تفسير سورة المؤمنون

إيجاز البيان
تفسير سورة سورة المؤمنون من كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن المعروف بـإيجاز البيان .
لمؤلفه بيان الحق النيسابوري . المتوفي سنة 553 هـ

ومن سورة المؤمنين
١ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ: فازوا بما طلبوا ونجوا عما هربوا «١».
٢ خاشِعُونَ: خائفون بالقلب، ساكنون بالجوارح. والخشوع في الصلاة بجمع الهمّة لها، والإعراض عمّا سواها، ومن الخشوع أن لا يجاوز بنظره موضع سجوده.
و «اللّغو» «٢» : كلّ سلام ساقط حقّه أن يلغى «٣»، يقال: لغيت ألغى [٦٦/ أ] ولغوت/ ألغو «٤».
٤ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ: لما كانت الزكاة توجب زكاء المال كان لفظ الفعل أليق به من لفظ الأداء والإخراج.
١٠ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ: قال عليه السلام «٥» :«ما منكم إلّا وله
(١) ذكر المؤلف هذا القول في كتابه وضح البرهان: ٢/ ٩٥ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ونقل الماوردي في تفسيره: ٣/ ٩٢ عن ابن عباس قال: «المفلحون الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا»
.
(٢) من قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [آية: ٣].
(٣) معاني القرآن للزجاج: ٤/ ٦، ومعاني النحاس: (٤/ ٤٤٢، ٤٤٣)، وزاد المسير:
٥/ ٤٦٠، والبحر المحيط: ٦/ ٣٩٥.
(٤) اللسان: ١٥/ ٢٥٠ (لغا).
(٥) أخرج نحوه ابن ماجة في سننه: ٢/ ١٤٥٣، كتاب الزهد، باب «صفة الجنة» عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
وصحيح البوصيري إسناده في مصباح الزجاجة: ٢/ ٣٦١، وأخرجه الطبري في تفسيره:
١٨/ ٦.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ٩٠، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في كتاب «البعث» عن أبي هريرة مرفوعا.
منزلان فإن مات على الضّلال ورث منزله في الجنة أهل الجنّة، وإن مات على الإيمان ورث منزله في النّار أهل النّار».
١٢ مِنْ سُلالَةٍ: سلّ كلّ إنسان من ظهر أبيه «١».
مِنْ طِينٍ: من آدم «٢» عليه السلام.
وجمعت العظام مع إفراد أخواتها لاختلافها «٣» بين صغير وكبير، ومدوّر وطويل، وصلب وغضروف.
١٤ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ: بنفخ الروح فيه «٤»، أو بنبات الشّعر والأسنان «٥»، أو بإعطاء العقل والفهم «٦».
وقيل «٧» : حين استوى شبابه.
(١) والسّلّ: انتزاع الشيء وإخراجه في رفق. والسليل: الولد، سمي سليلا لأنه خلق من السلالة.
اللسان: (١١/ ٣٣٨، ٣٣٩) (سلل). [.....]
(٢) رجحه الطبري في تفسيره: ١٨/ ٨، والنحاس في معانيه: ٤/ ٤٤٧، وقال: «وهو أصح ما قيل فيه، ولقد خلقنا ابن آدم من سلالة آدم، وآدم هو الطين لأنه خلق منه».
وانظر زاد المسير: ٥/ ٤٦٢، وتفسير القرطبي: ١٢/ ١٠٩.
(٣) في قوله تعالى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً... [آية: ١٤].
(٤) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٢٩٦، وأخرجه الطبري في تفسيره: (١٨/ ٩، ١٠) عن ابن عباس، وعكرمة، والشعبي، ومجاهد، وأبي العالية، والضحاك، وابن زيد. ورجح الطبري هذا القول، وكذا النحاس في معانيه: ٤/ ٤٤٩.
(٥) ذكره الزجاج في معاني القرآن: ٤/ ٩، والنحاس في معانيه: ٤/ ٤٤٩، وابن الجوزي في زاد المسير: ٥/ ٤٦٣، والقرطبي في تفسيره: ١٢/ ١١٠ عن الضحاك.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ٩٢، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد عن الضحاك.
ونقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ٩٥، والبغوي في تفسيره: ٣/ ٣٠٤ عن قتادة.
(٦) نص هذا القول في زاد المسير: ٥/ ٤٦٣ عن الثعلبي.
وذكره الماوردي في تفسيره: ٣/ ٩٥ دون عزو.
(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٨/ ١٠ عن مجاهد.
وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير: ٥/ ٤٦٣، والقرطبي في تفسيره: ١٢/ ١١٠ إلى ابن عمر، ومجاهد.
وقيل «١» : بل ذلك الإنشاء في السّنة الرابعة لأنّ المولود في سني التربية يعدّ في حيّز النقصان، والشّيء قبل التمام في حدّ العدم.
١٧ سَبْعَ طَرائِقَ: سبع سموات لأنها طرائق الملائكة»
، أو لأنها طباق بعضها على بعض. أطرقت النّعل: خصفتها «٣»، وأطبقت بعضها على بعض.
٢٠ سَيْناءَ: فيعال «٤» من السّناء، ك «ديّار»، و «قيّام». وسيناء «٥»
(١) تفسير البغوي: ٣/ ٣٠٤، وزاد المسير: ٥/ ٤٦٣.
وعقّب ابن عطية رحمه الله على هذه الأقوال بقوله: «وهذا التخصيص كله لا وجه له، وإنما هو عام في هذا وغيره من وجوه النطق والإدراك وحسن المحاولة هو بها آخر، وأول رتبة من كونه آخر هو نفخ الروح فيه، والطرف الآخر من كونه آخر تحصيله المعقولات إلى أن يموت» اه.
وانظر تفسير القرطبي: ١٢/ ١١٠.
(٢) ذكره الماوردي في تفسيره: ٣/ ٩٥، وقال: «قاله ابن عيسى».
وانظر هذا القول في تفسير البغوي: ٣/ ٣٠٥، وتفسير القرطبي: ١٢/ ١١١، والبحر المحيط: ٦/ ٤٠٠.
(٣) ينظر الصحاح: ٤/ ١٥١٦، واللسان: ١٠/ ٢١٩ (طرق).
(٤) على قراءة عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي بفتح السين.
السبعة لابن مجاهد: ٤٤٥، وحجة القراءات: ٤٨٤، والتبصرة لمكي: ٢٦٩.
و «السّناء» : المجد والشرف.
ينظر اللسان: ١٤/ ٤٠٣.
(٥) على قراءة الكسر وهي لابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، كما في السبعة: ٤٤٤، والتيسير للداني: ١٥٩.
ولم أقف على من ذكر أن «سيناء» على وزن «فيعال».
قال الزجاج في معانيه: ٤/ ١٠: «يقرأ: مِنْ طُورِ سَيْناءَ بفتح السين، وبكسر السين،... فمن قال «سينا» فهو على وصف صحراء، لا ينصرف، ومن قال «سيناء» - بكسر السين- فليس في الكلام على وزن «فعلاء» على أن الألف للتأنيث، لأنه ليس في الكلام ما فيه ألف التأنيث على وزن «فعلاء»، وفي الكلام نحو «علباء» منصرف، إلّا أن «سيناء» هاهنا اسم للبقعة فلا ينصرف».
وانظر الكشف لمكي: (٢/ ١٢٦، ١٢٧).
فيعال. ك «ديماس» «١» و «قيراط».
تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ: تنبت ما تنبت والدهن فيها «٢».
وذكر ابن درستويه «٣» : أن الدّهن: المطر اللين «٤». ومن فتح التاء «٥» فمعناه: تنبت وفيها دهن، تقول: جاء زيد بالسّيف، أي: سيفه معه «٦».
٢٤ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ: يكون أفضل منكم.
٢٧ واصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا: أي: تصنعه وأنت واثق بحفظ الله له ورؤيته إياه فلا تخاف.
٣٦ هَيْهاتَ: بعد الأمر جدا حتى امتنع. وبني لأنّها بمنزلة الأصوات غير مشتقة من فعل «٧».
(١) الديماس: الكن والحمام.
الصحاح: ٣/ ٩٣٠ (دمس)، والنهاية لابن الأثير: ٢/ ١٣٣.
(٢) هذا المعنى على قراءة «تنبت» بضم التاء وهي لابن كثير، وأبي عمرو.
ينظر توجيه هذه القراءة في الكشف لمكي: ٢/ ١٢٧.
(٣) ابن درستويه: (٢٥٨- ٣٤٧ هـ).
هو عبد الله بن جعفر بن محمد بن درستويه، من أئمة اللغة في بغداد في عصره.
صنف تصحيح الفصيح، والإرشاد في النحو، وأخبار النحويين، ونقض كتاب العين...
وغير ذلك.
وضبط ابن ماكولا في الإكمال: ٣/ ٣٢٢ درستويه بفتح الدال والراء. وفي الأنساب للسمعاني: ٥/ ٢٩٩ بضم الدال المهملة والراء وسكون السين المهملة وضم التاء.
وانظر ترجمته في تاريخ بغداد: ٩/ ٤٢٨، وإنباه الرواة: ٢/ ١١٣، وسير أعلام النبلاء:
١٥/ ٥٣١. [.....]
(٤) ينظر قوله المذكور هنا في تفسير الماوردي: ٣/ ٩٦، وتفسير القرطبي: ١٢/ ١١٦.
(٥) قراءة عاصم، ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي.
ينظر السبعة لابن مجاهد: ٤٤٥، وحجة القراءات: ٤٨٤، والتبصرة لمكي: ٢٦٩.
(٦) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٤/ ١٠، وانظر معاني القرآن للنحاس:
٤/ ٤٥٣، ومشكل إعراب القرآن لمكي: ٢/ ٤٩٩، والكشاف: ٣/ ٢٩.
(٧) قال النحاس في إعراب القرآن: ٣/ ١١٤: «وبنيت على الفتح وموضعها رفع لأن المعنى البعد لأنها لم يشتق منها فعل فهي بمنزلة الحروف فاختير لها الفتح لأن فيها هاء التأنيث، فهي بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم، ك «خمسة عشر»... ».
وانظر المحرر الوجيز: ١٠/ ٣٥٤، والبيان لابن الأنباري: ٢/ ١٨٤.
٤٠ عَمَّا قَلِيلٍ: «ما» في مثله لتقريب المدى «١»، أو تقليل الفعل، كقوله بسبب ما، أي: بسبب وإن قلّ.
٤١ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً: هلكى، كما يحتمله الماء من الزبد والورق البالي «٢».
فَبُعْداً: هلاكا، على طريق الدعاء عليهم، أو بعدا لهم من رحمة الله، فيكون بمعنى اللّعنة «٣».
٤٤ تَتْرا: متواترا. وأصله: وتر، من وتر القوس لاتصاله «٤».
آيَةً: حجة على اختراع الأجسام من غير شيء، كاختراع عيسى من [٦٦/ ب] غير أب وحمل أمه/ إياه من غير فحل «٥».
إِلى رَبْوَةٍ: الرّملة من فلسطين «٦».
(١) البحر المحيط: ٦/ ٤٠٥.
(٢) ينظر هذا المعنى في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٩٧، وتفسير الطبري: ١٨/ ٢٢، ومعاني القرآن للزجاج: ٤/ ١٣، ومعاني النحاس: ٤/ ٤٥٨.
(٣) ذكره الماوردي في تفسيره: ٣/ ٩٧، والقرطبي في تفسيره: ١٢/ ١٣٤.
(٤) عن تفسير الماوردي: ٣/ ٩٧، وانظر اللسان: ٥/ ٢٧٨ (وتر).
(٥) ذكر نحوه الطبري في تفسيره: ١٨/ ٢٥، وانظر معاني الزجاج: ٤/ ١٤، وتفسير الماوردي: ٣/ ٩٨.
(٦) أخرج عبد الرزاق هذا القول في تفسيره: ٣٥٧ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وكذا أخرجه الطبري في تفسيره: ١٨/ ٢٦.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ١٠١ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي نعيم، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه.
واستبعد الطبري هذا القول، فقال: «لأن الرملة لا ماء بها معين، والله تعالى ذكره وصف هذه الربوة بأنها ذات قرار ومعين».
وقال النحاس في معانيه: ٤/ ٤٦٣: «والصواب أن يقال: إنها مكان مرتفع، ذو استواء، وماء ظاهر».
﴿ آية ﴾ حجة على اختراع الأجسام من غير شيء١كاختراع٢عيسى من غير أب وحمل أمه إياه من غير فحل.
﴿ إلى ربوة ﴾ الرملة٣من فلسطين٤.
﴿ ذات قرار ﴾ استواء يستقر عليها٥.
وقيل : ثمار٦، أي : لأجل الثمار يستقر فيها.
﴿ ومعين ﴾ مفعول من عنته أعينه٧، أو هو فعيل من معن يمعن وهو الماعون للشيء القليل٨.
١ قال ابن حيان "وأفرد"آية"لأن حالهما لمجموعهما آية واحدة وهي ولادتها إياه من غير فحل، وإن كان في مريم آيات، وفي عيسى آيات، لكنه هنا لحظ أمر الولادة من غير ذكر، وذلك هو آية واحدة" البحر المحيط ج٧ص٤٦٣..
٢ في ب كإخراج..
٣ في ب رملة..
٤ قاله أبو هريرة جامع البيان ج١٨ص٢٦. والرملة: مدينة تقطع في فلسطين جنوب اللد وغرب القدس..
٥ في ب عليه. وقال به سعيد بن جبير. جامع البيان ج١٨ص٢٧..
٦ قاله قتادة. جامع البيان ج١٨ص٢٨..
٧ فعلى هذا تكون ميمه زائدة..
٨ وعلى هذا تكون ميمه أصلية. انظر: الدر المصون ج٨ص٣٤٨..
ذاتِ قَرارٍ: استواء يستقر عليها. وقيل «١» : ثمارا، أي: لأجل الثمار يستقرّ فيها.
وَمَعِينٍ: مفعول عنته أعينه «٢»، أو هو «فعيل» من معن «يمعن»، وهو الماعون للشيء القليل «٣».
٥٢ وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً: سأل سهولة ملتكم وطريقتكم في التوحيد وأصول الشرائع. وفتح أن «٤» على تقدير: ولأنّ هذه أمّتكم، أي: فاتقون لهذا «٥»، وانتصاب أُمَّةً على الحال.
٥٣ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً: افترقوا في دينهم فرقا، كلّ ينتحل كتابا ويدّعي نبيا.
وعن الحسن «٦» : قطّعوا كتاب الله قطعا وحرفوه.
وهو في قراءة: زُبُراً «٧» ظاهر، أي: قطعا جمع
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٨/ ٢٨ عن قتادة، وعقب عليه بقوله: «وهذا القول الذي قاله قتادة في معنى ذاتِ قَرارٍ وإن لم يكن أراد بقوله: إنها إنما وصفت بأنها ذات قرار لما فيها من الثمار، ومن أجل ذلك يستقر فيها ساكنوها، فلا وجه له نعرفه».
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء: ٢/ ٢٣٧، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٩٧، وتفسير الطبري: ١٨/ ٢٨، ومعاني القرآن للنحاس: ٤/ ٤٦٤.
(٣) ذكره الطبري في تفسيره: ١٨/ ٢٨، والزجاج في معانيه: ٤/ ١٥، واستبعده بقوله: وهذا بعيد لأن «المعن» في اللغة الشيء القليل، والماعون هو الزكاة، وهو «فاعول» من المعن، وإنما سميت الزكاة بالشيء القليل، لأنه يؤخذ من المال ربع عشره، فهو قليل من كثير».
(٤) وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، كما في السبعة لابن مجاهد: ٤٤٦، وحجة القراءات: ٤٨٨، والتبصرة لمكي: ٢٧٠. [.....]
(٥) ذكر المؤلف- رحمه الله- هذا القول في كتابه وضح البرهان: ٢/ ١٠٢ عن الخليل.
وانظر معاني القرآن للزجاج: ٤/ ١٥، والتبيان للعكبري: ٢/ ٩٥٦.
(٦) أورد السيوطي هذا المعنى في الدر المنثور: ٦/ ١٠٣ عن الحسن، وعزا إخراجه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم عنه.
(٧) بضم الزاي وفتح الباء، وهي قراءة شاذة.
انظر غرائب التفسير للكرماني: ٢/ ٧٧٩.
ونسبها النحاس في معاني القرآن: ٤/ ٤٦٦ إلى الأعمش، وابن عطية في المحرر الوجيز:
١٠/ ٣٦٧ إلى أبي عمرو، والأعمش، وكذا القرطبي في تفسيره: ١٢/ ١٣٠، ونسبها ابن الجوزي في زاد المسير: ٥/ ٤٧٨ إلى ابن عباس، وأبي عمران الجوني.
وأشار الطبري- رحمه الله- إلى هذه القراءة فقال: «وقرأ ذلك عامة قراء الشام...
بمعنى: فتفرقوا أمرهم بينهم قطعا كزبر الحديد، وذلك القطع منها واحدتها «زبرة»
من قول الله: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ فصار بعضهم يهودا، وبعضهم نصارى.
والقراءة التي نختار في ذلك قراءة من قرأه بضم الزاي والباء لإجماع أهل التأويل في تأويل ذلك على أنه مراد به الكتب، فذلك يبين عن صحة ما اخترنا في ذلك لأن «الزبر» هي الكتب، يقال منه: زبرت الكتاب: إذا كتبته» اه. انظر تفسيره: ١٨/ ٣٠.
«زبرة» «١». ك «برمة» و «برم» ».
٥٦ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ: نقدّم لهم ثواب أعمالهم لرضانا عنهم!!.
بَلْ: لا، بل للاستدراج والابتلاء.
٦١ وَهُمْ لَها سابِقُونَ: لأجلها سبقوا الناس، أو سبقوا إلى الجنّة «٣».
٦٣ وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ: من دون ما ذكروا بها من أعمال البرّ.
٦٦ تَنْكِصُونَ: ترجعون إلى الكفر.
٦٧ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ: أي: بالحرم «٤»، أي: بلغ أمركم أنكم تسمرون
(١) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٢/ ٦٠، وغريب القرآن لليزيدي: ٢٦٦، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٩٨، والكشاف: ٣/ ٣٤.
(٢) في اللسان: ١٢/ ٤٥ (برم) :«والبرمة: قدر من حجارة، والجمع برم وبرام وبرم».
(٣) ذكر الماوردي هذين الوجهين في تفسيره: ٣/ ١٠٠.
وقال الزجاج في معانيه: ٤/ ١٧: «فيه وجهان، أحدهما: معناه إليها سابقون، كما قال:
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها، أي: أوحى إليها.
ويجوز: وَهُمْ لَها سابِقُونَ، أي: من أجل اكتسابها، كما تقول: أنا أكرم فلانا لك، أي: من أجلك»
.
(٤) ذكره الفراء في معاني القرآن: ٢/ ٢٣٩، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٢٩٨.
وأخرجه الطبري في تفسيره: (١٨/ ٣٨، ٣٩) عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وسعيد ابن جبير، وقتادة، والضحاك.
بالبطحاء لا تخافون، وتوحيد سامِراً على المصدر «١»، أي: تسمرون سمرا كقولك: قوموا قائما، ويجوز حالا للحرم «٢» لأنّ السمر ظلّ القمر «٣»، يقال: جاء بالسّمر والقمر، أي: بكل شيء.
ويجوز السّامر جمعا «٤»، كالحاضر للحيّ الحلول «٥»، والباقر والجامل جمع البقر والإبل.
تَهْجُرُونَ: أي: القرآن. أو تقولون الهجر وهو البهتان «٦».
و «تهجرون» «٧» من الإهجار، وهو الإفحاش في القول «٨»، وفي الحديث «٩» :«إذ طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا».
٧١ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ: بشرفهم، بالرسول منهم، والقرآن بلسانهم «١٠».
(١) التبيان للعكبري: ٢/ ٩٥٨.
(٢) مشكل إعراب القرآن لمكي: ٢/ ٥٠٤، والبيان لابن الأنباري: ٢/ ١٨٧، والتبيان للعكبري: ٢/ ٩٥٨.
(٣) ذكره الزجاج في معانيه: ٤/ ١٨، وكذا النحاس في معاني القرآن: ٤/ ٤٧٥.
(٤) وهو قول المبرد في الكامل: ٢/ ٧٩٩، وقال: «وهم الجماعة يتحدثون ليلا».
وانظر معاني القرآن للنحاس: ٤/ ٤٧٥، وتهذيب اللّغة للأزهري: ٤/ ١٩٩، واللسان:
٤/ ١٩٧ (سمر).
(٥) في تهذيب اللغة: ٤/ ١٩٩: «والعرب تقول: حيّ حاضر بغير هاء إذا كانوا نازلين على ماء عدّ... ».
(٦) عن معاني القرآن للزجاج: ٤/ ١٨.
(٧) بضم التاء وكسر الجيم، وهي قراءة نافع كما في السبعة لابن مجاهد: ٤٤٦، وحجة القراءات: ٤٨٩، والتبصرة لمكي: ٢٧٠. [.....]
(٨) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٩٩، والكشف لمكي: ٢/ ١٢٩، والنهاية:
٥/ ٢٤٦، واللسان: ٥/ ٢٥١ (هجر).
(٩) ذكره أبو عبيد في غريب الحديث: ٢/ ٦٤ موقوفا على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وهو- أيضا- في غريب الحديث لابن الجوزي: ٢/ ٤٨٩، والنهاية: ٥/ ٢٤٦.
قال ابن الأثير: «يروى بالضم والفتح».
(١٠) نص هذا القول في تفسير الماوردي: ٣/ ١٠٣.
وانظر معاني القرآن للفراء: ٢/ ٢٣٩، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٩٩، وتفسير الطبري: ١٨/ ٤٣، ومعاني الزجاج: ٤/ ١٩.
٧٦ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ: بالجدب الذي أصابهم بدعائه عليه السلام «١».
٧٧ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ: يوم بدر «٢».
٨٧ سيقولون الله: لمطابقة السؤال في مَنْ، وذكر أنه في مصاحف الأمصار بغير ألف، إلّا مصحف أهل البصرة «٣»، فيكون على المعنى كقولك: من مولاك؟ فيقول: لفلان «٤».
(١) ثبت ذلك في أثر أخرجه النسائي في تفسيره: ٢/ ١٠٠ (السنن الكبرى) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا الطبري في تفسيره: (١٨/ ٤٤، ٤٥)، والطبراني في المعجم الكبير:
١١/ ٣٧٠ حديث رقم (١٢٠٣٨).
وأخرجه الحاكم في المستدرك: ٢/ ٣٩٤، كتاب التفسير، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأخرجه الواحدي في أسباب النزول: ٣٦٢، والبيهقي في دلائل النبوة: ٤/ ٨١.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ١١١، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٨/ ٤٥ عن ابن عباس، وابن جريج.
ونقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ١٠٤، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ١١٢، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ١٠/ ٣٨٩: «و «العذاب الشديد»
إمّا يوم بدر بالسيوف كما قال بعضهم، وإما توعد بعذاب غير معين، وهو الصواب لما ذكرناه من تقدم بدر للمجاعة».
(٣) قرأ أبو عمرو بن العلاء البصري، من السبعة، ويعقوب من القراء العشرة بإثبات الألف في لفظ الجلالة، وقرأ الباقون: لِلَّهِ بغير ألف.
ينظر السبعة لابن مجاهد: ٤٤٧، وحجة القراءات: ٤٩٠، والتبصرة لمكي: ٢٧٠، والغاية في القراءات العشر لابن مهران: ٢١٦، والنشر: ٣/ ٢٠٦.
وأورد الطبري- رحمه الله- القراءتين ثم قال: «والصواب من القراءة في ذلك أنهما قراءتان قد قرأ بهما علماء من القراء متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني مع ذلك أختار جميع ذلك بغير ألف، لإجماع خطوط مصاحف الأمصار على ذلك، سوى خط مصحف أهل البصرة».
(تفسير الطبري: ١٨/ ٤٨).
(٤) ينظر هذا المعنى في تفسير الطبري: (١٨/ ٤٧، ٤٨)، ومعاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢٠.
﴿ سيقولون لله ﴾ لمطابقة السؤال في " من ".
وذكر أنه في مصاحف الأمصار بغير ألف – إلا مصحف أهل البصرة –فيكون على المعنى كقولك : من مولاك ؟فيقول : لفلان١
١ الخلاصة: أنه ورد لفظ الجلالة في ثلاثة مواضع في الآيات"٨٥ - ٨٧- ٨٩"واختلف القراء في الاثنتين الأخرتين ولم يختلفوا في الأولى:
فقرأ أبو عمرو وحده(سيقولون لله)في الأولى بغير ألف. وفي الأخيرتين(سيقولون الله... الله)بالألف. وقراء الباقون(لله.. لله.. لله..)في المواضع الثلاثة بدون ألف. انظر: السبعة ص ٤٤٧والكشف ج٢ص١٣٠، وزاد المسير ج٥ ص٤٨٦ والدر المصون ج٨ص٣٦٢..

٩٧ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ: دفعهم/ بالإغواء إلى المعاصي.
١٠٠ وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ: من أمامهم حاجز، وهو ما بين الدنيا والآخرة «١» أو ما بين الموت والبعث «٢».
١٠١ وَلا يَتَساءَلُونَ: أن يحمل بعضهم عن بعض، ولكن يتساءلون عن حالهم وما عمّهم من البلاء، كقوله «٣» : فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ.
وسألت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أإنا نتعارف؟ فقال:
«ثلاث مواطن تذهل فيها كلّ نفس: حين يرمى إلى كلّ إنسان كتابه، وعند الموازين، وعلى جسر جهنم» «٤».
و «اللّفح» «٥» : إصابة سموم النّار «٦»، و «الكلوح» : تقلّص الشفتين عن الأسنان «٧».
(١) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن: ٢/ ٦٢، واليزيدي في غريب القرآن: ٢٦٨، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٣٠٠، وأخرجه الطبري في تفسيره: ١٨/ ٥٣ عن الضحاك.
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ١٨/ ٥٣ عن مجاهد، وابن زيد.
ونقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ١٠٥ عن ابن زيد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ١١٥، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وهناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي نعيم عن مجاهد.
(٣) سورة الصافات، آية: ٥٠.
(٤) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وأخرج- نحوه- الإمام أحمد في مسنده: ٦/ ١١٠، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد: (١٠/ ٣٦١، ٣٦٢) ثم قال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وقد وثّق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٥) من قوله تعالى: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ [آية: ١٠٤].
(٦) ينظر المفردات للراغب: ٤٥٢.
(٧) ورد هذا المعنى في حديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده: ٣/ ٨٨ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته».
وأخرجه- أيضا- الترمذي في سننه: ٥/ ٣٢٨، كتاب التفسير، باب «ومن سورة المؤمنون»، وقال: «هذا حديث حسن صحيح غريب».
والحاكم في المستدرك: ٢/ ٣٩٥، كتاب التفسير، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ١١٨، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في «صفة النار»، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.
وانظر تفسير الطبري: (١٨/ ٥٥، ٥٦)، ومعاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢٣. [.....]
واللفح : إصابة سموم النار.
والكلوح : تقلص الشفتين عن الأسنان.
١٠٨ اخْسَؤُا: اسكتوا وابعدوا. خسأته فخسأ وخسئ وانخسأ «١».
١١٤ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا: في الدنيا، أو في القبور بالإضافة إلى لبثهم في النّار «٢».
(١) ينظر تفسير الطبري: ١٨/ ٥٩، ومعاني الزجاج: ٤/ ٢٤، ومعاني النحاس: ٤/ ٤٨٨.
(٢) أورد الماوردي القولين في تفسيره: ٣/ ١٠٦ دون عزو.
وانظر تفسير البغوي: ٣/ ٣١٩، وزاد المسير: ٥/ ٤٩٥، وتفسير القرطبي: ١٢/ ١٥٥.
Icon