والهوى هونت عليهم اجتراح المفاسد والشرور، وحملتهم على الطغيان والغرور ؛ وسمى ذلك شقوة لأنه يؤدي إليها، وقيل [ الشقوة ] : حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق ؛ واعترفوا بزيغهم وضلالهم عن الهدى، لكن بعد فوات الأوان ﴿ فنادوا ولات حين مناص )١ ليس الحين حين خلاص ؛ ومثلما قال الواحد منهم عندما حضره الموت ما بينه القرآن { رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾ يقولون عند معاينة النار :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ كالذي تمنوه مما بينته آية أخرى كريمة :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )٢ لكن دعوتهم لا يتقبلها الحكيم الخبير {... وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )٣ وتعظم في نفوسهم الحسرة حين يجابون {.. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ أي انزجروا زجر الكلاب وذلوا ؛ وابعدوا في جهنم وامكثوا صاغرين، فطالما حاددتم الله ورسوله فكان حقا علينا أن نجعلكم في الأذلين، وعملتم على إطفاء نوري وفتنة عبادي، وأمعنتم فيهم نكالا، وسعيتم تبغون لهم خبالا، وأوسعتموهم سخرية واستهزاء { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )٤ وشغلهم الإزراء على المؤمنين برب العالمين، الضارعين الطامعين في عفو ورضوان من البر الرحيم، شغلكم هذا عن تذكر مقامي، وإجابة دعوتي، فأقمتم على الغي والباطل، فكانت عاقبة المفرطين الساخرين الخزي والعذاب المهين، وقد قدمت إليكم بالوعيد :{.. من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين )٥ ؛ وجزيت من هزئتم بهم وسخرتم منهم بالفوز العظيم، والنعيم المقيم، والرضوان من المولى الكريم.
٢ سورة الأنعام. الآية ٢٧..
٣ سورة الرعد. من الآية ١٤..
٤ سورة المطففين. الآيات: من ٢٩ إلى ٣٦..
٥ سورة الزمر. من الآية ٥٥ والآية ٥٦.
إذا أخزاهم الواحد القهار، واستنطقهم : ألم تكذبوا بآياتي وقد جاءتكم رسلي يتلونها عليكم، ويبلغها أولو العلم، فعندئذ يشهدون على أنفسهم بالكفر والفجور، ويقرون أن طاعة الشهوات والهوى هونت عليهم اجتراح المفاسد والشرور، وحملتهم على الطغيان والغرور ؛ وسمى ذلك شقوة لأنه يؤدي إليها، وقيل [ الشقوة ] : حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق ؛ واعترفوا بزيغهم وضلالهم عن الهدى، لكن بعد فوات الأوان ﴿ فنادوا ولات حين مناص )١ ليس الحين حين خلاص ؛ ومثلما قال الواحد منهم عندما حضره الموت ما بينه القرآن { رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾ يقولون عند معاينة النار :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ كالذي تمنوه مما بينته آية أخرى كريمة :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )٢ لكن دعوتهم لا يتقبلها الحكيم الخبير {... وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )٣ وتعظم في نفوسهم الحسرة حين يجابون {.. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ أي انزجروا زجر الكلاب وذلوا ؛ وابعدوا في جهنم وامكثوا صاغرين، فطالما حاددتم الله ورسوله فكان حقا علينا أن نجعلكم في الأذلين، وعملتم على إطفاء نوري وفتنة عبادي، وأمعنتم فيهم نكالا، وسعيتم تبغون لهم خبالا، وأوسعتموهم سخرية واستهزاء { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )٤ وشغلهم الإزراء على المؤمنين برب العالمين، الضارعين الطامعين في عفو ورضوان من البر الرحيم، شغلكم هذا عن تذكر مقامي، وإجابة دعوتي، فأقمتم على الغي والباطل، فكانت عاقبة المفرطين الساخرين الخزي والعذاب المهين، وقد قدمت إليكم بالوعيد :{.. من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين )٥ ؛ وجزيت من هزئتم بهم وسخرتم منهم بالفوز العظيم، والنعيم المقيم، والرضوان من المولى الكريم.
٢ سورة الأنعام. الآية ٢٧..
٣ سورة الرعد. من الآية ١٤..
٤ سورة المطففين. الآيات: من ٢٩ إلى ٣٦..
٥ سورة الزمر. من الآية ٥٥ والآية ٥٦.
إذا أخزاهم الواحد القهار، واستنطقهم : ألم تكذبوا بآياتي وقد جاءتكم رسلي يتلونها عليكم، ويبلغها أولو العلم، فعندئذ يشهدون على أنفسهم بالكفر والفجور، ويقرون أن طاعة الشهوات والهوى هونت عليهم اجتراح المفاسد والشرور، وحملتهم على الطغيان والغرور ؛ وسمى ذلك شقوة لأنه يؤدي إليها، وقيل [ الشقوة ] : حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق ؛ واعترفوا بزيغهم وضلالهم عن الهدى، لكن بعد فوات الأوان ﴿ فنادوا ولات حين مناص )١ ليس الحين حين خلاص ؛ ومثلما قال الواحد منهم عندما حضره الموت ما بينه القرآن { رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾ يقولون عند معاينة النار :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ كالذي تمنوه مما بينته آية أخرى كريمة :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )٢ لكن دعوتهم لا يتقبلها الحكيم الخبير {... وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )٣ وتعظم في نفوسهم الحسرة حين يجابون {.. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ أي انزجروا زجر الكلاب وذلوا ؛ وابعدوا في جهنم وامكثوا صاغرين، فطالما حاددتم الله ورسوله فكان حقا علينا أن نجعلكم في الأذلين، وعملتم على إطفاء نوري وفتنة عبادي، وأمعنتم فيهم نكالا، وسعيتم تبغون لهم خبالا، وأوسعتموهم سخرية واستهزاء { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )٤ وشغلهم الإزراء على المؤمنين برب العالمين، الضارعين الطامعين في عفو ورضوان من البر الرحيم، شغلكم هذا عن تذكر مقامي، وإجابة دعوتي، فأقمتم على الغي والباطل، فكانت عاقبة المفرطين الساخرين الخزي والعذاب المهين، وقد قدمت إليكم بالوعيد :{.. من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين )٥ ؛ وجزيت من هزئتم بهم وسخرتم منهم بالفوز العظيم، والنعيم المقيم، والرضوان من المولى الكريم.
٢ سورة الأنعام. الآية ٢٧..
٣ سورة الرعد. من الآية ١٤..
٤ سورة المطففين. الآيات: من ٢٩ إلى ٣٦..
٥ سورة الزمر. من الآية ٥٥ والآية ٥٦.
إذا أخزاهم الواحد القهار، واستنطقهم : ألم تكذبوا بآياتي وقد جاءتكم رسلي يتلونها عليكم، ويبلغها أولو العلم، فعندئذ يشهدون على أنفسهم بالكفر والفجور، ويقرون أن طاعة الشهوات والهوى هونت عليهم اجتراح المفاسد والشرور، وحملتهم على الطغيان والغرور ؛ وسمى ذلك شقوة لأنه يؤدي إليها، وقيل [ الشقوة ] : حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق ؛ واعترفوا بزيغهم وضلالهم عن الهدى، لكن بعد فوات الأوان ﴿ فنادوا ولات حين مناص )١ ليس الحين حين خلاص ؛ ومثلما قال الواحد منهم عندما حضره الموت ما بينه القرآن { رب ارجعون. لعلي أعمل صالحا فيما تركت ﴾ يقولون عند معاينة النار :﴿ ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ﴾ كالذي تمنوه مما بينته آية أخرى كريمة :﴿ ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )٢ لكن دعوتهم لا يتقبلها الحكيم الخبير {... وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )٣ وتعظم في نفوسهم الحسرة حين يجابون {.. اخسئوا فيها ولا تكلمون ﴾ أي انزجروا زجر الكلاب وذلوا ؛ وابعدوا في جهنم وامكثوا صاغرين، فطالما حاددتم الله ورسوله فكان حقا علينا أن نجعلكم في الأذلين، وعملتم على إطفاء نوري وفتنة عبادي، وأمعنتم فيهم نكالا، وسعيتم تبغون لهم خبالا، وأوسعتموهم سخرية واستهزاء { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الأرائك ينظرون. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )٤ وشغلهم الإزراء على المؤمنين برب العالمين، الضارعين الطامعين في عفو ورضوان من البر الرحيم، شغلكم هذا عن تذكر مقامي، وإجابة دعوتي، فأقمتم على الغي والباطل، فكانت عاقبة المفرطين الساخرين الخزي والعذاب المهين، وقد قدمت إليكم بالوعيد :{.. من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين )٥ ؛ وجزيت من هزئتم بهم وسخرتم منهم بالفوز العظيم، والنعيم المقيم، والرضوان من المولى الكريم.
٢ سورة الأنعام. الآية ٢٧..
٣ سورة الرعد. من الآية ١٤..
٤ سورة المطففين. الآيات: من ٢٩ إلى ٣٦..
٥ سورة الزمر. من الآية ٥٥ والآية ٥٦.
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون { .. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ { .. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{ .. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا { .. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : " قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون {.. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ {.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{.. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا {.. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون {.. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ {.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{.. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا {.. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون {.. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ {.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{.. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا {.. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون {.. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ {.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{.. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا {.. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون {.. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ {.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{.. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا {.. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..
يحسر الله تعالى المهلكين، وينذر سائر المكلفين، بهوان متاع الدنيا وسرعة تقضي حياة الغافلين، مهما عاشوا ممتعين، فحين يبدوا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، يدركون كم كان عمر الحياة قصيرا، وكم كان الحساب عليها عسيرا، حتى كأن ما عاشوا لا يساوي إذا قيس بما تجرعوا أياما أو دون ذلك ؛ وبهذا شهد الكتاب العزيز :{ ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا فيها غير ساعة.. )١وهنا حين يسألون : كم من السنين مكثتم في الأرض ؟ يجيبون عشنا يوما أو جزءا من يوم فاسأل الحسابين الذين يعدون، أو اسأل الملائكة فإنهم يعرفون، فتقوم عليهم حجة الله تعالى التي كانوا بها يجحدون، ويذكرون فلا يتذكرون {.. قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى.. )٢ {.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )٣ ولو أنكم عقلتم لاستيقنتم أن الدنيا لهو ولعب، وأنها إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار ؛ فكان ذلك مما يحمل العاقل على إيثار الباقي على الفاني، لكنكم زين لكم أن لا حساب ولا عقاب :{.. أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال )٤ ؛ أفظننتم أنما وجدناكم بغير حكمة ؟ إن ذلك لا يكون :{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين )٥ ؛ ولا ينبغي أن نخلقكم لغير فائدة أو لتعبثوا ؛ وزعمتم أنكم لن ترجعوا لملاقاتنا، كالذي ظنه المفتون صاحب الحديقتين { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا. وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا )٦ وهكذا حسب المترفون { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )٧ فتنزه الله العلي الحكيم، أن يسوي بين المسلمين والمجرمين٨ فإنه جل ثناؤه هو الحق المبين وله ملكوت كل شيء فيجازي الذين أساءوا بما عملوا {.. ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )٩، ولا معبود بحق سواه، وهو رب العرش الذي كرم وسما على سائر ما خلق ؛ ومن يعبد غير الله تعالى، أو يشرك معه سبحانه في عبادته والإيمان به وطاعته معبودا آخر فإن مرجعه إلى ربه وجزاءه على شركه سيوفاه من لدن القهار الجبار جل علاه، ولن يلقى إلا سعيرا يصلاه وما له من برهان على مدعاه، ولن يربح من كفر بالله أو عبد سواه ؛ وختمت السورة الكريمة بأمر النبي ومن اتبعه أن تكون ضراعتنا إلى الله : ربنا وولينا، ومليكنا ومطاعنا، وخالقنا ومعبودنا ؛ اصفح اللهم عنا، واستر آثامنا، وآتنا من لدنك رحمة تزكي بها أعمالنا، وتعظم بها أجرنا، وأنت أكرم المسئولين، وأرحم الراحمين.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال :" قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ".
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ سورة التوبة. من الآية ٣٨.
٤ سورة إبراهيم. من الآية ٤٤..
٥ سورة الأنبياء. الآية ١٦..
٦ سورة الكهف. الآيتان ٣٥، ٣٦..
٧ سورة سبأ. الآية ٣٥..
٨ نقل ابن أبي حاتم بإسناده يبلغ به رجلا من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم.. ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله إلا من حذر هذا اليوم وخافه؛ وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير وخوفا بأمان.. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم. وأخرج ابن السني وغيره ـ بسند حسن ـ عن إبراهيم ابن الحارث قال؛ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وإذا أصبحنا: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ فقرأناها فغنمنا وسلمنا.
٩ من سورة النجم من الآية ٣١..