تفسير سورة النحل

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة النحل من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة النحل مكية أو إلا ثلاث آيات ﴿ ولا تشتروا بعهد الله ﴾ إلى قوله ﴿ بأحسن ما كانوا يعملون ﴾ [ ٩٥ - ٩٧ ].

١ - ﴿أَتَى﴾ دنا، أو سيأتي، أو على حقيقة إتيانه في ثبوته واستقراره. ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾ القيامة، أو وعيد المشركين، أو فرائض الله - تعالى - وأحكامه.
٢ - ﴿بِالرُّوحِ﴾ الوحي " ع " أو كلام الله - تعالى -، أو الحق الواجب الاتباع، أو أرواح الخلق لا ينزل ملك إلا معه روح قاله مجاهد
٤ - ﴿خَصِيمٌ﴾ محتج في الخصومة. ذكر ذلك تعريفاً لقدرتهن أو لنعمته، أو لقبح ما ضيعه من شكر النعمة بمخاصمته في الكفر " ح " قيل نزلت في أبي بن خلق الجمحي أخذ عظاماً نخرة فذراها وقال أنُعاد إذا صرنا كذا؟
186
والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بشقٍ الأنفس إن ربّكم لرءوفٌ رحيمٌ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائرٌ ولو شاء لهداكم أجمعين}
187
٥ - ﴿دفءٌ﴾ لباس " ع "، أو ما استدفأت به من أصوافها وأوبارها وأشعارها. ﴿وَمَنَافِعُ﴾ الركوب والعمل ﴿تَأْكُلُونَ﴾ اللحم واللبن.
٨ - ﴿مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ من الخلق عند الجمهور، أو نهر تحت العرش " ع ". {هو الذي انزل من السماء ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ فيه تسيمون
187
ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقومٍ يتفكرون وسخر لكم الّيل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لايات لقومٍ يعقلون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لأيةٌ لقوم يذكرون وهو الذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حليةً تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون.
188
١٤ - ﴿مَوَاخِرَ﴾ تشق الماء عن يمين وشمال، والمخر: شق الماء وتحريكه، أو ما تمخر الريح من السفن والمخر صوت هبوب الريح، أو تجري بريح واحدة مقبلة ومدبرة، أو تجري معترضة، أو المواخر: المواقد. ﴿وألقى في الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون وعلامات والنجم هم يهتدون أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الله لغفورٌ رحيمٌ﴾
١٦ - ﴿وعلامات﴾ معالم الطرق بالنهار ﴿والنجم هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ بالليل " ع "، أو النجوم منها ما يهتدى به ومنها ما هو علامة لا يهتدى بها، أو الجبال.
١٨ - ﴿لا تُحْصُوهَآ﴾ لا تحفظوها، أو لا تشكروها. {والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون إلهكم إلهٌ واحد
188
فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرةٌ وهم مستكبرون لا جرم أنّ الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأولين ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علمٍ ألا ساء ما يزرون قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين}
189
٢٦ - ﴿فأتى الله بنيانهم﴾ هدمه من أساسه، أومثل ضربه الله - تعالى - لاستئصالهم ﴿السَّقْفُ﴾ أتاهم من السماء التي هي سقفهم " ع "، أو سقطت أعالي بيوتهم وهم تحتها فلذلك قال: ﴿مِن فوقهم﴾ إذا لا يكون فوقهم إلا وهم تحته. وهم نمروذ بن كنعان وقومه " ع "، أو بختنصر وأصحابه، أو المقتسمين المذكورن في سورة الحجر. ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى ان الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين﴾ ٢٨ - ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ﴾ قيل نزلت فيمن أسلم بمكة ولم يهاجر فأخرجتهم قريش إلى بدر فقُتلوا ﴿تَتَوَفَّاهُمُ﴾ تقبض أرواحهم
189
﴿ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ﴾ بالمقام بمكة وترك الهجرة ﴿فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ﴾ في خروجهم معهم ﴿مِن سُوءِ﴾ كفر ﴿بلي﴾ علمكم أعمال الكفار، والسَّلَم: الصلح، أو الاستسلام، أو الخضوع. {وقيل للذين أتقوا ماذا أنزل ربّكم قالوا خيراً للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ ولدار الآخرة خيرٌ ولنعم دار المتقين جنات عدنٍ يدخلونها تجري من تحتها الأنهار
190
لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين الذي تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}
191
﴿ الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ قيل نزلت فيمن أسلم بمكة ولم يهاجر فأخرجتهم قريش إلى بدر فقُتلوا ﴿ تتوفاهم ﴾ تقبض أرواحهم ﴿ ظالمي أنفسهم ﴾ بالمقام بمكة وترك الهجرة ﴿ فألقوا السّلَم ﴾ في خروجهم معهم ﴿ من سوء ﴾ كفر ﴿ بلى ﴾ علمكم أعمال الكفار، والسَّلَم : الصلح، أو الاستسلام، أو الخضوع.
٣٢ - ﴿طيبين) {صالحين﴾ (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيءٍ نحن ولا ءاباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيءٍ كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقّت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضلّ وما لهم من ناصرين وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعداً عليه حقاً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنّما قولنا لشىءٍ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبؤئنّهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعملون الذين صبروا وعلى ربّهم يتوكلون} ٤١ - ﴿ظُلِمُواْ﴾ ظلمهم أهل مكة بإخراجهم إلى الحبشة بعد العذاب
191
والإبعاد. ﴿حَسَنَةً﴾ نزول المدينة " ع "، أو الرزق الحسن نزلت في أبي جَندل بن سهيل، أو في بلال وعمار وخباب بن الأرتْ عُذبوا حتى قالوا ما أراده الكفار فلما خلوهم هاجروا. ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ٤٤﴾
192
﴿ ظُلموا ﴾ ظلمهم أهل مكة بإخراجهم إلى الحبشة بعد العذاب والإبعاد. ﴿ حسنة ﴾ نزول المدينة " ع "، أو الرزق الحسن نزلت في أبي جندل بن سهيل، أو في بلال وعمار وخباب بن الأرتّ عُذبوا حتى قالوا ما أراده الكفار فلما خلوهم هاجروا.
٤٣ - ﴿الذِّكْرِ﴾ العلماء بأخبار القرون الخالية يعلمون أن الله - تعالى - ما بعث رسولاً إلا من رجال الأمة ولم يبعث ملكاً أو أهل الكتاب خاصة
192
" ع "، أو أهل القرآن.
193
٤٤ - ﴿إليك الذكر﴾ القرآن، أوالعلم. ﴿أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربّكم لرءوف رحيم﴾ ٤٦ - ﴿تقلبهم﴾ سفرهم.
﴿ تقلبهم ﴾ سفرهم.
٤٧ - ﴿تَخَوُّفٍ﴾ تنقص يهلك واحداً بعد واحد فيخافون الفناء " ع "، أو على تقريع وتوبيخ بما قدموه / [٩٥ / ب] من ذنوبهم " ع "، أو يهلك قرية فتخاف القرية الأخرى. ﴿أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىءٍ يتفيّؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجّداً لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ٥٠﴾ ٤٨ - ﴿يتفيأ ظِلالُهُ﴾ يرجع، والفيء: الرجوع وبه سمى الظل بعد الزوال لرجوعه، أو يتميل " ع "، أو يدور، أو يتحول. ﴿الْيَمِينِ وَالشَّمَآئِلِ﴾ تارة جهة اليمين وتارة إلى جهة الشمال " ع "، أو اليمين أول النهار والشمال آخره ﴿سُجَّداً﴾ ظل كل شيء سجوده، أو سجود الظل بسجود شخصه، أو سجود الظلال كسجود الأشخاص تسجد خاضعة لله ﴿دَاخِرُونَ﴾ صاغرون خاضعون.
﴿ يتفيأ ظلاله ﴾ يرجع، والفيء : الرجوع وبه سمي الظل بعد الزوال لرجوعه، أو يتميل " ع "، أو يدور، أو يتحول. ﴿ اليمين والشمائل ﴾ تارة جهة اليمين وتارة إلى جهة الشمال " ع "، أو اليمين أول النهار والشمال آخره ﴿ سُجّدا ﴾ ظل كل شيء سجوده، أو سجود الظل بسجود شخصه، أو سجود الظلال كسجود الأشخاص تسجد خاضعة لله ﴿ داخرون ﴾ صاغرون خاضعون.
٥٠ - ﴿رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ﴾ عذاب ربهم لأنه ينزل من فوقهم من السماء، أو قدرته التي هي فوق قدرتهم. {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنّما هو إله واحدٌ فإياي فارهبون وله ما في السموات والأرض وله الدّين واصباً أفغير الله تتقون وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا
193
مسّكم الضر فإليه تجئرون ثمّ إذا كشف الضر عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون}
194
٥٢ - ﴿الدِّينُ) الإخلاص، أو الطاعة {وَاصِباً﴾ واجباً " ع "، أو خالصاً أو دائماً " ح "، عذاب واصب: دائم.
٥٣ - ﴿الضر﴾ القحط، أو الفقر ﴿تجأرون﴾ تضرعون بالدعاء، أو تضجون وهو الصياح من جؤار الثور وهو صياحه. ﴿ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم تالله لتسئلن عما كنتم تفترون ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هونٍ أم يدسه في التراب إلا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم﴾
٥٨ - ﴿مُسْوَدّاً﴾ أسود اللون عند الجمهور، أو متغير اللون بسواد أو غيره. ﴿كَظِيمٌ﴾ حزين " ع "، أو كظم غيظه فلا يظهره، أو مغموم انطبق فوه من الغم، من الكظامة وهو شدُّ فَمِ القربة.
٥٩ - ﴿هُونٍ﴾ الهوان بلغة قريش، أو القليل بلغة تميم ﴿يدسه﴾ يريد الموءودة.
194
﴿ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابةْ ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعةً ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون تا لله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون﴾
195
٦٢ - ﴿ما يكرهون﴾ البنات ﴿الحسنى﴾ البنين، أو جزاء الحسنى ﴿لا جَرَمَ﴾ حقاً أو قطعاً، أو اقتضى فعلهم أن لهم النار [أو] بلى إن لهم النار " ع " ﴿مُّفْرَطُونَ﴾ منسيون، أو مضيعون، أو مبعدون في النار، أو متروكون فيها أو مقدمون إليها ومنه " أنا فرطكم على الحوض " أي متقدمكم، ﴿مُفْرِطون﴾
195
مسرفون في الذنوب من الإفراط فيها، ﴿مُفَرِّطون﴾ في الواجب. ﴿وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون﴾
196
٦٧ - ﴿سَكَراً﴾ السكر: الخمر، والرزق الحسن: التمر والرطب والزبيب، نزلت قبل تحريم الخمر، أو السكر: ما حرم من شرابه والرزق الحسن: ما حل من ثمرته، أو السكر: النبيذ، والرزق الحسن: التمر والزبيب، أو السكر: الخل بلغة الحبشة والرزق الحسن: الطعام، أو السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن. وجعلتَ عيب الأكرمين سكراً أي جعلت ذمهم طعماً. ﴿وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون﴾
٦٨ - ﴿وَأَوْحَى﴾ ألهمها، أو سخرها أو جعله في غرائزها بما يخفي مثله إلى غيرها ﴿يَعْرِشُونَ﴾ يبنون، أو الكروم.
٦٩ - ﴿ذُلُلاً﴾ مذللة، أو مطيعة، أو لا يتوعر عليها مكان تسلكه، أو الذلل صفة للنحل بانقيادها إلى أصحابها وذهابها حيث ذهبوا. ﴿مًّخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ﴾ لاختلاف أغذيته ﴿فِيهِ شِفَآءٌ﴾ الضمير للقرآن، أو للعسل. ﴿والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون﴾
٧٠ - ﴿أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ أوضعه وأنقصه عند الجمهور، أو الهرم، أو ثمانون سنة، أو خمس وسبعون.
٧١ - ﴿فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ السادة على العبيد، أو الأحرار بعضهم على بعض عند الجمهور ﴿فِى الرِّزْقِ﴾ بالغنى والفقر والضيق والسعة ﴿فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ﴾ لما لم يشركهم عبيدهم في أموالهم لم يجز أن يشاركوا الله - تعالى - في ملكه " ع "، أو هم وعبيدهم سواء في أن الله - تعالى - رزق الجميع، وأن أحداً لا يقدر على رزق عبده / [٩٦ / أ] إلا أن يرزقه الله - تعالى - أياه كما لا يقدر على رزق نفسه. ﴿والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون﴾ ٧٢ - ﴿مِّن أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ خلق حواء من آدم ﴿وَحَفَدَةً﴾ أصهار الرجل على بناته، أو أولاد الأولاد " ع "، أو بنو زوجة الرجل من غيره " ع " أو الأعوان، أو الخدم، والحفدة جمع حافد وهو المسرع في العمل، " نسعى ونحفد ": نسرع إلى العمل بطاعتك.
197
ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شىءٍ ومن رزقناه منّا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً هل يستون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلاُ رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌ على مولاه أينما يوجهه لايأتْ بخيرٍ هل يستوى وهو ومن يأمر بالعدل هو على صراط مستقيم ٧٦}
198
﴿ من أنفسكم أزواجا ﴾ خلق حواء من آدم ﴿ وحفدة ﴾ أصهار الرجل على بناته، أو أولاد الأولاد " ع "، أو بنو زوجة الرجل من غيره أو الأعوان، أو الخدم، و الحفدة جمع حافد وهو المسرع في العمل، ' نسعى ونحفد ' : نسرع إلى العمل بطاعتك.
٧٥ - ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً﴾ مثل للكافر والمؤمن، فالكافر لا يقدر على شيء من الخير، والرزق الحسن مما عند المؤمن من الخير " ع "، أو مثل للأوثان التي لا تملك شيئاً تُعبد دون الله - تعالى - الذي يملك كل شيء.
٧٦ - ﴿رَّجُلَيْنِ﴾ مثل لله - تعالى - وللوثن الأبكم الذي لا يقدر على شيء، والذي يأمر بالعدل هو الله - عز وجل -، أو الأبكم: الكافر، والذي يأمر بالعدل المؤمن " ع " أو الأبكم غلام لعثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - كان يعرض عليه الإسلام فيأبى والذي يأمر بالعدل عثمان - رضي الله تعالى عنه -. ﴿ولله غيب السموات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىءٍ قديرٌ والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لأيات لقومٍ يؤمنون﴾
٧٧ - ﴿وما أمر الساعة﴾ سألت قريش الرسول [صلى الله عليه وسلم] عن الساعة استهزاء
198
فنزل ﴿ولله غيب السموات وَالأَرْضِ﴾ يريد قيام الساعة وسميت ساعة لانها جزء من يوم القيامة وأجزاء اليوم ساعاته. ﴿والله جعل لكم من بيوتكم سكناً وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون فإنما تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ويوم نبعث من كل أمةٍ شهيداً ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رءا الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هولاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنّكم لكاذبون ٨٦ وألقوا إلى الله يؤمئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون ويوم نبعث في كل أمةٍ شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىءٍ وهدى ورحمةً وبشرى للمسلمين﴾
199
٨١ - ﴿مِّمَّا خَلَقَ ظِلالاً﴾ الشجر ﴿أَكْنَاناً﴾ يستكن فيها جمع كن
199
﴿سَرَابِيلَ﴾ ثياب الكتان والقطن والصوف، والتي تقي الناس: دروع الحرب، ذكر الجبال والحر ولم يذكر السهل والبرد لغلبة الجبال والحر على بلادهم دون البرد والسهل، فَمَنَّ عليهم بما يختص بهم، أو اكتفى بذكر الجبال والحر عن ذكر السهل والبرد فالمنة فيهما آكد.
200
٨٣ - ﴿نعمة الله﴾ محمد [صلى الله عليه وسلم] يعرفون نبوته ثم يكذبونه، أو نعمه المذكورة في هذه السورة ثم ينكرونها بقولهم: ورثناها عن آبائنا، أو إنكارها قولهم: لولا فلان لما أصبت كذا وكذا، أو معرفتهم: اعترافهم أن الله رزقهم وأنكارهم قولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا، قال الكلبي تسمى هذه السورة سورة النعيم لتعديد النعم فيها. ﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ أراد جميعهم، أو فيهم من حكم بكفره تبعاً كالصبيان والمجانين فذكر المكلفين. ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون﴾
٩٠ - ﴿بِالْعَدْلِ﴾ شهادة التوحيد ﴿وَالإِحْسَانِ﴾ الصبر على طاعته في أمره ونهيه سراً وجهراً ﴿وإيتاء ذِى الْقُرْبَى﴾ صلة الرحم، والفحشاء: الزنا. والمنكر: القبائح، والبغي: الكبر والظلم، أو العدل: القضاء بالحق، والإحسان: التفضل بالإنعام، وإيتاء ذي القربى: صلة الأرحام، والفحشاء: ما يُسر من القبائح، والمنكر: ما يُظهر منها فينكر، والبغي ما يتطاول به من ظلم وغيره، أو العدل استواء السريرة والعلانية في العمل لله، والإحسان فضل السريرة على العلانية، والمنكر والبغي فضل العلانية على السريرة. {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمةٌ هي أربى من أمةٍ إنما يبلوكم الله به ولبينّن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء
200
الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن يضل من يشاء ويهدى من يشاء ولتسئلن عمّا كنتم تعملون ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ولا تشتروا بعد الله ثمنا قليلاً إنما عند الله هو خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
201
٩١ - ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ نزلت في بيعة الرسول [صلى الله عليه وسلم] على الإسلام أو في الحلف الواقع في الجاهلية بين أهل الشرك والإسلام فجاء الإسلام بالوفاء به، أو في كل يمين / [٩٦ / ب] منعقدة يجب الوفاء بها ما لم تدعُ ضرورة إلى الحنث، وقول الرسول [صلى الله عليه وسلم] " فليأتِ الذي هو خير " محمول على الضرورة دون المباح، وأهل الحجاز يقولون: وكدت توكيداً وأهل نجد أكدت تأكيداً.
٩٢ - ﴿كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا﴾ امرأة حمقاء بمكة كانت تغزل الصوف ثم تنقضه بعد إبرامه. فشبه ناقض العهد بها في السفه والجهل تنفيراً من ذلك
201
﴿غَزْلَهَا﴾ عبّر عن الحبل بالغزل، أو أراد الغزل حقيقة ﴿قُوَّةٍ﴾ إبرام، أو القوة: ما غزل على طاقة ولم تثن ﴿أَنكَاثاً﴾ أنقاضاً واحدها نكث، وكل شيء نقض بعد الفتل فهو أنكاث ﴿دَخَلاً﴾ غروراً، أو دغلاً وخديعة، أو غلاً وغشاً، أو أن يكون داخل القلب من الغدر غير ما في الظاهر من الوفاء، أو الغدر والخيانة. ﴿أَرْبَى﴾ أكثر عدداً وأزيد مدداً فتغدر بالأقل. ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾
202
٩٧ - ﴿حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ بالرزق الحلال " ع "، أو القناعة، أو الإيمان بالله - تعالى - والعمل بطاعته، أو السعادة " ع "، أو الجنة. ﴿فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرّجيم إنّه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربّهم يتوكّلون إنّما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ١٠٠﴾
٩٨ - ﴿قَرَأْتَ﴾ أردت، أو إذا كنت قارئاً فاستعذ، أو تقديره فإذا استعذت بالله فاقرأ على التقديم والتأخير.
٩٩ - ﴿سُلْطَانٌ﴾ قدره على حملهم على ذنب لا يغفر، أو حجة على ما يدعوهم إليه من المعصية، أو لا سلطان له عليهم لاستعاذتهم بالله - تعالى - لقوله - تعالى -: ﴿وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ﴾ [الأعراف: ٢٠٠]، أو لا سلطان له عليهم بحال لقوله - سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتبعك﴾ [الحجر: ٤٢].
١٠٠ - ﴿بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ بالله، أو أشركوا الشيطان في أعمالهم، أو لأجل
202
الشيطان وطاعته أشركوا. ﴿وإذا بدّلنا ءايةً مكان ءايةٍ والله أعلم بما ينزّل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ١٠١ قل نزّله روح القدس من رّبّك بالحق ليثبّت بالذين ءامنوا وهدى وبشرى للمسلمين﴾
203
١٠١ - ﴿بَدَّلْنَآ﴾ نسخناها حكماً وتلاوة، أو حكماً دون التلاوة ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ جواز النسخ والله - تعالى - أعلم بالمصلحة فيما ينزله ناسخاً ومنسوخاً. ﴿ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشرٌ لسان الذي يلحدون إليه أعجمىٌ وهذا لسان عربيٌ مبين إن الذين لا يؤمنون بئايات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بئايات الله وأولئك هم الكاذبون﴾
١٠٣ - ﴿بشر﴾ بلعام فتى بمكة كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] يدخل عليه ليعلمه فاتهموا الرسول [صلى الله عليه وسلم] بأنه يتعلم منه، أو يعيش عبد بني الحضرمي كان
203
الرسول [صلى الله عليه وسلم] يلقنه القرآن، أو غلامان صيقلان لبني الحضرمي من أهل عين التمر كانا يقرآن التوراة فربما جلس إليهما الرسول [صلى الله عليه وسلم]، أو سلمان الفارسي ﴿يُلْحِدُونَ﴾ يميلون، أو يعرضون به. والعرب يعبّرون عن الكلام باللسان. ﴿مَن كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من الله ولهم عذاب عظيمٌ ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأنّ الله لا يهدى القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنّهم في الآخرة هم الخاسرون ١٠٩ ثم إن ربّك للّذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ يوم تأتى كل نفسٍ تجادل عن نفسها وتوفى كل نفسٍ ما عملت وهم لا يظلمون﴾
204
١٠٦ - ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ﴾ نزلت في عبد الله بن أبي سرح ومِقْيسَ بن صُبَابة
204
وعبد الله بن خطل وقيس بن الوليد بن المغيرة كفروا بعد إيمانهم ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ﴾ نزلت في عمار وأبويه ياسر وسمية، أوفي بلال وصهيب وخباب أظهروا الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان.
205
وضرب الله مثلاً قريةً كانت ءامنةً مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكانٍ فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون وقد جاءهم رسولٌ منهم فكّذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون}
206
١١٢ - ﴿قرية كانت آمنة﴾ مكة، وسمي الجوع والخوف لباساً، لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس، بلغ بهم القحط أن أكلوا القد والعلهز وهو الوبر يخلط بالدم " والقراد ثم " يؤكل " ع "، أو المدينة آمنت بالرسول [صلى الله عليه وسلم] ثم كفرت بعده بقتل عثمان - رضي الله تعالى عنه - وما حدث فيها من الفتن قالته حفصة، أو كل مدينة كانت على هذه [٩٧ / أ] الصفة من سائر القرى. {فكلوا ممّا رزقكم الله حلالاً طيّباً واشكروا نعمت الله إن كنتم إيّاه تعبدون إنّما حرّم عليكم الميتة والّدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله
206
به فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ ٣ وعلى الذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السوء بجهالةٍ ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}
207
١١٢ - ﴿حَسَنَةً﴾ نبوة، أو لسان صدق، أو كل أهل الأديان يتولونه ويرضونه، أو ثناء الله - تعالى - عليه.
207
١١٩ - ﴿بِجَهَالَةٍ﴾ أنه سوء، أو بغلبة الشهوة مع العلم بأنه سوء. إن إبراهيم كان أمّة قانتا لله حنيفاً ولم يك من المشركين ١٢٠ شاكراٌ لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراطٍ مستقيمٍ وءاتيناه في الدنيا حسنة وإنّه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}
١٢٠ - ﴿أُمَّةً﴾ إماماً يؤتم به، أو معلماً للخير، أو أمة يقتدى به سمي بذلك لقيام الأمة به ﴿قَانِتاً﴾ مطيعاً، أو دائماً على العبادة ﴿حَنِيفاً﴾ مخلصاْ، أو حاجاً، أو مستقيماً على طريق الحق.
﴿ حسنة ﴾ نبوة، أو لسان صدق، أو كل أهل الأديان يتولونه ويرضونه، أو ثناء الله -تعالى- عليه.
١٢٣ - ﴿اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ في الإسلام والبراءة من الأوثان، أو في جميع ملته إلا ما أمر بتركه. {إنما جعل السّبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربّك ليحكم بينهم يوم القيامة
207
فيما كانوا فيه يختلفون}
208
١٢٤ - ﴿اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ فقال بعضهم: السبت أعظم الأيام حرمة، لان الله - تعالى - فرغ من خلق الأشياء فيه، أو قال بعضهم: الأحد أفضل، لأن الله - تعالى - ابتدأ الخلق فيه، أوعدلوا عما أمروا به من تعظيم الجمعة تغليباً لحرمة السبت أو الأحد. ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكم والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين﴾
١٢٥ - ﴿سَبِيلِ رَبِّكَ) {الإسلام﴾ (بِالْحِكْمَةِ) ﴿بالقرآن﴾ (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} القرآن في لين من القول، أو بما فيه من الأمر والنهي. ﴿وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيقٍ ممّا يمكرون إن الله مع الذين اتٌ قوا والذين هم محسنون﴾
١٢٦ - ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ نزلت في قريش لما مثلوا بقتلى أُحُد ثم نسخت بقوله - تعالى - ﴿واصبر وما صبرك إلا بالله﴾ [١٢٧] أو هي
208
محكمة، أو نزلت في كل مظلوم أن يقتص بقدر ظلامته. ﴿وَاصْبِرْ﴾ عن المعاقبة بمثل ما عاقبوا به قتلى أُحد من المثلة.
209
١٢٨ - ﴿اتقوا﴾ المحرمات، وأحسنوا بالفرائض والطاعات.
209
سورة الإسراء
سورة بني إسرائيل
مكية أو إلا ثمان آيات ﴿وإن كادوا ليفتنونك﴾ [٧٣] ﴿سلطانا نصيرا﴾ [٨٠] " ع ".

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من ءاياتنا إنّه هو السميع البصير﴾
210
Icon