تفسير سورة الحشر

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الحشر من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ ﴾ ( ٢ ) يقول : فجاءَهُم الله، أي : جاءَهُم أمرُه، وقال بعضهم ﴿ فَآتاهُم اللهُ ﴾ أي : آتاهُم العذابَ، لأنك تقول : " أَتاهُ " و " آتاهُ " كما تقول : " ذَهَبَ " و " أَذْهَبَتهُ ".
وقال ﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ ﴾ ( ٥ ) وهي من " اللَّوْنِ " في الجماعة وواحدته " لِينَة " وهو ضرب من النخل، ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء.
وقال ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾ ( ٦ ) لأنك تقول : " فَاءَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا " و " أَفَاءَهُ اللهُ " كما تقول : " جَاءَ " و " أَجَاءَهُ اللهُ " وهو مثل " ذَهَبَ " و " أَذْهَبْتُهُ ".
وقال ﴿ كَيْلاَ يَكُونَ دُولَةً ﴾ ( ٧ ) و " الدُّوْلَةُ " في هذا المعنى أن يكون ذلك المال مرة لهذا ومرة لهذا وتقول : " كانَتْ لَنَا عَلَيْهِم الدَوْلَة ". وأما انتصابها فعلى " كَيْلاَ يكونَ الفَيْءُ دُوْلَةً " و " كيلا تكون دُوْلَةً " أي : " لا تكون الغنيمةُ دُوَلةً " [ و ] يزعمون أنَّ " الدَوْلَة " أيضا في المال لُغةٌ لِلْعَرَب، ولا تكاد تعرف " الدَوْلَةٌ في المال ".
وقال ﴿ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً [ ١٧٥ ب ] مِّمَّا أُوتُواْ ﴾ أي : مِمّا أُعْطُوا.
وقال ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ﴾ ( ١٢ ) فرفع الآخر لأنه معتمد لليمين لأن هذه اللام التي في أول الكلام انما تكون لليمين كقول الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد السبعون بعد المئتين ] :
لَئِنْ عادَ لِي عبدُ العَزِيزِ بِمِثْلِهَا وَأَمكَنَنِي مِنْها إِذاً لا أُقِيلُها.
وقال﴿ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ ( ١٧ ) فنصب الخالدَيْن على الحال و﴿ فِي النَّارِ ﴾ خبر. ولو كان في الكلام " إِنَّهُما في النارِ " كانَ الرفعُ في ﴿ خالدَيْنِ ﴾ جائزا. وليس قولهم : إذَا جِئْتَ ب " فِيها " مرتين فهو نصب " بشيء ". إِنّما " فيها " توكيد جئت بها أو لم تجيء بها فهو سواء. ألا ترى أن العرب كثيرا ما تجعله حالا إِذَا كان فيها التوكيد وما أشبهه. وهو في القرآن منصوب في غير مكان. قال ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾.
Icon