تفسير سورة النازعات

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة النازعات من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

٧٩ شرح إعراب سورة النازعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة النازعات (٧٩) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١)
وَالنَّازِعاتِ خفض بواو القسم، وقيل التقدير وربّ النازعات، وروى شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله و «النازعات» قال: الملائكة وروى شعبة عن السّدّي عن أبي صالح عن ابن عباس والنَّازِعاتِ قال: ينزع نفسه فصار التقدير والملائكة النازعات غَرْقاً مصدر. قال سعيد بن جبير: تنزع نفوسهم ثم تغرق ثم تحرق ثم يلقى بها في النار. والتقدير ورب النازعات والمعنى: فتغرق النفوس فتغرق غرقا، وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [نوح: ١٧].
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢]
وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢)
وَالنَّاشِطاتِ معطوف على النازعات أي الجاذبات الأرواح بسرعة يقال: نشطه إذا جذبه بسرعة إلا أن الفراء «١» حكى نشطه إذا ربطه، وأنشطه حلّه وحكي عن العرب:
كأنما أنشط من عقال وخولف في هذا واستشهد مخالفه بقوله: [الرجز] ٥٣٦- أضحت همومي تنشط المناشطا «٢»
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣]
وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣)
معطوف أي: والملائكة السابحات أي السريعات، وقال عطاء: السَّابِحاتِ السفن سَبْحاً مصدر.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤]
فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤)
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٣٠.
(٢) الشاهد لهيمان بن قحافة في تفسير الطبري ٣٠/ ٢٩، واللسان (نشط)، وتمامه:
فَالسَّابِقاتِ معطوف أي: والملائكة السابقات الشياطين بالوحي، وقال عطاء:
السابقات الخيل سَبْقاً مصدر.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٥]
فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)
فَالْمُدَبِّراتِ عطف أي والملائكة. قال: ولا اختلاف بين أهل العلم في هذا أنه يراد به الملائكة وهو مجاز لأن الله جلّ وعزّ هو المدبر الأشياء. قال: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ [السجدة: ٥] فلما كانت الملائكة صلوات الله عليهم ينزلون بالوحي والأحكام وتصريف الأمطار قيل لهم مدبرات على المجاز. قال الفراء «١» : كما قال فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ [البقرة: ٩٧] فنسب التنزيل إلى جبرائيل عليه السّلام والله الذي نزله، وكذا نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء: ١٩٣]. أَمْراً منصوب على المصدر، ويجوز أن يكون التقدير فالمدبّرات بأمر من الله حذفت الباء فتعدى الفعل، وأنشد سيبويه: [البسيط] ٥٣٧-
«أمست همومي تنشط المناشطا الشام بي طورا وطورا واسطا»
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب «٢»
فأما جواب القسم ففيه أربعة أقوال أصحها وأحسنها أنه محذوف دلّ عليه دلالة واضحة، والمعنى والنازعات لتبعثنّ فقالوا: أنبعث إذا كنا عظاما نخرة فقولهم: أَإِذا كُنَّا يدلّ على ذلك المحذوف، وقيل: الجواب إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦) وهذا بعيد لأنه قد تباعد ما بينهما، وقيل حذفت اللام فقط. والتقدير: ليوم ترجف الراجفة وهذا أيضا أبعد من ذاك لأن اللام ليست مما يحذف لأنها تقع على أكثر الأشياء فلا يعلم من أين حذفت ولو جاز حذفها لجاز والله زيد منطلق، بمعنى اللام. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس الرَّاجِفَةُ النفخة الأولى، والرَّادِفَةُ الثانية روى أبو هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بينهما أربعون.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٨]
قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨)
مبتدأ وخبر. قال عطاء: واجفة متحركة، وقال غيره: خائفة.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٩]
أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩)
مبتدأ وخبره أنهم أذلاء لفضيحتهم يوم القيامة من معاصيهم وتم الكلام.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١٠]
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠)
يَقُولُونَ أي في الدنيا. أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ روى ابن أبي طلحة عن ابن
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٣٠.
(٢) مرّ الشاهد رقم (٥١).
عباس فِي الْحافِرَةِ قال: يقول في الحياة، وقال ابن زيد: في النار، وقال مجاهد:
في الأرض والتقدير على قول مجاهد في الأرض المحفورة أي في القبر مثل مِنْ ماءٍ دافِقٍ [الطارق: ٦] أي مدفوق، وحقيقته في العربية من ماء ذي دفق وعلى قول ابن عباس فِي الْحافِرَةِ نحيا كما حيينا أو لا مرة.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١١]
أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١)
صحيحة عن ابن عباس رواها ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس وصحيحة عن ابن الزبير ومروية عن عمر، وابن مسعود، فهؤلاء أربعة من الصحابة وهي مع هذا قراءة ابن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي. وهي أشبه برءوس الآيات التي قبلها وبعدها. وقراءة نَخِرَةً «١» أهل الحرمين والحسن وأبو عمرو فالقراءتان حسنتان لأن الجماعة نقلتهما.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١٢]
قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢)
قيل: المعنى رجعة وردة وجعلوها خاسرة لأنهم وعدوا فيها بالنار.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ١٣ الى ١٤]
فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)
فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) قال سفيان: الساهرة أرض بالشام، وقال سعيد عن قتادة:
الساهرة جهنم، قال أبو جعفر: والساهرة في كلام العرب الأرض الواسعة المخوفة التي يسهر فيها للخوف، وزعم أبو حاتم: أن التقدير فإذا هم بالسّاهرة والنّازعات. وهذا غلط بيّن، لأن الفاء لا يبتدأ بها والنازعات أول السورة وهذا القول الرابع في جواب القسم.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١٥]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥)
تكون هَلْ بمعنى «قد» وقد حكى ذلك أهل اللغة وقد تكون على بابها.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١٦]
إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦)
طُوىً بالتنوين وضم الطاء قراءة ابن عامر والكسائي، وقراءة أهل المدينة وأبي عمرو بغير تنوين وبضم الطاء، وقراءة الحسن طُوىً «٢» بكسر الطاء والتنوين ومعناه عنده بالوادي الذي قدّس مرتين ونودي فيه. والقراءة بضم الطاء والتنوين على أنه اسم للوادي وليس بمعدول إنما هو مثل قولك: حطم فلذلك صرف، ومن لم يصرفه جعله كعمر معدولا إلا أن الفراء «٣» ينكر ذلك لأنه زعم أنه لا يعرف في كلام العرب اسما من
(١) انظر تيسير الداني ١٧٨.
(٢) انظر تيسير الداني ١٢٢، والبحر المحيط ٨/ ٤١٣.
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٣٣.
ذوات الياء والواو معدولا من فاعل إلى فعل. قال أبو جعفر: يجوز أن يكون ترك الصرف على أنه اسم للبقعة فيكون على غير ما تأول، وقد قرأ به غير منوّن من تقوم الحجة بقوله.
اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) من قال في المستقبل: يطغى قال: طغيت وهو الطغيان ومن قال: يطغو قال: طغوت.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١٨]
فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨)
قراءة أهل المدينة وقراءة أبي عمرو تَزَكَّى «١» بتخفيف الزاي، والمعنى والتقدير في العربية واحد. لأن أصل تزكى تتزكى فحذفت التاء. ومن قال: تزّكّى أدغمها. ولا يعرف التفريق بينهما. قال ابن زيد: «تزكّى» تسلم، قال: وكلّ تزكية في القرآن إسلام.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ١٩]
وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩)
وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ عطف وكذا فَتَخْشى أي فتخشى عقابه بترك معاصيه.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٠]
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠)
مما لا يجوز حذف الألف واللام منه ولا يؤتى به نكرة.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢١]
فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١)
معنى الفاء أنها تدلّ على أن الثاني بعد الأول. والواو للاجتماع. هذا أصلها.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٢]
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢)
في موضع الحال.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)
فَحَشَرَ وحذف المفعول أي وحشر قومه ما قال ابن زيد: جمع قومه فَنادى فيهم فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤).
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٥]
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥)
قال الفراء: أي فأخذه الله أخذا نكالا للآخرة والأولى.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٦]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦)
أي يخشى عقاب الله كما نزل بغيره لما عصى؟
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٧]
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧)
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ أي لم تنكرون البعث وخلق السماء أشد من بعثكم.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٨]
رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨)
أي سقفا للأرض.
(١) انظر تيسير الداني ١٧٨، والبحر المحيط ٨/ ٤١٣.

[سورة النازعات (٧٩) : آية ٢٩]

وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩)
وَأَغْطَشَ لَيْلَها إضافة مجاز لأن معنى اللّيل ذهاب الشمس فلمّا كانت تغيب في السماء قيل ليلها كما يقال: سرج الدّابة، وكذا وَأَخْرَجَ ضُحاها.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣٠]
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)
وَالْأَرْضَ منصوب بإضمار فعل أي ودحا الأرض، وزعم الفراء «١» : أن النصب والرفع جائزان وأنه مثل وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس: ٣٩] يعني في الرفع والنصب.
قال أبو جعفر: بينهما فرق. لأن قوله: الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ الرفع فيه حسن لأن تقديره وآية لهم القمر. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) الرفع فيها بعد لأن قبلها ما عمل فيه الفعل ولا يتعلق بشيء مرفوع فهذا فرق بيّن ولا نعلم أحدا قرأ «والأرض» بالرفع «والقمر» بالرفع قرأ به الأئمة. وفي الآية إشكال لأنه قال تعالى: قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصّلت: ٩] وبعده ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فدلّ على خلق السماء كان بعد خلق الأرض وهاهنا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) فمن أصحّ ما قيل في هذا وأحسنه ما رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: خلق الله جلّ وعزّ الأرض قبل السماء فقدّر فيها أقواتها، ولم يدحها، ثم خلق السماء ثم دحا الأرض بعدها، وقال مجاهد والسديّ: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أي مع ذلك دحاها، كما قال جلّ وعزّ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [القلم: ١٣] قال أبو جعفر: القول الأول أولى أن يكون الشيء على بابه. ومعنى الدّحو في اللغة البسط، يقال: دحوت أدحو ودحيت أدحي ومن الثاني سمي دحية.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣٢]
وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢)
على إضمار فعل أيضا.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣٣]
مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣)
قال الفراء «٢» أي خلق ذلك منفعة لكم ومتعة قال: ويجوز الرفع مثل مَتاعٌ قَلِيلٌ [آل عمران: ١٩٧].
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣٤]
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤)
روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: القيامة عظم الله أمرها وحذّر منه. قال أبو جعفر: العرب إذا عظّمت الشيء وصفته بالطامة.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣٥]
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥)
أي إذا قرأ كتابه ورأى محلّه تذكّر عمله.
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٣٣. [.....]
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٢٣.

[سورة النازعات (٧٩) : آية ٣٦]

وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦)
أنّث الجحيم لمعنى النار، وهو نعت لها هاهنا.
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]
فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩)
مَنْ في موضع رفع بالابتداء وخبره فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) والتقدير عند الكوفيين فهي مأواه، والألف بدل من الضمير والتقدير عند البصريين هي المأوى له.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤٠]
وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠)
وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ أي مقام الحساب على معاصيه. وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى وهو الميل إلى ما لا يحسن.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤١]
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١)
كالذي تقدّم.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤٢]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢)
قال الفراء «١» : يقال إنما الإرساء للسفينة والجبال وما أشبههن فكيف وصفت الساعة بالإرساء؟ فالجواب أنها كالسفينة إذا جرت ثم رست ورسوها قيامها وليس كقيام القائم على رجله ونحوه ولكن كما تقول: قام العدل، وقام الحقّ أي ظهر وثبت.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤٣]
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣)
أي ليس إليك ذكرها لأنك لم تعرف وقتها. والأصل «في ما» حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر فإنّ قبل ما حرفا خافضا، والوقوف عليه فيمه لا يجوز غيره لئلا تذهب الألف وحركة الميم، والصواب أن لا يوقف عليه لئلا يخالف السواد في زيادة الهاء أو يلحن إن وقف عليه بغير الهاء.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤٤]
إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤)
في موضع رفع بالابتداء أي منتهى علمها.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤٥]
إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥)
وقرأ أبو جعفر وابن محيصن وطلحة مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها «٢» بالتنوين وهو الأصل وإنما يحذف تخفيفا.
[سورة النازعات (٧٩) : آية ٤٦]
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (٤٦)
أي زال عنهم ما كانوا فيه فلم يفكروا في ما مضى وقلّ عندهم، وكان في هذا معنى التنبيه لمن اغتر بالدنيا وسلامته فيها في أنه سيتركها عن قليل ويذهب عنه ما كان يجد فيها من اللّذة والسرور فكأنه لم يلبث فيها إلا عشيّة أو ضحاها.
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٣٤.
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٤١٦.
Icon