تفسير سورة النحل

جهود القرافي في التفسير
تفسير سورة سورة النحل من كتاب جهود القرافي في التفسير .
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

٧٦٥- أي : " تبلغوه في حالة من الحالات تتعين لكم الإحاطة المشقة "، والمجرور متعلق بمحذوف، تقديره : " مصحوبين بشق الأنفس ". ( الاستغناء : ٥٤٨ ).
٧٦٦- قيل : محرمة، فلو كان يجوز أكلها لكان الامتنان به أولى، ومذكورا مع الركوب. ( الذخيرة : ٤/ ١٦١ ).
٧٦٧- والذي لا يخلق هاهنا المراد به الأصنام، لما عوملت بالعبادة عبر عنها " بمن " ١. ( العقد المنظوم : ١/٤٧٩ ).
١ - قال الإمام القرافي:" سؤال " قول النحاة: إن "من" موضوعة لمن يعقل، ليس كذلك بل هو باطل قطعا، وبيانه: إذا قلت: "من دخل داري فله درهم" فهذا اللفظ موضوع في لسان العرب لمن اتصف بالدخول من العقلاء، أما غير العاقل فليس بداخل فلا يتناوله هذا اللفظ البتة إجماعا (إلى أن يقول): فالعاقل ورد فيه اللفظ، لا أن اللفظ موضوع له. ولذلك يكون قول من يقول: إن لفظ "من" يتناول العقلاء أقرب للصواب من قول من يقول: إن لفظ "من" موضوعة لمن يعقل، أو للعقلاء، لأن التناول قد يكون بطريق التضمن والتبع. فقائله لم يصرح بالوضع، لكنه توهم الوضع". ن: العقد المنظوم ١/٥٠٢-٥٠٣ بتصرف..
٧٦٨- الاستثناء مفرغ لتوسطه بين الفعل والمفعول.
وفيه من الأسئلة : ما معنى " من " هل هي زائدة أم لا ؟ وما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ من الإعراب ؟ وما العامل في قوله تعالى :﴿ بالبينات والزبر ﴾ ؟ وما موضع قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾ والمستثنى منه ؟.
والجواب :
أما " من " فقد تقدم البحث فيها في قوله تعالى :﴿ ما تعبدون من دونه... ﴾١، وأنها في سياق الإيجاب، وإن كان الكلام في سياق النفي، وما فيها من الإشكال فلا أعيده.
وأما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ فنصب على الصفة ل " رجال " لأنه جملة بعد نكرة، فتكون صفة لها.
وأما العامل في المجرور، فقيل : " فعل مضمر تقديره. " أرسلناهم بالبينات والزبر ". وقيل : الفعل الذي قبل " إلا " وهو " أرسلنا ". وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره : " وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا ". والوجهان جائزان، وليس يمنع أن يعمل ما قبل " إلا " فيما بعدها، بل العكس، وهو عمل ما بعدها فيما قبلها ممنوع. ( الاستغناء : ٢١٨-٢١٩ ).
٧٦٧- قوله تعالى :﴿ يوحى إليهم ﴾ صفة ل " رجال "، والنكرة إذا وصفت جاز الحال منها، فيجوز أن يكون قوله تعالى :﴿ بالبينات ﴾ حالا من " رجال "، تقديره : " آتين بالبينات "، فيكون حالا من المستثنى نفسه، ويجوز أن يكون " بالبينات " معمولا ل " يوحى ". ( الاستغناء : ١٤٢ ).
٧٦٨- قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾، تعيين " أهل الذكر " بالنطق يقتضي بالمفهوم تحريم سؤال غيرهم. ( شرح التنقيح : ٤٤٣ ).
٧٦٩- حجة الشافعي٢ قوله تعالى :﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ فجعله صلى الله عليه وسلم مبينا بالسنة للكتاب المنزل، فلا يكون الكتاب ناسخا للسنة، لأن الناسخ مبين للمنسوخ، فيكون كل واحد منهما مبينا لصاحبه، فيلزم الدور٣.
والجواب عنه : أن الكتاب والسنة ليس كل واحد منهما محتاجا للبيان ولا وقع فيه النسخ، فأمكن أن يكون بعض الكتاب مبينا لبعض السنة، والبعض الآخر الذي لم يبينه الكتاب بيان للكتاب، فلا دور، لأنه لم يوجد شيئان كل واحد منهما متوقف على الآخر، بل الذي يتوقف عليه من السنة غير متوقف والبعض المتوقف عليه من الكتاب غير متوقف، سلمنا، لكنه معارض بقوله تعالى في حق الكتاب العزيز :﴿ تبيانا لكل شيء ﴾٤، والسنة شيء، فيكون الكتاب تبيانا لها فينسخها، وهو المطلوب. ( نفسه : ٣١٣ ).
١ - سورة يوسف: ٤٠. ن. ص: ٢٥٣ وما بعدها من القسم الثاني من هذه الرسالة..
٢ - أي: في عدم جواز نسخ السنة بالكتاب..
٣ - لم أعثر على هذا النص بلفظه، وإنما قال الشافعي (في الرسالة: ١١٠): "لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة نبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله"..
٤ - سورة النحل: ٨٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:٧٦٨- الاستثناء مفرغ لتوسطه بين الفعل والمفعول.
وفيه من الأسئلة : ما معنى " من " هل هي زائدة أم لا ؟ وما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ من الإعراب ؟ وما العامل في قوله تعالى :﴿ بالبينات والزبر ﴾ ؟ وما موضع قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾ والمستثنى منه ؟.

والجواب :

أما " من " فقد تقدم البحث فيها في قوله تعالى :﴿ ما تعبدون من دونه... ﴾١، وأنها في سياق الإيجاب، وإن كان الكلام في سياق النفي، وما فيها من الإشكال فلا أعيده.
وأما موضع ﴿ يوحى إليهم ﴾ فنصب على الصفة ل " رجال " لأنه جملة بعد نكرة، فتكون صفة لها.
وأما العامل في المجرور، فقيل :" فعل مضمر تقديره. " أرسلناهم بالبينات والزبر ". وقيل : الفعل الذي قبل " إلا " وهو " أرسلنا ". وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره :" وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا ". والوجهان جائزان، وليس يمنع أن يعمل ما قبل " إلا " فيما بعدها، بل العكس، وهو عمل ما بعدها فيما قبلها ممنوع. ( الاستغناء : ٢١٨-٢١٩ ).

٧٦٧-
قوله تعالى :﴿ يوحى إليهم ﴾ صفة ل " رجال "، والنكرة إذا وصفت جاز الحال منها، فيجوز أن يكون قوله تعالى :﴿ بالبينات ﴾ حالا من " رجال "، تقديره :" آتين بالبينات "، فيكون حالا من المستثنى نفسه، ويجوز أن يكون " بالبينات " معمولا ل " يوحى ". ( الاستغناء : ١٤٢ ).

٧٦٨-
قوله تعالى :﴿ فاسألوا أهل الذكر ﴾، تعيين " أهل الذكر " بالنطق يقتضي بالمفهوم تحريم سؤال غيرهم. ( شرح التنقيح : ٤٤٣ ).

٧٦٩-
حجة الشافعي٢ قوله تعالى :﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ فجعله صلى الله عليه وسلم مبينا بالسنة للكتاب المنزل، فلا يكون الكتاب ناسخا للسنة، لأن الناسخ مبين للمنسوخ، فيكون كل واحد منهما مبينا لصاحبه، فيلزم الدور٣.
والجواب عنه : أن الكتاب والسنة ليس كل واحد منهما محتاجا للبيان ولا وقع فيه النسخ، فأمكن أن يكون بعض الكتاب مبينا لبعض السنة، والبعض الآخر الذي لم يبينه الكتاب بيان للكتاب، فلا دور، لأنه لم يوجد شيئان كل واحد منهما متوقف على الآخر، بل الذي يتوقف عليه من السنة غير متوقف والبعض المتوقف عليه من الكتاب غير متوقف، سلمنا، لكنه معارض بقوله تعالى في حق الكتاب العزيز :﴿ تبيانا لكل شيء ﴾٤، والسنة شيء، فيكون الكتاب تبيانا لها فينسخها، وهو المطلوب. ( نفسه : ٣١٣ ).
١ - سورة يوسف: ٤٠. ن. ص: ٢٥٣ وما بعدها من القسم الثاني من هذه الرسالة..
٢ - أي: في عدم جواز نسخ السنة بالكتاب..
٣ - لم أعثر على هذا النص بلفظه، وإنما قال الشافعي (في الرسالة: ١١٠): "لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة نبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله"..
٤ - سورة النحل: ٨٩..

٧٧٠- عبر ب " ما "، ولم يقل : " إلى من خلق الله "، ولو قال ذلك لفات العموم الحاصل من جميع الموجبات، واختص الكلام بطور العقلاء، فتأمل ذلك. فهو اللغة والمعقول، وليس فيه التعبير عمن يعقل بلفظ " ما " البتة، بل اندرج من يعقل من جهة أنه لا يعقل. هذه صورة الاندراج لمن يعقل في صيغة ما لا يعقل١. ( العقد المنظوم : ١/٤٨٢ ).
٧٧١- إن العرب إذا قصدت التعبير عن الأمور العامة والأجناس العالية إنها إنما تأتي ب " ما " دون " من "، قال الله تعالى :﴿ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء ﴾، ولم يقل : " من خلق ". ( نفسه : ٢/٢٤ ).
١ - أورد الإمام القرافي قاعدة في الموضوع، وهي قوله: "يندرج من يعقل مع ما لا يعقل إذا قصد العموم المعنوي من الأجناس العامة، بخلاف إذا قصد الخصوص لما يعقل. كما يندرج ما لا يعقل مع من يعقل إذا قصد الجمع بينهما أو تقدمت عبارة تشملهما". ن. العقد المنظوم: ١/٤٨١..
٧٧٢- يظل الرجل – بالظاء القائمة- بمعنى : يصير، ومنه قوله تعالى :﴿ ظل وجهه مسودا ﴾. ( الذخيرة : ٢/٦٢ ).
٧٧٣- تقديره : " ما أنزلنا لسبب من الأسباب إلا للبيان لهم "، فهو مستثنى من الأسباب ؛ لأن اللام والباء ظاهرتان في التعليل والسببية، ولم يوجد مانع من ذلك، فيتعين الحمل عليه.
فإن قلت : هذا يقتضي انحصار سبب الإنزال في البيان، مع أن غيره سبب من تحصيل المصالح في تلك الأوامر، ودرء المفاسد بتلك النواهي، والاتعاظ بتلك الأمثال والقصص، إلى غير ذلك من مقاصد الشريعة في القرآن. فكيف صح الحصر في هذا السبب وحده ؛ لأن هذه صيغة حصر ؟
قلت : الحصر تارة يكون مطلقا إذا لم يقصد به اعتبار معين، وتارة يكون مقيدا ببعض الاعتبارات، كقوله تعالى :﴿ إنما أنت منذر ﴾١، أي : باعتبار من لا يؤمن، لاحظ له من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الإنذار لقيام الحجة عليه. ( الاستغناء : ٥٠٣ ).
١ - سورة الرعد: ٧..
٧٧٤- الآية تدل على أنها يتخذ منها من ما يمنع الجوع والعطش والأمراض، وذلك يتحقق بالتمر والرطب والخل قبل الشدة، وهي حلالا إجماعا. ( الذخيرة : ٤/١١٥ ).
٧٧٥- إن المراد : ضرب المثل للكفار بأن الأصنام ملكتهم، وهم لا يقدرون على شيء، فالعبد يقدر على الخدمة إجماعا. ( نفسه : ٧/١٦٢ ).
٧٧٦- الإحسان بلام التعريف عام في جميع أنواع الإحسان، فيندرج فيه إيتاء ذي القربى، فذكره بعده ليس تخصيصا للأول بإيتاء ذي القربى، بل اهتماما بهذا النوع من هذا العام. وعادة العرب أنها إذا اهتمت ببعض أنواع العام خصصته بالذكر إبعادا له عن المجاز، والتخصيص بذلك النوع، فإذا نص عليه ينفى احتمال التخصيص فيه دون غيره، فلا ينفى احتمال التخصيص فيه البتة.
وكذلك قوله تعالى :﴿ وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ﴾، مع أن المنكر عام –للام التعريف فيه-، فهو بعمومه يشمل البغي، فذكره بعد ذلك إنما هو إشعار بأنه أقبح المنكر وأهم أنواعه بالذكر، فلا يتوهم تخصيص العام المتقدم بإخراجه منه. ( شرح التنقيح : ٢١٩-٢٢٠ ).
٧٧٧- العدل : التسوية في كل شيء حتى يقوم المخصص. ( الفروق : ٤/٦٣. الذخيرة : ١٠/١٩٤ ).
٧٧٨- الشكر واجب مع العبادة ومع عدمها، ومعنى الكلام : إنكم موصوفون بصفة تحث على الشكر، وتبعث عليه وهي العبادة والتذلل، فافعلوا ذلك فإنه متيسر لوجود سببه عندكم. ( الفروق : ١/١٠٤ ).
٧٧٩- هو استثناء مفروغ لتوسطه بين المبتدأ وخبره، وهو استثناء من أسباب في المعنى، تقديره : " وما صبرك بسبب من الأسباب قدرة الله تعالى ومشيئته ".
وقيل : اسم الله تعالى مضاف محذوف وهو ما ذكرته ؛ لأن بالقدرة الخالقة، الصبر والمشيئة المقدرة له يحصل، لا غير ذلك، وفي اللفظ هو استثناء من الأخبار المتوهمة لهذا المبتدأ، أي : الأخبار كلها منفية عن هذا المبتدأ من جهة الأسباب إلا هذا الخبر. ( الاستغناء : ٢١٩- ٢٢٠ ).
Icon