تفسير سورة السجدة

الوجيز للواحدي
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية ومدنية وهي عشرون وتسع آيات

﴿الم﴾
﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ العالمين﴾
﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ من قبلك لعلهم يهتدون﴾
﴿الله الذي خلق السماوات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ﴾
﴿يدبر الأمر من السماء إلى الأرض﴾ يعني: القضاء من السَّماء فينزله إلى الأرض مدَّة أيام الدُّنيا ﴿ثمَّ يعرج إليه﴾ أَيْ: يرجع الأمر والتَّدبير إلى السَّماء ويعود إليه بعد انقضاء الدُّنيا وفنائها ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تعدون﴾ وهو يوم القيامة وذلك اليوم يطول على قومٍ ويشتدُّ حتى يكو كخمسين ألف سنة ويقصر على قوم فلا آخر له معلوم وقوله
﴿ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم﴾
﴿الذي أحسن كلَّ شيء خلقه﴾ أَيْ: أتقنه وأحكمه ﴿وبدأ خلق الإنسان من طين﴾ آدم عليه السَّلام
﴿ثم جعل نسله﴾ ذريَّته ﴿من سلالةٍ﴾ نطفةٍ ﴿من ماء مهين﴾ ضعيفٍ حقيرٍ
﴿وقالوا﴾ يعني: منكري البعث ﴿أإذا ضللنا في الأرض﴾ صرنا تراباً وبطلنا ﴿أإنا لفي خلق جديد﴾ نُخلق بعد ذلك خلقاً جديداً
﴿وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كافرون﴾
﴿قل يتوفاكم﴾ يقبض أرواحكم
﴿ولو ترى﴾ يا محمد ﴿إذ المجرمون﴾ المشركون ﴿ناكسوا رؤوسهم﴾ مُطأطئوها حياءً من ربهم عز وجل ويقولون: ﴿ربنا أبصرنا﴾ ما كنا به مُكذِّبين ﴿وسمعنا﴾ منك صدق ما أتت به الرُّسل ﴿فارجعنا﴾ فارددنا إلى الدُّنيا ﴿نعمل صالحاً﴾
﴿ولو شئنا لآتينا كلَّ نفس هداها﴾ رشدها الآية ويقال لأهل النَّار:
﴿فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا﴾ أَيْ: تركتم الإِيمان به ﴿إنا نسيناكم﴾ تركناكم في النَّار
﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا﴾ أي: وُعظوا ﴿خرُّوا سجداً﴾ لله سبحانه خوفاً منه ﴿وسبحوا بحمد ربهم﴾ نزَّهوا الله تعالى بالحمد لله ﴿وهم لا يستكبرون﴾ عن الإيمان به والسُّجود له
﴿تتجافى جنوبهم﴾ ترتفع أضلاعهم ﴿عن المضاجع﴾ الفرش ومواضع النَّوم ﴿يدعون ربهم خوفاً﴾ من النَّار ﴿وطمعاً﴾ في الجنَّة ﴿وَمِمَّا رزقناهم ينفقون﴾ يصَّدَّقون
﴿فلا تعلم نفس﴾ من هؤلاء ﴿ما أخفي لهم﴾ ما أعد لهم ﴿من قرة أعين﴾ ممَّا تقرُّ به عينه إذ رآه
﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا﴾ نزلت في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط
﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾
﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى﴾ قيل: المصيبات في الدُّنيا وقيل: القتل ببدر وقيل: عذاب القبر وقيل: الجوع سبع سنين والأولى المُصيبات والجوع لقوله: ﴿لعلهم يرجعون﴾ وقوله:
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون﴾
﴿فلا تكن في مرية من لقائه﴾ أَيْ: من لقاء موسى عليه السَّلام ليلة المعراج وعده الله تعالى أن يريه موسى عليه السَّلام ليلة الإِسراء به
﴿وجعلنا منهم﴾ من بني إسرائيل ﴿إئمة﴾ قادة ﴿يهدون﴾ يدعون الخلق ﴿بأمرنا لما صبروا﴾ حين صبروا على الحقِّ
﴿إنَّ ربك هو يفصل﴾ يحكم ﴿بينهم يوم القيامة﴾ بين المُكذِّبين بك ﴿فيما كانوا فيه يختلفون﴾ من أمرك
﴿أولم يهد لهم﴾ يتبيَّن لهم صدقك ﴿كم أهلكنا﴾ إهلاكنا مَنْ كذَّب الرُّسل منهم وهم ﴿يمشون في مساكنهم﴾ إذا سافروا فيرون خرابَ منازلهم ﴿إنَّ في ذلك لآيات أفلا يسمعون﴾ آيات الله وعظاته
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجرز﴾ الغليظة التي لا نبأت فيها ﴿فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أفلا يبصرون﴾ هذا فيلعموا أنَّا نقدر على إعادتهم
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ وذلك أنَّ المؤمنين قالوا للكفَّار: إنَّ لنا يوماً يحكم الله بيننا وبينكم فيه يريدون يوم القيامة فقالوا: متى هذا الفتح؟ فقال الله تعالى: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إيمانهم ولا هم ينظرون﴾ يمهلون للتوبة
﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إيمانهم ولا هم ينظرون﴾
﴿فأعرض عنهم﴾ منسوخٌ بآية السَّيف ﴿وانتظر﴾ عذابهم ﴿إنهم منتظرون﴾ هلاكك في زعمهم الكاذب
Icon