تفسير سورة سورة الرعد من كتاب النكت والعيون
المعروف بـتفسير الماوردي
.
لمؤلفه
الماوردي
.
المتوفي سنة 450 هـ
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر١، ومدنية في قول الكلبي ومقاتل. وقال ابن عباس مدنية إلا آيتين منها وهما قوله تعالى :﴿ ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ﴾ إلى آخرهما.
١ وهذا القول مرجوح، والراجح أنها مدنية كما في المصاحف المتداولة..
ﰡ
﴿المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون﴾ قوله عز وجل: ﴿المر تلك آيات الكتاب﴾ وفي الكتاب ثلاثة أقاويل: أحدها: الزبور، وهو قول مطر. الثاني: التوراة والإنجيل، قاله مجاهد. الثالث: القرآن، قال قتادة. فعلى هذا التأويل يكون معنى قوله ﴿تلك آيات الكتاب﴾ أي هذه آيات الكتاب. ﴿والذي أنزل إليك من ربك الحق﴾ يعني القرآن. ﴿ولكن أكثر الناس لا يؤمنون﴾ يعني بالقرآن أنه منزل بالحق. وفي المراد ب ﴿أكثر الناس﴾ قولان: أحدهما: أكثر اليهود والنصارى، لأن أكثرهم لم يسلم. الثاني: أكثر الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
﴿الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون﴾ قوله عز وجل: ﴿الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها﴾ فيه تأويلان: أحدهما: يعني بِعُمد لا ترونها، قاله ابن عباس. الثاني: أنها مرفوعة بغير عمد، قاله قتادة وإياس بن معاوية. وفي رفع السماء وجهان: أحدهما: رفع قدرهاا وإجلال خطرها، لأن السماء أشرف من الأرض. الثاني: سمكها حتى علت على الأرض.
﴿وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون﴾ قوله عز وجل: ﴿وهو الذي مَدّ الأرض﴾ أي بسطها للاستقرار عليها، رداً على من زعم أنها مستديرة كالكرة. ﴿وجعل فيها رواسي﴾ أي جبالاً، واحدها راسية، لأن الأرض ترسو بها، أي تثبت. قال جميل:
92
(أُحبُّهُ والذي أرسى قواعده | حُبًّا إذا ظهرت آياتُه بطنا) |
(العلم والحلم خُلّتا كرَمٍ | للمرءِ زين إذا هما اجتمعا) |
(صنوانٍ لا يستتم حسنها | إلا بجمع ذا وذاك معا) |
العلم والحلم خُلّتا كرَمٍ | للمرءِ زين إذا هما اجتمعا |
صنوانٍ لا يستتم حسنها | إلا بجمع ذا وذاك معا١ |
الثالث : أن الصنوان الأشكال، وغير الصنوان المختلف، قاله بعض المتأخرين.
الرابع : أن الصنوان الفسيل يقطع من أمهاته، وهو معروف، وغير الصنوان ما ينبت من النوى، وهو غير معروف حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا، قاله علي بن عيسى.
﴿ يسقى بماءٍ واحدٍ ونُفَضّلُ بعْضَها على بعضٍ في الأكل ﴾ فبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أصفر، وبعضه أحمر، وبعضه قليل، وبعضه كثير.
﴿ إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن في اختلاف ذلك اعتبار يدل ذوي العقول على عظيم القدرة، وهو معنى قول الضحاك.
الثاني : أنه مثل ضربه الله تعالى لبني آدم، أصلهم واحد وهم مختلفون في الخير والشر والإيمان والكفر كاختلاف الثمار التي تسقى بماء واحد، قاله الحسن.
١ هذان البيتان سقطا من ق..
﴿وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ قوله عز وجل: ﴿وإن تعجب فعجَبٌ قولهم﴾ الآية. معناه وإن تعجب يا محمد من تكذيبهم لك فأعجبُ منه تكذيبهم بالبعث. والله تعالى لا يتعجب ولا يجوز
94
عليه التعجب، لأنه تغير النفس بما تخفى أسبابه، وإنما ذكر ذلك ليتعجب منه نبيه والمؤمنون.
95
﴿ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب﴾ قوله عز وجل: ﴿ويستعجلونَكَ بالسيئة قَبْل الحسنة﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني بالعقوبة قبل العافية، قاله قتادة. الثاني: بالشر قبل الخير، وهو قول رواه سعيد بن بشير. الثالث: بالكفر قبل الإجابة. رواه القاسم بن يحيى. ويحتمل رابعاً: بالقتال قبل الاسترشاد. ﴿وقد خلت من قبلهم المثلاتُ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: الأمثال التي ضربها الله تعالى لهم، قاله مجاهد. الثاني: أنها العقوبات التي مثل الله تعالى بها الأمم الماضية، قاله ابن عباس. الثالث: أنها العقوبات المستأصلة التي لا تبقى معها باقية كعقوبات عاد وثمود حكاه ابن الأنباري والمثلات: جمع مثُلة. ﴿وإن ربك لذو مغفرةٍ للناس على ظُلمِهم﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يغفر لهم ظلمهم السالف بتوبتهم في الآنف، قاله القاسم بن يحيى. الثاني: يغفر لهم بعفوه عن تعجيل العذاب مع ظلمهم بتعجيل المعصية. الثالث: يغفر لهم بالإنظار توقعاً للتوبة. ﴿وإنّ ربّك لشديد العقاب﴾ فروى سعيد ابن المسيب أن النبي ﷺ قال عند نزول هذه الآية: لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد. (
﴿ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾ قوله عز وجل: ﴿... إنما أنت منذر﴾ يعني النبي ﷺ نذير لأمته ﴿ولكل قومٍ هادٍ﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: أنه الله تعالى، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير. الثاني: ولكل قومٍ هادٍ أي نبي يهديهم، قاله مجاهد وقتادة. الثالث: ولكل قوم هاد معناه ولكل قوم قادة وهداة، قاله أبو صالح. الرابع: ولكل قوم هاد، أي دعاة، قاله الحسن. الخامس: معناه ولكل قوم عمل، قاله أبو العالية. السادس: معناه ولكل قوم سابق بعلم يسبقهم إلى الهدى، حكاه ابن عيسى.
﴿الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال﴾ قوله عز وجل: ﴿الله يعلم ما تحمل كل أنثى﴾ قال ابن أبي نجيح يعلم أذكر هو أم أنثى. ويحتمل وجهاً آخر: يعلم أصالح هو أَم طالح. ﴿وما تغيض الأرحام وما تزداد﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: ﴿وما تغيض الأرحام﴾ بالسقط الناقص ﴿وما تزداد﴾ بالولد التام، قاله ابن عباس والحسن. الثاني: ﴿وما تغيض الأرحام﴾ بالوضع لأقل من تسعة أشهر، ﴿وما تزداد﴾ بالوضع لأكثر من تسعة أشهر، قاله سعيد بن جبير والضحاك. وقال الضحاك: وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين وولدتني وق خرجت سني. الثالث: ﴿وما تغيض الأرحام﴾ بانقطاع الحيض في الحمل ﴿ما تزداد﴾ بدم النفاس بعد الوضع. قال مكحول: جعل الله تعالى دم الحيض غذاء للحمل. الرابع: ﴿وما تغيض الأرحام﴾ بظهور الحيض من أيام على الحمل، وفي ذلك
96
نقص في الولد ﴿وما تزداد﴾ في مقابلة أيام الحيض من أيام الحمل، لأنها كلما حاضت على حملها يوماً ازدادت في طهرها يوماً حتى يستكمل حملها تسعة أشهر طهراً، قال عكرمة وقتادة. الخامس: ﴿وما تغيض الأرحام﴾ من ولدته قبل ﴿وما تزداد﴾ من تلده من بعد، حكاه السدي وقتادة. ﴿وكُلُّ شيءٍ عنده بمقدار﴾ فيه وجهان: أحدهما: في الرزق والأجل، قاله قتادة. الثاني: فيما تغيض الأرحام وما تزداد، قاله الضحاك. ويحتمل ثالثاً: أن كل شيء عنده من ثواب وعقاب بمقدار الطاعة والمعصية.
97
﴿سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال﴾ قوله تعالى: ﴿سواءٌ منكم مَن أسَرَّ القول ومَن جَهَرَ به﴾ إسرار القول: ما حدّث به نفسه، والجهر ما حَدّث به غيره. والمراد بذلك أنه تعالى يعلم ما أسره الإنسان من خير وشر. ﴿ومَن هو مستخفٍ بالليل وساربٌ بالنهار﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعلم من استخفى بعمله في ظلمة الليل، ومن أظهره في ضوء النهار. الثاني: يرى ما أخفته ظلمة الليل كما يرى ما أظهره ضوء النهار، بخلاف المخلوقين الذين يخفي عليهم الليل أحوال أهلهم. قال الشاعر:
والسارب: هو المنصرف الذاهب، مأخوذ من السُّروب في المرعى، وهو
(وليلٍ يقول الناسُ في ظلُماتِه | سَواءٌ صحيحات العُيون وعورها) |
97
بالعشي، والسروج بالغداة، قال قيس بن الخطيم:
قوله عز وجل: ﴿له معقبات مِن بين يديه ومن خَلْفِه﴾ فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم حراس الأمراء يتعاقبون الحرس، قاله ابن عباس وعكرمة. الثاني: أنه ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عباده، قاله عبد الرحمن بن زيد. الثالث: أنهم الملائكة، إذا صعدت ملائكة النهار أعقبتها ملائكة الليل، وإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار، قاله مجاهد وقتادة. قال الحسن: وهم أربعة أملاك: اثنان بالنهار، واثنان بالليل، يجتمعون عند صلاة الفجر. وفي قوله تعالى: ﴿من بين يديه ومن خلفه﴾ ثلاثة أوجه: أحدها: من أمامه وورائه، وهذا قول من زعم أن المعقبات حراس الأمراء. الثاني: الماضي والمستقبل، وهذا قول من زعم أن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه. الثالث: من هُداه وضلالِه، وهذا قول من زعم أن المعقبات الملائكة. ﴿يحفظونَه من أمر الله﴾ تأويله يختلف بحسب اختلاف المعقبات، فإن قيل بالقول الأول أنهم حراس الأمراء ففي قوله ﴿يحفظونه﴾ أي عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه، قاله ابن عباس وعكرمة. الثاني: أن في الكلام حرف نفي محذوفاً وتقديره: لا يحفظونه من أمر الله. وإن قيل بالقول الثاني، إن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله وقضائه، ففي تأويل قوله تعالى ﴿يحفظونه من أمر الله﴾ وجهان: أحدهما: يحفظونه من الموت ما لم يأت أجله، قاله الضحاك.
(أنَّى سَرَبْتِ وكُنْتِ غير سروب | وتقرب الأحلام غير قريب) |
98
الثاني: يحفظونه من الجن والهوام المؤذية ما لم يأت قدر، قاله أبو مالك وكعب الأحبار. وإن قيل بالقول الثالث: وهو الأشبه: أن المعقبات الملائكة ففيما أريد بحفظهم له وجهان: أحدهما: يحفظون حسناته وسيئاته بأمر الله. الثاني: يحفظون نفسه. فعلى هذا في تأويل قوله تعالى ﴿يحفظونه من أمر الله﴾ ثلاثة أوجه: أحدها: يحفظونه بأمر الله، قاله مجاهد. الثاني: يحفظونه من أمر الله حتى يأتي أمر الله، وهو محكي عن ابن عباس. الثالث: أنه على التقديم والتأخير وتقديره: له معقبات من أمر الله تعالى يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، قاله إبراهيم. وفي هذه الآية قولان: أحدهما: أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الجمهور. الثاني: أنها خاصة نزلت في رسول الله ﷺ حين أزمع عامر بن الطفيل وأريد بن ربيعة أخو لبيد على قتل رسول الله ﷺ فمنعه الله عز وجل منهما وأنزل هذه الآية فيه، قاله ابن زيد. ﴿إنَّ الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيِّرُوا ما بأنفسِهم﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أن الله لا يغير ما بقوم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من معصية. الثاني: لا يغير ما بهم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة. ﴿وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له﴾ فيه وجهان:
99
أحدهما: إذا أراد الله بهم عذاباً فلا مرد لعذابه. الثاني: إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام فلا مرد لبلائه. ﴿وما لهم مِن دونه من وال﴾ فيه وجهان: أحدهما: من ملجأ وهو معنى قول السدي. الثاني: يعني من ناصر، ومنه قول الشاعر:
٨٩ (ما في السماء سوى الرحمن من والِ} ٩
٨٩ (ما في السماء سوى الرحمن من والِ} ٩
100
قوله عز وجل :﴿ له معقبات مِن بين يديه ومن خَلْفِه ﴾ فيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم حراس الأمراء يتعاقبون الحرس، قاله ابن عباس وعكرمة.
الثاني : أنه ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عباده، قاله عبد الرحمن بن زيد.
الثالث : أنهم الملائكة، إذا صعدت ملائكة النهار أعقبتها ملائكة الليل، وإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار، قاله مجاهد وقتادة. قال الحسن : وهم أربعة أملاك : اثنان بالنهار، واثنان بالليل، يجتمعون عند صلاة الفجر.
وفي قوله تعالى :﴿ من بين يديه ومن خلفه ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : من أمامه وورائه، وهذا قول من زعم أن المعقبات حراس الأمراء١.
الثاني : الماضي والمستقبل، وهذا قول من زعم أن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه.
الثالث : من هُداه وضلالِه، وهذا قول من زعم أن المعقبات الملائكة. ﴿ يحفظونَه من أمر الله ﴾ تأويله يختلف بحسب اختلاف [ معنى ] المعقبات، فإن قيل بالقول الأول أنهم حراس الأمراء ففي قوله :﴿ يحفظونه ﴾ أي عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه، قاله ابن عباس وعكرمة.
الثاني : أن في الكلام حرف نفي محذوفاً وتقديره : لا يحفظونه من أمر الله.
وإن قيل بالقول الثاني، إن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله وقضائه، ففي تأويل قوله تعالى :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾ وجهان :
أحدهما : يحفظونه من الموت ما لم يأت أجله، قاله الضحاك.
الثاني : يحفظونه من الجن والهوام المؤذية ما لم يأت قدر، قاله أبو مالك وكعب الأحبار.
وإن قيل بالقول الثالث : وهو الأشبه : أن المعقبات الملائكة ففيما أريد بحفظهم له وجهان :
أحدهما : يحفظون حسناته وسيئاته بأمر الله.
الثاني : يحفظون نفسه.
فعلى هذا في تأويل قوله تعالى :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : يحفظونه بأمر الله، قاله مجاهد.
الثاني : يحفظونه من أمر الله حتى يأتي أمر الله، وهو محكي عن ابن عباس.
الثالث : أنه على التقديم والتأخير وتقديره : له معقبات من أمر الله تعالى يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، قاله إبراهيم.
وفي هذه الآية قولان :
أحدهما : أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الجمهور.
الثاني : أنها خاصة نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أزمع عامر بن الطفيل وأريد بن ربيعة٢ أخو لبيد على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله عز وجل منهما وأنزل هذه الآية فيه، قاله ابن زيد.
﴿ إنَّ الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيِّرُوا ما بأنفسِهم ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن الله لا يغير ما بقوم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من معصية.
الثاني : لا يغير ما بهم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة.
﴿ وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إذا أراد الله بهم عذاباً فلا مرد لعذابه.
الثاني : إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام فلا مرد لبلائه.
﴿ وما لهم مِن دونه من وال ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من ملجأ وهو معنى قول السدي.
الثاني : يعني من ناصر، ومنه قول الشاعر :
*** ما في السماء سوى الرحمن من والِ٣
أحدها : أنهم حراس الأمراء يتعاقبون الحرس، قاله ابن عباس وعكرمة.
الثاني : أنه ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عباده، قاله عبد الرحمن بن زيد.
الثالث : أنهم الملائكة، إذا صعدت ملائكة النهار أعقبتها ملائكة الليل، وإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار، قاله مجاهد وقتادة. قال الحسن : وهم أربعة أملاك : اثنان بالنهار، واثنان بالليل، يجتمعون عند صلاة الفجر.
وفي قوله تعالى :﴿ من بين يديه ومن خلفه ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : من أمامه وورائه، وهذا قول من زعم أن المعقبات حراس الأمراء١.
الثاني : الماضي والمستقبل، وهذا قول من زعم أن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه.
الثالث : من هُداه وضلالِه، وهذا قول من زعم أن المعقبات الملائكة. ﴿ يحفظونَه من أمر الله ﴾ تأويله يختلف بحسب اختلاف [ معنى ] المعقبات، فإن قيل بالقول الأول أنهم حراس الأمراء ففي قوله :﴿ يحفظونه ﴾ أي عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه، قاله ابن عباس وعكرمة.
الثاني : أن في الكلام حرف نفي محذوفاً وتقديره : لا يحفظونه من أمر الله.
وإن قيل بالقول الثاني، إن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله وقضائه، ففي تأويل قوله تعالى :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾ وجهان :
أحدهما : يحفظونه من الموت ما لم يأت أجله، قاله الضحاك.
الثاني : يحفظونه من الجن والهوام المؤذية ما لم يأت قدر، قاله أبو مالك وكعب الأحبار.
وإن قيل بالقول الثالث : وهو الأشبه : أن المعقبات الملائكة ففيما أريد بحفظهم له وجهان :
أحدهما : يحفظون حسناته وسيئاته بأمر الله.
الثاني : يحفظون نفسه.
فعلى هذا في تأويل قوله تعالى :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : يحفظونه بأمر الله، قاله مجاهد.
الثاني : يحفظونه من أمر الله حتى يأتي أمر الله، وهو محكي عن ابن عباس.
الثالث : أنه على التقديم والتأخير وتقديره : له معقبات من أمر الله تعالى يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، قاله إبراهيم.
وفي هذه الآية قولان :
أحدهما : أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الجمهور.
الثاني : أنها خاصة نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أزمع عامر بن الطفيل وأريد بن ربيعة٢ أخو لبيد على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله عز وجل منهما وأنزل هذه الآية فيه، قاله ابن زيد.
﴿ إنَّ الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيِّرُوا ما بأنفسِهم ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن الله لا يغير ما بقوم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من معصية.
الثاني : لا يغير ما بهم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة.
﴿ وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إذا أراد الله بهم عذاباً فلا مرد لعذابه.
الثاني : إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام فلا مرد لبلائه.
﴿ وما لهم مِن دونه من وال ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من ملجأ وهو معنى قول السدي.
الثاني : يعني من ناصر، ومنه قول الشاعر :
*** ما في السماء سوى الرحمن من والِ٣
١ سقط من ق..
٢ أربد بن ربيعة: هكذا ورد في الأصول، ومثله في تفسير القرطبي، والذي في سيرة ابن هشام أنه أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر. فهو أخو لبيد لأمه. سيرة ابن هشام ٤/٢١٣، ٢١٥..
٣ لم أعثر تمام البيت..
٢ أربد بن ربيعة: هكذا ورد في الأصول، ومثله في تفسير القرطبي، والذي في سيرة ابن هشام أنه أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر. فهو أخو لبيد لأمه. سيرة ابن هشام ٤/٢١٣، ٢١٥..
٣ لم أعثر تمام البيت..
﴿هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال﴾ قوله عز وجل: ﴿هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: خوفاً للمسافر من أذيته، وطمعاً للمقيم في بركته، قاله قتادة. الثاني: خوفاً من صواعق البرق، وطمعاً في غيثه المزيل للقحط، قاله الحسن. وقد كان النبي ﷺ إذا سمع صوت الرعد قال: (اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك). الثالث: خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه. ﴿وينشىء السحاب الثقال﴾ قال مجاهد: ثقال بالماء. قوله عز وجل: ﴿ويسبِّح الرعد بحمده﴾ وفي الرعد قولان: أحدهما: أنه الصوت المسموع، وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال (الرعد وعيد من الله فإذا سمعتموه فأمسكوا عن الذنوب).
100
الثاني: أن الرعد ملك، والصوت المسموع تسبيحه، قاله عكرمة. ﴿والملائكة مِن خيفته﴾ فيه وجهان: أحدهما: وتسبح الملائكة من خيفة الله تعالى، قاله ابن جرير. الثاني: من خيفة الرعد، ولعله قول مجاهد. ﴿ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء﴾ اختلف فيمن نزل ذلك فيه على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها نزلت في رجل أنكر القرآن وكذب النبي ﷺ فأخذته صاعقة، قاله قتادة. الثاني: في أربد بن ربيعة وقد كان همّ بقتل النبي ﷺ مع عامر بن الطفيل فتيبست يده على سيفه، وعصمه الله تعالى منهما، ثم انصرف فأرسل الله تعالى عليه صاعقة أحرقته. قال ابن جرير: وفي ذلك يقول أخوه لبيد:
الثالث: أنها نزلت في يهودي جاء إلى النبي ﷺ فقال: أخبرني عن ربك من أي شيء، من لؤلؤ أو ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته، قال علي وابن عباس ومجاهد. روى أبان عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ (لا تأخذ الصاعقة ذاكراً لله عز وجل).
(أخشى على أربد الحتوف ولا | أرهب نوء السِّماك والأسد) |
(فجّعني البرق والصواعق بالفا | رسِ يوم الكريمة النَّجُدِ) |
101
﴿وهم يجادلون في الله﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني جدال اليهودي حين سأل عن الله: من أي شيء هو؟ قاله مجاهد. الثاني: جدال أربد فيما همّ به من قتل النبي ﷺ، قاله ابن جريج. ﴿وهو شديد المِحالِ﴾ فيه تسعة تأويلات: أحدها: يعني شديد العداوة، قاله ابن عباس. الثاني: شديد الحقد، قاله الحسن. الثالث: شديد القوة، قاله مجاهد. الرابع: شديد الغضب، قاله وهب بن منبه. الخامس: شديد الحيلة، قاله قتادة والسدي. السادس: شديد الحول، قاله ابن عباس أيضاً. السابع: شديد الإهلاك بالمحل وهو القحط، قاله الحسن أيضاً. الثامن: شديد الأخذ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. التاسع: شديد الانتقام والعقوبة، قاله أبو عبيدة وأنشد لأعشى بني ثعلبة.
(فرع نبع يهتز في غصن المج | د كريم الندى عظيم المحال) |
أخشى على أربد الحتوف ولا | أرهب نوء السِّماك والأسد |
الثالث : أنها نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني عن ربك من أي شيء، من لؤلؤ أو ياقوت ؟ فجاءت صاعقة فأخذته، قال علي وابن عباس ومجاهد.
روى أبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تأخذ الصاعقة ذاكراً لله عز وجل ٢ ".
﴿ وهم يجادلون في الله ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني جدال اليهودي حين سأل عن الله : من أي شيء هو ؟ قاله مجاهد.
الثاني : جدال أربد فيما همّ به من قتل النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن جريج.
﴿ وهو شديد المِحالِ ﴾ فيه تسعة تأويلات :
أحدها : يعني شديد العداوة، قاله ابن عباس.
الثاني : شديد الحقد، قاله الحسن.
الثالث : شديد القوة، قاله مجاهد.
الرابع : شديد الغضب، قاله وهب بن منبه.
الخامس : شديد الحيلة، قاله قتادة والسدي.
السادس : شديد الحول، قاله ابن عباس أيضاً.
السابع : شديد الإهلاك بالمحل وهو القحط، قاله الحسن أيضاً.
الثامن : شديد الأخذ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. التاسع : شديد الانتقام والعقوبة، قاله أبو عبيدة وأنشد لأعشى بني ثعلبة.
فرع نبع يهتز في غصن المج | د كريم الندى عظيم المحال |
١ الحتوف: جمع حتف وهو الهلاك. والسماك والأسد نجمان والنجد بفتح النون مشددة وضم الجيم: الشجاع..
٢ لم أجده في الصحاح السنة، وأورده القرطبي بهذه الألفاظ وبنفس السند..
٢ لم أجده في الصحاح السنة، وأورده القرطبي بهذه الألفاظ وبنفس السند..
﴿له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ قوله عز وجل ﴿له دعوة الحق﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن دعوة الحق لا إله إلا الله، قاله ابن عباس. الثاني: أنه الله تعالى هو الحق، فدعاؤه دعوة الحق. الثالث: أن الإخلاص في الدعاء هي دعوة الحق، قاله بعض المتأخرين. ويحتمل قولاً رابعاً: أن دعوة الحق دعاؤه عند الخوف لأنه لا يدعى فيه إلا إياه، كما قال تعالى ﴿ضلّ من تدعون إلا إياه﴾ [الإسراء: ٦٧] هو أشبه بسياق الآية لأنه قال: ﴿والذين يدعون مِن دونه﴾ يعني الأصنام والأوثان. ﴿لا يستجيبون لهم بشيء﴾ أي لا يجيبون لهم دعاءً ولا يسمعون لهم نداء. ﴿إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه﴾ ضرب الله عز وجل الماء مثلاً لإياسهم من إجابة دعائهم لأن العرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلاً بالقابض الماء باليد، كما قال أبو الهذيل:
وفي معنى هذا المثل ثلاثة أوجه: أحدها: أن الذي يدعو إلهاً من دون الله كالظمآن الذي يدعو الماء ليبلغ إلى فيه من بعيد يريد تناوله ولا يقدر عليه بلسانه، ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبداً، لأن الماء لا يستجيب له وما الماء ببالغ إليه، قاله مجاهد. الثاني: أنه كالظمآن الذي يرى خياله في الماء وقد بسط كفر فيه ليبلغ فاه، وما هو ببالغه لكذب ظنه وفساد توهمه، قاله ابن عباس. الثالث: أنه كباسط كفه إلى الماء ليقبض عليه فلا يحصل في كفيه شيء منه. وزعم الفراء أن المراد بالماء ها هنا البئر لأنها معدن للماء، وأن المثل كمن مد
(فأصبحتُ مما كان بيني وبينها | مِن الود مثل القابض الماء باليد) |
103
يده إلى البئر بغير رشاء، وشاهده قول الشاعر:
(فإن الماء ماءُ أبي وجدي | وبئري ذو حَفَرْتُ وذو طويت) |
(لعمري لأنت البيت أكرم أهله | وأقعد في أفيائِه بالأصائل) |
(ألم ييأس الأقوام أنِّي أنا ابْنُهُ | وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا) |
113
{ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين
113
كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد} قوله عز وجل: ﴿أفمن هو قائم على كل نفسٍ بما كسبت﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم الملائكة الذين وكلوا ببني آدم، قاله الضحاك. الثاني: هو الله القائم على كل نفس بما كسبت، قاله قتادة. الثالث: أنها نفسه. وفي قوله تعالى: ﴿قائم﴾ وجهان: أحدهما: يعني والياً، كما قال تعالى ﴿قائماً بالقسط﴾ أي والياً بالعدل. الثاني: يعني عالماً بما كسبت، قال الشاعر:
ويحتمل ﴿بما كسبت﴾ وجهين: أحدهما: ما كسبت من رزق تفضلاً عليها فيكون خارجاً مخرج الامتنان. الثاني: ما كسبت من عمل حفظاً عليها، فيكون خارجاً مخرج الوعد والوعيد ﴿وجعلوا لله شركاء﴾ يعني أصناماً جعلوها آلهة. ﴿قل سموهم﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: قل سموهم آلهة على وجه التهديد. الثاني: يعني قل صفوهم ليعلموا أنهم لا يجوز أن يكونوا آلهة. ﴿أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض﴾ أي تخبرونه بما لا يعلم أن في الأرض إلهاً غيره. ﴿أم بظاهر مِن القول﴾ فيها أربعة تأويلات: أحدها: معناه بباطل من القول، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:
(فلولا رجالٌ من قريش أعزةٌ | سرقتم ثياب البيت والله قائم) |
(أعَيّرتنا ألبانها ولحومها | وذلك عارٌ يا ابن ريطة ظاهر) |
فلولا رجالٌ من قريش أعزةٌ | سرقتم ثياب البيت والله قائم |
أحدهما : ما كسبت من رزق تفضلاً عليها فيكون خارجاً مخرج الامتنان.
الثاني : ما كسبت من عمل حفظاً عليها، فيكون خارجاً مخرج الوعد والوعيد
﴿ وجعلوا لله شركاء ﴾ يعني أصناماً جعلوها آلهة.
﴿ قل سموهم ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : قل سموهم آلهة على وجه التهديد.
الثاني : يعني قل صفوهم ليعلموا أنهم لا يجوز أن يكونوا آلهة.
﴿ أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ﴾ أي تخبرونه بما لا يعلم أن في الأرض إلهاً غيره.
﴿ أم بظاهر مِن القول ﴾ فيها أربعة تأويلات :
أحدها : معناه بباطل من القول، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر :
أعَيّرتنا ألبانها ولحومها | وذلك عارٌ يا ابن ريطة ظاهر١ |
الثاني : بظن من القول، وهو قول مجاهد.
الثالث : بكذب من القول، قاله الضحاك.
الرابع : أن الظاهر من القول هو القرآن، قاله السدي.
ويحتمل تأويلاً خامساً : أن يكون الظاهر من القول حجة يظهرونها بقولهم، ويكون معنى الكلام : أتخبرونه بذلك مشاهدين أم تقولون محتجّين.
١ سقط من ق..
﴿لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار﴾ قوله عز وجل: ﴿مثل الجنة التي وُعِدَ المتقون﴾ فيه قولان: أحدهما: يشبه الجنة، قاله علي بن عيسى. الثاني: نعت الجنة لأنه ليس للجنة مثل، قاله عكرمة. ﴿تجري من تحتها الأنهار أكُلُها دائم﴾ فيه وجهان: أحدهما: ثمرها غير منقطع، قاله القاسم بن يحيى. الثاني: لذتها في الأفواه باقية، قاله إبراهيم التيمي. ويحتمل ثالثاً: لا تمل من شبع ولا مرباد لمجاعة. ﴿وظلها﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: دائم البقاء.
115
الثاني: دائم اللذة.
116
قوله عز وجل :﴿ مثل الجنة التي وُعِدَ المتقون ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يشبه الجنة، قاله علي بن عيسى.
الثاني : نعت الجنة لأنه ليس للجنة مثل، قاله عكرمة.
﴿ تجري من تحتها الأنهار أكُلُها دائم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ثمرها غير منقطع، قاله القاسم بن يحيى.
الثاني : لذتها في الأفواه باقية، قاله إبراهيم التيمي.
ويحتمل ثالثاً : لا تمل من شبع ولا مرباد لمجاعة١.
﴿ وظلها ﴾٢ يحتمل وجهين :
أحدهما : دائم البقاء.
الثاني : دائم اللذة٣.
أحدهما : يشبه الجنة، قاله علي بن عيسى.
الثاني : نعت الجنة لأنه ليس للجنة مثل، قاله عكرمة.
﴿ تجري من تحتها الأنهار أكُلُها دائم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ثمرها غير منقطع، قاله القاسم بن يحيى.
الثاني : لذتها في الأفواه باقية، قاله إبراهيم التيمي.
ويحتمل ثالثاً : لا تمل من شبع ولا مرباد لمجاعة١.
﴿ وظلها ﴾٢ يحتمل وجهين :
أحدهما : دائم البقاء.
الثاني : دائم اللذة٣.
١ هكذا في ك فليتأمل. وقد سقط هذا القول من ق ولذا تعذر معرفة الكلمة قيل الأخيرة ولعلها "تراد"..
٢ أي وظلها دائم كذلك فالخبر محذوف..
٣ في هذا رد على الجهمية الذين قالوا أن نعيم الجنة يغني. وهذه الآية دليل قاطع على عدم فنائه..
٢ أي وظلها دائم كذلك فالخبر محذوف..
٣ في هذا رد على الجهمية الذين قالوا أن نعيم الجنة يغني. وهذه الآية دليل قاطع على عدم فنائه..
﴿والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق﴾ قوله عز وجل: ﴿والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك﴾ فيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم أصحاب النبي ﷺ فرحوا بما أنزل عليه من القرآن، قاله قتادة وابن زيد. الثاني: أنهم مؤمنو أهل الكتاب، قاله مجاهد. الثالث: أنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى فرحوا بما أنزل عليه من تصديق كتبهم، حكاه ابن عيسى. ﴿ومِن الأحزاب من ينكر بعضه﴾ فيهم قولان: أحدهما: أنهم اليهود والنصارى والمجوس، قاله ابن زيد. الثاني: أنهم كفار قريش. وفي إنكارهم بعضه وجهان: أحدهما: أنهم عرفوا نعت رسول الله ﷺ في كتبهم وأنكروا نبوته. الثاني: أنهم عرفوا صِدْقه وأنكروا تصديقه.
{ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي
116
بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} قوله عز وجل: ﴿ولقد أرسلنا رُسُلاً من قبلك وجعلنا لهم أزوجاً وذرية﴾ يعني بالأزواج النساء، وبالذرية الأولاد. وفيه وجهان: أحدهما: معناه أن من أرسلناه قبلك من المرسلين بشر لهم أزواج وذرية كسائر البشر، فلمَ أنكروا رسالتك وأنت مثل من قبلك. الثاني: أنه نهاه بذلك عن التبتل، قاله قتادة. وقيل إن اليهود عابت على النبي ﷺ الأزواج، فأنزل الله تعالى إلى ذلك فيهم يعلمهم أن ذلك سُنَّة الرسل قبله. ﴿وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله﴾ قيل إن مشركي قريش سألوه آيات قد تقدم ذكرها في هذه السورة فأنزل الله تعالى ذلك فيهم. ﴿ولكل أجل كتابٌ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه لكل كتاب نزل من السماء أجل. وهو من المقدِّم والمؤخر، قاله الضحاك. الثاني: معناه لكل أمر قضاه الله تعالى كتاب كتبه فيه، قاله ابن جرير. الثالث: لكل أجل من آجال الخلق كتاب عند الله تعالى، قاله الحسن. ويحتمل رابعاً: لكل عمل خَبر. قوله عز وجل: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ فيه سبعة تأويلات: أحدها: يمحو الله ما يشاء من أمور عباده فيغيره إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران، قاله ابن عباس. الثاني: يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء في كتاب سوى أُم الكتاب، وهما كتابان أحدهما: أم الكتاب لا يغيره ولا يمحو منه شيئاً كما أراد، قاله عكرمة.
117
الثالث: أن الله عز وجل ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه، قاله قتادة وابن زيد. الرابع: أنه يمحو مَنْ قد جاء أجلُه ويثبت من لم يأت أجلُه، قاله الحسن. الخامس: يغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، قاله سعيد بن جبير. السادس: أنه الرجل يقدم الطاعة ثم يختمها بالمعصية فتمحو ما قد سلف، والرجل يقدم المعصية ثم يختمها بالطاعة فتمحو ما قد سلف، وهذا القول مأثور عن ابن عباس أيضاً. السابع: أن الحفظة من الملائكة يرفعون جميع أقواله وأفعاله، فيمحو الله عز وجل منها ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب، قاله الضحاك. ﴿وعنده أم الكتاب﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: الحلال والحرام، قاله الحسن. الثاني: جملة الكتاب، قاله الضحاك. الثالث: هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق، قاله كعب الأحبار. الرابع: هو الذكر، قاله ابن عباس. الخامس: أنه الكتاب الذي لا يبدل، قاله السدي. السادس: أنه أصل الكتاب في اللوح المحفوظ، قاله عكرمة.
118
قوله عز وجل :﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾ فيه سبعة تأويلات :
أحدها : يمحو الله ما يشاء من أمور عباده فيغيره إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران، قاله ابن عباس.
الثاني : يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء في كتاب سوى أُم الكتاب، وهما كتابان أحدهما : أم الكتاب لا يغيره ولا يمحو منه شيئاً كما أراد، قاله عكرمة.
الثالث : أن الله عز وجل ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه، قاله قتادة وابن زيد.
الرابع : أنه يمحو مَنْ قد جاء أجلُه ويثبت من لم يأت أجلُه، قاله الحسن.
الخامس : يغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، قاله سعيد بن جبير.
السادس : أنه الرجل يقدم الطاعة ثم يختمها بالمعصية فتمحو ما قد سلف، والرجل يقدم المعصية ثم يختمها بالطاعة فتمحو ما قد سلف، وهذا القول مأثور عن ابن عباس أيضاً.
السابع : أن الحفظة من الملائكة يرفعون جميع أقواله وأفعاله، فيمحو الله عز وجل منها ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب، قاله الضحاك.
﴿ وعنده أم الكتاب ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : الحلال والحرام، قاله الحسن.
الثاني : جملة الكتاب، قاله الضحاك.
الثالث : هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق، قاله كعب الأحبار.
الرابع : هو الذكر، قاله ابن عباس.
الخامس : أنه الكتاب الذي لا يبدل، قاله السدي.
السادس : أنه أصل الكتاب في اللوح المحفوظ، قاله عكرمة.
أحدها : يمحو الله ما يشاء من أمور عباده فيغيره إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران، قاله ابن عباس.
الثاني : يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء في كتاب سوى أُم الكتاب، وهما كتابان أحدهما : أم الكتاب لا يغيره ولا يمحو منه شيئاً كما أراد، قاله عكرمة.
الثالث : أن الله عز وجل ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه، قاله قتادة وابن زيد.
الرابع : أنه يمحو مَنْ قد جاء أجلُه ويثبت من لم يأت أجلُه، قاله الحسن.
الخامس : يغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، قاله سعيد بن جبير.
السادس : أنه الرجل يقدم الطاعة ثم يختمها بالمعصية فتمحو ما قد سلف، والرجل يقدم المعصية ثم يختمها بالطاعة فتمحو ما قد سلف، وهذا القول مأثور عن ابن عباس أيضاً.
السابع : أن الحفظة من الملائكة يرفعون جميع أقواله وأفعاله، فيمحو الله عز وجل منها ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب، قاله الضحاك.
﴿ وعنده أم الكتاب ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : الحلال والحرام، قاله الحسن.
الثاني : جملة الكتاب، قاله الضحاك.
الثالث : هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق، قاله كعب الأحبار.
الرابع : هو الذكر، قاله ابن عباس.
الخامس : أنه الكتاب الذي لا يبدل، قاله السدي.
السادس : أنه أصل الكتاب في اللوح المحفوظ، قاله عكرمة.
﴿وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب﴾
118
قوله عز وجل: ﴿أوَلم يروا أنا نأتي الأرض ننقُصُها من أطرافها﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، قاله قتادة. الثاني: بخراجها بعد العمارة، قاله مجاهد. الثالث: بنقصان بركتها وتمحيق ثمرتها، قاله الكلبي والشعبي. الرابع: بموت فقهائها وخيارها، قاله ابن عباس. ويحتمل خامساً: أنه بجور ولاتها.
119
قوله عز وجل :﴿ أوَلم يروا أنا نأتي الأرض ننقُصُها من أطرافها ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، قاله قتادة.
الثاني : بخراجها بعد العمارة، قاله مجاهد.
الثالث : بنقصان بركتها وتمحيق ثمرتها، قاله الكلبي والشعبي.
الرابع : بموت فقهائها وخيارها، قاله ابن عباس.
ويحتمل خامساً : أنه بجور ولاتها.
أحدها : بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، قاله قتادة.
الثاني : بخراجها بعد العمارة، قاله مجاهد.
الثالث : بنقصان بركتها وتمحيق ثمرتها، قاله الكلبي والشعبي.
الرابع : بموت فقهائها وخيارها، قاله ابن عباس.
ويحتمل خامساً : أنه بجور ولاتها.
﴿وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب﴾ قوله عز وجل: ﴿ويقول الذين كفروا لست مُرْسلاً﴾ قال قتادة: هم مشركو العرب. ﴿قلْ كفى بالله شهيداً بيني وبينكم﴾ أي يشهد بصدقي وكذبكم. ﴿ومن عنده علم الكتاب﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم عبد الله بن سلام وسلمان وتميم الداري، قاله قتادة. الثاني: أنه جبريل، قاله سعيد بن جبير. الثالث: هو الله تعالى، قاله الحسن ومجاهد والضحاك. وكانوا يقرأون ﴿ومِن عنده علم الكتاب﴾ أي من عِنْد الله علم الكتاب، وينكرون على من قال هو عبد الله بن سلام وسلمان لأنهم يرون السورة مكية، وهؤلاء أسلموا بالمدينة، والله تعالى أعلم بالصواب.
119
سورة إبراهيم
مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس وقتادة: إلا آيتين منها مدينة وهي ﴿ألم تر بدّلوا نعمة الله كفراً﴾ والتي بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم
مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس وقتادة: إلا آيتين منها مدينة وهي ﴿ألم تر بدّلوا نعمة الله كفراً﴾ والتي بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم
120
قوله عز وجل :﴿ ويقول الذين كفروا لست مُرْسلاً ﴾ قال قتادة : هم مشركو العرب.
﴿ قلْ كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ﴾ أي يشهد بصدقي وكذبكم.
﴿ ومن عنده علم الكتاب ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم عبد الله بن سلام وسلمان وتميم الداري، قاله قتادة.
الثاني : أنه جبريل، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : هو الله تعالى، قاله الحسن ومجاهد والضحاك.
وكانوا يقرأون ﴿ ومِن عنده١ علم الكتاب ﴾ أي من عِنْد الله علم الكتاب، وينكرون على من قال هو عبد الله بن سلام وسلمان لأنهم يرون السورة مكية، وهؤلاء أسلموا بالمدينة، والله تعالى أعلم بالصواب.
﴿ قلْ كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ﴾ أي يشهد بصدقي وكذبكم.
﴿ ومن عنده علم الكتاب ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم عبد الله بن سلام وسلمان وتميم الداري، قاله قتادة.
الثاني : أنه جبريل، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : هو الله تعالى، قاله الحسن ومجاهد والضحاك.
وكانوا يقرأون ﴿ ومِن عنده١ علم الكتاب ﴾ أي من عِنْد الله علم الكتاب، وينكرون على من قال هو عبد الله بن سلام وسلمان لأنهم يرون السورة مكية، وهؤلاء أسلموا بالمدينة، والله تعالى أعلم بالصواب.
١ ومن عنده عام الكتاب: فمن حرف جر وعند مجرور بها. وليست من اسم موصول عند هؤلاء. ولكنها في المصاحف المتداولة..