ﰡ
مكية وهى خمس وثمانون اية ربّ يسّر وتمّم بالخير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ روى البغوي بسنده عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه انه قال ان مثل القران كمثل رجل انطلق يرتاد «١» لاهله منزلا فمر بأثر غيث فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات فقال عجبت من الغيث الاول فهذا اعجب وأعجبه فقيل له ان مثل الغيث الاول مثل عظم القرآن وان مثل هؤلاء الروضات الدمثات مثل ال حم فى القران- وقال البغوي قال ابن مسعود إذا وقعت فى ال حم وقعت فى روضات اتانق فيهن «اى استرحيهن- منه ره» وفى رواية إذا قرات ال حم وقعت فى روضات دمثات- وروى ايضا بسنده عن ابن عباس قال لكل شىء لباب ولباب القران الحواميم وقال البغوي قال ابراهيم كل ال حم يسمين العرائس واخرج الحاكم عن ابن مسعود موقوفا الحواميم ديباج «پارچهـ ابريشمى- منه ره» القران.
حم (١) قد سبق الكلام فى الحروف المقطعات وقال البغوي قال السدى حم اسم الله الأعظم وروى عن عكرمة عنه قال الرحم ن حروف الرحمان مقطعة وقال سعيد بن جبير وعطاء الخراسانى الحاء افتتاح أسمائه حكيم حميد حى حيان والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد منان وقال الكسائي قضى ما هو كائن كانهما أشار الى ان معناه حمّ بضم الحاء وتشديد الميم قرأ ابن كثير وقالون وحفص «وابو جعفر ويعقوب- ابو محمد» وهشام بفتح الحاء فى الحواميم كلها وورش وابو عمر بين بين والباقون بالامالة.
.
غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ للمؤمنين مصدر تاب يتوب توبة وقيل التوب جمع توبة مثل دومة ودوم وحومة وحوم قال ابن عباس غافر الذّنب لمن قال لا اله الا الله قابل التّوب ممن قال لا اله الا الله محمد رسول الله صفتان لله تعالى والاضافة فيهما معنوية لانه لم يرد زمان مخصوص بل الاستمرار وتوسيط الواو لافادة الجمع بين محو الذنب وقبول التوبة او تغائر الوصفين إذ ربما يتوهم الاتحاد او تغائر موقع الفعلين لان الغفر هو الستر فيكون الذنب باقيا وذلك لمن لم يتب والتائب كمن لا ذنب «١» له- رواه ابن ماجة مرفوعا عن ابن مسعود والحكيم عن أبيّ وابن النجار عن على وابن عساكر والبيهقي عن ابن عباس فهو دليل على جواز المغفرة لمن لم يتب شَدِيدِ الْعِقابِ لمن لم يقل لا اله الا الله ذِي الطَّوْلِ
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فيجب الإقبال الكلى على عبادته قال صاحب المدارك هذا صفة اخرى كذى الطّول والظاهر انه استئناف إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) فيجازى المطيع والعاصي.
ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ اى فى دفع آيات الله بالتكذيب او اثبات التناقض او فى الآيات المتشابهات بتأويلات مخالفة للمحكمات او مخالفة لما تواتر عن النبي ﷺ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سمع رسول الله ﷺ قوما يتمارون «اى يتجادلون- منه ره» فى القران فقال انما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وانما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم فقولوه وما جهلتم فوكلوه الى عالمه- رواه البغوي ورواه مسلم بلفظ ان عبد الله بن عمرو (يعنى جد عمرو بن شعيب) قال هجّرت الى رسول الله ﷺ يوما فسمع أصوات رجلين اختلفا فى اية فخرج علينا رسول الله ﷺ يعرف فى وجهه الغضب فقال انما هلك من كان قبلكم باختلافهم فى الكتاب. وعن ابى هريرة عن النبي ﷺ انه قال ان جدلا فى
اخرج ابن ابى حاتم عن السدىّ عن ابى مالك انه قال نزلت فى الحارث بن قيس السهمي يعنى انهم مواخذون عن قريب بكفرهم كالذين قبلهم كما قال.
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ اى الذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم بعد قوم نوح كعاد وثمود يعنى كذبوا نوحا وغيره من الرسل هذه معللة بقوله فلا يغررك وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ منهم بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ قال ابن عباس اى ليقتلوه ويهلكوه وقيل لياسروه والعرب يسمى الأسير اخيذا وَجادَلُوا بِالْباطِلِ اى بمثل قولهم ما أنتم الّا بشر مثلنا ولولا انزل علينا الملائكة او نرى ربّنا ونحو ذلك لِيُدْحِضُوا اى ليزيلوا ويبطلوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ بالإهلاك جزاء لهمهم عطف على جادلوا فَكَيْفَ كانَ عِقابِ
(٥) اى عقابى فانكم تمرون على ديارهم وترون اثره والاستفهام للتقرير والتعجيب.
وَكَذلِكَ اى وجوبا مثل وجوب إهلاكهم فى الدنيا حَقَّتْ اى وجبت فى الاخرة كَلِمَةُ رَبِّكَ او المعنى كما حقت كلمة العذاب على الأمم
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ اى الطائفون به وهم الكروبيون وهم سادة الملائكة قال ابن عباس حملة العرش ما بين كعب أحدهم الى أسفل قدميه مسيرة خمس مائة عام ويروى ان أقدامهم فى تخوم الأرضين «اى حدودها ومعالمها- منه ره» والأرضون والسماوات الى حجزتهم وهم يقولون سبحان ذى العزة والجبروت سبحان ذى الملك والملكوت سبحان الحي الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح- وقال ميسرة بن عبد ربه أرجلهم فى ارض السفلى ورءوسهم تحت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من اهل السماء السابعة واهل السماء السابعة أشد خوفا من التي تليها والتي تليها أشد خوفا من التي تليها- وقال مجاهد بين الملائكة والعرش سبعون حجابا من نور وروى محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله ﷺ اذن لى ان أحدث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة اذنه الى عاتقه مسيرة سبع مائة عام- رواه ابو داود والضياء بسند صحيح وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال ان ما بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير المسرع ثلاثين الف سنة والعرش يكسى كل يوم سبعون الف لون من النور لا يستطيع ان ينظر اليه خلق من خلق الله والأشياء كلها فى العرش كحلقة فى فلاة- وقال مجاهد بين السماء السابعة وبين العرش سبعون الف حجاب حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من نور وحجاب من ظلمة- وقال وهب بن منبه ان حول العرش سبعون الف صف من الملائكة صف خلف صف يطوفون بالعرش يقبل هولاء ويقبل هؤلاء فاذا استقبل بعضهم بعضا هلّل هؤلاء وكبر هولاء ومن ورائهم سبعون الف صف قيام أيديهم الى أعناقهم قد وضعوها على عواتقهم فاذا سمعوا تكبير أولئك وتهليلهم رافعوا أصواتهم
الرحمة لانها المقصودة بالذات هاهنا فَاغْفِرْ الفاء للسببية فان سعة الرحمة سبب للمغفرة لِلَّذِينَ تابُوا اى رجعوا عن الكفر الى الإسلام وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ اى دينك الذي بعثت به رسلك وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) اى احفظهم عنه تصريح بعد اشعار للتأكيد قال مطرف انصح عباد الله للمؤمنين الملائكة واغش الخلق لهم الشياطين.
رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ اى «١» اقامة الَّتِي وَعَدْتَهُمْ إياها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ من صلح عطف على هم فى أدخلهم او لما وعدتهم يعنى وعدتهم ووعدت من صلح من ابائهم ولعل المراد بالصلاح هاهنا نفس الايمان فان المؤمن صالح لدخول الجنة وان كان مرتكبا للكبائر بغفران الله تعالى فان الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء وانما قلنا ذلك ليتحقق التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه ولو كان المراد بالصلاح صلاح العقائد والأعمال والأخلاق جميعا كان من صلح داخلا فى الذين تابوا واتبعوا سبيل الله والله اعلم- قال البغوي قال سعيد بن جبير يدخل المؤمن الجنة فيقول اين ابى اين أمي اين ولدي اين زوجى فيقال انهم لم يعملوا مثل عملك فيقول انى كنت اعمل لى ولهم فيقال أدخلوهم الجنة وهذا موقوف فى حكم المرفوع وصريح فى ان المراد بالصلاح فى الاية نفس الايمان إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الذي يقدر على كل شىء ولا يمتنع عنه ما أراد الْحَكِيمُ (٨) الذي لا يفعل الا ما يقتضيه الحكمة ومن ذلك الوفاء بالوعد.
وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ اى العقوبات او جزاء الأعمال السيئة وهذا تعميم بعد تخصيص او مخصوص عن من صلح او المعنى وقهم السّيّئات اى عن الأعمال السيئة فى الدنيا وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ اى يوم الجزاء او فى الدنيا فَقَدْ رَحِمْتَهُ دليل على جزاء الشرط المحذوف أقيم مقامه تقديره ومن تق السّيّئات يفلح إذ قد رحمته وَذلِكَ اى الرحمة او الوقاية او مجموعهما
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا الى آخره متصل بقوله ما يجادل فى آيات الله الّا الّذين كفروا وما بينهما معترضات فى مدح الملائكة الموصوفين بالايمان المستغفرين للمؤمنين الذين هم اعداء الكافرين يُنادَوْنَ اى يناديهم خزنة النار يوم القيامة وهم فى النار وقد مقتوا أنفسهم الامّارات بالسوء حين عرض عليهم سيئاتهم وعاينوا جزاءها فيقال لهم لَمَقْتُ اللَّهِ إياكم أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) ظرف لفعل دل عليه المقت الاول لاله لانه مصدر وخبره اكبر من مقتكم فلا تعمل فى إذ تدعون لان المصدر إذا اخبر عنه لم يجز ان يتعلق شىء يكون فى صلته لان الاخبار عنه يؤذن بتمامه وما يتعلق به يؤذن بنقصانه ولا للمقت الثاني لانه عند حلول العذاب- او تعليل للحكم وزمان المقتين واحد.
قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا موتتين اثْنَتَيْنِ او مرتين وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ اى خلقتنا أمواتا نطفا فى أصلاب الآباء ثم أحييتنا فى أرحام الأمهات فى الدنيا ثم أمتنا عند انقضاء الآجال ثم أحييتنا يوم القيامة كذا قال ابن عباس وقتادة والضحاك ونظيره قوله تعالى كنتم أمواتا فاحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم وقال السدىّ معناه امتّنا فى الدنيا ثم أحييتنا فى القبر للضوال ثم امتّنا فى القبر ثم أحييتنا يوم البعث ومبنى هذا القول الزعم بان الاماتة يقتضى الحيوة قبل الموت وهذا ليس الان الاماتة جعل الشيء عديم الحيوة ابتداء او بالتصيّر كما قيل سبحان من صغر البيض وكبر الفيل وان خص بالتصيّر فاختيار الفاعل أحد مفعوليه بأحد الوصفين تصيّر و
ذلِكُمْ يعنى انتفاء سبيل للخروج وما أنتم فيه من العذاب بِأَنَّهُ اى بسبب انه إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ اى متوحدا وتوحد وحده فحذف الفعل وأقيم مقامه فى الحالية كَفَرْتُمْ يعنى إذا قيل لا اله الا الله انكرتم وقلتم اجعل الالهة الها واحدا وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ غيره تُؤْمِنُوا تصدقوا بالاشراك وإذا كان هذا سببا لدخولكم فى النار فَالْحُكْمُ لِلَّهِ يعنى هذا الحكم لله خاصة الذي هو المستحق للعبادة المنزه عن الشريك وهو قد حكم عليكم بالعذاب الشديد الدائم بسبب كفركم ولو كان له شريك مما عبدتموها أنجاكم من عذابه وكان لكم حينئذ سبيل الى الخروج الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢) من ان يشرك ويسوى به غيره..
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ الدالة على التوحيد وسائر ما يجب ان يعلم وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً اى مطرا يكون سببا لرزقكم فيه ولمعذرتهم بالجهل بعد رؤية ما كان صالحا للاستدلال على التوحيد وَما يَتَذَكَّرُ بالآيات إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣) الى الله ويرجع عن التعصب والعناد وهذه الجملة مبتدئة خطاب للنبى ﷺ بعد ما تم الجواب لاهل النار.
فَادْعُوا اللَّهَ يعنى إذا سمعتم ما يؤل اليه امر المشركين فادعوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى الطاعة والعبادة من الشرك وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (١٤) يعنى وان غاظ ذلك أعداءكم الكافرين.
رَفِيعُ الدَّرَجاتِ اى رفيع درجات كماله بحيث لا يظهر بجنبها كمال وقيل الرفيع هاهنا
يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ ٥ اى خارجون من قبورهم او ظاهرون لا يسترهم شىء من جبل او اكمة او بناء او ظاهرة نفوسهم لا يحجبهم غواشى الأبدان او ظاهرة أعمالهم وسرائرهم لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ اى من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم شَيْءٌ تقرير لقوله يوم هم بارزون وازاحة لنحو ما يتوهم فى الدنيا لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ حكاية لما يسئل عنه فى ذلك اليوم وذلك بعد فناء الخلق قبل البعث وحينئذ لا يكون أحد يجيبه فيجيب نفسه ويقول لِلَّهِ الْواحِدِ المتوحد فى
رواه يعنى كون السؤال والجواب من الله بعد فناء الخلق قبل البعث ابو هريرة فى حديث طويل عن النبي ﷺ رواه الطبراني فى المطولات وابو يعلى فى مسنده والبيهقي فى البعث وغيرهم واخرج ابن ابى داود فى البعث عن ابى سعيد عن النبي ﷺ قال ينادى مناد بين الصيحة يا ايّها الناس أتاكم الساعة ومدّ بها صوته يسمعها الاحياء والأموات وينزل الله الى السماء الدنيا ثم ينادى مناد لمن الملك اليوم لله الواحد القهار- واخرج البيهقي عن انس دفعه فى قوله تعالى ونفخ فى الصّور الاية فكان ممّن استثنى الله ثلاثة جبرئيل وميكائيل وملك الموت فيقول الله (وهو اعلم) يا ملك الموت من بقي فيقول وجهك الباقي الكريم وعبدك جبرئيل وميكائيل وملك الموت فيقول توف نفس ميكائيل ثم يقول (وهو اعلم) يا ملك الموت من بقي فيقول بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك جبرئيل وملك الموت فيقول توف نفس جبرئيل ثم يقول (وهو اعلم) يا ملك الموت من بقي فيقول بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك ملك الموت وهو ميت فيقول مت ثم ينادى انا بدأت الخلق ثم أعيده اين الجبارون المتكبرون ثم ينادى لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول هو لله الواحد القهّار ثم ينفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون- وسياق الاية يقتضى انه حكاية لما يسئل عنه فى ذلك اليوم بعد احياء الخلق يوم هم بارزون او حكاية لما دلّ عليه ظاهر الحال فى ذلك الوقت من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط وسلب الاضافة المجازى للملك والحكم الى غيره تعالى واما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما.
الْيَوْمَ يعنى حين يسلب الملك المجازى من غيره تعالى ويكون الملك خاصة له ظاهرا كما هوله خاصة دائما على الحقيقة تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ بنقص الثواب وزيادة العقاب بناء على الوعد ولان الحاكم حينئذ هو الله وحده ولا يتصور منه الظلم لان الظلم ما يفعله أحد
وَأَنْذِرْهُمْ عطف على الاخبار السابقة بتقدير يقال لك انذرهم يَوْمَ الْآزِفَةِ اى القيامة سمّيت بها لازوافها اى قربها إذ كل ما هو ات قريب إِذِ الْقُلُوبُ إذ بدل من يوم الآزفة لَدَى الْحَناجِرِ فانها ترفع عن أماكنها من شدة الهول فتلتصق بحلوقهم فلا يعود حتى يترحوا ولا يخرج فيموتوا كاظِمِينَ مكروبين ممتلين خوفا وو حزنا والكظم تردد الغيظ والخوف والحزن فى القلب حتى تطيق به- القلوب مبتدا ولدى الحناجر خبره والكاظمين حال من القلوب محمول على أصحابها وانما جمع الكاظم جمع السلامة لانه وصف بالكظم الذي هو من افعال العقلاء ما لِلظَّالِمِينَ الكافرين والضمائر ان كانت للكفار كان هذا وضع الظاهر موضع الضمير للدلالة على اختصاص ذلك بهم وانه لظلمهم مِنْ حَمِيمٍ اى قريب مشفق وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) اى ولا شفيع مشفع لا مفهوم للوصف إذ لا شفيع لهم أصلا فما لهم من شافعين او له مفهوم على زعمهم ان لهم شفعاء اى لو شفعوا فرضا لا تقبل شفاعتهم.
يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ اى النظرة الخائنة كالنظرة الى من حرم النظر إليها واستراق النظر إليها او مصدر بمعنى الخيانة كالعافية بمعنى المعافاة يعنى يعلم خيانة الأعين الجملة خبر اخر لهو فى قوله هو الّذى يريكم آياته وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) من الضمائر قيل يعنى ما يتفكر الرجل بقلبه فى جمال امراة اجنبية بعد ما ينظر إليها بشهوة مسارقة.
وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ لانه المالك على الإطلاق والحكيم والعليم بما ظهر وما بطن فلا يقضى الا بما يقتضيه علمه وحكمته ولا يقضى الا وهو حقه والجملة عطف على يعلم وَالَّذِينَ يَدْعُونَ قرا نافع وهشام بالتاء للخطاب على الالتفات او بإضمار قل والباقون بالياء للغيبة مِنْ دُونِهِ من الأوثان والشياطين والملوك الجبابرة لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ لعدم قدرتهم على القضاء إِنَّ اللَّهَ هُوَ
(٢٠) تقرير لعلمه بخائنة الأعين وقضائه بالحق ووعيد لهم على ما يقولون ويفعلون وتعريض بحال ما يدعون من دونه بانها لا تسمع ولا تبصر.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا عطف على محذوف تقديره اينكرون وبال الكفر ولم يسيروا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اى مال اليه امر الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المكذبة للرسل كعاد وثمود كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً قدرة وتمكنا جئ بالفصل لمشابهة افعل من بالمعرفة فى امتناع دخول اللام عليه قرأ ابن عامر أشدّ منكم على الالتفات وَآثاراً فِي الْأَرْضِ من القلاع والمدائن الحصينة وقيل المعنى اكثر اثارا كقوله متقلدا سيفا ورمحا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ فاهلكهم بالريح او الصيحة او نحو ذلك وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٢١) يمنع عنهم من العذاب حيث لم يلتجئوا اليه الجملة عطف او حال ذلك الاخذ.
بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى المعجزات او الاحكام الواضحات الصحّة والصلاح فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ قادر على كل ما يريد غاية القدرة شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) اى شديد عقابه الجملة تعليل للاخذ القوى-.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا اى المعجزات التسع وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) حجة ظاهرة العطف لتغائر الوصفين او لافراد بعض المعجزات كالعصا تفخيما لشأنه وتخصيصا بعد تعميم.
إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) يعنون موسى عليه السلام تسلية للنبى ﷺ وبيان لعاقبة بعض من كان قبلهم من الذين كانوا أشد بطشا واقرب زمانا.
فَلَمَّا جاءَهُمْ موسى بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ اى أعيدوا عليهم القتل وَاسْتَحْيُوا اى استبقوا نِساءَهُمْ كما كنتم فعلتم ذلك اولا كى يصدوا عن مظاهرة موسى عليه السلام وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ وضع الظاهر موضع المضمر للتسجيل على كفرهم ولتعميم الحكم والدلالة على العلة إِلَّا فِي ضَلالٍ (٢٥) اى فى
وَقالَ فِرْعَوْنُ لقومه ذَرُونِي قرأ ابن كثير بفتح الياء والباقون بإسكانها أَقْتُلْ مُوسى وقال البغوي انما قال هذا لانه كان فى خاصة قوم فرعون من يمنعه من قتل موسى خوفا من الهلاك كانوا يقولون انه ليس للذى تخافه بل هو ساحر ولو قتلته لظن الناس انك عجزت عن معارضته بالحجة قال البيضاوي فيه دليل على انه تيقن بنبوة موسى فخاف من قتله او ظن وانه لو حاوله لم يتيسر له ويؤيده قوله وَلْيَدْعُ موسى رَبَّهُ الذي يزعم انه أرسله إلينا فيمنعه منا فانه تجلد وعدم مبالاة بدعائه وكان قوله ذرونى اقتل موسى تمويها على قومه وإيهاما بانهم هم الذين يكفونه عن قتله وما كان يكفه الا ما استقر فى قلبه من هول امر العصا إِنِّي قرأ نافع وابن كثير و «وابو جعفر- ابو محمد» وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ ان لم اقتله أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ اى يغير ما أنتم عليه من عبادة الأصنام لقوله تعالى ويذرك والهتك أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) قرأ يعقوب واهل الكوفة او ان والآخرون وان وقرأ اهل المدينة والبصرة «وحفص» يظهر بضم الياء وكسر الهاء من الافعال والفساد بالنصب على المفعولية والباقون بفتح الياء والهاء من المجرد ورفع الفساد على الفاعلية وأراد بالفساد تبديل الدين وعبادة الأوثان او ما يفسد الدنيا من التجارب والتهارج..
وَقالَ مُوسى لقومه لما توعده فرعون بالقتل إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧) صدر الكلام بانّ تأكيدا واشعارا على ان السبب المؤكد فى دفع الشر هو العياذ بالله وخص اسم الرب لان المطلوب هو الحفظ والتربية وإضافته اليه وإليهم لان حفظ موسى متضمن ومتكفل لحفظهم أجمعين وحثا لهم على موافقته فى الاستعاذة لما فى تظاهر الأزواج من استجلاب الاجابة ولم يذكر فرعون وذكر وصفا يعمه وغيره لتعميم الاستعاذة ورعاية الحق والدلالة على الحامل له على الشر وجاز ان يكون هذا خطابا لفرعون وقومه وفى قوله ربّكم تنبيه على التوحيد وانكار على اشراكهم.
يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ غالبين عالين حال من كم فى لكم فِي الْأَرْضِ ارض مصر فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا يعنى لكم الملك والغلبة فى الأرض فلا تبطلوا ملككم وغلبتكم بالتعرض لعذاب الله بقتل نبيه فانه ان جاءنا لا يمنعنا منه أحد أدرج نفسه فى الضمير لانه كان منهم فى القرابة وليريهم انه معهم ومساهمهم فيما ينصح لهم قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ من الرأى اى ما اشيركم وقال الضحاك ما أعلمكم إِلَّا ما أَرى اى ما أراه واعلمه صوابا يعنى قتله وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ (٢٩) طريق الصواب-.
وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ عَلَيْكُمْ فى تكذيبه والتعرض له مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠)
مِثْلَ جزاء دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ كقوم لوط ونمرود الجبار اى مثل جزاء ما كان عادتهم من التكذيب وإيذاء الرسل وهذه الاية تدل على انه كان فى قوم فرعون علم بالأولين وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١) اللام زائدة لتقوية عمل المصدر والعباد مفعول لظلما يعنى لا يريد ان يظلم عبدا فيعاقبهم بغير ذنب او يترك الظالم منهم بغير انتقام او ينقص من اجر حسنة لاحد او يزيد فى عقوبة أحد.
وَبعد ما خوّفهم بعذاب الدنيا خوّفهم بعذاب الاخرة فقال يا قَوْمِ إِنِّي قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو «وابو جعفر- ابو محمد» بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ قرأ ابن كثير «ويعقوب- ابو محمد» التّنادى وصلا ووقفا بإثبات الياء وورش «وابن دردان- ابو محمد» وصلا فقط واختلف فيهما عن قالون «والحذف عنه أقوى ابو محمد» والباقون بحذف الياء فى الحالين.
يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ بدل من يوم التناد قال مجاهد يعنى فارّين غير معجزين قيل المراد منه يوم ينفخ فى الصور نفخة الفزع قبل نفخة الصعق لما روى ابن جرير فى المطولات وابو يعلى فى مسنده والبيهقي فى البعث وعبد بن حميد وابو الشيخ فى كتاب العظمة عن ابى هريرة عن النبي ﷺ حديثا طويلا وذكر فيه ثلاث نفخات قال فيأمر الله اسرافيل بالنفخة الاولى فيقول الله تعالى انفخ نفخة الفزع فينفخ فيفزع اهل السماوات والأرض الا ما شاء الله فيأمره فيمدها فيطيلها ولا يفتر الى ان قال فتذهل المراضع عمّا أرضعت وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتى الأقطار فتتلقتها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع وتولى الناس مدبرين ينادى بعضهم بعضا وهو الذي يقول الله يوم التناد الحديث- وقيل المراد يوم القيامة إذا دعى كل أناس بامامهم اخرج ابو نعيم عن ابى حازم الأعرج رضى الله عنه انه قال (يخاطب نفسه) يا اعرج ينادى يوم القيامة يا اهل
غير الله لا يقدر على دفع عذاب الله قطعا وانما يدفع عذاب الله رحمته ولا يكون لهم من الله رحمة تعصمهم من عذابه وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ اى يضله عن طريق الجنة فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) اليه.
وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ بن يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليه السلام على ان فرعونه فرعون موسى طال عمره او على نسبة احوال الآباء الى الأولاد يعنى جاء اباءكم يوسف وقيل المراد يوسف بن ابراهيم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام أرسل إليهم مِنْ قَبْلُ اى قبل موسى بِالْبَيِّناتِ اى بالمعجزات فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ قال ابن عباس من عبادة الله وحده مخلصا له الدين حَتَّى إِذا هَلَكَ اى مات يوسف عليه السلام قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا اى أقمتم على كفركم وزعمتم ان الله لا يجدد عليكم الحجة كَذلِكَ اى اضلالا مثل ذلك الإضلال يُضِلُّ اللَّهُ فى العصيان مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مشرك
الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بدل من الموصول الاول لانه بمعنى الجمع بِغَيْرِ سُلْطانٍ حجة واضحة بل اما بتقليد او شبهة داحضة أَتاهُمْ من عند الله كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا فيه ضمير من وافراده نظرا الى لفظه ويجوز ان يكون الّذين مبتدا وخبره كبر على حذف مضاف تقديره وجدال الّذين يجادلون فى آيات الله كبر مقتا او الذين مبتدا وخبره بغير سلطان وفاعل كبر كَذلِكَ على ان كاف اسم بمعنى مثل اى كبر مقتا مثل ذلك الجدال فيكون قوله يَطْبَعُ اللَّهُ استئنافا للدلالة على موجب جدالهم وجاز ان يكون المعنى كذلك مثل اضلالهم يطبع الله اى يختم بالضلال ويوثق عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥) بحيث لا يدخله نور الايمان قرأ ابو عمرو وابن ذكوان قلب بالتنوين على وصفه بالتكبر والتجبر لانه صنيعهما كقولهم رات عينى وسمعت اذنى او على حذف المضاف تقديره على قلب كل ذى قلب متكبر جبار والباقون بالاضافة..
وَقالَ فِرْعَوْنُ لوزيره هامان يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً اى بناء عاليا لا يخفى على الناظر وان بعد ومنه التصريح بمعنى الإظهار لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) اى الطرق.
أَسْبابَ السَّماواتِ اى طرقها وابوابها من سماء الى سماء وكل ما يؤدى الى شىء فهو سبب له كالرشاء والدلو للماء واسباب الثاني بيان للاول وفى إيضاحها بعد ابهامها تفخيم لشانها وتشويق للسامع الى معرفتها فَأَطَّلِعَ قرأ حفص بالنصب على جواب لعل بالفاء والباقون بالرفع عطفا على ابلغ إِلى إِلهِ مُوسى الظاهر انه امر بالبناء كبناء نمرود وذكرناه فى سورة النمل وقال البيضاوي لعله أراد ان يبنى له رصدا فى موضع عال يرصد منه احوال الكواكب التي هى اسباب سماوية تدل على الحوادث الارضية فيرى هل فيها ما يدل على إرسال الله تعالى إياه- او ان يرى الناس فساد قول موسى بان اخباره من اله السماء يتوقف على اطلاعه ووصوله اليه وذلك
وَقالَ الَّذِي آمَنَ من ال فرعون يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ قرأ ابن كثير «ويعقوب- ابو محمد» اتّبعونى بإثبات الياء فى الحالين وقالون وابو عمرو «وابو جعفر- ابو محمد» وصلا فقط والباقون بحذف الياء فى الحالين أَهْدِكُمْ اى أدلكم سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) اى سبيلا يوصل سالكه الى المقصود وفيه تعريض الى ان ما عليه فرعون وقومه هو سبيل الغىّ.
يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ يسير يتمتعون بها مدة يسيرة ثم ينقطع وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) التي لا تزول فعليكم بما ينفعكم فى الاخرة.
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ اى فى حال الايمان فان الايمان شرط لجزاء كل عمل صالح لان الله تعالى هو المالك للجزاء فلا بد للايمان به على ما يرتضيه حتى يجزى ما عمل لوجهه خالصا فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠) بغير تقدير وموازنة للاعمال بل أضعافا مضاعفة فضلا منه ورحمة.
وَيا قَوْمِ ما لِي قرأ الكوفيون وابن ذكوان «ويعقوب- ابو محمد» بسكون الياء والباقون بفتحها والمعنى ما لكم كما تقول ما لى أراكم حزينا يعنى أخبروني كيف حالكم على خلاف ما يقتضيه العقل والعرف أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ من النار
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ بدل من تدعوننى الاول او بيان منه تعليل والدعاء يعدى بالى وباللام كالهداية وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ اى بربوبيته عِلْمٌ بل عندى دليل قاطع على امتناعه ولا بد للايمان من برهان على وجوده وربوبيّته ولا يصح الاعتقاد الا عن ايقان وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الغالب القادر على الانتقام ممن كفر به الْغَفَّارِ (٤٢) لذنوب من شاء ممن أمن به فهو المستجمع لصفات الالوهية من كمال القدرة والعلم والارادة..
لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ قيل لا فى لا جرم رد لما دعوه اليه من عبادة الأصنام وجرم فعل بمعنى حقّ وفاعله انّ مع جملتها اى حق عدم دعوة الهتكم الى عبادتها أصلا فى الدارين لانها جمادات لا دعوة لهم فى الدنيا الى العبادة وفى الاخرة تتبرّأ عن عابديها وليس لها ما يقتضى الوهيتها او حق عدم دعوة مستجابة لها او عدم استجابة دعوة لها قال السدىّ لا يستجيب لاحد فى الدنيا ولا فى الاخرة- وقيل جرم فعل من الجرم بمعنى القطع ولا للنفى كما ان بدّا من لا بدّ فعل من التبديد بمعنى التفريق والمعنى لا قطع لبطلان دعوة الوهية الأصنام اى لا ينقطع فى وقت ما فيكون معناه استمرّ كما فى ما برح وما زال وحاصل معناه حقّا وفى القاموس لا جرم اى لا بدّ او حقّا او لا محالة او هذا أصله ثم تحول الى القسم فلذلك يجاب عنه باللام يقال لا جرم لاتينك وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه الى كسب ذلك الدعاء اليه ان لا دعوه له بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته ولا على هذا ايضا لرد ما دعوه اليه وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ بعد الموت فيجازى كلّا بما يستحقه وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ فى الضلالة الطغيان بالاشراك
فَسَتَذْكُرُونَ اى سيذكر بعضكم بعضا عند معائنة العذاب حين لا ينفعكم الذكر ما أَقُولُ لَكُمْ من النصيحة وَأُفَوِّضُ أَمْرِي قرأ نافع وابو عمرو «وابو جعفر- ابو محمد» بفتح الياء والباقون بإسكانها إِلَى اللَّهِ ليعصمنى من كل سوء قال ذلك لما توعدوه إذا ظهر مخالفته لدينهم إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٤٤) يعلم المحق من المبطل ثم خرج المؤمن من بينهم فطلبوه فلم يقدروا عليه وذلك قوله عز وجل.
فَوَقاهُ اللَّهُ عطف على جمل محذوفة تقديره فاراد ال فرعون قتله ففرّ منهم فارسل فرعون جماعة ليأخذوه فوقيه الله سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا اى ما أرادوا به وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ اى بفرعون وقومه واستغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بانه اولى بذلك سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) اى الغرق فى الدنيا والنار فى الاخرة وقيل حاق بال فرعون يعنى بالذين أرسلوا لطلب المؤمن من ال فرعون سوء العذاب اى القتل فانه لمّا فرّ الى الجبل فاتبعه طائفة فوجدوه يصلى والوحوش صفوف حوله فرجعوا رعبا فقتلهم فرعون-.
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا جملة مستأنفة او النّار خبر محذوف ويعرضون استئناف للبيان او النّار بدل من سوء العذاب ويعرضون حال منها او من الال- قال ابن مسعود أرواح ال فرعون فى أجواف طير سود يعرضون على النار كل يوم مرتين تغدو وتروح الى النار فيقال يا ال فرعون هذه مأواكم حتى تقوم الساعة- أخرجه عبد الرزاق وابن ابى حاتم وقال مقاتل والسدىّ والكلبي يعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشيّا ما دامت الدنيا يعنى الى قيام الساعة- ويؤيده ما فى الصحيحين عن عبد الله بن عمران رسول الله ﷺ قال ان أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغدوة والعشى ان كان من اهل الجنة فمن اهل الجنة وان كان من اهل النار فمن اهل النار فيقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله الى يوم القيامة وفيه دليل على بقاء النفس وعذاب القبر
وَإِذْ يَتَحاجُّونَ اى اهل النار فِي النَّارِ اى اذكر يا محمد لقومك وقت مخاصمتهم فى النار وجاز ان يكون الظرف عطفا على غدوّا فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا تفصيل للمحاجة إِنَّا كُنَّا لَكُمْ فى الدنيا تَبَعاً والتبع يكون واحدا وجمعا لتابع كخدم جمع خادم على قول البصريين وقيل معناه ذوى تبع بمعنى اتباع على الإضمار او التجوز وقال الكوفيون جمع لا واحد له وجمعه اتباع فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧) بالدفع استفهام بمعنى الأمر ونصيبا مفعول لما دل عليه مغنون اوله بالتضمين او مصدر كشيئا فى قوله تعالى لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا فيكون صلة لمغنون.
قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا اى نحن وأنتم كُلٌّ اى كل واحد منا فِيها اى فى النار فكيف نغنى عنكم ولو قدرنا لاغنينا عن أنفسنا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) بدخول اهل الجنّة الجنة واهل النار النار ولا معقب لحكمه..
وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ حين اشتد عليهم العذاب لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ وضع جهنم موضع الضمير للتهويل ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً شيئا مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا اى خزنة جهنم أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ استفهام للانكار والتوبيخ على اضاعتهم اوقات الدعاء واسباب الاجابة وعطف على محذوف تقديره اما علمتم فى الدنيا ما لحقكم فى الاخرة من العذاب ولم تك تأتيكم رسلكم بالبيّنات منذرين به قالُوا بَلى جاءتنا رسلنا مبشرين
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قال الضحاك بالحجة وقال ابن عباس بالغلبة والقهر قال البيضاوي ولا ينتقض ذلك بما كان للكافرين من الغلبة أحيانا امتحانا إذ العبرة بالعواقب وغالب الأمر وقيل بالانتقام من الأعداء فى الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١) يعنى يوم القيامة يقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكفار بالتكذيب.
يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ اى الكافرين بدل من يوم يقوم مَعْذِرَتُهُمْ لكونها باطلة قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر «وابو جعفر ويعقوب- ابو محمد» لا تنفع بالتاء الفوقانية لتأنيث الفاعل والباقون بالياء لكون التأنيث غير حقيقى وللفصل وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ اى البعد من الرحمة حال من الظالمين وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) اى الدار السواى يعنى جهنم-.
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى متصل بقصة موسى وبين ذلك اعتراض يعنى اتينا موسى ما يهتدى به فى الدين اى التوراة وذلك بعد إهلاك فرعون وقومه وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) اى التوراة بعد موسى.
هُدىً وَذِكْرى اى للهداية والتذكرة او هاديا ومذكّرا لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) اى لذوى العقول السليمة-.
فَاصْبِرْ يا محمد على أذى المشركين إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ لك بالنصر حَقٌّ لا يحتمل الخلف واستشهد بحال موسى وفرعون وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ امر تعبدى ليزيدنه درجته ويصير سنة لما بعده وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ اى صلّ شاكرا لربك بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥) قال الحسن يعنى صلوة العصر وصلوة
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ اى ينكرون القران بِغَيْرِ سُلْطانٍ اى حجة أَتاهُمْ من الله تعالى إِنْ فِي صُدُورِهِمْ كنى بالصدر القلب لكونه موضعه اى ما فى قلوبهم إِلَّا كِبْرٌ قال ابن عباس اى ما يحملهم على تكذيبك الا ما فى صدورهم من الكبر والعظمة يعنى يتكبرون عليك ويتعظمون أنفسهم عن اتباعك ما هُمْ بِبالِغِيهِ قال مجاهد ما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر لان الله عزّ وجلّ يذلهم وقال ابن قتيبة ان فى صدورهم الا تكبر على محمد وطمع فى ان يغلبوه وما هم ببالغي ذلك الكبر فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ من شرهم إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لاقوالكم وأفعالكم تعليل للاستعاذة.
لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ فمن قدر على خلقها مع عظمها اوّلا من غير اصل قدر على خلق الناس ثانيا من اصل وهو ازاحة لاشكال ما يجادلون فيه مما نطق به القران من امر البعث وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) لانهم لا ينظرون ولا يتاملون لفرط غفلتهم واتباع اهوائهم وتقليد ابائهم- واخرج ابن ابى حاتم عن ابى العالية قال جاءت اليهود الى رسول الله ﷺ فذكروا الدجال فقالوا يكون منافى اخر الزمان فعظموا امره وقالوا يصنع كذا وكذا فانزل الله تعالى انّ الّذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان أتاهم ان فى صدورهم الّا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله فامر نبيه ان يتعوذ من فتنة الدجال لخلق السّموت والأرض اكبر من خلق النّاس قال اى من خلق الدجال- واخرج عن كعب الأحبار قوله انّ الّذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان قال هم اليهود نزلت فيما ينتظرونه من امر الدجال عن عمران بن حصين قال سمعت رسول الله ﷺ يقول ما بين خلق آدم الى قيام الساعة امر اكبر من الدجال- رواه مسلم وعن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله ﷺ انه لا يخفى عليكم ان الله ليس باعور وان مسيح الدجال اعور عين اليمنى كانّ عينه عنبة طافية. متفق عليه وعن انس
(٢) مسالح جمع مسلح وهو القوم الذين يحفظون الثغور من العدو سموا مسلحة لانهم يكونون ذو سلاح- منه رح
والعالم كالبصير فقال.
وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ الجاهل والعالم والمحسن والمسيء فلا بد ان يكون لهم محل يظهر فيه تفاوتهما ولا تفاوت لهما فى الدنيا فهو ما بعد الموت والبعث وزيادة لا فى المسيء
إِنَّ السَّاعَةَ اى القيامة لَآتِيَةٌ حتى يظهر تفاوت المحسن والمسيء لا رَيْبَ فِيها اى فى إتيانها بناء على استحالة خلف ما اخبر الله به وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) بها ولا يصدقون وعد الله لغفلتهم وشقاوتهم وقصور نظرهم على المحسوسات-.
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي قرأ ابن كثير بفتح الياء والباقون بإسكانها قيل معناه اعبدوني دون غيرى ولمّا عبر عن العبادة بالدعاء قال موضع اثيبكم أَسْتَجِبْ لَكُمْ والقرينة على ان المراد بالدعاء العبادة وبالاستجابة الاثابة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اى ذليلين قرأ ابن كثير وابو جعفر وابو بكر «ورويس- ابو محمد بخلاف عنه ابو محمد» سيدخلون بضم الياء وفتح الخاء والباقون بفتح الياء وضم الخاء والظاهر ان المراد بالدعاء والعبادة كليهما السؤال فان سوال كل ما يحتاج المرء اليه وعدم التوجه الى غيره تعالى فى شىء من الأمور كمال العبودية والافتقار والاعتراف بصمديته تعالى عن انس قال قال رسول الله ﷺ يسئل أحدكم ربه حاجاته كلها حتى يسئل شسع نعله إذا انقطع- رواه الترمذي وزاد فى رواية عن ثابت البناني مرسلا حتى يسئل الملح وحتى يسئل شسعه إذا انقطع- عن النعمان بن بشير قال رسول الله ﷺ ان الدعاء هو العبادة ثم قرأ ادعوني استجب لكم انّ الّذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنّم داخرين- رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة فى مسانيدهم وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه ابن ابى شيبة فى المصنف والحاكم فى المستدرك فى صحيحه وابن حران فى صحيحه عنه
الله يحب ان يسئل وأفضل العبادة انتظار الفرج- رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ من لم يسئل الله يغضب عليه- رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وقال الترمذي حديث غريب والمراد من هذه الأحاديث انه من لم يسئل الله تعالى استكبارا غضب عليه حيث قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ وعن انس قال قال رسول الله ﷺ لا تعجزوا فى الدعاء فانه لن يهلك مع الدعاء أحد- رواه ابن حبان والحاكم وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض- رواه الحاكم فى المستدرك وعن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئا احبّ اليه من ان يسئل العافية- رواه الترمذي ورواه الحاكم فى المستدرك فتحت له أبواب الجنة- فصل فيما وعد عن الاستجابة لمن يدعو الله منها هذا الحديث عن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ من فتح له فلكم باب الدعاء فتحت له أبواب الاجابة- رواه ابن ابى شيبة وعن سلمان قال قال رسول الله ﷺ ان ربكم حيى كريم يستحيى من عبده إذا رفع يديه اليه ان يردهما صفرا- رواه الترمذي وابو داود والبيهقي فى الدعوات الكبير وعن ابى سعيد الخدري ان النبي ﷺ قال ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم الا أعطاه الله إياه بها احدى ثلاث اما ان يعجل له دعوته واما ان يدخرها له فى الاخرة واما ان يصرف عنه من السوء
الله عليه وسلم ادعو الله وأنتم موقنون بالاجابة واعلموا ان الله لا يستجيب دعاء من قلب لاه- رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب ومنها الجد فى الدعاء عن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لى ان شئت ولكن ليعزم وليعظم الرغبة فان الله لا يتعاظمه شىء أعطاه- رواه مسلم- (فصل) فى سنن الدعاء وآدابه عن فضالة بن عبيد قال بينما رسول الله ﷺ قاعد إذ دخل رجل فصلى فقال اللهم اغفر لى وارحمني فقال رسول الله ﷺ عجلت ايها المصلى إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو اهله وصل علىّ ثم ادعه قال ثم صلى رجل اخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي ﷺ فقال له النبي صلى الله ايها المصلى ادع تجب- رواه الترمذي وروى ابو داود والنسائي نحوه وعن ابن مسعود قال كنت أصلي (والنبي ﷺ وابو بكر وعمر معه فلمّا جلست بدأت بالثناء على الله ثم الصلاة على النبي ﷺ ثم دعوت لنفسى فقال النبي ﷺ سل تعطه- رواه الترمذي وعن عمر بن الخطاب قال ان الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شىء حتى تصلى على نبيك- رواه الترمذي وعن مالك بن يسار قال قال رسول الله ﷺ إذا سالتم الله فاسئلوه ببطون أكفكم ولا تسئلوه بظهورها- وفى رواية ابن عباس سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسئلوه بظهورها فاذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم- رواه ابو داود وعن عمر قال كان رسول الله ﷺ إذا رفع يديه فى الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه- رواه الترمذي وعن عائشة قالت كان رسول الله ﷺ يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوا ذلك- رواه ابو داود وعن انس قال كان رسول الله ﷺ يرفع يديه فى الدعاء حتى يرى بياض ابطيه- وعن السائب بن يزيد عن
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ اى لتستريحوا فيه بالنوم وَالنَّهارَ مُبْصِراً اى يبصر فيه واسناد الابصار اليه مجازى مبالغة ولذلك عدل به عن التعليل إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عظيم عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) لجهلهم بالمنعم وإغفالهم مواقع النعم وعظم الفضل وتكرير الناس لتخصيص الكفران بهم يعنى انهم هم الذين يكفرون ولا يشكرون كقوله انّ الإنسان لظلوم كفّار وجملة الله الّذى جعل لكم متصل بقوله هو الّذى يريكم آياته والله مبتدا والموصول خبره او خبر مبتدا محذوف والموصول صفة له.
ذلِكُمُ المخصوص بتلك الافعال المقتضية للالوهية والربوبية مبتدا اللَّهُ لا غيره رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ من الجواهر والاعراض وافعال العباد لا إِلهَ اى لا تستحق العبادة أحد إِلَّا هُوَ إذ ليس أحد غيره موصوفا بشئ من الصفات المقتضية للالوهية المستوجبة للعبادة فَأَنَّى فكيف تُؤْفَكُونَ (٦٢) تصرفون من عبادته الى عبادة غيره الاربعة كلها اخبار مترادفة.
كَذلِكَ اى كما افك كفار مكة يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ «١» اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً اى مستقرا وَالسَّماءَ بِناءً سقفا فوقكم استدلال ثان بافعال اخر مختصة به تعالى وَصَوَّرَكُمْ ايها الناس فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ يعنى خلقكم منتصب القامة بادى البشرة متناسب الأعضاء متهيّأ لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات قال ابن عباس خلق ابن آدم قائما معتدلا يأكل ويتناول بيده وغيره
هُوَ الْحَيُّ المتفرد بالحياة الذاتية الذي يقتضى ذاته وجوده الوجوب والوجود وان كانا صفتى كمال لكنها ظلان من ظلال ذاته لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خبر ثان لهو اى لا يستحق العبادة الا من كان لهذا شأنه ولا شىء كذلك الا هو فَادْعُوهُ اى فاعبدوه واسئلوا منه حوائجكم الفاء للسببية فان ما ذكر من الصفات موجبات لعبادته مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ اى الطاعة من الشرك والرياء الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥) قيل معناه قائلين ذلك وقال الفراء هو خبر وفيه إضمار الأمر مجازه فادعوه وقولوا الحمد لله ربّ العلمين وروى عن مجاهد عن ابن عباس قال من قال لا اله الّا الله فليقل على اثره الحمد لله ربّ العالمين فذلك قوله عز وجل فادعوه مخلصين له الدّين الحمد لله ربّ العالمين والله اعلم- اخرج جويبر عن ابن عباس ان الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة قالوا يا محمد ارجع عما تقول وعليك بدين ابائك وأجدادك فانزل الله تعالى.
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي اى من الحجج والآيات فانها مقويّة لادلة عقلية منهية عنها وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦) اى انقاد له وأخلص له دينى.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا اى أطفالا والتوحيد لارادة الجنس او على تاويل كل واحد منكم ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ اللام متعلق بمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا وكذا فى قوله ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً ويجوز عطفه على لتبلغوا قرأ نافع وابو عمر وحفص وهشام «وابو جعفر ويعقوب وخلف ابو محمد» بضم الشين والباقون بكسرها وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ اى قبل الشيخوخة او بلوغ الأشد وَلِتَبْلُغُوا اى ويفعل ذلك لتبلغوا أَجَلًا مُسَمًّى اى وقتا معينا لا يجاوزونه يريد أجل الحيوة
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى «١» اى أراد أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨) اى لا يحتاج فى تكوينه تجشم كلفة الفاء الاولى للدلالة على ان ذلك نتيجة ما سبق من حيث انه يقتضى قدرة ذاتية غير متوقفة على العدد والمواد..
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ يعنى يقولون انها ليست من عند الله او يتولون خلاف سبيل الرسول والمؤمنين الاستفهام للانكار وانكار النفي اثبات وتقرير وفيه تعجيب أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) كيف صرفوا عن الحق استفهام للتوبيخ وتكرير ذم المجادلة للتاكيد او لتعدد المجادل او المجادل فيه روى عن محمد بن سيرين ان الاولى كانت فى المشركين وهذه الاية نزلت فى القدرية.
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا من الشرائع بدل من الّذين يجادلون فان كان المراد به القدرية مجوس هذه الامة فهم يكذبون ما تبت بالكتاب والسنة من كون الله سبحانه خالقا للاشياء كلها من الخير والشر والجواهر والاعراض قادرا على كل شىء يغفر لمن يشاء ما يشاء من الصغائر والكبائر ويعذب من يشاء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يجب عليه شىء لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون وينكرون الصراط والميزان والشفاعة وغير ذلك- وجاز ان يكون الّذين كذّبوا مبتدا فيه معنى الشرط وخبره فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ بالرفع عطف على الاغلال او مبتدا خبره يُسْحَبُونَ (٧١) اى يجرون.
فِي الْحَمِيمِ والعائد محذوف اى يسحبون بها وهو على الاول حال واخرج ابن ابى حاتم من طريق ابى الجوزاء عن ابن عباس انه قرأ والسّلسل بالنصب على المفعولية ويسحبون بفتح الياء على البناء للفاعل قال وذلك أشد عليهم وهم يسحبون السّلاسل ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) اى يحرقون من شجر التّنور إذ املاه بالوقود وقال مقاتل وقد بهم النار وقال مجاهد يصيرون وقود النار والمراد تعذيبهم بانواع العذاب ينقلون من
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللَّهِ يعنى الأصنام قالُوا ضَلُّوا اى غابوا عنّا فلا نراهم وذلك قبل ان يقرن بهم التهم او المعنى ضاعوا عنا فلم نجد منهم ما كنا نتوقع منهم بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً قيل هذا انكار للاشراك مثل قولهم والله ربّنا ما كنّا مشركين وقيل معناه لم نكن نّدعوا من قبل شيئا ينفعنا او يدفع عنا المكروه وقال الحسن بن الفضل اى لم نصنع من قبل شيئا اى ضاعت عبادتنا كما يقول من ضاع عمله ما كنت اعمل شيئا كَذلِكَ اى اضلالا مثل إضلال هؤلاء المشركين او مثل إضلال القدرية يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (٧٤) أجمعين حتى لا يهتدوا الى شىء ينفعهم.
ذلِكُمْ الإضلال بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ اى تبطرون وتتكبرون بِغَيْرِ الْحَقِّ وهو الشرك والطغيان وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) اى تتوسعون فى الفرح والعدول الى الخطاب للمبالغة فى التوبيخ.
ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ السبعة المقسومة لكم خالِدِينَ مقدرين الخلود فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) عن الحق جهنم وكان مقتضى النظم فبئس مدخل المتكبرين ولما كان الدخول المقيد بالخلود سبب الثواء عبر بالمثوى..
فَاصْبِرْ يا محمد على إيذاء المشركين إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بنصرك وإهلاك الكافرين حَقٌّ كائن لا محالة فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ان شرطية أدغمت فى ما الزائدة لتأكيد الشرطية ولذلك لحقت النون الفعل بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من القتل والأسر أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل ان نريهم فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) يوم القيامة فنجازيهم على أعمالهم
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا التنوين للتكثير والتعظيم مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ اخرج احمد وابن راهويه فى مسنديهما وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى المستدرك من حديث ابى لبابة ان النبي صلى الله عليه سئل عن عدد الأنبياء فقال مائة الف واربعة وعشرون الفا فقيل فكم الرسل منهم قال ثلاث مائة وثلاثة عشر جمّا غفيرا واخرج ابن حبان من حديث ابى ذر نحوه والمذكور فى القران سبعة وعشرون وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ اى معجزة إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ اى بامره وإرادته ليس لهم اختيار فى إتيان بعضها والاستبداد بإتيان المقترح بها فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قضاؤه بين الأنبياء والأمم قُضِيَ بِالْحَقِّ اى بنصر الأنبياء والمؤمنين وتعذيب الكفار وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨) الكفار المعاندون باقتراح الآيات بغير ظهور الحق بالمعجزات..
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) فان من جنسها ما يؤكل كالغنم ومنها ما يؤكل ويركب وهو الإبل والبقر الجملة متصله بقوله هو الّذى يحيى ويميت.
وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ فى أصوافها واوبارها واشعارها وألبانها وجلودها وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ بالمسافرة عليها عطف على قوله لتركبوا منها وَعَلَيْها فى البر وَعَلَى الْفُلْكِ فى البحر تُحْمَلُونَ (٨٠) وانما قال على الفلك ولم يقل فى الفلك مزاوجة وتغير النظم فى الاكل لانه فى حيز الضرورة إذ يقصد به التعيش والتلذذ والركوب والمسافرة عليها قد يكون لاغراض دينية واجبة او مندوبة او للفرق بين العين والمنفعة.
يُرِيكُمْ آياتِهِ
الدالة على وجوده وكمال قدرته وفرط رحمته أَيَ
اية من اتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
(٨١) استفهام للانكار على الإنكار فانها لكثرتها ولظهورها لا تقبل للانكار وهو ناصب اىّ..
فَلَمَّا جاءَتْهُمْ عطف على ما اغنى رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات والآيات الواضحات فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ واستحقروا علم الرسل والمراد بالعلم ما يزعمونه علما نافعا وهو فى الحقيقة اما جهل مركب كقول اليونانيين وغيرهم من الكفار فى الإلهيات وبعض الطبيعيات والرياضيات وكقول كفار مكة لن نبعث ولن نعذب كذا قال مجاهد وكقول اليهود والنصارى لن يّدخل الجنّة الّا من كان هودا او نصرى واما علم متعلق بامور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها قال الله تعالى يعلمون ظاهرا من الحيوة الدّنيا وهم عن الاخرة هم غفلون فلمّا جاءتهم رسلهم معلوم الديانات وهى ابعد شىء من علمهم لبنائها على الإجمال فى طلب الدنيا وترك اتباع الشهوات لم يلتفتوا إليها وصغروها واستهزءوا بها واستهزءوا بهم واعتقدوا ان علمهم انفع واجلب للفوائد من علمهم ففرحوا به واما علم بأشياء لا ينفعهم فى الاخرة كعلم الطبيعي والرياضي والنجوم والسحر والشعبدة لاهل اليونان والهند وغيرهم- روى ان أفلاطون سأل عيسى بن مريم عليه السلام امتحانا لنبوته فقال ان كانت السماوات قسيّا والحوادث سهاما والإنسان هدفا والرامي هو الله فاين المفر فاجاب عيسى عليه السلام ففرّوا الى الله فحينئذ أيقن أفلاطون بنبوته لكن قال انما الأنبياء لاجل الناقصين ونحن كاملون لا حاجة لنا الى الرسل وعن سقراط انه سمع موسى عليه السلام وقيل له لو هاجرت اليه فقال نحن قوم مهتدون لا حاجة لنا بمن يهدينا- وقيل معناه فرحوا اى ضحكوا استهزاء بما عندهم اى عند الأنبياء من العلم ويؤيده قوله تعالى وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣)
فَلَمَّا رَأَوْا اى الكفار بَأْسَنا اى شدة عذابنا عند الموت قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) اى تبرأنا مما كنا نعبد من الأصنام.
فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ هذا اما من باب تنازع العاملين واعمال أحدهما والإضمار فى الثاني او يكون اسم يك ضمير الشان مستترا فيه او يكون يك تامة وينفعهم بتقدير ان فاعل له فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا اى عذابنا لامتناع قبوله حينئذ ولذلك قال لم يك بمعنى لم يصح ولم يستقم سُنَّتَ اللَّهِ منصوب على المصدرية من فعل محذوف للتأكيد اى سن الله ذلك سنة ماضية فى العباد ان الايمان عند نزول العذاب لا ينفع وان العذاب نازل على مكذبى الرسل وقيل منصوب بنزع الخافض كسنة الله وقيل على الإغراء اى احذروا سنة الله الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ اى وقت رؤيتهم البأس الْكافِرُونَ (٨٥) بذهاب الدارين قال الزجاج الكافر خاسر فى كل وقت ولكن يتبين لهم خسرانهم إذا رأووا العذاب- تم تفسير سورة المؤمن من التفسير المظهرى الثامن والعشرين من ذى الحجة من السنة السابعة سنة ١٢٠٧ هـ- بعد الف ومائتين ويتلوه ان شاء الله تعالى تفسير سورة فصلت بعون الله تعالى والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله تعالى على خير خلقه محمد واله وأصحابه أجمعين.