تفسير سورة سورة النبأ من كتاب إعراب القرآن وبيانه
المعروف بـإعراب القرآن و بيانه
.
لمؤلفه
محيي الدين الدرويش
.
المتوفي سنة 1403 هـ
ﰡ
ﭑﭒ
ﰀ
ﭔﭕﭖ
ﰁ
ﭘﭙﭚﭛ
ﰂ
ﭝﭞ
ﰃ
ﭠﭡﭢ
ﰄ
ﭤﭥﭦﭧ
ﰅ
ﭩﭪ
ﰆ
ﭬﭭ
ﰇ
ﭯﭰﭱ
ﰈ
ﭳﭴﭵ
ﰉ
ﭷﭸﭹ
ﰊ
ﭻﭼﭽﭾ
ﰋ
ﮀﮁﮂ
ﰌ
ﮄﮅﮆﮇﮈ
ﰍ
ﮊﮋﮌﮍ
ﰎ
ﮏﮐ
ﰏ
(٧٨) سورد النبإ مكيّة وآياتها أربعون
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ١ الى ١٦]
ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤)
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦)
اللغة:
(سُباتاً) راحة لأبدانكم وفي المختار: «السبات النوم وأصله الراحة ومنه قوله تعالى: وجعلنا نومكم سباتا وبابه نصر» وفي المصباح:
«والسبات بالضم كغراب: النوم الثقيل وأصله الراحة يقال منه سبت يسبت من باب قتل وسبت بالبناء للمفعول غشي عليه وأيضا مات»
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ١ الى ١٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤)ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤)
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦)
اللغة:
(سُباتاً) راحة لأبدانكم وفي المختار: «السبات النوم وأصله الراحة ومنه قوله تعالى: وجعلنا نومكم سباتا وبابه نصر» وفي المصباح:
«والسبات بالضم كغراب: النوم الثقيل وأصله الراحة يقال منه سبت يسبت من باب قتل وسبت بالبناء للمفعول غشي عليه وأيضا مات»
348
وعبارة الزمخشري: «سباتا موتا والمسبوت الميت من السبت وهو القطع لأنه مقطوع عن الحركة والنوم أحد التوفيين وهو على بناء الأدواء» أما أبو حيان فقال «والسبات علّة معروفة يفرط على الإنسان السكوت حتى يصير قاتلا».
(الْمُعْصِراتِ) المعصر: قال الفراء: السحاب الذي يجلب المطر ولما يجتمع مثل الجارية المعصر قد كادت تحيض ولما تحض، وقال نحوه ابن قتيبة وقال أبو النجم العجلي:
وقال عمر بن أبي ربيعة:
(ثَجَّاجاً) الثج: الانصباب بكثرة وشدة وفي الحديث: «أحب العمل إلى الله العج والثج فالعج رفع الصوت بالتلبية والثج إراقة دماء الهدي، ويقال ثج الماء بنفسه أي انصبّ وثججته أنا أي صببته ثجا وثجوجا فيكون لازما ومتعديا، وفي المختار: «ثج الماء والدم سال وبابه رد ومطر ثجاج أي منصب جدا والثج أيضا سيلان دماء الهدي وهو لازم تقول منه: ثج الدم يثج بالكسر ثجا بالفتح، قلت: وقد نقل الأزهري عن أبي عبيدة مثل هذا».
(أَلْفافاً) ملتفة وفي الأساس «لفّ الثوب وغيره ولفّ الشيء في ثوبه ولففه ولفّ رأسه في ثيابه والتفّ في ثيابه وتلفف والتفّ النبت وفي الأرض تلافيف من عشب، وجنات ألفافا: ملتفة وبه لفف من الأشجار قال الطرماح:
(الْمُعْصِراتِ) المعصر: قال الفراء: السحاب الذي يجلب المطر ولما يجتمع مثل الجارية المعصر قد كادت تحيض ولما تحض، وقال نحوه ابن قتيبة وقال أبو النجم العجلي:
تمشي الهوينى مائلا خمارها | قد أعصرت أو قد دنا إعصارها |
فكان مجني دون من كنت أتقي | ثلاث شخوص كاعبان ومعصر |
(أَلْفافاً) ملتفة وفي الأساس «لفّ الثوب وغيره ولفّ الشيء في ثوبه ولففه ولفّ رأسه في ثيابه والتفّ في ثيابه وتلفف والتفّ النبت وفي الأرض تلافيف من عشب، وجنات ألفافا: ملتفة وبه لفف من الأشجار قال الطرماح:
ولقد عرتني منك جدوى أنبتت | خضرا إلى لفف من الأشجار |
ولو كنت القتيل وكان حيّا | تشمّر لا ألفّ ولا سؤوم |
عراض القطا ملتفة ربلاتها | وما اللفّ أفخاذا بتاركة عقلا» |
الإعراب:
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ، عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) عن حرف جر وما اسم استفهام مجرور بعن وقد تقدم حذف ألف ما في الاستفهام إذا دخل عليها حرف جر في الأكثر وقرئ عمّا بإثبات الألف وقد تقدم أنه يجوز ضرورة أو في قليل من الكلام، وعليه قول حسان بن ثابت:
على ما قام يشتمني لئيم | كخنزير تمرغ في رماد |
350
عليه خافية، وعن النبإ العظيم كلام مستأنف مسوق لبيان ذلك الشيء فهو متعلق بمحذوف دلّ عليه يتساءلون وليس صلة ليتساءلون لأن عم صلة أي يتساءلون عن النبإ العظيم فهو عطف بيان نحوي والذي صفة ثانية للنبإ وهم مبتدأ وفيه متعلقان بمختلفون ومختلفون خبر هم والجملة صلة الذي (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) ردع ووعيد للمتسائلين هزؤا وفيه معنى الوعيد والتهديد فالردع بكلمة كلا والوعيد بكلمة سيعلمون ومفعول سيعلمون محذوف تقديره ما يحلّ بهم وثم حرف عطف للترتيب مع التراخي وكلا سيعلمون تأكيد لفظي للجملة السابقة ولا يضر توسط حرف العطف، والنحويون يأبون إلا أن يكون عطفا وإن أفاد التأكيد ويمكن أن يجاب بأن ثمة تغايرا ملحوظا وهو أن الوعيد الثاني أشد من الأول وبهذا الاعتبار صار مغايرا لما قبله ولذا عطف بثم (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً) كلام مستأنف مسوق لبيان قدرته سبحانه على البعث وإيراد الدلائل عليه وذكر منها تسعة والوجه فيها أنه إذا كان قادرا على هذه الأشياء فهو بحكم البديهة قادر على البعث، والهمزة للاستفهام التقريري أي جعلنا الأرض مهادا ولم حرف نفي وقلب وجزم ونجعل فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله مستتر تقديره نحن والأرض مفعول به أول ومهادا مفعول به ثان لأن الجعل بمعنى التصيير ويجوز أن يكون بمعنى الخلق فيكون مهادا حالا مقدرة والجبال أوتادا عطف على الأرض مهادا (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) عطف على ما تقدم وخلقناكم فعل وفاعل ومفعول به وأزواجا حال أي متجانسين متشابهين ذكورا وإناثا (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) عطف أيضا وجعلنا فعل ماض وفاعل ونومكم مفعول جعلنا الأول وسباتا مفعول جعلنا الثاني (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) عطف أيضا والجملة مماثلة لما قبلها في الإعراب (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) عطف أيضا وهي مماثلة لما قبلها أيضا ومعاشا مصدر ميمي بمعنى المعيشة وقد وقع هنا ظرفا للزمان أي وقت معاش (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ
351
سَبْعاً شِداداً)
عطف أيضا وبنينا فعل ماض وفاعل وفوقكم ظرف متعلق ببنينا وسبعا مفعول به أي سبع سموات وشدادا صفة (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) عطف أيضا وسراجا مفعول جعلنا ووهاجا صفة والجعل هنا بمعنى الخلق (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) عطف أيضا وأنزلنا فعل وفاعل ومن المعصرات متعلقان بأنزلنا وماء مفعول به وثجاجا صفة (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) اللام لام التعليل ونخرج فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وهي متعلقة بأنزلنا أيضا وبه متعلقان بنخرج وحبا مفعول نخرج ونباتا عطف على حبا (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) عطف على حبا وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم وألفافا نعت لجنان أي بساتين ملتفة.
البلاغة:
في قوله «وجعلنا الليل لباسا» تشبيه بليغ، ووجه الشبه الستر لأن كلّا من اللباس والليل يستر المتلبس به أي يستركم عن العيون إذا أردتم النجاة بأنفسكم من عدو يلاحقكم أو بياتا له إذا أردتم إنزال الوقيعة به في منأى عن العيون أو يعينكم على إخفاء ما لا ترغبون في أن يطّلع عليه أحد، وقد رمق أبو الطيب هذه السماء العالية كعادته فقال:
والمانوية نسبة إلى ماني مؤسّس مذهب المانوية بمبدأين بالوجود مبدأ الخير ومبدأ الشر: النور والظلام، دخل ماني في التصوير الفارسي ونسق التصوير الصيني ورسم الملائكة والشياطين وتوفي سنة ٢٧٦ م وإيضاح مسألة المانوية أنهم قالوا: تجد في العالم خيرا كثيرا وشرا كثيرا
عطف أيضا وبنينا فعل ماض وفاعل وفوقكم ظرف متعلق ببنينا وسبعا مفعول به أي سبع سموات وشدادا صفة (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) عطف أيضا وسراجا مفعول جعلنا ووهاجا صفة والجعل هنا بمعنى الخلق (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) عطف أيضا وأنزلنا فعل وفاعل ومن المعصرات متعلقان بأنزلنا وماء مفعول به وثجاجا صفة (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً) اللام لام التعليل ونخرج فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وهي متعلقة بأنزلنا أيضا وبه متعلقان بنخرج وحبا مفعول نخرج ونباتا عطف على حبا (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) عطف على حبا وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم وألفافا نعت لجنان أي بساتين ملتفة.
البلاغة:
في قوله «وجعلنا الليل لباسا» تشبيه بليغ، ووجه الشبه الستر لأن كلّا من اللباس والليل يستر المتلبس به أي يستركم عن العيون إذا أردتم النجاة بأنفسكم من عدو يلاحقكم أو بياتا له إذا أردتم إنزال الوقيعة به في منأى عن العيون أو يعينكم على إخفاء ما لا ترغبون في أن يطّلع عليه أحد، وقد رمق أبو الطيب هذه السماء العالية كعادته فقال:
وكم لظلام الليل عندك من يد | تخبر أن المانوية تكذب |
وقال رد الأعداء تسري إليهم | وزارك فيه ذو الدلال المحجب |
352
ﮒﮓﮔﮕﮖ
ﰐ
ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ
ﰑ
ﮟﮠﮡﮢ
ﰒ
ﮤﮥﮦﮧ
ﰓ
ﮩﮪﮫﮬ
ﰔ
ﮮﮯ
ﰕ
ﮱﯓﯔ
ﰖ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛ
ﰗ
ﯝﯞﯟ
ﰘ
ﯡﯢ
ﰙ
ﯤﯥﯦﯧﯨ
ﰚ
ﯪﯫﯬ
ﰛ
ﯮﯯﯰﯱ
ﰜ
ﯳﯴﯵﯶﯷ
ﰝ
ﭑﭒﭓ
ﰞ
ﭕﭖ
ﰟ
ﭘﭙ
ﰠ
ﭛﭜ
ﰡ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣ
ﰢ
ﭥﭦﭧﭨﭩ
ﰣ
ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ
ﰤ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ
ﰥ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ
ﰦ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ
ﰧ
والواحد لا يكون خيّرا شريرا، فكلّ من الخير والشر فاعل مستقل، قالوا فاعل الخير هو النور وفاعل الشر هو الظلمة فاعتقدوا أنهما جسمان قديمان حسّاسان سميعان بصيران وكل ذلك ظاهر البطلان.
وقال أبو الطيب أيضا متشبثا بأهداب هذه البلاغة العالية:
وقال ابن زيدون:
[سورة النبإ (٧٨) : الآيات ١٧ الى ٤٠]
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١)
لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦)
إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١)
حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦)
رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠)
وقال أبو الطيب أيضا متشبثا بأهداب هذه البلاغة العالية:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي | وأنثني وبياض الصبح يغري |
سرّان في خاطر الظلماء يكتمان | حتى يكاد لسان الصبح يغشينا |
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١)
لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦)
إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١)
حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦)
رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠)
353
اللغة:
(سَراباً) السراب: ما يشاهد نصف النهار من اشتداد الحر كأن ماء تنعكس فيه البيوت والأشجار وغيرها، ويضرب به المثل في الكذب والخداع يقال «هو أخدع من السراب» يعني أنها تصير شيئا كلا شيء لتفرّق أجزائها وانبثاث جواهرها كقوله تعالى: «فانت هباء منبثا»، وسيأتي المزيد من معناه في باب البلاغة.
(أَحْقاباً) جمع حقب بضم الحاء ويجمع أيضا على أحقب:
ثمانون سنة أو أكثر والدهر والسنة أو السنون وسيأتي مزيد من المراد به في باب الإعراب.
(بَرْداً) البرد هو مسّ الهواء القرّ أي لا يمسّهم منه ما يستلذ أو ينفس حرّ النهار عنهم وقال أبو عبيدة والكسائي والفضل بن خالد ومعاذ النحوي البرد هنا: النوم والعرب تسمّيه بذلك لأنه يبرد سورة العطش ومن كلامهم منع البرد البرد وقال الشاعر:
النقاخ: الماء البارد والبرد النوم وفي كتاب اللغات في القرآن أن
(سَراباً) السراب: ما يشاهد نصف النهار من اشتداد الحر كأن ماء تنعكس فيه البيوت والأشجار وغيرها، ويضرب به المثل في الكذب والخداع يقال «هو أخدع من السراب» يعني أنها تصير شيئا كلا شيء لتفرّق أجزائها وانبثاث جواهرها كقوله تعالى: «فانت هباء منبثا»، وسيأتي المزيد من معناه في باب البلاغة.
(أَحْقاباً) جمع حقب بضم الحاء ويجمع أيضا على أحقب:
ثمانون سنة أو أكثر والدهر والسنة أو السنون وسيأتي مزيد من المراد به في باب الإعراب.
(بَرْداً) البرد هو مسّ الهواء القرّ أي لا يمسّهم منه ما يستلذ أو ينفس حرّ النهار عنهم وقال أبو عبيدة والكسائي والفضل بن خالد ومعاذ النحوي البرد هنا: النوم والعرب تسمّيه بذلك لأنه يبرد سورة العطش ومن كلامهم منع البرد البرد وقال الشاعر:
فلو شئت حرّمت النساء سواكم | وإن شئت لم أطعم نقّاخا ولا بردا |
354
البرد هو النوم بلغة هذيل، وقد أوردت المعاجم اللغوية البرد بمعنى النوم ولكن وروده بهذا المعنى في الآية تكلّف والصواب ما قاله الجمهور من أن البرد هو الشراب البارد وهو مناسب لكلمة الذوق ومنه قوله:
والذوق على هذا حقيقة لا مجاز.
(غَسَّاقاً) قرئ بالتخفيف والتشديد وقد تقدم ذكره وأنه ما يسيل من صديد أهل النار.
الإعراب:
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) كلام مستأنف مسوق للرد على سؤال قد يرد بعد أن أثبت الله البعث بالأدلة المتقدمة وهو: ما وقت البعث فقال: إن يوم إلخ، وإنّ واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو وميقاتا خبرها (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) يوم بدل من يوم الفصل وأجاز أبو البقاء أن يكون بدلا من ميقاتا أو منصوب بفعل محذوف تقديره أعني وجملة ينفخ في محل جر بإضافة الظرف إليها ونفخ فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو يعود على إسرافيل الذي ينفخ في الصور، فتأتون عطف على ينفخ وأفواجا حال من الواو (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) عطف على فتأتون وإنما عدل عن المضي إلى المضارع لتحقق الوقوع وقيل الواو حالية والجملة في محل نصب على الحال أي فتأتون والحال أن السماء قد فتحت والسماء نائب فاعل، فكانت عطف على فتحت واسم كان مستتر تقديره
أماني من سعدى حسان كأنما | سقتك بها سعدى على ظمأ بردا |
منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى | وإلّا فقد عشنا بها زمنا رغدا |
(غَسَّاقاً) قرئ بالتخفيف والتشديد وقد تقدم ذكره وأنه ما يسيل من صديد أهل النار.
الإعراب:
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) كلام مستأنف مسوق للرد على سؤال قد يرد بعد أن أثبت الله البعث بالأدلة المتقدمة وهو: ما وقت البعث فقال: إن يوم إلخ، وإنّ واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو وميقاتا خبرها (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) يوم بدل من يوم الفصل وأجاز أبو البقاء أن يكون بدلا من ميقاتا أو منصوب بفعل محذوف تقديره أعني وجملة ينفخ في محل جر بإضافة الظرف إليها ونفخ فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو يعود على إسرافيل الذي ينفخ في الصور، فتأتون عطف على ينفخ وأفواجا حال من الواو (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) عطف على فتأتون وإنما عدل عن المضي إلى المضارع لتحقق الوقوع وقيل الواو حالية والجملة في محل نصب على الحال أي فتأتون والحال أن السماء قد فتحت والسماء نائب فاعل، فكانت عطف على فتحت واسم كان مستتر تقديره
355
هي وأبوابا خبرها وقرئ فتحت بالتشديد (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) عطف أيضا وسيّرت فعل ماض مبني للمجهول والجبال نائب فاعل، فكانت عطف على سيّرت وسرابا خبر كانت (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) كلام مستأنف مسوق للشروع في وصف أهوال جهنم بعد أن فرغ من وصف الأحوال العامة ليوم القيامة، وإن واسمها وجملة كانت خبرها واسم كانت مستتر تقديره هي أي جهنم ومرصادا خبر كانت أي راصدة للمعذبين فيها مترقبة لهم أو مرصدة بمعنى معدّة لهم فهي إما من رصد الثلاثي بمعنى ترقب وإما من أرصد الرباعي أي أعدّ، والمرصاد في معاجم اللغة: الطريق والممر، وعبارة الزمخشري: المرصاد الحدّ الذي يكون فيه الرصد (لِلطَّاغِينَ مَآباً) للطاغين متعلقان بمرصادا ومآبا خبر ثان لكانت أي مثابة لهم ومرجعا يثوبون ويرجعون إليها ويجوز تعلق للطاغين بمرصاد (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) لابثين حال مقدّرة من الضمير المستكن في للطاغين وأحقابا ظرف متعلق بلابثين، فإن قيل: إن الأحقاب مهما امتدت وتراخى بها الزمن فهي متناهية على كل حال وعذاب الكفّار غير متناد قيل في الجواب عن هذا السؤال وجوه منها:
١- ما روي عن الحسن قال: «إن الله تعالى لم يجعل لأهل النار مدة بل قال: لابثين فيها أحقابا فو الله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب دخل حقب إلى الأبد وليس للأحقاب مدة إلا الخلود». ٢- إن لفظ الأحقاب لا يدل على نهاية والحقب الواحد متناه والمعنى أنهم يلبثون فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، فالتوقيت لأنواع العذاب لا توقيت للّبث والمكوث. (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) جملة لا يذوقون حال من الضمير في لابثين أي لابثين غير ذائقين فهي حال متداخلة أو صفة لأحقابا وقيل مستأنفة ولا نافية ويذوقون فعل مضارع مرفوع وفيها متعلقان بيذوقون وبردا مفعول به والواو حرف عطف ولا نافية وشرابا عطف على بردا (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) إلا أداة حصر
١- ما روي عن الحسن قال: «إن الله تعالى لم يجعل لأهل النار مدة بل قال: لابثين فيها أحقابا فو الله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب دخل حقب إلى الأبد وليس للأحقاب مدة إلا الخلود». ٢- إن لفظ الأحقاب لا يدل على نهاية والحقب الواحد متناه والمعنى أنهم يلبثون فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، فالتوقيت لأنواع العذاب لا توقيت للّبث والمكوث. (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) جملة لا يذوقون حال من الضمير في لابثين أي لابثين غير ذائقين فهي حال متداخلة أو صفة لأحقابا وقيل مستأنفة ولا نافية ويذوقون فعل مضارع مرفوع وفيها متعلقان بيذوقون وبردا مفعول به والواو حرف عطف ولا نافية وشرابا عطف على بردا (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) إلا أداة حصر
356
وحميما بدل من شرابا لأن الكلام غير موجب وغساقا عطف عليه، وهذا أسهل مما سلكه المفسرون فقد قال بعضهم أنه استثناء منقطع وعليه جرى في الكشاف قال: «لا يذوقون فيها بردا ينفّس عنهم حرّ النار ولا شرابا يسكن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميما» وتبعه الجلال، وقال أبو حيان: «الظاهر أنه متصل من قوله ولا شرابا» (جَزاءً وِفاقاً) جزاء مصدر منصوب بفعل محذوف أي جوّزوا بذلك جزاء ووفاقا نعت لجزاء فتكون الجملة مستأنفة (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) الجملة تعليل لقوله جزاء وإن واسمها وجملة كانوا خبر إنهم وكان اسمها وجملة لا يرجون خبرها وحسابا مفعول يرجون أي محاسبة (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) الواو عاطفة وكذبوا فعل وفاعل وبآياتنا متعلقان بكذبوا وكذابا مفعول مطلق أي تكذيبا وفعّال في باب فعّل كله فاش في كلام فصحاء العرب لا يكادون يقولون غيره، قال الزمخشري: «وسمعني بعضهم أفسّر آية فقال: لقد فسّرتها فسارا ما سمع بمثله وقرىء بالتخفيف وهو مصدر كذب بدليل قوله:
فصدقتها وكذّبتها... والمرء ينفعه كذابه»
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) الواو عاطفة وكل شيء منصوب على الاشتغال أي وأحصينا كل شيء أحصيناه وهذه الجملة معترضة بين السبب ومسبّبه فإن قوله الآتي: فذوقوا مسبّب عن تكذيبهم وفائدة الاعتراض تقرير ما ادّعاه من قوله جزاء وفاقا، وجملة أحصيناه مفسّرة لا محل لها وأحصيناه فعل ماض وفاعل ومفعول به وكتابا يجوز أن يكون مصدرا من معنى أحصيناه أي إحصاء وأحصيناه بمعنى كتبنا لالتقاء الإحصاء والكتبة في معنى الضبط والتحصيل أو يكون مصدر لأحصينا ويجوز أن يكون حالا بمعنى مكتوبا (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) الفاء تعليلية لأنه- كما قلنا- مسبّب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات،
فصدقتها وكذّبتها... والمرء ينفعه كذابه»
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) الواو عاطفة وكل شيء منصوب على الاشتغال أي وأحصينا كل شيء أحصيناه وهذه الجملة معترضة بين السبب ومسبّبه فإن قوله الآتي: فذوقوا مسبّب عن تكذيبهم وفائدة الاعتراض تقرير ما ادّعاه من قوله جزاء وفاقا، وجملة أحصيناه مفسّرة لا محل لها وأحصيناه فعل ماض وفاعل ومفعول به وكتابا يجوز أن يكون مصدرا من معنى أحصيناه أي إحصاء وأحصيناه بمعنى كتبنا لالتقاء الإحصاء والكتبة في معنى الضبط والتحصيل أو يكون مصدر لأحصينا ويجوز أن يكون حالا بمعنى مكتوبا (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) الفاء تعليلية لأنه- كما قلنا- مسبّب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات،
357
وذوقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ومعنى الأمر الإهانة والتحقير، والفاء عاطفة ولن حرف نفي ونصب واستقبال ونزيدكم فعل مضارع منصوب بلن والكاف مفعول به أول وإلا أداة حصر وعذابا مفعول به ثان (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) كلام مستأنف مسوق لبيان أحوال أهل الجنة وللمتقين خبر إن المقدم ومفازا اسم إن المؤخر والمفاز مصدر ميمي أو اسم مكان لموضع الفوز، وفي المختار «الفوز النجاة والظفر بالخير وهو الهلاك أيضا وبابهما قال» وعلى هذا فإطلاق المفازة على الفلاة الخالية من الماء حقيقي لأنها مهلكة لأن من معاني الفوز الهلاك كما رأيت، وفي القاموس: «الفوز: النجاة والظفر بالخير والهلاك ضد فاز مات وبه ظفر ومنه نجا» (حَدائِقَ وَأَعْناباً وَكَواعِبَ أَتْراباً وَكَأْساً دِهاقاً) حدائق جمع حديقة وهي القطعة المستديرة من الأرض ذات النخل والماء، وهي بدل بعض من كل من مفازا، وأعنابا وما بعده عطف على حدائق ولا معنى لعطفها على مفازا بحجة أنها ذكرت بعد الحدائق تنويها بشأنها فذلك بعيد عن سهولة القرآن وعدم تعسّف الكلام فيه (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) الجملة حال من المتقين ولا نافية ويسمعون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل وفيها متعلقان بيسمعون ولغوا مفعول به ولا كذابا عطف على لغوا (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) جزاء مفعول مطلق لفعل محذوف أي جزاهم الله بذلك جزاء ومن ربك نعت لجزاء وعطاء بدل من جزاء وفي هذا البدل سر لطيف وهو الإلماع إلى أن ذلك تفضّل وعطاء وجزاء مبني على الاستحقاق، وأعربه الزمخشري منصوبا بجزاء نصب المفعول به أي جزاهم عطاء، وحسابا نعت لعطاء والمعنى كافيا فهو مصدر أقيم مقام الوصف أو باق على مصدريته مبالغة (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) رب بالجر على أنه بدل من ربك وقرىء بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هو رب وما عطف على السموات والأرض وبينهما ظرف مكان
358
متعلق بمحذوف صلة ما والرحمن بدل أو نعت لرب أيضا وجملة لا يملكون مستأنفة ومنه متعلقان بيملكون وخطابا مفعول وقرىء برفع الرحمن فيكون مبتدأ وجملة لا يملكون خبره (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) يوم ظرف متعلق بلا يملكون أو بلا يتكلمون وجملة يقوم الروح والملائكة في محل جر بإضافة الظرف إليها وصفا حال أي مصطفّين وجملة لا يتكلمون تأكيد لقوله لا يملكون أو مستأنفة وإلا أداة حصر ومن بدل من الواو في يتكلمون أو نصب على الاستثناء لأن الكلام غير موجب وجملة أذن صلة من وله متعلقان بأذن والرحمن فاعل وقال فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو وصوابا صفة لمصدر محذوف أي قولا صوابا (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً) ذلك مبتدأ واليوم بدل والحق خبر ذلك ولك أن تجعل اليوم خبرا والحق نعتا للخبر، فمن الفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط محذوف كأنه قيل وإذا كان الأمر بهذه المثابة وكما ذكر من تحقق اليوم المذكور فمن، ومن شرطية مبتدأ وشاء فعل ماض في محل جزم فعل الشرط ومفعول المشيئة محذوف واتخذ فعل ماض في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من وإلى ربه متعلقان بمآبا ومآبا مفعول اتخذِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً)
إن واسمها وجملة أنذرناكم خبرها وأنذرناكم
فعل وفاعل ومفعول به أول وعذابا مفعول به ثان وقريبا نعتَ وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً)
يوم ظرف متعلق بعذابا وجملة ينظر المرء في محل جر بإضافة الظرف إليها وما مفعول به وجملة قدّمت يداه صلة ما ويقول الكافر عطف على ينظر المرء ولك أن تجعلها مستأنفة أو حالية ويا حرف تنبيه أو المنادى محذوف وليتني ليت واسمها وجملة كنت خبرها وترابا خبر كنت.
إن واسمها وجملة أنذرناكم خبرها وأنذرناكم
فعل وفاعل ومفعول به أول وعذابا مفعول به ثان وقريبا نعتَ وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً)
يوم ظرف متعلق بعذابا وجملة ينظر المرء في محل جر بإضافة الظرف إليها وما مفعول به وجملة قدّمت يداه صلة ما ويقول الكافر عطف على ينظر المرء ولك أن تجعلها مستأنفة أو حالية ويا حرف تنبيه أو المنادى محذوف وليتني ليت واسمها وجملة كنت خبرها وترابا خبر كنت.
359
البلاغة:
التشبيه كثير في هذه السورة ونشير هنا إلى قوله «وسيّرت الجبال فكانت سرابا» وهو تشبيه بليغ حذفت منه الأداة وحذف وجه الشبه أيضا وهو أن المرئي خلاف الواقع فكما يرى السراب من بعيد للظامىء الملتاح كأنه ماء فيستبشر به ويخفّ إليه حتى إذا أدركه بعد طول الأين لم يجده شيئا، وكذلك ترى الجبال كأنها جبال وليست كذلك في نفس الأمر.
التشبيه كثير في هذه السورة ونشير هنا إلى قوله «وسيّرت الجبال فكانت سرابا» وهو تشبيه بليغ حذفت منه الأداة وحذف وجه الشبه أيضا وهو أن المرئي خلاف الواقع فكما يرى السراب من بعيد للظامىء الملتاح كأنه ماء فيستبشر به ويخفّ إليه حتى إذا أدركه بعد طول الأين لم يجده شيئا، وكذلك ترى الجبال كأنها جبال وليست كذلك في نفس الأمر.
360