تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب الجامع لأحكام القرآن
.
لمؤلفه
القرطبي
.
المتوفي سنة 671 هـ
ﰡ
ﭑ
ﰀ
طسم
سُورَة الشُّعَرَاء : هِيَ مَكِّيَّة فِي قَوْل الْجُمْهُور.
وَقَالَ مُقَاتِل : مِنْهَا مَدَنِيّ ; الْآيَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا الشُّعَرَاء، وَقَوْله :" أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة أَنْ يَعْلَمهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل " [ الشُّعَرَاء : ١٩٧ ].
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : مَكِّيَّة إِلَّا أَرْبَع آيَات مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ قَوْله :" وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ " [ الشُّعَرَاء : ٢٢٤ ] إِلَى آخِرهَا.
وَهِيَ مِائَتَانِ وَسَبْع وَعِشْرُونَ آيَة.
وَفِي رِوَايَة : سِتّ وَعِشْرُونَ.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( أُعْطِيت السُّورَة الَّتِي تُذْكَر فِيهَا الْبَقَرَة مِنْ الذِّكْر الْأَوَّل وَأُعْطِيت طه وَطسم مِنْ أَلْوَاح مُوسَى وَأُعْطِيت فَوَاتِح الْقُرْآن وَخَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة مِنْ تَحْت الْعَرْش وَأُعْطِيت الْمُفَصَّل نَافِلَة ).
وَعَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ اللَّه أَعْطَانِي السَّبْع الطِّوَال مَكَان التَّوْرَاة وَأَعْطَانِي الْمُبِين مَكَان الْإِنْجِيل وَأَعْطَانِي الطَّوَاسِين مَكَان الزَّبُور وَفَضَّلَنِي بِالْحَوَامِيمِ وَالْمُفَصَّل مَا قَرَأَهُنَّ نَبِيّ قَبْلِي ).
قَرَأَ الْأَعْمَش وَيَحْيَى وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف : بِإِمَالَةِ الطَّاء مُشْبَعًا فِي هَذِهِ السُّورَة وَفِي أُخْتَيْهَا.
وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة وَالزُّهْرِيّ : بَيْن اللَّفْظَيْنِ ; وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : وَهِيَ كُلّهَا لُغَات فَصَيْحَة.
وَقَدْ مَضَى فِي " طه " قَوْل النَّحَّاس فِي هَذَا.
قَالَ النَّحَّاس : وَقَرَأَ الْمَدَنِيُّونَ وَأَبُو عَمْرو وَعَاصِم وَالْكِسَائِيّ :" طسم " بِإِدْغَامِ النُّون فِي الْمِيم، وَالْفَرَّاء يَقُول بِإِخْفَاءِ النُّون.
وَقَرَأَ الْأَعْمَش : وَحَمْزَة :" طسين مِيم " بِإِظْهَارِ النُّون.
قَالَ النَّحَّاس : لِلنُّونِ السَّاكِنَة وَالتَّنْوِين أَرْبَعَة أَقْسَام عِنْد سِيبَوَيْهِ : يُبَيَّنَانِ عِنْد حُرُوف الْحَلْق، وَيُدْغَمَانِ عِنْد الرَّاء وَاللَّام وَالْمِيم وَالْوَاو وَالْيَاء، وَيُقْلَبَانِ مِيمًا عِنْد الْبَاء وَيَكُونَانِ مِنْ الْخَيَاشِيم ; أَيْ لَا يُبَيَّنَانِ ; فَعَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَقْسَام الَّتِي نَصَّهَا سِيبَوَيْهِ لَا تَجُوز هَذِهِ الْقِرَاءَة ; لِأَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا حَرْف مِنْ حُرُوف الْحَلْق فَتُبَيَّن النُّون عِنْده، وَلَكِنْ فِي ذَلِكَ وُجَيْه : وَهُوَ أَنَّ حُرُوف الْمُعْجَم حُكْمهَا أَنْ يُوقَف عَلَيْهَا، فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهَا تَبَيَّنَتْ النُّون.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : الْإِدْغَام اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم قِيَاسًا عَلَى كُلّ الْقُرْآن، وَإِنَّمَا أَظْهَرَهَا أُولَئِكَ لِلتَّبْيِينِ وَالتَّمْكِين، وَأَدْغَمَهَا هَؤُلَاءِ لِمُجَاوَرَتِهَا حُرُوف الْفَم.
قَالَ النَّحَّاس : وَحَكَى أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه " فِيمَا يَجْرِي وَفِيمَا لَا يَجْرِي " أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يُقَال :" طسين مِيم " بِفَتْحِ النُّون وَضَمّ الْمِيم، كَمَا يُقَال هَذَا مَعْدِي كَرِبُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم : قَرَأَ خَالِد :" طسين مِيم ".
سُورَة الشُّعَرَاء : هِيَ مَكِّيَّة فِي قَوْل الْجُمْهُور.
وَقَالَ مُقَاتِل : مِنْهَا مَدَنِيّ ; الْآيَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا الشُّعَرَاء، وَقَوْله :" أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَة أَنْ يَعْلَمهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيل " [ الشُّعَرَاء : ١٩٧ ].
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : مَكِّيَّة إِلَّا أَرْبَع آيَات مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ قَوْله :" وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ " [ الشُّعَرَاء : ٢٢٤ ] إِلَى آخِرهَا.
وَهِيَ مِائَتَانِ وَسَبْع وَعِشْرُونَ آيَة.
وَفِي رِوَايَة : سِتّ وَعِشْرُونَ.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( أُعْطِيت السُّورَة الَّتِي تُذْكَر فِيهَا الْبَقَرَة مِنْ الذِّكْر الْأَوَّل وَأُعْطِيت طه وَطسم مِنْ أَلْوَاح مُوسَى وَأُعْطِيت فَوَاتِح الْقُرْآن وَخَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة مِنْ تَحْت الْعَرْش وَأُعْطِيت الْمُفَصَّل نَافِلَة ).
وَعَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ اللَّه أَعْطَانِي السَّبْع الطِّوَال مَكَان التَّوْرَاة وَأَعْطَانِي الْمُبِين مَكَان الْإِنْجِيل وَأَعْطَانِي الطَّوَاسِين مَكَان الزَّبُور وَفَضَّلَنِي بِالْحَوَامِيمِ وَالْمُفَصَّل مَا قَرَأَهُنَّ نَبِيّ قَبْلِي ).
قَرَأَ الْأَعْمَش وَيَحْيَى وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف : بِإِمَالَةِ الطَّاء مُشْبَعًا فِي هَذِهِ السُّورَة وَفِي أُخْتَيْهَا.
وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو جَعْفَر وَشَيْبَة وَالزُّهْرِيّ : بَيْن اللَّفْظَيْنِ ; وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : وَهِيَ كُلّهَا لُغَات فَصَيْحَة.
وَقَدْ مَضَى فِي " طه " قَوْل النَّحَّاس فِي هَذَا.
قَالَ النَّحَّاس : وَقَرَأَ الْمَدَنِيُّونَ وَأَبُو عَمْرو وَعَاصِم وَالْكِسَائِيّ :" طسم " بِإِدْغَامِ النُّون فِي الْمِيم، وَالْفَرَّاء يَقُول بِإِخْفَاءِ النُّون.
وَقَرَأَ الْأَعْمَش : وَحَمْزَة :" طسين مِيم " بِإِظْهَارِ النُّون.
قَالَ النَّحَّاس : لِلنُّونِ السَّاكِنَة وَالتَّنْوِين أَرْبَعَة أَقْسَام عِنْد سِيبَوَيْهِ : يُبَيَّنَانِ عِنْد حُرُوف الْحَلْق، وَيُدْغَمَانِ عِنْد الرَّاء وَاللَّام وَالْمِيم وَالْوَاو وَالْيَاء، وَيُقْلَبَانِ مِيمًا عِنْد الْبَاء وَيَكُونَانِ مِنْ الْخَيَاشِيم ; أَيْ لَا يُبَيَّنَانِ ; فَعَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَقْسَام الَّتِي نَصَّهَا سِيبَوَيْهِ لَا تَجُوز هَذِهِ الْقِرَاءَة ; لِأَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا حَرْف مِنْ حُرُوف الْحَلْق فَتُبَيَّن النُّون عِنْده، وَلَكِنْ فِي ذَلِكَ وُجَيْه : وَهُوَ أَنَّ حُرُوف الْمُعْجَم حُكْمهَا أَنْ يُوقَف عَلَيْهَا، فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهَا تَبَيَّنَتْ النُّون.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : الْإِدْغَام اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم قِيَاسًا عَلَى كُلّ الْقُرْآن، وَإِنَّمَا أَظْهَرَهَا أُولَئِكَ لِلتَّبْيِينِ وَالتَّمْكِين، وَأَدْغَمَهَا هَؤُلَاءِ لِمُجَاوَرَتِهَا حُرُوف الْفَم.
قَالَ النَّحَّاس : وَحَكَى أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه " فِيمَا يَجْرِي وَفِيمَا لَا يَجْرِي " أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يُقَال :" طسين مِيم " بِفَتْحِ النُّون وَضَمّ الْمِيم، كَمَا يُقَال هَذَا مَعْدِي كَرِبُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم : قَرَأَ خَالِد :" طسين مِيم ".
اِبْن عَبَّاس :" طسم " قَسَم وَهُوَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى، وَالْمُقْسَم عَلَيْهِ :" إِنْ نَشَأْ نُنَزِّل عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء آيَة ".
وَقَالَ قَتَادَة : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن أَقْسَمَ اللَّه بِهِ.
مُجَاهِد : هُوَ اِسْم السُّورَة ; وَيُحَسِّن اِفْتِتَاح السُّورَة.
الرَّبِيع : حِسَاب مُدَّة قَوْم.
وَقِيلَ : قَارِعَة تَحُلّ بِقَوْمٍ.
" طسم " وَ " طس " وَاحِد.
قَالَ :
وَقَالَ الْقَرَظِيّ : أَقْسَمَ اللَّه بِطَوْلِهِ وَسَنَائِهِ وَمُلْكه.
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل : الطَّاء طُور سَيْنَاء وَالسِّين إِسْكَنْدَرِيَّة وَالْمِيم مَكَّة.
وَقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ : الطَّاء شَجَرَة طُوبَى، وَالسِّين سِدْرَة الْمُنْتَهَى، وَالْمِيم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ : الطَّاء مِنْ الطَّاهِر وَالسِّين مِنْ الْقُدُّوس - وَقِيلَ : مِنْ السَّمِيع وَقِيلَ : مِنْ السَّلَام - وَالْمِيم مِنْ الْمَجِيد.
وَقِيلَ : مِنْ الرَّحِيم.
وَقِيلَ : مِنْ الْمَلِك.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة ".
وَالطَّوَاسِيم وَالطَّوَاسِين سُوَر فِي الْقُرْآن جُمِعَتْ عَلَى غَيْر قِيَاس.
وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَة :
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَالصَّوَاب أَنْ تُجْمَع بِذَوَاتِ وَتُضَاف إِلَى وَاحِد، فَيُقَال : ذَوَات طسم وَذَوَات حم.
وَقَالَ قَتَادَة : اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن أَقْسَمَ اللَّه بِهِ.
مُجَاهِد : هُوَ اِسْم السُّورَة ; وَيُحَسِّن اِفْتِتَاح السُّورَة.
الرَّبِيع : حِسَاب مُدَّة قَوْم.
وَقِيلَ : قَارِعَة تَحُلّ بِقَوْمٍ.
" طسم " وَ " طس " وَاحِد.
قَالَ :
وَفَاؤُكُمَا كَالرَّبْعِ أَشْجَاهُ طَاسِمُهْ | بِأَنْ تُسْعِدَا وَالدَّمْع أَشْفَاهُ سَاجِمهْ |
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل : الطَّاء طُور سَيْنَاء وَالسِّين إِسْكَنْدَرِيَّة وَالْمِيم مَكَّة.
وَقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ : الطَّاء شَجَرَة طُوبَى، وَالسِّين سِدْرَة الْمُنْتَهَى، وَالْمِيم مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ : الطَّاء مِنْ الطَّاهِر وَالسِّين مِنْ الْقُدُّوس - وَقِيلَ : مِنْ السَّمِيع وَقِيلَ : مِنْ السَّلَام - وَالْمِيم مِنْ الْمَجِيد.
وَقِيلَ : مِنْ الرَّحِيم.
وَقِيلَ : مِنْ الْمَلِك.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل سُورَة " الْبَقَرَة ".
وَالطَّوَاسِيم وَالطَّوَاسِين سُوَر فِي الْقُرْآن جُمِعَتْ عَلَى غَيْر قِيَاس.
وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَة :
وَبِالطَّوَاسِيم الَّتِي قَدْ ثُلِّثَتْ | وَبِالْحَوَامِيمِ الَّتِي قَدْ سُبِّعَتْ |
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
رُفِعَ عَلَى إِضْمَار مُبْتَدَإٍ أَيْ هَذِهِ " تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْمُبِين " الَّتِي كُنْتُمْ وُعِدْتُمْ بِهَا ; لِأَنَّهُمْ قَدْ وُعِدُوا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل بِإِنْزَالِ الْقُرْآن.
وَقِيلَ :" تِلْكَ " بِمَعْنَى هَذِهِ.
رُفِعَ عَلَى إِضْمَار مُبْتَدَإٍ أَيْ هَذِهِ " تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْمُبِين " الَّتِي كُنْتُمْ وُعِدْتُمْ بِهَا ; لِأَنَّهُمْ قَدْ وُعِدُوا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل بِإِنْزَالِ الْقُرْآن.
وَقِيلَ :" تِلْكَ " بِمَعْنَى هَذِهِ.
لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ
أَيْ قَاتِل نَفْسك وَمُهْلِكهَا.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْكَهْف " بَيَانه.
أَيْ قَاتِل نَفْسك وَمُهْلِكهَا.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْكَهْف " بَيَانه.
أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
أَيْ لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان.
قَالَ الْفَرَّاء :" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب ; لِأَنَّهَا جَزَاء.
قَالَ النَّحَّاس : وَإِنَّمَا يُقَال : بِإِنْ مَكْسُورَة لِأَنَّهَا جَزَاء ; كَذَا الْمُتَعَارَف.
وَالْقَوْل فِي هَذَا مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه فِي الْقُرْآن ; قَالَ :" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب مَفْعُول مِنْ أَجْله ; وَالْمَعْنَى لَعَلَّك قَاتِل نَفْسك لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان.
أَيْ لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان.
قَالَ الْفَرَّاء :" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب ; لِأَنَّهَا جَزَاء.
قَالَ النَّحَّاس : وَإِنَّمَا يُقَال : بِإِنْ مَكْسُورَة لِأَنَّهَا جَزَاء ; كَذَا الْمُتَعَارَف.
وَالْقَوْل فِي هَذَا مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاق فِي كِتَابه فِي الْقُرْآن ; قَالَ :" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب مَفْعُول مِنْ أَجْله ; وَالْمَعْنَى لَعَلَّك قَاتِل نَفْسك لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان.
إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً
أَيْ مُعْجِزَة ظَاهِرَة وَقُدْرَة بَاهِرَة فَتَصِير مَعَارِفهمْ ضَرُورِيَّة، وَلَكِنْ سَبَقَ الْقَضَاء بِأَنْ تَكُون الْمَعَارِف نَظَرِيَّة.
وَقَالَ أَبُو حَمْزَة الثُّمَالِيّ فِي هَذِهِ الْآيَة : بَلَغَنِي أَنَّ لِهَذِهِ الْآيَة صَوْتًا يُسْمَع مِنْ السَّمَاء فِي النِّصْف مِنْ شَهْر رَمَضَان ; تَخْرُج بِهِ الْعَوَاتِق مِنْ الْبُيُوت وَتَضِجّ لَهُ الْأَرْض.
وَهَذَا فِيهِ بُعْد ; لِأَنَّ الْمُرَاد قُرَيْش لَا غَيْرهمْ.
أَيْ مُعْجِزَة ظَاهِرَة وَقُدْرَة بَاهِرَة فَتَصِير مَعَارِفهمْ ضَرُورِيَّة، وَلَكِنْ سَبَقَ الْقَضَاء بِأَنْ تَكُون الْمَعَارِف نَظَرِيَّة.
وَقَالَ أَبُو حَمْزَة الثُّمَالِيّ فِي هَذِهِ الْآيَة : بَلَغَنِي أَنَّ لِهَذِهِ الْآيَة صَوْتًا يُسْمَع مِنْ السَّمَاء فِي النِّصْف مِنْ شَهْر رَمَضَان ; تَخْرُج بِهِ الْعَوَاتِق مِنْ الْبُيُوت وَتَضِجّ لَهُ الْأَرْض.
وَهَذَا فِيهِ بُعْد ; لِأَنَّ الْمُرَاد قُرَيْش لَا غَيْرهمْ.
فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
أَيْ فَتَظَلّ أَعْنَاقهمْ " لَهَا خَاضِعِينَ " قَالَ مُجَاهِد : أَعْنَاقهمْ كُبَرَاؤُهُمْ ; وَقَالَ النَّحَّاس : وَمَعْرُوف فِي اللُّغَة ; يُقَال : جَاءَنِي عُنُق مِنْ النَّاس أَيْ رُؤَسَاء مِنْهُمْ.
أَبُو زَيْد وَالْأَخْفَش :" أَعْنَاقهمْ " جَمَاعَاتهمْ ; يُقَال : جَاءَنِي عُنُق مِنْ النَّاس أَيْ جَمَاعَة.
وَقِيلَ : إِنَّمَا أَرَادَ أَصْحَاب الْأَعْنَاق، فَحَذَفَ الْمُضَاف وَأَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه.
قَتَادَة : الْمَعْنَى لَوْ شَاءَ لَأَنْزَلَ آيَة يَذِلُّونَ بِهَا فَلَا يَلْوِي أَحَد مِنْهُمْ عُنُقه إِلَى مَعْصِيَة.
اِبْن عَبَّاس : نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي أُمَيَّة سَتَكُونُ لَنَا عَلَيْهِمْ الدَّوْلَة فَتَذِلّ لَنَا أَعْنَاقهمْ بَعْد مُعَاوِيَة ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ وَالْغَزْنَوِيّ فَاَللَّه أَعْلَم.
وَخَاضِعِينَ وَخَاضِعَة هُنَا سَوَاء ; قَالَهُ عِيسَى بْن عُمَر وَاخْتَارَهُ الْمُبَرِّد.
وَالْمَعْنَى : إِنَّهُمْ إِذَا ذَلَّتْ رِقَابهمْ ذَلُّوا ; فَالْإِخْبَار عَنْ الرِّقَاب إِخْبَار عَنْ أَصْحَابهَا.
وَيَسُوغ فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ تَتْرُك الْخَبَر عَنْ الْأَوَّل وَتُخْبِر عَنْ الثَّانِي ; قَالَ الرَّاجِز :
فَأَخْبَرَ عَنْ اللَّيَالِي وَتَرَكَ الطُّول.
وَقَالَ جَرِير :
وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أُسْقِطَ مَرّ وَطُول مِنْ الْكَلَام لَمْ يَفْسُد مَعْنَاهُ ; فَكَذَلِكَ رَدّ الْفِعْل إِلَى، الْكِنَايَة فِي قَوْله :" فَظَلَّتْ أَعْنَاقهمْ " لِأَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ الْأَعْنَاق لَمَا فَسَدَ الْكَلَام، وَلَأَدَّى مَا بَقِيَ مِنْ الْكَلَام عَنْهُ حَتَّى يَقُول : فَظَلُّوا لَهَا خَاضِعِينَ.
وَعَلَى هَذَا اِعْتَمَدَ الْفَرَّاء وَأَبُو عُبَيْدَة.
وَالْكِسَائِيّ يَذْهَب إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى خَاضِعِيهَا هُمْ، وَهَذَا خَطَأ عِنْد الْبَصْرِيِّينَ وَالْفَرَّاء.
وَمِثْل هَذَا الْحَذْف لَا يَقَع فِي شَيْء مِنْ الْكَلَام ; قَالَهُ النَّحَّاس.
أَيْ فَتَظَلّ أَعْنَاقهمْ " لَهَا خَاضِعِينَ " قَالَ مُجَاهِد : أَعْنَاقهمْ كُبَرَاؤُهُمْ ; وَقَالَ النَّحَّاس : وَمَعْرُوف فِي اللُّغَة ; يُقَال : جَاءَنِي عُنُق مِنْ النَّاس أَيْ رُؤَسَاء مِنْهُمْ.
أَبُو زَيْد وَالْأَخْفَش :" أَعْنَاقهمْ " جَمَاعَاتهمْ ; يُقَال : جَاءَنِي عُنُق مِنْ النَّاس أَيْ جَمَاعَة.
وَقِيلَ : إِنَّمَا أَرَادَ أَصْحَاب الْأَعْنَاق، فَحَذَفَ الْمُضَاف وَأَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه.
قَتَادَة : الْمَعْنَى لَوْ شَاءَ لَأَنْزَلَ آيَة يَذِلُّونَ بِهَا فَلَا يَلْوِي أَحَد مِنْهُمْ عُنُقه إِلَى مَعْصِيَة.
اِبْن عَبَّاس : نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي أُمَيَّة سَتَكُونُ لَنَا عَلَيْهِمْ الدَّوْلَة فَتَذِلّ لَنَا أَعْنَاقهمْ بَعْد مُعَاوِيَة ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ وَالْغَزْنَوِيّ فَاَللَّه أَعْلَم.
وَخَاضِعِينَ وَخَاضِعَة هُنَا سَوَاء ; قَالَهُ عِيسَى بْن عُمَر وَاخْتَارَهُ الْمُبَرِّد.
وَالْمَعْنَى : إِنَّهُمْ إِذَا ذَلَّتْ رِقَابهمْ ذَلُّوا ; فَالْإِخْبَار عَنْ الرِّقَاب إِخْبَار عَنْ أَصْحَابهَا.
وَيَسُوغ فِي كَلَام الْعَرَب أَنْ تَتْرُك الْخَبَر عَنْ الْأَوَّل وَتُخْبِر عَنْ الثَّانِي ; قَالَ الرَّاجِز :
طُول اللَّيَالِي أَسْرَعَتْ فِي نَقْضِي | طَوَيْنَ طُولِي وَطَوَيْنَ عَرْضِي |
وَقَالَ جَرِير :
أَرَى مَرّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّي | كَمَا أَخَذَ السِّرَار مِنْ الْهِلَال |
وَعَلَى هَذَا اِعْتَمَدَ الْفَرَّاء وَأَبُو عُبَيْدَة.
وَالْكِسَائِيّ يَذْهَب إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى خَاضِعِيهَا هُمْ، وَهَذَا خَطَأ عِنْد الْبَصْرِيِّينَ وَالْفَرَّاء.
وَمِثْل هَذَا الْحَذْف لَا يَقَع فِي شَيْء مِنْ الْكَلَام ; قَالَهُ النَّحَّاس.
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ
وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا :" وَهُمْ غَفَلَة مُعْرِضُونَ " يَعْنِي بِالدُّنْيَا عَنْ الْآخِرَة.
الثَّانِي : عَنْ التَّأَهُّب لِلْحِسَابِ وَعَمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهَذَا الْوَاو عِنْد سِيبَوَيْهِ بِمَعْنَى " إِذْ " وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّحْوِيُّونَ وَاو الْحَال ; كَمَا قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى :" يَغْشَى طَائِفَة مِنْكُمْ وَطَائِفَة قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهمْ " [ آلَ عِمْرَان : ١٥٤ ].
قَوْله تَعَالَى :" مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث " " مُحْدَث " نَعْت لِ " ذِكْر ".
وَأَجَازَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء " مُحْدَثًا " بِمَعْنَى مَا يَأْتِيهِمْ مُحْدَثًا ; نُصِبَ عَلَى الْحَال.
وَأَجَازَ الْفَرَّاء أَيْضًا رَفْع " مُحْدَث " عَلَى النَّعْت لِلذِّكْرِ ; لِأَنَّك لَوْ حَذَفْت " مِنْ " رَفَعْت ذِكْرًا ; أَيْ مَا يَأْتِيهِمْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث ; يُرِيد فِي النُّزُول وَتِلَاوَة جِبْرِيل عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنْزِل سُورَة بَعْد سُورَة، وَآيَة بَعْد آيَة، كَمَا كَانَ يُنْزِل اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ فِي وَقْت بَعْد وَقْت ; لَا أَنَّ الْقُرْآن مَخْلُوق.
وَقِيلَ : الذِّكْر مَا يَذْكُرهُمْ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعِظهُمْ بِهِ.
وَقَالَ :" مِنْ رَبّهمْ " لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْطِق إِلَّا بِالْوَحْيِ، فَوَعْظ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْذِيره ذِكْر، وَهُوَ مُحْدَث ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر " [ الْغَاشِيَة : ٢١ ].
وَيُقَال : فُلَان فِي مَجْلِس الذِّكْر.
وَقِيلَ : الذِّكْر الرَّسُول نَفْسه ; قَالَ الْحُسَيْن بْن الْفَضْل بِدَلِيلِ مَا فِي سِيَاق الْآيَة " هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ " [ الْأَنْبِيَاء : ٣ ] وَلَوْ أَرَادَ بِالذِّكْرِ الْقُرْآن لَقَالَ : هَلْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ ; وَدَلِيل هَذَا التَّأْوِيل قَوْله تَعَالَى :" وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون.
وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْر لِلْعَالَمِينَ " [ الْقَلَم :
٥١ - ٥٢ ] يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ :" قَدْ أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْكُمْ ذِكْرًا.
رَسُولًا " [ الطَّلَاق :
١٠ - ١١ ].
" إِلَّا اِسْتَمَعُوهُ " يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ الْقُرْآن مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ أُمَّته.
" وَهُمْ يَلْعَبُونَ " أَيْ يَلْهُونَ.
وَقِيلَ : يَشْتَغِلُونَ ; فَإِنْ حُمِلَ تَأْوِيله عَلَى اللَّهْو اِحْتَمَلَ مَا يَلْهُونَ بِهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : بِلَذَّاتِهِمْ.
الثَّانِي : بِسَمَاعِ مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ.
وَإِنْ حُمِلَ تَأْوِيله عَلَى الشُّغْل اِحْتَمَلَ مَا يَتَشَاغَلُونَ بِهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : بِالدُّنْيَا لِأَنَّهَا لَعِب ; كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى :" إِنَّمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو " [ مُحَمَّد : ٣٦ ].
الثَّانِي : يَتَشَاغَلُونَ بِالْقَدْحِ فِيهِ، وَالِاعْتِرَاض عَلَيْهِ.
قَالَ الْحَسَن : كُلَّمَا جُدِّدَ لَهُمْ الذِّكْر اِسْتَمَرُّوا عَلَى الْجَهْل وَقِيلَ : يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآن مُسْتَهْزِئِينَ.
وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا :" وَهُمْ غَفَلَة مُعْرِضُونَ " يَعْنِي بِالدُّنْيَا عَنْ الْآخِرَة.
الثَّانِي : عَنْ التَّأَهُّب لِلْحِسَابِ وَعَمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهَذَا الْوَاو عِنْد سِيبَوَيْهِ بِمَعْنَى " إِذْ " وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا النَّحْوِيُّونَ وَاو الْحَال ; كَمَا قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى :" يَغْشَى طَائِفَة مِنْكُمْ وَطَائِفَة قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهمْ " [ آلَ عِمْرَان : ١٥٤ ].
قَوْله تَعَالَى :" مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث " " مُحْدَث " نَعْت لِ " ذِكْر ".
وَأَجَازَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء " مُحْدَثًا " بِمَعْنَى مَا يَأْتِيهِمْ مُحْدَثًا ; نُصِبَ عَلَى الْحَال.
وَأَجَازَ الْفَرَّاء أَيْضًا رَفْع " مُحْدَث " عَلَى النَّعْت لِلذِّكْرِ ; لِأَنَّك لَوْ حَذَفْت " مِنْ " رَفَعْت ذِكْرًا ; أَيْ مَا يَأْتِيهِمْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث ; يُرِيد فِي النُّزُول وَتِلَاوَة جِبْرِيل عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنْزِل سُورَة بَعْد سُورَة، وَآيَة بَعْد آيَة، كَمَا كَانَ يُنْزِل اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ فِي وَقْت بَعْد وَقْت ; لَا أَنَّ الْقُرْآن مَخْلُوق.
وَقِيلَ : الذِّكْر مَا يَذْكُرهُمْ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعِظهُمْ بِهِ.
وَقَالَ :" مِنْ رَبّهمْ " لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْطِق إِلَّا بِالْوَحْيِ، فَوَعْظ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْذِيره ذِكْر، وَهُوَ مُحْدَث ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر " [ الْغَاشِيَة : ٢١ ].
وَيُقَال : فُلَان فِي مَجْلِس الذِّكْر.
وَقِيلَ : الذِّكْر الرَّسُول نَفْسه ; قَالَ الْحُسَيْن بْن الْفَضْل بِدَلِيلِ مَا فِي سِيَاق الْآيَة " هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ " [ الْأَنْبِيَاء : ٣ ] وَلَوْ أَرَادَ بِالذِّكْرِ الْقُرْآن لَقَالَ : هَلْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ ; وَدَلِيل هَذَا التَّأْوِيل قَوْله تَعَالَى :" وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون.
وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْر لِلْعَالَمِينَ " [ الْقَلَم :
٥١ - ٥٢ ] يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ :" قَدْ أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْكُمْ ذِكْرًا.
رَسُولًا " [ الطَّلَاق :
١٠ - ١١ ].
" إِلَّا اِسْتَمَعُوهُ " يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ الْقُرْآن مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ أُمَّته.
" وَهُمْ يَلْعَبُونَ " أَيْ يَلْهُونَ.
وَقِيلَ : يَشْتَغِلُونَ ; فَإِنْ حُمِلَ تَأْوِيله عَلَى اللَّهْو اِحْتَمَلَ مَا يَلْهُونَ بِهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : بِلَذَّاتِهِمْ.
الثَّانِي : بِسَمَاعِ مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ.
وَإِنْ حُمِلَ تَأْوِيله عَلَى الشُّغْل اِحْتَمَلَ مَا يَتَشَاغَلُونَ بِهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : بِالدُّنْيَا لِأَنَّهَا لَعِب ; كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى :" إِنَّمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو " [ مُحَمَّد : ٣٦ ].
الثَّانِي : يَتَشَاغَلُونَ بِالْقَدْحِ فِيهِ، وَالِاعْتِرَاض عَلَيْهِ.
قَالَ الْحَسَن : كُلَّمَا جُدِّدَ لَهُمْ الذِّكْر اِسْتَمَرُّوا عَلَى الْجَهْل وَقِيلَ : يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآن مُسْتَهْزِئِينَ.
فَقَدْ كَذَّبُوا
أَيْ أَعْرَضُوا وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ شَيْء وَلَمْ يَقْبَلهُ فَهُوَ تَكْذِيب لَهُ.
أَيْ أَعْرَضُوا وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ شَيْء وَلَمْ يَقْبَلهُ فَهُوَ تَكْذِيب لَهُ.
فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
وَعِيد لَهُمْ ; أَيْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ عَاقِبَة مَا كَذَّبُوا وَاَلَّذِي اِسْتَهْزَءُوا بِهِ.
وَعِيد لَهُمْ ; أَيْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ عَاقِبَة مَا كَذَّبُوا وَاَلَّذِي اِسْتَهْزَءُوا بِهِ.
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
نَبَّهَ عَلَى عَظَمَته وَقُدْرَته وَأَنَّهُمْ لَوْ رَأَوْا بِقُلُوبِهِمْ وَنَظَرُوا بِبَصَائِرِهِمْ لَعَلِمُوا أَنَّهُ الَّذِي يَسْتَحِقّ أَنْ يُعْبَد ; إِذْ هُوَ الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء.
وَالزَّوْج هُوَ اللَّوْن ; قَالَهُ الْفَرَّاء.
وَ " كَرِيم " حَسَن شَرِيف، وَأَصْل الْكَرَم فِي اللُّغَة الشَّرَف وَالْفَضْل، فَنَخْلَة كَرِيمَة أَيْ فَاضِلَة كَثِيرَة الثَّمَر، وَرَجُل كَرِيم شَرِيف، فَاضِل صَفُوح.
وَنَبَتَتْ الْأَرْض وَأَنْبَتَتْ بِمَعْنًى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة " الْبَقَرَة " وَاَللَّه سُبْحَانه هُوَ الْمُخْرِج وَالْمُنْبِت لَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ : النَّاس مِنْ نَبَات الْأَرْض فَمَنْ صَارَ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّة فَهُوَ كَرِيم، وَمَنْ صَارَ إِلَى النَّار فَهُوَ لَئِيم.
نَبَّهَ عَلَى عَظَمَته وَقُدْرَته وَأَنَّهُمْ لَوْ رَأَوْا بِقُلُوبِهِمْ وَنَظَرُوا بِبَصَائِرِهِمْ لَعَلِمُوا أَنَّهُ الَّذِي يَسْتَحِقّ أَنْ يُعْبَد ; إِذْ هُوَ الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء.
وَالزَّوْج هُوَ اللَّوْن ; قَالَهُ الْفَرَّاء.
وَ " كَرِيم " حَسَن شَرِيف، وَأَصْل الْكَرَم فِي اللُّغَة الشَّرَف وَالْفَضْل، فَنَخْلَة كَرِيمَة أَيْ فَاضِلَة كَثِيرَة الثَّمَر، وَرَجُل كَرِيم شَرِيف، فَاضِل صَفُوح.
وَنَبَتَتْ الْأَرْض وَأَنْبَتَتْ بِمَعْنًى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة " الْبَقَرَة " وَاَللَّه سُبْحَانه هُوَ الْمُخْرِج وَالْمُنْبِت لَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ : النَّاس مِنْ نَبَات الْأَرْض فَمَنْ صَارَ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّة فَهُوَ كَرِيم، وَمَنْ صَارَ إِلَى النَّار فَهُوَ لَئِيم.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنْبَات فِي الْأَرْض لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَادِر، لَا يُعْجِزهُ شَيْء.
أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنْبَات فِي الْأَرْض لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَادِر، لَا يُعْجِزهُ شَيْء.
وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
أَيْ مُصَدِّقِينَ لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ.
وَ " كَانَ " هُنَا صِلَة فِي قَوْل سِيبَوَيْهِ ; تَقْدِيره : وَمَا أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ.
أَيْ مُصَدِّقِينَ لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ.
وَ " كَانَ " هُنَا صِلَة فِي قَوْل سِيبَوَيْهِ ; تَقْدِيره : وَمَا أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى
" إِذْ " فِي مَوْضِع نَصْب ; الْمَعْنَى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ " إِذْ نَادَى رَبّك مُوسَى " وَيَدُلّ عَلَى هَذَا أَنَّ بَعْده.
" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ إِبْرَاهِيم " [ الشُّعَرَاء : ٦٩ ] ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; وَاذْكُرْ إِذَا نَادَى كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي قَوْله :" وَاذْكُرْ أَخَا عَاد " [ الْأَحْقَاف : ٢١ ] وَقَوْله :" وَاذْكُرْ عِبَادنَا إِبْرَاهِيم " [ ص : ٤٥ ] وَقَوْله :" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب مَرْيَم " [ مَرْيَم : ١٦ ].
وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; " وَإِذْ نَادَى رَبّك مُوسَى " كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وَالنِّدَاء الدُّعَاء بِيَا فُلَان، أَيْ قَالَ رَبّك يَا مُوسَى :
" إِذْ " فِي مَوْضِع نَصْب ; الْمَعْنَى : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ " إِذْ نَادَى رَبّك مُوسَى " وَيَدُلّ عَلَى هَذَا أَنَّ بَعْده.
" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ إِبْرَاهِيم " [ الشُّعَرَاء : ٦٩ ] ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; وَاذْكُرْ إِذَا نَادَى كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي قَوْله :" وَاذْكُرْ أَخَا عَاد " [ الْأَحْقَاف : ٢١ ] وَقَوْله :" وَاذْكُرْ عِبَادنَا إِبْرَاهِيم " [ ص : ٤٥ ] وَقَوْله :" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب مَرْيَم " [ مَرْيَم : ١٦ ].
وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; " وَإِذْ نَادَى رَبّك مُوسَى " كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وَالنِّدَاء الدُّعَاء بِيَا فُلَان، أَيْ قَالَ رَبّك يَا مُوسَى :
أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
ثُمَّ أَخْبَرَ مَنْ هُمْ فَقَالَ، " قَوْم فِرْعَوْن أَلَا يَتَّقُونَ "
ثُمَّ أَخْبَرَ مَنْ هُمْ فَقَالَ، " قَوْم فِرْعَوْن أَلَا يَتَّقُونَ "
قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ
فَ " قَوْم " بَدَل ; وَمَعْنَى " أَلَا يَتَّقُونَ " أَلَا يَخَافُونَ عِقَاب اللَّه ؟ وَقِيلَ : هَذَا مِنْ الْإِيمَاء إِلَى الشَّيْء لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ، وَدَلَّ قَوْله :" يَتَّقُونَ " عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَتَّقُونَ، وَعَلَى أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالتَّقْوَى.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; قُلْ لَهُمْ " أَلَا تَتَّقُونَ " وَجَاءَ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُمْ غُيَّب وَقْت الْخِطَاب، وَلَوْ جَاءَ بِالتَّاءِ لَجَازَ.
وَمِثْله " قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ " [ آلَ عِمْرَانَ : ١٢ ] بِالتَّاءِ وَالْيَاء.
وَقَدْ قَرَأَ عُبَيْد بْن عُمَيْر وَأَبُو حَازِم " أَلَا تَتَّقُونَ " بِتَاءَيْنِ أَيْ قُلْ لَهُمْ " أَلَا تَتَّقُونَ ".
فَ " قَوْم " بَدَل ; وَمَعْنَى " أَلَا يَتَّقُونَ " أَلَا يَخَافُونَ عِقَاب اللَّه ؟ وَقِيلَ : هَذَا مِنْ الْإِيمَاء إِلَى الشَّيْء لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ، وَدَلَّ قَوْله :" يَتَّقُونَ " عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَتَّقُونَ، وَعَلَى أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالتَّقْوَى.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; قُلْ لَهُمْ " أَلَا تَتَّقُونَ " وَجَاءَ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُمْ غُيَّب وَقْت الْخِطَاب، وَلَوْ جَاءَ بِالتَّاءِ لَجَازَ.
وَمِثْله " قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ " [ آلَ عِمْرَانَ : ١٢ ] بِالتَّاءِ وَالْيَاء.
وَقَدْ قَرَأَ عُبَيْد بْن عُمَيْر وَأَبُو حَازِم " أَلَا تَتَّقُونَ " بِتَاءَيْنِ أَيْ قُلْ لَهُمْ " أَلَا تَتَّقُونَ ".
قَالَ رَبِّ
أَيْ قَالَ مُوسَى :
أَيْ قَالَ مُوسَى :
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ
أَيْ فِي الرِّسَالَة وَالنُّبُوَّة.
أَيْ فِي الرِّسَالَة وَالنُّبُوَّة.
وَيَضِيقُ صَدْرِي
لِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة " وَيَضِيق " " وَلَا يَنْطَلِق " بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَاف.
وَقَرَأَ يَعْقُوب وَعِيسَى بْن عَمْرو أَبُو حَيْوَة :" وَيَضِيق - وَلَا يَنْطَلِق " بِالنَّصْبِ فِيهِمَا رَدًّا عَلَى قَوْله :" أَنْ يُكَذِّبُونَ " قَالَ الْكِسَائِيّ : الْقِرَاءَة بِالرَّفْعِ ; يَعْنِي فِي " يَضِيق صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِق لَسَانَى " مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا الِابْتِدَاء وَالْآخَر بِمَعْنَى وَإِنِّي يَضِيق صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِق لِسَانِي يَعْنِي نَسَقًا عَلَى " إِنِّي أَخَاف " قَالَ الْفَرَّاء : وَيُقْرَأ بِالنَّصْبِ.
حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْأَعْرَج وَطَلْحَة وَعِيسَى بْن عُمَر وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْه.
قَالَ النَّحَّاس : الْوَجْه الرَّفْع ; لِأَنَّ النَّصْب عَطْف عَلَى " يُكَذِّبُونَ " وَهَذَا بَعِيد يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ :" وَاحُلَل عُقْدَة مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي " [ طه :
٢٧ - ٢٨ ] فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ كَذَا.
لِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة " وَيَضِيق " " وَلَا يَنْطَلِق " بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَاف.
وَقَرَأَ يَعْقُوب وَعِيسَى بْن عَمْرو أَبُو حَيْوَة :" وَيَضِيق - وَلَا يَنْطَلِق " بِالنَّصْبِ فِيهِمَا رَدًّا عَلَى قَوْله :" أَنْ يُكَذِّبُونَ " قَالَ الْكِسَائِيّ : الْقِرَاءَة بِالرَّفْعِ ; يَعْنِي فِي " يَضِيق صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِق لَسَانَى " مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا الِابْتِدَاء وَالْآخَر بِمَعْنَى وَإِنِّي يَضِيق صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِق لِسَانِي يَعْنِي نَسَقًا عَلَى " إِنِّي أَخَاف " قَالَ الْفَرَّاء : وَيُقْرَأ بِالنَّصْبِ.
حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْأَعْرَج وَطَلْحَة وَعِيسَى بْن عُمَر وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْه.
قَالَ النَّحَّاس : الْوَجْه الرَّفْع ; لِأَنَّ النَّصْب عَطْف عَلَى " يُكَذِّبُونَ " وَهَذَا بَعِيد يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ :" وَاحُلَل عُقْدَة مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي " [ طه :
٢٧ - ٢٨ ] فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ كَذَا.
وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي
فِي الْمُحَاجَّة عَلَى مَا أُحِبّ ; وَكَانَ فِي لِسَانه عُقْدَة عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " طه ".
فِي الْمُحَاجَّة عَلَى مَا أُحِبّ ; وَكَانَ فِي لِسَانه عُقْدَة عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " طه ".
فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ
أَرْسِلْ إِلَيْهِ جِبْرِيل بِالْوَحْيِ، وَاجْعَلْهُ رَسُولًا مَعِي لِيُؤَازِرنِي وَيُظَاهِرنِي وَيُعَاوِننِي.
وَلَمْ يَذْكُر هُنَا لِيُعِينَنِي ; لِأَنَّ الْمَعْنَى كَانَ مَعْلُومًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي سُورَة " طه " :" وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا " [ طه : ٢٩ ] وَفِي الْقَصَص :" أَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقنِي " [ الْقَصَص : ٣٤ ] وَكَأَنَّ مُوسَى أُذِنَ لَهُ فِي هَذَا السُّؤَال، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اِسْتِعْفَاء مِنْ الرِّسَالَة بَلْ طَلَبَ مَنْ يُعِينهُ.
فَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَقِلّ بِأَمْرٍ، وَيَخَاف مِنْ نَفْسه تَقْصِيرًا، أَنْ يَأْخُذ مَنْ يَسْتَعِين بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْحَقهُ فِي ذَلِكَ لَوْم.
أَرْسِلْ إِلَيْهِ جِبْرِيل بِالْوَحْيِ، وَاجْعَلْهُ رَسُولًا مَعِي لِيُؤَازِرنِي وَيُظَاهِرنِي وَيُعَاوِننِي.
وَلَمْ يَذْكُر هُنَا لِيُعِينَنِي ; لِأَنَّ الْمَعْنَى كَانَ مَعْلُومًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي سُورَة " طه " :" وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا " [ طه : ٢٩ ] وَفِي الْقَصَص :" أَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقنِي " [ الْقَصَص : ٣٤ ] وَكَأَنَّ مُوسَى أُذِنَ لَهُ فِي هَذَا السُّؤَال، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اِسْتِعْفَاء مِنْ الرِّسَالَة بَلْ طَلَبَ مَنْ يُعِينهُ.
فَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَقِلّ بِأَمْرٍ، وَيَخَاف مِنْ نَفْسه تَقْصِيرًا، أَنْ يَأْخُذ مَنْ يَسْتَعِين بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْحَقهُ فِي ذَلِكَ لَوْم.
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ
الذَّنْب هُنَا قَتْل الْقِبْطِيّ وَاسْمه فَاثُور عَلَى مَا يَأْتِي فِي " الْقَصَص " بَيَانه، وَقَدْ مَضَى فِي " طه " ذِكْره.
وَخَافَ مُوسَى أَنْ يَقْتُلُوهُ بِهِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَوْف قَدْ يَصْحَب الْأَنْبِيَاء وَالْفُضَلَاء وَالْأَوْلِيَاء مَعَ مَعْرِفَتهمْ بِاَللَّهِ وَأَنْ لَا فَاعِل إِلَّا هُوَ ; إِذْ قَدْ يُسَلِّط مَنْ شَاءَ عَلَى مَنْ شَاءَ
الذَّنْب هُنَا قَتْل الْقِبْطِيّ وَاسْمه فَاثُور عَلَى مَا يَأْتِي فِي " الْقَصَص " بَيَانه، وَقَدْ مَضَى فِي " طه " ذِكْره.
وَخَافَ مُوسَى أَنْ يَقْتُلُوهُ بِهِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَوْف قَدْ يَصْحَب الْأَنْبِيَاء وَالْفُضَلَاء وَالْأَوْلِيَاء مَعَ مَعْرِفَتهمْ بِاَللَّهِ وَأَنْ لَا فَاعِل إِلَّا هُوَ ; إِذْ قَدْ يُسَلِّط مَنْ شَاءَ عَلَى مَنْ شَاءَ
قَالَ كَلَّا
أَيْ كَلَّا لَنْ يَقْتُلُوك.
فَهُوَ رَدْع وَزَجْر عَنْ هَذَا الظَّنّ، وَأَمْر بِالثِّقَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ; أَيْ ثِقْ بِاَللَّهِ وَانْزَجِرْ عَنْ خَوْفك مِنْهُمْ ; فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى قَتْلك، وَلَا يَقْوَوْنَ عَلَيْهِ.
أَيْ كَلَّا لَنْ يَقْتُلُوك.
فَهُوَ رَدْع وَزَجْر عَنْ هَذَا الظَّنّ، وَأَمْر بِالثِّقَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ; أَيْ ثِقْ بِاَللَّهِ وَانْزَجِرْ عَنْ خَوْفك مِنْهُمْ ; فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى قَتْلك، وَلَا يَقْوَوْنَ عَلَيْهِ.
فَاذْهَبَا
أَيْ أَنْتَ وَأَخُوك فَقَدْ جَعَلْته رَسُولًا مَعَك.
أَيْ أَنْتَ وَأَخُوك فَقَدْ جَعَلْته رَسُولًا مَعَك.
بِآيَاتِنَا
أَيْ بِبَرَاهِينِنَا وَبِالْمُعْجِزَاتِ.
وَقِيلَ : أَيْ مَعَ آيَاتنَا.
أَيْ بِبَرَاهِينِنَا وَبِالْمُعْجِزَاتِ.
وَقِيلَ : أَيْ مَعَ آيَاتنَا.
إِنَّا مَعَكُمْ
يُرِيد نَفْسه سُبْحَانه وَتَعَالَى.
يُرِيد نَفْسه سُبْحَانه وَتَعَالَى.
مُسْتَمِعُونَ
أَيْ سَامِعُونَ مَا يَقُولُونَ وَمَا يُجَاوِبُونَ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَقْوِيَة قَلْبَيْهِمَا وَأَنَّهُ يُعِينهُمَا وَيَحْفَظهُمَا.
وَالِاسْتِمَاع إِنَّمَا يَكُون بِالْإِصْغَاءِ، وَلَا يُوصَف الْبَارِي سُبْحَانه بِذَلِكَ.
وَقَدْ وَصَفَ سُبْحَانه نَفْسه بِأَنَّهُ السَّمِيع الْبَصِير.
وَقَالَ فِي " طه " :" أَسْمَع وَأَرَى " [ طه : ٤٦ ] وَقَالَ :" مَعَكُمْ " فَأَجْرَاهُمَا مَجْرَى الْجَمْع ; لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَة.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون لَهُمَا وَلِمَنْ أُرْسِلَا إِلَيْهِ.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون لِجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيل.
أَيْ سَامِعُونَ مَا يَقُولُونَ وَمَا يُجَاوِبُونَ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَقْوِيَة قَلْبَيْهِمَا وَأَنَّهُ يُعِينهُمَا وَيَحْفَظهُمَا.
وَالِاسْتِمَاع إِنَّمَا يَكُون بِالْإِصْغَاءِ، وَلَا يُوصَف الْبَارِي سُبْحَانه بِذَلِكَ.
وَقَدْ وَصَفَ سُبْحَانه نَفْسه بِأَنَّهُ السَّمِيع الْبَصِير.
وَقَالَ فِي " طه " :" أَسْمَع وَأَرَى " [ طه : ٤٦ ] وَقَالَ :" مَعَكُمْ " فَأَجْرَاهُمَا مَجْرَى الْجَمْع ; لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَة.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون لَهُمَا وَلِمَنْ أُرْسِلَا إِلَيْهِ.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون لِجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيل.
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : رَسُول بِمَعْنَى رِسَالَة وَالتَّقْدِير عَلَى هَذَا ; إِنَّا ذَوُو رِسَالَة رَبّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ الْهُذَلِيّ :
أَلِكْنِي إِلَيْهَا مَعْنَاهُ أَرْسِلْنِي.
وَقَالَ آخَر :
آخَر :
وَقَالَ الْعَبَّاس بْن مِرْدَاس :
يَعْنِي رِسَالَة فَلِذَلِكَ أَنَّثَهَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَيَجُوز أَنْ يَكُون الرَّسُول فِي مَعْنَى الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْع ; فَتَقُول الْعَرَب : هَذَا رَسُولِي وَوَكِيلِي، وَهَذَانِ رَسُولِي وَوَكِيلِي، وَهَؤُلَاءِ رَسُولِي وَوَكِيلِي.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي " [ الشُّعَرَاء : ٧٧ ].
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ إِنَّ كُلّ وَاحِد مِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : رَسُول بِمَعْنَى رِسَالَة وَالتَّقْدِير عَلَى هَذَا ; إِنَّا ذَوُو رِسَالَة رَبّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ الْهُذَلِيّ :
أَلِكْنِي إِلَيْهَا وَخَيْر الرَّسُول | أَعْلَمهمْ بِنَوَاحِي الْخَبَر |
وَقَالَ آخَر :
لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْت عِنْدهمْ | بِسِرٍّ وَلَا أَرْسَلْتهمْ بِرَسُولِ |
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي عَمْرو رَسُولًا | بِأَنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيّ |
أَلَا مِنْ مُبَلِّغ عَنِّي خُفَافَا | رَسُولًا بَيْت أَهْلك مُنْتَهَاهَا |
قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَيَجُوز أَنْ يَكُون الرَّسُول فِي مَعْنَى الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْع ; فَتَقُول الْعَرَب : هَذَا رَسُولِي وَوَكِيلِي، وَهَذَانِ رَسُولِي وَوَكِيلِي، وَهَؤُلَاءِ رَسُولِي وَوَكِيلِي.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي " [ الشُّعَرَاء : ٧٧ ].
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ إِنَّ كُلّ وَاحِد مِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ.
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
أَيْ أَطْلِقْهُمْ وَخَلِّ سَبِيلهمْ حَتَّى يَسِيرُوا مَعَنَا إِلَى فِلَسْطِين وَلَا تَسْتَعْبِدهُمْ ; وَكَانَ فِرْعَوْن اِسْتَعْبَدَهُمْ أَرْبَعمِائَةِ سَنَة، وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْت سِتّمِائَةِ أَلْف وَثَلَاثِينَ أَلْفًا.
فَانْطَلَقَا إِلَى فِرْعَوْن فَلَمْ يُؤْذَن لَهُمَا سَنَة فِي الدُّخُول عَلَيْهِ، فَدَخَلَ الْبَوَّاب عَلَى فِرْعَوْن فَقَالَ : هَاهُنَا إِنْسَان يَزْعُم أَنَّهُ رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ.
فَقَالَ فِرْعَوْن : ايذَنْ لَهُ لَعَلَّنَا نَضْحَك مِنْهُ ; فَدَخَلَا عَلَيْهِ وَأَدَّيَا الرِّسَالَة.
وَرَوَى وَهْب وَغَيْره : أَنَّهُمَا لَمَّا دَخَلَا عَلَى فِرْعَوْن وَجَدَاهُ وَقَدْ أَخْرَجَ سِبَاعًا مِنْ أُسْد وَنُمُور وَفُهُود يَتَفَرَّج عَلَيْهَا، فَخَافَ سُوَّاسهَا أَنْ تَبْطِش بِمُوسَى وَهَارُون، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهَا، وَأَسْرَعَتْ السِّبَاع إِلَى مُوسَى وَهَارُون، فَأَقْبَلَتْ تَلْحَس أَقْدَامهمَا، وَتُبَصْبِص إِلَيْهِمَا بِأَذْنَابِهَا، وَتُلْصِق خُدُودهَا بِفَخِذَيْهِمَا، فَعَجِبَ فِرْعَوْن مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا أَنْتُمَا ؟ قَالَا :" إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ " فَعَرَفَ مُوسَى لِأَنَّهُ نَشَأَ فِي بَيْته ;
أَيْ أَطْلِقْهُمْ وَخَلِّ سَبِيلهمْ حَتَّى يَسِيرُوا مَعَنَا إِلَى فِلَسْطِين وَلَا تَسْتَعْبِدهُمْ ; وَكَانَ فِرْعَوْن اِسْتَعْبَدَهُمْ أَرْبَعمِائَةِ سَنَة، وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْت سِتّمِائَةِ أَلْف وَثَلَاثِينَ أَلْفًا.
فَانْطَلَقَا إِلَى فِرْعَوْن فَلَمْ يُؤْذَن لَهُمَا سَنَة فِي الدُّخُول عَلَيْهِ، فَدَخَلَ الْبَوَّاب عَلَى فِرْعَوْن فَقَالَ : هَاهُنَا إِنْسَان يَزْعُم أَنَّهُ رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ.
فَقَالَ فِرْعَوْن : ايذَنْ لَهُ لَعَلَّنَا نَضْحَك مِنْهُ ; فَدَخَلَا عَلَيْهِ وَأَدَّيَا الرِّسَالَة.
وَرَوَى وَهْب وَغَيْره : أَنَّهُمَا لَمَّا دَخَلَا عَلَى فِرْعَوْن وَجَدَاهُ وَقَدْ أَخْرَجَ سِبَاعًا مِنْ أُسْد وَنُمُور وَفُهُود يَتَفَرَّج عَلَيْهَا، فَخَافَ سُوَّاسهَا أَنْ تَبْطِش بِمُوسَى وَهَارُون، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهَا، وَأَسْرَعَتْ السِّبَاع إِلَى مُوسَى وَهَارُون، فَأَقْبَلَتْ تَلْحَس أَقْدَامهمَا، وَتُبَصْبِص إِلَيْهِمَا بِأَذْنَابِهَا، وَتُلْصِق خُدُودهَا بِفَخِذَيْهِمَا، فَعَجِبَ فِرْعَوْن مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا أَنْتُمَا ؟ قَالَا :" إِنَّا رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ " فَعَرَفَ مُوسَى لِأَنَّهُ نَشَأَ فِي بَيْته ;
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا
عَلَى جِهَة الْمَنّ عَلَيْهِ وَالِاحْتِقَار.
أَيْ رَبَّيْنَاك صَغِيرًا وَلَمْ نَقْتُلك فِي جُمْلَة مَنْ قَتَلْنَا
عَلَى جِهَة الْمَنّ عَلَيْهِ وَالِاحْتِقَار.
أَيْ رَبَّيْنَاك صَغِيرًا وَلَمْ نَقْتُلك فِي جُمْلَة مَنْ قَتَلْنَا
وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ
فَمَتَى كَانَ هَذَا الَّذِي تَدَّعِيه.
ثُمَّ قَرَّرَهُ بِقَتْلِ الْقِبْطِيّ
فَمَتَى كَانَ هَذَا الَّذِي تَدَّعِيه.
ثُمَّ قَرَّرَهُ بِقَتْلِ الْقِبْطِيّ
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ
وَالْفَعْلَة بِفَتْحِ الْفَاء الْمَرَّة مِنْ الْفِعْل.
وَقَرَأَ الشَّعْبِيّ :" فِعْلَتك " بِكَسْرِ الْفَاء وَالْفَتْح أَوْلَى ; لِأَنَّهَا الْمَرَّة الْوَاحِدَة، وَالْكَسْر بِمَعْنَى الْهَيْئَة وَالْحَال، أَيْ فَعْلَتك الَّتِي تَعْرِف فَكَيْف تَدَّعِي مَعَ عِلْمنَا أَحْوَالك بِأَنَّ اللَّه أَرْسَلَك.
وَقَالَ الشَّاعِر :
وَيُقَال : كَانَ ذَلِكَ أَيَّام الرِّدَّة وَالرَّدَّة.
وَالْفَعْلَة بِفَتْحِ الْفَاء الْمَرَّة مِنْ الْفِعْل.
وَقَرَأَ الشَّعْبِيّ :" فِعْلَتك " بِكَسْرِ الْفَاء وَالْفَتْح أَوْلَى ; لِأَنَّهَا الْمَرَّة الْوَاحِدَة، وَالْكَسْر بِمَعْنَى الْهَيْئَة وَالْحَال، أَيْ فَعْلَتك الَّتِي تَعْرِف فَكَيْف تَدَّعِي مَعَ عِلْمنَا أَحْوَالك بِأَنَّ اللَّه أَرْسَلَك.
وَقَالَ الشَّاعِر :
كَأَنَّ مِشْيَتهَا مِنْ بَيْت جَارَتهَا | مَرّ السَّحَابَة لَا رَيْث وَلَا عَجَل |
وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ
قَالَ الضَّحَّاك : أَيْ فِي قَتْلك الْقِبْطِيّ إِذْ هُوَ نَفْس لَا يَحِلّ قَتْله.
وَقِيلَ : أَيْ بِنِعْمَتِي الَّتِي كَانَتْ لَنَا عَلَيْك مِنْ التَّرْبِيَة وَالْإِحْسَان إِلَيْك ; قَالَهُ اِبْن زَيْد.
الْحَسَن :" مِنْ الْكَافِرِينَ " فِي أَنِّي إِلَهك.
السُّدِّيّ :" مِنْ الْكَافِرِينَ " بِاَللَّهِ لِأَنَّك كُنْت مَعَنَا عَلَى دِيننَا هَذَا الَّذِي تَعِيبهُ.
وَكَانَ بَيْن خُرُوج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَتَلَ الْقِبْطِيّ وَبَيْن رُجُوعه نَبِيًّا أَحَد عَشَر عَامًا غَيْر أَشْهُر.
قَالَ الضَّحَّاك : أَيْ فِي قَتْلك الْقِبْطِيّ إِذْ هُوَ نَفْس لَا يَحِلّ قَتْله.
وَقِيلَ : أَيْ بِنِعْمَتِي الَّتِي كَانَتْ لَنَا عَلَيْك مِنْ التَّرْبِيَة وَالْإِحْسَان إِلَيْك ; قَالَهُ اِبْن زَيْد.
الْحَسَن :" مِنْ الْكَافِرِينَ " فِي أَنِّي إِلَهك.
السُّدِّيّ :" مِنْ الْكَافِرِينَ " بِاَللَّهِ لِأَنَّك كُنْت مَعَنَا عَلَى دِيننَا هَذَا الَّذِي تَعِيبهُ.
وَكَانَ بَيْن خُرُوج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَتَلَ الْقِبْطِيّ وَبَيْن رُجُوعه نَبِيًّا أَحَد عَشَر عَامًا غَيْر أَشْهُر.
قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا
أَيْ فَعَلْت تِلْكَ الْفَعْلَة يُرِيد قَتْل الْقِبْطِيّ
أَيْ فَعَلْت تِلْكَ الْفَعْلَة يُرِيد قَتْل الْقِبْطِيّ
وَأَنَا
إِذْ ذَاكَ
إِذْ ذَاكَ
مِنَ الضَّالِّينَ
أَيْ مِنْ الْجَاهِلِينَ ; فَنَفَى عَنْ نَفْسه الْكُفْر، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْجَهْل.
وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد ; " مِنْ الضَّالِّينَ " مِنْ الْجَاهِلِينَ.
اِبْن زَيْد : مِنْ الْجَاهِلِينَ بِأَنَّ الْوَكْزَة تَبْلُغ الْقَتْل.
وَفِي مُصْحَف عَبْد اللَّه " مِنْ الْجَاهِلِينَ " وَيُقَال لِمَنْ جَهِلَ شَيْئًا ضَلَّ عَنْهُ.
وَقِيلَ :" وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ " مِنْ النَّاسِينَ ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة.
وَقِيلَ :" وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ " عَنْ النُّبُوَّة وَلَمْ يَأْتِنِي عَنْ اللَّه فِيهِ شَيْء، فَلَيْسَ عَلَيَّ فِيمَا فَعَلْته فِي تِلْكَ الْحَالَة تَوْبِيخ.
وَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ التَّرْبِيَة فِيهِمْ لَا تُنَافِي النُّبُوَّة وَالْحِلْم عَلَى النَّاس، وَأَنَّ الْقَتْل خَطَأ أَوْ فِي وَقْت لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْع لَا يُنَافِي النُّبُوَّة.
أَيْ مِنْ الْجَاهِلِينَ ; فَنَفَى عَنْ نَفْسه الْكُفْر، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْجَهْل.
وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد ; " مِنْ الضَّالِّينَ " مِنْ الْجَاهِلِينَ.
اِبْن زَيْد : مِنْ الْجَاهِلِينَ بِأَنَّ الْوَكْزَة تَبْلُغ الْقَتْل.
وَفِي مُصْحَف عَبْد اللَّه " مِنْ الْجَاهِلِينَ " وَيُقَال لِمَنْ جَهِلَ شَيْئًا ضَلَّ عَنْهُ.
وَقِيلَ :" وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ " مِنْ النَّاسِينَ ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة.
وَقِيلَ :" وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ " عَنْ النُّبُوَّة وَلَمْ يَأْتِنِي عَنْ اللَّه فِيهِ شَيْء، فَلَيْسَ عَلَيَّ فِيمَا فَعَلْته فِي تِلْكَ الْحَالَة تَوْبِيخ.
وَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ التَّرْبِيَة فِيهِمْ لَا تُنَافِي النُّبُوَّة وَالْحِلْم عَلَى النَّاس، وَأَنَّ الْقَتْل خَطَأ أَوْ فِي وَقْت لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْع لَا يُنَافِي النُّبُوَّة.
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ
أَيْ خَرَجْت مِنْ بَيْنكُمْ إِلَى مَدْيَن كَمَا فِي سُورَة " الْقَصَص " :" فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب " [ الْقَصَص : ٢١ ] وَذَلِكَ حِين الْقَتْل.
أَيْ خَرَجْت مِنْ بَيْنكُمْ إِلَى مَدْيَن كَمَا فِي سُورَة " الْقَصَص " :" فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّب " [ الْقَصَص : ٢١ ] وَذَلِكَ حِين الْقَتْل.
فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ
يَعْنِي النُّبُوَّة ; عَنْ السُّدِّيّ وَغَيْره.
الزَّجَّاج : تَعْلِيم التَّوْرَاة الَّتِي فِيهَا حُكْم اللَّه.
وَقِيلَ : عِلْمًا وَفَهْمًا.
يَعْنِي النُّبُوَّة ; عَنْ السُّدِّيّ وَغَيْره.
الزَّجَّاج : تَعْلِيم التَّوْرَاة الَّتِي فِيهَا حُكْم اللَّه.
وَقِيلَ : عِلْمًا وَفَهْمًا.
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
اِخْتَلَفَ النَّاس
ِي مَعْنَى هَذَا الْكَلَام ; فَقَالَ السُّدِّيّ وَالطَّبَرِيّ وَالْفَرَّاء : هَذَا الْكَلَام مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى جِهَة الْإِقْرَار بِالنِّعْمَةِ ; كَأَنَّهُ يَقُول : نَعَمْ ؟ وَتَرْبِيَتك نِعْمَة عَلَيَّ مِنْ حَيْثُ عَبَّدْت غَيْرِي وَتَرَكْتنِي، وَلَكِنْ لَا يَدْفَع ذَلِكَ رِسَالَتِي.
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى جِهَة الْإِنْكَار ; أَيْ أَتَمُنُّ عَلَيَّ بِأَنْ رَبَّيْتنِي وَلِيدًا وَأَنْتَ قَدْ اِسْتَعْبَدْت بَنِي إِسْرَائِيل وَقَتَلْتهمْ ؟ ! أَيْ لَيْسَتْ بِنِعْمَةٍ ؟ لِأَنَّ الْوَاجِب كَانَ أَلَّا تَقْتُلهُمْ وَلَا تَسْتَعْبِدهُمْ فَإِنَّهُمْ قَوْمِي ; فَكَيْف تَذْكُر إِحْسَانك إِلَيَّ عَلَى الْخُصُوص ؟ ! قَالَ مَعْنَاهُ قَتَادَة وَغَيْره.
وَقِيلَ : فِيهِ تَقْدِير اِسْتِفْهَام ; أَيْ أَوَتِلْكَ نِعْمَة ؟ قَالَهُ الْأَخْفَش وَالْفَرَّاء أَيْضًا وَأَنْكَرَهُ النَّحَّاس وَغَيْره.
قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا لَا يَجُوز لِأَنَّ أَلِف الِاسْتِفْهَام تُحْدِث مَعْنًى، وَحَذْفهَا مُحَال إِلَّا أَنْ يَكُون فِي الْكَلَام أَمْ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
تَرُوح مِنْ الْحَيّ أَمْ تَبْتَكِر
وَلَا أَعْلَم بَيْن النَّحْوِيِّينَ اِخْتِلَافًا فِي هَذَا إِلَّا شَيْئًا قَالَهُ الْفَرَّاء.
قَالَ : يَجُوز أَلِف الِاسْتِفْهَام فِي أَفْعَال الشَّكّ، وَحُكِيَ تَرَى زَيْدًا مُنْطَلِقًا ؟ بِمَعْنَى أَتَرَى.
وَكَانَ عَلِيّ بْن سُلَيْمَان يَقُول فِي هَذَا : إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ أَلْفَاظ الْعَامَّة.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : قَالَ الْفَرَّاء وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا إِنْكَار قَالَ مَعْنَاهُ أَوَتِلْكَ نِعْمَة ؟ عَلَى طَرِيق الِاسْتِفْهَام ; كَقَوْلِهِ :" هَذَا رَبِّي " [ الْأَنْعَام : ٧٦ ] " فَهُمْ الْخَالِدُونَ " [ الْأَنْبِيَاء : ٣٤ ].
قَالَ الشَّاعِر :
وَأَنْشَدَ الْغَزْنَوِيّ شَاهِدًا عَلَى تَرْك الْأَلِف قَوْلهمْ :
وَقَوْلهَا وَالرِّكَاب وَاقِفَة /و تَرَكْتنِي هَكَذَا وَتَنْطَلِق
قُلْت : فَفِي هَذَا حَذْف أَلِف الِاسْتِفْهَام مَعَ عَدَم أَمْ خِلَاف قَوْل النَّحَّاس.
وَقَالَ الضَّحَّاك : إِنَّ الْكَلَام خَرَجَ مَخْرَج التَّبْكِيت وَالتَّبْكِيت يَكُون، بِاسْتِفْهَامٍ وَبِغَيْرِ اِسْتِفْهَام ; وَالْمَعْنَى : لَوْ.
لَمْ تَقْتُل بَنِي إِسْرَائِيل لَرَبَّانِي أَبَوَايَ ; فَأَيّ نِعْمَة لَك عَلَيَّ ! فَأَنْتَ تَمُنّ عَلَيَّ بِمَا لَا يَجِب أَنْ تَمُنّ بِهِ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ كَيْف تَمُنّ بِالتَّرْبِيَةِ وَقَدْ أَهَنْت قَوْمِي ؟ وَمَنْ أُهِينَ قَوْمه ذَلَّ.
وَ " أَنْ عَبَّدْت " فِي مَوْضِع رَفْع عَلَى الْبَدَل مِنْ " نِعْمَة " وَيَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع نَصْب بِمَعْنَى : لِأَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل ; أَيْ اِتَّخَذْتهمْ عَبِيدًا.
يُقَال : عَبَّدْته وَأَعْبَدْته بِمَعْنًى ; قَالَهُ الْفَرَّاء وَأَنْشَدَ :
عَلَامَ يُعْبِدنِي قَوْمِي وَقَدْ كَثُرَتْ /و فِيهِمْ أَبَاعِر مَا شَاءُوا وَعِبْدَان
اِخْتَلَفَ النَّاس
ِي مَعْنَى هَذَا الْكَلَام ; فَقَالَ السُّدِّيّ وَالطَّبَرِيّ وَالْفَرَّاء : هَذَا الْكَلَام مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى جِهَة الْإِقْرَار بِالنِّعْمَةِ ; كَأَنَّهُ يَقُول : نَعَمْ ؟ وَتَرْبِيَتك نِعْمَة عَلَيَّ مِنْ حَيْثُ عَبَّدْت غَيْرِي وَتَرَكْتنِي، وَلَكِنْ لَا يَدْفَع ذَلِكَ رِسَالَتِي.
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى جِهَة الْإِنْكَار ; أَيْ أَتَمُنُّ عَلَيَّ بِأَنْ رَبَّيْتنِي وَلِيدًا وَأَنْتَ قَدْ اِسْتَعْبَدْت بَنِي إِسْرَائِيل وَقَتَلْتهمْ ؟ ! أَيْ لَيْسَتْ بِنِعْمَةٍ ؟ لِأَنَّ الْوَاجِب كَانَ أَلَّا تَقْتُلهُمْ وَلَا تَسْتَعْبِدهُمْ فَإِنَّهُمْ قَوْمِي ; فَكَيْف تَذْكُر إِحْسَانك إِلَيَّ عَلَى الْخُصُوص ؟ ! قَالَ مَعْنَاهُ قَتَادَة وَغَيْره.
وَقِيلَ : فِيهِ تَقْدِير اِسْتِفْهَام ; أَيْ أَوَتِلْكَ نِعْمَة ؟ قَالَهُ الْأَخْفَش وَالْفَرَّاء أَيْضًا وَأَنْكَرَهُ النَّحَّاس وَغَيْره.
قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا لَا يَجُوز لِأَنَّ أَلِف الِاسْتِفْهَام تُحْدِث مَعْنًى، وَحَذْفهَا مُحَال إِلَّا أَنْ يَكُون فِي الْكَلَام أَمْ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
تَرُوح مِنْ الْحَيّ أَمْ تَبْتَكِر
وَلَا أَعْلَم بَيْن النَّحْوِيِّينَ اِخْتِلَافًا فِي هَذَا إِلَّا شَيْئًا قَالَهُ الْفَرَّاء.
قَالَ : يَجُوز أَلِف الِاسْتِفْهَام فِي أَفْعَال الشَّكّ، وَحُكِيَ تَرَى زَيْدًا مُنْطَلِقًا ؟ بِمَعْنَى أَتَرَى.
وَكَانَ عَلِيّ بْن سُلَيْمَان يَقُول فِي هَذَا : إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ أَلْفَاظ الْعَامَّة.
قَالَ الثَّعْلَبِيّ : قَالَ الْفَرَّاء وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا إِنْكَار قَالَ مَعْنَاهُ أَوَتِلْكَ نِعْمَة ؟ عَلَى طَرِيق الِاسْتِفْهَام ; كَقَوْلِهِ :" هَذَا رَبِّي " [ الْأَنْعَام : ٧٦ ] " فَهُمْ الْخَالِدُونَ " [ الْأَنْبِيَاء : ٣٤ ].
قَالَ الشَّاعِر :
رَفَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِد لَا تُرَع | فَقُلْت وَأَنْكَرْت الْوُجُوه هُمُ هُمُ |
لَمْ أَنْسَ يَوْم الرَّحِيل وَقَفْتهَا | وَجَفْنهَا مِنْ دُمُوعهَا شَرِق |
قُلْت : فَفِي هَذَا حَذْف أَلِف الِاسْتِفْهَام مَعَ عَدَم أَمْ خِلَاف قَوْل النَّحَّاس.
وَقَالَ الضَّحَّاك : إِنَّ الْكَلَام خَرَجَ مَخْرَج التَّبْكِيت وَالتَّبْكِيت يَكُون، بِاسْتِفْهَامٍ وَبِغَيْرِ اِسْتِفْهَام ; وَالْمَعْنَى : لَوْ.
لَمْ تَقْتُل بَنِي إِسْرَائِيل لَرَبَّانِي أَبَوَايَ ; فَأَيّ نِعْمَة لَك عَلَيَّ ! فَأَنْتَ تَمُنّ عَلَيَّ بِمَا لَا يَجِب أَنْ تَمُنّ بِهِ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ كَيْف تَمُنّ بِالتَّرْبِيَةِ وَقَدْ أَهَنْت قَوْمِي ؟ وَمَنْ أُهِينَ قَوْمه ذَلَّ.
وَ " أَنْ عَبَّدْت " فِي مَوْضِع رَفْع عَلَى الْبَدَل مِنْ " نِعْمَة " وَيَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع نَصْب بِمَعْنَى : لِأَنْ عَبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيل ; أَيْ اِتَّخَذْتهمْ عَبِيدًا.
يُقَال : عَبَّدْته وَأَعْبَدْته بِمَعْنًى ; قَالَهُ الْفَرَّاء وَأَنْشَدَ :
عَلَامَ يُعْبِدنِي قَوْمِي وَقَدْ كَثُرَتْ /و فِيهِمْ أَبَاعِر مَا شَاءُوا وَعِبْدَان
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ
لَمَّا غَلَبَ مُوسَى فِرْعَوْن بِالْحُجَّةِ وَلَمْ يَجِد اللَّعِين مِنْ تَقْرِيره عَلَى التَّرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ حُجَّة رَجَعَ إِلَى مُعَارَضَة مُوسَى فِي قَوْله : رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ ; فَاسْتَفْهَمَهُ اِسْتِفْهَامًا عَنْ مَجْهُول مِنْ الْأَشْيَاء.
قَالَ مَكِّيّ وَغَيْره : كَمَا يُسْتَفْهَم عَنْ الْأَجْنَاس فَلِذَلِكَ اِسْتَفْهَمَ بِ " مَا ".
قَالَ مَكِّيّ : وَقَدْ وَرَدَ لَهُ اِسْتِفْهَام بِ " مَنْ " فِي مَوْضِع آخَر وَيُشْبِه أَنَّهَا مَوَاطِن ; فَأَتَى مُوسَى بِالصِّفَاتِ الدَّالَّة عَلَى اللَّه مِنْ مَخْلُوقَاته الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا مَخْلُوق، وَقَدْ سَأَلَ فِرْعَوْن عَنْ الْجِنْس وَلَا جِنْس لِلَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ الْأَجْنَاس مُحْدَثَة، فَعَلِمَ مُوسَى جَهْله فَأَضْرَبَ عَنْ سُؤَاله وَأَعْلَمَهُ بِعَظِيمِ قُدْرَة اللَّه الَّتِي تُبَيِّن لِلسَّامِعِ أَنَّهُ لَا مُشَارَكَة لِفِرْعَوْنَ فِيهَا.
لَمَّا غَلَبَ مُوسَى فِرْعَوْن بِالْحُجَّةِ وَلَمْ يَجِد اللَّعِين مِنْ تَقْرِيره عَلَى التَّرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ حُجَّة رَجَعَ إِلَى مُعَارَضَة مُوسَى فِي قَوْله : رَسُول رَبّ الْعَالَمِينَ ; فَاسْتَفْهَمَهُ اِسْتِفْهَامًا عَنْ مَجْهُول مِنْ الْأَشْيَاء.
قَالَ مَكِّيّ وَغَيْره : كَمَا يُسْتَفْهَم عَنْ الْأَجْنَاس فَلِذَلِكَ اِسْتَفْهَمَ بِ " مَا ".
قَالَ مَكِّيّ : وَقَدْ وَرَدَ لَهُ اِسْتِفْهَام بِ " مَنْ " فِي مَوْضِع آخَر وَيُشْبِه أَنَّهَا مَوَاطِن ; فَأَتَى مُوسَى بِالصِّفَاتِ الدَّالَّة عَلَى اللَّه مِنْ مَخْلُوقَاته الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا مَخْلُوق، وَقَدْ سَأَلَ فِرْعَوْن عَنْ الْجِنْس وَلَا جِنْس لِلَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ الْأَجْنَاس مُحْدَثَة، فَعَلِمَ مُوسَى جَهْله فَأَضْرَبَ عَنْ سُؤَاله وَأَعْلَمَهُ بِعَظِيمِ قُدْرَة اللَّه الَّتِي تُبَيِّن لِلسَّامِعِ أَنَّهُ لَا مُشَارَكَة لِفِرْعَوْنَ فِيهَا.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ
فَقَالَ فِرْعَوْن :" أَلَا تَسْتَمِعُونَ " عَلَى مَعْنَى الْإِغْرَاء وَالتَّعَجُّب مِنْ سَفَه الْمَقَالَة إِذْ كَانَتْ عَقِيدَة الْقَوْم أَنَّ فِرْعَوْن رَبّهمْ وَمَعْبُودهمْ وَالْفَرَاعِنَة قَبْله كَذَلِكَ.
فَقَالَ فِرْعَوْن :" أَلَا تَسْتَمِعُونَ " عَلَى مَعْنَى الْإِغْرَاء وَالتَّعَجُّب مِنْ سَفَه الْمَقَالَة إِذْ كَانَتْ عَقِيدَة الْقَوْم أَنَّ فِرْعَوْن رَبّهمْ وَمَعْبُودهمْ وَالْفَرَاعِنَة قَبْله كَذَلِكَ.
قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
فَزَادَ مُوسَى فِي الْبَيَان بِقَوْلِهِ :" رَبّكُمْ وَرَبّ آبَائِكُمْ الْأَوَّلِينَ " فَجَاءَ بِدَلِيلٍ يَفْهَمُونَهُ عَنْهُ ; لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ آبَاء وَأَنَّهُمْ قَدْ فَنُوا وَأَنَّهُ لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُغَيِّر، وَأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا بَعْد أَنْ لَمْ يَكُونُوا، وَأَنَّهُمْ لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُكَوِّن.
فَقَالَ فِرْعَوْن حِينَئِذٍ عَلَى جِهَة الِاسْتِخْفَاف :
فَزَادَ مُوسَى فِي الْبَيَان بِقَوْلِهِ :" رَبّكُمْ وَرَبّ آبَائِكُمْ الْأَوَّلِينَ " فَجَاءَ بِدَلِيلٍ يَفْهَمُونَهُ عَنْهُ ; لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ آبَاء وَأَنَّهُمْ قَدْ فَنُوا وَأَنَّهُ لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُغَيِّر، وَأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا بَعْد أَنْ لَمْ يَكُونُوا، وَأَنَّهُمْ لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُكَوِّن.
فَقَالَ فِرْعَوْن حِينَئِذٍ عَلَى جِهَة الِاسْتِخْفَاف :
قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ
أَيْ لَيْسَ يُجِيبنِي عَمَّا أَسْأَل ; فَأَجَابَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَنْ هَذَا بِأَنْ قَالَ :" رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب "
أَيْ لَيْسَ يُجِيبنِي عَمَّا أَسْأَل ; فَأَجَابَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَنْ هَذَا بِأَنْ قَالَ :" رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب "
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
أَيْ لَيْسَ مُلْكه كَمُلْكِك ; لِأَنَّك إِنَّمَا تَمْلِك بَلَدًا وَاحِدًا لَا يَجُوز أَمْرك فِي غَيْره، وَيَمُوت مَنْ لَا تُحِبّ أَنْ يَمُوت، وَاَلَّذِي أَرْسَلَنِي يَمْلِك الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ;
أَيْ لَيْسَ مُلْكه كَمُلْكِك ; لِأَنَّك إِنَّمَا تَمْلِك بَلَدًا وَاحِدًا لَا يَجُوز أَمْرك فِي غَيْره، وَيَمُوت مَنْ لَا تُحِبّ أَنْ يَمُوت، وَاَلَّذِي أَرْسَلَنِي يَمْلِك الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ;
وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
وَقِيلَ عَلِمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ قَصْده فِي السُّؤَال مَعْرِفَة مَنْ سَأَلَ عَنْهُ، فَأَجَابَ بِمَا هُوَ الطَّرِيق إِلَى مَعْرِفَة الرَّبّ الْيَوْم.
ثُمَّ لَمَّا اِنْقَطَعَ فِرْعَوْن لَعَنَهُ اللَّه فِي بَاب الْحُجَّة رَجَعَ إِلَى الِاسْتِعْلَاء وَالتَّغَلُّب فَتَوَعَّدَ مُوسَى بِالسَّجْنِ، وَلَمْ يَقُلْ مَا دَلِيلك عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِلَه أَرْسَلَك ; لِأَنَّ فِيهِ الِاعْتِرَاف بِأَنَّ ثَمَّ إِلَهًا غَيْره.
وَقِيلَ عَلِمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ قَصْده فِي السُّؤَال مَعْرِفَة مَنْ سَأَلَ عَنْهُ، فَأَجَابَ بِمَا هُوَ الطَّرِيق إِلَى مَعْرِفَة الرَّبّ الْيَوْم.
ثُمَّ لَمَّا اِنْقَطَعَ فِرْعَوْن لَعَنَهُ اللَّه فِي بَاب الْحُجَّة رَجَعَ إِلَى الِاسْتِعْلَاء وَالتَّغَلُّب فَتَوَعَّدَ مُوسَى بِالسَّجْنِ، وَلَمْ يَقُلْ مَا دَلِيلك عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِلَه أَرْسَلَك ; لِأَنَّ فِيهِ الِاعْتِرَاف بِأَنَّ ثَمَّ إِلَهًا غَيْره.
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ
وَفِي تَوَعُّده بِالسَّجْنِ ضَعْف.
وَكَانَ فِيمَا يُرْوَى أَنَّهُ يَفْزَع مِنْهُ فَزَعًا شَدِيدًا حَتَّى كَانَ اللَّعِين لَا يُمْسِك بَوْله.
وَرُوِيَ أَنَّ سَجْنه كَانَ أَشَدّ مِنْ الْقَتْل.
وَكَانَ إِذَا سَجَنَ أَحَدًا لَمْ يُخْرِجهُ مِنْ سَجْنه حَتَّى يَمُوت، فَكَانَ مَخُوفًا.
ثُمَّ لَمَّا كَانَ عِنْد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ أَمْر اللَّه تَعَالَى مَا لَا يَرُعْهُ تَوَعَّدَ فِرْعَوْن " قَالَ " لَهُ عَلَى جِهَة اللُّطْف بِهِ وَالطَّمَع فِي إِيمَانه :
وَفِي تَوَعُّده بِالسَّجْنِ ضَعْف.
وَكَانَ فِيمَا يُرْوَى أَنَّهُ يَفْزَع مِنْهُ فَزَعًا شَدِيدًا حَتَّى كَانَ اللَّعِين لَا يُمْسِك بَوْله.
وَرُوِيَ أَنَّ سَجْنه كَانَ أَشَدّ مِنْ الْقَتْل.
وَكَانَ إِذَا سَجَنَ أَحَدًا لَمْ يُخْرِجهُ مِنْ سَجْنه حَتَّى يَمُوت، فَكَانَ مَخُوفًا.
ثُمَّ لَمَّا كَانَ عِنْد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ أَمْر اللَّه تَعَالَى مَا لَا يَرُعْهُ تَوَعَّدَ فِرْعَوْن " قَالَ " لَهُ عَلَى جِهَة اللُّطْف بِهِ وَالطَّمَع فِي إِيمَانه :
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ
فَيَتَّضِح لَك بِهِ صِدْقِي، فَلَمَّا سَمِعَ فِرْعَوْن ذَلِكَ طَمِعَ فِي أَنْ يَجِد أَثْنَاءَهُ مَوْضِع مُعَارَضَة " فَقَالَ " لَهُ " فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ "
فَيَتَّضِح لَك بِهِ صِدْقِي، فَلَمَّا سَمِعَ فِرْعَوْن ذَلِكَ طَمِعَ فِي أَنْ يَجِد أَثْنَاءَهُ مَوْضِع مُعَارَضَة " فَقَالَ " لَهُ " فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ "
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
وَلَمْ يَحْتَجْ الشَّرْط إِلَى جَوَاب عِنْد سِيبَوَيْهِ ; لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يَكْفِي مِنْهُ.
وَلَمْ يَحْتَجْ الشَّرْط إِلَى جَوَاب عِنْد سِيبَوَيْهِ ; لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يَكْفِي مِنْهُ.
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ
مِنْ يَده فَكَانَ مَا أَخْبَرَ اللَّه مِنْ قِصَّته.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ وَشَرْحه فِي " الْأَعْرَاف " إِلَى آخِر الْقِصَّة.
مِنْ يَده فَكَانَ مَا أَخْبَرَ اللَّه مِنْ قِصَّته.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِكَ وَشَرْحه فِي " الْأَعْرَاف " إِلَى آخِر الْقِصَّة.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
لا يوجد تفسير لهذه الأية
قَالُوا لَا ضَيْرَ
وَقَالَ السَّحَرَة لَمَّا تَوَعَّدَهُمْ فِرْعَوْن بِقَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل " قَالُو لَا ضَيْر " أَيْ لَا ضَرَر عَلَيْنَا فِيمَا يَلْحَقنَا مِنْ عَذَاب الدُّنْيَا ; أَيْ إِنَّمَا عَذَابك سَاعَة فَنَصْبِر لَهَا وَقَدْ لَقِينَا اللَّه مُؤْمِنِينَ.
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى شِدَّة اِسْتِبْصَارهمْ وَقُوَّة إِيمَانهمْ.
قَالَ مَالِك : دَعَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِرْعَوْن أَرْبَعِينَ سَنَة إِلَى الْإِسْلَام، وَأَنَّ السَّحَرَة آمَنُوا بِهِ فِي يَوْم وَاحِد.
يُقَال : لَا ضَيْر وَلَا ضَوْر وَلَا ضَرّ وَلَا ضَرَر وَلَا ضَارُورَة بِمَعْنًى وَاحِد ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَة :
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : ضَارَهُ يَضُورهُ وَيَضِيرهُ ضَيْرًا وَضَوْرًا أَيْ ضَرَّهُ.
قَالَ الْكِسَائِيّ : سَمِعْت بَعْضهمْ يَقُول لَا يَنْفَعنِي ذَلِكَ وَلَا يَضُورنِي.
وَالتَّضَوُّر الصِّيَاح وَالتَّلَوِّي عِنْد الضَّرْب أَوْ الْجُوع.
وَالضُّورَة بِالضَّمِّ الرَّجُل الْحَقِير الصَّغِير الشَّأْن.
وَقَالَ السَّحَرَة لَمَّا تَوَعَّدَهُمْ فِرْعَوْن بِقَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل " قَالُو لَا ضَيْر " أَيْ لَا ضَرَر عَلَيْنَا فِيمَا يَلْحَقنَا مِنْ عَذَاب الدُّنْيَا ; أَيْ إِنَّمَا عَذَابك سَاعَة فَنَصْبِر لَهَا وَقَدْ لَقِينَا اللَّه مُؤْمِنِينَ.
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى شِدَّة اِسْتِبْصَارهمْ وَقُوَّة إِيمَانهمْ.
قَالَ مَالِك : دَعَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِرْعَوْن أَرْبَعِينَ سَنَة إِلَى الْإِسْلَام، وَأَنَّ السَّحَرَة آمَنُوا بِهِ فِي يَوْم وَاحِد.
يُقَال : لَا ضَيْر وَلَا ضَوْر وَلَا ضَرّ وَلَا ضَرَر وَلَا ضَارُورَة بِمَعْنًى وَاحِد ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَة :
فَإِنَّك لَا يَضُورك بَعْد حَوْل | أَظَبْي كَانَ أُمّك أَمْ حِمَار |
قَالَ الْكِسَائِيّ : سَمِعْت بَعْضهمْ يَقُول لَا يَنْفَعنِي ذَلِكَ وَلَا يَضُورنِي.
وَالتَّضَوُّر الصِّيَاح وَالتَّلَوِّي عِنْد الضَّرْب أَوْ الْجُوع.
وَالضُّورَة بِالضَّمِّ الرَّجُل الْحَقِير الصَّغِير الشَّأْن.
إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ
يُرِيد نَتَقَلَّب إِلَى رَبّ كَرِيم رَحِيم
يُرِيد نَتَقَلَّب إِلَى رَبّ كَرِيم رَحِيم
إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ
" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب، أَيْ لِأَنْ كُنَّا.
وَأَجَازَ الْفَرَّاء كَسْرهَا عَلَى أَنْ تَكُون مُجَازَاة.
وَمَعْنَى " أَوَّل الْمُؤْمِنِينَ " أَيْ عِنْد ظُهُور الْآيَة مِمَّنْ كَانَ فِي جَانِب فِرْعَوْن.
الْفَرَّاء : أَوَّل مُؤْمِنِي زَمَاننَا.
وَأَنْكَرَهُ الزَّجَّاج وَقَالَ : قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ آمَنَ مَعَهُ سِتّمِائَةِ أَلْف وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَهُمْ الشِّرْذِمَة الْقَلِيلُونَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ فِرْعَوْن :" إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ " رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَغَيْره.
" أَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب، أَيْ لِأَنْ كُنَّا.
وَأَجَازَ الْفَرَّاء كَسْرهَا عَلَى أَنْ تَكُون مُجَازَاة.
وَمَعْنَى " أَوَّل الْمُؤْمِنِينَ " أَيْ عِنْد ظُهُور الْآيَة مِمَّنْ كَانَ فِي جَانِب فِرْعَوْن.
الْفَرَّاء : أَوَّل مُؤْمِنِي زَمَاننَا.
وَأَنْكَرَهُ الزَّجَّاج وَقَالَ : قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ آمَنَ مَعَهُ سِتّمِائَةِ أَلْف وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَهُمْ الشِّرْذِمَة الْقَلِيلُونَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ فِرْعَوْن :" إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَة قَلِيلُونَ " رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَغَيْره.
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ
لَمَّا كَانَ مِنْ سُنَّته تَعَالَى فِي عِبَاده إِنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِينَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، الْمُعْتَرِفِينَ بِرِسَالَةِ رُسُله وَأَنْبِيَائِهِ، وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِ، أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَخْرُج بِبَنِي إِسْرَائِيل لَيْلًا وَسَمَّاهُمْ عِبَاده ; لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُوسَى.
وَمَعْنَى " إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ " أَيْ يَتَّبِعكُمْ فِرْعَوْن وَقَوْمه لِيَرُدُّوكُمْ.
وَفِي ضِمْن هَذَا الْكَلَام تَعْرِيفهمْ أَنَّ اللَّه يُنْجِيهِمْ مِنْهُمْ ; فَخَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِبَنِي إِسْرَائِيل سَحَرًا، فَتَرَكَ الطَّرِيق إِلَى الشَّام عَلَى يَسَاره وَتَوَجَّهَ نَحْو الْبَحْر، فَكَانَ الرَّجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَقُول لَهُ فِي تَرْك الطَّرِيق فَيَقُول : هَكَذَا أُمِرْت.
لَمَّا كَانَ مِنْ سُنَّته تَعَالَى فِي عِبَاده إِنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِينَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، الْمُعْتَرِفِينَ بِرِسَالَةِ رُسُله وَأَنْبِيَائِهِ، وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِ، أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَخْرُج بِبَنِي إِسْرَائِيل لَيْلًا وَسَمَّاهُمْ عِبَاده ; لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُوسَى.
وَمَعْنَى " إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ " أَيْ يَتَّبِعكُمْ فِرْعَوْن وَقَوْمه لِيَرُدُّوكُمْ.
وَفِي ضِمْن هَذَا الْكَلَام تَعْرِيفهمْ أَنَّ اللَّه يُنْجِيهِمْ مِنْهُمْ ; فَخَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِبَنِي إِسْرَائِيل سَحَرًا، فَتَرَكَ الطَّرِيق إِلَى الشَّام عَلَى يَسَاره وَتَوَجَّهَ نَحْو الْبَحْر، فَكَانَ الرَّجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَقُول لَهُ فِي تَرْك الطَّرِيق فَيَقُول : هَكَذَا أُمِرْت.
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ
فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْن وَعَلِمَ بِسُرَى مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيل، خَرَجَ فِي أَثَرهمْ، وَبَعَثَ إِلَى مَدَائِن مِصْر لِتَلْحَقهُ الْعَسَاكِر، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَحِقَهُ وَمَعَهُ مِائَة أَلْف أَدْهَم مِنْ الْخَيْل سِوَى سَائِر الْأَلْوَان.
وَرُوِيَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل كَانُوا سِتّمِائَةِ أَلْف وَسَبْعِينَ أَلْفًا.
وَاَللَّه أَعْلَم بِصِحَّتِهِ.
وَإِنَّمَا اللَّازِم مِنْ الْآيَة الَّذِي يُقْطَع بِهِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام خَرَجَ بِجَمْعٍ عَظِيم مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَأَنَّ فِرْعَوْن تَبِعَهُ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ.
قَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ مَعَ فِرْعَوْن أَلْف جَبَّار كُلّهمْ عَلَيْهِ تَاج وَكُلّهمْ أَمِير خَيْل.
فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْن وَعَلِمَ بِسُرَى مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيل، خَرَجَ فِي أَثَرهمْ، وَبَعَثَ إِلَى مَدَائِن مِصْر لِتَلْحَقهُ الْعَسَاكِر، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَحِقَهُ وَمَعَهُ مِائَة أَلْف أَدْهَم مِنْ الْخَيْل سِوَى سَائِر الْأَلْوَان.
وَرُوِيَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل كَانُوا سِتّمِائَةِ أَلْف وَسَبْعِينَ أَلْفًا.
وَاَللَّه أَعْلَم بِصِحَّتِهِ.
وَإِنَّمَا اللَّازِم مِنْ الْآيَة الَّذِي يُقْطَع بِهِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام خَرَجَ بِجَمْعٍ عَظِيم مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَأَنَّ فِرْعَوْن تَبِعَهُ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ.
قَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ مَعَ فِرْعَوْن أَلْف جَبَّار كُلّهمْ عَلَيْهِ تَاج وَكُلّهمْ أَمِير خَيْل.
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ
وَالشِّرْذِمَة الْجَمْع الْقَلِيل الْمُحْتَقَر وَالْجَمْع الشَّرَاذِم.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : الشِّرْذِمَة الطَّائِفَة مِنْ النَّاس وَالْقِطْعَة مِنْ الشَّيْء.
وَثَوْب شَرَاذِم أَيْ قِطَع.
وَأَنْشَدَ الثَّعْلَبِيّ قَوْل الرَّاجِز :
النَّوَّاق مِنْ الرِّجَال الَّذِي يُرَوِّض الْأُمُور وَيُصْلِحهَا ; قَالَهُ فِي الصِّحَاح.
وَاللَّام فِي قَوْله " لَشِرْذِمَة " لَام تَوْكِيد وَكَثِيرًا مَا تَدْخُل فِي خَبَر إِنَّ، إِلَّا أَنَّ الْكُوفِيِّينَ لَا يُجِيزُونَ إِنَّ زَيْدًا لَسَوْفَ يَقُوم.
وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ جَائِز قَوْله تَعَالَى :" فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ " وَهَذِهِ لَام التَّوْكِيد بِعَيْنِهَا وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَى سَوْفَ ; قَالَهُ النَّحَّاس.
وَالشِّرْذِمَة الْجَمْع الْقَلِيل الْمُحْتَقَر وَالْجَمْع الشَّرَاذِم.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : الشِّرْذِمَة الطَّائِفَة مِنْ النَّاس وَالْقِطْعَة مِنْ الشَّيْء.
وَثَوْب شَرَاذِم أَيْ قِطَع.
وَأَنْشَدَ الثَّعْلَبِيّ قَوْل الرَّاجِز :
جَاءَ الشِّتَاء وَثِيَابِي أَخْلَاق | شَرَاذِم يَضْحَك مِنْهَا النَّوَّاق |
وَاللَّام فِي قَوْله " لَشِرْذِمَة " لَام تَوْكِيد وَكَثِيرًا مَا تَدْخُل فِي خَبَر إِنَّ، إِلَّا أَنَّ الْكُوفِيِّينَ لَا يُجِيزُونَ إِنَّ زَيْدًا لَسَوْفَ يَقُوم.
وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ جَائِز قَوْله تَعَالَى :" فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ " وَهَذِهِ لَام التَّوْكِيد بِعَيْنِهَا وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَى سَوْفَ ; قَالَهُ النَّحَّاس.
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ
أَيْ أَعْدَاء لَنَا لِمُخَالَفَتِهِمْ دِيننَا وَذَهَابهمْ بِأَمْوَالِنَا الَّتِي اِسْتَعَارُوهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَمَاتَتْ أَبْكَارهمْ تِلْكَ اللَّيْلَة.
وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف " وَ " طه " مُسْتَوْفًى.
يُقَال : غَاظَنِي كَذَا وَأَغَاظَنِي.
وَالْغَيْظ الْغَضَب وَمِنْهُ التَّغَيُّظ وَالِاغْتِيَاظ.
أَيْ غَاظُونَا بِخُرُوجِهِمْ مِنْ غَيْر إِذْن.
أَيْ أَعْدَاء لَنَا لِمُخَالَفَتِهِمْ دِيننَا وَذَهَابهمْ بِأَمْوَالِنَا الَّتِي اِسْتَعَارُوهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَمَاتَتْ أَبْكَارهمْ تِلْكَ اللَّيْلَة.
وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف " وَ " طه " مُسْتَوْفًى.
يُقَال : غَاظَنِي كَذَا وَأَغَاظَنِي.
وَالْغَيْظ الْغَضَب وَمِنْهُ التَّغَيُّظ وَالِاغْتِيَاظ.
أَيْ غَاظُونَا بِخُرُوجِهِمْ مِنْ غَيْر إِذْن.
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ
أَيْ مُجْتَمَع مُسْتَعِدّ أَخَذْنَا حَذَرنَا وَأَسْلِحَتنَا.
وَقُرِئَ :" حَاذِرُونَ " وَمَعْنَاهُ مَعْنَى " حَذِرُونَ " أَيْ فَرِقُونَ خَائِفُونَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَقُرِئَ " وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونِ " وَ " حَذِرُونَ " وَ " حَذُرُونَ " بِضَمِّ الذَّال حَكَاهُ الْأَخْفَش ; وَمَعْنَى :" حَاذِرُونَ " مُتَأَهِّبُونَ، وَمَعْنَى :" حَذِرُونَ " خَائِفُونَ.
قَالَ النَّحَّاس :" حَذِرُونَ " قِرَاءَة الْمَدَنِيِّينَ وَأَبِي عَمْرو، وَقِرَاءَة أَهْل الْكُوفَة :" حَاذِرُونَ " وَهِيَ مَعْرُوفَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس ; وَ " حَادِرُونَ " بِالدَّالِ غَيْر الْمُعْجَمَة قِرَاءَة أَبِي عَبَّاد وَحَكَاهَا الْمَهْدَوِيّ عَنْ اِبْن أَبِي عَمَّار، وَالْمَاوَرْدِيّ وَالثَّعْلَبِيّ عَنْ سُمَيْط بْن عَجْلَان.
قَالَ النَّحَّاس : أَبُو عُبَيْدَة يَذْهَب إِلَى أَنَّ مَعْنَى " حَذِرُونَ " " وَحَاذِرُونَ " وَاحِد.
وَهُوَ قَوْل سِيبَوَيْهِ وَأَجَازَ : هُوَ حَذِر زَيْدًا ; كَمَا يُقَال : حَاذِر زَيْدًا، وَأَنْشَدَ :
وَزَعَمَ أَبُو عُمَر الْجِرْمِيّ أَنَّهُ يَجُوز هُوَ حَذِر زَيْدًا عَلَى حَذْف مِنْ.
فَأَمَّا أَكْثَر النَّحْوِيِّينَ فَيُفَرَّقُونَ بَيْن حَذِر وَحَاذِر ; مِنْهُمْ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء وَمُحَمَّد بْن يَزِيد ; فَيَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ مَعْنَى حَذِر فِي خِلْقَته الْحَذَر، أَيْ مُتَيَقِّظ مُتَنَبِّه، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَمَعْنَى حَاذِر مُسْتَعِدّ وَبِهَذَا جَاءَ التَّفْسِير عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ.
قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :" وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ " قَالَ : مُؤْدُونَ فِي السِّلَاح وَالْكُرَاع مُقْوُونَ، فَهَذَا ذَاكَ بِعَيْنِهِ.
وَقَوْله : مُؤْدُونَ مَعَهُمْ أَدَاة.
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى : مَعَنَا سِلَاح وَلَيْسَ مَعَهُمْ سِلَاح يُحَرِّضهُمْ عَلَى الْقِتَال ; فَأَمَّا " حَادِرُونَ " بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة فَمُشْتَقّ مِنْ قَوْلهمْ عَيْن حَدْرَة أَيْ مُمْتَلِئَة ; أَيْ نَحْنُ مُمْتَلِئُونَ غَيْظًا عَلَيْهِمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
وَحَكَى أَهْل اللُّغَة أَنَّهُ يُقَال : رَجُل حَادِر إِذَا كَانَ مُمْتَلِئ اللَّحْم ; فَيَجُوز أَنْ يَكُون الْمَعْنَى الِامْتِلَاء مِنْ السِّلَاح.
الْمَهْدَوِيّ : الْحَادِر الْقَوِيّ الشَّدِيد.
أَيْ مُجْتَمَع مُسْتَعِدّ أَخَذْنَا حَذَرنَا وَأَسْلِحَتنَا.
وَقُرِئَ :" حَاذِرُونَ " وَمَعْنَاهُ مَعْنَى " حَذِرُونَ " أَيْ فَرِقُونَ خَائِفُونَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَقُرِئَ " وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونِ " وَ " حَذِرُونَ " وَ " حَذُرُونَ " بِضَمِّ الذَّال حَكَاهُ الْأَخْفَش ; وَمَعْنَى :" حَاذِرُونَ " مُتَأَهِّبُونَ، وَمَعْنَى :" حَذِرُونَ " خَائِفُونَ.
قَالَ النَّحَّاس :" حَذِرُونَ " قِرَاءَة الْمَدَنِيِّينَ وَأَبِي عَمْرو، وَقِرَاءَة أَهْل الْكُوفَة :" حَاذِرُونَ " وَهِيَ مَعْرُوفَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس ; وَ " حَادِرُونَ " بِالدَّالِ غَيْر الْمُعْجَمَة قِرَاءَة أَبِي عَبَّاد وَحَكَاهَا الْمَهْدَوِيّ عَنْ اِبْن أَبِي عَمَّار، وَالْمَاوَرْدِيّ وَالثَّعْلَبِيّ عَنْ سُمَيْط بْن عَجْلَان.
قَالَ النَّحَّاس : أَبُو عُبَيْدَة يَذْهَب إِلَى أَنَّ مَعْنَى " حَذِرُونَ " " وَحَاذِرُونَ " وَاحِد.
وَهُوَ قَوْل سِيبَوَيْهِ وَأَجَازَ : هُوَ حَذِر زَيْدًا ; كَمَا يُقَال : حَاذِر زَيْدًا، وَأَنْشَدَ :
حَذِر أُمُورًا لَا تَضِير وَآمِن | مَا لَيْسَ مُنْجِيه مِنْ الْأَقْدَار |
فَأَمَّا أَكْثَر النَّحْوِيِّينَ فَيُفَرَّقُونَ بَيْن حَذِر وَحَاذِر ; مِنْهُمْ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء وَمُحَمَّد بْن يَزِيد ; فَيَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ مَعْنَى حَذِر فِي خِلْقَته الْحَذَر، أَيْ مُتَيَقِّظ مُتَنَبِّه، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَمَعْنَى حَاذِر مُسْتَعِدّ وَبِهَذَا جَاءَ التَّفْسِير عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ.
قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :" وَإِنَّا لَجَمِيع حَاذِرُونَ " قَالَ : مُؤْدُونَ فِي السِّلَاح وَالْكُرَاع مُقْوُونَ، فَهَذَا ذَاكَ بِعَيْنِهِ.
وَقَوْله : مُؤْدُونَ مَعَهُمْ أَدَاة.
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى : مَعَنَا سِلَاح وَلَيْسَ مَعَهُمْ سِلَاح يُحَرِّضهُمْ عَلَى الْقِتَال ; فَأَمَّا " حَادِرُونَ " بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة فَمُشْتَقّ مِنْ قَوْلهمْ عَيْن حَدْرَة أَيْ مُمْتَلِئَة ; أَيْ نَحْنُ مُمْتَلِئُونَ غَيْظًا عَلَيْهِمْ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
وَعَيْن لَهَا حَدْرَة بَدْرَة | شُقَّتْ مَآقِيهمَا مِنْ أُخَر |
الْمَهْدَوِيّ : الْحَادِر الْقَوِيّ الشَّدِيد.
فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
يَعْنِي مِنْ أَرْض مِصْر.
وَعَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ : كَانَتْ الْجَنَّات بِحَافَّتَيْ النِّيل فِي الشُّقَّتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ أُسْوَان إِلَى رَشِيد، وَبَيْن الْجَنَّات زُرُوع.
وَالنِّيل سَبْعَة خِلْجَان : خَلِيج الْإِسْكَنْدَرِيَّة، وَخَلِيج سَخَا، وَخَلِيج دِمْيَاط، وَخَلِيج سَرْدُوس، وَخَلِيج مَنْف، وَخَلِيج الْفَيَّوم، وَخَلِيج الْمَنْهَى مُتَّصِلَة لَا يَنْقَطِع مِنْهَا شَيْء عَنْ شَيْء، وَالزُّرُوع مَا بَيْن الْخِلْجَان كُلّهَا.
وَكَانَتْ أَرْض مِصْر كُلّهَا تُرْوَى مِنْ سِتَّة عَشَر ذِرَاعًا بِمَا دَبَّرُوا وَقَدَّرُوا مِنْ قَنَاطِرهَا وَجُسُورهَا وَخُلْجَانهَا ; وَلِذُلِّك سُمِّيَ النِّيل إِذَا غَلَّقَ سِتَّة عَشْر ذِرَاعًا نِيل السُّلْطَان، وَيُخْلَع عَلَى اِبْن أَبِي الرَّدَّاد ; وَهَذِهِ الْحَال مُسْتَمِرَّة إِلَى الْآن.
وَإِنَّمَا قِيلَ نِيل السُّلْطَان لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِب الْخَرَاج عَلَى النَّاس.
وَكَانَتْ أَرْض مِصْر جَمِيعهَا تُرْوَى مِنْ إِصْبَع وَاحِدَة مِنْ سَبْعَة عَشْر ذِرَاعًا، وَكَانَتْ إِذَا غُلِقَ النِّيل سَبْعَة عَشَر ذِرَاعًا وَنُودِيَ عَلَيْهِ إِصْبَع وَاحِد مِنْ ثَمَانِيَة عَشَر ذِرَاعًا، اِزْدَادَ فِي خَرَاجهَا أَلْف أَلْف دِينَار.
فَإِذَا خَرَجَ.
عَنْ ذَلِكَ وَنُودِيَ عَلَيْهِ إِصْبَعًا وَاحِدًا مِنْ تِسْعَة عَشَر ذِرَاعًا نَقَصَ خَرَاجهَا أَلْف أَلْف دِينَار.
وَسَبَب هَذَا مَا كَانَ يَنْصَرِف فِي الْمَصَالِح وَالْخِلْجَان وَالْجُسُور وَالِاهْتِمَام بِعِمَارَتِهَا.
فَأَمَّا الْآن فَإِنَّ أَكْثَرهَا لَا يُرْوَى حَتَّى يُنَادَى إِصْبَع مِنْ تِسْعَة عَشَر ذِرَاعًا بِمِقْيَاسِ مِصْر.
وَأَمَّا أَعْمَال الصَّعِيد الْأَعْلَى، فَإِنَّ بِهَا مَا لَا يَتَكَامَل رَيّه إِلَّا بَعْد دُخُول الْمَاء فِي الذِّرَاع الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ بِالصَّعِيدِ الْأَعْلَى.
قُلْت : أَمَّا أَرْض مِصْر فَلَا تُرْوَى جَمِيعهَا الْآن إِلَّا مِنْ عِشْرِينَ ذِرَاعًا وَأَصَابِع ; لِعُلُوِّ الْأَرْض وَعَدَم الِاهْتِمَام بِعِمَارَةِ جُسُورهَا، وَهُوَ مِنْ عَجَائِب الدُّنْيَا ; وَذَلِكَ أَنَّهُ يَزِيد إِذَا اِنْصَبَّتْ الْمِيَاه فِي جَمِيع الْأَرْض حَتَّى يَسِيح عَلَى جَمِيع أَرْض مِصْر، وَتَبْقَى الْبِلَاد كَالْأَعْلَامِ لَا يُوصَل إِلَيْهَا إِلَّا بِالْمَرَاكِبِ وَالْقِيَاسَات.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص أَنَّهُ قَالَ : نِيل مِصْر سَيِّد الْأَنْهَار، سَخَّرَ اللَّه لَهُ كُلّ نَهْر بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب، وَذَلَّلَ اللَّه لَهُ الْأَنْهَار ; فَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُجْرِي نِيل مِصْر أَمَرَ كُلّ نَهْر أَنْ يَمُدّهُ، فَأَمَدَّتْهُ الْأَنْهَار بِمَائِهَا، وَفَجَّرَ اللَّه لَهُ عُيُونًا، فَإِذَا اِنْتَهَى إِلَى مَا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أَوْحَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى كُلّ مَاء أَنْ يَرْجِع إِلَى عُنْصُره.
يَعْنِي مِنْ أَرْض مِصْر.
وَعَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ : كَانَتْ الْجَنَّات بِحَافَّتَيْ النِّيل فِي الشُّقَّتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ أُسْوَان إِلَى رَشِيد، وَبَيْن الْجَنَّات زُرُوع.
وَالنِّيل سَبْعَة خِلْجَان : خَلِيج الْإِسْكَنْدَرِيَّة، وَخَلِيج سَخَا، وَخَلِيج دِمْيَاط، وَخَلِيج سَرْدُوس، وَخَلِيج مَنْف، وَخَلِيج الْفَيَّوم، وَخَلِيج الْمَنْهَى مُتَّصِلَة لَا يَنْقَطِع مِنْهَا شَيْء عَنْ شَيْء، وَالزُّرُوع مَا بَيْن الْخِلْجَان كُلّهَا.
وَكَانَتْ أَرْض مِصْر كُلّهَا تُرْوَى مِنْ سِتَّة عَشَر ذِرَاعًا بِمَا دَبَّرُوا وَقَدَّرُوا مِنْ قَنَاطِرهَا وَجُسُورهَا وَخُلْجَانهَا ; وَلِذُلِّك سُمِّيَ النِّيل إِذَا غَلَّقَ سِتَّة عَشْر ذِرَاعًا نِيل السُّلْطَان، وَيُخْلَع عَلَى اِبْن أَبِي الرَّدَّاد ; وَهَذِهِ الْحَال مُسْتَمِرَّة إِلَى الْآن.
وَإِنَّمَا قِيلَ نِيل السُّلْطَان لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِب الْخَرَاج عَلَى النَّاس.
وَكَانَتْ أَرْض مِصْر جَمِيعهَا تُرْوَى مِنْ إِصْبَع وَاحِدَة مِنْ سَبْعَة عَشْر ذِرَاعًا، وَكَانَتْ إِذَا غُلِقَ النِّيل سَبْعَة عَشَر ذِرَاعًا وَنُودِيَ عَلَيْهِ إِصْبَع وَاحِد مِنْ ثَمَانِيَة عَشَر ذِرَاعًا، اِزْدَادَ فِي خَرَاجهَا أَلْف أَلْف دِينَار.
فَإِذَا خَرَجَ.
عَنْ ذَلِكَ وَنُودِيَ عَلَيْهِ إِصْبَعًا وَاحِدًا مِنْ تِسْعَة عَشَر ذِرَاعًا نَقَصَ خَرَاجهَا أَلْف أَلْف دِينَار.
وَسَبَب هَذَا مَا كَانَ يَنْصَرِف فِي الْمَصَالِح وَالْخِلْجَان وَالْجُسُور وَالِاهْتِمَام بِعِمَارَتِهَا.
فَأَمَّا الْآن فَإِنَّ أَكْثَرهَا لَا يُرْوَى حَتَّى يُنَادَى إِصْبَع مِنْ تِسْعَة عَشَر ذِرَاعًا بِمِقْيَاسِ مِصْر.
وَأَمَّا أَعْمَال الصَّعِيد الْأَعْلَى، فَإِنَّ بِهَا مَا لَا يَتَكَامَل رَيّه إِلَّا بَعْد دُخُول الْمَاء فِي الذِّرَاع الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ بِالصَّعِيدِ الْأَعْلَى.
قُلْت : أَمَّا أَرْض مِصْر فَلَا تُرْوَى جَمِيعهَا الْآن إِلَّا مِنْ عِشْرِينَ ذِرَاعًا وَأَصَابِع ; لِعُلُوِّ الْأَرْض وَعَدَم الِاهْتِمَام بِعِمَارَةِ جُسُورهَا، وَهُوَ مِنْ عَجَائِب الدُّنْيَا ; وَذَلِكَ أَنَّهُ يَزِيد إِذَا اِنْصَبَّتْ الْمِيَاه فِي جَمِيع الْأَرْض حَتَّى يَسِيح عَلَى جَمِيع أَرْض مِصْر، وَتَبْقَى الْبِلَاد كَالْأَعْلَامِ لَا يُوصَل إِلَيْهَا إِلَّا بِالْمَرَاكِبِ وَالْقِيَاسَات.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص أَنَّهُ قَالَ : نِيل مِصْر سَيِّد الْأَنْهَار، سَخَّرَ اللَّه لَهُ كُلّ نَهْر بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب، وَذَلَّلَ اللَّه لَهُ الْأَنْهَار ; فَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُجْرِي نِيل مِصْر أَمَرَ كُلّ نَهْر أَنْ يَمُدّهُ، فَأَمَدَّتْهُ الْأَنْهَار بِمَائِهَا، وَفَجَّرَ اللَّه لَهُ عُيُونًا، فَإِذَا اِنْتَهَى إِلَى مَا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أَوْحَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى كُلّ مَاء أَنْ يَرْجِع إِلَى عُنْصُره.
وَقَالَ قَيْس بْن الْحَجَّاج : لَمَّا اُفْتُتِحَتْ مِصْر أَتَى أَهْلهَا إِلَى عَمْرو بْن الْعَاص حِين دَخَلَ بَئُونَة مِنْ أَشْهُر الْقِبْط فَقَالُوا لَهُ : أَيّهَا الْأَمِير إِنَّ لِنِيلِنَا هَذَا سُنَّة لَا يَجْرِي إِلَّا بِهَا، فَقَالَ لَهُمْ : وَمَا ذَاكَ ؟ فَقَالُوا : إِذَا كَانَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَة لَيْلَة تَخْلُو مِنْ هَذَا الشَّهْر عَمَدْنَا إِلَى جَارِيَة بِكْر بَيْن أَبَوَيْهَا ; أَرْضَيْنَا أَبَوَيْهَا، وَحَمَلْنَا عَلَيْهَا مِنْ الْحُلِيّ وَالثِّيَاب أَفْضَل مَا يَكُون، ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا فِي هَذَا النِّيل ; فَقَالَ لَهُمْ عَمْرو : هَذَا لَا يَكُون فِي الْإِسْلَام ; وَإِنَّ الْإِسْلَام لَيَهْدِم مَا قَبْله.
فَأَقَامُوا أَبِيب وَمِسْرَى لَا يَجْرِي قَلِيل وَلَا كَثِير، وَهَمُّوا بِالْجَلَاءِ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرو بْن الْعَاص كَتَبَ إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، فَأَعْلَمَهُ بِالْقِصَّةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَر بْن الْخَطَّاب : إِنَّك قَدْ أَصَبْت بِاَلَّذِي فَعَلْت، وَأَنَّ الْإِسْلَام يَهْدِم مَا قَبْله وَلَا يَكُون هَذَا.
وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِبِطَاقَةٍ فِي دَاخِل كِتَابه.
وَكَتَبَ إِلَى عَمْرو : إِنِّي قَدْ بَعَثْت إِلَيْك بِبِطَاقَةٍ دَاخِل كِتَابِي، فَأَلْقِهَا فِي النِّيل إِذَا أَتَاك كِتَابِي.
فَلَمَّا قَدِمَ كِتَاب عُمَر إِلَى عَمْرو بْن الْعَاص أَخَذَ الْبِطَاقَة فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا : مِنْ عَبْد اللَّه أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر إِلَى نِيل مِصْر - أَمَّا بَعْد - فَإِنْ كُنْت إِنَّمَا تَجْرِي مِنْ قِبَلك فَلَا تَجْرِ وَإِنْ كَانَ اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار هُوَ الَّذِي يُجْرِيك فَنَسْأَل اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار أَنْ يُجْرِيك.
قَالَ : فَأَلْقَى الْبِطَاقَة فِي النِّيل قَبْل الصَّلِيب بِيَوْمٍ وَقَدْ تَهَيَّأَ أَهْل مِصْر لِلْجَلَاءِ وَالْخُرُوج مِنْهَا ; لِأَنَّهُ لَا تَقُوم مَصْلَحَتهمْ فِيهَا إِلَّا بِالنِّيلِ.
فَلَمَّا أَلْقَى الْبِطَاقَة فِي النِّيل، أَصْبَحُوا يَوْم الصَّلِيب وَقَدْ أَجْرَاهُ اللَّه فِي لَيْلَة وَاحِدَة سِتَّة عَشَر ذِرَاعًا، وَقَطَعَ اللَّه تِلْكَ السِّيرَة عَنْ أَهْل مِصْر مِنْ تِلْكَ السَّنَة.
قَالَ كَعْب الْأَحْبَار : أَرْبَعَة أَنْهَار مِنْ الْجَنَّة وَضَعَهَا اللَّه فِي الدُّنْيَا سَيْحَان وَجَيْحَان وَالنِّيل وَالْفُرَات، فَسَيْحَان نَهْر الْمَاء فِي الْجَنَّة، وَجَيْحَان نَهَر اللَّبَن فِي الْجَنَّة، وَالنِّيل نَهْر الْعَسَل فِي الْجَنَّة، وَالْفُرَات نَهْر الْخَمْر فِي الْجَنَّة.
وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة : الدِّجْلَة نَهْر اللَّبَن فِي الْجَنَّة.
قُلْت : الَّذِي فِي الصَّحِيح مِنْ هَذَا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( سَيْحَان وَجَيْحَان وَالنِّيل وَالْفُرَات كُلّ مِنْ أَنْهَار الْجَنَّة ) لَفْظ مُسْلِم وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء مِنْ حَدِيث أَنَس بْن مَالِك عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة رَجُل مِنْ قَوْمه قَالَ :( وَحَدَّثَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَة أَنْهَار يَخْرُج مِنْ أَصْلهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ فَقُلْت يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ الْأَنْهَار قَالَ أَمَّا النَّهَرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّة وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيل وَالْفُرَات ) لَفْظ مُسْلِم.
فَأَقَامُوا أَبِيب وَمِسْرَى لَا يَجْرِي قَلِيل وَلَا كَثِير، وَهَمُّوا بِالْجَلَاءِ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرو بْن الْعَاص كَتَبَ إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، فَأَعْلَمَهُ بِالْقِصَّةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَر بْن الْخَطَّاب : إِنَّك قَدْ أَصَبْت بِاَلَّذِي فَعَلْت، وَأَنَّ الْإِسْلَام يَهْدِم مَا قَبْله وَلَا يَكُون هَذَا.
وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِبِطَاقَةٍ فِي دَاخِل كِتَابه.
وَكَتَبَ إِلَى عَمْرو : إِنِّي قَدْ بَعَثْت إِلَيْك بِبِطَاقَةٍ دَاخِل كِتَابِي، فَأَلْقِهَا فِي النِّيل إِذَا أَتَاك كِتَابِي.
فَلَمَّا قَدِمَ كِتَاب عُمَر إِلَى عَمْرو بْن الْعَاص أَخَذَ الْبِطَاقَة فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا : مِنْ عَبْد اللَّه أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر إِلَى نِيل مِصْر - أَمَّا بَعْد - فَإِنْ كُنْت إِنَّمَا تَجْرِي مِنْ قِبَلك فَلَا تَجْرِ وَإِنْ كَانَ اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار هُوَ الَّذِي يُجْرِيك فَنَسْأَل اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار أَنْ يُجْرِيك.
قَالَ : فَأَلْقَى الْبِطَاقَة فِي النِّيل قَبْل الصَّلِيب بِيَوْمٍ وَقَدْ تَهَيَّأَ أَهْل مِصْر لِلْجَلَاءِ وَالْخُرُوج مِنْهَا ; لِأَنَّهُ لَا تَقُوم مَصْلَحَتهمْ فِيهَا إِلَّا بِالنِّيلِ.
فَلَمَّا أَلْقَى الْبِطَاقَة فِي النِّيل، أَصْبَحُوا يَوْم الصَّلِيب وَقَدْ أَجْرَاهُ اللَّه فِي لَيْلَة وَاحِدَة سِتَّة عَشَر ذِرَاعًا، وَقَطَعَ اللَّه تِلْكَ السِّيرَة عَنْ أَهْل مِصْر مِنْ تِلْكَ السَّنَة.
قَالَ كَعْب الْأَحْبَار : أَرْبَعَة أَنْهَار مِنْ الْجَنَّة وَضَعَهَا اللَّه فِي الدُّنْيَا سَيْحَان وَجَيْحَان وَالنِّيل وَالْفُرَات، فَسَيْحَان نَهْر الْمَاء فِي الْجَنَّة، وَجَيْحَان نَهَر اللَّبَن فِي الْجَنَّة، وَالنِّيل نَهْر الْعَسَل فِي الْجَنَّة، وَالْفُرَات نَهْر الْخَمْر فِي الْجَنَّة.
وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة : الدِّجْلَة نَهْر اللَّبَن فِي الْجَنَّة.
قُلْت : الَّذِي فِي الصَّحِيح مِنْ هَذَا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( سَيْحَان وَجَيْحَان وَالنِّيل وَالْفُرَات كُلّ مِنْ أَنْهَار الْجَنَّة ) لَفْظ مُسْلِم وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء مِنْ حَدِيث أَنَس بْن مَالِك عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة رَجُل مِنْ قَوْمه قَالَ :( وَحَدَّثَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَة أَنْهَار يَخْرُج مِنْ أَصْلهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ فَقُلْت يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ الْأَنْهَار قَالَ أَمَّا النَّهَرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّة وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيل وَالْفُرَات ) لَفْظ مُسْلِم.
وَقَالَ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق شَرِيك عَنْ أَنَس ( فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بِنَهْرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيل قَالَ هَذَا النِّيل وَالْفُرَات عُنْصُرهمَا ثُمَّ مَضَى فِي السَّمَاء فَإِذَا هُوَ بِنَهْرٍ آخَر عَلَيْهِ قَصْر مِنْ اللُّؤْلُؤ وَالزَّبَرْجَد فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَإِذَا هُوَ مِسْك أَذْفَر فَقَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيل فَقَالَ هَذَا هُوَ الْكَوْثَر الَّذِي خَبَّأَ لَك رَبّك.
) وَذَكَرَ الْحَدِيث.
وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْعُيُونِ عُيُون الْمَاء.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْمُرَاد عُيُون الذَّهَب.
وَفِي الدُّخَان " كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات وَعُيُون.
وَزُرُوع " [ الدُّخَان :
٢٦ - ٢٧ ].
قِيلَ : إِنَّهُمْ كَانُوا يَزْرَعُونَ مَا بَيْن الْجَبَلَيْنِ مِنْ أَوَّل مِصْر إِلَى آخِرهَا.
وَلَيْسَ فِي الدُّخَان " وَكُنُوز ".
) وَذَكَرَ الْحَدِيث.
وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْعُيُونِ عُيُون الْمَاء.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْمُرَاد عُيُون الذَّهَب.
وَفِي الدُّخَان " كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات وَعُيُون.
وَزُرُوع " [ الدُّخَان :
٢٦ - ٢٧ ].
قِيلَ : إِنَّهُمْ كَانُوا يَزْرَعُونَ مَا بَيْن الْجَبَلَيْنِ مِنْ أَوَّل مِصْر إِلَى آخِرهَا.
وَلَيْسَ فِي الدُّخَان " وَكُنُوز ".
وَكُنُوزٍ
جَمْع كَنْز ; وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَة " بَرَاءَة ".
وَالْمُرَاد بِهَا هَاهُنَا الْخَزَائِن.
وَقِيلَ : الدَّفَائِن.
وَقَالَ الضَّحَّاك : الْأَنْهَار ; وَفِيهِ نَظَر ; لِأَنَّ الْعُيُون تَشْمَلهَا.
جَمْع كَنْز ; وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَة " بَرَاءَة ".
وَالْمُرَاد بِهَا هَاهُنَا الْخَزَائِن.
وَقِيلَ : الدَّفَائِن.
وَقَالَ الضَّحَّاك : الْأَنْهَار ; وَفِيهِ نَظَر ; لِأَنَّ الْعُيُون تَشْمَلهَا.
وَمَقَامٍ كَرِيمٍ
قَالَ اِبْن عُمَر وَاِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : الْمَقَام الْكَرِيم الْمَنَابِر ; وَكَانَتْ أَلْف مِنْبَر لِأَلْفِ جَبَّار يُعَظِّمُونَ عَلَيْهَا فِرْعَوْن وَمُلْكه.
وَقِيلَ : مَجَالِس الرُّؤَسَاء وَالْأُمَرَاء ; حَكَاهُ اِبْن عِيسَى وَهُوَ قَرِيب مِنْ الْأَوَّل.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْمَسَاكِن الْحِسَان.
وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة : سَمِعْت أَنَّ الْمَقَام الْكَرِيم الْفَيُّوم.
وَقِيلَ : كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَدْ كَتَبَ عَلَى مَجْلِس مِنْ مَجَالِسه ( لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيل اللَّه ) فَسَمَّاهَا اللَّه كَرِيمَة بِهَذَا.
وَقِيلَ : مَرَابِط الْخَيْل لِتَفَرُّدِ الزُّعَمَاء بِارْتِبَاطِهَا عُدَّة وَزِينَة ; فَصَارَ مَقَامهَا أَكْرَم مَنْزِل بِهَذَا ; ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَالْأَظْهَر أَنَّهَا الْمَسَاكِن الْحِسَان كَانَتْ تُكَرَّم عَلَيْهِمْ.
وَالْمَقَام فِي اللُّغَة يَكُون الْمَوْضِع وَيَكُون مَصْدَرًا.
قَالَ النَّحَّاس : الْمَقَام فِي اللُّغَة الْمَوْضِع ; مِنْ قَوْلك قَامَ يَقُوم، وَكَذَا الْمَقَامَات وَاحِدهَا مُقَامَة ; كَمَا قَالَ :
وَالْمَقَام أَيْضًا الْمَصْدَر مِنْ قَامَ يَقُوم.
وَالْمُقَام ( بِالضَّمِّ ) الْمَوْضِع مِنْ أَقَامَ.
وَالْمَصْدَر أَيْضًا مِنْ أَقَامَ يُقِيم.
قَالَ اِبْن عُمَر وَاِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : الْمَقَام الْكَرِيم الْمَنَابِر ; وَكَانَتْ أَلْف مِنْبَر لِأَلْفِ جَبَّار يُعَظِّمُونَ عَلَيْهَا فِرْعَوْن وَمُلْكه.
وَقِيلَ : مَجَالِس الرُّؤَسَاء وَالْأُمَرَاء ; حَكَاهُ اِبْن عِيسَى وَهُوَ قَرِيب مِنْ الْأَوَّل.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْمَسَاكِن الْحِسَان.
وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة : سَمِعْت أَنَّ الْمَقَام الْكَرِيم الْفَيُّوم.
وَقِيلَ : كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَدْ كَتَبَ عَلَى مَجْلِس مِنْ مَجَالِسه ( لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيل اللَّه ) فَسَمَّاهَا اللَّه كَرِيمَة بِهَذَا.
وَقِيلَ : مَرَابِط الْخَيْل لِتَفَرُّدِ الزُّعَمَاء بِارْتِبَاطِهَا عُدَّة وَزِينَة ; فَصَارَ مَقَامهَا أَكْرَم مَنْزِل بِهَذَا ; ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَالْأَظْهَر أَنَّهَا الْمَسَاكِن الْحِسَان كَانَتْ تُكَرَّم عَلَيْهِمْ.
وَالْمَقَام فِي اللُّغَة يَكُون الْمَوْضِع وَيَكُون مَصْدَرًا.
قَالَ النَّحَّاس : الْمَقَام فِي اللُّغَة الْمَوْضِع ; مِنْ قَوْلك قَامَ يَقُوم، وَكَذَا الْمَقَامَات وَاحِدهَا مُقَامَة ; كَمَا قَالَ :
وَفِيهِمْ مَقَامَات حِسَان وُجُوههمْ | وَأَنْدِيَة يَنْتَابهَا الْقَوْل وَالْفِعْل |
وَالْمُقَام ( بِالضَّمِّ ) الْمَوْضِع مِنْ أَقَامَ.
وَالْمَصْدَر أَيْضًا مِنْ أَقَامَ يُقِيم.
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
يُرِيد أَنَّ جَمِيع مَا ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْجَنَّات وَالْعُيُون وَالْكُنُوز وَالْمَقَام الْكَرِيم أَوْرَثَهُ اللَّه بَنِي إِسْرَائِيل.
قَالَ الْحَسَن وَغَيْره : رَجَعَ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَى مِصْر بَعْد هَلَاك فِرْعَوْن وَقَوْمه.
وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْوِرَاثَةِ هُنَا مَا اِسْتَعَارُوهُ مِنْ حُلِيّ آلَ فِرْعَوْن بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى.
قُلْت : وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ حَصَلَ لَهُمْ.
وَالْحَمْد لِلَّهِ.
يُرِيد أَنَّ جَمِيع مَا ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْجَنَّات وَالْعُيُون وَالْكُنُوز وَالْمَقَام الْكَرِيم أَوْرَثَهُ اللَّه بَنِي إِسْرَائِيل.
قَالَ الْحَسَن وَغَيْره : رَجَعَ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَى مِصْر بَعْد هَلَاك فِرْعَوْن وَقَوْمه.
وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْوِرَاثَةِ هُنَا مَا اِسْتَعَارُوهُ مِنْ حُلِيّ آلَ فِرْعَوْن بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى.
قُلْت : وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ حَصَلَ لَهُمْ.
وَالْحَمْد لِلَّهِ.
ﰏﰐ
ﰻ
فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ
إِسْرَائِيل.
قَالَ السُّدِّيّ : حِين أَشْرَقَتْ الشَّمْس بِالشُّعَاعِ.
وَقَالَ قَتَادَة : حِين أَشْرَقَتْ الْأَرْض بِالضِّيَاءِ.
قَالَ الزَّجَّاج : يُقَال شَرَقَتْ الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ، وَأَشْرَقَتْ إِذَا أَضَاءَتْ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَأَخُّر فِرْعَوْن وَقَوْمه عَنْ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدهمَا : لِاشْتِغَالِهِمْ بِدَفْنِ أَبْكَارهمْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة ; لِأَنَّ الْوَبَاء فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَقَعَ فِيهِمْ ; فَقَوْله :" مُشْرِقِينَ " حَال لِقَوْمِ فِرْعَوْن.
الثَّانِي : إِنَّ سَحَابَة أَظَلَّتْهُمْ وَظُلْمَة فَقَالُوا : نَحْنُ بَعْد فِي اللَّيْل فَمَا تَقَشَّعَتْ عَنْهُمْ حَتَّى أَصْبَحُوا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : مَعْنَى " فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ " نَاحِيَة الْمَشْرِق.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَعَمْرو بْن مَيْمُون :" فَاتَّبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ " بِالتَّشْدِيدِ وَأَلِف الْوَصْل ; أَيْ نَحْو الْمَشْرِق ; مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ : شَرَّقَ وَغَرَّبَ إِذَا سَارَ نَحْو الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب.
وَمَعْنَى الْكَلَام قَدَّرْنَا أَنْ يَرِثهَا بَنُو إِسْرَائِيل فَاتَّبَعَ قَوْم فِرْعَوْن بَنِي إِسْرَائِيل مُشْرِقِينَ فَهَلَكُوا، وَوَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل بِلَادهمْ.
إِسْرَائِيل.
قَالَ السُّدِّيّ : حِين أَشْرَقَتْ الشَّمْس بِالشُّعَاعِ.
وَقَالَ قَتَادَة : حِين أَشْرَقَتْ الْأَرْض بِالضِّيَاءِ.
قَالَ الزَّجَّاج : يُقَال شَرَقَتْ الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ، وَأَشْرَقَتْ إِذَا أَضَاءَتْ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَأَخُّر فِرْعَوْن وَقَوْمه عَنْ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدهمَا : لِاشْتِغَالِهِمْ بِدَفْنِ أَبْكَارهمْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة ; لِأَنَّ الْوَبَاء فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَقَعَ فِيهِمْ ; فَقَوْله :" مُشْرِقِينَ " حَال لِقَوْمِ فِرْعَوْن.
الثَّانِي : إِنَّ سَحَابَة أَظَلَّتْهُمْ وَظُلْمَة فَقَالُوا : نَحْنُ بَعْد فِي اللَّيْل فَمَا تَقَشَّعَتْ عَنْهُمْ حَتَّى أَصْبَحُوا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : مَعْنَى " فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ " نَاحِيَة الْمَشْرِق.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَعَمْرو بْن مَيْمُون :" فَاتَّبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ " بِالتَّشْدِيدِ وَأَلِف الْوَصْل ; أَيْ نَحْو الْمَشْرِق ; مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ : شَرَّقَ وَغَرَّبَ إِذَا سَارَ نَحْو الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب.
وَمَعْنَى الْكَلَام قَدَّرْنَا أَنْ يَرِثهَا بَنُو إِسْرَائِيل فَاتَّبَعَ قَوْم فِرْعَوْن بَنِي إِسْرَائِيل مُشْرِقِينَ فَهَلَكُوا، وَوَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل بِلَادهمْ.
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ
أَيْ تَقَابَلَا الْجَمْعَانِ بِحَيْثُ يَرَى كُلّ فَرِيق صَاحِبه ; وَهُوَ تَفَاعُل مِنْ الرُّؤْيَة.
أَيْ تَقَابَلَا الْجَمْعَانِ بِحَيْثُ يَرَى كُلّ فَرِيق صَاحِبه ; وَهُوَ تَفَاعُل مِنْ الرُّؤْيَة.
قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ
أَيْ قَرُبَ مِنَّا الْعَدُوّ وَلَا طَاقَة لَنَا بِهِ.
وَقِرَاءَة الْجَمَاعَة :" لَمُدْرَكُونَ " بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَدْرَكَ.
وَمِنْهُ :" حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَق " [ يُونُس : ٩٠ ].
وَقَرَأَ عُبَيْد بْن عُمَيْر وَالْأَعْرَج وَالزُّهْرِيّ :" لَمُدَّرَكُونَ " بِتَشْدِيدِ الدَّال مِنْ اِدَّرَكَ.
قَالَ الْفَرَّاء : حَفَرَ وَاحْتَفَرَ بِمَعْنًى وَاحِد، وَكَذَلِكَ " لَمُدْرَكُونَ " وَ " لَمُدَّرَكُونَ " بِمَعْنًى وَاحِد.
النَّحَّاس : وَلَيْسَ كَذَلِكَ يَقُول النَّحْوِيُّونَ الْحُذَّاق ; إِنَّمَا يَقُولُونَ : مُدْرَكُونَ مُلْحَقُونَ، وَمُدْرَكُونَ مُجْتَهَد فِي لِحَاقهمْ، كَمَا يُقَال : كَسَبْت بِمَعْنَى أَصَبْت وَظَفِرْت، وَاكْتَسَبْت بِمَعْنَى اِجْتَهَدْت وَطَلَبْت وَهَذَا مَعْنَى قَوْل سِيبَوَيْهِ.
أَيْ قَرُبَ مِنَّا الْعَدُوّ وَلَا طَاقَة لَنَا بِهِ.
وَقِرَاءَة الْجَمَاعَة :" لَمُدْرَكُونَ " بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَدْرَكَ.
وَمِنْهُ :" حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَق " [ يُونُس : ٩٠ ].
وَقَرَأَ عُبَيْد بْن عُمَيْر وَالْأَعْرَج وَالزُّهْرِيّ :" لَمُدَّرَكُونَ " بِتَشْدِيدِ الدَّال مِنْ اِدَّرَكَ.
قَالَ الْفَرَّاء : حَفَرَ وَاحْتَفَرَ بِمَعْنًى وَاحِد، وَكَذَلِكَ " لَمُدْرَكُونَ " وَ " لَمُدَّرَكُونَ " بِمَعْنًى وَاحِد.
النَّحَّاس : وَلَيْسَ كَذَلِكَ يَقُول النَّحْوِيُّونَ الْحُذَّاق ; إِنَّمَا يَقُولُونَ : مُدْرَكُونَ مُلْحَقُونَ، وَمُدْرَكُونَ مُجْتَهَد فِي لِحَاقهمْ، كَمَا يُقَال : كَسَبْت بِمَعْنَى أَصَبْت وَظَفِرْت، وَاكْتَسَبْت بِمَعْنَى اِجْتَهَدْت وَطَلَبْت وَهَذَا مَعْنَى قَوْل سِيبَوَيْهِ.
قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ
لَمَّا لَحِقَ فِرْعَوْن بِجَمْعِهِ جَمْع مُوسَى وَقَرُبَ مِنْهُمْ، وَرَأَتْ بَنُو إِسْرَائِيل الْعَدُوّ الْقَوِيّ وَالْبَحْر أَمَامهمْ سَاءَتْ ظُنُونهمْ، وَقَالُوا لِمُوسَى، عَلَى جِهَة التَّوْبِيخ وَالْجَفَاء :" إِنَّا لَمُدْرَكُونَ " فَرَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْلهمْ وَزَجَرَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ وَعْد اللَّه سُبْحَانه لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَالظَّفَر " كَلَّا " أَيْ لَمْ يُدْرِكُوكُمْ " إِنَّ مَعِي رَبِّي " أَيْ بِالنَّصْرِ عَلَى الْعَدُوّ.
" سَيَهْدِينِ " أَيْ سَيَدُلُّنِي عَلَى طَرِيق النَّجَاة ;
لَمَّا لَحِقَ فِرْعَوْن بِجَمْعِهِ جَمْع مُوسَى وَقَرُبَ مِنْهُمْ، وَرَأَتْ بَنُو إِسْرَائِيل الْعَدُوّ الْقَوِيّ وَالْبَحْر أَمَامهمْ سَاءَتْ ظُنُونهمْ، وَقَالُوا لِمُوسَى، عَلَى جِهَة التَّوْبِيخ وَالْجَفَاء :" إِنَّا لَمُدْرَكُونَ " فَرَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْلهمْ وَزَجَرَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ وَعْد اللَّه سُبْحَانه لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَالظَّفَر " كَلَّا " أَيْ لَمْ يُدْرِكُوكُمْ " إِنَّ مَعِي رَبِّي " أَيْ بِالنَّصْرِ عَلَى الْعَدُوّ.
" سَيَهْدِينِ " أَيْ سَيَدُلُّنِي عَلَى طَرِيق النَّجَاة ;
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
فَلَمَّا عَظُمَ الْبَلَاء عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل ; وَرَأَوْا مِنْ الْجُيُوش مَا لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا، أَمَرَ اللَّه تَعَالَى مُوسَى أَنْ يَضْرِب الْبَحْر بِعَصَاهُ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ أَنْ تَكُون الْآيَة مُتَّصِلَة بِمُوسَى وَمُتَعَلِّقَة بِفِعْلٍ يَفْعَلهُ ; وَإِلَّا فَضَرْب الْعَصَا لَيْسَ بِفَارِقٍ لِلْبَحْرِ، وَلَا مُعِين عَلَى ذَلِكَ بِذَاتِهِ إِلَّا بِمَا اِقْتَرَنَ بِهِ مِنْ قُدْرَة اللَّه تَعَالَى وَاخْتِرَاعه.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " قِصَّة هَذَا الْبَحْر.
وَلَمَّا اِنْفَلَقَ صَارَ فِيهِ اِثْنَا عَشَر طَرِيقًا عَلَى عَدَد أَسْبَاط بَنِي إِسْرَائِيل، وَوَقَفَ الْمَاء بَيْنهَا كَالطَّوْدِ الْعَظِيم، أَيْ الْجَبَل الْعَظِيم.
وَالطَّوْد الْجَبَل ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
وَقَالَ الْأَسْوَد بْن يَعْفُر :
جَمْع طَوْد أَيْ جَبَل.
فَصَارَ لِمُوسَى وَأَصْحَابه طَرِيقًا فِي الْبَحْر يَبَسًا ; فَلَمَّا خَرَجَ أَصْحَاب مُوسَى وَتَكَامَلَ آخِر أَصْحَاب فِرْعَوْن عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " يُونُس " اِنْصَبَّ عَلَيْهِمْ وَغَرِقَ فِرْعَوْن، فَقَالَ بَعْض أَصْحَاب مُوسَى : مَا غَرِقَ فِرْعَوْن ; فَنُبِذَ عَلَى سَاحِل الْبَحْر حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهِ.
وَرَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك قَالَ : خَرَجَ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رَجُلَانِ مِنْ التُّجَّار إِلَى الْبَحْر فَلَمَّا أَتَوْا إِلَيْهِ قَالَا لَهُ بِمَ أَمَرَك اللَّه ؟ قَالَ : أُمِرْت أَنْ أَضْرِب الْبَحْر بِعَصَايَ هَذِهِ فَيَنْفَلِق ; فَقَالَا لَهُ اِفْعَلْ مَا أَمَرَك اللَّه فَلَنْ يُخْلِفك ; ثُمَّ أَلْقَيَا أَنْفُسهمَا فِي الْبَحْر تَصْدِيقًا لَهُ ; فَمَا زَالَ كَذَلِكَ الْبَحْر حَتَّى دَخَلَ فِرْعَوْن وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ اِرْتَدَّ كَمَا كَانَ.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَة " الْبَقَرَة ".
فَلَمَّا عَظُمَ الْبَلَاء عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل ; وَرَأَوْا مِنْ الْجُيُوش مَا لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا، أَمَرَ اللَّه تَعَالَى مُوسَى أَنْ يَضْرِب الْبَحْر بِعَصَاهُ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ أَنْ تَكُون الْآيَة مُتَّصِلَة بِمُوسَى وَمُتَعَلِّقَة بِفِعْلٍ يَفْعَلهُ ; وَإِلَّا فَضَرْب الْعَصَا لَيْسَ بِفَارِقٍ لِلْبَحْرِ، وَلَا مُعِين عَلَى ذَلِكَ بِذَاتِهِ إِلَّا بِمَا اِقْتَرَنَ بِهِ مِنْ قُدْرَة اللَّه تَعَالَى وَاخْتِرَاعه.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " قِصَّة هَذَا الْبَحْر.
وَلَمَّا اِنْفَلَقَ صَارَ فِيهِ اِثْنَا عَشَر طَرِيقًا عَلَى عَدَد أَسْبَاط بَنِي إِسْرَائِيل، وَوَقَفَ الْمَاء بَيْنهَا كَالطَّوْدِ الْعَظِيم، أَيْ الْجَبَل الْعَظِيم.
وَالطَّوْد الْجَبَل ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
فَبَيْنَا الْمَرْء فِي الْأَحْيَاء طَوْد | رَمَاهُ النَّاس عَنْ كَثَب فَمَالَا |
حَلُّوا بِأَنْقِرَةٍ يَسِيل عَلَيْهِمْ | مَاء الْفُرَات يَجِيء مِنْ أَطْوَاد |
فَصَارَ لِمُوسَى وَأَصْحَابه طَرِيقًا فِي الْبَحْر يَبَسًا ; فَلَمَّا خَرَجَ أَصْحَاب مُوسَى وَتَكَامَلَ آخِر أَصْحَاب فِرْعَوْن عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي " يُونُس " اِنْصَبَّ عَلَيْهِمْ وَغَرِقَ فِرْعَوْن، فَقَالَ بَعْض أَصْحَاب مُوسَى : مَا غَرِقَ فِرْعَوْن ; فَنُبِذَ عَلَى سَاحِل الْبَحْر حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهِ.
وَرَوَى اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك قَالَ : خَرَجَ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رَجُلَانِ مِنْ التُّجَّار إِلَى الْبَحْر فَلَمَّا أَتَوْا إِلَيْهِ قَالَا لَهُ بِمَ أَمَرَك اللَّه ؟ قَالَ : أُمِرْت أَنْ أَضْرِب الْبَحْر بِعَصَايَ هَذِهِ فَيَنْفَلِق ; فَقَالَا لَهُ اِفْعَلْ مَا أَمَرَك اللَّه فَلَنْ يُخْلِفك ; ثُمَّ أَلْقَيَا أَنْفُسهمَا فِي الْبَحْر تَصْدِيقًا لَهُ ; فَمَا زَالَ كَذَلِكَ الْبَحْر حَتَّى دَخَلَ فِرْعَوْن وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ اِرْتَدَّ كَمَا كَانَ.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَة " الْبَقَرَة ".
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ
أَيْ قَرَّبْنَاهُمْ إِلَى الْبَحْر ; يَعْنِي فِرْعَوْن وَقَوْمه.
قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره ; قَالَ الشَّاعِر :
أَبُو عُبَيْدَة :" أَزْلَفْنَا " جَمَعْنَا وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّيْلَةِ الْمُزْدَلِفَة لَيْلَة جَمْع.
وَقَرَأَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن الْحَرْث وَأُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس :" وَأَزْلَقْنَا " بِالْقَافِ عَلَى مَعْنَى أَهْلَكْنَاهُمْ ; مِنْ قَوْله : أَزَلَقَتْ النَّاقَة وَأَزْلَقَتْ الْفَرَس فَهِيَ مُزْلِق إِذَا أَزَلَقَتْ وَلَدهَا.
أَيْ قَرَّبْنَاهُمْ إِلَى الْبَحْر ; يَعْنِي فِرْعَوْن وَقَوْمه.
قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره ; قَالَ الشَّاعِر :
وَكُلّ يَوْم مَضَى أَوْ لَيْلَة سَلَفَتْ | فِيهَا النُّفُوس إِلَى الْآجَال تَزْدَلِف |
وَقَرَأَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن الْحَرْث وَأُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس :" وَأَزْلَقْنَا " بِالْقَافِ عَلَى مَعْنَى أَهْلَكْنَاهُمْ ; مِنْ قَوْله : أَزَلَقَتْ النَّاقَة وَأَزْلَقَتْ الْفَرَس فَهِيَ مُزْلِق إِذَا أَزَلَقَتْ وَلَدهَا.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ
يَعْنِي فِرْعَوْن وَقَوْمه.
يَعْنِي فِرْعَوْن وَقَوْمه.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
أَيْ عَلَامَة عَلَى قُدْرَة اللَّه تَعَالَى
أَيْ عَلَامَة عَلَى قُدْرَة اللَّه تَعَالَى
وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِن مِنْ قَوْم فِرْعَوْن إِلَّا مُؤْمِن آلَ فِرْعَوْن وَاسْمه حَزْقِيل وَابْنَته آسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن، وَمَرْيَم بِنْت ذَا مُوسَى الْعَجُوز الَّتِي دَلَّتْ عَلَى قَبْر يُوسُف الصِّدِّيق عَلَيْهِ السَّلَام.
وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا خَرَجَ بِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ مِصْر أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ الْقَمَر فَقَالَ لِقَوْمِهِ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ : إِنَّ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْت أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا مِنْ اللَّه أَلَّا نَخْرُج مِنْ مِصْر حَتَّى نَنْقُل عِظَامه مَعَنَا.
قَالَ مُوسَى : فَأَيّكُمْ يَدْرِي قَبْره ؟ قَالَ : مَا يَعْلَمهُ إِلَّا عَجُوز لِبَنِي إِسْرَائِيل ; فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ; فَقَالَ : دُلِّينِي عَلَى قَبْر يُوسُف، قَالَتْ : لَا وَاَللَّه لَا أَفْعَل حَتَّى تُعْطِينِي حُكْمِي، قَالَ : وَمَا حُكْمك ؟ قَالَتْ : حُكْمِي أَنْ أَكُون مَعَك فِي الْجَنَّة ; فَثَقُلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ : أَعْطِهَا حُكْمهَا ; فَدَلَّتْهُمْ عَلَيْهِ، فَاحْتَفَرُوهُ وَاسْتَخْرَجُوا عِظَامه، فَلَمَّا أَقَلُّوهَا، فَإِذَا الطَّرِيق مِثْل ضَوْء النَّهَار فِي رِوَايَة : فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا فَفَعَلَ، فَأَتَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَة، فَقَالَتْ لَهُمْ : أَنْضِبُوا هَذَا الْمَاء فَأَنْضَبُوهُ وَاسْتَخْرَجُوا عِظَام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ; فَتَبَيَّنَتْ لَهُمْ الطَّرِيق مِثْل ضَوْء النَّهَار.
وَقَدْ مَضَى فِي " يُوسُف ".
وَرَوَى أَبُو بُرْدَة عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بِأَعْرَابِيٍّ فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( حَاجَتك ) قَالَ : نَاقَة أَرْحَلهَا وَأَعْنُزًا أَحْلُبهَا ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( فَلِمَ عَجَزْت أَنْ تَكُون مِثْل عَجُوز بَنِي إِسْرَائِيل ) فَقَالَ أَصْحَابه : وَمَا عَجُوز بَنِي إِسْرَائِيل ؟ فَذَكَرَ لَهُمْ حَال هَذِهِ الْعَجُوز الَّتِي اِحْتَكَمَتْ عَلَى مُوسَى أَنْ تَكُون مَعَهُ فِي الْجَنَّة.
لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِن مِنْ قَوْم فِرْعَوْن إِلَّا مُؤْمِن آلَ فِرْعَوْن وَاسْمه حَزْقِيل وَابْنَته آسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن، وَمَرْيَم بِنْت ذَا مُوسَى الْعَجُوز الَّتِي دَلَّتْ عَلَى قَبْر يُوسُف الصِّدِّيق عَلَيْهِ السَّلَام.
وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا خَرَجَ بِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ مِصْر أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ الْقَمَر فَقَالَ لِقَوْمِهِ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ : إِنَّ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْت أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا مِنْ اللَّه أَلَّا نَخْرُج مِنْ مِصْر حَتَّى نَنْقُل عِظَامه مَعَنَا.
قَالَ مُوسَى : فَأَيّكُمْ يَدْرِي قَبْره ؟ قَالَ : مَا يَعْلَمهُ إِلَّا عَجُوز لِبَنِي إِسْرَائِيل ; فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ; فَقَالَ : دُلِّينِي عَلَى قَبْر يُوسُف، قَالَتْ : لَا وَاَللَّه لَا أَفْعَل حَتَّى تُعْطِينِي حُكْمِي، قَالَ : وَمَا حُكْمك ؟ قَالَتْ : حُكْمِي أَنْ أَكُون مَعَك فِي الْجَنَّة ; فَثَقُلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ : أَعْطِهَا حُكْمهَا ; فَدَلَّتْهُمْ عَلَيْهِ، فَاحْتَفَرُوهُ وَاسْتَخْرَجُوا عِظَامه، فَلَمَّا أَقَلُّوهَا، فَإِذَا الطَّرِيق مِثْل ضَوْء النَّهَار فِي رِوَايَة : فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا فَفَعَلَ، فَأَتَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَة، فَقَالَتْ لَهُمْ : أَنْضِبُوا هَذَا الْمَاء فَأَنْضَبُوهُ وَاسْتَخْرَجُوا عِظَام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ; فَتَبَيَّنَتْ لَهُمْ الطَّرِيق مِثْل ضَوْء النَّهَار.
وَقَدْ مَضَى فِي " يُوسُف ".
وَرَوَى أَبُو بُرْدَة عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بِأَعْرَابِيٍّ فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( حَاجَتك ) قَالَ : نَاقَة أَرْحَلهَا وَأَعْنُزًا أَحْلُبهَا ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( فَلِمَ عَجَزْت أَنْ تَكُون مِثْل عَجُوز بَنِي إِسْرَائِيل ) فَقَالَ أَصْحَابه : وَمَا عَجُوز بَنِي إِسْرَائِيل ؟ فَذَكَرَ لَهُمْ حَال هَذِهِ الْعَجُوز الَّتِي اِحْتَكَمَتْ عَلَى مُوسَى أَنْ تَكُون مَعَهُ فِي الْجَنَّة.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
نَبَّهَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى فَرْط جَهْلهمْ إِذْ رَغِبُوا عَنْ اِعْتِقَاد إِبْرَاهِيم وَدِينه وَهُوَ أَبُوهُمْ.
وَالنَّبَأ الْخَبَر ; أَيْ اُقْصُصْ عَلَيْهِمْ يَا مُحَمَّد خَبَره وَحَدِيثه وَعَيْبه عَلَى قَوْمه مَا يَعْبُدُونَ.
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مُلْزِمًا لَهُمْ الْحُجَّة.
وَالْجُمْهُور مِنْ الْقُرَّاء عَلَى تَخْفِيف الْهَمْزَة الثَّانِيَة وَهُوَ أَحْسَن الْوُجُوه ; لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَخْفِيف الثَّانِيَة مِنْ كَلِمَة وَاحِدَة نَحْو آدَم.
وَإِنْ شِئْت حَقَّقْتهمَا فَقُلْت :" نَبَأ إِبْرَاهِيم ".
وَإِنْ شِئْت خَفَّفَتْهُمَا فَقُلْت :" نَبَا إِبْرَاهِيم ".
وَإِنْ شِئْت خَفَّفْت الْأُولَى.
وَثَمَّ وَجْه خَامِس إِلَّا أَنَّهُ بَعِيد فِي الْعَرَبِيَّة وَهُوَ أَنْ يُدْغَم الْهَمْزَة فِي الْهَمْزَة كَمَا يُقَال رَأْس لِلَّذِي يَبِيع الرُّءُوس.
وَإِنَّمَا بَعُدَ لِأَنَّك تَجْمَع بَيْن هَمْزَتَيْنِ كَأَنَّهُمَا فِي كَلِمَة وَاحِدَة، وَحَسُنَ فِي فَعَّال لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي إِلَّا مُدْغَمًا.
نَبَّهَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى فَرْط جَهْلهمْ إِذْ رَغِبُوا عَنْ اِعْتِقَاد إِبْرَاهِيم وَدِينه وَهُوَ أَبُوهُمْ.
وَالنَّبَأ الْخَبَر ; أَيْ اُقْصُصْ عَلَيْهِمْ يَا مُحَمَّد خَبَره وَحَدِيثه وَعَيْبه عَلَى قَوْمه مَا يَعْبُدُونَ.
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مُلْزِمًا لَهُمْ الْحُجَّة.
وَالْجُمْهُور مِنْ الْقُرَّاء عَلَى تَخْفِيف الْهَمْزَة الثَّانِيَة وَهُوَ أَحْسَن الْوُجُوه ; لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَخْفِيف الثَّانِيَة مِنْ كَلِمَة وَاحِدَة نَحْو آدَم.
وَإِنْ شِئْت حَقَّقْتهمَا فَقُلْت :" نَبَأ إِبْرَاهِيم ".
وَإِنْ شِئْت خَفَّفَتْهُمَا فَقُلْت :" نَبَا إِبْرَاهِيم ".
وَإِنْ شِئْت خَفَّفْت الْأُولَى.
وَثَمَّ وَجْه خَامِس إِلَّا أَنَّهُ بَعِيد فِي الْعَرَبِيَّة وَهُوَ أَنْ يُدْغَم الْهَمْزَة فِي الْهَمْزَة كَمَا يُقَال رَأْس لِلَّذِي يَبِيع الرُّءُوس.
وَإِنَّمَا بَعُدَ لِأَنَّك تَجْمَع بَيْن هَمْزَتَيْنِ كَأَنَّهُمَا فِي كَلِمَة وَاحِدَة، وَحَسُنَ فِي فَعَّال لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي إِلَّا مُدْغَمًا.
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
أَيْ أَيّ شَيْء تَعْبُدُونَ
أَيْ أَيّ شَيْء تَعْبُدُونَ
قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا
وَكَانَتْ أَصْنَامهمْ مِنْ ذَهَب وَفِضَّة وَنُحَاس وَحَدِيد وَخَشَب.
وَكَانَتْ أَصْنَامهمْ مِنْ ذَهَب وَفِضَّة وَنُحَاس وَحَدِيد وَخَشَب.
فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ
أَيْ فَنُقِيم عَلَى عِبَادَتهَا.
وَلَيْسَ الْمُرَاد وَقْتًا مُعَيَّنًا بَلْ هُوَ إِخْبَار عَمَّا هُمْ فِيهِ.
وَقِيلَ : كَانُوا يَعْبُدُونَهَا بِالنَّهَارِ دُون اللَّيْل، وَكَانُوا فِي اللَّيْل يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِب.
فَيُقَال : ظَلَّ يَفْعَل كَذَا إِذَا فَعَلَهُ نَهَارًا وَبَاتَ يَفْعَل كَذَا إِذَا فَعَلَهُ لَيْلًا.
أَيْ فَنُقِيم عَلَى عِبَادَتهَا.
وَلَيْسَ الْمُرَاد وَقْتًا مُعَيَّنًا بَلْ هُوَ إِخْبَار عَمَّا هُمْ فِيهِ.
وَقِيلَ : كَانُوا يَعْبُدُونَهَا بِالنَّهَارِ دُون اللَّيْل، وَكَانُوا فِي اللَّيْل يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِب.
فَيُقَال : ظَلَّ يَفْعَل كَذَا إِذَا فَعَلَهُ نَهَارًا وَبَاتَ يَفْعَل كَذَا إِذَا فَعَلَهُ لَيْلًا.
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ
قَالَ الْأَخْفَش : فِيهِ حَذْف ; وَالْمَعْنَى : هَلْ يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ ؟ أَوْ هَلْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَكُمْ ; قَالَ الشَّاعِر :
قَالَ : وَالْأَبَق الْكَتَّان فَحُذِفَ.
وَالْمَعْنَى ; وَأُحْكِمَتْ حَكَمَات الْأَبَق.
وَفِي الصِّحَاح : وَالْأَبَق بِالتَّحْرِيكِ الْقِنَّب.
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ قَرَأَ :" هَلْ يُسْمِعُونَكُمْ " بِضَمِّ الْيَاء ; أَيْ أَهَلْ يَسْمَعُونَكُمْ أَصْوَاتهمْ
قَالَ الْأَخْفَش : فِيهِ حَذْف ; وَالْمَعْنَى : هَلْ يَسْمَعُونَ مِنْكُمْ ؟ أَوْ هَلْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَكُمْ ; قَالَ الشَّاعِر :
الْقَائِد الْخَيْل مَنْكُوبًا دَوَابِرهَا | قَدْ أُحْكِمَتْ حَكَمَات الْقِدّ وَالْأَبَقَا |
وَالْمَعْنَى ; وَأُحْكِمَتْ حَكَمَات الْأَبَق.
وَفِي الصِّحَاح : وَالْأَبَق بِالتَّحْرِيكِ الْقِنَّب.
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ قَرَأَ :" هَلْ يُسْمِعُونَكُمْ " بِضَمِّ الْيَاء ; أَيْ أَهَلْ يَسْمَعُونَكُمْ أَصْوَاتهمْ
أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ
أَيْ هَلْ تَنْفَعكُمْ هَذِهِ الْأَصْنَام وَتَرْزُقكُمْ، أَوْ تَمْلِك لَكُمْ خَيْرًا أَوْ ضَرًّا إِنْ عَصَيْتُمْ ؟ ! وَهَذَا اِسْتِفْهَام لِتَقْرِيرِ الْحُجَّة ; فَإِذَا لَمْ يَنْفَعُوكُمْ وَلَمْ يَضُرُّوا فَمَا مَعْنَى عِبَادَتكُمْ لَهَا.
أَيْ هَلْ تَنْفَعكُمْ هَذِهِ الْأَصْنَام وَتَرْزُقكُمْ، أَوْ تَمْلِك لَكُمْ خَيْرًا أَوْ ضَرًّا إِنْ عَصَيْتُمْ ؟ ! وَهَذَا اِسْتِفْهَام لِتَقْرِيرِ الْحُجَّة ; فَإِذَا لَمْ يَنْفَعُوكُمْ وَلَمْ يَضُرُّوا فَمَا مَعْنَى عِبَادَتكُمْ لَهَا.
قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ
فَنَزَعُوا إِلَى التَّقْلِيد مِنْ غَيْر حُجَّة وَلَا دَلِيل.
وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِيهِ.
فَنَزَعُوا إِلَى التَّقْلِيد مِنْ غَيْر حُجَّة وَلَا دَلِيل.
وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِيهِ.
قَالَ
إِبْرَاهِيم
إِبْرَاهِيم
أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَام
مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَام
أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ
الْأَوَّلُونَ
الْأَوَّلُونَ
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي
وَاحِد يُؤَدِّي عَنْ جَمَاعَة، وَكَذَلِكَ يُقَال لِلْمَرْأَةِ هِيَ عَدُوّ اللَّه وَعَدُوَّة اللَّه ؟ حَكَاهُمَا الْفَرَّاء.
قَالَ عَلِيّ بْن سُلَيْمَان : مَنْ قَالَ عَدُوَّة اللَّه وَأَثْبَتَ الْهَاء قَالَ هِيَ بِمَعْنَى مُعَادِيَة، وَمَنْ قَالَ عَدُوّ لِلْمُؤَنَّثِ وَالْجَمْع جَعَلَهُ بِمَعْنَى النَّسَب.
وَوَصَفَ الْجَمَاد بِالْعَدَاوَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ عَدُوّ لِي إِنْ عَبَدْتهمْ يَوْم الْقِيَامَة ; كَمَا قَالَ :" كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا " [ مَرْيَم : ٨٢ ].
وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ مِنْ الْمَقْلُوب ; مَجَازه فَإِنِّي عَدُوّ لَهُمْ لِأَنَّ مَنْ عَادَيْته عَادَاك.
وَاحِد يُؤَدِّي عَنْ جَمَاعَة، وَكَذَلِكَ يُقَال لِلْمَرْأَةِ هِيَ عَدُوّ اللَّه وَعَدُوَّة اللَّه ؟ حَكَاهُمَا الْفَرَّاء.
قَالَ عَلِيّ بْن سُلَيْمَان : مَنْ قَالَ عَدُوَّة اللَّه وَأَثْبَتَ الْهَاء قَالَ هِيَ بِمَعْنَى مُعَادِيَة، وَمَنْ قَالَ عَدُوّ لِلْمُؤَنَّثِ وَالْجَمْع جَعَلَهُ بِمَعْنَى النَّسَب.
وَوَصَفَ الْجَمَاد بِالْعَدَاوَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ عَدُوّ لِي إِنْ عَبَدْتهمْ يَوْم الْقِيَامَة ; كَمَا قَالَ :" كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا " [ مَرْيَم : ٨٢ ].
وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ مِنْ الْمَقْلُوب ; مَجَازه فَإِنِّي عَدُوّ لَهُمْ لِأَنَّ مَنْ عَادَيْته عَادَاك.
إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ
قَالَ الْكَلْبِيّ : أَيْ إِلَّا مَنْ عَبْد رَبّ الْعَالَمِينَ ; إِلَّا عَابِد رَبّ الْعَالَمِينَ ; فَحُذِفَ الْمُضَاف.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج : قَالَ النَّحْوِيُّونَ هُوَ اِسْتِئْنَاء لَيْسَ مِنْ الْأَوَّل ; وَأَجَازَ أَبُو إِسْحَاق أَنْ يَكُون مِنْ الْأَوَّل عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَيَعْبُدُونَ مَعَهُ الْأَصْنَام، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِمَّا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّه.
وَتَأَوَّلَهُ الْفَرَّاء عَلَى الْأَصْنَام وَحْدهَا وَالْمَعْنَى عِنْده : فَإِنَّهُمْ لَوْ عَبَدْتهمْ عَدُوّ لِي يَوْم الْقِيَامَة ; عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَقَالَ الْجُرْجَانِيّ : تَقْدِيره : أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الْأَقْدَمُونَ إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي.
وَإِلَّا بِمَعْنَى دُون وَسِوَى ; كَقَوْلِهِ :" لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْت إِلَّا الْمَوْتَة الْأُولَى " [ الدُّخَان : ٥٦ ] أَيْ دُون الْمَوْتَة الْأُولَى.
قَالَ الْكَلْبِيّ : أَيْ إِلَّا مَنْ عَبْد رَبّ الْعَالَمِينَ ; إِلَّا عَابِد رَبّ الْعَالَمِينَ ; فَحُذِفَ الْمُضَاف.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج : قَالَ النَّحْوِيُّونَ هُوَ اِسْتِئْنَاء لَيْسَ مِنْ الْأَوَّل ; وَأَجَازَ أَبُو إِسْحَاق أَنْ يَكُون مِنْ الْأَوَّل عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَيَعْبُدُونَ مَعَهُ الْأَصْنَام، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِمَّا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّه.
وَتَأَوَّلَهُ الْفَرَّاء عَلَى الْأَصْنَام وَحْدهَا وَالْمَعْنَى عِنْده : فَإِنَّهُمْ لَوْ عَبَدْتهمْ عَدُوّ لِي يَوْم الْقِيَامَة ; عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَقَالَ الْجُرْجَانِيّ : تَقْدِيره : أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الْأَقْدَمُونَ إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي.
وَإِلَّا بِمَعْنَى دُون وَسِوَى ; كَقَوْلِهِ :" لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْت إِلَّا الْمَوْتَة الْأُولَى " [ الدُّخَان : ٥٦ ] أَيْ دُون الْمَوْتَة الْأُولَى.
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
أَيْ يُرْشِدنِي إِلَى الدِّين.
أَيْ يُرْشِدنِي إِلَى الدِّين.
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
أَيْ يَرْزُقنِي.
وَدُخُول " هُوَ " تَنْبِيه عَلَى أَنَّ غَيْره لَا يُطْعِم وَلَا يَسْقِي ; كَمَا تَقُول : زَيْد هُوَ الَّذِي فَعَلَ كَذَا ; أَيْ لَمْ يَفْعَلهُ غَيْره.
أَيْ يَرْزُقنِي.
وَدُخُول " هُوَ " تَنْبِيه عَلَى أَنَّ غَيْره لَا يُطْعِم وَلَا يَسْقِي ; كَمَا تَقُول : زَيْد هُوَ الَّذِي فَعَلَ كَذَا ; أَيْ لَمْ يَفْعَلهُ غَيْره.
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
قَالَ :" مَرِضْت " رِعَايَة لِلْأَدَبِ وَإِلَّا فَالْمَرَض وَالشِّفَاء مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعًا.
وَنَظِيره قَوْل فَتَى مُوسَى :" وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَان " [ الْكَهْف : ٦٣ ].
قَالَ :" مَرِضْت " رِعَايَة لِلْأَدَبِ وَإِلَّا فَالْمَرَض وَالشِّفَاء مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعًا.
وَنَظِيره قَوْل فَتَى مُوسَى :" وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَان " [ الْكَهْف : ٦٣ ].
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
يُرِيد الْبَعْث وَكَانُوا يَنْسُبُونَ الْمَوْت إِلَى الْأَسْبَاب ; فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي يُمِيت وَيُحْيِي.
وَكُلّه بِغَيْرِ يَاء :" يَهْدِينِ " " يَشْفِينِ " لِأَنَّ الْحَذْف فِي رُءُوس الْآي حَسَن لِتَتَّفِق كُلّهَا.
وَقَرَأَ اِبْن أَبِي إِسْحَاق عَلَى جَلَالَته وَمَحَلّه مِنْ الْعَرَبِيَّة هَذِهِ كُلّهَا بِالْيَاءِ ; لِأَنَّ الْيَاء اِسْم وَإِنَّمَا دَخَلَتْ النُّون لِعِلَّةٍ.
فَإِنْ قِيلَ : فَهَذِهِ صِفَة لِجَمِيعِ الْخَلْق فَكَيْف جَعَلَهَا إِبْرَاهِيم دَلِيلًا عَلَى هِدَايَته وَلَمْ يَهْتَدِ بِهَا غَيْره ؟ قِيلَ : إِنَّمَا ذَكَرَهَا اِحْتِجَاجًا عَلَى وُجُوب الطَّاعَة ; لِأَنَّ مَنْ أَنْعَمَ وَجَبَ أَنْ يُطَاع وَلَا يُعْصَى لِيَلْتَزِم غَيْره مِنْ الطَّاعَة مَا قَدْ اِلْتَزَمَهَا ; وَهَذَا إِلْزَام صَحِيح.
قُلْت : وَتَجُوز بَعْض أَهْل الْإِشَارَات فِي غَوَامِض الْمَعَانِي فَعَدَلَ عَنْ ظَاهِر مَا ذَكَرْنَاهُ إِلَى مَا تَدْفَعهُ بِدَائِهِ الْعُقُول مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد مِنْ إِبْرَاهِيم.
فَقَالَ :" وَاَلَّذِي هُوَ يُطْعِمنِي وَيَسْقِينِ " أَيْ يُطْعِمنِي لَذَّة الْإِيمَان وَيَسْقِينِ حَلَاوَة الْقَبُول.
وَلَهُمْ فِي قَوْله :" وَإِذَا مَرِضْت فَهُوَ يَشْفِينِ " وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : إِذَا مَرِضْت بِمُخَالَفَتِهِ شَفَانِي بِرَحْمَتِهِ.
الثَّانِي : إِذَا مَرِضْت بِمُقَاسَاةِ الْخَلْق، شَفَانِي بِمُشَاهَدَةِ الْحَقّ.
وَقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد الصَّادِق : إِذَا مَرِضْت بِالذُّنُوبِ شَفَانِي بِالتَّوْبَةِ.
وَتَأَوَّلُوا قَوْله :" وَاَلَّذِي يُمِيتنِي ثُمَّ يُحْيِينِ " عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه : فَاَلَّذِي يُمِيتنِي بِالْمَعَاصِي يُحْيِينِي بِالطَّاعَاتِ.
الثَّانِي : يُمِيتنِي بِالْخَوْفِ وَيُحْيِينِي بِالرَّجَاءِ.
الثَّالِث : يُمِيتنِي، بِالطَّمَعِ وَيُحْيِينِي بِالْقَنَاعَةِ.
وَقَوْل رَابِع : يُمِيتنِي بِالْعَدْلِ وَيُحْيِينِي بِالْفَضْلِ.
وَقَوْل خَامِس : يُمِيتنِي بِالْفِرَاقِ وَيُحْيِينِي بِالتَّلَاقِ.
وَقَوْل سَادِس : يُمِيتنِي بِالْجَهْلِ وَيُحْيِينِي بِالْعَقْلِ ; إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْهُ مُرَاد مِنْ الْآيَة ; فَإِنَّ هَذِهِ التَّأْوِيلَات الْغَامِضَة، وَالْأُمُور الْبَاطِنَة، إِنَّمَا تَكُون لِمَنْ حَذَقَ وَعَرَفَ الْحَقّ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي عَمًى عَنْ الْحَقّ وَلَا يَعْرِف الْحَقّ فَكَيْف تُرْمَز لَهُ الْأُمُور الْبَاطِنَة، وَتُتْرَك الْأُمُور الظَّاهِرَة ؟ هَذَا مُحَال.
وَاَللَّه أَعْلَم.
يُرِيد الْبَعْث وَكَانُوا يَنْسُبُونَ الْمَوْت إِلَى الْأَسْبَاب ; فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي يُمِيت وَيُحْيِي.
وَكُلّه بِغَيْرِ يَاء :" يَهْدِينِ " " يَشْفِينِ " لِأَنَّ الْحَذْف فِي رُءُوس الْآي حَسَن لِتَتَّفِق كُلّهَا.
وَقَرَأَ اِبْن أَبِي إِسْحَاق عَلَى جَلَالَته وَمَحَلّه مِنْ الْعَرَبِيَّة هَذِهِ كُلّهَا بِالْيَاءِ ; لِأَنَّ الْيَاء اِسْم وَإِنَّمَا دَخَلَتْ النُّون لِعِلَّةٍ.
فَإِنْ قِيلَ : فَهَذِهِ صِفَة لِجَمِيعِ الْخَلْق فَكَيْف جَعَلَهَا إِبْرَاهِيم دَلِيلًا عَلَى هِدَايَته وَلَمْ يَهْتَدِ بِهَا غَيْره ؟ قِيلَ : إِنَّمَا ذَكَرَهَا اِحْتِجَاجًا عَلَى وُجُوب الطَّاعَة ; لِأَنَّ مَنْ أَنْعَمَ وَجَبَ أَنْ يُطَاع وَلَا يُعْصَى لِيَلْتَزِم غَيْره مِنْ الطَّاعَة مَا قَدْ اِلْتَزَمَهَا ; وَهَذَا إِلْزَام صَحِيح.
قُلْت : وَتَجُوز بَعْض أَهْل الْإِشَارَات فِي غَوَامِض الْمَعَانِي فَعَدَلَ عَنْ ظَاهِر مَا ذَكَرْنَاهُ إِلَى مَا تَدْفَعهُ بِدَائِهِ الْعُقُول مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد مِنْ إِبْرَاهِيم.
فَقَالَ :" وَاَلَّذِي هُوَ يُطْعِمنِي وَيَسْقِينِ " أَيْ يُطْعِمنِي لَذَّة الْإِيمَان وَيَسْقِينِ حَلَاوَة الْقَبُول.
وَلَهُمْ فِي قَوْله :" وَإِذَا مَرِضْت فَهُوَ يَشْفِينِ " وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : إِذَا مَرِضْت بِمُخَالَفَتِهِ شَفَانِي بِرَحْمَتِهِ.
الثَّانِي : إِذَا مَرِضْت بِمُقَاسَاةِ الْخَلْق، شَفَانِي بِمُشَاهَدَةِ الْحَقّ.
وَقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد الصَّادِق : إِذَا مَرِضْت بِالذُّنُوبِ شَفَانِي بِالتَّوْبَةِ.
وَتَأَوَّلُوا قَوْله :" وَاَلَّذِي يُمِيتنِي ثُمَّ يُحْيِينِ " عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه : فَاَلَّذِي يُمِيتنِي بِالْمَعَاصِي يُحْيِينِي بِالطَّاعَاتِ.
الثَّانِي : يُمِيتنِي بِالْخَوْفِ وَيُحْيِينِي بِالرَّجَاءِ.
الثَّالِث : يُمِيتنِي، بِالطَّمَعِ وَيُحْيِينِي بِالْقَنَاعَةِ.
وَقَوْل رَابِع : يُمِيتنِي بِالْعَدْلِ وَيُحْيِينِي بِالْفَضْلِ.
وَقَوْل خَامِس : يُمِيتنِي بِالْفِرَاقِ وَيُحْيِينِي بِالتَّلَاقِ.
وَقَوْل سَادِس : يُمِيتنِي بِالْجَهْلِ وَيُحْيِينِي بِالْعَقْلِ ; إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْهُ مُرَاد مِنْ الْآيَة ; فَإِنَّ هَذِهِ التَّأْوِيلَات الْغَامِضَة، وَالْأُمُور الْبَاطِنَة، إِنَّمَا تَكُون لِمَنْ حَذَقَ وَعَرَفَ الْحَقّ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي عَمًى عَنْ الْحَقّ وَلَا يَعْرِف الْحَقّ فَكَيْف تُرْمَز لَهُ الْأُمُور الْبَاطِنَة، وَتُتْرَك الْأُمُور الظَّاهِرَة ؟ هَذَا مُحَال.
وَاَللَّه أَعْلَم.
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي
" أَطْمَع " أَيْ أَرْجُو.
وَقِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى الْيَقِين فِي حَقّه، وَبِمَعْنَى الرَّجَاء فِي حَقّ الْمُؤْمِنِينَ سِوَاهُ.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن أَبِي إِسْحَاق :" خَطَايَايَ " وَقَالَ : لَيْسَتْ خَطِيئَة وَاحِدَة.
قَالَ النَّحَّاس : خَطِيئَة بِمَعْنَى خَطَايَا مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّوْحِيد فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ " [ الْمُلْك : ١١ ] وَمَعْنَاهُ بِذُنُوبِهِمْ.
وَكَذَا " وَأَقِيمُوا الصَّلَاة " [ الْبَقَرَة : ٤٣ ] مَعْنَاهُ الصَّلَوَات.
وَكَذَا " خَطِيئَتِي " إِنْ كَانَتْ خَطَايَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ مُجَاهِد : يَعْنِي بِخَطِيئَتِهِ قَوْله :" بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرهمْ هَذَا " [ الْأَنْبِيَاء : ٦٣ ] وَقَوْله :" إِنِّي سَقِيم " [ الصَّافَّات : ٨٩ ] وَقَوْله : إِنَّ سَارَّة أُخْته.
زَادَ الْحَسَن وَقَوْله لِلْكَوْكَبِ :" هَذَا رَبِّي " [ الْأَنْعَام : ٧٦ ] وَقَدْ مَضَى بَيَان هَذَا مُسْتَوْفًى.
وَقَالَ الزَّجَّاج : الْأَنْبِيَاء بَشَر فَيَجُوز أَنْ تَقَع مِنْهُمْ الْخَطِيئَة ; نَعَمْ لَا تَجُوز عَلَيْهِمْ الْكَبَائِر لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنْهَا.
" أَطْمَع " أَيْ أَرْجُو.
وَقِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى الْيَقِين فِي حَقّه، وَبِمَعْنَى الرَّجَاء فِي حَقّ الْمُؤْمِنِينَ سِوَاهُ.
وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن أَبِي إِسْحَاق :" خَطَايَايَ " وَقَالَ : لَيْسَتْ خَطِيئَة وَاحِدَة.
قَالَ النَّحَّاس : خَطِيئَة بِمَعْنَى خَطَايَا مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّوْحِيد فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ " [ الْمُلْك : ١١ ] وَمَعْنَاهُ بِذُنُوبِهِمْ.
وَكَذَا " وَأَقِيمُوا الصَّلَاة " [ الْبَقَرَة : ٤٣ ] مَعْنَاهُ الصَّلَوَات.
وَكَذَا " خَطِيئَتِي " إِنْ كَانَتْ خَطَايَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَالَ مُجَاهِد : يَعْنِي بِخَطِيئَتِهِ قَوْله :" بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرهمْ هَذَا " [ الْأَنْبِيَاء : ٦٣ ] وَقَوْله :" إِنِّي سَقِيم " [ الصَّافَّات : ٨٩ ] وَقَوْله : إِنَّ سَارَّة أُخْته.
زَادَ الْحَسَن وَقَوْله لِلْكَوْكَبِ :" هَذَا رَبِّي " [ الْأَنْعَام : ٧٦ ] وَقَدْ مَضَى بَيَان هَذَا مُسْتَوْفًى.
وَقَالَ الزَّجَّاج : الْأَنْبِيَاء بَشَر فَيَجُوز أَنْ تَقَع مِنْهُمْ الْخَطِيئَة ; نَعَمْ لَا تَجُوز عَلَيْهِمْ الْكَبَائِر لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنْهَا.
يَوْمَ الدِّينِ
يَوْم الْجَزَاء حَيْثُ يُجَازِي الْعِبَاد بِأَعْمَالِهِمْ.
وَهَذَا مِنْ إِبْرَاهِيم إِظْهَار لِلْعُبُودِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَم أَنَّهُ مَغْفُور لَهُ.
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَائِشَة ; قُلْت يَا رَسُول اللَّه : اِبْن جُدْعَان كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يَصِل الرَّحِم، وَيُطْعِم الْمِسْكِين، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعه ؟ قَالَ :( لَا يَنْفَعهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا " رَبّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين " ).
يَوْم الْجَزَاء حَيْثُ يُجَازِي الْعِبَاد بِأَعْمَالِهِمْ.
وَهَذَا مِنْ إِبْرَاهِيم إِظْهَار لِلْعُبُودِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَم أَنَّهُ مَغْفُور لَهُ.
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَائِشَة ; قُلْت يَا رَسُول اللَّه : اِبْن جُدْعَان كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يَصِل الرَّحِم، وَيُطْعِم الْمِسْكِين، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعه ؟ قَالَ :( لَا يَنْفَعهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا " رَبّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين " ).
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
" حُكْمًا " مَعْرِفَة بِك وَبِحُدُودِك وَأَحْكَامك ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَقَالَ مُقَاتِل : فَهْمًا وَعِلْمًا ; وَهُوَ رَاجِع إِلَى الْأَوَّل.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ : نُبُوَّة وَرِسَالَة إِلَى الْخَلْق.
" وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " أَيْ بِالنَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي فِي الدَّرَجَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : بِأَهْلِ الْجَنَّة ; وَهُوَ تَأْكِيد قَوْله :" هَبْ لِي حُكْمًا ".
" حُكْمًا " مَعْرِفَة بِك وَبِحُدُودِك وَأَحْكَامك ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
وَقَالَ مُقَاتِل : فَهْمًا وَعِلْمًا ; وَهُوَ رَاجِع إِلَى الْأَوَّل.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ : نُبُوَّة وَرِسَالَة إِلَى الْخَلْق.
" وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " أَيْ بِالنَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي فِي الدَّرَجَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : بِأَهْلِ الْجَنَّة ; وَهُوَ تَأْكِيد قَوْله :" هَبْ لِي حُكْمًا ".
وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ
قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ اِجْتِمَاع الْأُمَم عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُجَاهِد : هُوَ الثَّنَاء الْحَسَن.
قَالَ اِبْن عَطِيَّة : هُوَ الثَّنَاء وَخُلْد الْمَكَانَة بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ ; وَكَذَلِكَ أَجَابَ اللَّه دَعْوَته، وَكُلّ أُمَّة تَتَمَسَّك بِهِ وَتُعَظِّمهُ، وَهُوَ عَلَى الْحَنِيفِيَّة الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ مَكِّيّ : وَقِيلَ مَعْنَاهُ سُؤَاله أَنْ يَكُون مِنْ ذُرِّيَّته فِي آخِر الزَّمَان مَنْ يَقُوم بِالْحَقِّ ; فَأُجِيبَتْ الدَّعْوَة فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا مَعْنَى حَسَن إِلَّا أَنَّ لَفْظ الْآيَة لَا يُعْطِيه إِلَّا بِتَحَكُّمٍ عَلَى اللَّفْظ.
وَقَالَ الْقُشَيْرِيّ : أَرَادَ الدُّعَاء الْحَسَن إِلَى قِيَام السَّاعَة ; فَإِنَّ زِيَادَة الثَّوَاب مَطْلُوبَة فِي حَقّ كُلّ أَحَد.
قُلْت : وَقَدْ فَعَلَ اللَّه ذَلِكَ إِذْ لَيْسَ أَحَد يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى إِبْرَاهِيم وَخَاصَّة فِي الصَّلَوَات، وَعَلَى الْمَنَابِر الَّتِي هِيَ أَفْضَل الْحَالَات وَأَفْضَل الدَّرَجَات.
وَالصَّلَاة دُعَاء بِالرَّحْمَةِ : وَالْمُرَاد بِاللِّسَانِ الْقَوْل، وَأَصْله جَارِحَة الْكَلَام.
قَالَ الْقُتَبِيّ : وَمَوْضِع اللِّسَان مَوْضِع الْقَوْل عَلَى الِاسْتِعَارَة، وَقَدْ تُكَنِّي الْعَرَب بِهَا عَنْ الْكَلِمَة.
قَالَ الْأَعْشَى :
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : يُرْوَى مِنْ عُلُوّ بِضَمِّ الْوَاو وَفَتْحهَا وَكَسْرهَا.
أَيْ أَتَانِي خَبَر مِنْ أَعْلَى، وَالتَّأْنِيث لِلْكَلِمَةِ.
وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ خَبَر مَقْتَل أَخِيهِ الْمُنْتَشِر.
رَوَى أَشْهَب عَنْ مَالِك قَالَ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :" وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ " لَا بَأْس أَنْ يُحِبّ الرَّجُل أَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ صَالِحًا وَيُرَى فِي عَمَل الصَّالِحِينَ، إِذَا قَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى ; وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَأَلْقَيْت عَلَيْك مَحَبَّة مِنِّي " [ طه : ٣٩ ] وَقَالَ :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَن وُدًّا " [ مَرْيَم : ٩٦ ] أَيْ حُبًّا فِي قُلُوب عِبَاده وَثَنَاء حَسَنًا، فَنَبَّهَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ :" وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ " عَلَى اِسْتِحْبَاب اِكْتِسَاب مَا يُورِث الذِّكْر الْجَمِيل.
اللَّيْث بْن سُلَيْمَان : إِذْ هِيَ الْحَيَاة الثَّانِيَة.
قِيلَ :
قَدْ مَاتَ قَوْم وَهُمْ فِي النَّاس أَحْيَاء
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ شُيُوخ.
الزُّهْد فِي هَذَا دَلِيل عَلَى التَّرْغِيب فِي الْعَمَل الصَّالِح الَّذِي يُكْسِب الثَّنَاء الْحَسَن، قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَله إِلَّا مِنْ ثَلَاث ) الْحَدِيث وَفِي رِوَايَة إِنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْغَرْس وَالزَّرْع وَكَذَلِكَ فِيمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا يُكْتَب لَهُ عَمَله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي آخِر " آل عِمْرَانَ " وَالْحَمْد لِلَّهِ.
قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ اِجْتِمَاع الْأُمَم عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُجَاهِد : هُوَ الثَّنَاء الْحَسَن.
قَالَ اِبْن عَطِيَّة : هُوَ الثَّنَاء وَخُلْد الْمَكَانَة بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ ; وَكَذَلِكَ أَجَابَ اللَّه دَعْوَته، وَكُلّ أُمَّة تَتَمَسَّك بِهِ وَتُعَظِّمهُ، وَهُوَ عَلَى الْحَنِيفِيَّة الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ مَكِّيّ : وَقِيلَ مَعْنَاهُ سُؤَاله أَنْ يَكُون مِنْ ذُرِّيَّته فِي آخِر الزَّمَان مَنْ يَقُوم بِالْحَقِّ ; فَأُجِيبَتْ الدَّعْوَة فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَهَذَا مَعْنَى حَسَن إِلَّا أَنَّ لَفْظ الْآيَة لَا يُعْطِيه إِلَّا بِتَحَكُّمٍ عَلَى اللَّفْظ.
وَقَالَ الْقُشَيْرِيّ : أَرَادَ الدُّعَاء الْحَسَن إِلَى قِيَام السَّاعَة ; فَإِنَّ زِيَادَة الثَّوَاب مَطْلُوبَة فِي حَقّ كُلّ أَحَد.
قُلْت : وَقَدْ فَعَلَ اللَّه ذَلِكَ إِذْ لَيْسَ أَحَد يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى إِبْرَاهِيم وَخَاصَّة فِي الصَّلَوَات، وَعَلَى الْمَنَابِر الَّتِي هِيَ أَفْضَل الْحَالَات وَأَفْضَل الدَّرَجَات.
وَالصَّلَاة دُعَاء بِالرَّحْمَةِ : وَالْمُرَاد بِاللِّسَانِ الْقَوْل، وَأَصْله جَارِحَة الْكَلَام.
قَالَ الْقُتَبِيّ : وَمَوْضِع اللِّسَان مَوْضِع الْقَوْل عَلَى الِاسْتِعَارَة، وَقَدْ تُكَنِّي الْعَرَب بِهَا عَنْ الْكَلِمَة.
قَالَ الْأَعْشَى :
إِنِّي أَتَتْنِي لِسَان لَا أُسَرّ بِهَا | مِنْ عُلُوّ لَا عَجَب مِنْهَا وَلَا سَخَر |
أَيْ أَتَانِي خَبَر مِنْ أَعْلَى، وَالتَّأْنِيث لِلْكَلِمَةِ.
وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ خَبَر مَقْتَل أَخِيهِ الْمُنْتَشِر.
رَوَى أَشْهَب عَنْ مَالِك قَالَ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :" وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ " لَا بَأْس أَنْ يُحِبّ الرَّجُل أَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ صَالِحًا وَيُرَى فِي عَمَل الصَّالِحِينَ، إِذَا قَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى ; وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَأَلْقَيْت عَلَيْك مَحَبَّة مِنِّي " [ طه : ٣٩ ] وَقَالَ :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَن وُدًّا " [ مَرْيَم : ٩٦ ] أَيْ حُبًّا فِي قُلُوب عِبَاده وَثَنَاء حَسَنًا، فَنَبَّهَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ :" وَاجْعَلْ لِي لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ " عَلَى اِسْتِحْبَاب اِكْتِسَاب مَا يُورِث الذِّكْر الْجَمِيل.
اللَّيْث بْن سُلَيْمَان : إِذْ هِيَ الْحَيَاة الثَّانِيَة.
قِيلَ :
قَدْ مَاتَ قَوْم وَهُمْ فِي النَّاس أَحْيَاء
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ شُيُوخ.
الزُّهْد فِي هَذَا دَلِيل عَلَى التَّرْغِيب فِي الْعَمَل الصَّالِح الَّذِي يُكْسِب الثَّنَاء الْحَسَن، قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَله إِلَّا مِنْ ثَلَاث ) الْحَدِيث وَفِي رِوَايَة إِنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْغَرْس وَالزَّرْع وَكَذَلِكَ فِيمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا يُكْتَب لَهُ عَمَله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي آخِر " آل عِمْرَانَ " وَالْحَمْد لِلَّهِ.
وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ
دُعَاء بِالْجَنَّةِ وَبِمَنْ يَرِثهَا، وَهُوَ يَرُدّ قَوْل بَعْضهمْ : لَا أَسْأَل جَنَّة وَلَا نَارًا.
دُعَاء بِالْجَنَّةِ وَبِمَنْ يَرِثهَا، وَهُوَ يَرُدّ قَوْل بَعْضهمْ : لَا أَسْأَل جَنَّة وَلَا نَارًا.
وَاغْفِرْ لِأَبِي
كَانَ أَبُوهُ وَعَدَهُ فِي الظَّاهِر أَنْ يُؤْمِن بِهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ لِهَذَا، فَلَمَّا بَانَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِمَا قَالَ تَبَرَّأَ مِنْهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى.
كَانَ أَبُوهُ وَعَدَهُ فِي الظَّاهِر أَنْ يُؤْمِن بِهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ لِهَذَا، فَلَمَّا بَانَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِمَا قَالَ تَبَرَّأَ مِنْهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى.
إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ
أَيْ الْمُشْرِكِينَ.
" وَكَانَ " زَائِدَة.
أَيْ الْمُشْرِكِينَ.
" وَكَانَ " زَائِدَة.
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ
أَيْ لَا تَفْضَحنِي عَلَى رُءُوس الْأَشْهَاد، أَوْ لَا تُعَذِّبنِي يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِي الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ إِبْرَاهِيم يَرَى أَبَاهُ يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ الْغَبَرَة وَالْقَتَرَة ) وَالْغَبَرَة هِيَ الْقَتَرَة.
وَعَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( يَلْقَى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ فَيَقُول يَا رَبّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَلَّا تُخْزِينِي يَوْم يُبْعَثُونَ فَيَقُول اللَّه تَعَالَى إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّة عَلَى الْكَافِرِينَ ) اِنْفَرَدَ بِهِمَا الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه.
أَيْ لَا تَفْضَحنِي عَلَى رُءُوس الْأَشْهَاد، أَوْ لَا تُعَذِّبنِي يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِي الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّ إِبْرَاهِيم يَرَى أَبَاهُ يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ الْغَبَرَة وَالْقَتَرَة ) وَالْغَبَرَة هِيَ الْقَتَرَة.
وَعَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( يَلْقَى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ فَيَقُول يَا رَبّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَلَّا تُخْزِينِي يَوْم يُبْعَثُونَ فَيَقُول اللَّه تَعَالَى إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّة عَلَى الْكَافِرِينَ ) اِنْفَرَدَ بِهِمَا الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه.
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ
" يَوْم " بَدَل مِنْ " يَوْم " الْأَوَّل.
أَيْ يَوْم لَا يَنْفَع مَال وَلَا بَنُونَ أَحَدًا.
وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ :" وَلَا بَنُونَ " الْأَعْوَان ; لِأَنَّ الِابْن إِذَا لَمْ يَنْفَع فَغَيْره مَتَى يَنْفَع ؟ وَقِيلَ : ذَكَرَ الْبَنِينَ لِأَنَّهُ جَرَى ذِكْر وَالِد إِبْرَاهِيم، أَيْ لَمْ يَنْفَعهُ إِبْرَاهِيم.
" يَوْم " بَدَل مِنْ " يَوْم " الْأَوَّل.
أَيْ يَوْم لَا يَنْفَع مَال وَلَا بَنُونَ أَحَدًا.
وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ :" وَلَا بَنُونَ " الْأَعْوَان ; لِأَنَّ الِابْن إِذَا لَمْ يَنْفَع فَغَيْره مَتَى يَنْفَع ؟ وَقِيلَ : ذَكَرَ الْبَنِينَ لِأَنَّهُ جَرَى ذِكْر وَالِد إِبْرَاهِيم، أَيْ لَمْ يَنْفَعهُ إِبْرَاهِيم.
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ الْكَافِرِينَ ; أَيْ لَا يَنْفَعهُ مَاله وَلَا بَنُوهُ.
وَقِيلَ : هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ غَيْر الْجِنْس، أَيْ لَكِنْ " مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم " يَنْفَعهُ لِسَلَامَةِ قَلْبه.
وَخَصَّ الْقَلْب بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي إِذَا سَلِمَ سَلِمَتْ الْجَوَارِح، وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَتْ سَائِر الْجَوَارِح.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل " الْبَقَرَة ".
وَاخْتُلِفَ فِي الْقَلْب السَّلِيم فَقِيلَ : مِنْ الشَّكّ وَالشِّرْك، فَأَمَّا الذُّنُوب فَلَيْسَ يَسْلَم مِنْهَا أَحَد ; قَالَهُ قَتَادَة وَابْن زَيْد وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : الْقَلْب السَّلِيم الصَّحِيح هُوَ قَلْب الْمُؤْمِن ; لِأَنَّ قَلْب الْكَافِر وَالْمُنَافِق مَرِيض ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" فِي قُلُوبهمْ مَرَض " [ الْبَقَرَة : ١٠ ] وَقَالَ أَبُو عُثْمَان السَّيَّارِيّ : هُوَ الْقَلْب الْخَالِي عَنْ الْبِدْعَة الْمُطْمَئِنّ إِلَى السُّنَّة.
وَقَالَ الْحَسَن : سَلِيم مِنْ آفَة الْمَال وَالْبَنِينَ.
وَقَالَ الْجُنَيْد : السَّلِيم فِي اللُّغَة اللَّدِيغ ; فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَلْب كَاللَّدِيغِ مِنْ خَوْف اللَّه.
وَقَالَ الضَّحَّاك : السَّلِيم الْخَالِص.
قُلْت : وَهَذَا الْقَوْل يَجْمَع شَتَات الْأَقْوَال بِعُمُومِهِ وَهُوَ حَسَن، أَيْ الْخَالِص مِنْ الْأَوْصَاف الذَّمِيمَة، وَالْمُتَّصِف بِالْأَوْصَافِ الْجَمِيلَة ; وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَة أَنَّهُ قَالَ : يَا بَنِيَّ لَا تَكُونُوا لَعَّانِينَ فَإِنَّ إِبْرَاهِيم لَمْ يَلْعَن شَيْئًا قَطُّ، قَالَ اللَّه تَعَالَى :" إِذْ جَاءَ رَبّه بِقَلْبٍ سَلِيم " [ الصَّافَّات : ٨٤ ].
وَقَالَ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ : الْقَلْب السَّلِيم أَنْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه حَقّ، وَأَنَّ السَّاعَة قَائِمَة، وَأَنَّ اللَّه يَبْعَث مَنْ فِي الْقُبُور.
وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( يَدْخُل الْجَنَّة أَقْوَام أَفْئِدَتهمْ مِثْل أَفْئِدَة الطَّيْر ) يُرِيد - وَاَللَّه أَعْلَم - أَنَّهَا مِثْلهَا فِي أَنَّهَا خَالِيَة مِنْ كُلّ ذَنْب، سَلِيمَة مِنْ كُلّ عَيْب، لَا خِبْرَة لَهُمْ بِأُمُورِ الدُّنْيَا ; كَمَا رَوَى أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( أَكْثَر أَهْل الْجَنَّة الْبُلْه ) وَهُوَ حَدِيث صَحِيح.
أَيْ الْبُلْه عَنْ مَعَاصِي اللَّه.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ : الْأَبْلَه هُنَا هُوَ الَّذِي طُبِعَ عَلَى الْخَيْر وَهُوَ غَافِل عَنْ الشَّرّ لَا يَعْرِفهُ.
وَقَالَ الْقُتَبِيّ : الْبُلْه هُمْ الَّذِينَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ سَلَامَة الصُّدُور وَحُسْن الظَّنّ بِالنَّاسِ.
هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ الْكَافِرِينَ ; أَيْ لَا يَنْفَعهُ مَاله وَلَا بَنُوهُ.
وَقِيلَ : هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ غَيْر الْجِنْس، أَيْ لَكِنْ " مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم " يَنْفَعهُ لِسَلَامَةِ قَلْبه.
وَخَصَّ الْقَلْب بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي إِذَا سَلِمَ سَلِمَتْ الْجَوَارِح، وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَتْ سَائِر الْجَوَارِح.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل " الْبَقَرَة ".
وَاخْتُلِفَ فِي الْقَلْب السَّلِيم فَقِيلَ : مِنْ الشَّكّ وَالشِّرْك، فَأَمَّا الذُّنُوب فَلَيْسَ يَسْلَم مِنْهَا أَحَد ; قَالَهُ قَتَادَة وَابْن زَيْد وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : الْقَلْب السَّلِيم الصَّحِيح هُوَ قَلْب الْمُؤْمِن ; لِأَنَّ قَلْب الْكَافِر وَالْمُنَافِق مَرِيض ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" فِي قُلُوبهمْ مَرَض " [ الْبَقَرَة : ١٠ ] وَقَالَ أَبُو عُثْمَان السَّيَّارِيّ : هُوَ الْقَلْب الْخَالِي عَنْ الْبِدْعَة الْمُطْمَئِنّ إِلَى السُّنَّة.
وَقَالَ الْحَسَن : سَلِيم مِنْ آفَة الْمَال وَالْبَنِينَ.
وَقَالَ الْجُنَيْد : السَّلِيم فِي اللُّغَة اللَّدِيغ ; فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَلْب كَاللَّدِيغِ مِنْ خَوْف اللَّه.
وَقَالَ الضَّحَّاك : السَّلِيم الْخَالِص.
قُلْت : وَهَذَا الْقَوْل يَجْمَع شَتَات الْأَقْوَال بِعُمُومِهِ وَهُوَ حَسَن، أَيْ الْخَالِص مِنْ الْأَوْصَاف الذَّمِيمَة، وَالْمُتَّصِف بِالْأَوْصَافِ الْجَمِيلَة ; وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَة أَنَّهُ قَالَ : يَا بَنِيَّ لَا تَكُونُوا لَعَّانِينَ فَإِنَّ إِبْرَاهِيم لَمْ يَلْعَن شَيْئًا قَطُّ، قَالَ اللَّه تَعَالَى :" إِذْ جَاءَ رَبّه بِقَلْبٍ سَلِيم " [ الصَّافَّات : ٨٤ ].
وَقَالَ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ : الْقَلْب السَّلِيم أَنْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه حَقّ، وَأَنَّ السَّاعَة قَائِمَة، وَأَنَّ اللَّه يَبْعَث مَنْ فِي الْقُبُور.
وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( يَدْخُل الْجَنَّة أَقْوَام أَفْئِدَتهمْ مِثْل أَفْئِدَة الطَّيْر ) يُرِيد - وَاَللَّه أَعْلَم - أَنَّهَا مِثْلهَا فِي أَنَّهَا خَالِيَة مِنْ كُلّ ذَنْب، سَلِيمَة مِنْ كُلّ عَيْب، لَا خِبْرَة لَهُمْ بِأُمُورِ الدُّنْيَا ; كَمَا رَوَى أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( أَكْثَر أَهْل الْجَنَّة الْبُلْه ) وَهُوَ حَدِيث صَحِيح.
أَيْ الْبُلْه عَنْ مَعَاصِي اللَّه.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ : الْأَبْلَه هُنَا هُوَ الَّذِي طُبِعَ عَلَى الْخَيْر وَهُوَ غَافِل عَنْ الشَّرّ لَا يَعْرِفهُ.
وَقَالَ الْقُتَبِيّ : الْبُلْه هُمْ الَّذِينَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ سَلَامَة الصُّدُور وَحُسْن الظَّنّ بِالنَّاسِ.
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
أَيْ قُرِّبَتْ وَأُدْنِيَتْ لِيَدْخُلُوهَا.
وَقَالَ الزَّجَّاج : قَرُبَ دُخُولهمْ إِيَّاهَا.
أَيْ قُرِّبَتْ وَأُدْنِيَتْ لِيَدْخُلُوهَا.
وَقَالَ الزَّجَّاج : قَرُبَ دُخُولهمْ إِيَّاهَا.
وَبُرِّزَتِ
أَيْ أُظْهِرَتْ
أَيْ أُظْهِرَتْ
الْجَحِيمُ
يَعْنِي جَهَنَّم.
يَعْنِي جَهَنَّم.
لِلْغَاوِينَ
أَيْ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ الْهُدَى.
أَيْ تَظْهَر جَهَنَّم لِأَهْلِهَا قَبْل أَنْ يَدْخُلُوهَا حَتَّى يَسْتَشْعِرُوا الرَّوْع وَالْحُزْن، كَمَا يَسْتَشْعِر أَهْل الْجَنَّة الْفَرَح لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة.
أَيْ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ الْهُدَى.
أَيْ تَظْهَر جَهَنَّم لِأَهْلِهَا قَبْل أَنْ يَدْخُلُوهَا حَتَّى يَسْتَشْعِرُوا الرَّوْع وَالْحُزْن، كَمَا يَسْتَشْعِر أَهْل الْجَنَّة الْفَرَح لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة.
وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
مِنْ الْأَصْنَام وَالْأَنْدَاد
مِنْ الْأَصْنَام وَالْأَنْدَاد
مِنْ دُونِ اللَّهِ
مِنْ الْأَصْنَام وَالْأَنْدَاد
مِنْ الْأَصْنَام وَالْأَنْدَاد
هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ
مِنْ عَذَاب اللَّه
مِنْ عَذَاب اللَّه
أَوْ يَنْتَصِرُونَ
لِأَنْفُسِهِمْ.
وَهَذَا كُلّه تَوْبِيخ.
لِأَنْفُسِهِمْ.
وَهَذَا كُلّه تَوْبِيخ.
فَكُبْكِبُوا فِيهَا
أَيْ قُلِّبُوا عَلَى رُءُوسهمْ.
وَقِيلَ : دُهْوِرُوا وَأُلْقِيَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض.
وَقِيلَ : جُمِعُوا.
مَأْخُوذ مِنْ الْكَبْكَبَة وَهِيَ الْجَمَاعَة ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
وَقَالَ النَّحَّاس : هُوَ مُشْتَقّ مِنْ كَوْكَب الشَّيْء أَيْ مُعْظَمه.
وَالْجَمَاعَة مِنْ الْخَيْل كَوْكَب وَكَبْكَبَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : جُمِعُوا فَطُرِحُوا فِي النَّار.
وَقَالَ مُجَاهِد : دُهْوِرُوا.
وَقَالَ مُقَاتِل : قُذِفُوا.
وَالْمَعْنَى وَاحِد.
تَقُول : دَهْوَرْت الشَّيْء إِذَا جَمَعْته ثُمَّ قَذَفْته فِي مَهْوَاة.
يُقَال : هُوَ يُدَهْوِر اللُّقَم إِذَا كَبَّرَهَا.
وَيُقَال : فِي الدُّعَاء كَبَّ اللَّه عَدُوّ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُقَال أَكَبَّهُ.
وَكَبْكَبَهُ، أَيْ كَبَّهُ وَقَلَّبَهُ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" فَكُبْكِبُوا فِيهَا " وَالْأَصْل كُبِّبُوا فَأُبْدِلَ مِنْ الْبَاء الْوُسْطَى كَاف اِسْتِثْقَالًا لِاجْتِمَاعِ الْبَاءَات.
قَالَ السُّدِّيّ : الضَّمِير فِي " كُبْكِبُوا " لِمُشْرِكِي الْعَرَب
أَيْ قُلِّبُوا عَلَى رُءُوسهمْ.
وَقِيلَ : دُهْوِرُوا وَأُلْقِيَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض.
وَقِيلَ : جُمِعُوا.
مَأْخُوذ مِنْ الْكَبْكَبَة وَهِيَ الْجَمَاعَة ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
وَقَالَ النَّحَّاس : هُوَ مُشْتَقّ مِنْ كَوْكَب الشَّيْء أَيْ مُعْظَمه.
وَالْجَمَاعَة مِنْ الْخَيْل كَوْكَب وَكَبْكَبَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : جُمِعُوا فَطُرِحُوا فِي النَّار.
وَقَالَ مُجَاهِد : دُهْوِرُوا.
وَقَالَ مُقَاتِل : قُذِفُوا.
وَالْمَعْنَى وَاحِد.
تَقُول : دَهْوَرْت الشَّيْء إِذَا جَمَعْته ثُمَّ قَذَفْته فِي مَهْوَاة.
يُقَال : هُوَ يُدَهْوِر اللُّقَم إِذَا كَبَّرَهَا.
وَيُقَال : فِي الدُّعَاء كَبَّ اللَّه عَدُوّ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُقَال أَكَبَّهُ.
وَكَبْكَبَهُ، أَيْ كَبَّهُ وَقَلَّبَهُ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" فَكُبْكِبُوا فِيهَا " وَالْأَصْل كُبِّبُوا فَأُبْدِلَ مِنْ الْبَاء الْوُسْطَى كَاف اِسْتِثْقَالًا لِاجْتِمَاعِ الْبَاءَات.
قَالَ السُّدِّيّ : الضَّمِير فِي " كُبْكِبُوا " لِمُشْرِكِي الْعَرَب
هُمْ وَالْغَاوُونَ
الْآلِهَة.
الْآلِهَة.
وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ
مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّته.
وَقِيلَ : كُلّ مَنْ دَعَاهُ إِلَى عِبَادَة الْأَصْنَام فَاتَّبَعَهُ.
وَقَالَ قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل :" الْغَاوُونَ " هُمْ الشَّيَاطِين.
وَقِيلَ : إِنَّمَا تُلْقَى الْأَصْنَام فِي النَّار وَهِيَ حَدِيد وَنُحَاس لِيُعَذَّب بِهَا غَيْرهمْ.
مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّته.
وَقِيلَ : كُلّ مَنْ دَعَاهُ إِلَى عِبَادَة الْأَصْنَام فَاتَّبَعَهُ.
وَقَالَ قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل :" الْغَاوُونَ " هُمْ الشَّيَاطِين.
وَقِيلَ : إِنَّمَا تُلْقَى الْأَصْنَام فِي النَّار وَهِيَ حَدِيد وَنُحَاس لِيُعَذَّب بِهَا غَيْرهمْ.
قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ
يَعْنِي الْإِنْس وَالشَّيَاطِين وَالْغَاوِينَ وَالْمَعْبُودِينَ اِخْتَصَمُوا حِينَئِذٍ.
يَعْنِي الْإِنْس وَالشَّيَاطِين وَالْغَاوِينَ وَالْمَعْبُودِينَ اِخْتَصَمُوا حِينَئِذٍ.
تَاللَّهِ
حَلَفُوا بِاَللَّهِ
حَلَفُوا بِاَللَّهِ
إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
أَيْ فِي خَسَار وَتَبَار وَحَيْرَة عَنْ الْحَقّ بَيِّنَة إِذَا اِتَّخَذْنَا مَعَ اللَّه آلِهَة فَعَبَدْنَاهَا كَمَا يُعْبَد ;
أَيْ فِي خَسَار وَتَبَار وَحَيْرَة عَنْ الْحَقّ بَيِّنَة إِذَا اِتَّخَذْنَا مَعَ اللَّه آلِهَة فَعَبَدْنَاهَا كَمَا يُعْبَد ;
إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ
أَيْ فِي الْعِبَادَة وَأَنْتُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ الْآن نَصْرنَا وَلَا نَصْر أَنْفُسكُمْ.
أَيْ فِي الْعِبَادَة وَأَنْتُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ الْآن نَصْرنَا وَلَا نَصْر أَنْفُسكُمْ.
وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ
يَعْنِي الشَّيَاطِين الَّذِينَ زَيَّنُوا لَنَا عِبَادَة الْأَصْنَام.
وَقِيلَ : أَسْلَافنَا الَّذِينَ قَلَّدْنَاهُمْ.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَعِكْرِمَة :" الْمُجْرِمُونَ " إِبْلِيس وَابْن آدَم الْقَاتِل هُمَا أَوَّل مَنْ سَنَّ الْكُفْر وَالْقَتْل وَأَنْوَاع الْمَعَاصِي.
يَعْنِي الشَّيَاطِين الَّذِينَ زَيَّنُوا لَنَا عِبَادَة الْأَصْنَام.
وَقِيلَ : أَسْلَافنَا الَّذِينَ قَلَّدْنَاهُمْ.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَعِكْرِمَة :" الْمُجْرِمُونَ " إِبْلِيس وَابْن آدَم الْقَاتِل هُمَا أَوَّل مَنْ سَنَّ الْكُفْر وَالْقَتْل وَأَنْوَاع الْمَعَاصِي.
فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ
أَيْ شُفَعَاء يَشْفَعُونَ لَنَا مِنْ الْمَلَائِكَة وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ.
أَيْ شُفَعَاء يَشْفَعُونَ لَنَا مِنْ الْمَلَائِكَة وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ.
وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
أَيْ صَدِيق مُشْفِق ; وَكَانَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : عَلَيْكُمْ بِالْإِخْوَانِ فَإِنَّهُمْ عُدَّة الدُّنْيَا وَعُدَّة الْآخِرَة ; أَلَا تَسْمَع إِلَى قَوْل أَهْل النَّار :" فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيق حَمِيم " الزَّمَخْشَرِيّ : وَجُمِعَ الشَّافِع لِكَثْرَةِ الشَّافِعِينَ وَوُحِّدَ الصَّدِيق لِقِلَّتِهِ ; أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُل إِذَا اُمْتُحِنَ بِإِرْهَاقِ ظَالِم مَضَتْ جَمَاعَة وَافِرَة مِنْ أَهْل بَلَده لِشَفَاعَتِهِ ; رَحْمَة لَهُ وَحِسْبَة وَإِنْ لَمْ تَسْبِق لَهُ بِأَكْثَرِهِمْ مَعْرِفَة ; وَأَمَّا الصَّدِيق فَهُوَ الصَّادِق فِي وِدَادك الَّذِي يُهِمّهُ مَا يُهِمّك فَأَعَزّ مِنْ بِيض الْأُنُوق ; وَعَنْ بَعْض الْحُكَمَاء أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّدِيق فَقَالَ : اِسْم لَا مَعْنَى لَهُ.
وَيَجُوز أَنْ يُرِيد بِالصَّدِيقِ الْجَمْع وَالْحَمِيم الْقَرِيب وَالْخَاصّ ; وَمِنْهُ حَامَّة الرَّجُل أَيْ أَقْرِبَاؤُهُ.
وَأَصْل هَذَا مِنْ الْحَمِيم وَهُوَ الْمَاء الْحَارّ ; وَمِنْهُ الْحَمَّام وَالْحُمَّى ; فَحَامَّة الرَّجُل الَّذِينَ يُحْرِقهُمْ مَا أَحْرَقَهُ ; يُقَال : وَهُمْ حُزَانَته أَيْ يُحْزِنهُمْ مَا يُحْزِنهُ.
وَيُقَال : حُمَّ الشَّيْء وَأَحَمَّ إِذَا قَرُبَ، وَمِنْهُ الْحُمَّى ; لِأَنَّهَا تَقْرُب مِنْ الْأَجَل.
وَقَالَ عَلِيّ بْن عِيسَى : إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَرِيب حَمِيمًا ; لِأَنَّهُ يُحْمَى لِغَضَبِ صَاحِبه، فَجَعَلَهُ مَأْخُوذًا مِنْ الْحَمِيَّة.
وَقَالَ قَتَادَة : يُذْهِب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة مَوَدَّة الصَّدِيق وَرِقَّة الْحَمِيم.
وَيَجُوز :" وَلَا صَدِيق حَمِيم " بِالرَّفْعِ عَلَى مَوْضِع " مِنْ شَافِعِينَ " ; لِأَنَّ " مِنْ شَافِعِينَ " فِي مَوْضِع رَفْع.
وَجَمْع صِدِّيق أَصْدِقَاء وَصُدَقَاء وَصِدَاق.
وَلَا يُقَال صُدُق لِلْفَرْقِ بَيْن النَّعْت وَغَيْره.
وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ : أَنَّهُ يُقَال فِي جَمْعه صُدْقَان.
النَّحَّاس : وَهَذَا بَعِيد ; لِأَنَّ هَذَا جَمْع مَا لَيْسَ بِنَعْتٍ نَحْو رَغِيف وَرُغْفَان.
وَحَكَمُوا أَيْضًا صَدِيق وَأَصَادِق.
وَأَفَاعِل إِنَّمَا هُوَ جَمْع أَفْعَل إِذَا لَمْ يَكُنْ نَعْتًا نَحْو أَشْجَع وَأَشَاجِع.
وَيُقَال : صَدِيق لِلْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَة وَلِلْمَرْأَةِ ; قَالَ الشَّاعِر :
وَيُقَال : فُلَان صَدِيقِي أَيْ أَخَصّ أَصْدِقَائِي، وَإِنَّمَا يُصَغَّر عَلَى جِهَة الْمَدْح ; كَقَوْلِ حُبَاب بْن الْمُنْذِر :( أَنَا جُذَيْلهَا الْمُحَكَّك، وَعُذَيْقهَا الْمُرَجَّب ) ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيّ.
النَّحَّاس : وَجَمْع حَمِيم أَحِمَّاء وَأَحِمَّة وَكَرِهُوا أَفْعِلَاء لِلتَّضْعِيفِ.
أَيْ صَدِيق مُشْفِق ; وَكَانَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : عَلَيْكُمْ بِالْإِخْوَانِ فَإِنَّهُمْ عُدَّة الدُّنْيَا وَعُدَّة الْآخِرَة ; أَلَا تَسْمَع إِلَى قَوْل أَهْل النَّار :" فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيق حَمِيم " الزَّمَخْشَرِيّ : وَجُمِعَ الشَّافِع لِكَثْرَةِ الشَّافِعِينَ وَوُحِّدَ الصَّدِيق لِقِلَّتِهِ ; أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُل إِذَا اُمْتُحِنَ بِإِرْهَاقِ ظَالِم مَضَتْ جَمَاعَة وَافِرَة مِنْ أَهْل بَلَده لِشَفَاعَتِهِ ; رَحْمَة لَهُ وَحِسْبَة وَإِنْ لَمْ تَسْبِق لَهُ بِأَكْثَرِهِمْ مَعْرِفَة ; وَأَمَّا الصَّدِيق فَهُوَ الصَّادِق فِي وِدَادك الَّذِي يُهِمّهُ مَا يُهِمّك فَأَعَزّ مِنْ بِيض الْأُنُوق ; وَعَنْ بَعْض الْحُكَمَاء أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّدِيق فَقَالَ : اِسْم لَا مَعْنَى لَهُ.
وَيَجُوز أَنْ يُرِيد بِالصَّدِيقِ الْجَمْع وَالْحَمِيم الْقَرِيب وَالْخَاصّ ; وَمِنْهُ حَامَّة الرَّجُل أَيْ أَقْرِبَاؤُهُ.
وَأَصْل هَذَا مِنْ الْحَمِيم وَهُوَ الْمَاء الْحَارّ ; وَمِنْهُ الْحَمَّام وَالْحُمَّى ; فَحَامَّة الرَّجُل الَّذِينَ يُحْرِقهُمْ مَا أَحْرَقَهُ ; يُقَال : وَهُمْ حُزَانَته أَيْ يُحْزِنهُمْ مَا يُحْزِنهُ.
وَيُقَال : حُمَّ الشَّيْء وَأَحَمَّ إِذَا قَرُبَ، وَمِنْهُ الْحُمَّى ; لِأَنَّهَا تَقْرُب مِنْ الْأَجَل.
وَقَالَ عَلِيّ بْن عِيسَى : إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَرِيب حَمِيمًا ; لِأَنَّهُ يُحْمَى لِغَضَبِ صَاحِبه، فَجَعَلَهُ مَأْخُوذًا مِنْ الْحَمِيَّة.
وَقَالَ قَتَادَة : يُذْهِب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة مَوَدَّة الصَّدِيق وَرِقَّة الْحَمِيم.
وَيَجُوز :" وَلَا صَدِيق حَمِيم " بِالرَّفْعِ عَلَى مَوْضِع " مِنْ شَافِعِينَ " ; لِأَنَّ " مِنْ شَافِعِينَ " فِي مَوْضِع رَفْع.
وَجَمْع صِدِّيق أَصْدِقَاء وَصُدَقَاء وَصِدَاق.
وَلَا يُقَال صُدُق لِلْفَرْقِ بَيْن النَّعْت وَغَيْره.
وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ : أَنَّهُ يُقَال فِي جَمْعه صُدْقَان.
النَّحَّاس : وَهَذَا بَعِيد ; لِأَنَّ هَذَا جَمْع مَا لَيْسَ بِنَعْتٍ نَحْو رَغِيف وَرُغْفَان.
وَحَكَمُوا أَيْضًا صَدِيق وَأَصَادِق.
وَأَفَاعِل إِنَّمَا هُوَ جَمْع أَفْعَل إِذَا لَمْ يَكُنْ نَعْتًا نَحْو أَشْجَع وَأَشَاجِع.
وَيُقَال : صَدِيق لِلْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَة وَلِلْمَرْأَةِ ; قَالَ الشَّاعِر :
نَصَبْنَ الْهَوَى ثُمَّ اِرْتَمَيْنَ قُلُوبنَا | بِأَعْيُنِ أَعْدَاء وَهُنَّ صَدِيق |
النَّحَّاس : وَجَمْع حَمِيم أَحِمَّاء وَأَحِمَّة وَكَرِهُوا أَفْعِلَاء لِلتَّضْعِيفِ.
فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
" أَنَّ " فِي مَوْضِع رَفْع، الْمَعْنَى وَلَوْ وَقَعَ لَنَا رُجُوع إِلَى الدُّنْيَا لَآمَنَّا حَتَّى يَكُون لَنَا شُفَعَاء.
تَمَنَّوْا حِين لَا يَنْفَعهُمْ التَّمَنِّي.
وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ حِين شَفَعَ الْمَلَائِكَة وَالْمُؤْمِنُونَ.
قَالَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ الرَّجُل لَيَقُول فِي الْجَنَّة مَا فَعَلَ فُلَان وَصَدِيقه فِي الْجَحِيم فَلَا يَزَال يَشْفَع لَهُ حَتَّى يُشَفِّعهُ اللَّه فِيهِ فَإِذَا نَجَا قَالَ الْمُشْرِكُونَ :( مَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيق حَمِيم ).
وَقَالَ الْحَسَن : مَا اِجْتَمَعَ مَلَأ عَلَى ذِكْر اللَّه، فِيهِمْ عَبْد مِنْ أَهْل الْجَنَّة إِلَّا شَفَّعَهُ اللَّه فِيهِمْ، وَإِنَّ أَهْل الْإِيمَان لَيَشْفَع بَعْضهمْ فِي بَعْض وَهُمْ عِنْد اللَّه شَافِعُونَ مُشَفَّعُونَ.
وَقَالَ كَعْب : إِنَّ الرَّجُلَيْنِ كَانَا صَدِيقَيْنِ فِي الدُّنْيَا، فَيَمُرّ أَحَدهمَا بِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُجَرّ إِلَى النَّار، فَيَقُول لَهُ أَخُوهُ : وَاَللَّه مَا بَقِيَ لِي إِلَّا حَسَنَة وَاحِدَة أَنْجُو بِهَا، خُذْهَا أَنْتَ يَا أَخِي فَتَنْجُو بِهَا مِمَّا أَرَى، وَأَبْقَى أَنَا وَإِيَّاكَ مِنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف.
قَالَ : فَيَأْمُر اللَّه بِهِمَا جَمِيعًا فَيَدْخُلَانِ الْجَنَّة.
" أَنَّ " فِي مَوْضِع رَفْع، الْمَعْنَى وَلَوْ وَقَعَ لَنَا رُجُوع إِلَى الدُّنْيَا لَآمَنَّا حَتَّى يَكُون لَنَا شُفَعَاء.
تَمَنَّوْا حِين لَا يَنْفَعهُمْ التَّمَنِّي.
وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ حِين شَفَعَ الْمَلَائِكَة وَالْمُؤْمِنُونَ.
قَالَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( إِنَّ الرَّجُل لَيَقُول فِي الْجَنَّة مَا فَعَلَ فُلَان وَصَدِيقه فِي الْجَحِيم فَلَا يَزَال يَشْفَع لَهُ حَتَّى يُشَفِّعهُ اللَّه فِيهِ فَإِذَا نَجَا قَالَ الْمُشْرِكُونَ :( مَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيق حَمِيم ).
وَقَالَ الْحَسَن : مَا اِجْتَمَعَ مَلَأ عَلَى ذِكْر اللَّه، فِيهِمْ عَبْد مِنْ أَهْل الْجَنَّة إِلَّا شَفَّعَهُ اللَّه فِيهِمْ، وَإِنَّ أَهْل الْإِيمَان لَيَشْفَع بَعْضهمْ فِي بَعْض وَهُمْ عِنْد اللَّه شَافِعُونَ مُشَفَّعُونَ.
وَقَالَ كَعْب : إِنَّ الرَّجُلَيْنِ كَانَا صَدِيقَيْنِ فِي الدُّنْيَا، فَيَمُرّ أَحَدهمَا بِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُجَرّ إِلَى النَّار، فَيَقُول لَهُ أَخُوهُ : وَاَللَّه مَا بَقِيَ لِي إِلَّا حَسَنَة وَاحِدَة أَنْجُو بِهَا، خُذْهَا أَنْتَ يَا أَخِي فَتَنْجُو بِهَا مِمَّا أَرَى، وَأَبْقَى أَنَا وَإِيَّاكَ مِنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف.
قَالَ : فَيَأْمُر اللَّه بِهِمَا جَمِيعًا فَيَدْخُلَانِ الْجَنَّة.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنْبَات فِي الْأَرْض لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَادِر، لَا يُعْجِزهُ شَيْء.
أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنْبَات فِي الْأَرْض لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَادِر، لَا يُعْجِزهُ شَيْء.
وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
أَيْ مُصَدِّقِينَ لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ.
وَ " كَانَ " هُنَا صِلَة فِي قَوْل سِيبَوَيْهِ ; تَقْدِيره : وَمَا أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ.
أَيْ مُصَدِّقِينَ لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ.
وَ " كَانَ " هُنَا صِلَة فِي قَوْل سِيبَوَيْهِ ; تَقْدِيره : وَمَا أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ
قَالَ " كَذَّبَتْ " وَالْقَوْم مُذَكَّر ; لِأَنَّ الْمَعْنَى كَذَّبَتْ جَمَاعَة قَوْم نُوح، وَقَالَ :" الْمُرْسَلِينَ " لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ الرُّسُل ; لِأَنَّ كُلّ رَسُول يَأْمُر بِتَصْدِيقِ جَمِيع الرُّسُل.
وَقِيلَ : كَذَّبُوا نُوحًا فِي النُّبُوَّة وَفِيمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ مِنْ مَجِيء الْمُرْسَلِينَ بَعْده.
وَقِيلَ : ذَكَرَ الْجِنْس وَالْمُرَاد نُوح عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْفُرْقَان ".
قَالَ " كَذَّبَتْ " وَالْقَوْم مُذَكَّر ; لِأَنَّ الْمَعْنَى كَذَّبَتْ جَمَاعَة قَوْم نُوح، وَقَالَ :" الْمُرْسَلِينَ " لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ الرُّسُل ; لِأَنَّ كُلّ رَسُول يَأْمُر بِتَصْدِيقِ جَمِيع الرُّسُل.
وَقِيلَ : كَذَّبُوا نُوحًا فِي النُّبُوَّة وَفِيمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ مِنْ مَجِيء الْمُرْسَلِينَ بَعْده.
وَقِيلَ : ذَكَرَ الْجِنْس وَالْمُرَاد نُوح عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْفُرْقَان ".
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ
أَيْ اِبْن أَبِيهِمْ وَهِيَ أُخُوَّة نَسَب لَا أُخُوَّة دِين.
وَقِيلَ : هِيَ أُخُوَّة الْمُجَانَسَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه " [ إِبْرَاهِيم : ٤ ] وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف ".
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب يَا أَخَا بَنِي تَمِيم.
يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَمِنْهُ بَيْت الْحَمَاسَة :
أَيْ اِبْن أَبِيهِمْ وَهِيَ أُخُوَّة نَسَب لَا أُخُوَّة دِين.
وَقِيلَ : هِيَ أُخُوَّة الْمُجَانَسَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه " [ إِبْرَاهِيم : ٤ ] وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف ".
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب يَا أَخَا بَنِي تَمِيم.
يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَمِنْهُ بَيْت الْحَمَاسَة :
لَا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِين يَنْدُبهُمْ | فِي النَّائِبَات عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانًا |
لَهُ تَبَع قَدْ يَعْلَم النَّاس أَنَّهُ | عَلَى مَنْ يُدَانِي صَيِّف وَرَبِيع |
وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِير فِي قَوْله :" أَنُؤْمِنُ لَك " وَالتَّقْدِير : أَنُؤْمِنُ لَك نَحْنُ وَأَتْبَاعك الْأَرْذَلُونَ فَنُعَدّ مِنْهُمْ ; وَحَسَّنَ ذَلِكَ الْفَصْل بِقَوْلِهِ :" لَك " وَقَدْ مَضَى الْقَوْل فِي الْأَرَاذِل فِي سُورَة " هُود " مُسْتَوْفًى.
وَنَزِيدهُ هُنَا بَيَانًا وَهِيَ الْمَسْأَلَة :
الثَّانِيَة : فَقِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ بَنُوهُ وَنِسَاؤُهُ وَكَنَّاته وَبَنُو بَنِيهِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ مَعَهُمْ غَيْرهمْ أَمْ لَا.
وَعَلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَالْكُلّ صَالِحُونَ ; وَقَدْ قَالَ نُوح :" وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِي مِنْ الْمُؤْمِنِينَ " وَاَلَّذِينَ مَعَهُ هُمْ الَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ، وَلَا يَلْحَقهُمْ مِنْ قَوْل الْكَفَرَة شَيْن وَلَا ذَمّ بَلْ الْأَرْذَلُونَ هُمْ الْمُكَذِّبُونَ لَهُمْ.
قَالَ السُّهَيْلِيّ : وَقَدْ أُغْرِيَ كَثِير مِنْ الْعَوَامّ بِمَقَالَةٍ رُوِيَتْ فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة : هُمْ الْحَاكَة وَالْحَجَّامُونَ.
وَلَوْ كَانُوا حَاكَة كَمَا زَعَمُوا لَكَانَ إِيمَانهمْ بِنَبِيِّ اللَّه وَاتِّبَاعهمْ لَهُ مُشَرِّفًا كَمَا تَشَرَّفَ بِلَال وَسَلْمَان بِسَبَقِهِمَا لِلْإِسْلَامِ ; فَهُمَا مِنْ وُجُوه أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ أَكَابِرهمْ، فَلَا ذُرِّيَّة نُوح كَانُوا حَاكَة وَلَا حَجَّامِينَ، وَلَا قَوْل الْكَفَرَة فِي الْحَاكَة وَالْحَجَّامِينَ إِنْ كَانُوا آمَنُوا بِهِمْ أَرْذَلُونَ مَا يَلْحَق الْيَوْم بِحَاكَتِنَا ذَمًّا وَلَا نَقْصًا ; لِأَنَّ هَذِهِ حِكَايَة عَنْ قَوْل الْكَفَرَة إِلَّا أَنْ يُجْعَل الْكَفَرَة حُجَّة وَمَقَالَتهمْ أَصْلًا ; وَهَذَا جَهْل عَظِيم وَقَدْ أَعْلَمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ الصِّنَاعَات لَيْسَتْ بِضَائِرَةٍ فِي الدِّين.
قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
" كَانَ " زَائِدَة ; وَالْمَعْنَى : وَمَا عِلْمِي بِمَا يَعْمَلُونَ ; أَيْ لَمْ أُكَلَّف الْعِلْم بِأَعْمَالِهِمْ إِنَّمَا كُلِّفْت أَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِيمَان، وَالِاعْتِبَار بِالْإِيمَانِ لَا بِالْحِرَفِ وَالصَّنَائِع ; وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّمَا اِتَّبَعَك هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاء طَمَعًا فِي الْعِزَّة وَالْمَال.
فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَقِف عَلَى بَاطِن أَمْرهمْ وَإِنَّمَا إِلَيَّ ظَاهِرهمْ.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى إِنِّي لَمْ أَعْلَم أَنَّ اللَّه يَهْدِيهِمْ وَيُضِلّكُمْ وَيُرْشِدهُمْ وَيُغْوِيكُمْ وَيُوَفِّقهُمْ وَيَخْذُلكُمْ.
" كَانَ " زَائِدَة ; وَالْمَعْنَى : وَمَا عِلْمِي بِمَا يَعْمَلُونَ ; أَيْ لَمْ أُكَلَّف الْعِلْم بِأَعْمَالِهِمْ إِنَّمَا كُلِّفْت أَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِيمَان، وَالِاعْتِبَار بِالْإِيمَانِ لَا بِالْحِرَفِ وَالصَّنَائِع ; وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّمَا اِتَّبَعَك هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاء طَمَعًا فِي الْعِزَّة وَالْمَال.
فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَقِف عَلَى بَاطِن أَمْرهمْ وَإِنَّمَا إِلَيَّ ظَاهِرهمْ.
وَقِيلَ : الْمَعْنَى إِنِّي لَمْ أَعْلَم أَنَّ اللَّه يَهْدِيهِمْ وَيُضِلّكُمْ وَيُرْشِدهُمْ وَيُغْوِيكُمْ وَيُوَفِّقهُمْ وَيَخْذُلكُمْ.
إِنْ حِسَابُهُمْ
أَيْ فِي أَعْمَالهمْ وَإِيمَانهمْ
أَيْ فِي أَعْمَالهمْ وَإِيمَانهمْ
إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ
وَجَوَاب " لَوْ " مَحْذُوف ; أَيْ لَوْ شَعَرْتُمْ أَنَّ حِسَابهمْ عَلَى رَبّهمْ لَمَا عِبْتُمُوهُمْ بِصَنَائِعِهِمْ.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة :" تَشْعُرُونَ " بِالتَّاءِ عَلَى الْمُخَاطَبَة لِلْكُفَّارِ وَهُوَ الظَّاهِر وَقَرَأَ اِبْن أَبِي عَبْلَة وَمُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع :" لَوْ يَشْعُرُونَ " بِالْيَاءِ كَأَنَّهُ خَبَر عَنْ الْكُفَّار وَتَرَكَ الْخِطَاب لَهُمْ ; نَحْو قَوْله :" حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ " [ يُونُس : ٢٢ ].
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سُفْيَان عَنْ اِمْرَأَة زَنَتْ وَقَتَلَتْ وَلَدهَا وَهِيَ مُسْلِمَة هَلْ يُقْطَع لَهَا بِالنَّارِ ؟ فَقَالَ :" إِنْ حِسَابهمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ".
وَجَوَاب " لَوْ " مَحْذُوف ; أَيْ لَوْ شَعَرْتُمْ أَنَّ حِسَابهمْ عَلَى رَبّهمْ لَمَا عِبْتُمُوهُمْ بِصَنَائِعِهِمْ.
وَقِرَاءَة الْعَامَّة :" تَشْعُرُونَ " بِالتَّاءِ عَلَى الْمُخَاطَبَة لِلْكُفَّارِ وَهُوَ الظَّاهِر وَقَرَأَ اِبْن أَبِي عَبْلَة وَمُحَمَّد بْن السَّمَيْقَع :" لَوْ يَشْعُرُونَ " بِالْيَاءِ كَأَنَّهُ خَبَر عَنْ الْكُفَّار وَتَرَكَ الْخِطَاب لَهُمْ ; نَحْو قَوْله :" حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ " [ يُونُس : ٢٢ ].
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سُفْيَان عَنْ اِمْرَأَة زَنَتْ وَقَتَلَتْ وَلَدهَا وَهِيَ مُسْلِمَة هَلْ يُقْطَع لَهَا بِالنَّارِ ؟ فَقَالَ :" إِنْ حِسَابهمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ".
وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ
أَيْ لِخُسَاسَةِ أَحْوَالهمْ وَأَشْغَالهمْ.
وَكَأَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْهُ طَرْد الضُّعَفَاء كَمَا طَلَبَتْهُ قُرَيْش.
أَيْ لِخُسَاسَةِ أَحْوَالهمْ وَأَشْغَالهمْ.
وَكَأَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْهُ طَرْد الضُّعَفَاء كَمَا طَلَبَتْهُ قُرَيْش.
إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ
يَعْنِي : إِنَّ اللَّه مَا أَرْسَلَنِي أَخُصّ ذَوِي الْغِنَى دُون الْفُقَرَاء، إِنَّمَا أَنَا رَسُول أُبَلِّغكُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ، فَمَنْ أَطَاعَنِي فَذَلِكَ السَّعِيد عِنْد اللَّه وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا.
يَعْنِي : إِنَّ اللَّه مَا أَرْسَلَنِي أَخُصّ ذَوِي الْغِنَى دُون الْفُقَرَاء، إِنَّمَا أَنَا رَسُول أُبَلِّغكُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ، فَمَنْ أَطَاعَنِي فَذَلِكَ السَّعِيد عِنْد اللَّه وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا.
قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا
أَيْ عَنْ سَبّ آلِهَتنَا وَعَيْب دِيننَا
أَيْ عَنْ سَبّ آلِهَتنَا وَعَيْب دِيننَا
نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ
أَيْ بِالْحِجَارَةِ ; قَالَهُ قَتَادَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُقَاتِل : مِنْ الْمَقْتُولِينَ.
قَالَ الثُّمَالِيّ : كُلّ مَرْجُومِينَ فِي الْقُرْآن فَهُوَ الْقَتْل إِلَّا فِي مَرْيَم :" لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ " [ مَرْيَم : ٤٦ ] أَيْ لَأَسُبَّنَّكَ.
وَقِيلَ :" مِنْ الْمَرْجُومِينَ " مِنْ الْمَشْتُومِينَ ; قَالَهُ السُّدِّيّ.
وَمِنْهُ قَوْل، أَبِي دَاوُد.
أَيْ بِالْحِجَارَةِ ; قَالَهُ قَتَادَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُقَاتِل : مِنْ الْمَقْتُولِينَ.
قَالَ الثُّمَالِيّ : كُلّ مَرْجُومِينَ فِي الْقُرْآن فَهُوَ الْقَتْل إِلَّا فِي مَرْيَم :" لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ " [ مَرْيَم : ٤٦ ] أَيْ لَأَسُبَّنَّكَ.
وَقِيلَ :" مِنْ الْمَرْجُومِينَ " مِنْ الْمَشْتُومِينَ ; قَالَهُ السُّدِّيّ.
وَمِنْهُ قَوْل، أَبِي دَاوُد.
قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ
قَالَ ذَلِكَ لَمَّا يَئِسَ مِنْ إِيمَانهمْ.
قَالَ ذَلِكَ لَمَّا يَئِسَ مِنْ إِيمَانهمْ.
فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْفَتْح الْحُكْم وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَالْفَتْح الْحُكْم وَقَدْ تَقَدَّمَ.
فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
يُرِيد السَّفِينَة وَقَدْ مَضَى ذِكْرهَا.
وَالْمَشْحُون الْمَمْلُوء، وَالشَّحْن مَلْء السَّفِينَة بِالنَّاسِ وَالدَّوَابّ وَغَيْرهمْ.
وَلَمْ يُؤَنَّث الْفُلْك هَاهُنَا ; لِأَنَّ الْفُلْك هَاهُنَا وَاحِد لَا جَمْع
يُرِيد السَّفِينَة وَقَدْ مَضَى ذِكْرهَا.
وَالْمَشْحُون الْمَمْلُوء، وَالشَّحْن مَلْء السَّفِينَة بِالنَّاسِ وَالدَّوَابّ وَغَيْرهمْ.
وَلَمْ يُؤَنَّث الْفُلْك هَاهُنَا ; لِأَنَّ الْفُلْك هَاهُنَا وَاحِد لَا جَمْع
ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ
أَيْ بَعْد إِنْجَائِنَا نُوحًا وَمَنْ آمَنَ.
أَيْ بَعْد إِنْجَائِنَا نُوحًا وَمَنْ آمَنَ.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنْبَات فِي الْأَرْض لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَادِر، لَا يُعْجِزهُ شَيْء.
أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِنْبَات فِي الْأَرْض لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه قَادِر، لَا يُعْجِزهُ شَيْء.
وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
أَيْ مُصَدِّقِينَ لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ.
وَ " كَانَ " هُنَا صِلَة فِي قَوْل سِيبَوَيْهِ ; تَقْدِيره : وَمَا أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ.
أَيْ مُصَدِّقِينَ لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِي فِيهِمْ.
وَ " كَانَ " هُنَا صِلَة فِي قَوْل سِيبَوَيْهِ ; تَقْدِيره : وَمَا أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ
التَّأْنِيث بِمَعْنَى الْقَبِيلَة وَالْجَمَاعَة.
وَتَكْذِيبهمْ الْمُرْسَلِينَ كَمَا تَقَدَّمَ.
التَّأْنِيث بِمَعْنَى الْقَبِيلَة وَالْجَمَاعَة.
وَتَكْذِيبهمْ الْمُرْسَلِينَ كَمَا تَقَدَّمَ.
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ
أَيْ اِبْن أَبِيهِمْ وَهِيَ أُخُوَّة نَسَب لَا أُخُوَّة دِين.
وَقِيلَ : هِيَ أُخُوَّة الْمُجَانَسَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه " [ إِبْرَاهِيم : ٤ ] وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف ".
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب يَا أَخَا بَنِي تَمِيم.
يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَمِنْهُ بَيْت الْحَمَاسَة :
أَيْ اِبْن أَبِيهِمْ وَهِيَ أُخُوَّة نَسَب لَا أُخُوَّة دِين.
وَقِيلَ : هِيَ أُخُوَّة الْمُجَانَسَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمه " [ إِبْرَاهِيم : ٤ ] وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف ".
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب يَا أَخَا بَنِي تَمِيم.
يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَمِنْهُ بَيْت الْحَمَاسَة :
لَا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِين يَنْدُبهُمْ | فِي النَّائِبَات عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانًا |
فِي الْآلَ يَخْفِضهَا وَيَرْفَعهَا | رِيع يَلُوح كَأَنَّهُ سَحْل |
النَّحَّاس : وَمَعْرُوف فِي اللُّغَة أَنْ يُقَال لِمَا اِرْتَفَعَ مِنْ الْأَرْض رِيع وَلِلطَّرِيقِ رِيع.
قَالَ الشَّاعِر :
طِرَاق الْخَوَافِي مَشْرِق فَوْق رِيعَة | نَدَى لَيْله فِي رِيشه يَتَرَقْرَق |
وَقَالَ مُجَاهِد : هُوَ الْفَجّ بَيْن الْجَبَلَيْنِ.
وَعَنْهُ : الثَّنِيَّة الصَّغِيرَة.
وَعَنْهُ : الْمَنْظَرَة.
وَقَالَ عِكْرِمَة وَمُقَاتِل : كَانُوا يَهْتَدُونَ بِالنُّجُومِ إِذَا سَافَرُوا، فَبَنَوْا عَلَى الطَّرِيق أَمْثَالًا طِوَالًا لِيَهْتَدُوا بِهَا : يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى :" آيَة " أَيْ عَلَامَة.
وَعَنْ مُجَاهِد : الرِّيع بُنْيَان الْحَمَام دَلِيله " تَعْبَثُونَ " أَيْ تَلْعَبُونَ ; أَيْ تَبْنُونَ بِكُلِّ مَكَان مُرْتَفِع آيَة.
عَلَمًا تَلْعَبُونَ بِهَا عَلَى مَعْنَى أَبْنِيَة الْحَمَام وَبُرُوجهَا.
وَقِيلَ : تَعْبَثُونَ بِمَنْ يَمُرّ فِي الطَّرِيق.
أَيْ تَبْنُونَ بِكُلِّ مَوْضِع مُرْتَفِع لِتُشْرِفُوا عَلَى السَّابِلَة فَتَسْخَرُوا مِنْهُمْ.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ : إِنَّهُ عَبَث الْعَشَّارِينَ بِأَمْوَالِ مَنْ يَمُرّ بِهِمْ ; ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ.
وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : الرِّيع الصَّوْمَعَة، وَالرِّيع الْبُرْج مِنْ الْحَمَام يَكُون فِي الصَّحْرَاء.
وَالرِّيع التَّلّ الْعَالِي.
وَفِي الرِّيع لُغَتَانِ : كَسْر الرَّاء وَفَتْحهَا وَجَمْعهَا أَرْيَاع، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ.
وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ
أَيْ مَنَازِل ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ.
وَقِيلَ : حُصُونًا مُشَيَّدَة ; قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد.
وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
وَقِيلَ : قُصُورًا مُشَيَّدَة ; وَقَالَهُ مُجَاهِد أَيْضًا.
وَعَنْهُ : بُرُوج الْحَمَام ; وَقَالَهُ السُّدِّيّ.
قُلْت : وَفِيهِ بُعْد عَنْ مُجَاهِد ; لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الرِّيع أَنَّهُ بُنْيَان الْحَمَام فَيَكُون تَكْرَارًا فِي الْكَلَام.
وَقَالَ قَتَادَة : مَآجِل لِلْمَاءِ تَحْت الْأَرْض.
وَكَذَا قَالَ الزَّجَّاج : إِنَّهَا مَصَانِع الْمَاء، وَاحِدَتهَا مُصْنَعَة وَمَصْنَع.
وَمِنْهُ قَوْل لَبِيد :
الْجَوْهَرِيّ : الْمُصْنَعَة كَالْحَوْضِ يَجْتَمِع فِيهَا مَاء الْمَطَر، وَكَذَلِكَ الْمُصْنُعَة بِضَمِّ النُّون.
وَالْمَصَانِع الْحُصُون.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : يُقَال لِكُلِّ بِنَاء مُصْنُعَة.
حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ.
وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق : الْمَصَانِع عِنْدنَا بِلُغَةِ الْيَمَن الْقُصُور الْعَادِيَّة.
أَيْ مَنَازِل ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ.
وَقِيلَ : حُصُونًا مُشَيَّدَة ; قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد.
وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
تَرَكْنَا دِيَارهمْ مِنْهُمْ قِفَارًا | وَهَدَّمْنَا الْمَصَانِع وَالْبُرُوجَا |
وَعَنْهُ : بُرُوج الْحَمَام ; وَقَالَهُ السُّدِّيّ.
قُلْت : وَفِيهِ بُعْد عَنْ مُجَاهِد ; لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الرِّيع أَنَّهُ بُنْيَان الْحَمَام فَيَكُون تَكْرَارًا فِي الْكَلَام.
وَقَالَ قَتَادَة : مَآجِل لِلْمَاءِ تَحْت الْأَرْض.
وَكَذَا قَالَ الزَّجَّاج : إِنَّهَا مَصَانِع الْمَاء، وَاحِدَتهَا مُصْنَعَة وَمَصْنَع.
وَمِنْهُ قَوْل لَبِيد :
بَلِينَا وَمَا تَبْلَى النُّجُوم الطَّوَالِع | وَتَبْقَى الْجِبَال بَعْدنَا وَالْمَصَانِع |
وَالْمَصَانِع الْحُصُون.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : يُقَال لِكُلِّ بِنَاء مُصْنُعَة.
حَكَاهُ الْمَهْدَوِيّ.
وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق : الْمَصَانِع عِنْدنَا بِلُغَةِ الْيَمَن الْقُصُور الْعَادِيَّة.
لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ
أَيْ كَيْ تَخْلُدُوا.
وَقِيلَ : لَعَلَّ اِسْتِفْهَام بِمَعْنَى التَّوْبِيخ أَيْ فَهَلْ " تَخْلُدُونَ " كَقَوْلِك : لَعَلَّك تَشْتُمنِي أَيْ هَلْ تَشْتُمنِي.
رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ اِبْن زَيْد.
وَقَالَ الْفَرَّاء : كَيْمَا تَخْلُدُونَ لَا تَتَفَكَّرُونَ فِي الْمَوْت.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : كَأَنَّكُمْ خَالِدُونَ بَاقُونَ فِيهَا.
وَفِي بَعْض الْقِرَاءَات " كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ " ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَحَكَى قَتَادَة : أَنَّهَا كَانَتْ فِي بَعْض الْقِرَاءَات " كَأَنَّكُمْ خَالِدُونَ ".
أَيْ كَيْ تَخْلُدُوا.
وَقِيلَ : لَعَلَّ اِسْتِفْهَام بِمَعْنَى التَّوْبِيخ أَيْ فَهَلْ " تَخْلُدُونَ " كَقَوْلِك : لَعَلَّك تَشْتُمنِي أَيْ هَلْ تَشْتُمنِي.
رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ اِبْن زَيْد.
وَقَالَ الْفَرَّاء : كَيْمَا تَخْلُدُونَ لَا تَتَفَكَّرُونَ فِي الْمَوْت.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : كَأَنَّكُمْ خَالِدُونَ بَاقُونَ فِيهَا.
وَفِي بَعْض الْقِرَاءَات " كَأَنَّكُمْ تَخْلُدُونَ " ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَحَكَى قَتَادَة : أَنَّهَا كَانَتْ فِي بَعْض الْقِرَاءَات " كَأَنَّكُمْ خَالِدُونَ ".
وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
الْبَطْش السَّطْوَة وَالْأَخْذ بِالْعُنْفِ وَقَدْ بَطَشَ بِهِ يَبْطُشُ وَيَبْطِش بَطْشًا.
وَبَاطَشَهُ مُبَاطَشَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد.
: الْبَطْش الْعَسْف قَتْلًا بِالسَّيْفِ وَضَرْبًا بِالسَّوْطِ.
وَمَعْنَى ذَلِكَ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ظُلْمًا.
وَقَالَ مُجَاهِد أَيْضًا : هُوَ ضَرْب بِالسِّيَاطِ ; وَرَوَاهُ مَالِك بْن أَنَس عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر فِيمَا ذَكَرَ اِبْن الْعَرَبِيّ.
وَقِيلَ : هُوَ الْقَتْل بِالسَّيْفِ فِي غَيْر حَقّ.
حَكَاهُ يَحْيَى بْن سَلَّام.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ وَالْحَسَن : هُوَ الْقَتْل عَلَى الْغَضَب مِنْ غَيْر تَثَبُّت.
وَكُلّه يَرْجِع إِلَى قَوْل اِبْن عَبَّاس.
وَقِيلَ : إِنَّهُ الْمُؤَاخَذَة عَلَى الْعَمْد وَالْخَطَأ مِنْ غَيْر عَفْو وَلَا إِبْقَاء.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَيُؤَيِّد مَا قَالَ مَالِك قَوْل اللَّه تَعَالَى عَنْ مُوسَى :" فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِش بِاَلَّذِي هُوَ عَدُوّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض " [ الْقَصَص : ١٩ ] وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يَسُلّ عَلَيْهِ سَيْفًا وَلَا طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، وَإِنَّمَا وَكَزَهُ وَكَانَتْ مَنِيَّته فِي وَكْزَته.
وَالْبَطْش يَكُون بِالْيَدِ وَأَقَلّه الْوَكْز وَالدَّفْع، وَيَلِيه السَّوْط وَالْعَصَا، وَيَلِيه الْحَدِيد، وَالْكُلّ مَذْمُوم إِلَّا بِحَقٍّ.
وَالْآيَة نَزَلَتْ خَبَرًا عَمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَم، وَوَعْظًا مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَنَا فِي مُجَانَبَة ذَلِكَ الْفِعْل الَّذِي ذَمَّهُمْ بِهِ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ.
قُلْت : وَهَذِهِ الْأَوْصَاف الْمَذْمُومَة قَدْ صَارَتْ فِي كَثِير مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة، لَا سِيَّمَا بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّة مُنْذُ وَلِيَتْهَا الْبَحْرِيَّة ; فَيَبْطِشُونَ بِالنَّاسِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِي غَيْر حَقّ.
وَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُون.
كَمَا فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( صِنْفَانِ مِنْ أَهْل النَّار لَمْ أَرَهُمَا قَوْم مَعَهُمْ سِيَاط كَأَذْنَابِ الْبَقَر يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاس وَنِسَاء كَاسِيَات عَارِيَات مُمِيلَات مَائِلَات رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت الْمَائِلَة لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّة وَلَا يَجِدْنَ رِيحهَا وَإِنَّ رِيحهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَة كَذَا وَكَذَا ).
وَخَرَّجَ أَبُو دُوَاد مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول :( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَاب الْبَقَر وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَاد سَلَّطَ اللَّه عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينكُمْ ).
" جَبَّارِينَ " قَتَّالِينَ.
وَالْجَبَّار الْقَتَّال فِي غَيْر حَقّ.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :" إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض " [ الْقَصَص : ١٩ ] قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
وَقِيلَ : الْجَبَّار الْمُتَسَلِّط الْعَاتِي ; وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ " [ ق : ٤٥ ] أَيْ بِمُسَلَّطٍ.
وَقَالَ الشَّاعِر :
الْبَطْش السَّطْوَة وَالْأَخْذ بِالْعُنْفِ وَقَدْ بَطَشَ بِهِ يَبْطُشُ وَيَبْطِش بَطْشًا.
وَبَاطَشَهُ مُبَاطَشَة.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد.
: الْبَطْش الْعَسْف قَتْلًا بِالسَّيْفِ وَضَرْبًا بِالسَّوْطِ.
وَمَعْنَى ذَلِكَ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ظُلْمًا.
وَقَالَ مُجَاهِد أَيْضًا : هُوَ ضَرْب بِالسِّيَاطِ ; وَرَوَاهُ مَالِك بْن أَنَس عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر فِيمَا ذَكَرَ اِبْن الْعَرَبِيّ.
وَقِيلَ : هُوَ الْقَتْل بِالسَّيْفِ فِي غَيْر حَقّ.
حَكَاهُ يَحْيَى بْن سَلَّام.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ وَالْحَسَن : هُوَ الْقَتْل عَلَى الْغَضَب مِنْ غَيْر تَثَبُّت.
وَكُلّه يَرْجِع إِلَى قَوْل اِبْن عَبَّاس.
وَقِيلَ : إِنَّهُ الْمُؤَاخَذَة عَلَى الْعَمْد وَالْخَطَأ مِنْ غَيْر عَفْو وَلَا إِبْقَاء.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَيُؤَيِّد مَا قَالَ مَالِك قَوْل اللَّه تَعَالَى عَنْ مُوسَى :" فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِش بِاَلَّذِي هُوَ عَدُوّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلنِي كَمَا قَتَلْت نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض " [ الْقَصَص : ١٩ ] وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يَسُلّ عَلَيْهِ سَيْفًا وَلَا طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، وَإِنَّمَا وَكَزَهُ وَكَانَتْ مَنِيَّته فِي وَكْزَته.
وَالْبَطْش يَكُون بِالْيَدِ وَأَقَلّه الْوَكْز وَالدَّفْع، وَيَلِيه السَّوْط وَالْعَصَا، وَيَلِيه الْحَدِيد، وَالْكُلّ مَذْمُوم إِلَّا بِحَقٍّ.
وَالْآيَة نَزَلَتْ خَبَرًا عَمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَم، وَوَعْظًا مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَنَا فِي مُجَانَبَة ذَلِكَ الْفِعْل الَّذِي ذَمَّهُمْ بِهِ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ.
قُلْت : وَهَذِهِ الْأَوْصَاف الْمَذْمُومَة قَدْ صَارَتْ فِي كَثِير مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة، لَا سِيَّمَا بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّة مُنْذُ وَلِيَتْهَا الْبَحْرِيَّة ; فَيَبْطِشُونَ بِالنَّاسِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِي غَيْر حَقّ.
وَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُون.
كَمَا فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( صِنْفَانِ مِنْ أَهْل النَّار لَمْ أَرَهُمَا قَوْم مَعَهُمْ سِيَاط كَأَذْنَابِ الْبَقَر يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاس وَنِسَاء كَاسِيَات عَارِيَات مُمِيلَات مَائِلَات رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت الْمَائِلَة لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّة وَلَا يَجِدْنَ رِيحهَا وَإِنَّ رِيحهَا لَيُوجَد مِنْ مَسِيرَة كَذَا وَكَذَا ).
وَخَرَّجَ أَبُو دُوَاد مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول :( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَاب الْبَقَر وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَاد سَلَّطَ اللَّه عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينكُمْ ).
" جَبَّارِينَ " قَتَّالِينَ.
وَالْجَبَّار الْقَتَّال فِي غَيْر حَقّ.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :" إِنْ تُرِيد إِلَّا أَنْ تَكُون جَبَّارًا فِي الْأَرْض " [ الْقَصَص : ١٩ ] قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
وَقِيلَ : الْجَبَّار الْمُتَسَلِّط الْعَاتِي ; وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ " [ ق : ٤٥ ] أَيْ بِمُسَلَّطٍ.
وَقَالَ الشَّاعِر :
سَلَبْنَا مِنْ الْجَبَّار بِالسَّيْفِ مُلْكه | عَشِيًّا وَأَطْرَاف الرِّمَاح شَوَارِع |
لَا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِين يَنْدُبهُمْ | فِي النَّائِبَات عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانًا |
كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَة | مِنْ النَّوَاضِح تَسْقِي جَنَّة سُحُقًا |
قُلْت : فِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدهمَا : أَنْ يُخَصّ النَّخْل بِإِفْرَادِهِ بَعْد دُخُوله فِي جُمْلَة سَائِر الشَّجَر تَنْبِيهًا عَلَى اِنْفِرَاده عَنْهَا بِفَضْلِهِ عَنْهَا.
وَالثَّانِي : أَنْ يُرِيد بِالْجَنَّاتِ غَيْرهَا مِنْ الشَّجَر ; لِأَنَّ اللَّفْظ يَصْلُح لِذَلِكَ ثُمَّ يُعْطَف عَلَيْهَا النَّخْل.
وَالطَّلْعَة هِيَ الَّتِي تَطْلُع مِنْ النَّخْلَة كَنَصْلِ السَّيْف ; فِي جَوْفه شَمَارِيخ الْقِنْو، وَالْقِنْو اِسْم لِلْخَارِجِ مِنْ الْجِذْع كَمَا هُوَ بِعُرْجُونِهِ وَشَمَارِيخه.
وَ " هَضِيم " قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَطِيف مَا دَامَ فِي كُفُرَّاهُ.
وَالْهَضِيم اللَّطِيف الدَّقِيق ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
عَلَيَّ هَضِيم الْكَشْح رَيَّا الْمُخَلْخَل
الْجَوْهَرِيّ : وَيُقَال لِلطَّلْعِ هَضِيم مَا لَمْ يَخْرُج مِنْ كُفُرَّاهُ ; لِدُخُولِ بَعْضه فِي بَعْض.
وَالْهَضِيم مِنْ النِّسَاء اللَّطِيفَة الْكَشْحَيْنِ.
وَنَحْوه حَكَى الْهَرَوِيّ ; قَالَ : هُوَ الْمُنْضَمّ فِي وِعَائِهِ قَبْل أَنْ يَظْهَر ; وَمِنْهُ رَجُل هَضِيم الْجَنْبَيْنِ أَيْ مُنْضَمّهمَا ; هَذَا قَوْل أَهْل اللُّغَة.
وَحَكَى الْمَاوَرْدِيّ وَغَيْره فِي ذَلِكَ اِثْنَيْ عَشَر قَوْلًا :
أَحَدهَا : أَنَّهُ الرَّطْب اللَّيِّن ; قَالَهُ عِكْرِمَة.
الثَّانِي : هُوَ الْمُذَنَّب مِنْ الرُّطَب ; قَالَهُ سَعِيد بْن جُبَيْر.
قَالَ النَّحَّاس : وَرَوَى أَبُو إِسْحَاق عَنْ يَزِيد - هُوَ اِبْن أَبِي زِيَاد كُوفِيّ وَيَزِيد بْن أَبِي مَرْيَم شَامِيّ - " وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم " قَالَ : مِنْهُ مَا قَدْ أَرْطَبَ وَمِنْهُ مُذَنَّب.
الثَّالِث : أَنَّهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَوًى ; قَالَهُ الْحَسَن.
الرَّابِع : أَنَّهُ الْمُتَهَشِّم الْمُتَفَتِّت إِذَا مُسَّ تَفَتَّتَ ; قَالَهُ مُجَاهِد.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة : يَتَهَشَّم فِي الْفَم.
الْخَامِس : هُوَ الَّذِي قَدْ ضَمُرَ بِرُكُوبِ بَعْضه بَعْضًا ; قَالَهُ الضَّحَّاك وَمُقَاتِل.
السَّادِس : أَنَّهُ الْمُتَلَاصِق بَعْضه بِبَعْضٍ ; قَالَهُ أَبُو صَخْر.
السَّابِع : أَنَّهُ الطَّلْع حِين يَتَفَرَّق وَيَخْضَرّ ; قَالَهُ الضَّحَّاك أَيْضًا.
الثَّامِن : أَنَّهُ الْيَانِع النَّضِيج ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
التَّاسِع : أَنَّهُ الْمُكْتَنِز قَبْل أَنْ يَنْشَقّ عَنْهُ الْقِشْر ; حَكَاهُ اِبْن شَجَرَة ; قَالَ :
كَأَنَّ حَمُولَة تُجْلَى عَلَيْهِ | هَضِيم مَا يُحَسّ لَهُ شُقُوق |
الْحَادِي عَشَر : أَنَّهُ الرُّخْص اللَّطِيف أَوَّل مَا يَخْرُج وَهُوَ الطَّلْع النَّضِيد ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
الثَّانِي عَشَر : أَنَّهُ الْبَرْنِيّ ; قَالَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ ; فَعِيلَ بِمَعْنَى فَاعِل أَيْ هَنِيء مَرِيء مِنْ اِنْهِضَام الطَّعَام.
وَالطَّلْع اِسْم مُشْتَقّ مِنْ الطُّلُوع وَهُوَ الظُّهُور ; وَمِنْهُ طُلُوع الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنَّبَات.
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ
الزَّمَخْشَرِيّ : فَإِنْ قُلْت لِمَ قَالَ :" وَنَخْل " بَعْد قَوْله : وَ " جَنَّات " وَالْجَنَّات تَتَنَاوَل النَّخْل أَوَّل شَيْء كَمَا يَتَنَاوَل النَّعَم الْإِبِل كَذَلِكَ مِنْ بَيْن الْأَزْوَاج حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَذْكُرُونَ الْجَنَّة وَلَا يَقْصِدُونَ إِلَّا النَّخْل كَمَا يَذْكُرُونَ النَّعَم وَلَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْإِبِل قَالَ زُهَيْر :
يَعْنِي النَّخْل ; وَالنَّخْلَة السَّحُوق الْبَعِيدَة الطُّول.
قُلْت : فِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدهمَا : أَنْ يُخَصّ النَّخْل بِإِفْرَادِهِ بَعْد دُخُوله فِي جُمْلَة سَائِر الشَّجَر تَنْبِيهًا عَلَى اِنْفِرَاده عَنْهَا بِفَضْلِهِ عَنْهَا.
وَالثَّانِي : أَنْ يُرِيد بِالْجَنَّاتِ غَيْرهَا مِنْ الشَّجَر ; لِأَنَّ اللَّفْظ يَصْلُح لِذَلِكَ ثُمَّ يُعْطَف عَلَيْهَا النَّخْل.
وَالطَّلْعَة هِيَ الَّتِي تَطْلُع مِنْ النَّخْلَة كَنَصْلِ السَّيْف ; فِي جَوْفه شَمَارِيخ الْقِنْو، وَالْقِنْو اِسْم لِلْخَارِجِ مِنْ الْجِذْع كَمَا هُوَ بِعُرْجُونِهِ وَشَمَارِيخه.
وَ " هَضِيم " قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَطِيف مَا دَامَ فِي كُفُرَّاهُ.
وَالْهَضِيم اللَّطِيف الدَّقِيق ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
عَلَيَّ هَضِيم الْكَشْح رَيَّا الْمُخَلْخَل
الْجَوْهَرِيّ : وَيُقَال لِلطَّلْعِ هَضِيم مَا لَمْ يَخْرُج مِنْ كُفُرَّاهُ ; لِدُخُولِ بَعْضه فِي بَعْض.
وَالْهَضِيم مِنْ النِّسَاء اللَّطِيفَة الْكَشْحَيْنِ.
وَنَحْوه حَكَى الْهَرَوِيّ ; قَالَ : هُوَ الْمُنْضَمّ فِي وِعَائِهِ قَبْل أَنْ يَظْهَر ; وَمِنْهُ رَجُل هَضِيم الْجَنْبَيْنِ أَيْ مُنْضَمّهمَا ; هَذَا قَوْل أَهْل اللُّغَة.
وَحَكَى الْمَاوَرْدِيّ وَغَيْره فِي ذَلِكَ اِثْنَيْ عَشَر قَوْلًا :
أَحَدهَا : أَنَّهُ الرَّطْب اللَّيِّن ; قَالَهُ عِكْرِمَة.
الثَّانِي : هُوَ الْمُذَنَّب مِنْ الرَّطْب ; قَالَهُ سَعِيد بْن جُبَيْر.
قَالَ النَّحَّاس : وَرَوَى أَبُو إِسْحَاق عَنْ يَزِيد - هُوَ اِبْن أَبِي زِيَاد كُوفِيّ وَيَزِيد بْن أَبِي مَرْيَم شَامِيّ - " وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم " قَالَ : مِنْهُ مَا قَدْ أَرْطَبَ وَمِنْهُ مُذَنَّب.
الثَّالِث : أَنَّهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَوًى ; قَالَهُ الْحَسَن.
الرَّابِع : أَنَّهُ الْمُتَهَشِّم الْمُتَفَتِّت إِذَا مُسَّ تَفَتَّتَ ; قَالَهُ مُجَاهِد.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة : يَتَهَشَّم فِي الْفَم.
الْخَامِس : هُوَ الَّذِي قَدْ ضَمَرَ بِرُكُوبِ بَعْضه بَعْضًا ; قَالَهُ الضَّحَّاك وَمُقَاتِل.
السَّادِس : أَنَّهُ الْمُتَلَاصِق بَعْضه بِبَعْضٍ ; قَالَهُ أَبُو صَخْر.
السَّابِع : أَنَّهُ الطَّلْع حِين يَتَفَرَّق وَيَخْضَرّ ; قَالَهُ الضَّحَّاك أَيْضًا.
الثَّامِن : أَنَّهُ الْيَانِع النَّضِيج ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
التَّاسِع : أَنَّهُ الْمُكْتَنِز قَبْل أَنْ يَنْشَقّ عَنْهُ الْقِشْر ; حَكَاهُ اِبْن شَجَرَة ; قَالَ :
الْعَاشِر : أَنَّهُ الرِّخْو ; قَالَهُ الْحَسَن.
الْحَادِي عَشَر : أَنَّهُ الرُّخْص اللَّطِيف أَوَّل مَا يَخْرُج وَهُوَ الطَّلْع النَّضِيد ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
الثَّانِي عَشَر : أَنَّهُ الْبَرْنِيّ ; قَالَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ ; فَعِيلَ بِمَعْنَى فَاعِل أَيْ هَنِيء مَرِيء مِنْ اِنْهِضَام الطَّعَام.
الزَّمَخْشَرِيّ : فَإِنْ قُلْت لِمَ قَالَ :" وَنَخْل " بَعْد قَوْله : وَ " جَنَّات " وَالْجَنَّات تَتَنَاوَل النَّخْل أَوَّل شَيْء كَمَا يَتَنَاوَل النَّعَم الْإِبِل كَذَلِكَ مِنْ بَيْن الْأَزْوَاج حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَذْكُرُونَ الْجَنَّة وَلَا يَقْصِدُونَ إِلَّا النَّخْل كَمَا يَذْكُرُونَ النَّعَم وَلَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْإِبِل قَالَ زُهَيْر :
كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَة | مِنْ النَّوَاضِح تَسْقِي جَنَّة سُحْقًا |
قُلْت : فِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدهمَا : أَنْ يُخَصّ النَّخْل بِإِفْرَادِهِ بَعْد دُخُوله فِي جُمْلَة سَائِر الشَّجَر تَنْبِيهًا عَلَى اِنْفِرَاده عَنْهَا بِفَضْلِهِ عَنْهَا.
وَالثَّانِي : أَنْ يُرِيد بِالْجَنَّاتِ غَيْرهَا مِنْ الشَّجَر ; لِأَنَّ اللَّفْظ يَصْلُح لِذَلِكَ ثُمَّ يُعْطَف عَلَيْهَا النَّخْل.
وَالطَّلْعَة هِيَ الَّتِي تَطْلُع مِنْ النَّخْلَة كَنَصْلِ السَّيْف ; فِي جَوْفه شَمَارِيخ الْقِنْو، وَالْقِنْو اِسْم لِلْخَارِجِ مِنْ الْجِذْع كَمَا هُوَ بِعُرْجُونِهِ وَشَمَارِيخه.
وَ " هَضِيم " قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَطِيف مَا دَامَ فِي كُفُرَّاهُ.
وَالْهَضِيم اللَّطِيف الدَّقِيق ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس :
عَلَيَّ هَضِيم الْكَشْح رَيَّا الْمُخَلْخَل
الْجَوْهَرِيّ : وَيُقَال لِلطَّلْعِ هَضِيم مَا لَمْ يَخْرُج مِنْ كُفُرَّاهُ ; لِدُخُولِ بَعْضه فِي بَعْض.
وَالْهَضِيم مِنْ النِّسَاء اللَّطِيفَة الْكَشْحَيْنِ.
وَنَحْوه حَكَى الْهَرَوِيّ ; قَالَ : هُوَ الْمُنْضَمّ فِي وِعَائِهِ قَبْل أَنْ يَظْهَر ; وَمِنْهُ رَجُل هَضِيم الْجَنْبَيْنِ أَيْ مُنْضَمّهمَا ; هَذَا قَوْل أَهْل اللُّغَة.
وَحَكَى الْمَاوَرْدِيّ وَغَيْره فِي ذَلِكَ اِثْنَيْ عَشَر قَوْلًا :
أَحَدهَا : أَنَّهُ الرَّطْب اللَّيِّن ; قَالَهُ عِكْرِمَة.
الثَّانِي : هُوَ الْمُذَنَّب مِنْ الرَّطْب ; قَالَهُ سَعِيد بْن جُبَيْر.
قَالَ النَّحَّاس : وَرَوَى أَبُو إِسْحَاق عَنْ يَزِيد - هُوَ اِبْن أَبِي زِيَاد كُوفِيّ وَيَزِيد بْن أَبِي مَرْيَم شَامِيّ - " وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم " قَالَ : مِنْهُ مَا قَدْ أَرْطَبَ وَمِنْهُ مُذَنَّب.
الثَّالِث : أَنَّهُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَوًى ; قَالَهُ الْحَسَن.
الرَّابِع : أَنَّهُ الْمُتَهَشِّم الْمُتَفَتِّت إِذَا مُسَّ تَفَتَّتَ ; قَالَهُ مُجَاهِد.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة : يَتَهَشَّم فِي الْفَم.
الْخَامِس : هُوَ الَّذِي قَدْ ضَمَرَ بِرُكُوبِ بَعْضه بَعْضًا ; قَالَهُ الضَّحَّاك وَمُقَاتِل.
السَّادِس : أَنَّهُ الْمُتَلَاصِق بَعْضه بِبَعْضٍ ; قَالَهُ أَبُو صَخْر.
السَّابِع : أَنَّهُ الطَّلْع حِين يَتَفَرَّق وَيَخْضَرّ ; قَالَهُ الضَّحَّاك أَيْضًا.
الثَّامِن : أَنَّهُ الْيَانِع النَّضِيج ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس.
التَّاسِع : أَنَّهُ الْمُكْتَنِز قَبْل أَنْ يَنْشَقّ عَنْهُ الْقِشْر ; حَكَاهُ اِبْن شَجَرَة ; قَالَ :
كَأَنَّ حَمُولَة تُجْلَى عَلَيْهِ | هَضِيم مَا يُحَسّ لَهُ شُقُوق |
الْحَادِي عَشَر : أَنَّهُ الرُّخْص اللَّطِيف أَوَّل مَا يَخْرُج وَهُوَ الطَّلْع النَّضِيد ; قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
الثَّانِي عَشَر : أَنَّهُ الْبَرْنِيّ ; قَالَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ ; فَعِيلَ بِمَعْنَى فَاعِل أَيْ هَنِيء مَرِيء مِنْ اِنْهِضَام الطَّعَام.
وَالطَّلْع اِسْم مُشْتَقّ مِنْ الطُّلُوع وَهُوَ الظُّهُور ; وَمِنْهُ طُلُوع الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنَّبَات.
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ
النَّحْت النَّجْر وَالْبَرْي ; نَحَتَهُ يَنْحِتهُ " بِالْكَسْرِ " نَحْتًا إِذَا بَرَاهُ وَالنِّحَاتَة الْبِرَايَة.
وَالْمِنْحَت مَا يُنْحَت بِهِ.
وَفِي " وَالصَّافَّات " قَالَ :" أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ " [ الصَّافَّات : ٩٥ ].
وَكَانُوا يَنْحِتُونَهَا مِنْ الْجِبَال لَمَّا طَالَتْ أَعْمَارهمْ وَتَهَدَّمَ بِنَاؤُهُمْ مِنْ الْمَدَر.
وَقَرَأَ اِبْن كَثِير وَأَبُو عَمْرو وَنَافِع :" فَرِهِينَ " بِغَيْرِ أَلِف.
الْبَاقُونَ :" فَارِهِينَ " بِأَلِفٍ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِد فِي قَوْل أَبِي عُبَيْدَة وَغَيْره ; مِثْل :" عِظَامًا نَخِرَة " [ النَّازِعَات : ١١ ] وَ " نَاخِرَة ".
وَحَكَاهُ قُطْرُب.
وَحَكَى فَرُهَ يَفْرُه فَهُوَ فَارِه وَفَرِهَ يَفْرَه فَهُوَ فَرِه وَفَارِه إِذَا كَانَ نَشِيطًا.
وَهُوَ نُصِبَ عَلَى الْحَال.
وَفَرَّقَ بَيْنهمَا قَوْم فَقَالُوا :" فَارِهِينَ " حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة ; وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَأَبِي صَالِح وَغَيْرهمَا.
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد :" فَارِهِينَ " مُتَجَبِّرِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا أَنَّ مَعْنَى :" فَرِهِينَ " بِغَيْرِ أَلِف أَشِرِينَ بَطِرِينَ ; وَقَالَهُ مُجَاهِد.
وَرَوَى عَنْهُ شَرِهِينَ.
الضَّحَّاك : كَيِّسِينَ.
قَتَادَة : مُعْجَبِينَ ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ ; وَعَنْهُ : نَاعِمِينَ.
وَعَنْهُ أَيْضًا آمِنِينَ ; وَهُوَ قَوْل الْحَسَن.
وَقِيلَ : مُتَخَيِّرِينَ ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ وَالسُّدِّيّ.
وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
وَقِيلَ : مُتَعَجِّبِينَ ; قَالَهُ خُصَيْف.
وَقَالَ اِبْن زَيْد : أَقْوِيَاء.
وَقِيلَ : فَرِهِينَ فَرِحِينَ ; قَالَهُ الْأَخْفَش.
وَالْعَرَب تُعَاقِب بَيْن الْهَاء وَالْحَاء ; تَقُول : مَدَهْتُهُ وَمَدَحْته ; فَالْفَرِه الْأَشِر الْفَرِح ثُمَّ الْفَرِح بِمَعْنَى الْمَرِح مَذْمُوم ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا " [ الْإِسْرَاء : ٣٧ ] وَقَالَ :" إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ " [ الْقَصَص : ٧٦ ].
النَّحْت النَّجْر وَالْبَرْي ; نَحَتَهُ يَنْحِتهُ " بِالْكَسْرِ " نَحْتًا إِذَا بَرَاهُ وَالنِّحَاتَة الْبِرَايَة.
وَالْمِنْحَت مَا يُنْحَت بِهِ.
وَفِي " وَالصَّافَّات " قَالَ :" أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ " [ الصَّافَّات : ٩٥ ].
وَكَانُوا يَنْحِتُونَهَا مِنْ الْجِبَال لَمَّا طَالَتْ أَعْمَارهمْ وَتَهَدَّمَ بِنَاؤُهُمْ مِنْ الْمَدَر.
وَقَرَأَ اِبْن كَثِير وَأَبُو عَمْرو وَنَافِع :" فَرِهِينَ " بِغَيْرِ أَلِف.
الْبَاقُونَ :" فَارِهِينَ " بِأَلِفٍ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِد فِي قَوْل أَبِي عُبَيْدَة وَغَيْره ; مِثْل :" عِظَامًا نَخِرَة " [ النَّازِعَات : ١١ ] وَ " نَاخِرَة ".
وَحَكَاهُ قُطْرُب.
وَحَكَى فَرُهَ يَفْرُه فَهُوَ فَارِه وَفَرِهَ يَفْرَه فَهُوَ فَرِه وَفَارِه إِذَا كَانَ نَشِيطًا.
وَهُوَ نُصِبَ عَلَى الْحَال.
وَفَرَّقَ بَيْنهمَا قَوْم فَقَالُوا :" فَارِهِينَ " حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة ; وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَأَبِي صَالِح وَغَيْرهمَا.
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد :" فَارِهِينَ " مُتَجَبِّرِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا أَنَّ مَعْنَى :" فَرِهِينَ " بِغَيْرِ أَلِف أَشِرِينَ بَطِرِينَ ; وَقَالَهُ مُجَاهِد.
وَرَوَى عَنْهُ شَرِهِينَ.
الضَّحَّاك : كَيِّسِينَ.
قَتَادَة : مُعْجَبِينَ ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ ; وَعَنْهُ : نَاعِمِينَ.
وَعَنْهُ أَيْضًا آمِنِينَ ; وَهُوَ قَوْل الْحَسَن.
وَقِيلَ : مُتَخَيِّرِينَ ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ وَالسُّدِّيّ.
وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر :
إِلَى فَرِه يُمَاجِد كُلّ أَمْر | قَصَدْت لَهُ لِأَخْتَبِر الطِّبَاعَا |
وَقَالَ اِبْن زَيْد : أَقْوِيَاء.
وَقِيلَ : فَرِهِينَ فَرِحِينَ ; قَالَهُ الْأَخْفَش.
وَالْعَرَب تُعَاقِب بَيْن الْهَاء وَالْحَاء ; تَقُول : مَدَهْتُهُ وَمَدَحْته ; فَالْفَرِه الْأَشِر الْفَرِح ثُمَّ الْفَرِح بِمَعْنَى الْمَرِح مَذْمُوم ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا " [ الْإِسْرَاء : ٣٧ ] وَقَالَ :" إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ " [ الْقَصَص : ٧٦ ].
لا يوجد تفسير لهذه الأية
وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ
قِيلَ : الْمُرَاد الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة.
وَقِيلَ : التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ.
قَالَ السُّدِّيّ وَغَيْره : أَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَى صَالِح : إِنَّ قَوْمك سَيَعْقِرُونَ نَاقَتك ; فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ، فَقَالُوا : مَا كُنَّا لِنَفْعَل.
فَقَالَ لَهُمْ صَالِح : إِنَّهُ سَيُولَدُ فِي شَهْركُمْ هَذَا غُلَام يَعْقِرهَا وَيَكُون هَلَاككُمْ عَلَى يَدَيْهِ ; فَقَالُوا : لَا يُولَد فِي هَذَا الشَّهْر ذَكَر إِلَّا قَتَلْنَاهُ.
فَوُلِدَ لِتِسْعَةٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّهْر فَذَبَحُوا أَبْنَاءَهُمْ، ثُمَّ وُلِدَ لِلْعَاشِرِ فَأَبَى أَنْ يَذْبَح اِبْنه وَكَانَ لَمْ يُولَد لَهُ قَبْل ذَلِكَ.
وَكَانَ اِبْن الْعَاشِر أَزْرَق أَحْمَر فَنَبَتَ نَبَاتًا سَرِيعًا ; وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِالتِّسْعَةِ فَرَأَوْهُ قَالُوا : لَوْ كَانَ أَبْنَاؤُنَا أَحْيَاء لَكَانُوا مِثْل هَذَا.
وَغَضِبَ التِّسْعَة عَلَى صَالِح ; لِأَنَّهُ كَانَ سَبَب قَتْلهمْ أَبْنَاءَهُمْ فَتَعَصَّبُوا وَتَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله.
قَالُوا : نَخْرُج إِلَى سَفَر فَتَرَى النَّاس سَفَرنَا فَنَكُون فِي غَار، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْل وَخَرَجَ صَالِح إِلَى مَسْجِده أَتَيْنَاهُ فَقَتَلْنَاهُ، ثُمَّ قُلْنَا مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ; فَيُصَدِّقُونَنَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّا قَدْ خَرَجْنَا إِلَى سَفَر.
وَكَانَ صَالِح لَا يَنَام مَعَهُمْ فِي الْقَرْيَة وَكَانَ يَأْوِي إِلَى مَسْجِده، فَإِذَا أَصْبَحَ أَتَاهُمْ فَوَعَظَهُمْ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْغَار أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا فَسَقَطَ عَلَيْهِمْ الْغَار فَقَتَلَهُمْ، فَرَأَى ذَلِكَ نَاس مِمَّنْ كَانَ قَدْ اِطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، فَصَاحُوا فِي الْقَرْيَة : يَا عِبَاد اللَّه ! أَمَا رَضِيَ صَالِح أَنْ أَمَرَ بِقَتْلِ أَوْلَادهمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ ; فَأَجْمَعَ أَهْل الْقَرْيَة عَلَى قَتْل النَّاقَة.
وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق : إِنَّمَا اِجْتَمَعَ التِّسْعَة عَلَى سَبّ صَالِح بَعْد عَقْرهمْ النَّاقَة وَإِنْذَارهمْ بِالْعَذَابِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي سُورَة " النَّمْل " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قِيلَ : الْمُرَاد الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة.
وَقِيلَ : التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ.
قَالَ السُّدِّيّ وَغَيْره : أَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَى صَالِح : إِنَّ قَوْمك سَيَعْقِرُونَ نَاقَتك ; فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ، فَقَالُوا : مَا كُنَّا لِنَفْعَل.
فَقَالَ لَهُمْ صَالِح : إِنَّهُ سَيُولَدُ فِي شَهْركُمْ هَذَا غُلَام يَعْقِرهَا وَيَكُون هَلَاككُمْ عَلَى يَدَيْهِ ; فَقَالُوا : لَا يُولَد فِي هَذَا الشَّهْر ذَكَر إِلَّا قَتَلْنَاهُ.
فَوُلِدَ لِتِسْعَةٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّهْر فَذَبَحُوا أَبْنَاءَهُمْ، ثُمَّ وُلِدَ لِلْعَاشِرِ فَأَبَى أَنْ يَذْبَح اِبْنه وَكَانَ لَمْ يُولَد لَهُ قَبْل ذَلِكَ.
وَكَانَ اِبْن الْعَاشِر أَزْرَق أَحْمَر فَنَبَتَ نَبَاتًا سَرِيعًا ; وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِالتِّسْعَةِ فَرَأَوْهُ قَالُوا : لَوْ كَانَ أَبْنَاؤُنَا أَحْيَاء لَكَانُوا مِثْل هَذَا.
وَغَضِبَ التِّسْعَة عَلَى صَالِح ; لِأَنَّهُ كَانَ سَبَب قَتْلهمْ أَبْنَاءَهُمْ فَتَعَصَّبُوا وَتَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله.
قَالُوا : نَخْرُج إِلَى سَفَر فَتَرَى النَّاس سَفَرنَا فَنَكُون فِي غَار، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْل وَخَرَجَ صَالِح إِلَى مَسْجِده أَتَيْنَاهُ فَقَتَلْنَاهُ، ثُمَّ قُلْنَا مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ; فَيُصَدِّقُونَنَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّا قَدْ خَرَجْنَا إِلَى سَفَر.
وَكَانَ صَالِح لَا يَنَام مَعَهُمْ فِي الْقَرْيَة وَكَانَ يَأْوِي إِلَى مَسْجِده، فَإِذَا أَصْبَحَ أَتَاهُمْ فَوَعَظَهُمْ، فَلَمَّا دَخَلُوا الْغَار أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا فَسَقَطَ عَلَيْهِمْ الْغَار فَقَتَلَهُمْ، فَرَأَى ذَلِكَ نَاس مِمَّنْ كَانَ قَدْ اِطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، فَصَاحُوا فِي الْقَرْيَة : يَا عِبَاد اللَّه ! أَمَا رَضِيَ صَالِح أَنْ أَمَرَ بِقَتْلِ أَوْلَادهمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ ; فَأَجْمَعَ أَهْل الْقَرْيَة عَلَى قَتْل النَّاقَة.
وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق : إِنَّمَا اِجْتَمَعَ التِّسْعَة عَلَى سَبّ صَالِح بَعْد عَقْرهمْ النَّاقَة وَإِنْذَارهمْ بِالْعَذَابِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي سُورَة " النَّمْل " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
هُوَ مِنْ السِّحْر فِي قَوْل مُجَاهِد وَقَتَادَة عَلَى مَا قَالَ الْمَهْدَوِيّ.
أَيْ أُصِبْت بِالسِّحْرِ فَبَطَلَ عَقْلك ; لِأَنَّك بَشَر مِثْلنَا فَلِمَ تَدَّعِ الرِّسَالَة دُوننَا.
وَقِيلَ : مِنْ الْمُعَلَّلِينَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَاب ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالْكَلْبِيّ وَقَتَادَة وَمُجَاهِد أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ.
وَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْل مِنْ السَّحْر وَهُوَ الرِّئَة أَيْ بَشَر لَك سَحْر أَيْ رِئَة تَأْكُل وَتَشْرَب مِثْلنَا كَمَا قَالَ لَبِيد :
وَقَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس :
وَنُسْحَر بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
هُوَ مِنْ السِّحْر فِي قَوْل مُجَاهِد وَقَتَادَة عَلَى مَا قَالَ الْمَهْدَوِيّ.
أَيْ أُصِبْت بِالسِّحْرِ فَبَطَلَ عَقْلك ; لِأَنَّك بَشَر مِثْلنَا فَلِمَ تَدَّعِ الرِّسَالَة دُوننَا.
وَقِيلَ : مِنْ الْمُعَلَّلِينَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَاب ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالْكَلْبِيّ وَقَتَادَة وَمُجَاهِد أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ.
وَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْل مِنْ السَّحْر وَهُوَ الرِّئَة أَيْ بَشَر لَك سَحْر أَيْ رِئَة تَأْكُل وَتَشْرَب مِثْلنَا كَمَا قَالَ لَبِيد :
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا | عَصَافِير مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُسَحَّر |
وَنُسْحَر بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
فِي قَوْلك.
فِي قَوْلك.
قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ
قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالُوا إِنْ كُنْت صَادِقًا فَادْعُ اللَّه يُخْرِج لَنَا مِنْ هَذَا الْجَبَل نَاقَة حَمْرَاء عُشَرَاء فَتَضَع وَنَحْنُ نَنْظُر، وَتَرِد هَذَا الْمَاء فَتَشْرَب وَتَغْدُو عَلَيْنَا بِمِثْلِهِ لَبَنًا.
فَدَعَا اللَّه وَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ فَ " قَالَ هَذِهِ نَاقَة لَهَا شِرْب " أَيْ حَظّ مِنْ الْمَاء ; أَيْ لَكُمْ شِرْب يَوْم وَلَهَا شِرْب يَوْم ; فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْم شِرْبهَا شَرِبَتْ مَاءَهُمْ كُلّه أَوَّل النَّهَار وَتَسْقِيهِمْ اللَّبَن آخِر النَّهَار، وَإِذَا كَانَ يَوْم شِرْبهمْ كَانَ لِأَنْفُسِهِمْ وَمَوَاشِيهمْ وَأَرْضهمْ، لَيْسَ لَهُمْ فِي يَوْم وُرُودهَا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ شِرْبهَا شَيْئًا، وَلَا لَهَا أَنْ تَشْرَب فِي يَوْمهمْ مِنْ مَائِهِمْ شَيْئًا.
قَالَ الْفَرَّاء : الشِّرْب الْحَظّ مِنْ الْمَاء.
قَالَ النَّحَّاس : فَأَمَّا الْمَصْدَر فَيُقَال فِيهِ شَرِبَ شَرْبًا وَشُرْبًا وَشِرْبًا وَأَكْثَرهَا الْمَضْمُومَة ; لِأَنَّ الْمَكْسُورَة وَالْمَفْتُوحَة يَشْتَرِكَانِ مَعَ شَيْء آخَر فَيَكُون الشِّرْب الْحَظّ مِنْ الْمَاء، وَيَكُون الشِّرْب جَمْع شَارِب كَمَا قَالَ :
فَقُلْت لِلشَّرْبِ فِي دُرْنَا وَقَدْ ثَمِلُوا
إِلَّا أَنَّ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء وَالْكِسَائِيّ يَخْتَارَانِ الشَّرْب بِالْفَتْحِ فِي الْمَصْدَر، وَيَحْتَجَّانِ بِرِوَايَةِ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّهَا أَيَّام أَكْل وَشَرْب ).
قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالُوا إِنْ كُنْت صَادِقًا فَادْعُ اللَّه يُخْرِج لَنَا مِنْ هَذَا الْجَبَل نَاقَة حَمْرَاء عُشَرَاء فَتَضَع وَنَحْنُ نَنْظُر، وَتَرِد هَذَا الْمَاء فَتَشْرَب وَتَغْدُو عَلَيْنَا بِمِثْلِهِ لَبَنًا.
فَدَعَا اللَّه وَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ فَ " قَالَ هَذِهِ نَاقَة لَهَا شِرْب " أَيْ حَظّ مِنْ الْمَاء ; أَيْ لَكُمْ شِرْب يَوْم وَلَهَا شِرْب يَوْم ; فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْم شِرْبهَا شَرِبَتْ مَاءَهُمْ كُلّه أَوَّل النَّهَار وَتَسْقِيهِمْ اللَّبَن آخِر النَّهَار، وَإِذَا كَانَ يَوْم شِرْبهمْ كَانَ لِأَنْفُسِهِمْ وَمَوَاشِيهمْ وَأَرْضهمْ، لَيْسَ لَهُمْ فِي يَوْم وُرُودهَا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ شِرْبهَا شَيْئًا، وَلَا لَهَا أَنْ تَشْرَب فِي يَوْمهمْ مِنْ مَائِهِمْ شَيْئًا.
قَالَ الْفَرَّاء : الشِّرْب الْحَظّ مِنْ الْمَاء.
قَالَ النَّحَّاس : فَأَمَّا الْمَصْدَر فَيُقَال فِيهِ شَرِبَ شَرْبًا وَشُرْبًا وَشِرْبًا وَأَكْثَرهَا الْمَضْمُومَة ; لِأَنَّ الْمَكْسُورَة وَالْمَفْتُوحَة يَشْتَرِكَانِ مَعَ شَيْء آخَر فَيَكُون الشِّرْب الْحَظّ مِنْ الْمَاء، وَيَكُون الشِّرْب جَمْع شَارِب كَمَا قَالَ :
فَقُلْت لِلشَّرْبِ فِي دُرْنَا وَقَدْ ثَمِلُوا
إِلَّا أَنَّ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء وَالْكِسَائِيّ يَخْتَارَانِ الشَّرْب بِالْفَتْحِ فِي الْمَصْدَر، وَيَحْتَجَّانِ بِرِوَايَةِ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( إِنَّهَا أَيَّام أَكْل وَشَرْب ).
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ
لَا يَجُوز إِظْهَار التَّضْعِيف هَاهُنَا ; لِأَنَّهُمَا حَرْفَانِ مُتَحَرِّكَانِ مِنْ جِنْس وَاحِد.
لَا يَجُوز إِظْهَار التَّضْعِيف هَاهُنَا ; لِأَنَّهُمَا حَرْفَانِ مُتَحَرِّكَانِ مِنْ جِنْس وَاحِد.
فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ
جَوَاب النَّهْي، وَلَا يَجُوز حَذْف الْفَاء مِنْهُ، وَالْجَزْم كَمَا جَاءَ فِي الْأَمْر إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ الْكِسَائِيّ أَنَّهُ يُجِيزهُ.
جَوَاب النَّهْي، وَلَا يَجُوز حَذْف الْفَاء مِنْهُ، وَالْجَزْم كَمَا جَاءَ فِي الْأَمْر إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ الْكِسَائِيّ أَنَّهُ يُجِيزهُ.
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ
أَيْ عَلَى عَقْرهَا لَمَّا أَيْقَنُوا بِالْعَذَابِ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ أَنْظَرَهُمْ ثَلَاثًا فَظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ الْعَلَامَة فِي كُلّ يَوْم، وَنَدِمُوا وَلَمْ يَنْفَعهُمْ النَّدَم عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب.
وَقِيلَ : لَمْ يَنْفَعهُمْ النَّدَم لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا، بَلْ طَلَبُوا صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَام لِيَقْتُلُوهُ لَمَّا أَيْقَنُوا بِالْعَذَابِ.
وَقِيلَ : كَانَتْ نَدَامَتهمْ عَلَى تَرْك الْوَلَد إِذْ لَمْ يَقْتُلُوهُ مَعَهَا.
وَهُوَ بَعِيد.
أَيْ عَلَى عَقْرهَا لَمَّا أَيْقَنُوا بِالْعَذَابِ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ أَنْظَرَهُمْ ثَلَاثًا فَظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ الْعَلَامَة فِي كُلّ يَوْم، وَنَدِمُوا وَلَمْ يَنْفَعهُمْ النَّدَم عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب.
وَقِيلَ : لَمْ يَنْفَعهُمْ النَّدَم لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا، بَلْ طَلَبُوا صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَام لِيَقْتُلُوهُ لَمَّا أَيْقَنُوا بِالْعَذَابِ.
وَقِيلَ : كَانَتْ نَدَامَتهمْ عَلَى تَرْك الْوَلَد إِذْ لَمْ يَقْتُلُوهُ مَعَهَا.
وَهُوَ بَعِيد.
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
إِلَى آخِره تَقَدَّمَ.
وَيُقَال : إِنَّهُ مَا آمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْأُمَم إِلَّا أَلْفَانِ وَثَمَانمِائَةِ رَجُل وَامْرَأَة.
وَقِيلَ : كَانُوا أَرْبَعَة آلَاف.
وَقَالَ كَعْب : كَانَ قَوْم صَالِح اِثْنَيْ عَشَر أَلْف قَبِيل كُلّ قَبِيل نَحْو اِثْنَيْ عَشَر أَلْفًا مِنْ سِوَى النِّسَاء وَالذُّرِّيَّة، وَلَقَدْ كَانَ قَوْم عَاد مِثْلهمْ سِتّ مَرَّات.
إِلَى آخِره تَقَدَّمَ.
وَيُقَال : إِنَّهُ مَا آمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْأُمَم إِلَّا أَلْفَانِ وَثَمَانمِائَةِ رَجُل وَامْرَأَة.
وَقِيلَ : كَانُوا أَرْبَعَة آلَاف.
وَقَالَ كَعْب : كَانَ قَوْم صَالِح اِثْنَيْ عَشَر أَلْف قَبِيل كُلّ قَبِيل نَحْو اِثْنَيْ عَشَر أَلْفًا مِنْ سِوَى النِّسَاء وَالذُّرِّيَّة، وَلَقَدْ كَانَ قَوْم عَاد مِثْلهمْ سِتّ مَرَّات.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ
أَيْ اِبْن أَبِيهِمْ وَهِيَ أُخُوَّة نَسَب لَا أُخُوَّة دِين.
وَقِيلَ : هِيَ أُخُوَّة الْمُجَانَسَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَوْمه " [ إِبْرَاهِيم : ٤ ] وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف ".
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب يَا أَخَا بَنِي تَمِيم.
يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَمِنْهُ بَيْت الْحَمَاسَة :
أَيْ اِبْن أَبِيهِمْ وَهِيَ أُخُوَّة نَسَب لَا أُخُوَّة دِين.
وَقِيلَ : هِيَ أُخُوَّة الْمُجَانَسَة.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَوْمه " [ إِبْرَاهِيم : ٤ ] وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي " الْأَعْرَاف ".
وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْل الْعَرَب يَا أَخَا بَنِي تَمِيم.
يُرِيدُونَ يَا وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَمِنْهُ بَيْت الْحَمَاسَة :
لَا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِين يَنْدُبهُمْ | فِي النَّائِبَات عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانَا |
عَلَيْك السَّلَام لَا مُلِلْت قَرِيبَة | وَمَالك عِنْدِي إِنْ نَأَيْت قَلَاء |
لَا تَكْسَع الشَّوَل بِأَغْبَارِهَا | إِنَّك لَا تَدْرِي مَنْ النَّاتِج |
فَمَا وَنَى مُحَمَّد مُذْ أَنْ غَفَرْ | لَهُ الْإِلَه مَا مَضَى وَمَا غَبَرَ |
وَالْأَغْبَار بَقِيَّات الْأَلْبَان.
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ
أَيْ أَهْلَكْنَاهُمْ بِالْخَسْفِ وَالْحَصْب ; قَالَ مُقَاتِل : خَسَفَ اللَّه بِقَوْمِ لُوط وَأَرْسَلَ الْحِجَارَة عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْقَرْيَة.
أَيْ أَهْلَكْنَاهُمْ بِالْخَسْفِ وَالْحَصْب ; قَالَ مُقَاتِل : خَسَفَ اللَّه بِقَوْمِ لُوط وَأَرْسَلَ الْحِجَارَة عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْقَرْيَة.
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا
يَعْنِي الْحِجَارَة
يَعْنِي الْحِجَارَة
فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ
وَقِيلَ : إِنَّ جِبْرِيل خَسَفَ بِقَرْيَتِهِمْ وَجَعَلَ عَالِيهَا سَافِلهَا، ثُمَّ أَتْبَعَهَا اللَّه بِالْحِجَارَةِ.
وَقِيلَ : إِنَّ جِبْرِيل خَسَفَ بِقَرْيَتِهِمْ وَجَعَلَ عَالِيهَا سَافِلهَا، ثُمَّ أَتْبَعَهَا اللَّه بِالْحِجَارَةِ.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُؤْمِن إِلَّا بَيْت لُوط وَابْنَتَاهُ.
لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُؤْمِن إِلَّا بَيْت لُوط وَابْنَتَاهُ.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
يُرِيد الْمَنِيع الْمُنْتَقِم مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيم بِأَوْلِيَائِهِ.
كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ
الْأَيْك الشَّجَر الْمُلْتَفّ الْكَثِير الْوَاحِدَة أَيْكَة.
وَمَنْ قَرَأَ :" أَصْحَاب الْأَيْكَة " فَهِيَ الْغَيْضَة.
وَمَنْ قَرَأَ :" لَيْكَة " فَهُوَ اِسْم الْقَرْيَة.
وَيُقَال : هُمَا مِثْل بَكَّة وَمَكَّة ; قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ.
وَقَالَ النَّحَّاس : وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَنَافِع :" كَذَّبَ أَصْحَاب لَيْكَة الْمُرْسَلِينَ " وَكَذَا قَرَأَ : فِي " ص ".
وَأَجْمَعَ الْقُرَّاء عَلَى الْخَفْض فِي الَّتِي فِي سُورَة " الْحِجْر " وَاَلَّتِي فِي سُورَة " ق " فَيَجِب أَنْ يُرَدّ مَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ إِذْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا.
وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْد مِنْ أَنَّ " لَيْكَة " هِيَ اِسْم الْقَرْيَة الَّتِي كَانُوا فِيهَا وَأَنَّ " الْأَيْكَة " اِسْم الْبَلَد فَشَيْء لَا يَثْبُت وَلَا يُعْرَف مَنْ قَالَهُ فَيَثْبُت عِلْمه، وَلَوْ عُرِفَ مَنْ قَالَهُ لَكَانَ فِيهِ نَظَر ; لِأَنَّ أَهْل الْعِلْم جَمِيعًا مِنْ أَهْل التَّفْسِير وَالْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب عَلَى خِلَافه.
وَرَوَى عَبْد اللَّه بْن وَهْب عَنْ جَرِير بْن حَازِم عَنْ قَتَادَة قَالَ : أُرْسِلَ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أُمَّتَيْنِ : إِلَى قَوْمه مِنْ أَهْل مَدْيَن، وَإِلَى أَصْحَاب الْأَيْكَة ; قَالَ : وَالْأَيْكَة غَيْضَة مِنْ شَجَر مُلْتَفّ.
وَرَوَى سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانَ أَصْحَاب الْأَيْكَة أَهْل غَيْضَة وَشَجَر وَكَانَتْ عَامَّة شَجَرهمْ الدَّوْم وَهُوَ شَجَر الْمُقْل.
وَرَوَى اِبْن جُبَيْر عَنْ الضَّحَّاك قَالَ : خَرَجَ أَصْحَاب الْأَيْكَة - يَعْنِي حِين أَصَابَهُمْ الْحَرّ - فَانْضَمُّوا إِلَى الْغَيْضَة وَالشَّجَر، فَأَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ سَحَابَة فَاسْتَظَلُّوا تَحْتهَا، فَلَمَّا تَكَامَلُوا تَحْتهَا أُحْرِقُوا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : وَ " الْأَيْكَة " الشَّجَر.
وَلَا نَعْلَم بَيْن أَهْل اللُّغَة اِخْتِلَافًا أَنَّ الْأَيْكَة الشَّجَر الْمُلْتَفّ، فَأَمَّا اِحْتِجَاج بَعْض مَنْ اِحْتَجَّ بِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ فِي هَذَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ فِي السَّوَاد " لَيْكَة " فَلَا حُجَّة لَهُ ; وَالْقَوْل فِيهِ : إِنَّ أَصْله الْأَيْكَة ثُمَّ خُفِّفَتْ الْهَمْزَة فَأُلْقِيَتْ حَرَكَتهَا عَلَى اللَّام فَسَقَطَتْ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ أَلِف الْوَصْل ; لِأَنَّ اللَّام قَدْ تَحَرَّكَتْ فَلَا يَجُوز عَلَى هَذَا إِلَّا الْخَفْض ; كَمَا تَقُول بِالْأَحْمَرِ تُحَقِّق الْهَمْزَة ثُمَّ تُخَفِّفهَا بِلَحْمَرِ ; فَإِنْ شِئْت كَتَبْته فِي الْخَطّ عَلَى مَا كَتَبْته أَوَّلًا، وَإِنْ شِئْت كَتَبْته بِالْحَذْفِ ; وَلَمْ يَجُزْ إِلَّا الْخَفْض ; قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِف إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِف وَاللَّام أَوْ أُضِيفَ اِنْصَرَفَ ; وَلَا نَعْلَم أَحَدًا خَالَفَ سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا.
وَقَالَ الْخَلِيل :" الْأَيْكَة " غَيْضَة تُنْبِت السِّدْر وَالْأَرَاك وَنَحْوهمَا مِنْ نَاعِم الشَّجَر.
الْأَيْك الشَّجَر الْمُلْتَفّ الْكَثِير الْوَاحِدَة أَيْكَة.
وَمَنْ قَرَأَ :" أَصْحَاب الْأَيْكَة " فَهِيَ الْغَيْضَة.
وَمَنْ قَرَأَ :" لَيْكَة " فَهُوَ اِسْم الْقَرْيَة.
وَيُقَال : هُمَا مِثْل بَكَّة وَمَكَّة ; قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ.
وَقَالَ النَّحَّاس : وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَنَافِع :" كَذَّبَ أَصْحَاب لَيْكَة الْمُرْسَلِينَ " وَكَذَا قَرَأَ : فِي " ص ".
وَأَجْمَعَ الْقُرَّاء عَلَى الْخَفْض فِي الَّتِي فِي سُورَة " الْحِجْر " وَاَلَّتِي فِي سُورَة " ق " فَيَجِب أَنْ يُرَدّ مَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ إِذْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا.
وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْد مِنْ أَنَّ " لَيْكَة " هِيَ اِسْم الْقَرْيَة الَّتِي كَانُوا فِيهَا وَأَنَّ " الْأَيْكَة " اِسْم الْبَلَد فَشَيْء لَا يَثْبُت وَلَا يُعْرَف مَنْ قَالَهُ فَيَثْبُت عِلْمه، وَلَوْ عُرِفَ مَنْ قَالَهُ لَكَانَ فِيهِ نَظَر ; لِأَنَّ أَهْل الْعِلْم جَمِيعًا مِنْ أَهْل التَّفْسِير وَالْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب عَلَى خِلَافه.
وَرَوَى عَبْد اللَّه بْن وَهْب عَنْ جَرِير بْن حَازِم عَنْ قَتَادَة قَالَ : أُرْسِلَ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أُمَّتَيْنِ : إِلَى قَوْمه مِنْ أَهْل مَدْيَن، وَإِلَى أَصْحَاب الْأَيْكَة ; قَالَ : وَالْأَيْكَة غَيْضَة مِنْ شَجَر مُلْتَفّ.
وَرَوَى سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانَ أَصْحَاب الْأَيْكَة أَهْل غَيْضَة وَشَجَر وَكَانَتْ عَامَّة شَجَرهمْ الدَّوْم وَهُوَ شَجَر الْمُقْل.
وَرَوَى اِبْن جُبَيْر عَنْ الضَّحَّاك قَالَ : خَرَجَ أَصْحَاب الْأَيْكَة - يَعْنِي حِين أَصَابَهُمْ الْحَرّ - فَانْضَمُّوا إِلَى الْغَيْضَة وَالشَّجَر، فَأَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ سَحَابَة فَاسْتَظَلُّوا تَحْتهَا، فَلَمَّا تَكَامَلُوا تَحْتهَا أُحْرِقُوا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : وَ " الْأَيْكَة " الشَّجَر.
وَلَا نَعْلَم بَيْن أَهْل اللُّغَة اِخْتِلَافًا أَنَّ الْأَيْكَة الشَّجَر الْمُلْتَفّ، فَأَمَّا اِحْتِجَاج بَعْض مَنْ اِحْتَجَّ بِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ فِي هَذَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ فِي السَّوَاد " لَيْكَة " فَلَا حُجَّة لَهُ ; وَالْقَوْل فِيهِ : إِنَّ أَصْله الْأَيْكَة ثُمَّ خُفِّفَتْ الْهَمْزَة فَأُلْقِيَتْ حَرَكَتهَا عَلَى اللَّام فَسَقَطَتْ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ أَلِف الْوَصْل ; لِأَنَّ اللَّام قَدْ تَحَرَّكَتْ فَلَا يَجُوز عَلَى هَذَا إِلَّا الْخَفْض ; كَمَا تَقُول بِالْأَحْمَرِ تُحَقِّق الْهَمْزَة ثُمَّ تُخَفِّفهَا بِلَحْمَرِ ; فَإِنْ شِئْت كَتَبْته فِي الْخَطّ عَلَى مَا كَتَبْته أَوَّلًا، وَإِنْ شِئْت كَتَبْته بِالْحَذْفِ ; وَلَمْ يَجُزْ إِلَّا الْخَفْض ; قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِف إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِف وَاللَّام أَوْ أُضِيفَ اِنْصَرَفَ ; وَلَا نَعْلَم أَحَدًا خَالَفَ سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا.
وَقَالَ الْخَلِيل :" الْأَيْكَة " غَيْضَة تُنْبِت السِّدْر وَالْأَرَاك وَنَحْوهمَا مِنْ نَاعِم الشَّجَر.
إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ
وَلَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ شُعَيْب ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَخًا لِأَصْحَابِ الْأَيْكَة فِي النَّسَب، فَلَمَّا ذَكَرَ مَدْيَن قَالَ :" أَخَاهُمْ شُعَيْبًا " [ الْأَعْرَاف : ٨٥ ] ; لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف " الْقَوْل فِي نَسَبه.
قَالَ اِبْن زَيْد : أَرْسَلَ اللَّه شُعَيْبًا رَسُولًا إِلَى قَوْمه أَهْل مَدْيَن، وَإِلَى أَهْل الْبَادِيَة وَهُمْ أَصْحَاب الْأَيْكَة ; وَقَالَ قَتَادَة.
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
وَلَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ شُعَيْب ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَخًا لِأَصْحَابِ الْأَيْكَة فِي النَّسَب، فَلَمَّا ذَكَرَ مَدْيَن قَالَ :" أَخَاهُمْ شُعَيْبًا " [ الْأَعْرَاف : ٨٥ ] ; لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف " الْقَوْل فِي نَسَبه.
قَالَ اِبْن زَيْد : أَرْسَلَ اللَّه شُعَيْبًا رَسُولًا إِلَى قَوْمه أَهْل مَدْيَن، وَإِلَى أَهْل الْبَادِيَة وَهُمْ أَصْحَاب الْأَيْكَة ; وَقَالَ قَتَادَة.
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
أَلَا تَتَّقُونَ
تَخَافُونَ اللَّه
تَخَافُونَ اللَّه
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
أَيْ صَادِق فِيمَا أُبَلِّغكُمْ عَنْ اللَّه تَعَالَى.
أَيْ صَادِق فِيمَا أُبَلِّغكُمْ عَنْ اللَّه تَعَالَى.
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
وَإِنَّمَا كَانَ جَوَاب هَؤُلَاءِ الرُّسُل وَاحِدًا عَلَى صِيغَة وَاحِدَة ; لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْأَمْر بِالتَّقْوَى، وَالطَّاعَة وَالْإِخْلَاص فِي الْعِبَادَة، وَالِامْتِنَاع مِنْ أَخْذ الْأَجْر عَلَى تَبْلِيغ الرِّسَالَة.
وَإِنَّمَا كَانَ جَوَاب هَؤُلَاءِ الرُّسُل وَاحِدًا عَلَى صِيغَة وَاحِدَة ; لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْأَمْر بِالتَّقْوَى، وَالطَّاعَة وَالْإِخْلَاص فِي الْعِبَادَة، وَالِامْتِنَاع مِنْ أَخْذ الْأَجْر عَلَى تَبْلِيغ الرِّسَالَة.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ
النَّاقِصِينَ لِلْكَيْلِ وَالْوَزْن.
النَّاقِصِينَ لِلْكَيْلِ وَالْوَزْن.
وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ
أَيْ أَعْطُوا الْحَقّ.
وَقَدْ مَضَى فِي " سُبْحَان " وَغَيْرهَا
أَيْ أَعْطُوا الْحَقّ.
وَقَدْ مَضَى فِي " سُبْحَان " وَغَيْرهَا
لا يوجد تفسير لهذه الأية
وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ
قَالَ مُجَاهِد : الْجِبِلَّة هِيَ الْخَلِيقَة.
وَجُبِلَ فُلَان عَلَى كَذَا أَيْ خُلِقَ ; فَالْخُلُق جِبِلَّة وَجُبُلَّة وَجِبْلَة وَجُبْلَة وَجَبْلَة ذَكَرَهُ النَّحَّاس فِي " مَعَانِي الْقُرْآن ".
" وَالْجِبِلَّة " عُطِفَ عَلَى الْكَاف وَالْمِيم.
قَالَ الْهَرَوِيّ : الْجِبِلَّة وَالْجُبُلَّة وَالْجِبِلّ وَالْجُبُلّ وَالْجَبْل لُغَات ; وَهُوَ الْجَمْع ذُو الْعَدَد الْكَثِير مِنْ النَّاس ; وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" جِبِلًّا كَثِيرًا " [ يس : ٦٢ ].
قَالَ النَّحَّاس فِي كِتَاب " إِعْرَاب الْقُرْآن " لَهُ : وَيُقَال جِبِلَّة وَالْجَمْع فِيهِمَا جَبَّال، وَتُحْذَف الضَّمَّة وَالْكَسْرَة مِنْ الْبَاء، وَكَذَلِكَ التَّشْدِيد مِنْ اللَّام ; فَيُقَال : جُبْلَة وَجُبَل، وَيُقَال : جبلة وَجِبَال ; وَتُحْذَف الْهَاء مِنْ هَذَا كُلّه.
وَقَرَأَ الْحَسَن بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ :" وَالْجُبُلَّة الْأَوَّلِينَ " بِضَمِّ الْجِيم وَالْبَاء ; وَرُوِيَ عَنْ شَيْبَة وَالْأَعْرَج.
الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ.
قَالَ :
قَالَ مُجَاهِد : الْجِبِلَّة هِيَ الْخَلِيقَة.
وَجُبِلَ فُلَان عَلَى كَذَا أَيْ خُلِقَ ; فَالْخُلُق جِبِلَّة وَجُبُلَّة وَجِبْلَة وَجُبْلَة وَجَبْلَة ذَكَرَهُ النَّحَّاس فِي " مَعَانِي الْقُرْآن ".
" وَالْجِبِلَّة " عُطِفَ عَلَى الْكَاف وَالْمِيم.
قَالَ الْهَرَوِيّ : الْجِبِلَّة وَالْجُبُلَّة وَالْجِبِلّ وَالْجُبُلّ وَالْجَبْل لُغَات ; وَهُوَ الْجَمْع ذُو الْعَدَد الْكَثِير مِنْ النَّاس ; وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :" جِبِلًّا كَثِيرًا " [ يس : ٦٢ ].
قَالَ النَّحَّاس فِي كِتَاب " إِعْرَاب الْقُرْآن " لَهُ : وَيُقَال جِبِلَّة وَالْجَمْع فِيهِمَا جَبَّال، وَتُحْذَف الضَّمَّة وَالْكَسْرَة مِنْ الْبَاء، وَكَذَلِكَ التَّشْدِيد مِنْ اللَّام ; فَيُقَال : جُبْلَة وَجُبَل، وَيُقَال : جبلة وَجِبَال ; وَتُحْذَف الْهَاء مِنْ هَذَا كُلّه.
وَقَرَأَ الْحَسَن بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ :" وَالْجُبُلَّة الْأَوَّلِينَ " بِضَمِّ الْجِيم وَالْبَاء ; وَرُوِيَ عَنْ شَيْبَة وَالْأَعْرَج.
الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ.
قَالَ :
وَالْمَوْت أَعْظَم حَادِث | فِيمَا يَمُرّ عَلَى الْجِبِلَّهْ |
وَحَتَّى رَأَيْنَا أَحْسَن الْفِعْل بَيْننَا | مُسَاكَنَة لَا يَقْرَف الشَّرّ قَارِف |
وَمِنْ الْجَزْم قَوْل الْآخَر :
لَطَالَمَا حَلَّأْتُمَاهَا لَا تَرِد | فَخَلِّيَاهَا وَالسِّجَال تَبْتَرِد |
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ
وَقِيلَ : سَلَكْنَا التَّكْذِيب فِي قُلُوبهمْ ; فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ الْإِيمَان، قَالَهُ يَحْيَى بْن سَلَّام وَقَالَ عِكْرِمَة : الْقَسْوَة.
وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب وَقَدْ مَضَى فِي " الْحِجْر " وَأَجَازَ الْفَرَّاء الْجَزْم فِي " لَا يُؤْمِنُونَ " ; لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْط وَالْمُجَازَاة.
وَزَعَمَ أَنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب إِذَا وُضِعَتْ لَا مَوْضِع كَيْ لَا فِي مِثْل هَذَا رُبَّمَا جَزَمَتْ مَا بَعْدهَا وَرُبَّمَا رَفَعَتْ ; فَتَقُول : رَبَطْت الْفَرَس لَا يَنْفَلِت بِالرَّفْعِ وَالْجَزْم، لِأَنَّ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ أَرْبِطهُ يَنْفَلِت، وَالرَّفْع بِمَعْنَى كَيْلَا يَنْفَلِت.
وَأَنْشَدَ لِبَعْضِ بَنِي عُقَيْل :
بِالرَّفْعِ لَمَّا حَذَفَ كَيْ.
وَمِنْ الْجَزْم قَوْل الْآخَر :
قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا كُلّه فِي " يُؤْمِنُونَ " خَطَأ عِنْد الْبَصْرِيِّينَ، وَلَا يَجُوز الْجَزْم بِلَا جَازِم، وَلَا يَكُون شَيْء يَعْمَل عَمَلًا فَإِذَا حُذِفَ عَمِلَ عَمَلًا أَقْوَى، مِنْ عَمَله وَهُوَ مَوْجُود، فَهَذَا اِحْتِجَاج بَيِّنٌ.
وَقِيلَ : سَلَكْنَا التَّكْذِيب فِي قُلُوبهمْ ; فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ الْإِيمَان، قَالَهُ يَحْيَى بْن سَلَّام وَقَالَ عِكْرِمَة : الْقَسْوَة.
وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب وَقَدْ مَضَى فِي " الْحِجْر " وَأَجَازَ الْفَرَّاء الْجَزْم فِي " لَا يُؤْمِنُونَ " ; لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْط وَالْمُجَازَاة.
وَزَعَمَ أَنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب إِذَا وُضِعَتْ لَا مَوْضِع كَيْ لَا فِي مِثْل هَذَا رُبَّمَا جَزَمَتْ مَا بَعْدهَا وَرُبَّمَا رَفَعَتْ ; فَتَقُول : رَبَطْت الْفَرَس لَا يَنْفَلِت بِالرَّفْعِ وَالْجَزْم، لِأَنَّ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ أَرْبِطهُ يَنْفَلِت، وَالرَّفْع بِمَعْنَى كَيْلَا يَنْفَلِت.
وَأَنْشَدَ لِبَعْضِ بَنِي عُقَيْل :
وَحَتَّى رَأَيْنَا أَحْسَن الْفِعْل بَيْننَا | مُسَاكَنَة لَا يَقْرِف الشَّرّ قَارِف |
وَمِنْ الْجَزْم قَوْل الْآخَر :
لَطَالَمَا حَلَّأْتُمَاهَا لَا تَرِد | فَخَلَّيَاهَا وَالسِّجَال تَبْتَرِد |
حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ
أَيْ الْعَذَاب.
وَقَرَأَ الْحَسَن :" فَتَأْتِيهِمْ " بِالتَّاءِ، وَالْمَعْنَى : فَتَأْتِيهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَأُضْمِرَتْ لِدَلَالَةِ الْعَذَاب الْوَاقِع فِيهَا، وَلِكَثْرَةِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ ذِكْرهَا.
وَقَالَ رَجُل لِلْحَسَنِ وَقَدْ قَرَأَ :" فَتَأْتِيهِمْ " : يَا أَبَا سَعِيد إِنَّمَا يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب بَغْتَة.
فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ السَّاعَة تَأْتِيهِمْ بَغْتَة أَيْ فَجْأَة.
أَيْ الْعَذَاب.
وَقَرَأَ الْحَسَن :" فَتَأْتِيهِمْ " بِالتَّاءِ، وَالْمَعْنَى : فَتَأْتِيهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَأُضْمِرَتْ لِدَلَالَةِ الْعَذَاب الْوَاقِع فِيهَا، وَلِكَثْرَةِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ ذِكْرهَا.
وَقَالَ رَجُل لِلْحَسَنِ وَقَدْ قَرَأَ :" فَتَأْتِيهِمْ " : يَا أَبَا سَعِيد إِنَّمَا يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب بَغْتَة.
فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ السَّاعَة تَأْتِيهِمْ بَغْتَة أَيْ فَجْأَة.
فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً
أَيْ الْعَذَاب.
وَقَرَأَ الْحَسَن :" فَتَأْتِيهِمْ " بِالتَّاءِ، وَالْمَعْنَى : فَتَأْتِيهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَأُضْمِرَتْ لِدَلَالَةِ الْعَذَاب الْوَاقِع فِيهَا، وَلِكَثْرَةِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ ذِكْرهَا.
وَقَالَ رَجُل لِلْحَسَنِ وَقَدْ قَرَأَ :" فَتَأْتِيهِمْ " : يَا أَبَا سَعِيد إِنَّمَا يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب بَغْتَة.
فَانْتَهَزَهُ وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ السَّاعَة تَأْتِيهِمْ بَغْتَة أَيْ فَجْأَة.
أَيْ الْعَذَاب.
وَقَرَأَ الْحَسَن :" فَتَأْتِيهِمْ " بِالتَّاءِ، وَالْمَعْنَى : فَتَأْتِيهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَأُضْمِرَتْ لِدَلَالَةِ الْعَذَاب الْوَاقِع فِيهَا، وَلِكَثْرَةِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ ذِكْرهَا.
وَقَالَ رَجُل لِلْحَسَنِ وَقَدْ قَرَأَ :" فَتَأْتِيهِمْ " : يَا أَبَا سَعِيد إِنَّمَا يَأْتِيهِمْ الْعَذَاب بَغْتَة.
فَانْتَهَزَهُ وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ السَّاعَة تَأْتِيهِمْ بَغْتَة أَيْ فَجْأَة.
وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
بِإِتْيَانِهَا.
بِإِتْيَانِهَا.
فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ
أَيْ مُؤَخَّرُونَ وَمُمْهَلُونَ.
يَطْلُبُونَ الرَّجْعَة هُنَالِكَ فَلَا يُجَابُونَ إِلَيْهَا.
قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَقَوْله :" فَيَأْتِيهِمْ " لَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْله :" حَتَّى يَرَوْا " بَلْ هُوَ جَوَاب قَوْله :" لَا يُؤْمِنُونَ " فَلَمَّا كَانَ جَوَابًا لِلنَّفْيِ اِنْتَصَبَ، وَكَذَلِكَ قَوْله :" فَيَقُولُوا ".
أَيْ مُؤَخَّرُونَ وَمُمْهَلُونَ.
يَطْلُبُونَ الرَّجْعَة هُنَالِكَ فَلَا يُجَابُونَ إِلَيْهَا.
قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَقَوْله :" فَيَأْتِيهِمْ " لَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْله :" حَتَّى يَرَوْا " بَلْ هُوَ جَوَاب قَوْله :" لَا يُؤْمِنُونَ " فَلَمَّا كَانَ جَوَابًا لِلنَّفْيِ اِنْتَصَبَ، وَكَذَلِكَ قَوْله :" فَيَقُولُوا ".
ﯽﯾ
ﳋ
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ
قَالَ مُقَاتِل : قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُحَمَّد إِلَى مَتَى تَعِدنَا بِالْعَذَابِ وَلَا تَأْتِي بِهِ ! فَنَزَلَتْ :" أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ".
قَالَ مُقَاتِل : قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُحَمَّد إِلَى مَتَى تَعِدنَا بِالْعَذَابِ وَلَا تَأْتِي بِهِ ! فَنَزَلَتْ :" أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ".
أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ
يَعْنِي فِي الدُّنْيَا وَالْمُرَاد أَهْل مَكَّة فِي قَوْل الضَّحَّاك وَغَيْره.
يَعْنِي فِي الدُّنْيَا وَالْمُرَاد أَهْل مَكَّة فِي قَوْل الضَّحَّاك وَغَيْره.
ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ
مِنْ الْعَذَاب وَالْهَلَاك
مِنْ الْعَذَاب وَالْهَلَاك
مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ
" مَا " الْأُولَى اِسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّقْرِير، وَهُوَ فِي مَوْضِع نَصْب " بِأَغْنَى " وَ " مَا " الثَّانِيَة فِي مَوْضِع رَفْع، وَيَجُوز أَنْ تَكُون الثَّانِيَة نَفْيًا لَا مَوْضِع لَهَا.
وَقِيلَ :" مَا " الْأُولَى حَرْف نَفْي، وَ " مَا " الثَّانِيَة فِي مَوْضِع رَفْع " بِأَغْنَى " وَالْهَاء الْعَائِدَة مَحْذُوفَة.
وَالتَّقْدِير : مَا أَغْنَى عَنْهُمْ الزَّمَان الَّذِي كَانُوا يُمَتَّعُونَهُ.
وَعَنْ الزُّهْرِيّ : إِنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز كَانَ إِذَا أَصْبَحَ أَمْسَكَ بِلِحْيَتِهِ ثُمَّ قَرَأَ :" أَفَرَأَيْت إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ.
ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ " ثُمَّ يَبْكِي وَيَقُول :
" مَا " الْأُولَى اِسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّقْرِير، وَهُوَ فِي مَوْضِع نَصْب " بِأَغْنَى " وَ " مَا " الثَّانِيَة فِي مَوْضِع رَفْع، وَيَجُوز أَنْ تَكُون الثَّانِيَة نَفْيًا لَا مَوْضِع لَهَا.
وَقِيلَ :" مَا " الْأُولَى حَرْف نَفْي، وَ " مَا " الثَّانِيَة فِي مَوْضِع رَفْع " بِأَغْنَى " وَالْهَاء الْعَائِدَة مَحْذُوفَة.
وَالتَّقْدِير : مَا أَغْنَى عَنْهُمْ الزَّمَان الَّذِي كَانُوا يُمَتَّعُونَهُ.
وَعَنْ الزُّهْرِيّ : إِنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز كَانَ إِذَا أَصْبَحَ أَمْسَكَ بِلِحْيَتِهِ ثُمَّ قَرَأَ :" أَفَرَأَيْت إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ.
ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ " ثُمَّ يَبْكِي وَيَقُول :