تفسير سورة الضحى

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة الضحى من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿وَالضُّحَى﴾ صدر النهار؛ حين ترتفع الشمس
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ إذا سكن
﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ من الوداع؛ أي ما تركك ﴿وَمَا قَلَى﴾ وما أبغضك
﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى﴾ من الدنيا
﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ أي يعطيك في الآخرة من النعيم والثواب حتى ترضى. قيل: لما نزلت؛ قال: «لا أرضى وواحد من أمتي في النار» وقد يكون المعنى: لنهاية أمرك؛ خير من بدايته. يدل عليه ما بعده
﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى﴾ أي فآواك إلى عمك أبي طالب، وضمك إليه، وجعلك أحب الناس لديه. فالإيواء خير من اليتم
﴿وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى﴾ أي وجدك بين أهل الضلال، معرضاً له فعصمك منه، وهداك للإيمان، وإلى إرشادهم إليه. فالهدى خير من الضلال وقد نشأ في عصر تفشت فيه عبادة الأوثان، وانتشرت فيه اليهودية والنصرانية؛ ورأى بعينه ما في هذه الأديان من أباطيل، وما يستمسكون به من أضاليل؛ فحماه الله تعالى من الوقوع في براثن الوثنية، وعصمه من السقوط في وهاد
-[٧٥٤]- اليهودية والنصرانية. ورغماً عن ذلك فقد كان أهله وعشيرته - عن آخرهم - يعبدون الأصنام؛ وجدير بمن نشأ في عصر كله ضلال أن يكون ضالاً؛ لولا أن أغاثه مولاه بعنايته، وأدركه بلطفه وهدايته
﴿وَوَجَدَكَ عَآئِلاً﴾ فقيراً ﴿فَأَغْنَى﴾ فأغناك بما أفاء عليك من الغنائم، أو بمال خديجة رضي الله تعالى عنها. فالغنى خير من الفقر
﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ﴾ أي فلا تغلبه على ماله لضعفه. وقرىء «فلا تكهر» أي فلا تعبس في وجهه وهذا لا ينافي القيام على إصلاحه وتأديبه وتهذيبه؛ إذ أن تركه وإهماله: قهر له
﴿وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ﴾ أريد بالسائل هنا: من يسأل علماً وفهماً؛ فلا ينهر، بل يجاب على سؤاله برفق ولين. أو سائل المال؛ فلا يحبس عنه. وتركه بغير إعطاء - مع حاجته - نهر له. ولا يحل بحال أن يمنع عن سائل المال المال، أو يحبس عن سائل العلم العلم؛ وكل من سأل شيئاً: وجبت إجابته في حدود الإمكان. وإنه لمن دواعي سقوط المروءة: رد السائل. وقد كان من قبلنا يقف ببابه السائل: فيشاطره قوته وماله؛ غير منتظر منه جزاءًا ولا شكوراً؛ بل يسرع ببذل الشكر له على قبوله العطاء؛ وتسببه في رضاء مولاه عليه
﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ التحدث بنعمة الله تعالى: شكر هذه النعم، والشكر على النعم: صرف كل نعمة فيما خلقت له؛ فيصرف المال في الخيرات، وبر المخلوقات، ويبذل العلم لطالبيه، لينتفعوا به، وينفعوا الغير بنشره وإذاعته
754
سورة الشرح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

754
Icon