تفسير سورة سورة الحجر من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سورة الحجر مكية اتفاقاً.
ﰡ
١ - / [٩٣ / أ] ﴿الْكِتَابِ﴾ القرآن، أو التوراة والإنجيل.
٢ - ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ﴾ إذا رأوا المسلمين دخلوا الجنة أن يكونوا أسلموا، وربما ها هنا للتكثير. ﴿وما أهلكنا من قريةٍ إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمةٍ أجلها وما يستئخرون﴾
٥ - ﴿مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ﴾ رسولها وكتابها فتعذب قبلهما، ولا يستأخر الرسول والكتاب عنهم. ﴿وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾
٨ - ﴿إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ القرآن، أو الرسالة، أو بالقضاء عند الموت بقبض أرواحهم، أو العذاب إن لم يؤمنوا.
٩ - ﴿الذكر﴾ القرآن، ﴿وإنا له﴾ لمحمد [صلى الله عليه وسلم] ﴿لَحَافِظُونَ﴾ ممن أراده بسوءٍ، أو للقرآن حتى يجزى به يوم القيامة أو بحفظه من زيادة الشيطان فيه باطلاً، أو نقصه منه حقاً. ﴿ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وما يأتيهم من رسولٍ إلا كانوا به يستهزءون كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنمّا سكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون﴾
١٠ - ﴿شِيَعِ﴾ أمم، أو القرى، أو جمع شيعة، والشيعة: الفرقة المتآلفة المتفقة الكلمة، مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار يوقد بها الكبار، فهو عون للنار.
١٢ - ﴿نَسْلُكُهُ﴾ الاستهزاء، أو التكذيب، أو نسلك القرآن في قلوبهم وإن لم يؤمنوا به، أو إذا كذبوا به سلكنا في قلوبهم أن لا يؤمنوا به.
١٣ - ﴿سُنَّةٌ الأََوَّلِينَ﴾ بالعذاب، أو بألا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا، والسنة: الطريقة.
١٤ - ﴿يَعْرُجُونَ﴾ المشركون، أو الملائكة وهم يرونهم.
١٥ - ﴿سُكِّرَتْ﴾ سُدت، أو عُميت، أو أّخذت، أو غُشيت وغطيت،
171
أو حُبست
﴿مَّسْحُورُونَ﴾ سُحرنا فلا نبصر، أو معللون، أو مفسدون.
﴿ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيّناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهابٌ مبين والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيءٍ موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ٢٠﴾
172
١٦ - ﴿بُرُوجاً﴾ قصوراً فيها الحرس، أو منازل الشمس والقمر، أو الكواكب العظام أي السبعة السيارة، أو النجوم، أو البروج الإثنا عشر، وأصله الظهور برجت المرأة أظهرت محاسنها.
١٧ - ﴿رَّجِيمٍ﴾ ملعون، أو مرجوم بقول أو فعل.
١٨ - ﴿اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ بأخبار الأرض دون الوحي فإنه محفوظ منهم. ويسترقون السمع من الملائكة في السماء، أو في الهواء عند نزولهم من السماء. ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ﴾ قبل سماعه، أو بعد سماعه فيجرحهم ويحرقهم ويخبلهم ولا يقتل " ع "، أو يقتلهم قبل إلقائه إلى الجن فلا يصل إلى أخبار السماء إلا الأنبياء " ع "، ولذلك انقطعت الكهانة، أو يقتلهم بعد إلقائه إلى الجن ولذلك [ما] يعودون لاستراقه، ولو لم يصل لقطعوا الاستراق. والشهب نجوم يُرجمون بها ثم تعود إلى أماكنها، أو نور يمتد بشدة ضيائه فيحرقهم ولا يعود كما إذا أحرقت النار لم تعد.
١٩ - ﴿مَدَدْنَاهَا﴾ بسطناها من مكة لأنها أم القرى ﴿مَّوْزُونٍ﴾ بقدر معلوم عبّر عنه بالوزن، لأنه آلة لمعرفة المقادير، أو أراد الأشياء التي توزن في أسواقها، أو مقسوم، أو معدود.
٢٠ - ﴿مَعَايِشَ﴾ ملابس، أو التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة، أو المطاعم والمشارب التي يعيشون بها. ﴿وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ الدواب والأنعام، أو الوحش. ﴿وإن من شىءٍ إلا عندنا خزائنه وما ننزّله إلا بقدر معلومٍ ٢١ وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وإنّا لنحن نحي ونميت ونحن الوارثون ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستئخرين وإنّ ربك هو يحشرهم إنّه حكيمٌ عليمٌ ٢٥﴾
٢١ - ﴿وَإِن مِّن شَىْءٍ﴾ من أرزاق الخلق ﴿إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ﴾ المطر المنزل من المساء إذ به نبات كل شيء ﴿بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ قال ابن مسعود - رضي الله تعالى - / [٩٣ / ب] عنه - ما عام بأمطر من عام ولكن الله - تعالى - يقسمه حيث يشاء فيمطر قوماً ويحرم آخرين.
٢٢ - ﴿لواقح﴾ السحاب حتى يمطر، كل الرياح الواقح والجنوب ألقح، أو لواقح للشجر حتى يثمر " ع ".
٢٤ - ﴿المستقدمين﴾ الذين خلقوا
﴿والمستأخرين﴾ من لم يخلق، أو من مات ومن لم يمت، أو أول الخلق وآخره، أو من تقدم أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] والمستأخر من أمته، أو المستقدمين في الخير والمستأخرين عنه، أو في صفوف الحرب والمستأخرين فيها، كانت امرأة من أحسن الناس تصلي خلف الرسول [صلى الله عليه وسلم] فيقدم بعضهم لئلا يراها ويتأخر بعضهم إلى الصف المؤخر فإذا ركع نظر إليها من تحت إبطه فنزلت.
173
﴿ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإٍ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السّموم وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشراً من صلصالٍ من حمإ مسنونٍ فإذ سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فأخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدّين قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم﴾
174
٢٦ - ﴿الإنسان﴾ آدم - عليه الصلاة والسلام -
﴿صَلْصَالٍ﴾ طين يابس لم تصبه نار، إذا نُقر صَلَ فسمعت له صلصلة، وهي الصوت الشديد المسموع من
174
غير الحيوان كالقعقعة في الثوب " ع "، أوطين خلط برمل، أو منتن، صل اللحم وأصل أنتن.
﴿حَمَإٍ﴾ جمع حمأة وهي الطين الأسود المتغير
﴿مَّسْنُونٍ﴾ منتن متغير، أو أسن الماء تغير " ع "، أو منصوب قائم من قولهم: وجه مسنون، أو المصبوب، سَنَ الماء على وجهه صبه عليه، أو الذي يحك بعضه بعضاً، سننت الحجر بالحجر حككت أحدهما بالآخر ومنه سن الحديد لحكه به، أو الرطب، أو المخلص سن سيفك أي: أجله.
175
٢٧ - ﴿وَالْجَآنَّ﴾ إبليس، أو الجن، أو أبو الجن ﴿مِن قَبْلُ﴾ آدم ﴿نَّارِ السَّمُومِ﴾ لهب النار، أو نار الشمس، أو حر السموم، والسموم: الريح الحارة.
٣٨ - ﴿الْمَعْلُومِ﴾ عند الله - تعالى - وحده، أو النفخة الأولى بينها وبين النفخة الثانية أربعون سنة هي مدة موته، وأراد بسؤاله الإنظار أن لا يموت فلم يجبه إلى ذلك، وأنظره إلى النفخة الأولى تعظيماً لبلائه وتعريفاً أنه لا يضر بفعله غير نفسه. ولم يكرمه بتكليمه بل كلمه بذلك على لسان رسول، أو كلمه تغليظاً ووعيداً لا إكراماً وتقريباً. ﴿قال رب بما أغويتنى لأزيننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ٤٠ قال هذا صراط على مستقيم إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ من اتّبعك من الغاوين وإنّ جهنّم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل بابٍ منهم جزءٌ مقسوم﴾
٣٩ - ﴿أَغْوَيْتَنِى﴾ أضللتني " ع "، أو خيبتني من رحمتك، أو نسبتني إلى الإغواء.
٤٠ - ﴿الْمُخْلَصِينَ﴾ لعباداتهم من الفساد والرياء، سأل الحواريون
175
عيسى - عليه الصلاة والسلام - عن المخلص، فقال: الذي يعمل لله ولا يحب أن يحمده الناس.
176
٤١ - ﴿هَذَا صِرَاطٌ﴾ يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة " ع "، أو صراط إليَّ " ح "، أو تهديد ووعيد كقولك لمن تتوعده: " على طريقك "، أو هذا صراط على استقامته بالبيان والبرهان. ﴿إن المتقين في جناتٍ وعيونٍ ادخلوها بسلامٍ ءامنين ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخوناً على سررٍ متقابلين لا يمسّهم فيها نصبٌ وما هم منها بمخرجين نبئ عبادى أنّي أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم﴾
٤٦ - ﴿بِسَلامٍ﴾ بسلامة من النار، أو بسلامة تصحبكم من كل آفة ﴿أمنين﴾ من الخروج منها، أو الموت، أو الخوف والمرض.
٤٧ - ﴿وَنَزَعْنَا﴾ بالإسلام
﴿مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ الجاهلية، أو نزعنا في الآخرة ما فيها من غل الدنيا " ح " وروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم]
﴿سرر﴾
176
جمع أسرة، أو سرور
﴿مُّتَقَابِلِينَ﴾ بوجوههم لا يصرفون أبصارهم تواصلا وتحاببا، أو متقابلين بالمحبة والمودة لا يتفاضلون فيها ولا يختلفون، أو متقابلين / [٩٤ / ب] في المنزلة لا يفضل بعضهم بعضاً لاتفاقهم على الطاعة أو استوائهم في الجزاء، أو متقابلين في الزيادة والتواصل، أو أقبلوا على أزواجهم بالمودة وأقبلن عليهم، قيل نزلت في العشرة، قال علي - رضي الله تعالى عنه -: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير منهم. {ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال إنا منكم وجلون قالوا لا
177
توجل أنّا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسّني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}
178
٥٣ - ﴿لا تَوْجَلْ) {لا تخف﴾ (بِغُلامٍ عَليمٍ} في كبره وهو إسحاق لقوله - تعالى - ﴿فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ﴾ [هود: ٧١] ﴿عَلِيمٍ﴾ حليم، أو عالم عند الجمهور.
٥٤ - ﴿أَبَشَّرْتُمُونِى) {تعجب﴾ (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} تعجباً من قولهم، أو استفهم هل بشروه بأمر الله - تعالى - ليكون أسكن لقلبه.
٥٥ - ﴿القانطين﴾ الآيسين من الولد. ﴿قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنّا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا ءال لوطٍ إنّا لمنجّوهم أجمعين إلا امرأته قدّرنا إنها لمن الغابرين﴾ ٥٩ - ﴿آل لُوطٍ﴾ أتباعه وناصروه.
﴿ آل لوط ﴾ أتباعه وناصروه.
٦٠ - ﴿قَدَّرْنَآ﴾ قضينا، أو كتبنا ﴿الْغَابِرِينَ﴾ الباقين في العذاب، أو الماضين فيه. ﴿فلمّا جاء ءال لوطٍ المرسلون قال إنكم قومٌ منكرون ٦٢ قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنّا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من الّيل واتّبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحدٌ وامضوا حيث تؤمرون وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلاء مقطوعٌ مّصبحين﴾
٦٥ - ﴿بقطع من الليل﴾ ببعضه، أو آخره، أو ظلمته.
٦٦ - ﴿قضينا﴾ أوحينا ﴿دابر هؤلاء﴾ آخرهم، أو أصلهم. ﴿وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفى فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنّهم لفى سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارةً من سجّيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وأنّها لبسبيل مقيمٍ ٥ إنّ في ذلك لآيةً للمؤمنين﴾
٧٢ - ﴿لَعَمْرُكَ﴾ وعيشك " ع "، أو وحياتك " ع "، وما أقسم الله - تعالى - بحياة غيره، أو وعملك ﴿سَكْرَتِهِمْ﴾ ضلالهم، أو غفلتهم ﴿يَعْمَهُونَ﴾ يترددون " ع "، أو يتمادون، أو يلعبون، أو يمضون.
٧٥ - ﴿لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ للمتفرسين، أو المعتبرين، أو المتفكرين، أو الناظرين أو المتبصرين، أو الذين يتوسمون الأمور فيعلمون أن الذي أهلك قوم لوط قادر على أهلاك الكفار.
٧٦ - ﴿لبسبيل﴾ لهلاك " ع "، أو لبطريق معلم. ﴿وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين﴾
٧٨ - ﴿لَظَالِمِينَ﴾ بتكذيبهم شعيباً، أرسل إلى مدين فأهلكوا بالصيحة وإلى أصحاب الأيكة فاحترقوا بنار الظلة، الأيكة: الغيضة، أو الشجر الملتف
179
كان أكثرهم شجرهم الدوم وهو المقل، أو الأيكة اسم البلد وليكة اسم المدينة كبكة من مكة.
180
٧٩ - ﴿وَإِنَّهُمَا﴾ أصحاب الأيكة وقوم لوط ﴿لَبِإِمَامٍ﴾ لبطريق واضح. سمي الطريق إماماً لأن سالكه يأتم به حتى يصل إلى مقصده، أو لفي كتاب مستبين، سمي إماماً لتقدمه على سائر الكتب، وقال مُؤرج: هو الكتاب بلغة حمير. ﴿ولقد كذّب أصحاب الحجر المرسلين وءاتيناهم ءاياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً ءامنين فأخذتهم الصّيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون﴾
٨٠ - ﴿الْحِجْرِ﴾ الوادي، أو مدينة ثمود، أو أرض بين الشام والحجاز وأصحابه ثمود.
٨٢ - ﴿أمنين﴾ أن تسقط عليهم بيوتهم، أو من خرابها، أومن العذاب، أو الموت. ﴿وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإنّ السّاعة لاتيةٌ فاصفح الصّفح الجميل ٨٥ إن ربّك هو الخلاق العليم﴾
٨٥ - ﴿الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ الإعراض من غير جزع، أو العفو بغير توبيخ
180
ولا تعنيف، ثم نسخ صفحه عن حق الله - تعالى - بآية السيف، فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] : بعد ذلك: " لقد أتيتكم بالذبح وبُعثت بالحصاد ولم أُبعث بالزراعة، أو أمر بالصفح عنهم في حق نفسه فيما بينه وبينهم.
﴿ولقد ءاتيناك سبعاً من المثاني والقرءان العظيم لا تمدنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ٤﴾
181
٨٧ -[ ﴿سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِى﴾ ] السبع المثاني: الفاتحة، لأنها تثنى كلما قرأ القرآن وصلى، أو السبع الطوال البقرة، وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس " ع " سميت مثاني لما تردد فيها من الأمثال والخبر والعبر، أو لأنها تجاوز المائة الأولى إلى المائة الثانية، أو المثاني القرآن كله، أو معانيه السبعة أمر ونهي وتبشير وإنذار وضرب أمثال وتعديد نعم وأنباء قرون.
٨٨ - ﴿أزواجا﴾ أشباهاً، أو أصنافاً أو الأغنياء / [٩٤ / ب]
﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ بما أنعمت عليهم في الدنيا أو بما يصيرون إليه من كفرهم
﴿وَاخْفِضْ﴾ عبّر به عن الخضوع، أو عن إلانة الجانب، نزل بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ضيف فلم يكن عنده ما يصلحه فأرسل إلى يهودي يستسلف منه دقيقاً إلى هلال رجب، فأبى إلا برهن فقال الرسول [صلى الله عليه وسلم] إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني لأديت إليه فنزلت
﴿لا تَمُدَّنَّ﴾
181
وقل إنى أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرءان عضين فوربّك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون}
182
٩٠ - ﴿المقتسمين﴾ اليهود والنصار اقتسموا القرآن أعضاء أي أجزاء فآمنوا ببعض منها وكفروا ببعض " ع "، أو اقتسموه استهزاء به فقال بعضهم: هذه السورة لي، وقال بعضهم: هذه لي، أو اقتسموا كتبهم فآمن بعضهم ببعضها وكفر ببعضها وكفر آخرون بما آمن به أولئك وأمنوا بما كفروا به، أو قوم صالح تقاسموا على قتله، قاله ابن زيد، أو قوم من قريش اقتسموا طرق مكة لينفروا على الرسول [صلى الله عليه وسلم] من يرد من القبائل بأنه ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون حتى لا يؤمنوا به فنزل عليهم عذاب فأهلكهم، أو قوم من قريش اقتسموا القرآن فجعلوا بعضه شعراً وبعضه سحراً وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين، أو قوم
182
اقتسموا أيماناً تحالفوا عليها.
183
٩١ - ﴿عِضِينَ﴾ فرقاً بعضه شعراً وبعضه سحراً وبعضه أساطير الأولين، جعلوا أعضاء كما تعضى الجزور، وعضين جمع عضو من عضيت الشيء تعضية إذا فرقته " ع ". وليس دين الله - تعالى - بالمعضى. أي المفرق أو العضين جمع عضة وهو البهت لأنهم بهتوا كتاب الله - تعالى - فيما رموه به، عضهت الرجل أعضهه عضها بهته، وقال: إن العضيهة ليست فعل أحرار أوالعضة: السحر بلسان قريش ومنه " لعن الرسول [صلى الله عليه وسلم] العاضهة والمستعضهة أراد الساحرة والمتسحرة، أو لما ذكر في القرآن الذباب والبعوض والعنكبوت والنمل قال أحدهم: أنا صاحب البعوض، وقال آخر: أنا صاحب الذباب وقال آخر أنا صاحب النمل استهزاء منهم بالقرآن.
٩٣ - ﴿عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ يعبدون، أو ما عملوا فيما علموا، أو عما عبدوا وما أجابوا الرسل. {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين أنّا كفيناك المستهزءين الذين يجعلون مع الله إلاهاً ءاخر فسوف يعلمون ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون
183
فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}
184
٩٤ - ﴿فَاصْدَعْ﴾ فامض، أو أظهر، أو اجهر بالقرآن في الصلاة، أو أعلن بالوحي حتى يبلغهم " ع "، أو افرق به بين الحق والباطل، أو فرق القول فيهم مجتمعين وفرادى، ﴿وَأَعْرِضْ﴾ منسوخ بآية السيف " ع " أو أعرض عن الاهتمام باستهزائهم.
٩٥ - ﴿المستهزئين﴾ خمسة: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأبو زمعة والأسود بن عبد يغوث والحارث بن غيطلة أهلكهم الله - تعالى - قبل بدر لاستهزائهم برسوله [صلى الله عليه وسلم].
٩٧ - ﴿صَدْرُكَ﴾ قلبك لأنه محل القلب ﴿بِمَا يَقُولُونَ﴾ من الاستهزاء، أو التكذيب بالحق. ٩٨ - ﴿السَّاجِدِينَ﴾ المصلين.
٩٩ - ﴿الْيَقِينُ﴾ الحق الذي لا ريب فيه، أو الموت الذي لا محيد عنه " ح ".
185
سورة النحل
مكية أو إلا ثلاث آيات
﴿ولا تشتروا بعهد الله﴾ إلى قوله
﴿بأحسن ما كانوا يعملون﴾ [٩٥ - ٩٧] " ع ".
بسم الله الرحمن الرحيم
}
﴿أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين﴾
186