تفسير سورة العاديات

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة العاديات من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا ﴾ [ العاديات : ١-٣ ].
أقسم تعالى بثلاثة أشياء( ١ )، وجعل جوابها ثلاثة أشياء، وهي قوله :﴿ إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحبّ الخير لشديد ﴾ [ العاديات : ٦-٨ ].
١ - القسم كان بخيل المجاهدين، والعاديات جمع عادية وهي الخيل الجارية بسرعة، والضبح: صوت أنفاسها إذا ركضت نحو الأعداء، وهذا هو الشيء الذي أقسم الله به، كما أقسم بها وهي تقدح بحوافرها الحجارة بسرعة، فيتطاير منها الشرر، وأخيرا أقسم بها وهي تثير النقع أي الغبار، وهي تغير على الأعداء، فإذا كان القسم بخيل المجاهدين تكريما لها، فما بالك بالمجاهدين أنفسهم، ومكانتهم الرفيعة عند الله ! ؟.
قوله تعالى :﴿ إن ربّهم بهم يومئذ لخبير ﴾ [ العاديات : ١١ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أنه تعالى خبير بهم في كل زمن ؟
قلتُ : معناه إن ربهم تعالى، مجازيهم يومئذ على أعمالهم، فجوّز بالعلم عن المجازاة( ١ )، كما في قوله تعالى :﴿ أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم ﴾ [ النساء : ٦٣ ] أي مجازيهم على ما فيها.
١ - لا يراد بقوله تعالى: ﴿إن ربهم يومئذ لخبير﴾ اطلاع الله على أعمالهم فحسب، بل الفرض جزاؤهم على ما اقترفوه في الدنيا من ذنوب وآثام، فعبّر بالخبرة عن الجزاء الذي ينتظرهم، كما فيه تذكيرهم بالفضيحة أمام الخلائق على رؤوس الأشهاد، وأمام ربّ العالمين جل جلاله، الذي لا تخفى عليه خافية..
Icon