ﰡ
﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ [ آية ١ القيامة ص ٤٨٤ ] أقسم سبحانه بالبلد الحرام وهو مكة ؛ لشرفها وحرمتها بالبيت المعظم – على أن الإنسان خلق مبتلى بالعمل، يكابد في المشاق، ويعاني الشدائد ؛ فلا بد له من العزم والجلد. وجواب القسم قوله : " لقد خلقنا الإنسان في كبد ". والمقصود تسليته صلى الله عليه وسلم.
﴿ في كبد ﴾ في تعب ومشقة من مكابدة الهموم والشدائد في الدنيا، لا فرق في ذلك بين الصالحين وغير الصالحين، ولا بين أن تكون المشاق والمتاعب في خير أو شر. فالأنبياء والعبّاد والمجاهدون في سبيل الله في كبد في الدنيا، ولهم النعيم في الآخرة. والجاحدون للنبوة، والحاقدون والمفسدون في الأرض في كبد الدنيا، ولهم وراء ذلك كبد في الآخرة. والكبد : المشقة ؛ من المكابدة للشيء وهي تحمل المشاق في فعله. وأصله من كبد الرجل – من باب طرب – فهو أكبد : إذا وجعته كبده ؛ ثم استعمل في كل تعب ومشقة.
ما يكابد ؛ وهو على ما قيل : الوليد بن المغيرة : أن لن يقدر على الانتقام منه أحد.
روية. والعقبة في الأصل : الطريق الوعر في الجبل ؛ استعيرت للأعمال المذكورة لصعوبتها على النفوس. واقتحامها : فعلها وتحصيلها والدخول فيها. وقيل : العقبة النار أو جبل فيها. واقتحامها : مجاوزتها بمجاهدة النفس في طاعة الله في الدنيا. أو هي الصراط على متن جهنم ؛ واقتحامها : المرور والجواز عليه بسرعة. أي فلا فعل ما ينجو به ويجوز بسببه العقبة الكئود يوم القيامة.