تفسير سورة القمر

تفسير البغوي
تفسير سورة سورة القمر من كتاب معالم التنزيل المعروف بـتفسير البغوي .
لمؤلفه البغوي . المتوفي سنة 516 هـ

أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.
«٢٠٧٥» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أنا آدم بن أبي إياس أنا ابن [أبي] ذئب أنا يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فيها.
فقلت: هذا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ وُجُوبَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ جَمِيعًا، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
سُورَةُ الْقَمَرِ
مكية وهي خمس وخمسون آية
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣)
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، دَنَتِ الْقِيَامَةُ، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.
«٢٠٧٦» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف
٢٠٧٥- إسناده صحيح على شرط البخاري حيث تفرد عن آدم، وقد توبع ومن دونه ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- أبو إياس، اسمه عبد الرحمن، ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن.
- وهو في «شرح السنة» ٧٧٠ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ١٠٧٣ عن آدم بن أبي إياس بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ١٤٠٤ والترمذي ٥٧٦ والدارمي ٢/ ٣٤٣ وأحمد ٥/ ١٨٦ وابن خزيمة ٥٦٨ وعلي بن الجعد في «مسنده» ٢٨٥٨ وابن حبان ٢٧٦٢ من طرق عن ابن أبي ذئب به.
- وأخرجه البخاري ١٠٧٢ ومسلم ٥٧٧ والنسائي ٢/ ١٦٠ وابن خزيمة ٥٦٨ من طريق يزيد بن خصيفة عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن قسيط به.
- وأخرجه أبو داود ١٤٠٥ وابن خزيمة ٥٦٦ والدارقطني ١/ ٤٠٩- ٤١٠ من طريق ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عن ابن قسيط عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه.
٢٠٧٦- إسناده صحيح على شرط البخاري فقد تفرد عن عبد الله، لكن توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال الشيخين.
- أبو عروبة اسمه مهران، قتادة هو ابن دعامة.
- وهو في «شرح السنة» ٣٦٠٥ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٣٨٦٨ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الوهاب بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٣٦٣٧ وأحمد ٣/ ٢٢٠ والطبري ٣٢٦٩٣ من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ به.
320
ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أنا بشر بن المفضل ثنا سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شَقَّتَيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ شَيَّبَانُ عَنْ قَتَادَةَ: فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ [١].
«٢٠٧٧» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا محمد بن إسماعيل ثنا مسدد ثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةٍ فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةٍ دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اشْهَدُوا».
وَقَالَ أبو الضحى عن مسروق عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: انْشَقَّ الْقَمَرُ ثُمَّ الْتَأَمَ بَعْدَ ذَلِكَ.
«٢٠٧٨» وَرَوَى أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: سَحَرَكُمُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، فَاسْأَلُوا السُّفَّارَ، فَسَأَلُوهُمْ، فَقَالُوا: نَعَمْ قَدْ رَأَيْنَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١).
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)، أَيْ ذَاهِبٌ وَسَوْفَ يَذْهَبُ وَيَبْطُلُ مِنْ قَوْلِهِمْ مَرَّ الشَّيْءُ وَاسْتَمَرَّ إِذَا ذَهَبَ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: قرّ واستقر، هَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، وَقَالَ أبو العالية والضحاك:
- وأخرجه مسلم ٢٨٠٢ والترمذي ٣٢٨٢ وأحمد ٣/ ١٦٥ من طريق عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قتادة به.
وعند أحمد زيادة «الزهري» بين «معمر» و «قتادة».
- وأخرجه البخاري ٤٨٦٨ ومسلم ٢٨٠٢ ح ٤٧ وأحمد ٣/ ٢٧٥ والطبري ٣٢٦٩٠ و٣٢٦٩٢ وأبو يعلى ٢٩٢٩ والطيالسي ٢٤٤٩ من طرق عن شعبة عن قتادة به.
- وأخرجه البخاري ٣٦٣٧ و٤٨٦٧ ومسلم ٢٨٠٢ وأحمد ٣/ ٢٠٧ وأبو يعلى ٣١١٣ من طرق عن شيبان عن قتادة به. [.....]
(١) هذه الرواية عند مسلم ٢٨٠٢ وأحمد ٣/ ٢٠٧ وأبو يعلى ٣١١٣ من طريق شيبان عن قتادة عن أنس وهي أيضا عند مسلم بإثر ٢٨٠٢ وأحمد ٣/ ١٦٥ والترمذي ٣٢٨٢ وأبو يعلى ٣١٨٧ من طريق عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قتادة عن أنس.
٢٠٧٧- إسناده صحيح على شرط البخاري.
- مسدد هو ابن مسرهد، يحيى هو ابن سعيد القطان، شعبة بن الحجاج، سفيان بن سعيد الثوري، الأعمش سليمان بن مهران، إبراهيم بن يزيد النخعي، أبو معمر هو عبد الله بن سخبرة.
- وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٦٤ عن مسدد بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٣٨٦٩ و٣٨٧١ ومسلم ٢٨٠٠ ح ٤٤ والترمذي ٣٣٨٥ وأحمد ١/ ٤٤٧ والطبري ٣٢٦٩٤ وابن حبان ٦٤٩٥ والطبراني ٩٩٩٦ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٢٦٥ من طرق عن الأعمش به.
- وأخرجه البخاري ٣٦٣٦ و٤٨٦٥ والترمذي ٣٢٨٧ وأبو يعلى ٤٩٦٨ وأحمد ١/ ٣٧٧ وأبو يعلى ٤٩٦٨ والبيهقي ٢/ ٢٦٤ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٢٠٦ من طريق ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر به.
- وورد من حديث جبير بن مطعم أخرجه أحمد ٤/ ٨١- ٨٢ وابن حبان ٦٤٩٧ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٢٦٨ والطبري ٣٢٧٠٥.
- وورد من حديث ابن عمر أخرجه مسلم ٢٨٠١ والترمذي ٣٢٨٨ والطيالسي ١٨٩١ وابن حبان ٦٤٩٨ والطبراني ١٣٤٧٣.
٢٠٧٨- صحيح. أخرجه الطبري ٣٢٦٩٩ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٢٦٦ والواحدي في «الأسباب» ٧٧٤ من طريق المغيرة عن أبي الضحى به وإسناده على شرط الصحيح.
321
مُسْتَمِرٌّ، أَيْ قَوِيٌّ شَدِيدٌ يَعْلُو كُلَّ سِحْرٍ مِنْ قَوْلِهِمْ مَرَّ الْحَبْلُ إِذَا صَلُبَ وَاشْتَدَّ، وَأَمْرَرْتُهُ أنا إِذَا أَحْكَمْتُ فَتْلَهُ وَاسْتَمَرَّ الشَّيْءُ إِذَا قَوِيَ وَاسْتَحْكَمَ.
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ، أَيْ كَذَّبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَايَنُوا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاتَّبَعُوا مَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْبَاطِلِ، وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: لِكُلِّ أَمْرٍ حَقِيقَةٌ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا فَسَيَظْهَرُ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ فَسَيُعْرَفُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ فَالْخَيْرُ مُسْتَقِرُّ بِأَهْلِ الْخَيْرِ، وَالشَّرُّ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِ الشَّرِّ. وَقِيلَ: كُلُّ أَمْرٍ مِنْ خَيْرٍ أو شر مستقر قراره. والخير مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ فِي النَّارِ. وَقِيلَ: يَسْتَقِرُّ قَوْلُ الْمُصَدِّقِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ حَتَّى يَعْرِفُوا حَقِيقَتَهُ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ [١]. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِكُلِّ حَدِيثٍ مُنْتَهَى. وَقِيلَ:
كُلُّ مَا قُدِّرَ كَائِنٌ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ مستقر، بجرّ [٢] الراء، ولا وجه له.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤ الى ٧]
وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧)
وَلَقَدْ جاءَهُمْ، يَعْنِي أَهَّلَ مكة، مِنَ الْأَنْباءِ، من أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ فِي الْقُرْآنِ، مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ، مُتَنَاهًى [٣] مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِازْدِجَارِ، أَيْ نَهْيٌ وَعِظَةٌ، يُقَالُ زَجَرْتُهُ وَازْدَجَرْتُهُ إِذَا نَهَيْتُهُ عَنِ السُّوءِ، وَأَصْلُهُ مُزْتَجَرٌ، قُلِبَتِ التَّاءُ دَالًا.
حِكْمَةٌ بالِغَةٌ، يَعْنِي الْقُرْآنُ حِكْمَةٌ تَامَّةٌ قَدْ بَلَغَتِ الغاية في الزجر، فَما تُغْنِ النُّذُرُ، يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (مَا) نَفْيًا عَلَى مَعْنَى فَلَيْسَتْ تُغْنِي النُّذُرُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا، وَالْمَعْنَى: فَأَيَّ شَيْءٍ تُغْنِي النُّذُرُ إِذَا خَالَفُوهُمْ وَكَذَّبُوهُمْ، كَقَوْلِهِ: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [يُونُسَ: ١٠١]، والنذر جمع نذير.
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ، أي أَعْرِضْ عَنْهُمْ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ. قِيلَ: هَاهُنَا وَقَفٌ تَامٌّ. وَقِيلَ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ.
يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ، أي إلى يوم [يدع] [٤] الدَّاعِي، قَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ إِسْرَافِيلُ يَنْفُخُ قَائِمًا عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ، مُنْكَرٍ فَظِيعٍ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ فَيُنْكِرُونَهُ اسْتِعْظَامًا، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: نُكْرٍ بِسُكُونِ الْكَافِ، وَالْآخَرُونَ بِضَمِّهَا.
خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ، قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: خاشِعاً عَلَى الْوَاحِدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: خُشَّعاً بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ عَلَى الْجَمْعِ، وَيَجُوزُ فِي أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ إِذَا تَقَدَّمَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ التَّوْحِيدُ وَالْجَمْعُ وَالتَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِرِجَالٍ حَسَنٌ أَوْجُهُهُمْ وَحَسَنَةٌ أَوْجُهُهُمْ وَحِسَانٌ أَوْجُهُهُمْ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَرِجَالٍ حَسَنٌ أَوَجُهُهُمْ مِنْ إِيَادِ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدٍ
وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ، أَيْ ذَلِيلَةً خَاضِعَةً عِنْدَ رُؤْيَةِ الْعَذَابِ. يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ، مِنَ الْقُبُورِ، كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ، مُنْبَثٌّ حَيَارَى، وَذَكَرَ الْمُنْتَشِرَ عَلَى لَفْظِ الْجَرَادِ، نَظِيرُهُا: كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ [الْقَارِعَةِ: ٤]، وَأَرَادَ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ فَزِعِينَ لَا جِهَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ يَقْصِدُهَا كَالْجَرَادِ لَا جِهَةَ لَهَا تكون
(١) في المخطوط «العذاب».
(٢) في المخطوط «بكسر» والمعنى واحد.
(٣) في المطبوع «لا منتهى» والمثبت عن ط والمخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
مختلطة بعضها في بعض.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٨ الى ١٤]
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢)
وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤)
مُهْطِعِينَ، مسرعين مقبلين، إِلَى الدَّاعِ، إِلَى صَوْتِ إِسْرَافِيلَ، يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ، صَعْبٌ شَدِيدٌ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ، أَيْ قَبْلَ أَهْلِ مَكَّةَ، قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا، نُوحًا، وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ، أَيْ زَجَرُوهُ عَنْ دَعْوَتِهِ وَمَقَالَتِهِ بِالشَّتْمِ وَالْوَعِيدِ، وَقَالُوا: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشُّعَرَاءِ: ١١٦]، وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَعْنَى: ازْدُجِرَ أَيِ اسْتُطِيرَ جُنُونًا.
فَدَعا، نُوحٌ، رَبَّهُ، وَقَالَ، أَنِّي مَغْلُوبٌ، مَقْهُورٌ، فَانْتَصِرْ، فَانْتَقِمْ لِي مِنْهُمْ.
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١)، مُنْصَبٍّ انْصِبَابًا شَدِيدًا لَمْ يَنْقَطِعْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقَالَ يَمَانُ: قَدْ طَبَّقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ، يَعْنِي مَاءَ السَّمَاءِ وَمَاءَ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا قال: التقى الْمَاءُ وَالِالْتِقَاءُ لَا يَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا لِأَنَّ الْمَاءَ يَكُونُ جَمْعًا وَوَاحِدًا، وَقَرَأَ عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ:
فَالْتَقَى الْمَاءَانِ. عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، أَيْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ فِي أُمِّ الْكِتَابِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءَانِ سَوَاءً فَكَانَا عَلَى مَا قُدِرَ.
وَحَمَلْناهُ، يَعْنِي نُوحًا، عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ، أَيْ سَفِينَةٍ ذَاتِ أَلْوَاحٍ، ذَكَرَ النَّعْتَ وَتَرَكَ الِاسْمَ، أَرَادَ بِالْأَلْوَاحِ خَشَبَ السَّفِينَةِ الْعَرِيضَةِ، وَدُسُرٍ، أَيِ الْمَسَامِيرُ الَّتِي تُشَدُّ بِهَا الْأَلْوَاحُ، وَاحِدُهَا دِسَارٌ وَدَسِيرٌ، يُقَالُ: دَسَرْتُ السَّفِينَةَ إِذَا شَدَدْتُهَا بِالْمَسَامِيرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الدُّسُرُ صَدْرُ السَّفِينَةِ سُمِّيَتْ بذلك لأنها تدسر الماء بجؤجؤها، أَيْ تَدْفَعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ عَوَارِضُ السَّفِينَةِ. وَقِيلَ: أَضْلَاعُهَا وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْأَلْوَاحُ جَانِبَاهَا، وَالدُّسُرُ أَصْلُهَا وطرفاها.
تَجْرِي بِأَعْيُنِنا، أَيْ بِمَرْأًى مِنَّا. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: بِحِفْظِنَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْمُوَدَّعِ: عَيْنُ اللَّهِ عليك. قال سُفْيَانُ: بِأَمْرِنَا. جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ، قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ يَعْنِي فِعْلَنَا بِهِ، وَبِهِمْ مِنْ إِنْجَاءِ نُوحٍ وَإِغْرَاقِ قَوْمِهِ ثَوَابًا لِمَنْ كَانَ كُفِرَ بِهِ وَجُحِدَ أَمْرُهُ، وَهُوَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: مَنْ بِمَعْنَى مَا أَيْ جَزَاءً لِمَا كَانَ كُفِرَ مِنْ أَيَادِي اللَّهِ وَنِعَمِهِ عِنْدَ الَّذِينَ أَغْرَقَهُمْ، أَوْ جَزَاءً لِمَا صُنْعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كَفَرَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْفَاءِ، يَعْنِي كَانَ الْغَرَقُ جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كَفَرَ بِاللَّهِ وَكَذَّبَ رسوله.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ١٥ الى ٢٤]
وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩)
تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤)
وَلَقَدْ تَرَكْناها، يَعْنِي الْفِعْلَةَ الَّتِي فَعَلْنَا، آيَةً، يُعْتَبَرُ بِهَا. وَقِيلَ: أَرَادَ السَّفِينَةَ. قَالَ قَتَادَةُ:
أَبْقَاهَا اللَّهُ بِبَاقِرِ دِي مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ، عِبْرَةً وَآيَةً حَتَّى نَظَرَتْ إِلَيْهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، أَيْ مُتَذَكِّرٍ مُتَّعِظٍ مُعْتَبِرٍ خَائِفٍ مِثْلَ عُقُوبَتِهِمْ.
«٢٠٧٩» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا أبو نعيم ثنا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا سَأَلَ الْأَسْوَدَ عَنْ قَوْلِهِ: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، أَوْ مُذَكِّرٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يقرأها فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، وَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا:
فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، دَالًّا.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦)، أَيْ إنذارهم [١]، قَالَ الْفَرَّاءُ: الْإِنْذَارُ وَالنُّذُرُ مَصْدَرَانِ، تَقُولُ الْعَرَبُ أَنْذَرْتُ إِنْذَارًا وَنُذُرًا، كَقَوْلِهِمْ أَنْفَقْتُ إِنْفَاقًا وَنَفَقَةً، وَأَيْقَنْتُ إِيقَانًا وَيَقِينًا، أُقِيمَ الِاسْمُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ.
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا، سَهَّلْنَا، الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ، لِيُتَذَكَّرَ وَيُعْتَبَرَ بِهِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَسَّرْنَاهُ لِلْحِفْظِ وَالْقِرَاءَةِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ يُقْرَأُ كُلُّهُ ظَاهِرًا إِلَّا الْقُرْآنَ. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، مُتَّعِظٍ بِمَوَاعِظِهِ.
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً، شَدِيدَةَ الْهُبُوبِ، فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، شَدِيدٍ دَائِمِ الشُّؤْمِ، اسْتَمَرَّ عَلَيْهِمْ بِنَحْوِ سَنَةٍ فلم يبق منهم أحد إِلَّا أَهْلَكَهُ، قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ.
تَنْزِعُ النَّاسَ، تَقْلَعُهُمْ ثُمَّ تَرْمِي بهم على رؤوسهم فَتَدُقُّ رِقَابَهُمْ: وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنْزِعُ النَّاسَ مِنْ قُبُورِهِمْ، كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُصُولُهَا، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَوْرَاكُ نَخْلٍ. مُنْقَعِرٍ، منقلع مِنْ مَكَانِهِ سَاقِطٍ عَلَى الْأَرْضِ وَوَاحِدُ الْأَعْجَازِ عَجُزٍ، مِثْلَ عَضُدٍ وَأَعْضَادُ، وَإِنَّمَا قَالَ: أَعْجازُ نَخْلٍ وَهِيَ أُصُولُهَا الَّتِي قُطِّعَتْ فُرُوعُهُا لأن الريح كانت تبين رؤوسهم من أجسادهم، فتبقى أجسام [٢] بلا رؤوس.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣)، بِالْإِنْذَارِ الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ صَالِحٌ.
فَقالُوا أَبَشَراً، آدَمِيًّا، مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ، وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَهُوَ وَاحِدٌ، إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ، خَطَأٍ وَذَهَابٍ عَنِ الصَّوَابِ، وَسُعُرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَذَابٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ: شِدَّةُ عَذَابٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
عَنَاءٌ، يَقُولُونَ: إِنَّا إِذًا لَفِي عَنَاءٍ وَعَذَابٍ مِمَّا يَلْزَمُنَا مِنْ طَاعَتِهِ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ جَمْعُ سَعِيرٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جُنُونٌ، يُقَالُ نَاقَةٌ مَسْعُورَةٌ إِذَا كَانَتْ خَفِيفَةَ الرَّأْسِ هَائِمَةً عَلَى وَجْهِهَا. وَقَالَ وَهْبٌ: وَسُعُرٍ: أَيْ بُعْدٍ عن الحق.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢٥ الى ٣١]
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩)
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)
٢٠٧٩- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
- أَبُو نُعَيْمٍ، الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، زهير بن معاوية، أبو إسحق عمرو بن عبد الله، الأسود بن يزيد.
- وهذا إسناد كوفي.
- وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٧١ عن أبي نعيم بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٤٨٦٩ و٤٨٧٠ و٤٨٧٢ و٤٨٧٣ ومسلم ٨٢٣ وأبو داود ٣٩٩٤ والترمذي ٢٩٣٧ والنسائي في «التفسير» ٥٧٥ من طريق أبي إسحاق السبيعي به.
(١) في المطبوع «إنذار» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «أجسادهم».
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ، أأنزل الذكر الوحي، عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ، بَطِرٌ مُتَكَبِّرٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَظَّمَ عَلَيْنَا بِادِّعَائِهِ النُّبُوَّةِ، والأشر المرح والتجبر.
سَيَعْلَمُونَ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ: سَتَعْلَمُونَ، بِالتَّاءِ عَلَى مَعْنَى قَالَ صَالِحٌ لَهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: سَيَعْلَمُونَ غَداً، حِينَ يَنْزِلُ بِهِمُ الْعَذَابُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ [١] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَذِكْرُ الْغَدِ لِلتَّقْرِيبِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ، يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَ الْيَوْمِ غَدًا، مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ.
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ، أَيْ بَاعِثُوهَا وَمُخْرِجُوهَا مِنَ الهضبة التي سألوا أن يخرجها منها، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَعَنَّتُوا عَلَى صَالِحٍ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُخْرِجَ لَهُمْ مِنْ صَخْرَةٍ نَاقَةً حَمْرَاءَ عَشْرَاءَ، فَقَالَ الله تعالى: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ، مِحْنَةً وَاخْتِبَارًا لَهُمْ، فَارْتَقِبْهُمْ، فَانْتَظَرَ مَا هُمْ صَانِعُونَ، وَاصْطَبِرْ [وَاصْبِرْ] [٢] عَلَى ارْتِقَابِهِمْ، وَقِيلَ: عَلَى مَا يُصِيبُكَ مِنَ الْأَذَى.
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ النَّاقَةِ، يَوْمٌ لَهَا وَيَوْمٌ لَهُمْ، وَإِنَّمَا قَالَ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَخْبَرَتْ عَنْ بَنِي آدَمَ وَعَنِ الْبَهَائِمِ غَلَّبَتْ بَنِي آدَمَ عَلَى الْبَهَائِمِ، كُلُّ شِرْبٍ، نَصِيبٍ مِنَ الْمَاءِ، مُحْتَضَرٌ يَحْضُرُهُ مَنْ كَانَتْ نَوْبَتُهُ، فَإِذَا كان يوم الناقة حَضَرَتْ شِرْبَهَا، وَإِذَا كَانَ يَوْمُهُمْ حَضَرُوا شِرْبَهُمْ، وَحَضَرَ وَاحْتَضَرَ [٣] بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي يَحْضُرُونَ الْمَاءَ إِذَا غَابَتِ النَّاقَةُ، فَإِذَا جَاءَتِ النَّاقَةُ حَضَرُوا اللَّبَنَ.
فَنادَوْا صاحِبَهُمْ، وَهُوَ قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ، فَتَعاطى، فَتَنَاوُلَ النَّاقَةَ بِسَيْفِهِ فَعَقَرَ، أَيْ فَعَقَرَهَا.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦)، ثُمَّ بَيَّنَ عَذَابَهُمْ.
فَقَالَ: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً، قَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ صَيْحَةَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّجُلُ يجعل لغنمه حظيرة من الشجر وَالشَّوْكِ دُونَ السِّبَاعِ، فَمَا سَقَطَ مِنْ ذَلِكَ فَدَاسَتْهُ الْغَنَمُ فَهُوَ الْهَشِيمُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ الشَّجَرُ الْبَالِي الَّذِي تَهَشَّمَ حَتَّى ذَرَتْهُ الرِّيحُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ صَارُوا كَيَبَسِ الشَّجَرِ إِذَا تَحَطَّمَ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ كَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ هَشِيمًا، وَقَالَ قَتَادَةُ: كَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ الْمُحْتَرِقَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ التُّرَابُ الَّذِي يَتَنَاثَرُ من الحائط.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٣٢ الى ٤٢]
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦)
وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١)
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢)
(١) تصحف في المطبوع إلى «الكلبي».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «حضر» والمثبت عن المخطوط.
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً، ريحا ترميهم بالحصباء، وهي الحصا، قال الضَّحَّاكُ: يَعْنِي صِغَارَ الْحَصَى. وَقِيلَ: الْحَصْبَاءُ هِيَ الْحَجَرُ الَّذِي دُونَ مِلْءِ الْكَفِّ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَاصِبُ الرَّامِي، فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا، أرسلنا عليهم عذابا يحصبهم، يعني يَرْمِيهِمْ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: إِلَّا آلَ لُوطٍ، يَعْنِي لُوطًا وَابْنَتَيْهِ، نَجَّيْناهُمْ، مِنَ الْعَذَابِ، بِسَحَرٍ.
نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا، يعني جَعَلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا عَلَيْهِمْ حَيْثُ أنجيناهم، كَذلِكَ، يعني كَمَا أَنْعَمَنَا عَلَى آلِ لُوطٍ، نَجْزِي مَنْ شَكَرَ، قَالَ مُقَاتِلٌ: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ لَمْ يُعَذِّبْهُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ.
وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ، لُوطٌ، بَطْشَتَنا، أَخْذَنَا إِيَّاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ، فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ، شَكُّوا بِالْإِنْذَارِ وَكَذَّبُوا وَلَمْ يُصَدِّقُوا.
وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ، طَلَبُوا أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ أَضْيَافَهُ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا قَصَدُوا دَارَ لُوطٍ وَعَالَجُوا الْبَابَ لِيَدْخُلُوا، قَالَتِ الرُّسُلُ [١] لِلُوطٍ: خَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الدُّخُولِ فَإِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ، فَدَخَلُوا الدَّارَ فَصَفَقَهُمْ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَتَرَكَهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ مُتَحَيِّرِينَ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى الْبَابِ، فَأَخْرَجَهُمْ لُوطٌ عُمْيًا لَا يُبْصِرُونَ. قَوْلُهُ: فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ، يعني صَيَّرْنَاهَا كَسَائِرِ الْوَجْهِ لَا يُرَى لَهَا شَقٌّ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: طَمَسَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ فَلَمْ يَرَوُا الرُّسُلَ، فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَاهُمْ حِينَ دَخَلُوا الْبَيْتَ فَأَيْنَ ذَهَبُوا، فَلَمْ يَرَوْهُمْ فَرَجَعُوا. فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ، أَيْ مَا أَنْذَرَكُمْ بِهِ لُوطٌ مِنَ الْعَذَابِ.
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً، جَاءَهُمْ وَقْتَ الصُّبْحِ، عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ، دَائِمٌ اسْتَقَرَّ فِيهِمْ حَتَّى أَفْضَى بِهِمْ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: عَذَابٌ حَقٌّ.
فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١)، يَعْنِي مُوسَى وَهَارُونُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقِيلَ: هِيَ الْآيَاتُ الَّتِي أَنْذَرَهُمْ بِهَا مُوسَى.
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها، وَهِيَ الْآيَاتُ التِّسْعُ، فَأَخَذْناهُمْ، بِالْعَذَابِ، أَخْذَ عَزِيزٍ، غَالِبٍ فِي انْتِقَامِهِ، مُقْتَدِرٍ، قَادِرٍ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ لَا يعجزه ما أراد بهم، ثُمَّ خَوَّفَ أَهْلَ مَكَّةَ فَقَالَ:
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤٣ الى ٤٨]
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧)
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨)
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ، أَشَدُّ وَأَقْوَى مِنَ الَّذِينَ أَحْلَلْتُ بِهِمْ نِقْمَتِي مَنْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَآلِ فِرْعَوْنَ؟ وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ لَيْسُوا بِأَقْوَى مِنْهُمْ، أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ، من الْعَذَابُ، فِي الزُّبُرِ، فِي الْكُتُبِ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْخَالِيَةَ.
أَمْ يَقُولُونَ، يَعْنِي كُفَّارُ مَكَّةَ، نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَحْنُ جَمِيعُ أَمْرِنَا منتصر من أعدائنا، والمعنى: نَحْنُ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفْنَا، مُنْتَصِرٌ مِمَّنْ عَادَانَا، وَلَمْ يقل منتصرون لموافقة رؤوس الآي.
(١) في المطبوع «الرسول» والمثبت عن المخطوط. [.....]
326
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ، قَرَأَ يَعْقُوبُ: سَنَهْزِمُ بِالنُّونِ، الْجَمْعُ نَصْبٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَرَفْعِهَا [١]، الْجَمْعُ رَفْعٌ عَلَى غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ، يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ، وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، يَعْنِي الْأَدْبَارَ فَوَحَّدَ لِأَجَلٍ رؤوس الْآيِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرؤوس وَضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرَّأْسَ إِذَا كَانَ الْوَاحِدُ يُؤَدِّي مَعْنَى الْجَمْعِ، أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يُوَلُّونَ أَدْبَارَهُمْ مُنْهَزِمِينَ فَصَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَهَزَمَهُمْ يَوْمَ بدر.
«٢٠٨٠» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو في قبة يَوْمَ بَدْرٍ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ»، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ على ربك، [فخرج] وهو في الدرع وَهُوَ يَقُولُ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥). بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦).
«٢٠٨١» قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥)، كُنْتُ لَا أَدْرِي أَيَّ جَمْعٍ سيهزم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ رَأَيْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثِبُ فِي دِرْعِهِ وَيَقُولُ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦)، أي أعظم داهية وبلية وَأَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ يَوْمَ بَدْرٍ.
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ، الْمُشْرِكِينَ، لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ، قِيلَ: فِي ضَلَالٍ بُعْدٍ عَنِ الْحَقِّ. قَالَ الضَّحَّاكُ:
وَسُعُرٍ أَيْ نَارٌ تُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ. وقيل: في ضَلَالٌ ذَهَابٌ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ فِي الْآخِرَةِ، وَسُعُرٍ: نَارٌ مُسَعَّرَةٌ، قال الحسين بن فضل: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ فِي الدُّنْيَا وَنَارٍ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي عَنَاءٍ وَعَذَابٍ.
ثُمَّ بَيَّنَ عَذَابَهُمْ فَقَالَ: يَوْمَ يُسْحَبُونَ، يُجَرُّونَ، فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ، وَيُقَالُ لَهُمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ.
٢٠٨٠- إسناده صحيح على شرط البخاري.
- عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي، خالد هو ابن مهران الحذاء، عكرمة هو أبو عبد الله مولى ابن عباس.
- وهو في «شرح السنة» ٢٦٥٤ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٢٩١٥ عن محمد بن المثنى بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٣٩٥٣ و٤٨٧٥ والنسائي في «التفسير» ٥٧٧ والبيهقي في «الدلائل» ٣/ ٥٠ من طريق عبد الوهاب به.
- وأخرجه البخاري ٤٨٧٥ وأحمد ١/ ٣٢٩ من طريق عفان عن وهيب عن خالد به.
- وأخرجه البخاري ٤٨٧٧ من طريق خالد عن خالد به.
وانظر ما تقدم في سورة الأنفال عند آية: ٩.
٢٠٨١- حسن. ذكره المصنف هاهنا عن سعيد بن المسيب معلقا ولم أقف على إسناد.
- وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» ٣٠٦٩ والطبري ٣٢٨٢٣ لكن من طريق عكرمة أن عمر قال:.... فذكره.
- وإسناده منقطع.
- وأخرجه الطبراني في «الأوسط» ٣٨٤١ من طريق عبد المجيد بن أبي رواد عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس عن عمر.
- وفي إسناده مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الأنصاري قال الهيثمي في «المجمع» ٦/ ٧٨: ولم أعرفه. فالإسناد ضعيف، لكن يشهد لما قبله.
(١) في المطبوع «وضمها» والمثبت عن المخطوط.
327

[المجلد الاول]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

كلمة دار إحياء التراث العربي
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) [آل عمران ٣: ١٠٢].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (١) [النساء: ١].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) [الأحزاب: ٧٠- ٧١].
أما بعد، فيسر دار إحياء التراث العربي أن تقدم للعالم الإسلامي تفسير الإمام البغوي المسمى «معالم التنزيل» لمؤلّفه الإمام أبي مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْفَرَّاءُ البغوي الشافعي (ت ٥١٦ هـ) بعد أن عهدت للسيد عبد الرزاق المهدي تحقيقه وتصحيح ألفاظه على نسختين خطّيتين وتخريج أحاديثه والتعليق عليه بما يفيد المطالع فيه.
وقد رقّم السيد عبد الرزاق أحاديث الكتاب بشكل تسلسلي من أوله حتى آخره. وبذل من الجهود الشاقة في تخريج أحاديث الكتاب ما يشكر عليه، فخدمه بما أعانه الله بعد ما حرف همته طوال أربع سنوات لخدمة هذا التفسير الجليل بالمأثور.
قال الإمام علي بن محمد الخازن (ت ٧٢٥ هـ) في مقدمة تفسيره الصفحة (٣) مادحا هذا التفسير:
«من أجلّ المصنفات في علم التفسير وأعلاها، وأنبلها وأسناها، جامعا للصحيح من الأقاويل عاريا عن الشّبه والتصحيف والتبديل».
هذا وقد وضع السيد عبد الرزاق المهدي مقدمة تناول فيها الحديث عن فوائد تتعلّق بكتب التفسير والمفسرين مع ترجمة للإمام البغوي ودراسة لكتابه، ووصف نسخه الخطية وخطة عمله بالكتاب، ربنا تقبل منّا هذا العمل خالصا لوجهك الكريم، وانفع به عبادك، وآخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، والعاقبة للمتقين.
دار إحياء التراث العربي
5
مقدمة المحقق
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أرسله بالهدى ودين الحق ليظهر، عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذكره أنزل القرآن مؤلفا منظما، ونزّله بحسب المصالح منجما، وجعله بالتحميد مفتتحا، وبالاستعاذة مختتما.
أوحاه على قسمين متشابها ومحكما، وفصّله سورا وسوره آيات، وميز بينهنّ بفصول وغايات، وما هي إلا صفات مبتدئ مبتدع.
وسمات منشئ مخترع.
فسبحان من المستأثر بالأولية والقدم. ووسم كل شيء سواه بالحدوث والعدم، أنشأه كتابا ساطعا تبيانه، قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ، مفتاحا للمنافع الدينية والدنيوية، مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتب السماوية، معجزا باقيا على وجه كل زمان، أفحم به من طولب بمعارضته من العرب العرباء، وعن الإتيان بسورة مثله من الخطباء الفصحاء، ثم سهل على الخلق تلاوته.
جعل أمثاله عبرا لمن تدبرها، وأوامره هدى لمن استبصرها، وشرح فيه واجبات الأحكام، وفرّق فيه بين الحلال والحرام، وكرّر فيه المواعظ والقصص للأفهام، وضرب فيه الأمثال وقص فيه غيب الأخبار.
ثم لم يرض منها بردّ حروفه دون حفظ حدوده، ولا بإقامة كلماته دون العمل بمحكماته ولا بتلاوته دون تدبر آياته، ولا بدراسته دون تعلم حقائقه، وتفهم دقائقه.
ولا حصول لهذه المقاصد منه إلا بدراية تفسيره وأحكامه، ومعرفة حلاله وحرامه، وأسباب نزوله وأقسامه، والوقوف على ناسخه ومنسوخه، في خاصه وعامّه، فإنه أرسخ العلوم أصلا، وأسبغها فرعا وفصلا، وأكرمها نتاجا، وأنورها سراجا، فلا شرف إلا وهو السبيل إليه، ولا خير إلا وهو الدال عليه.
من حكم به عدل، ومن تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يمله العلماء، ولا يخلق على كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ.
من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ عمل بما فيه أجر، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صراط مستقيم.
١- أنواع التفاسير:
وقد قيض الله تعالى له رجالا موفقين، وبالحق ناطقين، حتى صنفوا في سائر علومه المصنفات، وجمعوا في سائر فنونه المتفرقات، كُلٌّ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ، وَمَبْلَغِ علمه.
أ- فمنهم من جعل عمدته الحديث والأثر، كالإمام عبد الرزاق بن همام المتوفى سنة (٢١١) والإمام
9
عبد بن حميد المتوفى سنة (٢٤٩) والإمام أبي جعفر الطبري المتوفى سنة (٣١٠) والإمام أبي بكر بن المنذر المتوفى سنة ٣١٨ والإمام أبي محمد بن أبي حاتم المتوفى سنة ٣٢٧ والإمام أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه المتوفى سنة ٤١٠، والإمام عبد الرحمن بن علي بن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧.
- والإمام الحافظ إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة (٧٧٤).
ب- ومنهم من جعل عمدته مع الحديث والأثر وأخبار الأقدمين وقصص الإسرائيليين، وذلك كالإمام أحمد بن محمد الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٧ وتلميذه علي بن أحمد الواحدي لكن في تفسيره «البسيط» وهو لم يطبع، وأما «الوسيط» وهو مطبوع، فهو مختصر وعبارته موجزة، ومنهم الإمام الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة ٥١٦ وهو الذي نحن في صدده.
ت- ومنهم من جعل عمدته الفقه والأحكام كالإمام إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي المتوفى سنة ٢٨٢ والإمام عماد الدين بن محمد المعروف ب الكيا الطبري الهرّاسي المتوفى سنة (٥٠٤ هـ) والإمام أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المعروف بابن العربي المالكي المتوفى سنة (٥٤٣ هـ)، والإمام أبي بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي المعروف بالجصاص- المتوفى سنة (٣٧٠ هـ).
ث- ومنهم من جمع بين الفقه والحديث وغير ذلك من علوم الشريعة، كالإمام أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد القرطبي المالكي المتوفى سنة (٦٧١ هـ) في كتابه «الجامع لأحكام القرآن».
ج- ومنهم من جعل عمدته اللغة والنحو كالإمام محمود بن عمر الزمخشري في كتابه «الكشاف» المتوفى سنة (٥٣٨ هـ).
- والإمام أبي حيان محمد بن يوسف الأندلسي المتوفى سنة ٧٤٥. في كتابه «البحر المحيط».
ح- ومنهم من جعل عمدته مناسبة الآيات والسور كالإمام برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي المتوفى سنة ٨٨٥ في كتابه «نظم الدرر».
خ- ومنهم من جعل عمدته المنطق والفلسفة وإثارة الشبه وسرد آراء أهل العلم من أهل السنة والمبتدعة وغيرهم كالإمام فخر الدين محمد بن أبي بكر الرازي المتوفى سنة ٦٦٦ في كتابه «مفاتح الغيب».
د- ومنهم من جمع بين الرواية والدراية، وكالإمام محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة (١٢٥٠ هـ) كما نص على ذلك في مقدمته.
- ولكلّ مزايا وفوائد وحسنات، وأشياء فيها نظر.
ومن الكتب المعتبرة في علم التفسير كتاب «معالم التنزيل» للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة (٥١٦ هـ) وهو هذا الكتاب.
وكتابه هذا من أجمل كتب التفسير لسهولة عبارته، واتساق ألفاظه ومعانيه مع ما ضمنه من أحاديث عامتها صحيح أو حسن.
وقد قال الإمام علي بن محمد الخازن المتوفى سنة (٧٢٥ هـ) في مقدمة تفسيره ص ٣ عن هذا التفسير:
«من أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها وأنبلها وأسناها جامعا للصحيح من الأقاويل، عاريا عن الشبه والتصحيف والتبديل، محلّى بالأحاديث النبوية، مطرّزا بالأحكام الشرعية، موشى بالقصص الغريبة وأخبار الماضين العجيبة، مرصعا بأحسن الإشارات، مخرجا بأوضح العبارات، مفرغا في قالب الجمال في أصح مقال، فرحم الله تعالى مصنفه وأجزل ثوابه وجعل الجنة متقلبه ومآبه». ا. هـ.
10
- وسبب تصنيفه لهذا التفسير
هو ما ذكره في المقدمة بقوله: «فَسَأَلَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِي الْمُخْلِصِينَ، وَعَلَى اقْتِبَاسِ الْعِلْمِ مُقْبِلِينَ كِتَابًا فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ وَتَفْسِيرِهِ، فَأَجَبْتُهُمْ إِلَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَيْسِيرِهِ، مُمْتَثِلًا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ فِيمَا يَرْوِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ «إِنَّ رِجَالًا يَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا» وَاقْتِدَاءً بِالْمَاضِينَ من السلف من تدوين العلم إبقاء على الخلق وَلَيْسَ عَلَى مَا فَعَلُوهُ مَزِيدٌ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنْ تَجْدِيدِ مَا طَالَ به العهد وقصر المطالبين فيه الجد والجهد تنبها للمتوفقين وَتَحْرِيضًا لِلْمُتَثَبِّطِينَ فَجَمَعْتُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَسُنِ تَوْفِيقِهِ فِيمَا سَأَلُوا كتابا متوسطا بَيْنَ الطَّوِيلِ الْمُمِلِّ وَالْقَصِيرِ الْمُخِلِّ، أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِمَنْ أقبل على تحصيله مزيدا.
ولما كان هذا الكتاب من الأهمية بمكان، وأنه يتداوله الطلبة وكبار العلماء فقد طبع مرات عديدة، وتلك الطبعات خالية عن التحقيق للنص، وضبط الألفاظ، وتخريج الأحاديث، لذا وقع فيها التصحيف والتحريف والسقط والزيادات.
عدا نسخة مطبوعة في المدينة المنورة في دار طيبة، فقد اعتنى محققوها بتحقيق النص، وذكروا أنهم قابلوها على مخطوطات عديدة، ومع ذلك لا تخلو من تصحيف وأشياء غير ذلك.
وقد خرجت أحاديثها، لكن الغالب في ذلك مجرد العزو من غير بيان درجة الحديث، ولا دراسة الإسناد.
كما فاتهم ترقيم الأحاديث تسلسليا مع أن عامة الأحاديث في هذا التفسير مسندة، فينبغي ترقيمها تبعا لكتب الحديث والتفسير المسندة.
لذا رأيت أن أقوم بهذا العمل المضني الشاقّ، وأصرف همتي إلى تحقيق الكتاب، وتخريج الأحاديث، ودراسة الأسانيد وغير ذلك، وقد وفقني الله إلى ذلك، فقابلت الكتاب على نسختين خطيتين، مع ملاحظة نسخة دار طيبة، ودار المعرفة، واستعنت أيضا بكتب المؤلف مثل كتاب «شرح السنة» و «الأنوار في شمائل النبي المختار» وكتب الحديث المعتبرة التي يروي المصنف من طريقها كصحيح البخاري وغيره، وهذا عند الاضطراب وكثرة الاختلاف، سواء في المتن أو الإسناد، وذلك لإثبات اللفظ الراجح، وكل ذلك ستجده في موضعه إن شاء الله تعالى.
- فوائد هامة تتعلق بكتب التفسير والمفسرين
اعلم أخي المسلم أن عامة كتب التفسير قد احتوت على أحاديث ضعيفة وموضوعة، وأخبار إسرائيلية منكرة، وقصص تالفة لا طائل بذكرها، ومن ذلك الحديث الموضوع في فضائل القرآن سورة سورة حيث رواه الثعلبي في تفسيره منجما عند كل سورة ما يناسبها وتبعه على ذلك تلميذه الواحدي وذلك في «الوسيط» وسار على طريقتهما الزمخشري في «الكشاف» وقد نص الأئمة الحفاظ على وضعه.
جاء في «الموضوعات الكبرى» للحافظ ابن الجوزي في (١/ ٢٣٩- ٢٤٢) ما ملخصه: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك، قال: أنبأنا محمد بن المظفر بن بكران. قال: أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي. قال:
أنبأنا يوسف بن الدخيل. قال: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عمرو العقيلي، قال: حدثني علي بن الحسن بن
11
عامر قال: حدثنا محمد بن بكار. قال: حدثنا بزيع بن حسان أبو الخليل. قال: حدثنا عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وعطاء بن أبي ميمونة، كلاهما عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «يا أبي من قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر... »، فذكر سورة سورة، وثواب تاليها إلى آخر القرآن.
ثم كرر إسناده إلى أبي بن كعب قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها مرتين، وقال: إن جبريل أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ وهو يقرئك السلام. فقال أبي: فقلت لما قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم، كانت لي خاصة فخصني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه. قال: نعم يا أبيّ! أيّما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن، وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة، ومن قرأ آل عمران أعطي بكل آية منها أمانا على جسر جهنم، ومن قرأ سورة النساء أعطي من الأجر كأنما تصدق على كل من ورثه ميراثا، ومن قرأ سورة المائدة... ، الحديث.
قال العلامة ابن الجوزي: وقد فرق هذا الحديث أبو إسحاق الثعلبي في «تفسيره» فذكر عند كل سورة منه ما يخصها، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك، ولا أعجب منهما، لأنهما ليسا من أصحاب الحديث، وإنما عجبت من أبي بكر بن أبي داود كيف فرقه على كتابه الذي صنفه في فضائل القرآن، وهو يعلم أنه حديث محال! ولكن شره جمهور المحدثين فإن من عادتهم تنميق حديثهم ولو بالبواطيل. وهذا حديث فضائل السور مصنوع بلا شك، وقد روى في فضائل السور أيضا ميسرة بن عبد ربه. قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لميسرة من أين جئت بهذه الأحاديث «من قرأ كذا، فله كذا» قال: وضعته حسبة أرغب الناس فيه، ثم أسند ابن الجوزي عن علي بن الحسين قال: سمعت ابن المبارك يقول في حديث أُبِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قرأ سورة كذا فله كذا» قال ابن المبارك: أظن الزنادقة وضعته.
وأسند ابن الجوزي عن محمود بن غيلان سمعت مؤملا يقول: حدثني شيخ بفضائل السور الذي يروى عن أبي بن كعب، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بالمدائن، وهو حي، فصرت إليه، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط وهو حي، فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتا، فإذا فيه قوم من المتصوفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا وجوهم إلى القرآن. اهـ باختصار كلام الحافظ ابن الجوزي رحمه الله. وجاء في «مقدمة علوم الحديث» للعلامة ابن الصلاح في «باب معرفة الحديث الموضوع» ص ٥٩. مثال: روينا عن أبي عصمة- وهو نوح بن أبي مريم- أنه قيل له من أين لك عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبة. وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عَنْ أَبِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في فضل القرآن سورة فسورة. بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأن جماعة وضعوه، وإن أثر الوضع لبين عليه، ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم والله أعلم. اهـ.
قلت: وممن أودعه الزمخشري في «كشافه» وتبعه البيضاوي تنبيه: قول ابن الصلاح «بحث باحث» هو مؤمل كما تقدم آنفا.
وجاء في ألفية العراقي، في بحث «الموضوع» بعد أن ذكر أبيات:
12
نحو أبي عصمة إذ رأى الورى... زعما نأوا عن القران فافترى
لهم حديثا في فضائل السور... عن ابن عباس فبئس ما ابتكر
كذا الحديث عن أبي اعتراف... راويه بالوضع وبئس ما اقترف
وكل من أودعه كتابه... كالواحدي مخطئ صوابه
وقد شرح ذلك العلامة السخاوي في «فتح المغيث» (١/ ٢٤٢) وذكر في ذلك كلاما، وأنه أورده الثعلبي والواحدي وابن مردويه، والزمخشري وابن أبي داود. وعلى كل حال هو موضوع، وإن كان له طرق عن أبيّ. اهـ. باختصار.
وجاء في «منهاج السنة» للحافظ ابن تيمية (٤/ ٤) ما ملخصه: ما ينقله الثعلبي في «تفسيره» لقد أجمع أهل العلم بالحديث أنه يروي طائفة من الأحاديث الموضوعة كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة وأمثال ذلك اهـ. باختصار.
فتبين بقول هؤلاء الأئمة اتفاق الحفاظ على أن حديث فضائل القرآن سورة سورة إنما هو حديث موضوع مصنوع، وقد أورده الزمخشري في كشافه تبعا للثعلبي والواحدي وغيرهما.
وقد تتبعته وذكرت في المواضع التي فرقه فيها أنه حديث موضوع، والحمد لله تعالى.
فوائد عامة
جاء في كتاب «مقدمة في أصول التفسير» للحافظ الإمام ابن تيمية ما ملخصه:
فصل: في أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم بين لأصحابه معاني القرآن قال الله تعالى: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل: ٤٤] فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين لهم معانيه كما بين لهم ألفاظه.
ومن التابعين من تلقى القرآن كله عن الصحابة- كما قال مجاهد: عرضت القرآن، على ابن عباس أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها. ولهذا قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. ولذا اعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وأحمد وغيرهم.
والمقصود أن التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم السنة.
أ- فصل في اختلاف السلف في التفسير
وهو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد.
كتفسيرهم للصراط المستقيم- بأنه القرآن- أي اتباعه. وقال آخرون: هو الإسلام. فهذان القولان متفقان، لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن.
ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. وإذا قال الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا، وقال آخر: نزلت في كذا فذكر سببا آخر فيمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب جميعا، ومن التنازع الموجود عنهم: أن يحتمل اللفظ للأمرين. إما لكونه مشتركا في اللغة كلفظ: (قسورة) [المدثر: ٥١] يراد به الراقي، ويراد به الأسد، ولفظ (عسعس) [التكوير: ١٧] يراد به إقبال الليل، وإدباره، والأمثلة كثيرة.
13
ب- فصل في نوعي الاختلاف في التفسير
النوع الأول: ما مستنده النقل أو بغير ذلك.
والنقل: إما أن يكون عن المعصوم أو غيره فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف منه ما لا يمكن.
أما ما يحتاج إليه المسلمون فإن الله نصب على الحق فيه دليلا فمثال ما لا يفيد ولا دليل على صحته، اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف، وفي مقدار سفينة نوح، وفي الغلام الذي قتله الخضر واسمه.
فمثل هذا المنقول عن كعب الأحبار، ووهب وابن إسحاق وغيرهم. ممن يأخذ عن أهل الكتاب، فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه. إلا بحجة كما ثبت في الصحيح: «إذا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَا تَصْدِّقُوهُمْ ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما بباطل فتصدقوه» «فتح الباري» (٥/ ٣٢٣ و٨/ ١٣٨) «ومسند أحمد» (٤/ ١٣٦) ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره يشابه المنقول في المغازي والملاحم لذا قال الإمام أحمد: ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير، والملاحم، والمغازي، ويروى عنه: ليس لها أصل. أي إسناد.
لأن الغالب عليها المراسيل مثل ما يذكره عروة والشعبي والزهري وابن إسحاق والواقدي ونحوهم.
أما التفسير: فأعلم الناس به أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء وعكرمة وابن جبير وغيرهم.
والمراسيل: إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصدا كانت صحيحة اتفاقا.
وللناس في التفسير مذاهب:
الطرف الأول: أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله لا يميز بين الصحيح والضعيف، فيشك في صحة أحاديث مقطوع بصحتها.
وطرف ثان: يدّعي اتّباع الحديث لكن كلما وجد لفظا في حديث رواه ثقة يجعله دليلا له، ولكنه إذا وجد ما يخالف مذهبه أخذ يتكلف له ويتأوله.
وكما أن هناك أدلة على القطع بصحة الحديث فإن هناك أدلة تقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل. مثل حديث «من صلّى ركعتين يوم عاشوراء له أجر كذا وكذا نبيا» في التفسير من هذه الموضوعات كثير. ومثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل السور سورة سورة، فهو موضوع باتفاق أهل العلم.
والثعلبي: هو في نفسه فيه خير ودين، ولكنه كحاطب ليل ينقل من كتب التفسير الصحيح والضعيف والموضوع.
والواحدي صاحبه، كان أبصر منه بالعربية، لكنه أبعد منه عن اتباع السلف، والبغوي: تفسيره مختصر من الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة.
14
ت- فصل: الموضوعات في كتب التفسير كثيرة
منها مثلا حديث علي، وتصدقه بخاتمة في الصلاة فإنه موضوع باتفاق أهل العلم. ومثل ما روي:
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [الرعد: ٧] إنه علي، ومثل وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ
[الحاقة: ١٢] أذنك يا علي!! النوع الثاني: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال لا من جهة النقل وهذا الخلاف وقع فيه ما بعد تابع التابعين لذا فالتفاسير التي مادتها أقوال الصحابة والتابعين تخلو من هذا الخلاف كتفاسير عبد الرزاق ووكيع بن الجراح وعبد بن حميد وعبد الرحمن بن دحيم، وتفسير الإمام أحمد وإسحاق وبقي بن مخلد وابن المنذر وابن عيينة وسنيد والطبري وابن أبي حاتم وأبي سعيد الأشج وابن ماجه وابن مردويه.
أما ما بعدهم فهما صنفان:
أحدهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها؟! والثاني: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده من كان ناطقا بالعربية فصيحا بكلامه، من غير ملاحظة المتكلم بالقرآن من هو، والمنزل عليه من هو، والمخاطب به من هو.
- فالأولون: راعوا المعنى الذي ذهبوا إليه، وكثيرا ما يغلطون في صحة المعنى.
- والآخرون: راعوا مجرد اللفظ وهؤلاء كثيرا ما يغلطون في حمل الألفاظ.
والأولون صنفان: تارة يسلبون القرآن ما دل عليه وما أريد به، وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه وفي كلا الأمرين يكون ما رأوه باطلا. وكما وقع لهؤلاء في القرآن وقع لهم مقابله في الحديث ومن هؤلاء: الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة.
فالمعتزلة مثلا من أعظم الناس كلاما وجدالا، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل تفسير ابن كيسان وابن علية الذي كان يناظر الشافعي، ومثل كتاب الجبائي والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبار الهمذاني والجامع لعلم القرآن لعلي بن عيسى الرماني والكشاف للزمخشري فهؤلاء وأمثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة، وأصول المعتزلة خمسة يسمونها: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ. وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات، وقالوا:
إن الله لا يرى، والقرآن مخلوق، ولا يقوم بالله علم ولا حياة ولا سمع ولا بصر... إلخ. وأما عدلهم فمضمونه: أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها، ولا هو قادر عليها كلها وأفعال العباد لم يخلقها، لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أمر به شرعا، وما سوى ذلك فإنه يقع بغير مشقة.
ومن أصول المعتزلة واتفاقهم مع الخوارج في إنفاذ الوعيد في الآخرة، وأن الله لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة، ولا يخرجون من النار.
وقد رد عليهم المرجئة والكرامية والكلابية فأحسنوا في ردهم تارة وأساؤوا تارة.
والمقصود: أن مثل هؤلاء رأوا رأيا فحملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
ومن هؤلاء من يكون حسن العبادة فصيحا ويدس البدع في كلامه كصاحب «الكشاف» ونحوه وبسبب دخول هؤلاء في الكلام دخلت الرافضة الإمامية والفلاسفة والقرامطة.
15
وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فإنهم فسروا القرآن بأشياء غريبة كقول الرافضة في تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد: ١] : هما أبو بكر وعمر، وإِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) [التوبة: ٥٥] : هو علي، ويذكرون في ذلك الحديث الموضوع بإجماع أهل اعلم، وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة.
ومما يقارب هذه الوجوه، ما يذكره كثير من المفسرين في مثل: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧) [آل عمران: ١٧].
الصابرين: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. الصادقين: أبو بكر، القانتين: عمر. المنفقين: عثمان. المستغفرين:
علي.
وفي مثل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أبو بكر أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ عمر رُحَماءُ بَيْنَهُمْ عثمان تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً [الفتح: ٢٩] علي!؟
وأمثال ذلك من الخرافات التي تارة تتضمن تفسير اللفظ بما لا تدل عليه بحال، والصواب أن ما تقدم هي عدة صفات لموصوف واحد عام في كل مؤمن ومن البدع جعلهم اللفظ المطلق العام مختصا في شخص واحد. مثل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [المائدة: ٥٥] هو علي، ومثل: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ [الزمر: ٣٣]، أبو بكر، ومثل: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ [الحديد: ١٠] أبو بكر، ونحو ذلك. «وتفسير ابن عطية» وأمثاله، أتبع للسنة من تفسير «الكشاف» وأسلم من البدعة، وتفسير الطبري من أجل التفاسير وأعظمها قدرا.
وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول: فالصوفية مثلا والوعاظ والفقهاء، فقد يفسّرون القرآن بمعان صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها، وذلك كالذي يذكره أبو عبد الرحمن السلمي في «حقائق التفسير».
ث- تفسير القرآن بأقوال الصحابة
وذلك إذا لم تجد التفسير لآية في القرآن ولا في السنة رجعت إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى لما شاهدوه، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، كالخلفاء الأربعة وابن مسعود، وابن عباس. لذا فغالب ما يرويه إسماعيل السدي الكبير في «تفسيره» إنما عن ابن مسعود وابن عباس، ولكن ينقل عنهم ما يحكونه عن أهل الكتاب أحيانا، وقد أباح ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم «حدثوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ» (هو بعض حديث أخرجه البخاري وأحمد والدارمي والترمذي، ولهذا كان عبد الله بن عمرو، قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما أحيانا.
ج- والإسرائيليات ثلاث أقسام
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فهذا صحيح.
الثاني: ما علمنا كذبه لكونه خالف ما عندنا.
الثالث: مسكوت عنه، فلا نكذبه ولا نصدقه، وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك لا فائدة فيه تعود على الدين.
ولذا يختلف علماء أهل الكتاب فيظهر هذا أثناء النقل عنهم مثل: أسماء أصحاب الكهف، ولون
16
كلبهم، وعدتهم، وعصا موسى، وأسماء الطيور التي أحياها إبراهيم عليه السلام... إلخ، مما أبهمه القرآن لأنه لا فائدة في تعيينه، ونقل الخلاف عنهم جائز كما قال تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: ٢٢] الآية. فقد اشتملت هذه الآية على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين، وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد إلى أن العلم بعدهم لا طائل تحته.
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف، وذلك بأن تستوعب الأقوال، ثم ينبه على الصحيح، ويبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف.
ح- فصل في التفسير بأقوال التابعين
وذلك إذا لم نجد في القرآن والسنة ولا عن الصحابة فيرجع في ذلك إلى التابعين كمجاهد بن جبر، فإنه آية في التفسير، وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ البصري، وابن المسيب، وأبي العالية وغيرهم، قال شعبة بن الحجاج: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون حجة في التفسير، وهذا إذا اختلفوا أما إذا اتفقوا فهو حجة.
خ- تفسير القرآن بالرأي
فأما تفسير القرآن بالرأي فحرام، وفي الحديث: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
وأخرج الترمذي عن جندب مرفوعا: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فأصابه، فقد أخطأ» قال الترمذي:
هذا حديث حسن غريب اهـ وروى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ عن أبي بكر، وقد سئل عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) [عبس: ٣١] فَقَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كتاب الله ما لم أعلم.
وروى أبو عبيد عن عمر أنه تلا هذه الآية وقال: هذه الفاكهة عرفناها فما الأب، ثم رجع إلى نفسه، فقال: إن هذا لتكلف يا عمر.
ولذا روى أبو عبيد عن مسلم بن يسار قال: إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله، وما بعده.
وروى أبو عبيد عن ابن المسيب أنه كان إذا سئل عن الحلال والحرام كان أعلم الناس، وإذا سئل عن آية سكت كأن لم يسمع.
وروى الطبري عن ابن عباس قال: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب في كلامها، ووجه يعرفه كل الناس، ووجه لا يعلمه إلا العلماء، ووجه لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى ذكره اهـ. كلام ابن تيمية من «مقدمة في أصول التفسير».
وجاء في الأسئلة العشرة والأجوبة الفاضلة للكنوي ص ١٠١: ما ملخصه: وقال ابن تيمية في «منهاج السنة» (٤١٤) ما ينقله الثعلبي في تفسيره لقد أجمع أهل العلم بالحديث أنه يروي طائفة في الأحاديث الموضوعة وهكذا الواحدي تلميذه. وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أنه لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الثعلبي والنقاش والواحدي وأمثالهم، لكثرة ما يروونه من الحديث. ويكون ضعيفا بل موضوعا.
17
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في «التعليقات الحافلة» : والثعلبي له تفسير وعرائس المجالس في قصص الأنبياء، وهو مطبوع منتشر، وفيه بلايا وزايا!! وأما الواحدي: فله كتاب أسباب النزول، وهو مطبوع وله في التفسير ثلاثة كتب البسيط والوسيط والوجيز، وهذا الأخير طبع بمصر قال شيخ شيوخنا الكتاني: في تفسير الثعلبي وقصصه أحاديث موضوعة وقصص باطلة. قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة:
ومن الموضوع حديث فضائل السور سورة سورة، ذكره الثعلبي والواحدي في أوائل كل سورة، وذكره الزمخشري في أواخر كل سورة، وهو كذب باتفاق المحدثين.
وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: وقد سلك الحافظ ابن كثير في تفسيره مسلكا حسنا فبين علل الأحاديث وسرد أسانيدها وتكلم على رواتها ومع ذلك فقد ندّ منه بعض الأحاديث فأورده بسنده دون أن ينبه عليه مثال ذلك: حديث ثعلبة عند قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ [التوبة: ٧٥] فذكره بسنده من رواية ابن جرير وابن أبي حاتم، دون أن ينتقد سندها كعادته، وهي قصة تالفة، في إسنادها معان بن رفاعة قال البخاري: منكر الحديث، أي لا يحل الرواية عنه. هكذا يعني البخاري بقوله.
لذا قال ابن حجر: ضعيف جدا.
ومع ذلك يمكن أن نقول: أحسن التفاسير المسندة التي بين أيدينا تفسير ابن كثير ثم قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: وقال ابن تيمية في كتابه «الرد على البكري» ص ٨: إذا كان في تفسيري الثعلبي والواحدي ونحوهما الموضوع في الفضائل والتفسير ما لم يجز الاعتماد عليه فكيف بغيرها كتفسير أبي القاسم القشيري ابن صاحب الرسالة القشيرية. وأبي الليث السمرقندي، وحقائق- التفسير للسلمي فإن فيها ما يعلم أنه من أعظم الكذب؟! مع أن هؤلاء أهل دين وصلاح اهـ.
د- المفسرون المكثرون
١- ابن عباس: هو أكثر الصحابة وأشهرهم تفسيرا للقرآن الكريم كان له مدرسة تخرج منها مجاهد وعكرمة وغيرهما. روى له الأئمة الستة: هو عبد الله بن عباس الإمام البحر عالم العصر، مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم، وله ثلاث عشرة سنة، وقد دعا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم الله أن يفقهه في الدين، ويعلمه التأويل.
روى الأعمش عن أبي وائل: استعمل علي ابن عباس على الحج فخطب يومئذ خطبة، لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسرها. توفي بالطائف سنة ثمان وستين اهـ.
«تذكرة الحفاظ» (١/ ٤٠).
٢- الحسن بن أبي الحسن بن يسار البصري: الإمام شيخ الإسلام أبو سعيد يقال: مولى زيد بن ثابت نشأ بالمدينة، وحفظ القرآن في خلافة عثمان، لازم الجهاد والعلم والعمل حدث عن عثمان والمغيرة وابن عباس، وحدث عنه قتادة وأيوب وابن عون.
وقد أفردت في ترجمته جزءا سميته: الزخرف القصري، توفي سنة ١١٠ وله ثمان وثمانون سنة اهـ. «تذكرة الحفاظ» (١/ ٧١).
٣- سعيد بن جبير: الكوفي المقرئ الفقيه أحد الأعلام سمع ابن عباس وابن عمر وطائفة، وعنه الأعمش وأيوب قتله الحجاج سنة: ٩٥ لكونه قاتله مع ابن الأشعث وكان ابن عباس إذا حج أهل الكوفة وسألوه يقول: أليس فيكم سعيد بن جبير؟! وكان لا يدع أحدا يغتاب عنده.
٤- مجاهد بن جبر: الإمام المخزومي مولاهم المكي المقرئ المفسر الحافظ، سمع سعدا وعائشة وأبا
18
هريرة وابن عمر وابن عباس ولزمه مدة وقرأ عليه القرآن.
روى عنه قتادة والأعمش وخلق.
قال مجاهد: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت.
روى عنه الأئمة الستة، توفي سنة (١٠٣) وقد بلغ ثلاثا وثمانين سنة اهـ. «تذكرة الحفاظ» للذهبي (١/ ٩٢).
٥- عكرمة أبو عبد الله البربري: ثم المدني الهاشمي مولى ابن عباس، روى عن مولاه وعائشة وأبي هريرة، وحدث عنه أيوب والحذاء وخلق، روى له الستة، قال عكرمة: طلبت العلم أربعين سنة. وكان ابن عباس يضع الكبل في رجلي على تعليم القرآن والسنن.
كان الحسن إذا قدم عكرمة البصرة أمسك عن التفسير والفتيا، ما دام عكرمة بالبصرة، قاله قرة بن خالد. توفي سنة ١٠٧ بالمدينة اهـ (تذكرة الحفاظ للذهبي) (١/ ٩٥).
٦- قتادة بن دعامة: الحافظ العلامة البصري: الكفيف الأكمه المفسر حدث عن أنس وابن المسيب وخلق وحدث عن شعبة ومعمر.
وقال ابن المسيب: ما أتاني عراقي أحفظ منه.
توفي سنة ١١٨ روى له الستة اهـ. تذكرة الحفاظ (١/ ١٢٢).
٧- كعب الأحبار: هو كعب بن ماتع الحميري من كبار أهل الكتاب، أسلم في زمن أبي بكرة، ووفد في خلافة عمر، وأخذ عنه بعض الصحابة والتابعين، توفي في خلافة عثمان، وبعض النقاد في ريب منه، إذ استمر في رواية الإسرائيليات والأباطيل.
٨- وهب بن منبه: هو الحافظ الصنعاني عالم اليمن، روى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وجابر وغيرهم، وعنده علم أهل الكتاب، وحديثه في الصحيحين والسنن إلا ابن ماجه، كان ثقة واسع العلم إلا أن أكثر من رواية الإسرائيليات، توفي سنة (١١٤).
والآن أذكر جملة من المفسرين ممن تكلم فيهم.
٩- مقاتل بن سليمان: هو البلخي المفسر، روى عن مجاهد والضحاك، وعنه علي بن الجعد وآخرون.
قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة.
وقال الشافعي: الناس عيال في التفسير على مقاتل بن سليمان، اهـ الميزان للذهبي (٤/ ١٧٣).
١٠- الضحاك بن مزاحم البلخي: المفسر، قال ابن عدي: إنما عرف بالتفسير، وأما رواياته عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ففيها نظر، ووثقه أحمد وضعفه القطان وكان شعبة ينكر أن يكون لقي ابن عباس، ومع ذلك وثقه يحيى وأحمد وأبو زرعة اهـ الميزان للذهبي (٢/ ٣٢٥).
١١- الكلبي: هو محمد بن السائب المفسر النسابة الأخباري، روى له الترمذي اهـ (الميزان للذهبي) (٣/ ٥٥٦).
قال الثوري: اتقوا الكلبي. فقيل له: أنت تروي عنه. فقال: أنا أعرف صدقه من كذبه.
قال البخاري: قال المديني: قال الكلبي للثوري: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب- يقصد
19
عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس.
قال ابن عدي: رضوه في التفسير، وأما الحديث فعنده مناكير.
وقال ابن حبان: كان سبائيا يقول بالرجعة لعلي.
وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد: يحل النظر في تفسير الكلبي قالا: لا.
وقال ابن معين: غير ثقة. كذبه الجوزجاني. قال ابن حبان: يروى عن أبي صالح عن ان عباس التفسير، وأبو صالح لم ير ابن عباس، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف، لا يحل ذكره في الكتب فكيف الاحتجاج به اهـ (الميزان للذهبي) (٢/ ٥٥٦).
١٢- جويبر بن سعيد: هو البلخي المفسر صاحب الضحاك روى له ابن ماجه، قال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك.
وقال يحيى القطان: تساهلوا في أخذ التفسير عن القوم لتولعهم في الحديث ثم قال: جويبر والضحاك والكلبي لا يحمد حديثهم ويكتب التفسير عنهم اهـ. (الميزان للذهبي) (١/ ٤٢٧).
١٣- السدي الكبير: روى له مسلم، وأصحاب السنن. وروى عن أنس وجماعة، وعنه الثوري وخلق. وثقه أحمد ولينه ابن معين، وقال ابن عدي: هو عندي صدوق مر النخعي بالسدي، وهو يفسر لهم القرآن فقال: أما إنه يفسر تفسير القوم. اهـ. (الميزان للذهبي) (١/ ٢٣٦).
١٤- السدي الصغير: محمد بن مروان يروي عن الأعمش وغيره، تركوه وبعضهم اتهمه بالكذب، وهو صاحب الكلبي.
قال البخاري: سكتوا عنه اهـ. (الميزان للذهبي) (٤/ ٣٢).
١٥- النقاش: محمد بن الحسن الموصلي المقرئ المفسر، قرأ بالروايات ورحل. وتعب واحتيج إليه.
قال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث والغالب عليه القصص.
وقال أبو القاسم اللالكائي: تفسير النقاش المسمى (شفاء الصدور)، هو إشقاء الصدور اهـ (الميزان للذهبي) (٣/ ٥٢٠).
١٦- الثعلبي: هو أحمد بن محمد أبو إسحاق النيسابوري: المفسر كان حافظا واعظا، رأسا في التفسير والعربية متين الديانة توفي سنة (٤٢٧) هـ (العبر للذهبي) (٢/ ٢٥٥).
١٧- الواحدي: هو علي بن أحمد النيسابوري تلميذ الثعلبي وأحد من برع في العلم، كان رأسا في العربية توفي سنة: (٤٦٨) اهـ. (العبر للذهبي) (٢/ ٣٢٢).
ذ- أئمة التفسير بالأثر
١- عبد الرزاق الصنعاني: هو ابن همام الحافظ الحميري صاحب التصانيف، روى عن ابن جريج والأوزاعي والثوري وخلق، وعنه أحمد وإسحاق ويحيى، قال الذهبي: قلت: وثقه غير واحد، وحديثه مخرج في الصحاح، وله ما ينفرد به، نقموا عليه التشيع، وما كان يغلو فيه، توفي سنة (٢١١) هـ.
(تذكرة الحفاظ) (١/ ٣٦٤).
٢- النسائي: هو الإمام الحافظ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شعيب بن علي النسائي- نسبة إلى نسا- بلدة بفارس، له كتاب السنن الكبرى، والمجتبئ والتفسير، وخصائص علي، وغير ذلك من الكتب
20
والمصنفات، توفي سنة (٣٠٣ هـ) رحمه الله تعالى.
٣- محمد بن جرير الطبري: الإمام الفرد الحافظ أبو جعفر، صاحب التصانيف من أهل طبرستان سمع ابن منيع وخلق، وحدث عنه الطبراني وآخرون.
قال ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير، ولكن ظلمته الحنابلة.
له كتاب التاريخ والتفسير والقراءات واختلاف العلماء وتاريخ الرجال وغيرهم، توفي سنة ٣١٠ هـ «تذكرة الحفاظ» (٢/ ٧١٠).
٤- ابن المنذر: الحافظ العلامة الفقيه الأوحد أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النيسابوري شيخ الحرم صاحب الكتب، لم يؤلف مثلها ككتاب المبسوط في الفقه وغيره، كان مجتهدا لا يقلد أحدا حدث عنه ابن المقرئ وغيره، وسمع ابن الصائغ وخلقا، توفي سنة ٣١٨ هـ (تذكرة الحفاظ) (٣/ ٧٧٢).
٥- ابن أبي حاتم: الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام عبد الرحمن بن الحافظ الكبير أبي حاتم الرازي، ارتحل به أبوه، فأدرك الأسانيد العالية، روى عنه أبو الشيخ ابن حيان، وآخرون توفي سنة (٣٢٧) له كتاب «الجرح والتعديل» «والتفسير» في عدة مجلدات، «والرد على الجهمية» اهـ (تذكرة الحفاظ) (٣/ ٨٢٩).
دراسة حول الكتاب ومؤلفه
١- البغوي الإمام المفسر:
- إن الطريقة التي اتبعها المؤلف في هذا التفسير هو أنه يفسر القرآن بالقرآن وبالحديث النبوي، وبالآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، وبأقوال العلماء.
- ويسرد عند كل سورة أو آية ما ورد في فضلها أو تفسيرها أو سبب نزولها.
- ويتعرض للمعنى اللغوي، لكن باختصار. ويتعرض أيضا للقراءات لكن مع الاختصار، وقد تحاشى رحمه الله ما ولع به كثير من المفسرين من مباحث الإعراب والتطويل في ذلك والاستطراد في علوم وأبحاث لا تعلق لها بعلم التفسير.
وربما ذكر الإسرائيليات من غير تعقيب، وأحيانا يورد الإشكال على ظاهر النظم فيجيب عنه، كما أنه ينقل الخلاف عن السلف في التفسير ويذكر الروايات عنهم في ذلك، من غير توهين لرواية أو تصحيح لأخرى.
وقد قال واصفا الطريقة التي سلكها في مقدمته: «فَجَمَعْتُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَسُنِ توفيقه كتابا وسطا بين الطويل المحل وَالْقَصِيرِ الْمُخِلِّ، أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى تَحْصِيلِهِ مريدا».
٢- البغوي الإمام المحدث:
- إن الصورة التي تركها المصنف من خلال هذا التفسير هي أنه إمام محدث عالم به رواية ودراية.
- أما الرواية فقد أسند أكثر الأحاديث المرفوعة الواردة في هذا التفسير.
- وأما الدراية فقد تحرى في تلك الأحاديث الصحيح ما استطاع إلى ذلك سبيلا، لذا روى الكثير من طريق البخاري وسائر الكتب المعتمدة.
21
- وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في «مقدمة في أصول التفسير» ص ١٩: والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة، والآراء المبتدعة.
- وقال في «الفتاوى» ٢/ ١٩٣ وقد سئل عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة: الزمخشري، أم القرطبي، أم البغوي؟ أم غير هؤلاء.
فقال: أما التفاسير الثلاثة المسئول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي، لكنه مختصر من تفسير الثعلبي، وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه، وحذف أشياء غير ذلك.
- قلت: وعامة ما يرويه صحيح أو حسن.
- وربما روى الضعيف فمن ذلك: الحديث برقم: ١٧ و٤٣ و٥٨ و٨٠ و١٠٦ و١٢٠ و١٥٧ و٢٣٣ و٤١٤ و٤٤٦ و٤٥٠ و٦٥٣ و١١١٩.
وربما روى الضعيف لكن أشار إلى ذلك حيث ذكره بصيغة التمريض فمن ذلك الحديث ٣٨ و٤٣٩ و٩١٧...
- وربما روى الضعيف جدا: فمن ذلك الحديث برقم: ٣٠٨ و٤٣٩ و٤٤٦ و٤٨٨ و٥٩٣ و٦٢٨ و١١٣١ و١١٤٤، ،،- وربما روى الموضوع أو الباطل وهذا نادر جدا في هذا التفسير: فمن ذلك الحديث برقم: ٥٨٠ و٧٢٦ و٨١٢ و٨٥٧ و١٠٩٤ و٨٩١.
- وأكثر ما يقع هذا النوع في أسباب النزول.
- وربما روى حديثا مرفوعا لكن الراجح وقفه: فمن ذلك الحديث برقم: ٦ و٨ و٤١٤ و٤١٥ و٤٤٧ و٨٣١ و١١١٩ و١١٤٤.
- وربما روى حديثا ضعيف الإسناد لكن له شواهد: فمن ذلك الحديث: ٢٠ و١٠٤ و١١١ و٢٥٩ و٦٥٢ و٨٦٥ و٩٥٠ و٩٩٤...
- وربما روى حديثا بعضه صحيح، وبعضه ضعيف أو منكر: فمن ذلك الحديث برقم: ٤١ و٤٥ و٦٢٩ و١٠٢٢ و١١٨٢.
- وربما روى خبرا وهو منتزع من حديثين. فمن ذلك الحديث ٨٧١.
- تنبيه: وما ذكرته من أمثلة على الأحاديث الواهية الواردة في هذا التفسير لا يعني الطعن بهذا الكتاب أو مؤلفه، بل هو حقا أقل التفاسير ذكرا للأحاديث الواهية والمنكرة.
- بل عامة ما ساقه من هذه الأحاديث قد أشار إلى ضعفه فإما جرده عن الإسناد، أو ذكره بصيغة التمريض.
أو ساق ما ورد مرفوعا على أنه موقوف ونحو ذلك.
وقد قال رحمه الله في مقدمته: وما ذكرته مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ عَلَى وِفَاقِ آيَةٍ أَوْ بَيَانِ حُكْمٍ، فَإِنَّ الْكِتَابَ يُطْلَبُ بيانه من السنة، وعليها مَدَارُ الشَّرْعِ وَأُمُورُ الدِّينِ، فَهِيَ مِنَ الْكُتُبِ الْمَسْمُوعَةِ لِلْحُفَّاظِ وَأَئِمَّةِ الحديث.
وقد ساق المصنف عامة الآثار الموقوفة والمقطوعة في أثناء الكتاب بدون إسناد، واكتفى بأنه ساق إسناده إلى هؤلاء الأئمة في أول الكتاب، قصد بذلك الاختصار.
22
- ومع ذلك فقد أورد آثارا عن ابن عباس وغيره من وجوه وطرق ليست في أول الكتاب.
ومما يؤخذ على المصنف رحمه الله نقله عن الكلبي ومقاتل وجويبر وغيرهم ممن هو متروك أو متهم بالكذب، لكن الظاهر أنه تابع غيره، فعامة المفسرين ينقلون عن هؤلاء وغيرهم.
- وأكثر ما نقل عن هؤلاء هو في باب أسباب النزول.
٣- البغوي الإمام اللغوي:
إن الصورة التي تركها الإمام البغوي من خلال هذا التفسير هي أنه إمام لغوي، يفسر الآية، ويبين معناها بلفظ موجز سهل، بحيث يفهمه الطالب المتخصص وغير المتخصص.
- وهو يعتمد الاختصار في مباحث النحو والإعراب فكتابه مختصر عن كتابي الثعلبي والواحدي.
- وربما ذكر أقوالا عن أئمة اللغة مع العزو لقائله، وهذا قليل فمن ذلك: عند قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [البقرة: ٢٦]. فقال فَما فَوْقَها يَعْنِي: الذُّبَابَ وَالْعَنْكَبُوتَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ فَمَا دُونَهَا كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ جَاهِلٌ، فَيُقَالُ وَفَوْقَ ذَلِكَ، أَيْ: وَأَجْهَلُ.
- وقال في الآية وَإِذْ قالَ رَبُّكَ [البقرة: ٣١] قَالَ الْمُبَرِّدُ: إِذَا جَاءَ إِذْ مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ مَعْنَاهُ مَاضِيًا كقوله تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ [الأنفال: ٣٠] يريد وإذا مكر، وَإِذَا جَاءَ إِذَا مَعَ الْمَاضِي كَانَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلًا، كَقَوْلِهِ: فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ [النازعات: ٣٤] وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ أي: يجيء.
- وقال في قول تعالى: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ... [البقرة: ١٧٧] «وَالصَّابِرِينَ» : وَفِي نَصْبِهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: نَصْبُهَا عَلَى تطاول الكلام... وَقَالَ الْخَلِيلُ: نُصِبَ عَلَى الْمَدْحِ.
- وقال عند قوله تعالى: فَرِهانٌ [البقرة: ٢٨٣] «فرهان» : جَمْعُ رَهْنٍ، مِثْلُ: بَغْلٍ وَبِغَالٍ، وَجَبَلٍ وَجِبَالٍ، وَالرُّهُنُ جَمْعُ، الرِّهَانِ: جَمْعُ الْجَمْعِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ.
- وقال أبو عبيدة وَغَيْرُهُ: هُوَ جَمْعُ الرَّهْنِ أَيْضًا مثل: سقف وسقف.
٤- البغوي الإمام الفقيه:
إن الصورة التي تركها المصنف من خلال هذا التفسير هي أنه إمام فقيه لكنه يعتمد الاختصار في ذلك كما ذكر في مقدمته.
- فمن المسائل الفقهية التي سلك فيها الاختصار مسألة السعي بين الصفا والمروة.
- فقال عند قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ... [البقرة: ١٥٨] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَوُجُوبِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِهِ، وَهُوَ قول ابن عمرو وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
- وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَيْرَيْنِ وَمُجَاهِدٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ دم.
- ثم أسند حديثين دليلا لمن أوجبه.
- ومن ذلك ما ذكره في بحث أكل الميتة ونحو ذلك للمضطر، وذلك عند قوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ... [البقرة: ٥٨].
23
- ومن ذلك الكلام على اليمين والكفارة في سورة البقرة لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ [البقرة:
٢٢٥].
- وربما توسط في الأبحاث الفقهية:
- فمن ذلك ما ذكره عند الْآيَةَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ [البقرة: ١٧٨] حيث ذكر بحث القصاص من غير تطويل ولا اختصار.
- ومن ذلك كلامه على الصوم في سورة البقرة آية ١٨٣.
- ومن ذلك كلامه على مسألة الخمر وتحريمه في سورة البقرة، آية ٢١٩ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ....
- ومن ذلك مسألة الحيض عند قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة: ٢٢٢].
ومن ذلك بحث الجماع عند الآية نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ... [البقرة: ٢٢٣].
- ومن ذلك بحث الإيلاء عند الآية لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦)... [البقرة: ٢٢٦].
- وربما أطال في بعض الأبحاث:
- ومن ذلك كلامه على الحج في سورة البقرة، آية: ١٩٧- ٢٠٣ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ....
- ومن ذلك الكلام على الطلاق ودواعيه عند الآيات وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ...
[البقرة: ٢٢٨- ٢٣٧].
- الإمام البغوي والقراءات:
- إن الصورة التي تركها المؤلف من خلال هذا التفسير هي أنه إمام مقرئ، يعتمد كثيرا ذكر القراءات لكنه اقتصر على القراءات المشهورة المتواترة، وقد قال رحمه الله في مقدمته عن ذلك:
- وقد ذكرت في الكتاب قراءة من اشتهر منهم بالقراءات واختياراتهم... ثم ذكر القراء المشهورة قراءتهم والمتواترة وقال عقب ذلك: فذكرت قراءة هَؤُلَاءِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بها.
- فمن الأمثلة على اهتمامه بالقراءات:
قوله عند الآية اهْدِنَا الصِّراطَ... [الفاتحة: ٦].
قرئ بالسين، رواه رويس عَنْ يَعْقُوبَ، وَهُوَ الْأَصْلُ، سُمِّيَ سِرَاطًا لِأَنَّهُ يَسْرُطُ السَّابِلَةَ، وَيُقْرَأُ بِالزَّايِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِإِشْمَامِ الزَّايِ وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ، وَالِاخْتِيَارُ الصَّادُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ لِمُوَافَقَةِ الْمُصْحَفِ.
- وقال عند الآية قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا... [البقرة: ١٣].
- قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَالشَّامِ... «السُّفَهَاءُ أَلَا» بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ هَمْزَتَيْنِ وَقَعَتَا فِي كَلِمَتَيْنِ اتَّفَقَتَا أَوِ اخْتَلَفَتَا، وَالْآخَرُونَ يُحَقِّقُونَ الْأُولَى، وَيَلِينُونَ الثَّانِيَةَ فِي الْمُخْتَلِفَتَيْنِ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، فَإِنْ كَانَتَا مُتَّفِقَتَيْنِ مِثْلَ: «هؤلاء- أولياء- أولئك- وجاء أمر ربك» قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْبَزِّيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَوَرْشٌ وَالْقَوَّاشُ وَيَعْقُوبُ بِتَحْقِيقِ الْأُولَى وَتَلْيِينِ الثَّانِيَةِ، وَقَرَأَ قَالُونُ بِتَلْيِينِ الْأُولَى وَتَحْقِيقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَا يُسْتَأْنَفُ أَوْلَى بِالْهَمْزَةِ مما يسكت عليه.
24
- وقال عند الآية قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً [البقرة: ٦٧].
قرأ حمزة «هزوا وكفؤا» بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتثقيل، ويترك الهمزة حفص.
- قوله: بالتثقيل: أي بالضم بدل السكون على الحرف قبل الأخير.
- وقال عند الآية وَأَرِنا مَناسِكَنا....
قرأ ابن كثير «أرنا» سَاكِنَةَ الرَّاءِ، وَأَبُو عَمْرٍو بِالِاخْتِلَاسِ، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، وَوَافَقَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْإِسْكَانِ فِي «حم السَّجْدَةِ» وَأَصْلُهُ: أَرْئِنَا- فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إلى الراء.
- وقال عند الآية فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ... قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ «إِنَّ اللَّهَ» بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ تَقْدِيرُهُ: فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَتْ: إن الله، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْفَتْحِ بِإِيقَاعِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ قَالَ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِأَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ، قَرَأَ حَمْزَةُ «يبشرك» وبابه التخفيف كُلَّ الْقُرْآنِ إِلَّا قَوْلَهُ: «فَبِمَ تبشرون» فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى تَشْدِيدِهَا، وَوَافَقَهُ الكسائي هاهنا في الموضعين...
- وقال عند الآية... يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران: ٧٥] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ وحمزة «يؤده-، لا يؤده» سَاكِنَةَ الْهَاءِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَالُونُ وَيَعْقُوبُ بِالِاخْتِلَاسِ كَسْرًا، وَالْبَاقُونَ بالإشباع كسرا...
- الإمام البغوي وعقيدته:
- إن الصورة التي تركها الإمام من خلال هذا التفسير هي أنه إمام عالم من أئمة أهل السنة، لكن اضطرب قوله في بحث الصفات، فتارة سلك من مسلك السلف وهو عدم التأويل، وتارة سلك الخلف، وهو التأويل.
- أما ما سلك فيه مسلك السلف فهو قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: ٥٤] فقال رحمه الله: وأوّلت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء، فأما أهل السنة يقولون: الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِلَا كَيْفٍ، يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْإِيمَانُ بِهِ، وَيَكِلُ الْعِلْمَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَأَلَ رَجُلٌ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِهِ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥) كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ مَلِيًّا وَعَلَاهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ قَالَ:
الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَظُنُّكَ إِلَّا ضَالًّا، ثم أمر فأخرج.
- وروي عن الثوري والأوزاعي والليث وابن عيينة وابن الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي جَاءَتْ في الصفات والمتشابهات: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ.
- وأما ما سلك فيه مسلك الخلق، وهو التأويل، فهو قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [القلم:
٤٢].
فقال رحمه الله: قيل: عن ساق: عن أمر فظيع شديد...
- وكذا عند قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ [الفجر: ٢٢] فقال رحمه الله: جَاءَ أَمْرُهُ وَقَضَاؤُهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: ينزل حكمه.
٧- الإمام البغوي المحقق المرجح:
إن الصورة التي تركها المؤلف من خلال هذا الكتاب هي أنه يذكر قولا واحدا، أو أقوالا متعددة في تفسير الآية أو بيان معناها من غير ترجيح مع اختلاف واضطراب تلك الأقوال، وربما رجح وصوب أحد الأقوال، وهو يسير.
25
فمن ذلك:
- قوله عند الآية وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا [البقرة: ٣٤].
فقال: «... اسْجُدُوا» : فِيهِ قَوْلَانِ الْأَصَحُّ أَنَّ السُّجُودَ كَانَ لِآدَمَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَتَضَمَّنَ مَعْنَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وجل امتثال أَمْرِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ سُجُودَ تَعْظِيمٍ وتحية لا سجود عبادة...
- وقيل: لَآدَمَ: أَيْ إِلَى آدَمَ، فَكَانَ آدَمُ قِبْلَةً، وَالسُّجُودُ لِلَّهِ تَعَالَى...
- ومن ذلك قوله عند الآية وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ... [آل عمران: ٧].
- فقال: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَظْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ- الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ (وَالرَّاسِخُونَ) وَاوُ الْعَطْفِ، يَعْنِي أَنَّ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ يَعْلَمُهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، وَهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، وهذا قول مجاهد والربيع...
وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الْوَاوَ، وَاوُ الِاسْتِئْنَافِ، وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ....
- قال: وهذا القول أَقْيَسُ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِ الآية.
- وقال عند الآية قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ... [المائدة: ١١٥] واختلف العلماء: هَلْ نَزَلَتْ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مجاهد والحسن: لم تنزل، فإن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَوْعَدَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ خَافُوا أَنْ يَكْفُرَ بَعْضُهُمْ فَاسْتَعْفُوا، وَقَالُوا: لَا نُرِيدُهَا، فَلَمْ تَنْزِلْ.
قال: وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ... وَلَا خُلْفَ فِي خَبَرِهِ...
- الإمام البغوي والإسرائيليات:
- لم يكثر الإمام البغوي من ذكر الإسرائيليات، ومن الأخبار التي أوردها، وهي من أخبار الأقدمين:
- ما ذكره في شأن آدم وحواء ونزولهما من الجنة، وذلك عند قوله تعالى: وَقُلْنَا اهْبِطُوا [البقرة:
٣٦] فقد ذكر أخبارا مختصرة عن أئمة التفسير، ولم يذكر قصصا مطولة كغيره من المفسرين.
- في حين ذكر خبرا مطولا عند قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ [البقرة: ٥٠]. ومصدره كتب الأقدمين، وفيه مبالغات ومجازفات ظاهرة.
- وكذا قصة هاروت وماروت في سورة البقرة، آية: ١٠٢.
- ومن ذلك ما ذكره عند قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ [البقرة: ١٢٧].
- ومن ذلك ما ذكره عند الْآيَةُ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ... [البقرة: ٢٤٣] حيث نقل عن الكلبي ومقاتل وغيرهما ممن يروي عن أهل الكتاب.
- وكذا عند الآية أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ... [البقرة: ٢٤٦].
- وذكر خبرا مطولا في شأن قتل داود لجالوت عند الآية وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ... [البقرة:
٢٥١].
26
- وذكر خبرا مطولا عند الآية أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ... [البقرة: ٢٥٩].
- وذكر خبرا عند قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ... [آل عمران: ٥٢].
- وذكر خبر نزول المائدة وما فيها وما عليها عند قوله تعالى: قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ...
[المائدة: ١١٥].
ترجمة الإمام البغوي (٤٣٦- ٥١٦)
١- التعريف به:
هو الإمام الجليل العلامة الحافظ المسند الفقيه المفسر المقرئ، صاحب المصنفات التي اشتهرت في الآفاق، أحد من قام في عصره بنشر علوم الإسلام أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الفراء البغوي.
٢- نسبته:
اشتهرت نسبته بالبغوي، وينسب أحيانا بالفراء أو ابن الفراء، نسبة لعمل أو بيع الفراء.
- أما نسبته البغوي، فهي إلى «بغ» أو «بغشور» والنسبة إلى بغشور على غير قياس.
- قال ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ١/ ٤٦٧:
بغشور بليدة بين هراة ومرو الرّوذ، شهر بهم من آبار عذبة، وهم في برية ليس عندهم شجرة واحدة، ويقال لها بغ أيضا، رأيتها في شهور سنة ٦١٦ والخراب فيها ظاهر، وقد نسب إليها خلق كثير من الأعيان.
- وقال الفيروزآبادىّ: بغشور... وهو معرب كوشور، أي الحفرة المالحة.
- وقال الزبيدي في «تاج العروس» ٢/ ٥٤:
وهذا تعريف غريب فإن- بغ- بالفارسية البستان، ولا ذكر للحفرة في الأصل، إلا أن يقال: إن أرض البستان دائما تكون محفورة.
- ولادته ونشأته وحياته العلمية:
- ولد رحمه الله سنة ٤٣٣ بذلك جزم ياقوت في «معجم البلدان» ١/ ٤٦٧.
- نشأ في بلدته بغشور، وبها طلب العلم أولا، فما زال يجد ويجتهد في تحصيل علوم الشريعة، وبخاصة تفقهه بمذهب الشافعي حتى كان يميل فيه إلى الترجيح والتحقيق، من غير تعصب لمذهبه بل كان يطلع على أقوال باقي الأئمة، ويتعرف على أدلتهم.
- ومع ذلك كان يدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة.
- ولم يكتف بما حصله من علوم في بلدته بل رحل في طلب المزيد، فرحل إلى مرو الرّوذ فالتقى هناك بالإمام الفقيه القاضي الحسين بن محمد المرورّوذي الشافعي فأخذ عنه، وتفقه عليه، ولازمه زمنا، وروى عنه.
- ثم رحل وطاف بلاد خراسان كطوس وسرخس وغير ذلك، وسمع خلقا كثيرا من الحفاظ الأثبات، وروى عنهم كتب الصحاح والسنن والمسانيد والأجزاء، وجالس علماء اللغة وحمل عنهم الكثير.
27
- وكان البغوي يلقب بمحيي السنة، وركن الدين، وشيخ الإسلام، وقدره عال في الحديث والفقه والتفسير وسائر علوم الإسلام.
٤- وفاته:
توفي رحمه الله بمرو الرّوذ في شوال سنة ست عشر وخمسمائة (٥١٦) وهو الذي اختاره الذهبي في «التذكرة» (٤/ ١٢٥٨) وياقوت في «معجم البلدان» (١/ ٤٦٨) وغيرهما، وهو الراجح.
- وقال ابن خلكان في «الوفيات» ٢/ ١٣٧ توفي سنة ٥١٠.
٥- شيوخ الإمام البغوي:
منهم: ١- الإمام القاضي أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ بن أحمد المرورّوذي المتوفى سنة ٤٦٢.
٢- أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أحمد المليحي الهروي المتوفى سنة ٤٦٣. وقدم أكثر عنه في هذا التفسير.
٣- أَبُو بَكْرٍ يَعْقُوبُ بْنُ أَحْمَدَ الصيرفي النيسابوري المتوفى سنة ٤٦٦.
٤- أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ المنيعي المتوفى سنة ٤٦٣.
٥- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الجويني المتوفى سنة ٤٦٣.
٦- أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصمد الترابي المتوفى سنة ٤٦٣.
٧- أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عبد الملك النيسابوري المتوفى سنة ٤٦٥.
٨- أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الملك النيسابوري المتوفى سنة ٤٧٠.
٩- أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المتوفى سنة ٤٩٢.
وغيرهم كثير.
٦- تلامذته:
منهم: محمد بن أسعد الطوسي، ومحمد بن محمد الطائي، وهما من أشهر تلامذته، ورواة كتبه، وفضل الله بن محمد النوقاني، والحسن بن مسعود البغوي، وهو أخوه، وأبو مقاتل الديلمي مناور بن فزكوه، وعمر بن الحسن البكري والد الفخر الرازي.
وأسعد بن محمد بن يوسف البامنجي، ومحمد بن عمر الشاشي، وغيرهم.
٧- أقوال العلماء فيه:
- قال عنه الإمام الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (٤/ ١٢٥٧) :
- الإمام الحافظ الفقيه المجتهد محيي السنة أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الشافعي... وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح فإنه كان من العلماء الربانيين، كان ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، وكان يأكل كسرة وحدها، فعذلوه، فصار يأكلها بزيت...
- وقال الذهبي في «العبر» (١/ ٤٠٦) في وفيات (٥١٦ هـ) : والبغوي محيي السنة الحسين بن مسعود المحدث المفسر، صاحب التصانيف وعالم خراسان،... وكان سيدا زاهدا قانعا...
- وقال عنه تاج الدين السبكي في «طبقات الشافعية» (٧/ ٧٥- ٧٧) كان إماما جليلا ورعا زاهدا فقيها محدثا مفسرا جامعا بين العلم والعمل، سالكا سبيل السلف... ، له في الفقه اليد الباسطة...
- وقال عنه ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٢/ ١٩٣) :
28
الحسين بن مسعود صاحب التفسير... اشتغل على القاضي حسين، وبرع في هذه العلوم، وكان علامة زمانه، وكان دينا ورعا زاهدا عابدا صالحا...
- وقال عنه السيوطي في «طبقات المفسرين» (١٢- ١٣) : يلقب بمحيي السنة وركن الدين أيضا، كان إماما في التفسير، إماما في الحديث، إماما في الفقه... وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة...
- وقال عنه ابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب» (٤/ ٤٨- ٤٩) : المحدث المفسر صاحب التصانيف وعالم خراسان... وقال ابن الأهدل:... وهو صاحب الفنون الجامعة، والمصنفات النافعة مع الزهد والورع والقناعة...
- وقال عنه ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» (٥/ ٢٢٣) : الإمام الحافظ المحدث أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ البغوي المعروف بابن الفراء، كان إماما حافظا، رحل إلى البلاد، وسمع الكثير، وحدّث وألّف وصنف، وكان يقال له: محيي السنة.
- وقال عنه ابن خلكان في «الوفيات» (٢/ ١٣٦) : أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ... وصنف في تفسير كلام الله تعالى، وأوضح المشكلات من قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، وروى الحديث ودرّس، وكان لا يلقي الدرس إلا وهو على طهارة...
- وقال عنه طاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» (٢/ ١٠٢) كان إماما في الفقه والحديث، وكان متورعا ثبتا حجة صحيح العقيدة في الدين.
- وقال الإمام الخازن في مقدمة تفسيره ص (٣) :... الشيخ الجليل والحبر النبيل الإمام العالم محيي السنة، قدوة الأمة، وإمام الأئمة، مفتي الفرق، ناصر الحديث، ظهير الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مسعود البغوي.
٨- مؤلفات الإمام البغوي:
١- الأربعون الصغرى- ذكره الذهبي في «سير أعلام النبيلاء» ١٩/ ٤٣٩.
٢- الأنوار في شمائل النبي المختار- ذكره صاحب «كشف الظنون» (١/ ١٩٥).
٣- ترجمة الأحكام في الفروع على مذهب الشافعي- ذكره في «كشف الظنون» (١/ ٣٩٧).
٤- التهذيب في الفقه- وهو على مذهب الشافعي أيضا. ذكره في «كشف الظنون» (١/ ٥١٧) والحموي في «معجم البلدان» (١/ ٤٦٧).
٥- الجمع بين الصحيحين- ذكره ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٢/ ١٣٦).
٦- شرح جامع الترمذي- ذكره بروكلمان في ترجمة الإمام البغوي، وذكر أن منه نسخة في المدينة المنورة «بروكلمان» (٦/ ٢٤٤).
٧- شرح السنة- انظر «كشف الظنون» (٣/ ١٠٤٠- ١٠٤١) و «معجم البلدان» (١/ ٤٦٧)، وهو كتاب مطبوع متداول.
٨- فتاوى البغوي- ذكره السبكي في «الطبقات» (٤/ ٢١٤) وتوجد منه نسخة في المكتبة السليمانية رقم (٦٧٥/ ٣).
٩- الكفاية في فروع الشافعية- ذكره في «كشف الظنون» (٢/ ١٤٩٩).
١٠- الكفاية في القراءة- ذكره في «كشف الظنون» (٢/ ١٤٩٩).
29
١١- المدخل إلى مصابيح السنة- انظر تاريخ الأدب العربي- الترجمة العربية (٦/ ٢٣٥)، ويوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة قولة بالقاهرة (١/ ٩٤).
١٢- مصابيح السنة- وهو مطبوع متداول، انظر «سير أعلام النبلاء» (٩/ ٤٤٠) و «هدية العارفين» (١/ ٣١٢).
١٣- مشكل القرآن- ذكره ابن الفوطي في ترجمته في «تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب» (٤/ ٣/ ٤١٧).
١٤- معالم التنزيل- وهو هذا التفسير الذي نحن في صدده.
١٥- معجم الشيوخ- ذكره في «كشف الظنون» (١٧٣٥) السطر ٢١، وذكره صاحب «هدية العارفين» ٣١٢.
وصف مخطوطات الكتاب
لقد اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب «معالم التنزيل» للإمام البغوي على نسختين خطيتين.
- الأولى: وهي نسخة كاملة، تتألف من جزأين، الأول من المقدمة ثم سورة الفاتحة وحتى آخر سورة الإسراء.
والثاني: من أول سورة الكهف وحتى آخر الناس. مكتوب بخط واضح مقروء، وربما وقع بياض أو محو أحيانا، سطرتها تتراوح ٢٩ و٣١ سطرا، في كل سطر ما بين ثلاثة عشر إلى سبعة عشر كلمة، قطعها ٣٠ ٢٢ سم. كتب الجزء الأول سنة ١١٩١ وكتب الثاني سنة ١١٩٢.
بداية التفسير فيه هذه العبارة:
وقف لله تعالى على جميع طلبة العلم الشريف في سائر الوجوه مع بقاء بيد- هكذا ظاهر هذه العبارة- من كتابة وقراءة ودراسة.
الجزء الأول من تفسير القرآن الكريم للشيخ الإمام البحر الهمام الفقيه المحدث المفسر، ظهير الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مسعود البغوي، قدس الله روحه، ونور ضريحه، ونفعنا به وبعلومه وأنفاسه الطاهرة في الدنيا والآخرة بإذن رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
- وكتب أيضا على هامش الكلام المتقدم: وقف مولانا الشيخ عبد الحي الحنفي، لا يباع، ولا يوهب، ولا يرهن، ولا يخرج من محله إلا لمن ينتفع به، ويعيده إليه.
ثم كتب مقابل العبارة المذكورة: وقف مولانا الشيخ عبد الحي الحنفي مقره ببيته.
- وجعل تحت ذلك ختم، وفيه عبارة غير واضحة.
- وبداية الصفحة الأولى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالْعِزَّةِ والبقاء والرفعة والعلا والسّنا، تَعَالَى عَنِ الْأَنْدَادِ وَالشُّرَكَاءِ، وَتَقَدَّسَ عَنِ الْأَمْثَالِ وَالنُّظَرَاءِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى نبيه وصفيه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء...
- وعلى الهامش تصويبات واستدراكات.
- وكتب في آخره: تم الجزء الأول من تفسير سيدنا ومولانا شيخ الإسلام البغوي نفعنا الله ببركاته
30
والمسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
وكان الفراغ من كتابة هذا الجزء المبارك صبيحة يوم الأحد خامس عشر ربيع الأول سنة ١٠٩١ هـ على يد الفقير عبد الرحمن البولاقي الأزهري القلفاط الشافعي.
- والجزء الثاني من هذا المخطوط مطلعه: سورة الكهف مَدَنِيَّةٌ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عبده الكتاب) أثنى عَلَى نَفْسِهِ بِإِنْعَامِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وخص رسوله بِالذِّكْرِ لِأَنَّ إِنْزَالَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ كَانَ نِعْمَةً عَلَيْهِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ عَلَى الْعُمُومِ...
وآخره تفسير سورة الناس، وعقب ذلك: تم كتاب تفسير الإمام القدوة شيخ المحدثين وحجة المحققين الإمام البغوي المعروف بالفرّاء، رحمه الله بالرحمة والرضوان، وأسكنه فسيح الجنان- على يد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن عبد الله البدري السيوطي، غفر الله له ولوالديه والمسلمين. بتاريخ يوم الأحد المبارك ثالث شعبان الذي هو من شهور سنة اثنتين وتسعين وألف بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وهو حسبنا ونعم الوكيل، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا آمين.
المخطوطة الثانية: وهي نسخة كاملة أيضا، وتتألف من ثلاثة أجزاء.
الأول: من المقدمة وحتى آخر سورة الأنعام.
والثاني: من بداية سورة الأعراف وحتى آخر الفرقان.
والثالث: من بداية سورة الشعراء وحتى آخر سورة الناس. كتبت بخط مقروء لكن وقع في الجزء الثاني محو وبياض في حين وقع في الجزء الثالث سواد في مواضع كثيرة. كتب هذا المخطوط بأجزائه الثلاثة سنة ١١٩٣.
الجزء الأول: عدد أوراقه ٤٠٠، مسطرته ٢٥ سطرا، في كل سطر ما بين ١١ إلى ١٧ كلمة، مقاس (٢٩ ٢١ سم).
كتب على الصفحة الأولى ما نصه:
الجزء الأول من تفسير القرآن الكريم، للشيخ الإمام البحر الهمام ظهير الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مسعود البغوي، قدس الله روحه، ونور ضريحه، ونفعنا به وبعلومه وأنفاسه الطاهرة في الدنيا والآخرة.
آمين، آمين، آمين.
- وقف هذا الكتاب الشريف، وتصدق به ابتغاء وجه الله تعالى والكتاب المكرم الأمير أحمد آغا جاويش تقلجيان، لا يباع ولا يوهب ولا يرهن (فمن بدله بعد ما سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يبدلونه، وإن الله لسميع عليم) سنة ١١٩٣.
- وجعل مقره بخزانته بجامع المرحوم شيخون العمري أول وقفه شيخون.
- وبعد ذلك تاريخ غير واضح، وبعد ذلك كلمة غير واضحة أيضا وبداية التفسير ما نصه:
- بسم الله الرّحمن الرّحيم، وبه ثقتي، وهو حسبي ونعم الوكيل، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ، السَّيِّدُ محيي السنة، ناصر الحديث، مفتي الشرق والغرب أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ...
- وآخره: (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ) لِأَنَّ مَا هُوَ آتٍ فَهُوَ سَرِيعٌ قريب، قيل: الهلاك في الدنيا، والآخرة العقاب لأعدائه (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) قَالَ عَطَاءٌ: سَرِيعُ الْعِقَابِ لِأَعْدَائِهِ غَفُورٌ لِأَوْلِيَائِهِ، رحيم بهم.
31
- تم الجزء الأول من تفسير الإمام العلامة البغوي رحمه الله، ونفعنا به.
- الجزء الثاني من المخطوط: عدد أوراقه ٤٠٧ مسطرته ٢٥ سطرا، في كل سطر ما بين ١١ إلى ١٧ كلمة المقاس (٢١ ٢٩ سم) في بدايته محو وبياض في مواضع كثيرة، في الورقة الأولى محو وبياض، والعبارة الظاهرة من ذلك تدل على أنها مكررة عن مطلع الجزء الأول، والواضح من العبارة: باش جاويش تقلجيان، وجعل مقره بخزانة جامع شيخون، وتحت يد إمامه، تقبل الله منه ذلك بتاريخ سنة ١١٩٣.
- أوله: سورة الأعراف بسم الله الرّحمن الرّحيم: (المص كِتَابٌ) أَيْ هَذَا كِتَابٌ (أنزل إليك) وهو القرآن....
- وآخره خاتمة سورة الفرقان وهو: (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) وَقِيلَ: اللِّزَامُ عذاب القبر، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. آمين آمين.
- الجزء الثالث من المخطوط: عدد أوراقه ٤٣٢ المقاس ٢١ ٢٦ مسطرته ٢٢ إلى ٢٥ سطرا، في كل سطر ما بين ١٠ إلى ١٧ كلمة على الصفحة الأول ما نصه:
الجزء الثاني من تفسير القرآن للإمام البغوي، نفع الله به في الدنيا والآخرة آمين، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليما، والحمد لله رب العالمين. آمين، آمين.
وقف هذا الجزء وتصدق به ابتغاء لوجه الله تعالى وطلبا لمرضاته الأمير أحمد آغا باش جاويش تقلجيان وجعل مقره في خزانة جامع شيخون وتحت يد إمامه. تقبل الله منه ذلك. بتاريخ سنة ١١٩٣.
أول وقف شيخون.
- مطلع هذا الجزء: سُورَةُ الشُّعَرَاءِ، مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْ آخَرِ السُّورَةِ مِنْ قوله (والشعراء يتبعهم الغاوون) وهي مائتان وسبع وعشرون آية...
- وآخره حديث: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أذن لنبيّ حسن الصوت أن يتغنى بالقرآن يجهر به». والله أعلم.
تم بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
32
صفحة عنوان الخطوطة «أ»
33
الصفحة الأولى من المخطوط «أ»
34
الصفحة الثانية من المخطوطة «أ»
35
الصفحة الثالثة من المخطوطة «أ»
36
الصفحة الرابعة من المخطوطة «أ»
37
صفحة العنوان من النسخة «ب»
38
الصفحة الأولى من النسخة «ب»
39
الصفحة الثانية من النسخة «ب»
40
عملنا في هذا الكتاب
لقد اتبعنا في تحقيق هذا الكتاب النفيس الخطوات التالية:
١- طابقنا بين المخطوطتين والنسختين المطبوعتين، وتقدم الحديث عن ذلك، وقد أثبتنا في النص ما هو الراجح مع استدراك لبعض الكلمات أو العبارات، مع التقديم والتأخير أحيانا، وأشرنا إلى الفروق في المخطوط والنسخ غالبا، وربما أهملنا ذلك عند عدم الفائدة لئلا تثقل الحواشي، ويكبر الكتاب بما لا طائل تحته، بل ربما يؤدي ذلك إلى الغرور، وهذا لا يجوز.
- تنبيه: ليعلم أن الحاشية تتألف من قسمين الأول منهما: تخريج الأحاديث مع تصويبات واستدراكات من كتب الحديث والأثر والتراجم والنسخة المطبوعة في دار طيبة ورمزت لها ب «ط».
- والحاشية الثانية تحتوي على التصويبات والاستدراكات التي مصدرها المخطوطتين.
وسبب ذلك هو أني ابتدأت العمل أولا قبل وصول المخطوطتين فكنت أجد التحريف والسقط ونحو ذلك فأرجع في ذلك إلى كتب المؤلف وسائر كتب الحديث التي يروي المؤلف من طريقها فأصوب وأستدرك، ثم لما جاء المخطوط اضطررنا إلى حاشية ثانية لأن الأولى قد كتبت وسطّرت.
- ويلاحظ أني في الجزء الأول وقبل وصول المخطوط كنتب أقصد بقولي ب «الأصل» النسخة المطبوعة في دار المعرفة، ولكن بعد ذلك أصبحت أعبر عن ذلك بقولي «المطبوع».
٢- خرجنا الأحاديث المرفوعة، وما له حكم الرفع، وما فيه سبب نزول، ونحو ذلك بالعزو إلى كتب المؤلف ثم إلى الطريق التي يروي عنها ثم إلى سائر كتب الحديث والأثر المعتبرة والمشهورة.
٣- قمنا بدراسة الأسانيد والتنبيه على حال بعض الرواة ممن هو متكلم فيه، أو كان في الإسناد انقطاع ونحو ذلك من العلل. وأعني بقولي: صحيح على شرط البخاري ومسلم أو أحدهما كون الشيخين أو أحدهما يروي لهؤلاء الرجال، وربما قلت: على شرط الصحيح، ومرادي بذلك أن في الإسناد من هو من رجال البخاري، وآخر من رجال مسلم، وربما بينت ذلك نصّا.
٤- ذكرنا للحديث طرقا وشواهد ليتم بذلك الحكم على الحديث هل هو صحيح، أو حسن، أو ضعيف لكن يصح بطرقه وشواهده، أو لا إن كانت طرقه وشواهده واهية جدا.
- وربما أحلت خشية الإطالة إلى بعض الكتب التي قمت بتخريجها.
٥- رقمنا الأحاديث المسندة والمعلقة تسلسليا ليكون الترقيم متكاملا.
٦- نبهنا على الروايات الإسرائيلية ونحو ذلك مما فيه نكارة، أو مجازفة، أو مخالفة لشريعتنا.
٧- خرجنا الآيات الشواهد، وذلك بذكر اسم السورة، ورقم الآية.
٨- خرجنا الشواهد الشعرية باختصار، وهي قليلة نسبيا.
٩- شرحنا بعض المفردات الغريبة سواء في الشعر أو النثر.
١٠- ألحقنا الكتاب بفهارس للأحاديث المرفوعة مع ذكر ثبت المصادر والمراجع.
41
١١- وضعنا للكتاب مقدمة مع فوائد تتعلق بالتفسير والمفسرين، أضف إلى ذلك ترجمة للإمام البغوي، ودراسة حول هذا الكتاب ومنهج المؤلف.
- وفي الختام وبعد شكر الله تعالى، لا يسعني إلا أن أتوجه بخالص الشكر، وجميل الثناء لكل من كانت له يد مشكورة في هذا العمل الجليل.
- هذا ما وفقني الله تعالى إليه، وأسأله وحده أن يقويني لإتمام مراجعته، وأن يسدد قلمي، ويجنبني الوهم والخطأ، وأسأله تعالى أن يجعل هذا العمل موفقا، وأن ينفع به، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ توكلت وإليه أنيب، وآخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وصلّى الله على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(رب اغفر لي ولوالدي رب ارحمهما كما ربياني صغير).
وكتبه عبد الرزاق المهدي سورية- دمشق في ٥ شعبان/ سنة ١٤١٩ هـ الموافق ٢٤/ ١٢/ ١٩٩٨ م
42
تفسير البغوي المسمّى معالم التّنزيل للأمام أبي مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْفَرَّاءُ البغوي الشافعي المتوفى سنة ٥١٦ هـ الجزء الأول تحقيق عبد الرّزّاق المهدي دار إحياء التراث العربي بيروت- لبنان
43
المقدمة
بسم الله الرّحمن الرّحيم [قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ [١] السَّيِّدُ محيي [٢] السنة، ناصر الحديث، مفتي الشرق والغرب، أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الفراء البغوي [٣] رضي الله عنه وعن والديه] [٤] :
الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعِزَّةِ وَالْبَقَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالْعَلَاءِ وَالْمَجْدِ وَالثَّنَاءِ، تَعَالَى عَنِ الْأَنْدَادِ وَالشُّرَكَاءِ، وَتَقَدَّسَ عَنِ الْأَمْثَالِ وَالنُّظَرَاءِ، وَالصَّلَاةُ والسّلام على نبيّه وحبيبه وَصَفِّيِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِمَامِ الْأَتْقِيَاءِ عَدَدَ ذَرَّاتِ الثَّرَى وَنُجُومِ السَّمَاءِ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ السَّلَامِ الْمُؤْمِنِ الْمُهَيْمِنِ الْعَلَّامِ، شَارِعِ الْأَحْكَامِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، الَّذِي أَكْرَمَنَا بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ التَّحِيَّةُ وَالسَّلَامُ، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا بِكِتَابِهِ الْمُفَرِّقِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى حَبِيبِهِ وَخِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَنَامِ، عَدَدَ سَاعَاتِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وعلى آله وأصحابه، عدد نُجُومِ الظَّلَامِ وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَبَشِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَنَذِيرًا لِلْمُخَالِفِينَ، أَكْمَلَ بِهِ بُنْيَانَ النُّبُوَّةِ، وَخَتَمَ بِهِ دِيوَانَ الرِّسَالَةِ، وَأَتَمَّ بِهِ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الْأَفْعَالِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بِفَضْلِهِ نُورًا هَدَى بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَأَنْقَذَ بِهِ مِنَ الجهالة، حكم بالفلاح لمن تبعه، وبالخسران لمن أعرض عنه بعد ما سمعه، وأعجز الْخَلِيقَةَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ، وَعَنِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فِي مُقَابَلَتِهِ، ثم سهل عَلَى الْخَلْقِ مَعَ إِعْجَازِهِ تِلَاوَتَهُ وَيَسَّرَ عَلَى الْأَلْسُنِ قِرَاءَتَهُ، أَمَرَ فِيهِ وَزَجَرَ وَبَشَّرَ وَأَنْذَرَ وَذَكَرَ الْمَوَاعِظَ لِيُتَذَكَّرَ، وَقَصَّ عَنْ أَحْوَالِ الْمَاضِينَ لِيُعْتَبَرَ، وَضَرَبَ فِيهِ الْأَمْثَالَ لِيُتَدَبَّرَ، وَدَلَّ عَلَى آيَاتِ التَّوْحِيدِ لِيُتَفَكَّرَ، وَلَا حُصُولَ لِهَذِهِ الْمَقَاصِدِ إِلَّا بِدِرَايَةِ تَفْسِيرِهِ وَأَعْلَامِهِ، وَمَعْرِفَةِ أَسْبَابِ نُزُولِهِ وَأَحْكَامِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى ناسخه ومنسوخه، ومعرفة خاصّه وَعَامِّهِ، ثُمَّ هُوَ كَلَامٌ مُعْجِزٌ وَبَحْرٌ عَمِيقٌ لَا نِهَايَةَ لِأَسْرَارِ علومه، ولا إدراك لِحَقَائِقِ مَعَانِيهِ، وَقَدْ أَلَّفَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ فِي أَنْوَاعِ عُلُومِهِ كُتُبًا كُلٌّ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ وَمَبْلَغِ علمه نظرا
(١) الظاهر أن لفظ «الْإِمَامُ الْأَجَلُّ السَّيِّدُ، مُحْيِي السُّنَّةِ، ناصر الحديث، مفتي الشرق والغرب» من كلام الراوي لهذا التفسير عن الإمام البغوي، أو هو من زيادات النساخ، فإن علماء الإسلام، لا يذكرون مثل هذه الألفاظ في معرض ذكرهم لأنفسهم، والله أعلم.
(٢) في الأصل «محي» والتصويب عن باقي النسخ.
(٣) قال العلامة ياقوت الحموي في «معجم البلدان» (٤٦٧- ٤٦٨) : بغشور: بضم الشين المعجمة، وسكون الواو، وراء:
بليدة بين هراة ومرو الروذ. ويقال لها «بغ» أيضا، وقد نسب إليها خلق كثير من العلماء والأعيان، ومنهم الإمام أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الفرّاء البغوي الفقيه صاحب التصانيف التي منها، «التهذيب» في الفقه على مذهب الشافعي، و «شرح السنة» و «تفسير القرآن» وكان يلقّب محيي السنة، ولد سنة ٤٣٣ وتوفي سنة ٥١٦ اهـ باختصار.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط- أ.
45
للخلق، فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْيَهُمْ وَرَحِمَ كَافَّتَهُمْ.
فَسَأَلَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِي الْمُخْلِصِينَ- وَعَلَى اقْتِبَاسِ الْعِلْمِ مُقْبِلِينَ- كِتَابًا فِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ وَتَفْسِيرِهِ، فَأَجَبْتُهُمْ إِلَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَيْسِيرِهِ، مُمْتَثِلًا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ فِيمَا يَرْوِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ع «١» أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «إِنَّ رِجَالًا يَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا».
وَاقْتِدَاءً بِالْمَاضِينَ مِنَ السَّلَفِ فِي تَدْوِينِ الْعِلْمِ إِبْقَاءً عَلَى الْخَلَفِ وَلَيْسَ عَلَى مَا فَعَلُوهُ مَزِيدٌ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ مِنْ تَجْدِيدِ مَا طَالَ بِهِ الْعَهْدُ، وَقَصُرَ لِلطَّالِبِينَ فِيهِ الْجِدُّ والجهد، تنبيها للمتوقفين وتحريضا
١- ضعيف بهذا اللفظ. أخرجه الترمذي (٢٦٥٠ و٢٦٥١) وابن ماجه (٢٤٧ و٢٤٩ وابن عدي (٥/ ٧٩) والطبراني في «الأوسط» (٧٠٥٥) والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٤/ ٣٨٧) و «موضح أوهام الجمع والتفريق» (٢/ ٣٩٢) ح ٥ والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ٢٢ من طرق عن أبي هارون العبدي قال: كنا نأتي أبا سعيد، فيقول: مرحبا بوصية رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الناس لكم تبع وإن رجالا... » بمثل سياق المصنف، وإسناده ضعيف جدا، فيه أبو هارون اسمه عمارة بن جوين، متروك الحديث، قاله النسائي، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال يحيى: ضعيف، وكذبه حماد بن زيد، وقال الذهبي: ليّن بمرة، راجع «الميزان» (٦٠١٨). وضعف الترمذي هذا الحديث بقوله: قال علي: قال يحيى بن سعيد: كان شعبة يضعف أبا هارون. وقال البوصيري في «الزجاجة» عمارة بن جوين، ضعيف باتفاقهم. قلت: تقدم أنه ضعيف جدا كما قال الذهبي، وكذبه حماد بن زيد والجوزجاني والسعدي وغيرهم.
- وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه ابن ماجه ٢٤٨، وفيه المعلى بن هلال، وهو متروك متهم، قال البوصيري في «الزوائد» كذبه أحمد وابن معين وغيرهما، شيخه إسماعيل بن مسلم اتفقوا على ضعفه اهـ. قلت: وله علة ثالثة: الحسن لم يلق أبا هريرة، ولم يسمع منه. وهذا الحديث في ذكر دخول الحسن بيت أبي هريرة. فالحديث لا شيء، وهو شبه موضوع.
- وله شاهد ثالث بمعناه، أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (٢٤) من طريق رواد بن الجراح عن المنهال بن عمرو عن رجل عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه: «إنه سيضرب إليكم في طلب العلم، فرحبوا ويسروا وقاربوا» وهذا إسناد ضعيف جدا. رواد بن الجراح، ضعيف، فهذه علة، وفيه راو لم يسمّ، فالحديث بشواهده يرقى إلى درجة الضعيف فحسب لشدة ضعف أسانيده.
- وقد ورد عن أبي سعيد ليس فيه اللفظ المرفوع، أخرجه الحاكم (١/ ٨٨ ح ٢٩٨) والرامهرمزي ٢١ كلاهما عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: «مرحبا بوصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوصينا بكم» وهذا إسناد لا بأس به، رجاله ثقات لكن الجريري اختلط بأخرة، وصححه الحاكم على شرط مسلم! وسكت الذهبي! وعلته اختلاط الجريري قبل موته بثلاث سنين، واسمه سعيد بن إياس. وأخرجه الرامهرمزي ٢٠ من طريق بشر بن معاذ عن أبي عبد الله شيخ ينزل وراء منزل حماد بن زيد عن الجريري به، وإسناده ضعيف، فيه الجريري، وفيه أبو عبد الله جار حماد، وهو مجهول، راجع «الميزان» (٣/ ٣٦٧- ٣٦٨) وله طريق آخر أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» برقم ٢٣، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، كذبه أحمد، وضعفه الجمهور.
- وورد عن أبي الدرداء نحو الوارد عن أبي سعيد من قوله، فقد أخرج الدارمي ١/ ٩٩ عن عامر بن إبراهيم قال: كان أبو الدرداء إذا رأى طلبة العلم قال: مرحبا بطلبة العلم، وكان يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوصى بكم، وفيه عامر بن إبراهيم هذا لم أجد له ترجمة. لكن يشهد هذا للوارد عن أبي سعيد دون اللفظ المرفوع.
الخلاصة: اللفظ المرفوع الوارد في هذا الحديث ضعيف، لا يرقى عن درجة الضعف لشدة ضعف رواته، وأما كلام أبي سعيد، فهو من نوع الحسن، ويشهد له الوارد عن أبي الدرداء، والله أعلم.
46
لِلْمُتَثَبِّطِينَ، فَجَمَعْتُ- بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَسُنِ تَوْفِيقِهِ- فِيمَا سَأَلُوا كِتَابًا وَسَطًا بَيْنَ الطَّوِيلِ الْمُمِلِّ، وَالْقَصِيرِ الْمُخِلِّ، أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى تَحْصِيلِهِ مُرِيدًا.
وَمَا نَقَلْتُ فِيهِ مِنَ التَّفْسِيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَبْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ التَّابِعِينَ، وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ مِثْلِ: مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ [١] وَقَتَادَةَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْكَلْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَالسُّدِّيِّ وغيرهم، فأكثرها مما أخبرنيه الشَّيْخُ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [٢] الشُّرَيْحِيُّ الْخُوَارَزْمِيُّ فِيمَا قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ شُيُوخِهِ [رَحِمَهُمُ اللَّهُ] [٣].
أَمَّا تَفْسِيرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- تُرْجُمَانِ الْقُرْآنِ- الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
ع «٢» «اللهمّ علّمه الكتاب»، وقال:
ع «٣» «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».
قَالَ [٤] أَبُو إِسْحَاقَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ الطَّرَائِفِيُّ [٥]، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيِّ عَنْ عبد الله بن عباس [٦] :
(١) زيد في المطبوع وفي النسخة المصرية، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَيْسَ فِي المخطوط ونسخة «ط» والظاهر أنها مقحمة، ولا تصح، فقد تقدم ذكر أربعة من أئمة التابعين ومشاهيرهم، فلو صح ثبوتها لكان الصواب «رضي الله عنهم» فتنبه، والله أعلم.
(٢) في المطبوع «محمد».
(٣) زياد عن «ط».
٢- صحيح. أخرجه البخاري ٧٥ و٣٧٥٦ و٢٧٠ والترمذي ٣٨٢٤ وابن ماجه ١٦٦ وأحمد ١/ ٢١٤ وفي «الفضائل» (١٨٣٥ و١٩٢٣) وابن حبان ٧٠٥٤ والطبراني في «الكبير» (١٠٥٨٨) من طرق عن خالد الحذاء عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال:
ضمني رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، وقال: «اللهم علمه الكتاب» لفظ البخاري بحرفيته. وجعل بعضهم «الحكمة» بدل «الكتاب» هكذا رواية الترمذي وابن حبان وغيرهما. والله أعلم.
٣- صحيح، أخرجه البخاري ١٤٣ ومسلم ٢٤٧٧ وأحمد (١/ ٣٢٧) وابن حبان ٧٠٥٣ والطبراني في «الكبير» ١١٢٠٤ كلهم عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يزيد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخلاء، فوضعت له وضوءا، قال: من وضع هذا، فأخبر، فقال: «اللهم فقهه في الدين» لفظ البخاري بحروفه. ورواية مسلم «اللهم فقهه» ليس فيه «في الدين» وزاد مسلم بعد «وضوءا»، «فلما خرج». والله تعالى أعلم.
(٤) وقع في الأصل وبعض النسخ «وقال» والمثبت عن «ط» وهو يوافق باقي ألفاظ المصنف الآتية، مع أن الأولى أن يقال:
«فقال» لأن- أما- حرف شرط وتفصيل- ويقترن جوابها بالفاء. كما هو مقرر في كتب النحو، والآيات في ذلك كثيرة من ذلك قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١) [النازعات: ٣٧- ٤١] وكذلك قوله تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى [فصلت: ١٧] والآيات في ذلك كثيرة، والله الموفق.
(٥) وقع في الأصل وبعض النسخ «الطوائفي» وهو تصحيف ظاهر، والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٦) هذا الإسناد إلى ابن عباس ضعيف، وله علتان: الأولى: ضعف عبد الله بن صالح. قال عنه الذهبي في «الميزان» ٤٣٨٣، هو صاحب حديث، وله مناكير. قال أحمد: كان أول أمره متماسكا، ثم فسد بأخرة، وقال أبو حاتم: صدوق أمين ما علمته، أخرج أحاديث في آخر عمره أنكروها، نرى أنها مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه، وقال صالح جزرة: كان يحيى يوثقه، وهو عندي يكذب في الحديث وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان: كان في نفسه صدوقا، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له. سمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة، كان
47
وَقَالَ [١] : أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ [بْنُ مُحَمَّدِ] بْنِ حَبِيبٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيْهِ [٢] الْمَازِنِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سعد [٣] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عطيه بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عطيه، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عطيه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [٤].
وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيمَ الصَّرِيمِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ السِّنْجِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسين بن واقد [عن أبيه] [٥] عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عن ابن عباس [٦].
يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله، ويرميه في داره، فيتوهم أنه خطه فيحدث به. وقال ابن عدي: هو عندي مستقيم الحديث، إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه نمط، ولا يتعمد اهـ. ملخصا، وانظر «المجروحين» (٢/ ٤٠- ٤١) فمن كانت هذه حاله لا يحتج به، وهو ضعيف. وله علة ثانية: وهي الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس، قال الذهبي في «الميزان» (٥٨٧٠) : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ مجاهد وأبي الودّاك وراشد بن سعد، أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهدا بل أرسله عن ابن عباس قال أحمد: له أشياء منكرات. وقال النسائي: لا بأس به. وقال دحيم: لم يسمع علي بن أبي طلحة التفسير عن ابن عباس.
قال الذهبي: روى معاوية بن صالح عنه عن ابن عباس تفسيرا كبيرا ممتعا اهـ ملخصا. وقال الحافظ في «تهذيب التهذيب» (٧/ ٢٩٨) : روى عن ابن عباس، ولم يسمع منه، بينهما مجاهد.
الخلاصة: فهذا الإسناد إلى ابن عباس. بهذه السلسلة ضعيف لا يحتج به. [.....]
(١) أي الثعلبي، شيخ شيخ البغوي.
(٢) في الأصل «نضروية» والمثبت عن «ط» والمخطوط «أ».
(٣) وقع في كافة نسخ المطبوع «سعيد» والتصويب عن «الأنساب» للسمعاني (٤/ ٢٥٨) والطبري ١٠٣٦ وكتب التراجم.
(٤) هذا الإسناد إلى ابن عباس بهذه السلسلة، ضعيف جدا.
وله ثلاث علل: فيه الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، قال الذهبي رحمه الله في «الميزان» (١٩٩١) : ضعفه يحيى بن معين وغيره، وقال ابن حبان يروي أشياء، لا يتابع عليها، لا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال النسائي: ضعيف، فهذه علة، وشيخه الحسن بن عطية العوفي. قال عنه الذهبي في «الميزان» (١٨٨٩) : قال البخاري: ليس بذاك، وقال أبو حاتم: ضعيف وقال عنه الحافظ في «التقريب» (١٢٥٦) : ضعيف، فهذه علة ثانية، وشيخه عطية بن سعد العوفي، قال عنه الذهبي في «الميزان» (٥٦٦٧) : تابعي شهير ضعيف، قال أبو حاتم: يكتب حديثه ضعيف. وقال ابن معين:
صالح، وقال أحمد: ضعيف. وقال أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنّى بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد.
قال الذهبي: يوهم أنه الخدري، وقال النسائي وجماعة: ضعيف. وقال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (٧/ ٢٠٠- ٢٠١- ٢٠٢) ما ملخصه:
قال مسلم بن الحجاج: قال أحمد وذكر عطية العوفي: ضعيف الحديث ثم قال: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي، ويسأله عن التفسير، وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد، وكان هشيم يضعفه. قال أحمد: وحدثنا أبو أحمد الزبيري:
سمعت الكلبي يقول: كناني عطية، أبو سعيد، وقال الجوزجاني: مائل. وقال أبو حاتم: ضعيف، يكتب حديثه، وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب اهـ. فمن كانت حاله حالة لا يحتج برواياته سواء عن ابن عباس أو غيره، وبهذا يتبين شدة ضعف هذه السلسلة إلى ابن عباس، والله أعلم.
(٥) زيادة عن كتب التراجم، علي بن الحسين ليس له رواية عن يزيد النحوي، وإنما يروي عنه بواسطة أبيه، وانظر الكلام الآتي.
(٦) هذا الإسناد إلى ابن عباس، بهذه السلسلة لا بأس به. سليمان بن داود السنجي- وسنج من نواحي مرو- صدوق روى له مسلم وغيره، وشيخه علي بن الحسين بن واقد، قال الذهبي في «الميزان» (٥٨٢٤) : قال أبو حاتم: ضعيف الحديث.
وقال النسائي وغيره: لا بأس به، وذكره العقيلي في «الضعفاء» وقال: مرجئ. وانظر «تهذيب الكمال»
48
وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ [١] الْمَكِّيِّ قَالَ: [أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ:
أَنَا] [٢] أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ زَكَرِيَّا، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ [٣].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: قال: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النَّيْسَابُورِيُّ، ثَنَا أَبُو [٤] عَبْدِ الرَّحْمَنِ [أَحْمَدُ] [٥] بْنُ يَاسِينَ بْنِ الْجَرَّاحِ الطبري، أنا أبو محمد بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ [٦] الدِّمْيَاطِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيِّ [٧]، عَنِ ابْنِ [٨] جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح [٩].
(٢٠/ ٤٠٦/ ٤٠٥٢)، وشيخه الحسين بن واقد، ثقة له أوهام، روى له مسلم وأصحاب السنن، راجع «تهذيب الكمال» (٦/ ٤٩١/ ١٣٤٦)، وشيخه يزيد النحوي هو ابن أبي سعيد أبو الحسن القرشي ثقة روى له أصحاب السنن، راجع «التقريب» وكتب الرجال، وعكرمة هو أبو عبد الله، مولى ابن عباس، تابعي ثقة ثبت عالم التفسير، روى له الأئمة الستة، راجع «التقريب» (٤٦٧٣) وكتب التراجم. فهذه السلسلة أمثل من سابقتيها.
الخلاصة: هذه الطريق الأخيرة لا بأس بها، وأما التي قبلها، فلا حجة فيها، وكذا التي قبلها واهية، فمن هنا تجد بعض الروايات المنكرة الواردة عن ابن عباس، فهي بسبب هذه الأسانيد، وهناك سلسلة الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والكلبي كذاب متروك، وأبو صالح اسمه باذام، أقر أنه كان يكذب على ابن عباس، وهناك سلسلة جويبر بن سعيد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس، وهذه واهية ليست بشيء. جويبر متروك، والضحاك لم يلق ابن عباس، فهذه الطرق واهية جدا ليست بشيء. وهي أسوأ حالا من رواية عطية العوفي، ورواية علي بن أبي طلحة. وانظر المقدمة.
والله تعالى أعلم.
(١) وقع في الأصل «خبر» وهو تصحيف من النساخ.
(٢) زيادة عن «ط» وبها يستقيم الإسناد، وإلا فهو منقطع. ويلاحظ أن فاعل قال هو الثعلبي رحمه الله، وكذا هو في الأسانيد الآتية، فتدبّر والله الموفق.
(٣) الإسناد إلى مجاهد ضعيف، وعلته مسلم بن خالد الزنجي، حيث ضعفه البخاري وأبو حاتم وأبو داود وعلي المديني وغيرهم، واضطرب فيه قول يحيى بن معين، فقد وثقه في رواية، وضعفه في أخرى، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. واختار الذهبي قول من ضعفه. وهو الذي عليه الجمهور، لكن قد روى تفسير مجاهد غير واحد عن ابن أبي نجيح، وهو مطبوع متداول، وروايته أصح ما ورد عن مجاهد في التفسير، وابن أبي نجيح هو عبد الله، ثقة روى له الأئمة الستة، واسم أبيه يسار.
(٤) زيد في الأصل بعد- أبو- «القاسم» وهو خطأ.
(٥) زيادة عن «ط».
(٦) وقع في نسخ المطبوع بعد «محمد» زيادة «بن» أي: أبو محمد بن بكر بن سهل. والتصويب عن «الميزان» (١/ ٣٤٥) وكتب التراجم. ووقع أيضا في الأصل «مستهل» وهو تصحيف، والتصويب عن «الميزان» وكتب التراجم، ونسخة «ط».
(٧) في الأصل «الصفاني» والتصويب عن «ط» و «الميزان» وكتب التراجم، وانظر ترجمته فستأتي. [.....]
(٨) وقع في الأصل «أبي» بدل «بن» وهو خطأ ظاهر.
(٩) هذا الإسناد إلى عطاء ضعيف جدا، له علل: بكر بن سهل أبو محمد الدمياطي، مقارب الحال، قال النسائي: ضعيف اهـ. «الميزان» (١/ ٣٤٥) باختصار. وشيخه عبد الغني بن سعيد هو الثقفي. قال الذهبي في «الميزان» (٢/ ٦٤٢) :
حدث عنه بكر بن سهل الدمياطي وغيره. ضعفه ابن يونس. وشيخه موسى بن عبد الرحمن الصّنعاني، قال عنه الذهبي في «الميزان» (٤/ ٢١١) : ليس بثقة، قال عنه ابن حبان: دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتابا في التفسير، وقال ابن عدي: منكر الحديث، ويعرف بأبي محمد المفسر، ثم ساق له ابن عدي أحاديث، وقال: هذه بواطيل اهـ. فهذا الطريق إلى عطاء ليس بشيء، واه بمرة، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز، ثقة روى له الأئمة الستة.
49
وأما تَفْسِيرُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ [بْنُ مُحَمَّدِ بن عبد الله الْمُكْتِبِ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّلْتِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ شَنَبُوذَ الْمُقْرِئُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا الْمُسْتَهِلُّ] [١] بْنُ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: قال: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ بن محمد الأصبهاني، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ محمد الْهَرَوِيُّ، ثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ [٢] الْحُسَيْنُ بْنُ محمد المرّوذي [٣]، ثَنَا شَيْبَانُ [٤] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ عَنْ قَتَادَةَ.
وَقَالَ: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَبِيبِيُّ، أَنَا أَبُو زكريا العنبري، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ السَّدُوسِيِّ [٥].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَاسْمُهُ رُفَيْعُ بْنُ مِهْرَانَ: قَالَ: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُفَسِّرُ أَنَا أَبُو عَمْرٍو [٦] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْعَمْرَكِيُّ بِسَرَخْسَ [٧]، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبراهيم بن مزيد [٨] السّرخسي أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ]
[بْنُ] مُوسَى الْأَزْدِيُّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ بَشِيرٍ الْهَمَذَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ [١٠].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقُرَظِيِّ: قَالَ: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بن حبيب [قال] [١١]، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَرَوِيُّ، ثَنَا رَجَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيُّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعَّبٍ الْقُرَظِيِّ [١٢].
(١) ما بين المعقوفتين في الأصل «الْبَصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن الملكيب، حدثني أبي، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد الصلة المعروف بابن شبود الْمُقْرِئُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا المنهل».
وما أثبته هو من نسخة «ط».
وهذا الإسناد إلى قتادة ضعيف لأجل عمرو بن عبيد، فإنه متروك الحديث، وهو رأس المعتزلة.
(٢) وقع في الأصل «محمد» والتصويب عن «التهذيب» (٢/ ٣١٥) ونسخة «ط».
(٣) وقع في نسخ المطبوع «المروزي» وهو تصحيف، قال الحافظ في «التقريب» (١٣٤٥) : الحسين بن محمد أبو محمد المرّوذي- بتشديد الراء وبذال معجمة- وانظر: «التهذيب» (٢/ ٣١٥).
(٤) وقع في الأصل «شبان» وهو تصحيف ظاهر.
(٥) الإسناد إلى قتادة من كلا الطريقين حسن.
(٦) زيادة عن «ط».
(٧) وقع في الأصل «بن حسن» وهو تصحيف، والتصويب عن «ط».
(٨) في نسخة- ط- «يزيد» بدل «مزيد».
(٩) زيد في الأصل «محمد» بعد «الحسن» والتصويب عن «ط».
(١٠) الإسناد إلى أبي العالية فيه لين، عبد الله بن جعفر هو الرازي قال الذهبي عنه في «الميزان» (٢/ ٤٠٤) : قال محمد بن حميد الرازي: سمعت منه عشرة آلاف حديث، فرميت بها، كان فاسقا. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صدوق. وقال ابن عدي: من أحاديثه ما لا يتابع عليه. وأبوه عيسى بن أبي عيسى أبو جعفر الرازي، قال عنه الذهبي في «الميزان» (٣/ ٣١٩- ٣٢٠) : قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد والنسائي: ليس بالقوي، وقال علي المديني: ثقة كان يخلط، وقال الفلاس: سيّئ الحفظ.
(١١) زيد في المطبوع بدل قال «عن أبي» وليس في المخطوطتين.
(١٢) الإسناد إلى محمد بن كعب القرظي ضعيف لضعف أبي معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي، وفيه أيضا مالك بن [.....]
50
وَأَمَّا تَفْسِيرُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: قَالَ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أحمد بن كامل بن خَلَفٍ أَنَّ [١] مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ الطَّبَرِيَّ حَدَّثَهُمْ [٢]، قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ [٣]، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ [٤].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: فَقَدْ قَرَأْتُ بِمَرْوَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيِّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَنَا أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْخَطِيبُ الْكُشْمِيهَنِيُّ [٥]، فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَ: أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بن محمد بن معروف الهرمز فرهي [٦]، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ الْمُفَسِّرُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ وصالح بن محمد السمرقنديان، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ [السُّدِّيُّ] [٧] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الكلبي [٨] أبي النضر عن أبي صالح [٩] باذام [١٠] مَوْلَى أَمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طالب عن ابن عباس [١١].
سليمان الهروي، ضعفه الدارقطني
(١) وقع في الأصل: «بن» والتصويب عن «ط».
(٢) وقع في الأصل «حدثتهم» والتصويب عن «ط».
(٣) وقع في الأصل «الصيرفي» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٤) الإسناد إلى زيد بن أسلم ضعيف، لضعف عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أسلم.
وبقية رجال الإسناد ثقات، رجال البخاري ومسلم خلا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ فهو من رجال مسلم.
تنبيه: يلاحظ أن هذا الإسناد هو للبغوي، وليس من طريق الثعلبي، لأن المروزي هذا شيخ البغوي.
(٥) وقع في الأصل «الكشمهيني» والتصويب عن «ط» و «الأنساب».
(٦) وقع في الأصل «الهرمروزي» والتصويب عن «ط» و «اللباب» (٣/ ٣٨٥).
(٧) ما بين المعقوفتين زيادة من «ط» وكتب التراجم.
(٨) زيد في الأصل «عن» بين «الكلبي» و «أبي النضر» والتصويب عن كتب التراجم.
(٩) زيد في نسخ المطبوع «أنا» بين «أبي صالح» و «باذام» والتصويب عن كتب التراجم.
(١٠) وقع في الأصل «ذاذان» والتصويب عن كتب التراجم. ويقال له أيضا «باذان» بالنون بدل الميم. انظر ترجمته الآتية.
(١١) هذا الإسناد إلى ابن عباس بهذه السلسلة مركب مصنوع، وهي سلسلة الكذب على ابن عباس.
وله ثلاث علل:
- الأولى: محمد بن مروان السدي الصغير قال عنه الذهبي في «الميزان» (٤/ ٣٢) : تركوه واتهمه بعضهم بالكذب. قال ابن معين: ليس بثقة. وقال البخاري: سكتوا عنه لا يكتب حديثه البتة اهـ. وقال الحافظ في «التقريب» (٦٢٨٤) : متهم بالكذب.
- والثانية: محمد بن السائب الكلبي متروك متهم. قال الذهبي في «الميزان» (٣/ ٥٥٦) ما ملخصه: قال سفيان: قال الكلبي: قال لي أبو صالح انظر كل شيء رويت عني عن ابن عباس فلا تروه. وقال البخاري: تركه يحيى وابن مهدي ثم قال البخاري: قال علي: حدثنا يحيى عن سفيان قال لي الكلبي: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب.
وقال يزيد بن زريع: حدثنا الكلبي- وكان سبائيا- قال أبو معاوية: قال الأعمش اتق هذه السبائية، فإني أدركت الناس، وإنما يسمونهم الكذابين.
وقال ابن حبان: كان الكلبي سبائيا من أولئك الذين يقولون إن عليا لم يمت، وإنه راجع إلى الدنيا، ويملؤها عدلا كما ملئت جورا، وإن رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها.
- وقال التبوذكي: سمعت هماما يقول: سمعت الكلبي يقول: أنا سبائي.
- وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد بن حنبل: يحل النظر في تفسير الكلبي؟ قال: لا.
- وقال عباس الدوري عن ابن معين، قال: الكلبي ليست بثقة، قال الجوزجاني وغيره: كذاب وقال الدارقطني وجماعة:
متروك.
51
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ الهلالي: [قال الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ] [١]، ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ السدوسي، ثنا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ العمركي بن حسن [٢]، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ] سَوَّارٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا أَبُو معاذ، عن عبيد بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ [٣].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ: قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حامد الوزان، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ الْفَرَّاءُ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بن معروف البلخي الأزدي [٤]، أَبُو مُعَاذٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ [٥].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ: قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إبراهيم بن محمد المهرجاني، [قال:] أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخالق بن الحسن بْنِ مُحَمَّدٍ السَّقْطِيُّ [٦] الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي رُؤْبَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن ثابت بن
- وقال ابن حبان: مذهبه في الدين، ووضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه.
يروي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس التفسير. وأبو صالح لم ير ابن عباس، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلى الحرف بعد الحرف، فلما احتيج إليه أخرجت له الأرض أفلاذ كبدها.
- لا يحل ذكره الكتب، فكيف الاحتجاج به.
- والثالثة: أبو صالح واسمه باذام ويقال «باذان» قال الذهبي «الميزان» (١/ ٢٩٦) ما ملخصه: ضعفه البخاري، وقال النسائي: ليس بثقة، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يذكر عن سفيان قال: قال الكلبي: قال لي أبو صالح: كلما حدثتك كذب.
وانظر: «تهذيب التهذيب» (١/ ٣٦٥).
(١) ما بين المعقوفتين في الأصل «قال: أنا أستاذ إسحاق الثعلبي» وفيه تخليط من النساخ. والعبارة في «ط» «قال: أنا الأستاذ إسحاق الثعلبي» وليست العبارة مستقيمة أيضا، والمثبت من المخطوطتين هو الصواب، فإن البغوي رجع في هذه السلسلة إلى كلام الثعلبي الذي تقدم قبل رواية الكلبي المتقدمة، ويؤيد ذلك هو أن أبا القاسم الحسن بن محمد هو شيخ الثعلبي لا البغوي. راجع الأسانيد المتقدمة، والله أعلم، ويؤيده أيضا الروايات الآتية، فإنها للثعلبي، والله الموفق. [.....]
(٢) وقع في الأصل «بن حسن» والمثبت عن «ط» وتقدم مثله آنفا.
(٣) الإسناد إلى الضحاك لا بأس به، رجاله ثقات. أبو معاذ هو الفضل بن خالد النحوي، وثقه ابن حبان وعبيد الله سليمان، وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: لا بأس به، ووهاه ابن معين. وأما الضحاك بن مزاحم، فإنه أكثر الرواية عن ابن عباس، وهو لم يلقه. قال الحافظ في «تهذيب التهذيب» : وثقه أحمد ويحيى وأبو زرعة، قال أبو قتيبة عن شعبة، قلت لمشاش الضحاك سمع ابن عباس؟ قال: ما رآه قط. وقال سلمة بن قتيبة: عن شعبة حدثني عبد الملك بن ميسرة قال:
الضحاك لم يلق ابن عباس، إنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير. وقال علي المديني قال يحيى بن سعيد:
كان الضحاك عندنا ضعيفا اهـ ملخصا. قلت: فمن هذا القبيل، يرد روايات منكرة في التفسير عن ابن عباس، فهي لا تصح عنه ولا تليق به، وإنما نسبت إليه عن طريق الكلبي والضحاك ومقاتل وغيرهما.
(٤) زيد في نسخ المطبوع بعد لفظ «الأزدي» - ثنا- وهو خطأ من النساخ، فإن أبا معاذ، هو بكير كما سيأتي.
(٥) يزيد بن صالح الفراء. ذكره الذهبي في «الميزان» (٤/ ٤٢٩)، وقال: قال أبو حاتم: مجهول. قال الذهبي: قلت وثقه غيره اهـ. وشيخه بكير بن معروف هو أبو معاذ قال الذهبي (١/ ٣٥١) : وثقه بعضهم، وقال ابن المبارك: ارم به، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، ليس حديثه بالمنكر جدا اهـ. وشيخه مقاتل بن حيان، قال عنه الذهبي رحمه الله في «الميزان» (٤/ ١٧١) : كان عابدا كبير القدر، صاحب سنة وصدق، وثقه يحيى وأبو داود وغيرهما، وقال النسائي: لا بأس به، وقال الأزدي: سكتوا عنه. وقال ابن خزيمة: بعضهم كان يروي عن مقاتل بن سليمان- الآتي ذكره- فيوهم أنه ابن حيان، والله أعلم.
(٦) وقع في الأصل «السقيطي» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
52
يَعْقُوبَ الْمَقْرِيُّ [١] أَبُو مُحَمَّدٍ قال: ثنا أَبِي [٢] حَدَّثَنِي الْهُذَيْلُ [٣] بْنُ حَبِيبٍ أَبُو صَالِحٍ الدَّنْدَانِيُّ [٤]، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ [٥].
وَأَمَّا تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ: قال: ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن مُبَارَكٍ الشَّعِيرِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ [٦]، ثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، عَنْ أسباط عن السُّدِّيِّ].
وَمَا نَقَلْتُهُ عَنِ «الْمُبْتَدَأِ» لَوَهْبِ [٨] بْنِ مُنَبِّهٍ، وَعَنِ الْمَغَازِي لمحمد بن إسحاق:
فَأَخْبَرَنِيهِ أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، قَالَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنِي أَبُو نعيم
(١) زيد في المطبوع «هكذا المقري».
(٢) وقع في الأصل «أبو محمد» والمثبت عن «ط».
(٣) في الأصل «حدثني أبو الهذيل» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٤) وقع في الأصل «الزيداني» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٥) تفسير مقاتل عامته بواطيل، وهو تفسير ساقط. قال الذهبي في «الميزان» (٤/ ١٧٣) ما ملخصه: مقاتل بن سليمان المفسر أبو الحسن. قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره، لو كان ثقة. وقال وكيع: كان كذابا. وقال البخاري: قال ابن عيينة:
سمعت مقاتلا يقول: إن لم يخرج الدجال في سنة خمسين ومائة، فاعلموا أني كذاب. وقال النسائي: كان يكذب، وقال يحيى: ليس حديثه بشيء. وقال الجوزجاني: كان دجالا جسورا.
(٦) وقع في الأصل «اليّاد» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٧) عمرو بن طلحة القناد، صدوق من رجال مسلم، وشيخه أسباط هو ابن نصر الهمداني، قال الذهبي في «الميزان» (١/ ١٧٥) ما ملخصه: وثقه ابن معين، وتوقف أحمد، وضعفه أبو نعيم، وقال النسائي: ليس بالقوي، وأما السدي، فهو إسماعيل بن عبد الرحمن، قال عنه الذهبي في «الميزان» (١/ ٢٣٦) ما ملخصه: قال يحيى القطان: لا بأس به، وقال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: في حديثه ضعف. وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال الفلاس عن ابن مهدي: ضعيف اهـ. باختصار.
(٨) كتاب «المبتدأ» لوهب بن منبه، جميع ما فيه من الإسرائيليات، وهو يتكلم عن بدء خلق السموات والأرض والبشر والشجر وكل شيء. وعامة ما يرويه القصاص وأهل التفسير في بدء الخلق وقصة قابيل وهابيل وقصص نوح والأنبياء وغير ذلك، فإن مصدر ذلك كتاب «المبتدأ» لوهب بن منبه، وأخبار وكتب كعب الأحبار. مع أن وهب بن منبه ثقة في روايته لحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم. حيث روى له الشيخان وغيرهما.
قال الذهبي في «الميزان» (٤/ ٣٥٢) ما ملخصه: أبو عبد الله اليماني، صاحب قصص، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين، وكان ثقة صادقا، كثير النقل من كتب الإسرائيليات، وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان سمعت وهب بن منبه يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الأنبياء في كلها: من جعل لنفسه شيئا من المشيئة فقد كفر، فتركت قولي اهـ. باختصار. فهذا دليل على كثرة قراءته ومطالعته لكتب الإسرائيليات والأقدمين، وهي كتب محرفة مصحفة، زيد فيها الكثير، نسأل الله السلامة. ثم هذا الكتاب رواه عنه فيما ذكر المصنف عبد المنعم بن إدريس عن أبيه. وعبد المنعم هذا، ذكره الذهبي في «الميزان» (٢/ ٦٦٨) : مشهور قصاص، ليس يعتمد عليه، تركه غير واحد، وأفصح أحمد بن حنبل، فقال: كان يكذب على وهب بن منبه. وقال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره اهـ.
وقال ابن عدي في «الضعفاء» (٥/ ٣٣٧) : عبد المنعم بن إدريس، قال البخاري: ذاهب الحديث، قال ابن عدي:
صاحب أخبار بني إسرائيل كوهب بن منبه وغيره، لا يعرف بالأحاديث المسندة اهـ. وشيخه إدريس بن سنان، قال «الذهبي» (١/ ١٦٩) : سبط وهب بن منبه، ضعفه ابن عدي، وقال الدارقطني: متروك.
53
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ محمد بن إسحاق الأزهر [١] ابن أخت أبي عوانة] [٢]، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ [٣] بْنِ الْبَرَاءِ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ [٤] إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.
وَأَنَا [٥] أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْمَعْقِلِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، أَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ الْمَدَنِيِّ [٦].
وَأَنَا أَبُو سعيد الشريحي، قال: [أنبأنا] أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَقِيلٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ، أَنَا أَبُو شُعَيْبِ [٧] عبد الله بن الحسن الْحَرَّانِيُّ، أَنَا النُّفَيْلِيُّ [٨] أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
فَهَذِهِ أَسَانِيدُ أَكْثَرِ مَا نَقَلْتُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَهِيَ مَسْمُوعَةٌ مِنْ طُرُقٍ سِوَاهَا، تَرَكْتُ ذِكْرَهَا حَذَرًا مِنَ الْإِطَالَةِ، وَرُبَّمَا حكيت عنهم أو عن غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ قَوْلًا سَمِعْتُهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ [أَذْكُرُ أَسَانِيدَ] بَعْضِهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى عزّ وجلّ.
ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ كَمَا أَنَّهُمْ مُتَعَبَّدُونَ بِاتِّبَاعِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَحِفْظِ حُدُودِهِ، فَهُمْ مُتَعَبَّدُونَ بِتِلَاوَتِهِ وَحِفْظِ حُرُوفِهِ عَلَى سَنَنِ خَطِّ الْمُصْحَفِ. أعني [٩]. الْإِمَامِ الَّذِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَأَنْ لَا يُجَاوِزُوا فِيمَا يُوَافِقُ الْخَطَّ عَمَّا قَرَأَ بِهِ الْقُرَّاءُ الْمَعْرُوفُونَ الَّذِينَ خَلَفُوا الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ، وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَى اخْتِيَارِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْكِتَابِ قِرَاءَاتِ [١٠]
مَنِ اشتهر منهم بالقراءات وَاخْتِيَارَاتِهِمْ، عَلَى مَا قَرَأْتُهُ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن علي المقرئ المروزي [رحمة الله عليه] [١١]، تِلَاوَةً وَرِوَايَةً، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ طَاهِرِ [١٢] بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ [١٣]، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مهران بإسناده المذكور، في
(١) في الأصل «راهويه» بدل «الأزهر» والمثبت عن «الأنساب» للسمعاني (١/ ١٢٤). [.....]
(٢) انظر «تذكرة الحفاظ» ٣/ ٧٨٠ و «الأنساب» للسمعاني ١/ ١٢٤.
(٣) وقع في الأصل «حمد» والتصويب عن «ط» و «تاريخ بغداد» (١/ ٢٨١).
(٤) تصحف في المطبوع «بني».
(٥) تحول الإمام البغوي هاهنا من الإسناد إلى كتاب «المبتدأ» إلى كتاب «مغازي ابن إسحاق».
(٦) هو مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ. قال الذهبي في «الميزان» في ترجمته (٣/ ٤٦٨- ٤٧٥) ما ملخصه: وثقه غير واحد، ووهاه آخرون، وهو صالح الحديث، ما له عندي ذنب، إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة، والأشعار المكذوبة اهـ.
باختصار شديد. وبهذا يعلم أنه لا يحتج بما ينفرد به في المغازي والسير، ولكن إذا توبع على أصل، علمنا أنه من صالح حديثه كما قال الذهبي رحمه الله، وإلا فهو من مناكيره، والله تعالى أعلم.
(٧) وقع في كافة النسخ «أَبُو شُعَيْبِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» بزيادة «بن» بعد لفظ «شعيب» وهو خطأ، والتصويب عن «الميزان» (٢/ ٤٠٦/ ٤٢٦٦)، قال الذهبي رحمه الله: عبد الله بن الحسن، أبو شعيب الحراني، معمّر، صدوق اهـ. باختصار.
(٨) وقع في الأصل «النقيلي» وهو خطأ ظاهر، والنفيلي: هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ علي بن نفيل، ثقة روى له البخاري وغيره.
راجع «التهذيب» (٦/ ١٥). وشيخه محمد بن سلمة هو ابن عبد الله الباهلي الحراني، ثقة روى له مسلم وغيره، راجع «تهذيب الكمال» (٢٥/ ٢٨٩).
(٩) ليس في «ط».
(١٠) في الأصل «قراءة»، والمثبت عن «ط».
(١١) في «ط» «رحمه الله».
(١٢) وقع في الأصل «ظاهر» والمثبت عن «ط» والنسخة بهامش الخازن.
(١٣) في الأصل «الصرفي» وهو تصحيف.
54
كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِكِتَابِ «الْغَايَةِ» [١]، وَهُمْ: أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيَّانِ، وَأَبُو مَعْبَدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الدَّارِيُّ الْمَكِّيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الشَّامِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو زبان بن العلاء المازني العطار، وَأَبُو مُحَمَّدٍ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ الْبَصْرِيَّانِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ الْأَسَدِيُّ، وَأَبُو عُمَارَةَ حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكِسَائِيُّ الْكُوفِيُّونَ.
فَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وغيرهما، وهم قرؤوا عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَأَمَّا نَافِعٌ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي جعفر القاري، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ [وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التابعين الذين قرؤوا عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [٢] وَقَالَ الْأَعْرَجُ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أبيّ بن كَعْبٍ، وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى المغيرة بن أبي شِهَابٍ [٣] الْمَخْزُومِيِّ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
وَأَمَّا عَاصِمٌ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدٍ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]، قَالَ عاصم: فكنت أَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقْرَأُ عَلَى زِرِّ [٤] بْنِ حُبَيْشٍ، وَكَانَ زِرٌّ قَدْ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
وَأَمَّا حَمْزَةُ، فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وسليمان بن مهران الْأَعْمَشِ وَحُمْرَانَ [٥] بْنِ أَعْيَنَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ علي، وقرأ سليمان بن [مهران] [٦] الْأَعْمَشُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَقَرَأَ يَحْيَى عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَرَأَ حُمْرَانُ على أبي الأسود الدئلي، وقرأ أبو الأسود عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.
وَأَمَّا الْكِسَائِيُّ، فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى حَمْزَةَ، وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْمُنْذِرِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْخُرَاسَانِيِّ، وَقَرَأَ سَلَّامٌ عَلَى عَاصِمٍ، فَذَكَرْتُ قراءة هَؤُلَاءِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِهَا. وَمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابِ عَلَى وِفَاقِ آيَةٍ أَوْ بَيَانِ حُكْمٍ، فَإِنَّ الْكِتَابَ يُطْلَبُ بَيَانُهُ مِنَ السُّنَّةِ، وَعَلَيْهِمَا مَدَارُ الشَّرْعِ وَأُمُورُ الدِّينِ، فَهِيَ مِنَ الْكُتُبِ الْمَسْمُوعَةِ لِلْحُفَّاظِ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَأَعْرَضْتُ عَنْ ذكر المناكير
(١) وقع في الأصل «العناية»، وهو خطأ والتصويب عن «ط».
(٢) ما بين المعقوفتين، مستدرك من «ط». وانظر «البدور الزاهرة» (ص ٦). [.....]
(٣) وقع في الأصل «شعاب» والتصويب عن «الثقات لابن حبان» (٥/ ٤٠٩)، و «تهذيب التهذيب» (٥/ ٢٤٠)، وسقط ذكر «أبي» من نسخة «ط» أي وقع فيها «المغيرة بن شهاب المخزومي».
(٤) وقع في الأصل «ذرّ» وهو تصحيف ظاهر، والتصويب عن كتب التراجم.
(٥) وقع في الأصل «عمران»، وهو تصحيف من النساخ، والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٦) زيادة عن كتب التراجم.
55
وَمَا لَا يَلِيقُ بِحَالِ التَّفْسِيرِ [١]، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُبَارَكًا عَلَى مَنْ أَرَادَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(فَصْلٌ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ)
«٤» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ. قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «خَيْرُكُمْ من تعلم القرآن وعلّمه» صَحِيحٌ [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ] [٢] عَنِ الْحَجَّاجِ بن منهال عن شعبة.
(١) هذا في أكثر الأحيان، لكن لا يخلو أيضا من بعض الروايات الغريبة والمنكرة، ولكن إذا ما قورن ذلك بتفسير آخر، فهي قليلة نسبيا، والله أعلم، وسيتم بعون الله تعالى التنبيه على ذلك في مواضعه، والله أعلم.
(٢) زيد في المطبوع.
٤- صحيح. علي بن الجعد، روى له البخاري، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم، شعبة هو ابن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث، أبو عبد الرحمن السلمي هو عبد الله بن حبيب، وعثمان هو ابن عفان- رضي الله عنه-.
وهو في «شرح السنة» (١١٦٧) بهذا الإسناد.
- أخرجه المصنف من طريق علي بن الجعد، وهو في «مسنده» (١/ ٣٨٥- ٣٨٦) عن شعبة به، ومن طريق علي بن الجعد أخرجه الآجري في «حملة القرآن» ١٥ وأبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (٤٢).
- وأخرجه البخاري (٥٠٢٧) وأبو داود (١٤٥٢) والترمذي (٢٩٠٧) والنسائي في فضائل القرآن (٦١) وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٠٢) وأحمد (١/ ٥٨) والدارمي (٢/ ٤٣٧) والطيالسي ٧٣ وابن حبان ١١٨ وابن الضريس في «فضائل القرآن» (١٣٢ و١٣٣) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ١٩) والفريابي في «فضائل القرآن» (١١ و١٢) وابن الأعرابي في «المعجم» (١/ ٣٩٢) وتمام الرازي في «الفوائد» (٤/ ١٠٤) وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ١٩٣- ١٩٤) من طريق شعبة بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن ماجه ١٩٩ والنسائي في «فضائله» ٦٢ وأحمد (١/ ٦٩) والفريابي في «فضائل القرآن» ١٣ ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل» (ص ١٥٧) والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٢٤٠) والخطيب في «تاريخ بغداد» (٤/ ٣٠٢) وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٣٨٤) وأبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (٤٣) والبيهقي في «الشعب» (٥/ ١٦٤) من طرق عن يحيى القطان عن شعبة وسفيان عن علقمة بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري (٥٠٢٨) والترمذي (٢٩٠٨) وابن ماجه (٢١٢) وأحمد (١/ ٥٧) وعبد الرزاق (٥٩٩٥) والنسائي في «فضائل القرآن» (٦٣) ومحمد بن سحنون في «آداب المعلمين» (ص ٦٩) وأبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» (٢/ ٥٥١- ٥٥٢) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٤٨٩) عن سفيان الثوري عن علقمة به.
- وأخرجه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٣٣- ٣٤) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٤٩٠) من طريق عمرو بن قيس عن علقمة به.
وأخرجه البيهقي في «الاعتقاد» (ص ١٠١) واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (٢/ ٣٣٨) من طريق الجراح بن الضحاك عن علقمة به.
- وفي الباب من حديث علي عند الترمذي (٢٩١١) وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٠٣) وابن الضريس (١٣٦) والفريابي (١٩) والآجري في «حملة القرآن» (١٦) والذهبي في «معجم الشيوخ» (١/ ٤٣٩) و (٢/ ١٩٦) والدارمي (٢/ ٤٣٧) وأبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (٣٨)، وإسناده ضعيف.
- ومن حديث سعد عند ابن ماجه (٢٠١) والدارمي (٢/ ٤٣٧) والعقيلي (١/ ٢١٨) وابن الضريس (١٣٥) وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٢٦) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (١٧) وإسناده ضعيف.
56
«٥» أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَمُّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ]
الشَّاشِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ الكشي [٢]، ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ عَنْ أَبِي الْمُخْتَارِ الطَّائِيِّ عَنِ ابْنِ أَخِي الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنِ الْحَارِثِ الأعور، قال:
٥- إسناده ضعيف لضعف الحارث، وهو ابن عبد الله الأعور الهمذاني، ضعفه غير واحد، واتهمه الشعبي، وله علة ثانية: ابن أخي الحارث الأعور. لم يسم، قال عنه في «التقريب» مجهول، وله علة ثالثة: أبو المختار هو الطائي: قال الذهبي في «الميزان» (٤/ ٥٧١) : قال ابن المديني لا يعرف، وقال أبو زرعة: لا أعرفه. قال الذهبي: حديثه في فضائل القرآن العزيز، منكر اهـ. ومراده هذا الحديث، وقد ورد من طرق أخر عن الحارث الأعور، وله شاهد من حديث أبي سعيد وابن مسعود، كما سيأتي، وكلاهما ضعيف وقد رجح ابن كثير وغيره الوقف فيه، والله أعلم.
وهو في «شرح السنة» (١١٧٦) بهذا الإسناد.
- وأخرجه الترمذي (٢٩٠٦) وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٢) والدارمي (٢/ ٤٣٥) والبزار في «مسنده» (٣/ ٧١/ ٧٢) والفريابي في «فضائل القرآن» (٨١) وأبو بكر الأنباري في «إيضاح الوقف والابتداء» (١/ ٥- ٦) ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل» (ص ١٥٧) ويحيى بن الحسين الشجري في «الأمالي» (١/ ٩١) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٤٩٦- ٤٩٧) من طرق عن حمزة الزيات بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول، وفي حديث الحارث مقال اهـ.
- وورد من طريق سعيد بن سنان البرجمي عن عمرو بن مرة عن سعيد بن فيروز عن الحارث الأعور به. عند الدارمي (٢/ ٤٣٥- ٤٣٦) والفريابي في «فضائل القرآن» (٧٩) والبزار (٣/ ٧٠- ٧١) وأبو الفضل الرازي (٣٥).
- وأخرجه أحمد (١/ ٩١) وأبو يعلى (١/ ٣٠٢- ٣٠٣) والبزار (٣/ ٧٠) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث به.
- وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٨/ ٣٢١) من طريق أبي هاشم عمن سمع عليا... وهذا إسناد ضعيف.
وقال الحافظ ابن كثير في «فضائل القرآن» (ص ١٧- ١٨) بعد أن ذكر هذه الروايات وتكلم عليها: وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي- رضي الله عنه- وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح. اهـ.
- وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢١) وابن الضريس (٥٨) والحاكم (١/ ٥٥٥) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (١١) وابن حبان في «المجروحين» (١/ ١٠٠) وأبو الشيخ في «طبقات أصبهان» (٤/ ٢٥٢) وأبو الفضل الرازي (٣٠) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٢٧٨) وابن الجوزي في «العلل» (١/ ١٠١- ١٠٢) ويحيى بن الحسين الشجري في «الأمالي» (١/ ٨٨) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٥٥٠).
وإسناده ضعيف فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، وهو لين الحديث والحديث صححه الحاكم وقال الذهبي: إبراهيم بن مسلم ضعيف اهـ.
وقال ابن الجوزي: يشبه أن يكون من كلام ابن مسعود اهـ.
وقال ابن كثير: وهذا غريب من هذا الوجه، وإبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا، وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي.
وقال أبو الفتح الأزدي: رفّاع كثير الوهم. قال ابن كثير: فيحتمل- والله أعلم- أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر والله أعلم اهـ.
- والموقوف على ابن مسعود أخرجه الدارمي (٢/ ٤٣١) والطبراني في «الكبير» (٩/ ١٣٩) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٢٧٢) وأبو الفضل الرازي (٣١ و٣٢) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٥٤٩).
- وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الطبري (٧٥٧٠) وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف. والأشبه في هذه الأحاديث كونها موقوفة على هؤلاء الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- وقد أنكر الذهبيّ رحمه الله هذا الحديث في كونه مرفوعا، وصوب ابن كثير فيه الوقف، وهو الراجح، والله أعلم.
(١) في الأصل «حزيم» والتصويب «شرح السنة» و «ط».
(٢) في الأصل «الشاشي» والتصويب عن «شرح السنة» و «تهذيب التهذيب». (٦/ ٤٠٢).
57
مَرَرْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الْأَحَادِيثِ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الْأَحَادِيثِ؟ قَالَ: أو قد فَعَلُوهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:
أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ فتنة، فقلت: فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لم تنته الجن- أي لم يتوقفوا في قبوله، وأنه كلام الله تعالى إِذْ سَمِعَتْهُ- حَتَّى قَالُوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ [الجن: ١. ٢] مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»
، خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَعْوَرُ.
قَالَ أَبُو عيسى: هذا [حديث] لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوجه، وإسناده مجهول، والحرث فِيهِ مَقَالٌ، «٦» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ [السَّمْعَانِيُّ]، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ [١]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ لَهِيعَةَ يَقُولُ: ثَنَا مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ [٢] قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لو كان القرآن
٦- الراجح وقفه. إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة، واسمه عبد الله، وسبب وهنه، أنه احترقت كتبه ثم اختلط بعد ذلك، لكن حسن حديثه غير واحد إن كان من رواية أحد العبادلة عنه، وهذا الحديث قد رواه عنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِي عند الطحاوي وغيره كما سيأتي، وفيه مشرح بن هاعان مقبول.
- وهو في «شرح السنة»
(١١٧٥) بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد (٤/ ١٥١ و١٥٥) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢٢- ٢٣) وابن عدي (١/ ٤٦٩) والفريابي (١) و (٢) والطبراني في «الكبير» (١٧/ ٣٠٩- ٣١٠) والطحاوي في «المشكل» (٩٠٦) وأبو الشيخ في «طبقات أصبهان» (٣/ ٥٩٤- ٥٩٥) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢/ ٣٢٣) وتمام الرازي في «الفوائد» (٤/ ٩٧) والبيهقي في «الشعب» (٥/ ٦١٨) وابن الجوزي في «الحدائق» (١/ ٤٩٨) من طرق عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد (٤/ ١٥٥) والدارمي (٢/ ٤٣٠) وأبو يعلى (١٧٤٥) والطحاوي في «المشكل» (٩٠٦) وأبو الفضل الرازي (١٢٥) والفريابي (٣) والشجري في «الأمالي» (١/ ١٢٠) من طرق عن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيد المقرئ عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.
وأبو عبد الرحمن المقرئ سمع من ابن لهيعة قبل الاختلاط فروايته عنه صحيحة، والله أعلم. في قول الحافظ عبد الغني بن سعيد وغير واحد، وضعف روايته آخرون، سواء كان قبل الاختلاط وبعده، وهو الصواب راجع «الميزان» وغيره.
- وله شاهد من حديث سهل بن سعد أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (٢/ ١٤٨) وابن عدي في «الكامل» (١/ ٣٢ و٥/ ٢٩٥) وإسناد ضعيف جدا فيه عبد الوهاب بن الضحاك، وهو متروك.
- ومن حديث عصمة بن مالك أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٧/ ١٧٨) وابن عدي (٦/ ١٤) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥/ ٦١٨) وإسناده ضعيف لضعف الفضل بن المختار. قال ابن عدي: أحاديثه منكرة عامتها لا يتابع عليها اهـ. قلت: ومما يدل على وهن الحديث هو مناقضته للحسن والمشاهدة، فقد ورد عن عثمان أنه جمع الناس على الأم، وحرق ما سواه من المصاحف. ولعل الراجح كونه من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص، وأحسن منه ما رواه مسلم (٢٨٦٥) في حديث طويل «وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظان» والمراد هنا أنه محفوظ في الصدور بحفظ الله تعالى.
(١) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «الأنساب» و «شرح السنة».
(٢) في الأصل «مسرح بن عاهان» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التخريج والتراجم.
58
فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ». قِيلَ مَعْنَاهُ: مَنْ حَمَلَ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
«٧» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَنَا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ [١]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ [٢] أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَعِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ، لَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ، وَلَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: الم [حَرْفٌ] ولكن الألف واللام والميم.
رواه بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا.
«٨» أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ أبي أحمد بن مقوية، أَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بن محمد بن علي الحسني الْحَرَّانِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْآجُرِّيُّ [٣]، ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّنْدَلِيِّ [٤]، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ.
«٩» أَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ [مُحَمَّدٍ] الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ محمد بن
٧- موقوف، ومع ذلك فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، وهو لين الحديث، قال ابن عدي في «الكامل» (١/ ٢١٦) : وأحاديثه عامتها مستقيمة المعنى، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ الله، وهو عندي ممكن يكتب حديثه اهـ.
وقد تقدم تخريجه عند رقم: ٥. [.....]
(١) في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف.
(٢) في الأصل «عوف» والتصويب عن «ط» وعن كتب التراجم.
٨- ضعيف. فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، قال عنه الحافظ في «التقريب» : لين الحديث، رفع موقوفات اهـ. فالظاهر أنه وهم فيه حيث رفعه.
رواه المصنف من طريق الآجري، وهو عنده في «أخلاق حملة القرآن» (١١) عن أبي الفضل الصندلي بهذا الإسناد.
وانظر ما تقدم عند رقم: ٥.
(٣) في الأصل «الأجدي» والتصويب عن «ط» وعن كتب التراجم.
(٤) وقع في الأصل «الصدلي» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
٩- إسناده صحيح، إبراهيم بن سعد فمن فوقه رجال البخاري ومسلم سوى نافع بن عبد الحارث، فقد روى له مسلم وأصحاب السنن، وروى له البخاري في «التاريخ» وهو صحابي كما في «التقريب» (٧٠٧٦).
وهو في «شرح السنة» (١١٧٩) بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم (٨١٧) وابن ماجه (٢١٨) وأحمد (١/ ٢٥) والدارمي (٢/ ٤٤٣) وابن حبان (٧٧٢) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٤٠- ٤١) والبيهقي (٣/ ٨٩) من طريق معمر.
- وأخرجه أبو يعلى (٢١٠) من طريق الحسن بن مسلم أن عمر بن الخطاب استعمل ابن عبد الحارث... فذكره وإسناده منقطع.
- وأخرجه أبو عبيد (ص ٤١) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن ابن شهاب الزهري بهذا الإسناد موقوفا على عمر. وخالفه مسلم فرواه عن شعيب به مرفوعا، وكرره أبو عبيد من طريق أبي الطفيل أن نافع بن عبد الحارث كان على مكة...
فذكره ولم يرفعه.
- وأخرجه أبو يعلى (٢١١) من طريق حبيب بن أبي ثابت أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب.... فذكره موقوفا على عمر.
59
بَامُوَيْهِ [١] الْأَصْبِهَانِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْقَاضِي الزُّهْرِيُّ بِمَكَّةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا إبراهيم بن سعيد عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ [٢] أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمُ ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ عُمَرُ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ رَجُلٌ قارئ القرآن عالم بالفرائض قاض بالكتاب، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إن الله يَرْفَعُ بِالْقُرْآنِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».
صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زهير بن حرب. أنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إبراهيم بن سعد الترابي.
«١٠» أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْهَيْثَمِ، أَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، أَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حديث حسن صَحِيحٌ.
«١١» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَنَا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ [٣]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ،
- وأخرجه الأزرقي في «تاريخ مكة» (١/ ١٥٢) وأبو الفضل الرازي (٦٣) من طريق داود بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ معمر يحدث عن الزهري به.... فذكره موقوفا على عمر. وخالفه عبد الرزاق فرواه عن معمر به مرفوعا، ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه ابن حبان (٧٧٢) وغيره، فقد رفعه ثلاثة ثقات من أصحاب الزهري، فلا يضرهم مخالفة من خالفهم، والله أعلم.
١٠- إسناده ضعيف، رجاله ثقات سوى قابوس بن أبي ظبيان، فقد ضعفه غير واحد، وقال ابن حبان: ينفرد عن أبيه بما لا أصل له. راجع «الميزان» ٣/ ٣٦٧.
وهو في «شرح السنة» (١١٨٠) بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (٢٩١٣) وأحمد (٢/ ٤٢٦) والحاكم (١/ ٥٥٤) (٢٠٣٧) والدارمي (٢/ ٤٢٩) من طرق عن جرير بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: قابوس لين. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح!
(١) في الأصل «ناموية» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة».
(٢) وقع في الأصل «وائلة بن» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة» وكتب التراجم.
(٣) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «الأنساب» وعن «شرح السنة» وعن «ط».
١١- جيد بطرقه وشواهده. إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي حميد. قال الذهبي في «الميزان» (٣/ ٥) : يروي عن أبي المليح الهذلي، ضعفه محمد بن المثنى، وقال البخاري منكر الحديث، وقال النسائي متروك اهـ. لكن تابعه غير واحد كما سيأتي.
وأخرجه الطيالسي (١٠١٢) وأحمد (٤/ ١٠٧) والطبري (١٢٦) والطبراني في «الكبير» (٢٢/ ١٨٥ و١٨٦) والطحاوي في «المشكل» (١٣٧٩) من طرق عن عمران القطان عن قتادة عن أبي المليح بهذا الإسناد. وهذا إسناد حسن في الشواهد.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٤٦) : رواه أحمد، وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه النسائي، وغيره، وباقي رجاله ثقات اهـ. وقد توبع.
- فقد أخرجه الطبراني (٢٢/ ١٨٧) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح به، وإسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير الأزدي الشامي. ضعفه الجمهور ووثقه شعبة ودحيم لكن تابعه عمران القطان عند أحمد وغيره كما تقدم.
60
أَنَا أَبُو أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا سعدان [١] بن يحيى ثنا عبيد اللَّهِ [٢] بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ أبي الْمَلِيحِ [٣] الْهُذَلِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ [٤] بْنِ الأسقع [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ الطول [٥]، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمِئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَثَانِيَ، وَأُعْطِيتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمَ الْبَقَرَةِ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي، وَأَعْطَانِي رَبِّي الْمُفَصَّلَ نَافِلَةً»، غَرِيبٌ.
(فَصْلٌ فِي فَضَائِلِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ)
«١٢» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ [٦] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى [٧] عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمَاهِرِ بِالْقُرْآنِ مَثَلُ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يقرأه وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ»، صَحِيحٌ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: «الَّذِي يَقْرَأُ [القرآن] وهو ماهر به مع السّفرة
- وأخرجه الطبري (١٢٩) من طريق لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أبي بردة عن أبي المليح عن واثلة.
- وله شاهد من حديث أبي أمامة عند الطبراني في «الكبير»
(٨٠٠٣) وفي إسناده ليث بن أبي سليم قال عنه الهيثمي في «المجمع» (١١٦٢٦) : وقد ضعفه جماعة، ويعتبر بحديثه..
- وله شاهد آخر عن أبي قلابة مرسل أخرجه الطبري (١٢٧) وابن الضريس في «فضائل القرآن» (١٥٧ و٢٩٩) وإسناده صحيح، فهو مرسل قوي.
- وآخر عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ مرسلا أخرجه أبو عبيد في «فضائله» (ص ١٢٠).
الخلاصة: هو حديث حسن صحيح بمجموع طرقه وشواهده، والله أعلم.
(١) في الأصل «سعد: أن ابن يحيى» والتصويب عن «ط» و «تهذيب الكمال» للمزي (١١/ ١٠٧). [.....]
(٢) في الأصل «عبد الله» والتصويب عن «تهذيب التهذيب» لابن حجر و «تهذيب الكمال» للمزي.
(٣) في الأصل «الحاكم» والتصويب عن كتب التخريج والتراجم.
(٤) في الأصل «وائلة» والتصويب عن كتب التراجم وكتب التخريج.
١٢- إسناده صحيح على شرط البخاري، تفرد البخاري عن علي بن الجعد دون مسلم، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
شعبة هو ابن الحجاج.
وهو في «شرح السنة» ١١٦٨) بهذا الإسناد.
وهو في مسند علي بن الجعد (١/ ٥٠٥) عن شعبة بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري (٤٩٣٧) ومسلم (٧٩٨) وأبو داود (١٤٥٤) والترمذي (٢٩٠٤) والنسائي في «فضائل القرآن» (٧٠) وابن ماجه (٣٧٧٩) وعبد الرزاق (٦٠١٦) وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٩٠) وأحمد (٦/ ٤٨ و٩٨ و١٧٠) و (٢٣٩ و٢٦٦) والدارمي (٢/ ٤٤٤) وإسحاق بن راهويه (٣/ ٧٠٩) وابن الضريس (٢٩ و٣٠ و٣٥) وأبو عبيد (ص ٣٨) وابن عبد البر في «التمهيد» (١٤/ ١٣٤) والفريابي في «فضائل القرآن» (٣ و٤) وتمام الرازي في «الفوائد» (٤/ ٩٦) والخطيب في «تاريخه» (١/ ٢٦١) والشجري في «الأمالي» (١/ ٧٢- ٧٣) والبيهقي (٢/ ٣٩٥) من طرق عن قتادة به.
- وأخرجه مسلم (٧٩٨) وأبو داود (١٤٥٤) والترمذي (٢٩٠٤) والطيالسي (١٤٩٩) وأحمد (٦/ ٤٨ و١٩٢ و٢٣٩) والدارمي (٢/ ٤٤٤) وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٩٠) وأبو الفضل الرازي (٩٨) والبغوي (١١٦٩) من طرق عن هشام الدستوائي بهذا الإسناد.
(٥) في المطبوع «الطوال».
(٦) زيد في الأصل «أنا» بين «أبو محمد» و «عبد الرحمن».
(٧) وقع في الأصل «ذراره بن أبي أوفي» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التخريج.
61
الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ» [١].
«١٣» أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنَا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ [الْمُزَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ] [٢] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَفِيدُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْزَةَ، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، ثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌّ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَلَا طَعْمَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا».
صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ.
«١٤» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ [٣]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ. يَعْنِي ابْنَ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ [٤] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو [٥] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم قال: «يقال يعني لصاحب القرآن اقرأ وارق وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تقرؤها».
(١) تقدم تخريجه في الذي قبله.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» ومن «ط».
١٣- إسناده صحيح، عفان هو ابن مسلم الباهلي وقتادة هو ابن دعامة السدوسي، وأنس هو ابن مالك رضي الله عنه، وعفان فمن فوقه رجال البخاري ومسلم.
وهو في «شرح السنة» (١١٧٠) بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري (٥٠٢٠ و٥٠٥٩ و٥٤٢٧ و٧٥٦٠) ومسلم (٧٩٧) وأبو داود (٤٨٣٠) والترمذي (٢٨٦٥) والنسائي (٨/ ١٢٤ و١٢٥) وفي «فضائل القرآن» (١٠٦ و١٠٧) وابن ماجه (٢١٤) وعبد الرزاق (٢٠٩٣٣) وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٢٩ و٥٣٠) وأحمد (٤/ ٤٠٣ و٤٠٤ و٤٠٨) وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص ١٩٨) وابن حبان (٧٧٠ و٧٧١) وأبو الشيخ في «الأمثال» (٣١٨) وأبو الفضل الرازي في «فضائله» (٩٢) والرامهرمزي في «الأمثال» (٨٧) وتمام الرازي في «فوائده» (٤/ ٩٥) والذهبي في «معجم الشيوخ» (٢/ ٢٨) من طرق عن قتادة به.
(٣) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «شرح السنة» و «تهذيب الكمال» ٧/ ٣٩٤.
(٤) في الأصل «ذر» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التخريج.
(٥) في الأصل «عمر» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التخريج.
١٤- صحيح. إسناده حسن لأجل عاصم بن بهدلة، فإنه صدوق يخطئ، أبو نعيم هو الفضل بن دكين الحافظ، وسفيان هو الثوري، وزرّ هو ابن حبيش تابعي كبير، والثلاثة من رجال البخاري ومسلم، وحميد بن زنجويه، ثقة ثبت.
- وهو في «شرح السنة» ١١٧٣ بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ١٤٦٤ والترمذي ٢٩١٤ وابن أبي شيبة ١٠/ ٤٩٨ وأحمد (٢/ ١٩٢) وابن حبان (٧٦٦) والحاكم (١/ ٥٥٢- ٥٥٣) والبيهقي (٢/ ٥٣) والفريابي في «فضائل القرآن» (٦٠) وأبو عبيد في «فضائله» (ص ٣٧) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (٩ و١٠) وحمزة السمهي في «تاريخ جرجان» (ص ١٣٩) وأبو جعفر النحاس في «القطع الائتناف» (ص ٨٥) ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل» (ص ١٥٤) وابن الضريس (١١١) وأبو الفضل الرازي في «فضائله» (١٣٣) من طرق عن عاصم بن بهدلة بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
- وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه ابن ماجه (٣٧٨٠) وأحمد (٣/ ٤٠) وفي إسناده عطية العوفي، وهو ضعيف، لكن يصلح للاعتبار بحديثه. [.....]
62
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ.
«١٥» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أنا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ [١]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، ثَنَا النَّضِرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ [أَبِي] [٢] كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي شافعا لأصحابه، اقرؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ [٣] أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقرؤوا الْبَقَرَةَ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حسرة ولا تستطيعها الْبَطَلَةُ» [٤]. صَحِيحٌ.
«١٦» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أنا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ [٥]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ،
١٥- إسناده صحيح، حميد بن زنجويه ثقة، وكذا من دونه، والنضر بن شميل فمن فوقه رجال البخاري ومسلم خلا أبي سلام، فإنه من رجال مسلم، واسمه ممطور. هشام هو ابن عبد الله الدّستوائي، بفتح الدال مع التشديد.
وهو في «شرح السنة» (٨٧) بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٥/ ٢٤٩ و٢٥٧) من طريق هشام الدستوائي بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم (٨٠٤) وأحمد (٥/ ٢٤٩ و٢٥٤- ٢٥٥) والطبراني (٧٥٤٣) وابن حبان (١١٦) والحاكم (١/ ٥٦٤) والبيهقي (٢/ ٣٩٥) والدارمي (٢/ ٤٥٠- ٤٥١) والفريابي (٢٦) والحاكم (١/ ٥٦٤) من طرق عن أبي سلام به.
- وأخرجه عبد الرزاق وأحمد (٥/ ٢٥١) والطبراني في «الكبير» (٨١١٨) من طريق مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن عن أبي أمامة به.
- وله شاهد من حديث عقبة بن عامر أخرجه أبو داود (١٤٥٦) وأحمد (٤/ ١٥٤) وآخر من حديث بريدة وهو الآتي.
١ في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» ومن «ط».
(٣) قال المصنف في «شرح السنة» (٣/ ١٩) : قال أبو عبيد: الغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه مثل السحابة والغبرة.
اهـ.
الفرقان والحزقان بمعناهما واحد، وهما قطيعان وجماعتان.
طير صواف: هي من الطيور التي تبسط أجنحتها في الهواء.
تحاجان: تدافعان.
(٤) البطلة: السحرة.
٥ في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف.
١٦- إسناده ليّن لأجل بشير بن المهاجر الغنوي، وهو أحد رجال مسلم الذين تكلم فيهم. قال عنه الحافظ في «التقريب» :
صدوق لين الحديث. وقال الذهبي في «الميزان» (١/ ٣٢٩) وثقه ابن معين وغيره، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أحمد: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن عدي: فيه بعض الضعف اهـ. وبقية رجاله رجال البخاري ومسلم. أبو نعيم هو الفضل بن دكين.
وهو في «شرح السنة» (١١٨٥) بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن ماجه (٣٧٨١) وأحمد (٥/ ٣٤٨ و٣٥٢ و٣٦١) والدارمي (٢/ ٤٥٠) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٣٦- ٣٧) وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٩٢- ٤٩٣) والبزار (٣/ ٨٦- ٨٧) وابن الضريس في «فضائل القرآن» (٩٩) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (٢٤) والعقيلي في «الضعفاء» (١/ ١٤٤) والحاكم (١/ ٥٥٦ و٥٦٠ و٥٦٧) والمروزي في «قيام الليل» (ص ١٤٨- ١٤٩) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٥٥٢) وأبو الفضل الرازي (١٣٠) وابن الجوزي في «الحدائق» (١/ ٥٠٠) من طرق عن بشير بن المهاجر به مطوّلا ومختصرا.
وذكره الهيثمي في «المجمع» (١١٦٣٣) وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح اهـ.
وقال البوصيري في «الزوائد» إسناده صحيح رجاله ثقات اهـ.
ولصدره شاهد من حديث النواس بن سمعان عند مسلم (٨٠٥) وأحمد (٤/ ١٨٣) وآخر من حديث ابن عباس عند
63
ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ الْغَنَوِيُّ [١]، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يقول: «تعلّموا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وتركها حسرة ولا تستطيعها الْبَطَلَةُ»، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ [٢] وَإِنَّهُمَا تُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَّافَّ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَأْتِي صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أعرفك فيقول له: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك بالهواجر وأسهرت ليلتك، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تجارته [٣]، وإني لك [٤] اليوم مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى والداه حلّتين لا يقوم لأحدهما [٥] أَهْلُ الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذَا؟ فَيُقَالُ لَهُمَا: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ في صعود ما دام يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا»، غَرِيبٌ.
«١٧» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَنَا أبو جعفر الرَّيَّانِيُّ، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، ثنا أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ [٦]، ثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، ومن قرأ آية من
الطبراني (١١٨٤٤) وفيه عاصم بن هلال البارقي وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره.
ولعجزه شاهد من حديث أبي أمامة عند الطبراني في «الكبير»
(٨١١٩) والشجري في «الأمالي» (١/ ٨٢- ٨٣) وأبو الفضل الرازي (١٢٢) وابن الضريس في «فضائل القرآن» (٩٢) وإسناده ضعيف.
وآخر من حديث سهل بن معاذ عن أبيه أخرجه أبو داود (١٤٥٣) والحاكم (١/ ٥٦٧) والآجري (٢٢) وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: زبّان ليس بالقوي اهـ. وانظر الحديث الآتي برقم: [١٩-.
- وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة عند الترمذي ٢٩١٥ والحاكم (١/ ٥٥٢) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأخرجه أبو عبيد (ص ٣٥- ٣٦) موقوفا على أبي هريرة.
الخلاصة: حديث الباب فيه لين لأجل بشير الغنوي، لكن توبع على أكثر ألفاظ الحديث كما ترى، فأصل الحديث، والله أعلم.
(١) في الأصل «العنوي» والتصويب عن «شرح السنة» وعن «ط» وكتب التراجم.
(٢) في المطبوع: الزهراوين. وهو تصحيف.
(٣) كذا وقع في الأصل، وأما في «فضائل القرآن» لأبي عبيد (ص ٣٦- ٣٧) قوله: «وإني اليوم من وراء كل تجارة» وجاء في «فضائل القرآن» لأبي الفضل الرازي (١٣٠) «وأنا اليوم لك من وراء كل تجارة».
(٤) في المطبوع «وإنك».
(٥) في المطبوع «لهما».
(٦) في الأصل «عباس» والتصويب عن «ط» وكتب التراجم. [.....]
١٧- ضعيف.
إسناده ضعيف، له علتان: إسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل بلده ضعيفة، وشيخه كوفي، فهذه علة، والثانية:
ضعف ليث بن أبي سليم، فإنه اختلط، فلم يتميز حديثه، فترك، كما في «التقريب». وبقية رجال الإسناد ثقات، أبو أيوب هو سليمان بن أيوب الدمشقي، وورد من طريق أخرى بسند ضعيف جدا. أخرجه أحمد (٢/ ٣٤١) من طريق الحسن عن أبي هريرة مرفوعا.
قال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ١٦٢) (١١٦٥٠) : فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره، ووثقه يحيى في رواية وضعفه في أخرى، ووثقه ابن حبان اهـ. وله علة ثانية وهي: الانقطاع. الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة، وقد أجاد الحافظ العراقي في «الإحياء» (١/ ٢٨٠) إذ قال: فيه ضعف وانقطاع اهـ.
الخلاصة: هو حديث ضعيف لضعف إسناديه، والثاني ضعيف جدا، ثم إن المتن غريب.
64
كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
«١٨» أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ الْكُوفِيُّ، أَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] [١] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ [٢] عظام سمان؟» قلنا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَؤُهُنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ». صَحِيحٌ.
«١٩» أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ [٣]، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ ثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ ثَنَا ابْنُ لهيعه عَنْ زَبَّانَ هُوَ ابْنُ فائد عَنْ سَهْلٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ الْجُهَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَحْكَمَهُ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسُ وَالِدَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تاجا ضوؤه أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهِ؟».
«٢٠» أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصفار
١٨- صحيح. إبراهيم بن عبد الله ثقة، وقد توبع ومن دونه ومن فوقه رجال البخاري ومسلم، وكيع هو ابن الجراح، والأعمش هو سليمان بن مهران، وأبو صالح اسمه ذكوان.
وهو في «شرح السنة» (١١٧٢) بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو الفضل الرازي في «فضائل القرآن» (١٠٢) عن أبي طاهر بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم (٨٠٢) وابن ماجه (٣٨٢٧) وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٠٣) وأحمد (٢/ ٤٩٧) ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل» (ص ١١٦) والفريابي في «فضائل القرآن» (٦٩ و٧٠) والدارمي (٢/ ٣١٠) والبيهقي في «الشعب» (٥/ ١٩١) من طرق عن وكيع بهذا الإسناد.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) الخلفة: الحامل من الإبل إلى أن يمضي عليها نصف أمدها ثم هي عشار.
(٣) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «شرح السنة» و «الأنساب» و «تهذيب الكمال».
١٩- إسناده ضعيف. فهو مسلسل بالضعفاء: ابن لهيعة هو عبد الله، وزبان بن فائد وشيخه سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، ثلاثتهم ضعفاء، وقد ورد بهذه السلسلة مناكير كثيرة. لكن تقدم برقم (١٨) لصدره شاهد، والوهن في عجزه فحسب، والله أعلم.
وهو في «شرح السنة» (١١٧٤) بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (١٤٥٣) وأحمد (٣/ ٤٤٠) وأبو يعلى (١٤٩٣) والحاكم (١/ ٥٦٧) والآجري في «أخلاق حملة القرآن» (٢٢) وابن عبد البر في «التمهيد» (١٤/ ١٣٤) وأبو الفضل الرازي في «فضائله» (٦٨) والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٥٠٦- ٥٠٧) من طرق عن زبّان بن فائد به، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: زبّان ليس بالقوي اهـ. وقال الذهبي في «الميزان» (٢/ ٦٥) في زبّان بن فائد: ضعفه ابن معين وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال أبو حاتم: صالح. وقال الذهبي في سهل بن معاذ (٢/ ٢٤١) : ضعفه ابن معين، وقال ابن حبان: لا أدري أوقع التخليط منه أو من صاحبه زبان.
٢٠- حديث قوي بمجموع طرقه وشواهده، إسناده ضعيف. له علتان: الأولى: فيه راو لم يسم، والثانية: خيثمة هو ابن أبي خيثمة، قال الذهبي في «الميزان» (١/ ٦٦٩)، روى عن الحسن، روى عنه الأعمش، قال ابن معين: ليس بشيء.
وذكره ابن حبان في الثقات اهـ.
والقول فيه قول ابن معين، وهو غير خيثمة بن عبد الرحمن كما نبه عليه الترمذي ونقله المصنف، فذلك ثقة.
وهو في «شرح السنة» (١١٧٨) بهذا الإسناد. لكن وقع عنده «خيثمة بن عبد الرحمن»، وهو خطأ.
وأخرجه الترمذي (٢٩١٧) وابن أبي شيبة، (١/ ٤٨٠) وأحمد (٤/ ٤٣٢- ٤٣٣ و١٣٦ و١٣٩ و٤٤٥) والآجري في
65
ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ [١]، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ [٢] عَنْ رَجُلٍ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ يَقْرَأُ عَلَى قَوْمٍ، فَلَمَّا قَرَأَ، سَأَلَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرؤون الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ».
رَوَاهُ أَبُو عِيسَى عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حصين، قَالَ: وَقَالَ [٣] مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ:
هُوَ خَيْثَمَةُ الْبَصَرِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَلَيْسَ هُوَ خَيْثَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
(فَصْلٌ فِي وَعِيدِ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ)
«٢١» أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ السَّرَخْسِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ [٤] الشَّاشِيُّ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ [٥] بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا الثوري عن
«أخلاق حملة القرآن» (٤١ و٤٢) من طرق عن الأعمش بعضهم يقول عن خيثمة أو عن رجل، وبعضهم عن خيثمة عن الحسن، ثم إن الحسن عن عمران منقطع.
- وأخرجه أبو الفضل الرازي ٧٨ من طريق موسى بن أعين عن إدريس الكوفي عن منصور عن رجل به.
- وللحديث شواهد كثيرة منها:
- حديث سهل بن سعد الساعدي أخرجه أبو داود (٨٣١) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ١٠٦) وابن حبان (٧٦٠) والطبراني (٦٠٢٤) من طريق وفاء بن شريح الحضرمي به وإسناده لين وفاء بن شريح، مقبول، لكن يصلح للاعتبار بحديثه.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٨١٣) والطبراني (٦٠٢١ و٦٠٢٢) وأبو عبيد (ص ١٠٦) والآجري (٢٩) من طريق موسى بن عبيدة الربذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ عن سهل مرفوعا. وفيه موسى الربذي وهو ضعيف.
- وحديث جابر أخرجه أبو داود (٨٣٠) والآجري (٢٨) وإسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه ابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٠) عن ابن المنكدر مرسلا.
- وحديث أبي سعيد الخدري أخرجه أحمد (١٨/ ٢٨) وأبو عبيد (ص ١٠٦) والبغوي في «شرح السنة» (١١٧٧) وإسناده ضعيف.
وأحاديث النهي عن أخذ الأجر على تعليم القرآن كثيرة انظر «فضائل القرآن» لأبي عبيد (ص ١٠٥- ١٠٨).
الخلاصة: هو حديث يرقى بمجموع طرقه وشواهده إلى درجة الحسن الصحيح. وهو من أعلام النبوة فإن كثيرا من القراء في أيامنا سواء على الموتى أو الأعراس في البلاد الشامية والمصرية، يتأكلون به.
(١) في الأصل «البولي» والتصويب عن «ط» وعن «شرح السنة» وكتاب «الأنساب».
(٢) في الأصل «حثيمة» والتصويب «ط» وعن «شرح السنة» و «سنن الترمذي».
٢١- الراجح وقفه. إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، ضعفه أحمد، وتركه ابن مهدي والقطان، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، ربما رفع الحديث، وربما وقفه. وهذا الحديث من هذا القبيل حيث اضطرب في رفعه ووقفه كما سيأتي، وخولف حيث رواه غيره موقوفا.
وهو في «شرح السنة» (١١٨) بهذا الإسناد.
وأخرجه المصنف من طريق عبد الرزاق، وهو في «تفسيره» (٢) من طريق الثوري بهذا الإسناد.
- وأخرجه الترمذي ٢٩٥١ والنسائي في «الكبرى» (٨٠٨٤ و٨٠٨٥) وأحمد ١/ ٢٦٩ والطبري ٧٣ والبغوي ١١٩ من طرق الثوري به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح! وانظر ما بعده.
(٣) كذا في النسخ والمخطوط وإحدى نسخ «الشرح السنة»، وفي «سنن الترمذي» و «شرح السنة» :«وقال محمود» يعني ابن غيلان.
(٤) وقع في الأصل «حزيم» والتصويب عن «تهذيب الكمال» و «تبصير المنتبه» (٢/ ٥٢٨) وغيرهما.
(٥) وقع في الأصل «عبيد» وهو تصحيف. [.....]
66
عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
«٢٢» أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ [بْنُ مُحَمَّدِ] [١] بْنِ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ [الْحَسَنِ] الْبَصْرِيُّ، ثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عوانه عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
«٢٣» أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التُّرَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ، أَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ ثَنَا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ القطعي، ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ»، غَرِيبٌ.
وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا [عَبَسَ: ٣١]، فَقَالَ: وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ؟! وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
لَا تَفْقَهُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا كَثِيرَةً، قَالَ حَمَّادٌ: قُلْتُ لِأَيُّوبَ: مَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ [٢]، فَقُلْتُ: هُوَ أَنْ تَرَى لَهُ وُجُوهًا فَتَهَابَ الْإِقْدَامَ عليه، فقال: هو ذاك.
قال الشيخ [٣] الإمام [أبو محمد] [٤] رَحِمَهُ اللَّهُ: قَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ فِي حَقِّ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ وَذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَأَمَّا التَّأْوِيلُ وَهُوَ صَرْفُ الْآيَةِ إِلَى مَعْنًى مُحْتَمَلٍ موافق ما قبلها
٢٢- ضعيف. والراجح وقفه، إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى كما تقدم.
وقد رواه موقوفا أيضا، وهذا اضطراب منه، وتابعه على رواية الوقف ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف أيضا، لكن يرجح الوقف.
- وهو في «شرح السنة» (١١٧) بهذا الإسناد.
- وأخرجه الترمذي ٢٩٥٢ وأحمد ١/ ٢٩٣ و٣٢٣ و٣٢٧ والدارمي ١/ ٧٦ وأبو يعلى ٢٣٣٨ من طرق عن أبي عوانة به، وحسنه الترمذي! وكذا البغوي! - وأخرجه الطبري (٧٦) عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرقوفا. لم يرفعه وكرره (٧٧) من طريق آخر موقوفا على ابن عباس أيضا، وهو أمثل إسنادا من المرفوع.
الخلاصة: هو حديث ضعيف، تفرد به عبد الأعلى، والصواب موقوف، والله أعلم.
٢٣- ضعيف. إسناده ضعيف لضعف سهيل بن أبي حزم، ويقال: أخو حزم القطعي. جزم الحافظ في «التقريب» بقوله:
ضعيف. وقال البخاري: لم يصح حديثه. أبو عمران اسمه عبد الملك بن حبيب الأزدي.
وهو في «شرح السنة» (١٢٠) بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي ٢٩٥٢ عن عبد بن حميد بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ٣٦٥٢ والنسائي في «الكبرى» (٨٠٨٦) والطبري (٨٠) وابن عدي في «الكامل» (٣/ ٤٥٠) من طريق سهيل بن أبي حزم به. وأعله به، ومع ضعفه حديثه هذا غريب جدا، وقد استغربه المصنف.
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من «شرح السنة» و «ط».
(٢) في المخطوط- أ- «يفكر».
(٣) في المطبوع وب- «شيخنا» والمثبت عن- أ.
(٤) سقط من المطبوع.
67
وَمَا بَعْدَهَا غَيْرِ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ فَقَدْ رُخِّصَ فِيهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ، أَمَّا التَّفْسِيرُ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَةِ وَشَأْنِهَا وَقِصَّتِهَا، فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِالسَّمَاعِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ، وَأَصْلُ التَّفْسِيرِ مِنَ التَّفْسِرَةِ، وَهِيَ الدَّلِيلُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَنْظُرُ فِيهِ الطَّبِيبُ فَيَكْشِفُ عَنْ عِلَّةِ الْمَرِيضِ، كَذَلِكَ الْمُفَسِّرُ يَكْشِفُ عَنْ شَأْنِ الْآيَةِ وَقِصَّتِهَا، وَاشْتِقَاقُ التَّأْوِيلِ: مِنَ الْأَوْلِ وهو الرجوع، يقال: أوّلته فأوّل، أَيْ:
صَرَفَتْهُ فَانْصَرَفَ.
«٢٤» أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ التُّرَابِيُّ [١] أَنَا الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ الْحَدَّادِيُّ أَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يحيى
(١) وقع في الأصل «البراني» والتصويب عن «ط».
٢٤- صدره صحيح، خرجه الشيخان من غير هذا الوجه، وأما لفظ «لكل آية... » فغريب جدا، والإسناد ضعيف. مغيرة بن مقسم، مدلس وقد عنعن، وجرير بن عبد الحميد تغير حفظ بأخرة، والوهن فقط في عجره.
- وأخرجه الطحاوي في «المشكل» (٣٠٩٥) من طريق جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو يعلى ٥١٤٩ من طريق المغيرة بن مقسم بهذا الإسناد.
- وأخرجه الطبري ١٠ من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ عمن ذكره عن أبي الأحوص به.
وهذا اضطراب حيث هاهنا فيه راو لم يسمّ.
- وأخرجه ابن حبان ٧٥٠ من طريق محمد بن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص به. والهمداني إن كان عمرو بن عبد الله السبيعي، فهو ثقة، لكنه مدلس، وقد عنعن وإن كان الهجري، فهو ضعيف. وهو الراجح كونه الهجري، والوهم من أحد رواة ابن حبان.
- وأخرجه الطبري ١١ من طريق أبي إسحاق الهجري عن أبي الأحوص به وأبو إسحاق الهجري هو إبراهيم بن مسلم، وفيه لين.
- وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١٠٠٩٠) والبزار ٢٣١٢ والطحاوي في «المشكل» (٣٠٧٧) من طريق محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به، ولم يذكروا أبا إسحاق إلا أن البزار قال عقب روايته: لم يروه هكذا غير الهجري، ولا روى ابن عجلان عن الهجري غيره، ولا نعلمه من طريق ابن عجلان إلا من هذا الوجه اهـ.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ١٥٢) (١١٥٧٩) : رواه البزار، وأبو يعلى في «الكبير»، وفي رواية عنده «لكل حرف منها بطن وظهر».
والطبراني في «الأوسط» باختصار آخره، ورجال أبي يعلى ثقات، ورواية البزار عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق قال في آخرها: لم يرو محمد بن عجلان عن إبراهيم الهجري غير هذا الحديث. قلت: ومحمد بن عجلان إنما روى عن أبي إسحاق السبيعي، فإن كان هو أبا إسحاق السبيعي، فرجال البزار أيضا ثقات اهـ. قلت: لا يليق هذا الحديث بأبي إسحاق السّبيعي، ولو كان عنده لرواه عنه الثقات، لأنه محدث أهل الكوفة، وقد روى له الأئمة الستة، وهو مكثر.
- وأخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص (٤٣) عن حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن مرسلا ومن طريق أبي عبيد أخرجه البغوي في «شرح السنة» (١٢٢) ولفظه «ما أنزل الله تعالى آية إلا لها ظهر وبطن، وكل حرف حد، وكل حد مطلع».
ورواية البغوي «... ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع». وهذا مرسل، ومع إرساله علي بن زيد ضعيف.
- وأخرجه أبو عبيد أيضا ص ٤٢ عن حجاج عن المبارك بن فضالة عن الحسن مرسلا. ومرسلات الحسن واهية، لأنه يروي عن كل أحد كما هو مقرر في كتب المصطلح.
الخلاصة: أما صدره، فصحيح، رواه الجماعة عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم، وكذا رواه غير واحد بدون عجزه، وأما عجزه، فغريب، بل هو منكر، ويكفي في غرابته هو أنه لم يروه أحد من الأئمة الستة، والإسناد الأول ضعيف جرير تغير حفظه، ومغيرة مدلس، وقد عنعن، ثم قد روي عن واصل عن رجل لم يسم عن أبي الأحوص كذا رواه الطبري وتقدم. وأما الطريق الثاني: فمداره على أبي إسحاق، وهو الهجري وهو ضعيف ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما. ولا يصح كونه أبي إسحاق السبيعي الهمداني، وقد أخطأ أحد رجال ابن حبان فجعله الهمداني،
68
أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حيان، عن ابن [أبي] [١] الهذيل عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ»، وَيُرْوَى: «لِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ» [٢].
وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، قِيلَ: الظَّهْرُ لَفْظُ الْقُرْآنِ، وَالْبَطْنُ تَأْوِيلُهُ، وَقِيلَ: الظَّهْرُ مَا حَدَّثَ عَنْ أَقْوَامٍ أَنَّهُمْ عَصَوْا فَعُوقِبُوا، فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ خَبَرٌ وَبَاطِنُهُ عِظَةٌ وَتَحْذِيرٌ أَنْ يَفْعَلَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا فعلوا فيحلّ به مثل مَا حَلَّ بِهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ التِّلَاوَةُ وَالتَّفَهُّمُ، يَقُولُ: لِكُلِّ آيَةٍ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنْ تقرأها كما نزلت [٣]، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
[الْمُزَّمِّلِ: ٤]، وَبَاطِنٌ وَهُوَ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَكُّرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص: ٢٩]، ثُمَّ التِّلَاوَةُ تَكُونُ بِالتَّعَلُّمِ، [وَالْحِفْظِ بِالدَّرْسِ] [٤]، وَالتَّفَهُّمُ يَكُونُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَتَعْظِيمِ الْحُرْمَةِ، وَطِيبِ الطعمه، وَقَوْلُهُ: «لِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ» أَرَادَ به: لَهُ [٥] حَدٌّ فِي التِّلَاوَةِ وَالتَّفْسِيرِ لَا يُجَاوَزُ، فَفِي التِّلَاوَةِ لَا يُجَاوِزُ الْمُصْحَفَ وَفِي التَّفْسِيرِ لَا يُجَاوِزُ الْمَسْمُوعَ، وَقَوْلُهُ:
«لِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ»، أَيْ: مِصْعَدٌ يُصْعَدُ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ عِلْمِهِ، وَيُقَالُ: الْمَطْلَعُ الْفَهْمُ، وَقَدْ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى الْمُدَبِّرِ وَالْمُتَفَكِّرِ فِي التَّأْوِيلِ وَالْمَعَانِي ما لا يفتحه [٦] عَلَى غَيْرِهِ، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي علم عليم، وما توفيقي إلا الله العزيز الحكيم.
وقد صرح البزار بأن محمد بن عجلان روى هذا الحديث الواحد عن أبي إسحاق الهجري، والقول قول البزار، فهو أحد الأئمة الأثبات في معرفة علل الحديث، وكتابه مليء بذكر فوائد في العلل وبيانها. ولا يبعد كون لفظ «لكل آية... » مدرج من كلام الهجري أو أبي الأحوص، والله أعلم.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من كتب التراجم ومن مصادر التخريج.
(٢) هذه الرواية اللبغوي في «شرح السنة» (١٢٢) عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الحسن، وهو مرسل، ومع إرساله علي بن زيد ضعيف.
وهذه الزيادة منكرة، والله تعالى أعلم.
(٣) في المطبوع «أنزلت».
(٤) زيد في المطبوع.
(٥) في المطبوع «من». [.....]
(٦) في المطبوع «يفتح».
69

[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤٩ الى ٥١]

إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١)
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩)، أَيْ مَا خَلَقْنَاهُ فَمَقْدُورٌ وَمَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، قَالَ الْحَسَنُ:
قَدَّرَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ قَدَرَهُ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ.
«٢٠٨٢» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الحسين القرينيني [١] أنا [أَبُو] [٢] مُسْلِمٍ غَالِبُ بْنُ عَلِيٍّ الرازي أنا أَبُو مَعْشَرٍ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الجليل بن يعقوب ثنا أَبُو يَزِيدَ حَاتِمُ بْنُ مَحْبُوبٍ أنا أحمد بن نصر النيسابوري أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ العدني أنا الثَّوْرِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ المخزومي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
جَاءَتِ مشركوا قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩).
«٢٠٨٣» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ [٣] عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بن شريك الشافعي الخداشاهي [٤] أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبُو بَكْرٍ الْجُورَبَذِيُّ [٥] أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قبل كلما أن يخلق السموات وَالْأَرْضَ [٦]، بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ».
«٢٠٨٤» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ
٢٠٨٢- صحيح. عبد الله العدني صدوق، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم سوى زياد تفرد عنه مسلم.
- الثوري هو سفيان بن سعيد.
- وهو في «شرح السنة» ٨٠ بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٦٥٦ والترمذي ٢١٥٧ و٣٢٩٠ وابن ماجه ٨٣ والطبري ٣٢٨٣٤ من طريق وكيع عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
- أخرجه الطبري ٣٢٨٣٣ والواحدي في «الأسباب» ٧٧٥ من طريقين عن سفيان الثوري به.
٢٠٨٣- إسناده صحيح على شرط مسلم.
- أبو هانئ هو حميد بن هانئ، أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد.
- وهو في «شرح السنة» ٦٦ بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٦٥٣ من طريق ابن وهب بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٦٥٣ والترمذي ٢١٥٦ وأحمد ٢/ ١٦٩ وابن حبان ٦١٣٨ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٧٩٨ من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عن حيوة عن أبي هانئ الخولاني به.
- وأخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» ٧٩٩ من وجه آخر عن أبي هانئ الخولاني به بنحوه.
٢٠٨٤- إسناده صحيح على شرط مسلم.
(١) في المطبوع وط «القرشي» وفي المخطوط «العرينيني» والمثبت عن «شرح السنة».
(٢) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».
(٣) في المطبوع «أبو الحسن».
(٤) في المطبوع وط «الخد شاهين» والمثبت عن «شرح السنة» والمخطوط.
(٥) في المطبوع «الجويدري» وفي المخطوط «الجورندي» والمثبت عن «شرح السنة».
(٦) في المخطوط «الأرضين».
328
مَالِكٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرِ اللَّهِ»، قَالَ وَسَمِعْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ، أَوِ الْكَيْسُ وَالْعَجْزُ».
«٢٠٨٥» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ محمد بن علي ابن دحيم الشيباني أنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ [١] أَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ [٢] وَعُبَيْدُ اللَّهِ [٣] بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ» زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ [٤] «خَيْرِهِ وَشَرِّهِ».
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ [٥] عَنْ مَنْصُورٍ وَقَالَ: عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ رَجُلٍ، وَهَذَا أَصَحُّ.
وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)، قوله: واحِدَةٌ، يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى دُونَ اللفظ، أي:
- أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر، مالك بن أنس، طاوس بن كيسان.
- وهو في «شرح السنة» ٧٢ بهذا الإسناد.
- وهو في «الموطأ» ٢/ ٨٩٩ عن زياد بن سعد بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٦٥٥ والبخاري في «خلق أفعال العباد» ٧٣ وأحمد ٢/ ١١٠ وابن حبان ٦١٤٩ من طرق مالك به.
٢٠٨٥- إسناده ضعيف. فيه راو لم يسم، لكن روي من وجه آخر عن ربعي عن علي بدون واسطة، وربعي أدرك عليا فيما قال علي المديني، وقد روى له البخاري في «صحيحه» عن علي بدون واسطة، وربعي أدرك عليا فيما قال علي المديني، وقد روى له البخاري في «صحيحه» عن علي بدون واسطة، ومع ذلك اختلف الرواة في هذا الحديث كما ترى، فبعضهم رواه عنه بواسطة وآخرون بدون واسطة، فالله أعلم.
- وهو في «شرح السنة» ٦٥ بهذا الإسناد.
- وأخرجه الترمذي ٢١٤٥ من طريق النضر عن شعبة والطيالسي ١٠٦ من طريق ورقاء والحاكم ١/ ٣٣ من طريق موسى بن مسعود عن سفيان ثلاثتهم عن منصور بهذا الإسناد.
- وأخرجه الترمذي ٢١٤٥ والطيالسي ١٠٦ وأحمد ١/ ٩٧ والحاكم ١/ ٣٢- ٣٣ من طريق شعبة وابن ماجه ٨١ من طريق شريك والحاكم ١/ ٣٣ من جرير بن عبد الحميد وابن حبان ١٧٨ من طريق سفيان كلهم عن منصور عن ربعي عن علي به.
- قال الترمذي: حديث أبي داود الطيالسي عن شعبة عندي أصح من حديث النضر. وهكذا رواه غير واحد عن منصور عن ربعي عن علي.
- وقال الحاكم: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وإن كان البخاري يحتج به، فإنه كثير الوهم، لا يحكم له على أبي عاصم النبيل ومحمد بن كثير وأقرانهم، بل يلزم الخطأ إذا خالفهم، والدليل على ما ذكرته متابعة جرير بن عبد الحميد الثوري في روايته عن منصور عن ربعي عن علي، وجرير من أعرف الناس بحديث منصور.
- وصحح إسناده الشيخ شعيب الأرناؤط عن ربعي عن علي، وكذا صححه الألباني في «السنة» ١٣٠ وقد تصحف عنده حراش إلى «خراش».
- والذي يظهر عدم الجزم بصحة الحديث، لأن كلا الإسنادين صحيح رجاله ثقات مشاهير، بل ربما يرجح رواية الثوري وغيره بزيادة راو لم يسم، فإنه على قواعد علم الحديث «زيادة ثقة» وتكون في الإسناد كهذا الحديث، وتكون في المتن، فالحديث فيه خلاف، والله أعلم. [.....]
(١) في المطبوع «عروة» والمثبت عن «شرح السنة».
(٢) في المخطوط «عبيدة» وفي «شرح السنة» عبيد الله.
(٣) في المطبوع «عبد الله» والمثبت عن «شرح السنة».
(٤) في المطبوع «عبد الله» والمثبت عن «شرح السنة».
(٥) تصحّف في المخطوط إلى «سعيد».
329
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
- ومن الأبحاث التي اختصر فيها بحث الوصية عند الآية ١٨٠ من سورة البقرة إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ.