تفسير سورة القلم

الدر المنثور
تفسير سورة سورة القلم من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج ابن الضريس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة، ثم يزيد الله فيها ما شاء، وكان أول ما نزل من القرآن ( اقرأ باسم ربك ) ثم ( المزمل ) ثم ( المدثر ).
وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة ﴿ ن والقلم ﴾ بمكة.

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والخطيب فِي تَارِيخه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أول شَيْء خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَقَالَ: يارب وَمَا أكتب قَالَ: اكْتُبْ الْقدر فَجرى من ذَلِك الْيَوْم مَا هُوَ كَائِن إِلَى أَن تقوم السَّاعَة ثمَّ طوي الْكتاب وارتفع الْقَلَم وَكَانَ عَرْشه على المَاء فارتفع بخار المَاء ففتقت مِنْهُ السَّمَوَات ثمَّ خلق النُّور فبسطت الأَرْض عَلَيْهِ وَالْأَرْض على ظهر النُّون فاضطرب النُّون
240
فمادت الأَرْض فأثبتت بالجبال فَإِن الْجبَال لتفخر على الأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس ﴿ن والقلم وَمَا يسطرون﴾
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم والحوت قَالَ: اكْتُبْ قَالَ: مَا أكتب قَالَ: كل شَيْء كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ ﴿ن والقلم وَمَا يسطرون﴾ فالنون الْحُوت والقلم الْقَلَم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى الْأَبَد
وَأخرج ابْن جرير عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿ن والقلم وَمَا يسطرون﴾ قَالَ: لوح من نور وقلم من نور يجْرِي بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله خلق النُّون وَهِي الدواة وَخلق الْقَلَم فَقَالَ: اكْتُبْ قَالَ: مَا أكتب قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النُّون اللَّوْح الْمَحْفُوظ والقلم من نور سَاطِع
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول شَيْء خلق الله الْقَلَم ثمَّ خلق النُّون وَهِي الدواة ثمَّ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: وَمَا أكتب قَالَ: مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من عمل أَو أثر أَو رزق فَكتب مَا يكون وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ قَوْله: ﴿ن والقلم وَمَا يسطرون﴾ ثمَّ ختم على فِي الْقَلَم فَلم ينْطق وَلَا ينْطق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ خلق الله الْعقل فَقَالَ: وَعِزَّتِي لأكملنك فِيمَن أَحْبَبْت ولأنقصنك فِيمَن أبغضت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿ن والقلم﴾ قَالَ: ن الدواة والقلم الْقَلَم
وَأخرج عَن ابْن عَبَّاس قَوْله: ﴿ن﴾ أشبها هَذَا قسم الله وَهِي من أَسمَاء الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله: ﴿ن﴾ قَالَا: الدواة
241
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿ن﴾ قَالَ: هُوَ الْحُوت الَّذِي عَلَيْهِ الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الْحُوت الَّذِي تَحت الأَرْض السَّابِعَة والقلم الَّذِي كتب بِهِ الذّكر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا خلق الله الْقَلَم فَأَخذه بِيَمِينِهِ وكلتا يَدَيْهِ يَمِين وَخلق النُّون وَهِي الدواة وَخلق اللَّوْح فَكتب فِيهِ ثمَّ خلق السَّمَوَات فَكتب مَا يكون من حِينَئِذٍ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَن تكون السَّاعَة من خلق مَخْلُوق أَو عمل مَعْمُول بر أَو فجور وكل رزق حَلَال أَو حرَام رطب أَو يَابِس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الْقَلَم نعْمَة من الله عَظِيمَة لَوْلَا الْقَلَم مَا قَامَ دين وَلم يصلح عَيْش وَالله أعلم بِمَا يصلح خلقه
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ن والقلم وَمَا يسطرون﴾ قَالَ: خلق الله الْقَلَم فَقَالَ: أجره فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ خلق الْحُوت وَهُوَ النُّون فكبس عَلَيْهَا الأَرْض ثمَّ قَالَ: ﴿ن والقلم وَمَا يسطرون﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ن والقلم﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النُّون السَّمَكَة الَّتِي عَلَيْهَا قَرَار الْأَرْضين والقلم الَّذِي خطّ بِهِ رَبنَا عز وَجل الْقدر خَيره وشره ونفعه وضره ﴿وَمَا يسطرون﴾ قَالَ: الْكِرَام الكاتبون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَمَا يسطرون﴾ قَالَ: وَمَا يَكْتُبُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَمَا يسطرون﴾ قَالَ: وَمَا يعْملُونَ
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون﴾ الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه لمَجْنُون بِهِ شَيْطَان فَنزلت ﴿مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَإِن لَك لأجراً غير ممنون﴾ قَالَ: غير مَحْسُوب
242
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ أخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والواحدي عَن عَائِشَة قَالَت: مَا كَانَ أحد أحسن خلقا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا دَعَاهُ أحد من أَصْحَابه وَلَا من أهل بَيته إِلَّا قَالَ لبيْك فَلذَلِك أنزل الله تَعَالَى ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن هِشَام قَالَ: أتيت عَائِشَة فَقلت يَا أم الْمُؤمنِينَ: أَخْبرنِي بِخلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ خلقه الْقُرْآن أما تقْرَأ الْقُرْآن ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ خلقه الْقُرْآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ: أتيت عَائِشَة فسألتها عَن خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ أحسن النَّاس خلقا كَانَ خلقه الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عبد الله الجدلي قَالَ: قلت لعَائِشَة: كَيفَ كَانَ خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشا وَلَا سخاباً فِي الْأَسْوَاق وَلَا يجزى بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعفوا ويصفح
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زَيْنَب بنت يزِيد بن وسق قَالَت: كنت عِنْد عَائِشَة إِذا جاءها نسَاء أهل الشَّام فَقُلْنَ يَا أم الْمُؤمنِينَ: أَخْبِرِينَا عَن خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كَانَ خلقه الْقُرْآن وَكَانَ أَشد النَّاس حَيَاء من الْعَوَاتِق فِي خدرها
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وعبدبن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله: ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ قَالَ: على أدب الْقُرْآن
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ قَالَ: الدّين
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ قَالَ: الإِسلام
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن ابزى وَسَعِيد بن جُبَير قَالَا: على دين عَظِيم
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: خدمت رَسُول الله صلى
243
الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى عشرَة سنة مَا قَالَ لي قطّ أَلا فعلت هَذَا أَو لم فعلت هَذَا
قَالَ ثَابت: فَقلت يَا أَبَا حَمْزَة إِنَّه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم﴾ وَأخرج الخرائطي عَن أنس قَالَ: خدمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن ثَمَان سِنِين فَمَا لامني على شَيْء يَوْمًا من الْأَيَّام فَإِن لامني لائم قَالَ: دَعوه فَإِنَّهُ لَو قضى شَيْء لَكَانَ
وَأخرج ابْن سعد عَن مَيْمُونَة قَالَت: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة من عِنْدِي فأغلقت دونه الْبَاب فجَاء يستفتح الْبَاب فأبيت أَن أفتح لَهُ فَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا فتحت لي فَقلت لَهُ: تذْهب إِلَى أَزوَاجك فِي لَيْلَتي قَالَ: مَا فعلت وَلَكِن وجدت حَقنا من بولِي
قَوْله تَعَالَى: ﴿فستبصر ويبصرون﴾ الْآيَات
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فستبصر ويبصرون﴾ قَالَ: تعلم ويعلمون يَوْم الْقِيَامَة ﴿بأيكم الْمفْتُون﴾ قَالَ: الشَّيْطَان كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه شَيْطَان مَجْنُون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فستبصر ويبصرون بأيكم الْمفْتُون﴾ يَقُول: يتَبَيَّن لكم الْمفْتُون
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فستبصر ويبصرون بأيكم الْمفْتُون﴾ يَقُول: بأيكم الْمَجْنُون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير وَابْن أَبْزَى ﴿بأيكم الْمفْتُون﴾ بأيكم الْمَجْنُون
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿بأيكم الْمفْتُون﴾ قَالَ: بأيكم الْمَجْنُون
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن ﴿بأيكم الْمفْتُون﴾ قَالَ: الْمَجْنُون
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء ﴿بأيكم الْمفْتُون﴾ قَالَ: الشَّيْطَان
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿بأيكم الْمفْتُون﴾ قَالَ: أَيّكُم أولى بالشيطان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن ﴿فستبصر ويبصرون بأيكم الْمفْتُون﴾ قَالَ: أَيّكُم أولى بالشيطان فَكَانُوا أولى بالشيطان مِنْهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ودوا لَو تدهن فيدهنون﴾
244
قَالَ: لَو ترخص لَهُ فيرخصون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿ودوا لَو تدهن فيدهنون﴾ يَقُول: لَو تركن إِلَيْهِم وتترك مَا أَنْت عَلَيْهِ من الْحق فيمالئونك
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿ودوا لَو تدهن فيدهنون﴾ قَالَ: ودوا لَو يدهن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذَا الْأَمر فيدهنوا عَنهُ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة ﴿ودوا لَو تدهن فيدهنون﴾ قَالَ: لَو تكفر فيكفرون
الْآيَة ١٠ - ٤١
245
قوله تعالى :﴿ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ﴾ الآية.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم، إنه لمجنون به شيطان، فنزلت ﴿ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ وإن لك لأجراً غير ممنون ﴾ قال : غير محسوب.
قوله تعالى :﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾.
أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والواحدي عن عائشة قالت : ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك، فلذلك أنزل الله تعالى ﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن سعد بن هشام قال : أتيت عائشة فقلت يا أم المؤمنين : أخبريني بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت : كان خلقه القرآن، أما تقرأ القرآن ﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي الدرداء قال : سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه.
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن شقيق العقيلي قال : أتيت عائشة فسألتها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت : كان أحسن الناس خلقاً، كان خلقه القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن مردويه عن أبي عبدالله الجدلي قال : قلت لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لم يكن فاحشاً ولا متفاحشاً ولا سخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وأخرج ابن مردويه عن زينب بنت يزيد بن وسق قالت : كنت عند عائشة إذ جاءها نساء أهل الشام، فقلن يا أم المؤمنين : أخبرينا عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت : كان خلقه القرآن وكان أشد الناس حياء من العواتق في خدرها.
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عطية العوفي في قوله :﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾ قال : على أدب القرآن.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾ قال : القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾ قال : الدين.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك ﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾ قال : الإِسلام.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن ابزى وسعيد بن جبير قالا : على دين عظيم.
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ثابت عن أنس قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سنة ما قال لي قط ألا فعلت هذا أو لم فعلت هذا. قال ثابت : فقلت يا أبا حمزة إنه كما قال الله تعالى :﴿ وإنك لعلى خلق عظيم ﴾.
وأخرج الخرائطي عن أنس قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين فما لامني على شيء يوماً من الأيام، فإن لامني لائم قال : دعوه فإنه لو قضى شيء لكان.
وأخرج ابن سعد عن ميمونة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من عندي فأغلقت دونه الباب، فجاء يستفتح الباب، فأبيت أن أفتح له، فقال :«أقسمت عليك إلا فتحت لي » فقلت له : تذهب إلى أزواجك في ليلتي قال :«ما فعلت، ولكن وجدت حقناً من بولي ».
قوله تعالى :﴿ فستبصر ويبصرون ﴾ الآيات.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ فستبصر ويبصرون ﴾ قال : تعلم ويعلمون يوم القيامة ﴿ بأيكم المفتون ﴾ قال : الشيطان، كانوا يقولون : إنه شيطان إنه مجنون.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ﴾ يقول : يتبين لكم المفتون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ﴾ يقول : بأيكم المجنون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ فستبصر ويبصرون ﴾ قال : تعلم ويعلمون يوم القيامة ﴿ بأيكم المفتون ﴾ قال : الشيطان، كانوا يقولون : إنه شيطان إنه مجنون.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ﴾ يقول : يتبين لكم المفتون.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ﴾ يقول : بأيكم المجنون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبر وابن أبزى ﴿ بأيكم المفتون ﴾ بأيكم المجنون.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ بأيكم المفتون ﴾ قال : بأيكم المجنون.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ﴿ بأيكم المفتون ﴾ قال : المجنون.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء ﴿ بأيكم المفتون ﴾ قال : الشيطان.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ بأيكم المفتون ﴾ قال : أيكم أولى بالشيطان.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن ﴿ فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون ﴾ قال : أيكم أولى بالشيطان، فكانوا أولى بالشيطان منه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ودوا لو تدهن فيدهنون ﴾ قال : لو ترخص لهم فيرخصون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ ودوا لو تدهن فيدهنون ﴾ يقول : لو تركن إليهم وتترك ما أنت عليه من الحق فيمالئونك.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ودوا لو تدهن فيدهنون ﴾ قال : ودوا لو يدهن نبي الله عن هذا الأمر فيدهنوا عنه.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ ودوا لو تدهن فيدهنون ﴾ قال : لو تكفر فيكفرون.
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: قَالَ مَرْوَان بن الحكم لما بَايع النَّاس ليزِيد سنة أبي بكر عمر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر: إِنَّهَا لَيست بِسنة أبي بكر وَعمر وَلكنهَا سنة هِرقل فَقَالَ مَرْوَان: هَذَا الَّذِي أنزلت فِيهِ (وَالَّذِي لوَالِديهِ أفٍّ لَكمَا) قَالَ: فَسمِعت ذَلِك عَائِشَة فَقَالَت: إِنَّهَا لم تنزل فِي عبد الرَّحْمَن وَلَكِن نزلت فِي أَبِيك ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف﴾ الْآيَة قَالَ: يَعْنِي الْأسود بن عبد يَغُوث
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف﴾ الْآيَة قَالَ: هُوَ رجل من ثَقِيف يُقَال لَهُ: الْأَخْنَس بن شريق
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين﴾ يَقُول: مكثار فِي الْحلف ﴿مهين﴾ يَقُول: ضَعِيف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين﴾ قَالَ: ضَعِيف الْقلب ﴿عتل﴾ قَالَ: شَدِيد الْأسر ﴿زنيم﴾ قَالَ: مُلْحق فِي النّسَب زعم ابْن عَبَّاس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين﴾ قَالَ: المهين المكثار فِي الشَّرّ ﴿هماز﴾ قَالَ: يَأْكُل لُحُوم النَّاس ﴿مناع للخير﴾ قَالَ: فَلَا يُعْطي خيرا ﴿مُعْتَد﴾ قَالَ: مُعْتَد فِي قَوْله: متعمد فِي عمله ﴿أثيم﴾ بربه ﴿عتل﴾ هُوَ الْفَاجِر اللَّئِيم الضريبة وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْجوَار وَقَطِيعَة الرَّحِم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله: ﴿عتل بعد ذَلِك زنيم﴾ قَالَ: هُوَ الْفَاحِش اللَّئِيم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي الْعَالِيَة مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿زنيم﴾ قَالَ: هُوَ الدعيّ أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: زنيم تداعاه الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض الْأَدِيم أكارعه
246
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الزنيم قَالَ: هُوَ ولد الزِّنَا وتمثل بقول الشَّاعِر: زنيم لَيْسَ يعرف من أَبوهُ بغيّ الْأُم ذُو حسب لئيم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: العتل الزنيم رجل ضخم شَدِيد كَانَت لَهُ زنمة زَائِدَة فِي يَده وَكَانَت علامته
وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: العتل الصَّحِيح الأكول الشروب والزنيم الْفَاجِر
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿عتل بعد ذَلِك زنيم﴾ قَالَ: يعرف الْكَافِر من الْمُؤمن مثل الشَّاة الزنماء والزنماء الَّتِي فِي حلقها كالمتعلقتين فِي حلق الشَّاة
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الزنيم يعرف بِهَذَا الْوَصْف كَمَا تعرف الشَّاة الزنماء من الَّتِي لَا زنمة لَهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله: ﴿عتل بعد ذَلِك زنيم﴾ قَالَ: هُوَ الملزق فِي الْقَوْم لَيْسَ مِنْهُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سِتَّة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة أبدا: الْعَاق والمدمن والجعشل والجوّاظ والقتات والعتل الزنيم
فَقلت يَا ابْن عَبَّاس: أما اثْنَتَانِ فقد علمت فَأَخْبرنِي بالأربع قَالَ: أما الجعشل فالفظّ الغليظ وَأما الجواظ فَمن يجمع المَال وَيمْنَع وَأما القَتَّات فَمن يَأْكُل لُحُوم النَّاس وَأما العتل الزنيم فَمن يمشي بَين النَّاس بالنميمة
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة جواظ وَلَا جعظري وَلَا العتل الزنيم فَقَالَ لَهُ رجل من الْمُسلمين: مَا الجواظ الجعظري والعتل الزنيم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما الجوّاظ فَالَّذِي جمع وَمنع تَدعُوهُ (لظى نزاعة للشوى) (سُورَة المعارج ١٦) وَأما الجعظري فالفظّ الغليظ قَالَ الله: (فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم وَلَو كنت فظّاً غليظ الْقلب لانفضوا من حولك) (سُورَة آل عمرَان ١٥٩) وَأما العتل
247
الزنيم فشديد الْخلق رحيب الْجوف مصحح شروب وَاجِد للطعام وَالشرَاب ظلوم للنَّاس
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن عَامر أَنه سُئِلَ عَن الزنيم قَالَ: هُوَ الرجل تكون لَهَا زنمة من الشَّرّ يعرف بهَا وَهُوَ رجل من ثَقِيف يُقَال لَهُ: الْأَخْنَس بن شريق
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الزنيم الدعيّ الْفَاحِش اللَّئِيم الملزق ثمَّ أنْشد قَول الشَّاعِر: زنيم تدعاه الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض اللَّئِيم الأكارع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين﴾ قَالَ: نزلت فِي الْأَخْنَس بن شريق
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين﴾ قَالَ: هُوَ الْأسود بن عبد يَغُوث
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم﴾ فَلم يعرف حَتَّى نزل عَلَيْهِ بعد ذَلِك ﴿زنيم﴾ فعرفناه لَهُ زنمة كزنمة الشَّاة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن حَارِثَة بن وهب: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلا أخْبركُم بِأَهْل الْجنَّة كل ضَعِيف متضعف لَو أقسم على الله لَأَبَره أَلا أخْبركُم بِأَهْل النَّار كل عتل جوّاظ جعظ متكبر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن المنذرعن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبْكي السَّمَاء من عبد أصح الله جِسْمه وأرحب جَوْفه وَأَعْطَاهُ من الدُّنْيَا فَكَانَ للنَّاس ظلوماً فَذَلِك العتل الزنيم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم مولى مُعَاوِيَة ومُوسَى بن عقبَة قَالَا: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العتل الزنيم قَالَ: هُوَ الْفَاحِش اللَّئِيم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
248
قَوْله: ﴿بعد ذَلِك زنيم﴾ قَالَ: العتل كل رحيب الْجوف وثيق الْخلق أكول شروب جموع لِلْمَالِ منوع لَهُ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مَرْوُدَيْهِ عَن عبد الله بن عمر عَن عبد الله بن عمر وَأَنه تَلا ﴿منّاع للخير﴾ إِلَى ﴿زنيم﴾ فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أهل النَّار كل جعظري جوّاظ مستكبر مناع وَأهل الْجنَّة الضُّعَفَاء المغلوبون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: العتل هُوَ الدعيّ والزنيم هُوَ الْمُرِيب الَّذِي يعرف بِالشَّرِّ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿عتل بعد ذَلِك زنيم﴾ قَالَ: هُوَ الرجل يعرف بِالشَّرِّ كَمَا تعرف الشَّاة بزنمتها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الزنيم هُوَ الرجل يمر على الْقَوْم فَيَقُولُونَ رجل سوء
وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿عتل بعد ذَلِك زنيم﴾ قَالَ: رجل من قُرَيْش كَانَت لَهُ زنمة زَائِدَة مثل زنمة الشَّاة يعرف بهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نعت فَلم يعرف حَتَّى قيل ﴿زنيم﴾ وَكَانَت لَهُ زنمة فِي عُنُقه يعرف بهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الزنيم الملحق النّسَب
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿زنيم﴾ قَالَ: ظلوم
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: ﴿زنيم﴾ قَالَ: ولد الزِّنَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: زنيم تداعته الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض الْأَدِيم الأكارع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الزنيم هُوَ الهجين الْكَافِر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿مهين﴾ قَالَ: الْكذَّاب ﴿هماز﴾ يَعْنِي الاغتياب ﴿عتل﴾ قَالَ: الشَّديد
249
الفاتك ﴿زنيم﴾ الدعيّ وَفِي قَوْله: ﴿سنسمه على الخرطوم﴾ فقاتل يَوْم بدر فخطم بِالسَّيْفِ فِي الْقِتَال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿سنسمه على الخرطوم﴾ قَالَ: سِيمَا على أَنفه لَا تُفَارِقهُ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿سنسمه على الخرطوم﴾ قَالَ: سنسمه بسيما لَا تُفَارِقهُ آخر مَا عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿أَن كَانَ ذَا مَال وبنين﴾ بهمزتين يستفهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من مَاتَ همازاً لمازاً ملقباً للنَّاس كَانَ علامته يَوْم الْقِيَامَة أَن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشدقين
قَوْله: تَعَالَى: ﴿إِنَّا بلوناهم﴾ الْآيَات
أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِنَّا بلوناهم كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ نَاس قصّ الله عَلَيْكُم حَدِيثهمْ وبيّن لكم أَمرهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن حريج أَن أَبَا جهل قَالَ يَوْم بدر: خذوهم أخذا فاربطوهم فِي الْجبَال وَلَا تقتلُوا مِنْهُم أحدا فَنزل ﴿إِنَّا بلوناهم كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة﴾ يَقُول: فِي قدرتهم عَلَيْهِم كَمَا اقتدر أَصْحَاب الْجنَّة على الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة﴾ قَالَ: كَانُوا من أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة﴾ قَالَ: هم نَاس من الْحَبَشَة كَانَت لأبيهم جنَّة وَكَانَ يطعم مِنْهَا السَّائِلين فَمَاتَ أبوهم فَقَالَ بنوه: إِن كَانَ أَبونَا لأحمق يطعم الْمَسَاكِين فَأَقْسَمُوا ليصرمنّها مصبحين وَأَن لَا يطعموا مِسْكينا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْجنَّة لشيخ من بني إِسْرَائِيل وَكَانَ يمسك قوت سنته وَيتَصَدَّق بِالْفَضْلِ كَانَ بنوه ينهونه عَن الصَّدَقَة فَلَمَّا مَاتَ أبوهم غدوا عَلَيْهَا فَقَالُوا لَا يدخلنها الْيَوْم عَلَيْكُم مِسْكين ﴿وغدوا على حرد قَادِرين﴾ يَقُول: على جد من أَمرهم
250
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة﴾ قَالَ: هِيَ أَرض بِالْيمن يُقَال لَهَا ضرّ وَإِن بَينهَا وَبَين صنعاء سِتَّة أَمْيَال
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله: ﴿وَلَا يستثنون﴾ قَالَ: كَانَ استثناؤهم سُبْحَانَ الله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من ربكْ﴾ قَالَ: هُوَ أَمر من الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك﴾ قَالَ: عَذَاب: عنق من النَّار خرجت من وَادي جَهَنَّم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون﴾ قَالَ: أَتَاهَا أَمر الله لَيْلًا ﴿فَأَصْبَحت كالصريم﴾ قَالَ: كالليل المظلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قطر بن مَيْمُون مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والمعاصي إِن العَبْد ليذنب فينسى بِهِ الْبَاب من الْعلم وَإِن العَبْد ليذنب الذَّنب فَيحرم بِهِ قيام اللَّيْل وَإِن العَبْد ليذنب الذَّنب فينسى فَيحرم بِهِ رزقا قد كَانَ هيئ لَهُ ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون فَأَصْبَحت كالصريم﴾ قد حرمُوا خير جنتهم بذنبهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كالصريم﴾ قَالَ: مثل اللَّيْل الْأسود
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: ﴿كالصريم﴾ قَالَ: الذَّهَب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: غَدَوْت عَلَيْهِ غدْوَة فَوَجَدته قعُودا لَدَيْهِ بالصريم عواذله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: أَن ﴿اغدوا على حَرْثكُمْ﴾ قَالَ: كَانَ عنباً
251
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وهم يتخافتون﴾ قَالَ: الإِسرار وَالْكَلَام الْخَفي
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وهم يتخافتون﴾ قَالَ: يسرون بَينهم أَن لَا يدخلنها الْيَوْم عَلَيْكُم مِسْكين ﴿وغدوا على حرد قَادِرين﴾ قَالَ: غَدا الْقَوْم وهم محردون إِلَى جنتهم قادرون عَلَيْهَا فِي أنفسهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿على حرد قَادِرين﴾ يَقُول: ذُو قدرَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: ﴿وغدوا على حرد قَادِرين﴾ قَالَ: غدوا على أَمر قد قدرُوا عَلَيْهِ وَأَجْمعُوا عَلَيْهِ فِي أنفسهم أَن لَا يدْخل عَلَيْهِم مِسْكين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وغدوا على حرد﴾ قَالَ: غيظ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿وغدوا على حرد﴾ يَعْنِي الْمَسَاكِين بجد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قَالُوا إِنَّا لضالون﴾ قَالَ: أضللنا مَكَان جنتنا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِنَّا لضالون﴾ قَالَ: أَخْطَأنَا الطَّرِيق مَا هَذِه جنتنا وَفِي قَوْله: ﴿بل نَحن محرومون﴾ قَالَ: بل حورفنا فحرمناها وَفِي قَوْله: ﴿قَالَ أوسطهم﴾ قَالَ: أعدل الْقَوْم وَأحسن الْقَوْم فَزعًا وَأَحْسَنهمْ رَجْعَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿بل نَحن محرومون﴾ قَالَ: لما تبينوا وَعرفُوا معالم جنتهم قَالُوا ﴿بل نَحن محرومون﴾ محارفون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن معمر قَالَ: قُلْنَا لِقَتَادَة أَمن أهل الْجنَّة هم أم من أهل النَّار قَالَ: لقد كلفتني تعباً
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي وَقَوله: ﴿قَالَ أوسطهم﴾ قَالَ: أعدلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿قَالَ أوسطهم﴾ يَعْنِي أعدلهم وكل شَيْء فِي كتاب الله أَوسط فَهُوَ أعدل
252
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قَالَ أوسطهم﴾ قَالَ: أعدلهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّري فِي قَوْله: ﴿ألم أقل لكم لَوْلَا تسبحون﴾ قَالَ: كَانَ استثناؤهم فِي ذَلِك الزَّمَان التَّسْبِيح
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿لَوْلَا تسبحون﴾ قَالَ: لَوْلَا تستثنون عِنْد قَوْلهم ليصرمنّها مصبحين وَلَا يستثنون عِنْد ذَلِك وَكَانَ التَّسْبِيح استثناؤهم كَمَا نقُول نَحن إِن شَاءَ الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿كَذَلِك الْعَذَاب﴾ قَالَ: عُقُوبَة الدُّنْيَا ﴿ولعذاب الْآخِرَة﴾ قَالَ: عُقُوبَة الْآخِرَة وَفِي قَوْله: ﴿سلهم أَيهمْ بذلك زعيم﴾ قَالَ: أَيهمْ كَفِيل بِهَذَا الْأَمر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿تدرسون﴾ قَالَ: تقرؤون وَفِي قَوْله: ﴿أَيْمَان علينا بَالِغَة﴾ قَالَ: عهد علينا
الْآيَة ٤٢ - ٥٢
253
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ ولا تطع كل حلاف مهين ﴾ قال : هو الأسود بن عبد يغوث. ﴿ هماز ﴾ قال : يأكل لحوم الناس. ﴿ مناع للخير ﴾ قال : فلا يعطي خيراً ﴿ معتد ﴾ قال : معتد في قوله : متعمد في عمله ﴿ أثيم ﴾ بربه. ﴿ عتل ﴾ هو الفاجر اللئيم الضريبة، وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ ولا تطع كل حلاف مهين ﴾ قال : هو الأسود بن عبد يغوث. ﴿ هماز ﴾ قال : يأكل لحوم الناس. ﴿ مناع للخير ﴾ قال : فلا يعطي خيراً ﴿ معتد ﴾ قال : معتد في قوله : متعمد في عمله ﴿ أثيم ﴾ بربه. ﴿ عتل ﴾ هو الفاجر اللئيم الضريبة، وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ ولا تطع كل حلاف مهين ﴾ قال : هو الأسود بن عبد يغوث. ﴿ هماز ﴾ قال : يأكل لحوم الناس. ﴿ مناع للخير ﴾ قال : فلا يعطي خيراً ﴿ معتد ﴾ قال : معتد في قوله : متعمد في عمله ﴿ أثيم ﴾ بربه. ﴿ عتل ﴾ هو الفاجر اللئيم الضريبة، وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم».
وأخرج عبد بن حميد عن أبي أمامة في قوله :﴿ عتل بعد ذلك زنيم ﴾ قال : هو الفاحش اللئيم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن وأبي العالية مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن عساكر عن عكرمة عن ابن عباس في قوله :﴿ زنيم ﴾ قال : هو الدعيّ أما سمعت قول الشاعر :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم أكارعه
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن عكرمة أنه سئل عن الزنيم قال : هو ولد الزنا، وتمثل بقول الشاعر :
زنيم ليس يعرف من أبوه بغيّ الأم ذو حسب لئيم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : العتل الزنيم : رجل ضخم شديد، كانت له زنمة زائدة في يده، وكانت علامته.
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : العتل الصحيح الأكول الشروب، والزنيم الفاجر.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله :﴿ عتل بعد ذلك زنيم ﴾ قال : يعرف الكافر من المؤمن مثل الشاة الزنماء، والزنماء التي في حلقها كالمتعلقتين في حلق الشاة.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الزنيم يعرف بهذا الوصف، كما تعرف الشاة الزنماء من التي لا زنمة لها.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في قوله :﴿ عتل بعد ذلك زنيم ﴾ قال : هو الملزق في القوم ليس منهم.
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : ستة لا يدخلون الجنة أبداً : العاق والمدمن والجعشل والجوّاظ والقتات والعتل الزنيم. فقلت يا ابن عباس : أما اثنتان فقد علمت، فأخبرني بالأربع، قال : أما الجعشل فالفظّ الغليظ، وأما الجواظ فمن يجمع المال ويمنع، وأما القتات فمن يأكل لحوم الناس، وأما العتل الزنيم فمن يمشي بين الناس بالنميمة.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن شهر بن حوشب قال : حدثني عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم، فقال له رجل من المسلمين : ما الجوّاظ والجعظري والعتل الزنيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أما الجوّاظ فالذي جمع ومنع، تدعوه ﴿ لظى نزاعة للشوى ﴾ [ المعارج : ١٦ ] وأما الجعظري فالفظّ الغليظ، قال الله :﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ]، وأما العتل الزنيم فشديد الخلق، رحيب الجوف مصحح، شروب واجد للطعام والشراب، ظلوم للناس ».
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن عامر أنه سئل عن الزنيم قال : هو الرجل تكون له الزنمة من الشر يعرف بها، وهو رجل من ثقيف يقال له : الأخنس بن شريق.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الأنباري في الوقف والابتداء، عن ابن عباس قال : الزنيم الدعيّ الفاحش اللئيم الملزق، ثم أنشد قول الشاعر :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض اللئيم الأكارع
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم ﴾ فلم يعرف حتى نزل عليه بعد ذلك ﴿ زنيم ﴾ فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن حارثة بن وهب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«ألا أخبركم بأهل الجنة، كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جوّاظ جعظري متكبر ».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه وأرحب جوفه وأعطاه من الدنيا، فكان للناس ظلوماً، فذلك العتل الزنيم ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم مولى معاوية وموسى بن عقبة قالا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم، قال :«هو الفاحش اللئيم ».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ بعد ذلك زنيم ﴾ قال :«العتل كل رحيب الجوف، وثيق الخلق، أكول شروب، جموع للمال منوع له ».
وأخرج الحاكم وصححه وابن مروديه عن عبدالله بن عمر وأنه تلا ﴿ منّاع للخير ﴾ إلى ﴿ زنيم ﴾ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«أهل النار كل جعظري جوّاظ مستكبر مناع، وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : العتل هو الدعيّ، والزنيم هو المريب الذي يعرف بالشر.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر والخرائطي في مساوئ الأخلاق والحاكم، وصححه عن ابن عباس في قوله :﴿ عتل بعد ذلك زنيم ﴾ قال : هو الرجل يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الزنيم هو الرجل يمر على القوم، فيقولون رجل سوء.
وأخرج البخاري والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس في قوله :﴿ عتل بعد ذلك زنيم ﴾ قال : رجل من قريش كانت له زنمة زائدة مثل زنمة الشاة يعرف بها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : نعت فلم يعرف حتى قيل ﴿ زنيم ﴾ وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الزنيم الملحق النسب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ زنيم ﴾ قال : ظلوم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ زنيم ﴾ قال : ولد الزنا. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر :
زنيم تداعته الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال : الزنيم هو الهجين الكافر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ مهين ﴾ قال : الكذاب ﴿ هماز ﴾ يعني الاغتياب ﴿ عتل ﴾ قال : الشديد الفاتك ﴿ زنيم ﴾ الدعيّ.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ أن كان ذا مال وبنين ﴾ بهمزتين يستفهم. وفي قوله :﴿ سنسمه على الخرطوم ﴾ فقاتل يوم بدر فخطم بالسيف في القتال.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٤:وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ أن كان ذا مال وبنين ﴾ بهمزتين يستفهم. وفي قوله :﴿ سنسمه على الخرطوم ﴾ فقاتل يوم بدر فخطم بالسيف في القتال.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ سنسمه على الخرطوم ﴾ قال : سيما على أنفه لا تفارقه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ سنسمه على الخرطوم ﴾ قال : سنسمه بسيما لا تفارقه آخر ما عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«من مات همازاً لمازاً ملقباً للناس كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشدقين ».
قوله : تعالى :﴿ إنا بلوناهم ﴾ الآيات.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ﴾ قال : هؤلاء ناس قص الله عليكم حديثهم، وبيّن لكم أمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج أن أبا جهل قال يوم بدر : خذوهم أخذاً فاربطوهم في الحبال، ولا تقتلوا منهم أحداً فنزل ﴿ إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ﴾ يقول : في قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾ قال : كانوا من أهل الكتاب.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾ قال : هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة، وكان يطعم منها السائلين، فمات أبوهم فقال بنوه : إن كان أبونا لأحمق يطعم المساكين، فأقسموا ليصرمنّها مصبحين وأن لا يطعموا مسكيناً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : كانت الجنة لشيخ من بني إسرائيل، وكان يمسك قوت سنته، ويتصدق بالفضل، وكان بنوه ينهونه عن الصدقة، فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين ﴿ وغدوا على حرد قادرين ﴾ يقول : على جد من أمرهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ كما بلونا أصحاب الجنة ﴾ قال : هي أرض باليمن يقال لها الضروان، وإن بينها وبين صنعاء ستة أميال.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح في قوله :﴿ ولا يستثنون ﴾ قال : كان استثناؤهم سبحان الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ فطاف عليها طائف من ربكْ ﴾ قال : هو أمر من الله.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ فطاف عليها طائف من ربك ﴾ قال : عذاب : عنق من النار خرجت من وادي جهنم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ﴾ قال : أتاها أمر الله ليلاً ﴿ فأصبحت كالصريم ﴾ قال : كالليل المظلم.
وأخرج عبد بن حميد عن قطر بن ميمون مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب الذنب فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقاً قد كان هيىء له، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ﴾ قد حرموا خير جنتهم بذنبهم ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ كالصريم ﴾ قال : مثل الليل الأسود.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ كالصريم ﴾ قال : الذهب. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر :
غدوت عليه غدوة فوجدته قعوداً لديه بالصريم عواذله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أن ﴿ اغدوا على حرثكم ﴾ قال : كان عنباً.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وهم يتخافتون ﴾ قال : الإِسرار والكلام الخفي.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ وهم يتخافتون ﴾ قال : يسرون بينهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين ﴿ وغدوا على حرد قادرين ﴾ قال : غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم قادرون عليها في أنفسهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ على حرد قادرين ﴾ يقول : ذو قدرة.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد قال :﴿ وغدوا على حرد قادرين ﴾ قال : غدوا على أمر قد قدروا عليه، وأجمعوا عليه في أنفسهم أن لا يدخل عليهم مسكين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله :﴿ وغدوا على حرد ﴾ قال : غيظ.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله :﴿ وغدوا على حرد ﴾ يعني المساكين يجد.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ قالوا إنا لضالون ﴾ قال : أضللنا مكان جنتنا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ إنا لضالون ﴾ قال : أخطأنا الطريق، ما هذه جنتنا. وفي قوله :﴿ بل نحن محرومون ﴾ قال : بل حورفنا فحرمناها، وفي قوله :﴿ قال أوسطهم ﴾ قال : أعدل القوم وأحسن القوم فزعاً وأحسنهم رجعة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ إنا لضالون ﴾ قال : أخطأنا الطريق، ما هذه جنتنا. وفي قوله :﴿ بل نحن محرومون ﴾ قال : بل حورفنا فحرمناها، وفي قوله :﴿ قال أوسطهم ﴾ قال : أعدل القوم وأحسن القوم فزعاً وأحسنهم رجعة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ بل نحن محرومون ﴾ قال : لما تبينوا وعرفوا معالم جنتهم قالوا ﴿ بل نحن محرومون ﴾ محارفون.
وأخرج ابن المنذر عن معمر قال : قلنا لقتادة أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار ؟ قال : لقد كلفتني تعباً.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ قال أوسطهم ﴾ قال : أعدلهم.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله :﴿ قال أوسطهم ﴾ يعني أعدلهم، وكل شيء في كتاب الله أوسط فهو أعدل.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ قال أوسطهم ﴾ قال : أعدلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السري في قوله :﴿ ألم أقل لكم لولا تسبحون ﴾ قال : كان استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ لولا تسبحون ﴾ قال : لولا تستثنون عند قولهم ليصرمنّها مصبحين ولا يستثنون عند ذلك وكان التسبيح استثناءهم كما نقول نحن إن شاء الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ كذلك العذاب ﴾ قال : عقوبة الدنيا ﴿ ولعذاب الآخرة ﴾ قال : عقوبة الآخرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ تدرسون ﴾ قال : تقرؤون. وفي قوله :﴿ أيمان علينا بالغة ﴾ قال : عهد علينا. وفي قوله :﴿ سلهم أيهم بذلك زعيم ﴾ قال : أيهم كفيل بهذا الأمر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ تدرسون ﴾ قال : تقرؤون. وفي قوله :﴿ أيمان علينا بالغة ﴾ قال : عهد علينا. وفي قوله :﴿ سلهم أيهم بذلك زعيم ﴾ قال : أيهم كفيل بهذا الأمر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ تدرسون ﴾ قال : تقرؤون. وفي قوله :﴿ أيمان علينا بالغة ﴾ قال : عهد علينا. وفي قوله :﴿ سلهم أيهم بذلك زعيم ﴾ قال : أيهم كفيل بهذا الأمر.
أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يكْشف رَبنَا عَن سَاقه فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن ومؤمنة وَيبقى من كَانَ يسْجد فِي الدُّنْيَا رِيَاء وَسُمْعَة فَيذْهب ليسجد فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا
253
وَأخرج ابْن مندة فِي الرَّد على الْجَهْمِية عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: يكْشف الله عز وَجل عَن سَاقه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مَنْدَه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن سَاقيه تبَارك وَتَعَالَى
قَالَ ابْن مَنْدَه: لَعَلَّه فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود يكْشف بِفَتْح الْيَاء وَكسر الشين
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن نور عَظِيم فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مُصَور وَابْن مَنْدَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس يكْشف عَن أَمر عَظِيم ثمَّ قَالَ: قد قَامَت الْحَرْب على سَاق قَالَ: وَقَالَ ابْن مَسْعُود: يكْشف عَن سَاقه فَيسْجد كل مُؤمن ويعصو ظهر الْكَافِر فَيصير عظما وَاحِدًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: إِذا خَفِي عَلَيْكُم شَيْء من الْقُرْآن فابتغوه فِي الشّعْر فَإِنَّهُ ديوَان الْعَرَب أما سَمِعْتُمْ قَول الشَّاعِر: أَصْبِر عنَاق أَنه شَرّ بَاقٍ قد سنّ لي قَوْمك ضرب الْأَعْنَاق وَقَامَت الْحَرْب بِنَا على سَاق قَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا يَوْم كرب وَشدَّة
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن شدَّة الْآخِرَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: قد قَامَت الْحَرْب بِنَا على سَاق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: هُوَ الْأَمر الشَّديد المفظع من الهول يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن مندة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن شدَّة الْآخِرَة
254
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مَنْدَه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن شدَّة الْأَمر وجده قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ أَشد سَاعَة تكون يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: يُرِيد الْقِيَامَة والساعة لشدتها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: حِين يكْشف الْأَمر وتبدو الْأَعْمَال وكشفه دُخُول الْآخِرَة وكشف الْأَمر عَنهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن مَنْدَه من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ يَوْم يكْشف عَن سَاق بِفَتْح التَّاء قَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي: أَي تكشف الْآخِرَة عَن سَاقهَا يستبين مِنْهَا مَا كَانَ غَائِبا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ بِالْيَاءِ وَرفع الْيَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: إِن الْعَرَب كَانُوا إِذا اشْتَدَّ الْقِتَال فيهم وَالْحَرب وَعظم الْأَمر فيهم قَالُوا لشدَّة ذَلِك: قد كشفت الْحَرْب عَن سَاق فَذكر الله شدَّة ذَلِك الْيَوْم بِمَا يعْرفُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ فَغَضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ: إِن أَقْوَامًا يَزْعمُونَ أَن الله يكْشف عَن سَاقه وَإِنَّمَا يكْشف عَن الْأَمر الشَّديد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ﴾ قَالَ: هم الْكفَّار كَانُوا يدعونَ فِي الدُّنْيَا وهم آمنون فاليوم يدعونَ وهم خائفون ثمَّ أخبر الله سُبْحَانَهُ أَنه حَال بَين أهل الشّرك وَبَين طَاعَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَأَما فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَهِي طَاعَته وَمَا كَانُوا يبصرون وَأما الْآخِرَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ خاشعة أَبْصَارهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أخبرنَا أَن بَين كل مُؤمنين منافقاً يَوْم الْقِيَامَة فَيسْجد المؤمنان وتقسو ظُهُور الْمُنَافِقين فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود ويزدادون لسجود الْمُؤمنِينَ توبيخاً وحسرة وندامة
255
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن بلَاء عَظِيم
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن أَمر عَظِيم الشدَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: عَن الغطاء فَيَقَع من كَانَ آمن بِهِ فِي الدُّنْيَا فيسجدون لَهُ ويدعى الْآخرُونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ لأَنهم لم يَكُونُوا آمنُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا يبصرونه وَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود وهم سَالِمُونَ فِي الدُّنْيَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ قَالَ: أَمر فظيع جليل ﴿وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ قَالَ: ذَلِكُم يَوْم الْقِيَامَة ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: يُؤذن للْمُؤْمِنين يَوْم الْقِيَامَة فِي السُّجُود فَيسْجد الْمُؤْمِنُونَ وَبَين كل مُؤمنين مُنَافِق فيتعسر ظهر الْمُنَافِق عَن السُّجُود وَيجْعَل الله سُجُود الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِم توبيخاً وصغاراً وذلاً وندامة وحسرة وَفِي قَوْله: ﴿وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ﴾ قَالَ: فِي الصَّلَوَات
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب الحبر قَالَ: وَالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى والإِنجيل على عِيسَى وَالزَّبُور على دَاوُد وَالْفرْقَان على مُحَمَّد أنزلت هَذِه الْآيَات فِي الصَّلَوَات المكتوبات حَيْثُ يُنَادي بِهن ﴿يَوْم يكْشف عَن سَاق﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ﴾ الصَّلَوَات الْخمس إِذا نُودي بهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود﴾ قَالَ: الصَّلَوَات فِي الْجَمَاعَات
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود﴾ قَالَ: الرجل يسمع الْأَذَان فَلَا يُجيب الصَّلَاة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يجمع الله الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يُنَادي مُنَاد: من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه فَيتبع كل قوم مَا كَانُوا يعْبدُونَ وَيبقى الْمُسلمُونَ وَأهل الْكتاب فَيُقَال للْيَهُود: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ الله ومُوسَى فَيُقَال
256
لَهُم: لَسْتُم من مُوسَى وَلَيْسَ مُوسَى مِنْكُم فَيصْرف بهم ذَات الشمَال ثمَّ يُقَال لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: الله وَعِيسَى فَيُقَال لَهُم: لَسْتُم من عِيسَى وَلَيْسَ عِيسَى مِنْكُم ثمَّ يصرف بهم ذَات الشمَال وَيبقى الْمُسلمُونَ فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: الله فَيُقَال لَهُم: هَل تعرفونه فَيَقُولُونَ: إِن عرّفنا نَفسه عَرفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِك يُؤذن لَهُم فِي السُّجُود بَين كل مُؤمنين مُنَافِق فتقصم ظُهُورهمْ عَن السُّجُود ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾
وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَينزل الله فِي ظلل من الْغَمَام فينادي مُنَاد ياأيها النَّاس أَلا ترضوا من ربكُم الَّذِي خَلقكُم وصوّركم ورزقكم أَن يولي كل إِنْسَان مِنْكُم مَا كَانَ يعبد فِي الدُّنْيَا ويتولى أَلَيْسَ ذَلِك من ربكُم عدلا قَالُوا: بلَى
قَالَ: فَينْطَلق كل إِنْسَان مِنْكُم إِلَى مَا كَانَ يعبد فِي الدُّنْيَا ويتمثل لَهُم مَا كَانُوا يعْبدُونَ فِي الدُّنْيَا فيتمثل لمن كَانَ يعبد عِيسَى شَيْطَان عِيسَى ويتمثل لمن كَانَ يعبد عُزَيْرًا شَيْطَان عُزَيْر حَتَّى يمثل لَهُم الشَّجَرَة وَالْعود وَالْحجر وَيبقى أهل الإِسلام جثوماً فيتمثل لَهُم الرب عز وَجل فَيَقُول لَهُم: مَا لكم لم تنطلقوا كَمَا انْطلق النَّاس فَيَقُولُونَ: إِن لنا ربّاً مَا رَأَيْنَاهُ بعد فَيَقُول: فيمَ تعرفُون ربكُم إِن رَأَيْتُمُوهُ قَالُوا: بَيْننَا وَبَينه عَلامَة إِن رَأَيْنَاهُ عَرفْنَاهُ
قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: ﴿يكْشف عَن سَاق﴾ فَيكْشف عِنْد ذَلِك عَن سَاق فيخر كل من كَانَ يسْجد طَائِعا سَاجِدا وَيبقى قوم ظُهُورهمْ كصياصي الْبَقر يُرِيدُونَ السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ثمَّ يؤمرون فيرفعوا رؤوسهم فيعطون نورهم على قدر أَعْمَالهم فَمنهمْ من يعْطى نوره مثل الْجَبَل بَين يَدَيْهِ وَمِنْهُم من يعْطى نوره فَوق ذَلِك وَمِنْهُم من يعْطى نوره مثل النَّخْلَة بِيَمِينِهِ وَمِنْهُم من يعْطى نوره دون ذَلِك بِيَمِينِهِ حَتَّى يكون آخر ذَلِك من يعْطى نوره على إِبْهَام قَدَمَيْهِ يضيء مرّة ويطفأ مرّة فَإِذا أَضَاء قدم قدمه وَإِذا طفئ قَامَ
فيمر ويمرون على الصِّرَاط والصراط كحدّ السَّيْف دحض مزلة فَيُقَال لَهُم: انجوا على قدر نوركم فَمنهمْ من يمر كانقضاض الْكَوْكَب وَمِنْهُم من يمر كالطرف وَمِنْهُم من يمر كَالرِّيحِ وَمِنْهُم من يمر كشد الرجل ويرمل رملاً يَمرونَ على قدر أَعْمَالهم حَتَّى يمرالذي نوره على إِبْهَام قدمه يجر يدا ويعلق يدا ويجر رجلا ويعلق رجلا وتصيب جوانبه النَّار فيخلصون فَإِذا خلصوا قَالُوا: الْحَمد لله
257
الَّذِي نجانا مِنْك بعد الَّذِي أراناك
لقد أَعْطَانَا الله مَا لم يُعْط أحدا
فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى ضحضاح عِنْد بَاب الْجنَّة فيغتسلون فَيَعُود إِلَيْهِم ريح أهل الْجنَّة وألوانهم ويرون من خلل بَاب الْجنَّة وَهُوَ يصفق منزلا فِي أدنى الْجنَّة فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا ذَلِك الْمنزل
فَيَقُول لَهُم: أتسألون الْجنَّة وَقد نجيتكم من النَّار
فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا حل بَيْننَا وَبَين النَّار هَذَا الْبَاب لَا نسْمع حَسِيسهَا
فَيَقُول لَهُم: لَعَلَّكُمْ إِن أُعْطِيتُمُوهُ أَن تسألوا غَيره فَيَقُولُونَ: لَا وَعزَّتك لَا نسْأَل غَيره وَأي منزل يكون أحسن مِنْهُ قَالَ: فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَيرْفَع لَهُم منزل أَمَام ذَلِك كَانَ الَّذِي رَأَوْا قبل ذَلِك حلم عِنْده فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا ذَلِك الْمنزل
فَيَقُول: لَعَلَّكُمْ إِن أعطيتكموه أَن تسألوا غَيره فَيَقُولُونَ: لَا وَعزَّتك لَا نسْأَل غَيره وَأي منزل أحسن مِنْهُ فيعطونه ثمَّ يرفع لَهُم أَمَام ذَلِك منزل آخر كَانَ الَّذِي رَأَوْا قبل ذَلِك حلم عِنْد هَذَا الَّذِي رَأَوْا فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا ذَلِك الْمنزل
فَيَقُول: لَعَلَّكُمْ إِن أعطيتكموه أَن تسألوا غَيره فيقولن: لَا وَعزَّتك لَا نسْأَل غَيره وَأي منزل أحسن مِنْهُ ثمَّ يسكتون فَيَقُول لَهُم: مَا لكم لَا تسْأَلُون فَيَقُولُونَ: رَبنَا قد سألناك حَتَّى استحينا
فَيُقَال لَهُم: ألم ترضوا أَن أُعْطِيكُم مثل الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقتها إِلَى يَوْم أفنيتها وَعشرَة أضعافها فَيَقُولُونَ: أتستهزئ بِنَا وَأَنت رب الْعَالمين قَالَ مَسْرُوق: فَمَا بلغ عبد الله هَذَا الْمَكَان من الحَدِيث إِلَّا ضحك وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحدثه مرَارًا فَمَا بلغ هَذَا الْمَكَان من الحَدِيث إِلَّا ضحك حَتَّى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أَضْرَاسه يَقُول: الْأَسْنَان
قَالَ: فَيَقُول لَا وَلَكِنِّي على ذَلِك قَادر فاسألوني
قَالَ: رَبنَا ألحقنا بِالنَّاسِ
فَيُقَال لَهُم: الحقوا النَّاس
فَيَنْطَلِقُونَ يرملون فِي الْجنَّة حَتَّى يبدوا لرجل مِنْهُم فِي الْجنَّة قصر درة مجوّف فيخر سَاجِدا فَيُقَال لَهُ: ارْفَعْ رَأسك فيرفع رَأسه فَيَقُول: رَأَيْت رَبِّي فَيُقَال لَهُ: إِنَّمَا ذَلِك منزل من منازلك
فَينْطَلق ويستقبله رجل فيتهيأ للسُّجُود فَيُقَال لَهُ مَالك فَيَقُول: رَأَيْت ملكا فَيُقَال لَهُ: إِنَّمَا ذَلِك قهرمان من قهارمتك عبد بن عبيدك
فيأتيه فَيَقُول: إِنَّمَا أَنا قهرمان من قهارمتك على هَذَا الْقصر تَحت يَدي ألف قهرمان كلهم على مَا أَنا عَلَيْهِ
فَينْطَلق بِهِ عِنْد ذَلِك حَتَّى يفتح لَهُ الْقصر وَهِي درة مجوّفة سقائفها وأغلاقها وأبوابها ومفاتيحها مِنْهَا
قَالَ: فَيفتح لَهُ الْقصر فتستقبله جَوْهَرَة خضراء مبطنة بِحَمْرَاء سَبْعُونَ ذِرَاعا فِيهَا سِتُّونَ بَابا كل بَاب يُفْضِي إِلَى جَوْهَرَة على غير لون صاحبتها فِي كل جَوْهَرَة سرر وأدراج
258
ونصائف وَقَالَ: وصائف
فَيدْخل فَإِذا هُوَ بحوراء عيناء عَلَيْهَا سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من وَرَاء حللها كَبِدهَا مرآته وكبده مرآتها إِذا أعرض عَنْهَا إعراضة ازدادت فِي عينه سبعين ضعفا عَمَّا كَانَت قبل ذَلِك وَإِذا أَعرَضت عَنهُ إعراضة ازْدَادَ فِي عينهَا سبعين ضعفا عَمَّا كَانَ قبل ذَلِك فَتَقول: لقد ازددت فِي عينين سبعين ضعفا وَيَقُول لَهَا مثل ذَلِك
قَالَ: فيشرف على ملكه مد بَصَره مسيرَة مائَة عَام قَالَ: فَقَالَ عمر بن الْخطاب عِنْد ذَلِك: أَلا تسمع يَا كَعْب مَا يحدثنا بِهِ ابْن أم عبد عَن أدنى أهل الْجنَّة مَا لَهُ فَكيف بأعلاهم قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت إِن الله كَانَ فَوق الْعَرْش وَالْمَاء فخلق لنَفسِهِ دَارا بِيَدِهِ فزينها بِمَا شَاءَ وَجعل فِيهَا مَا شَاءَ من الثمرات وَالشرَاب ثمَّ أطبقها فَلم يرهَا أحد من خلقه مُنْذُ خلقهَا جِبْرِيل وَلَا غَيره من الْمَلَائِكَة ثمَّ قَرَأَ كَعْب (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين) (سُورَة السَّجْدَة الْآيَة ١٧) الْآيَة وَخلق دون ذَلِك جنتين فزينهما بِمَا شَاءَ وَجعل فيهمَا مَا ذكر من الْحَرِير والسندس والاستبرق وأراهما من شَاءَ من خلقه من الْمَلَائِكَة فَمن كَانَ كِتَابه فِي عليين نزل تِلْكَ الدَّار فَإِذا ركب الرجل من أهل عليين فِي ملكه لم يبقِ خيمة من خيام الْجنَّة إلاّ دَخلهَا من ضوء وَجهه حَتَّى إِنَّهُم ليستنشقون رِيحه وَيَقُولُونَ: واهاً وَهَذِه الرّيح الطّيبَة
وَيَقُولُونَ: لقد أشرف علينا الْيَوْم رجل من أهل عليين
فَقَالَ عمر: وَيحك يَا كَعْب إِن هَذِه الْقُلُوب قد استرسلت فاقبضها
فَقَالَ كَعْب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن لِجَهَنَّم زفرَة مَا من ملك وَلَا نَبِي إلاّ يخر لركبته حَتَّى يَقُول إِبْرَاهِيم خَلِيل الله: رب نَفسِي نَفسِي
وَحَتَّى لَو كَانَ لَك عمل سبعين نَبيا إِلَى عَمَلك لظَنَنْت أَن لن تنجو مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن مَسْعُود أَنه ذكر عِنْده الدَّجَّال فَقَالَ: يفْتَرق ثَلَاث فرق تتبعه فرقة تتبعه وَفرْقَة تلْحق بِأَرْض آبائها منابت الشَّيْخ وَفرْقَة تَأْخُذ شط الْفُرَات فيقاتلهم ويقاتلونه حَتَّى يجْتَمع الْمُؤْمِنُونَ بقرى الشَّام فيبعثون إِلَيْهِ طَلِيعَة فيهم فَارس على فرس أشقر أَو أبلق فيقتلون لَا يرجع إِلَيْهِم شَيْء ثمَّ إِن الْمَسِيح ينزل فيقتله ثمَّ يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج فيموجون فِي الأَرْض فيفسدون فِيهَا ثمَّ قَرَأَ عبد الله
259
(وهم من كل حدب يَنْسلونَ) (سُورَة الْأَنْبِيَاء الْآيَة ٩٦) ثمَّ يبْعَث الله عَلَيْهِم دَابَّة مثل هَذِه النغفة فَتدخل فِي أسماعهم ومناخرهم فيموتون مِنْهَا فتنتن الأَرْض مِنْهُم فيجأر أهل الأَرْض إِلَى الله فَيُرْسل الله مَاء فيطهرها مِنْهُم ثمَّ يبْعَث ريحًا فِيهَا زمهرير بَارِدَة فَلَا تدع على وَجه الأَرْض [] إِلَّا كفئت بِتِلْكَ الرّيح ثمَّ تقوم السَّاعَة على شرار النَّاس ثمَّ يقوم ملك الصُّور بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فينفخ فِيهِ فَلَا يبْقى خلق الله فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَاتَ إِلَّا من شَاءَ رَبك ثمَّ يكون بَين النفختين مَا شَاءَ الله أَن يكون فَلَيْسَ من ابْن آدم خلق إِلَّا وَفِي الأَرْض مِنْهُ شَيْء ثمَّ يُرْسل الله مَاء من تَحت الْعَرْش منياً كمني الرِّجَال فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذَلِك المَاء كَمَا تنْبت الأَرْض من الثرى ثمَّ قَرَأَ عبد الله (الله الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح فتثير سحاباً فسقناه إِلَى بلد ميت فأحيينا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا كَذَلِك النشور) (سُورَة الرّوم الْآيَة ٤٨) ثمَّ يقوم ملك بالصور بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فينفخ فِيهِ فتنطلق كل نفس إِلَى جَسدهَا حَتَّى تدخل فِيهِ فَيقومُونَ فيجيئون مجيئة رجل وَاحِد قيَاما لرب الْعَالمين ثمَّ يتَمَثَّل الله لِلْخلقِ فيلقاهم فَلَيْسَ أحد من الْخلق يعبد من دون الله شَيْئا إِلَّا هُوَ مُتبع لَهُ يتبعهُ فَيلقى الْيَهُود فَيَقُول: مَا تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: نعْبد عُزَيْرًا فَيَقُول: هَل يسركم المَاء قَالُوا: نعم فيريهم جَهَنَّم كَهَيئَةِ السراب ثمَّ قَرَأَ عبد الله (وعرضنا جَهَنَّم يَوْمئِذٍ للْكَافِرِينَ عرضا) (سُورَة الْكَهْف الْآيَة ١٠٠) ثمَّ يلقى النَّصَارَى فَيَقُولُونَ: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ قَالُوا: الْمَسِيح فَيَقُول: هَل يسركم المَاء قَالُوا: نعم فيريهم جَهَنَّم كَهَيئَةِ السراب وَكَذَلِكَ كل من يعبد من دون الله شَيْئا ثمَّ قَرَأَ عبد الله (وقفوهم إِنَّهُم مسؤولون) (سُورَة الصافات الْآيَة ٢٤) حَتَّى يمر الْمُسلمُونَ فيلقاهم فَيَقُول: من تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: نعْبد الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا فينتهرهم مرّة أَو مرَّتَيْنِ من تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: نعْبد الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا فَيَقُول: هَل تعرفُون ربكُم فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله إِذا تعرف لنا عَرفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِك ﴿يكْشف عَن سَاق﴾ فَلَا يبْقى مُؤمن إلاّ خر لله سَاجِدا وَيبقى المُنَافِقُونَ ظُهُورهمْ طبق وَاحِد كَأَنَّمَا فِيهَا السَّفَافِيد فَيَقُولُونَ: رَبنَا فيفول: (قد كُنْتُم تدعون إِلَى السُّجُود وَأَنْتُم سَالِمُونَ) ثمَّ يُؤمر بالصراط فَيضْرب على جَهَنَّم فتمر النَّاس بأعمالهم يمر أوائلهم كلمح الْبَصَر أَو كلمح الْبَرْق ثمَّ كمر الرّيح ثمَّ كمر الطير ثمَّ
260
كأسرع الْبَهَائِم ثمَّ كَذَلِك يَجِيء الرجل سعياً حَتَّى يَجِيء الرجل مشياً حَتَّى يَجِيء آخِرهم رجل يَتَكَفَّأ على بَطْنه فَيَقُول: يَا رب أَبْطَأت بِي فَيَقُول: إِنَّمَا أَبْطَأَ بك عَمَلك ثمَّ يَأْذَن الله فِي الشَّفَاعَة فَيكون أول شَافِع جِبْرِيل ثمَّ إِبْرَاهِيم خَلِيل الله ثمَّ مُوسَى أَو قَالَ عِيسَى ثمَّ يقوم نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَابِعا لَا يشفع أحد بعده فِيمَا يشفع فِيهِ وَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي وعده الله (عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا) (سُورَة الْإِسْرَاء الْآيَة ٧٩) فَلَيْسَ من نفس إِلَّا تنظر إِلَى بَيت فِي الْجنَّة وَبَيت فِي النَّار وَهُوَ يَوْم الْحَسْرَة فَيرى أهل النَّار الْبَيْت الَّذِي فِي الْجنَّة فَيُقَال: لَو عملتم وَيرى أهل الْجنَّة الْبَيْت الَّذِي فِي النَّار فَيُقَال: لَوْلَا أَن منّ الله عَلَيْكُم ثمَّ يشفع الْمَلَائِكَة والنبيون وَالشُّهَدَاء والصالحون والمؤمنون فيشفعهم الله ثمَّ يَقُول: أَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ فَيخرج من النَّار أَكثر مِمَّا أخرج من جَمِيع الْخلق برحمته حَتَّى مَا يتْرك فِيهَا أحدا فِيهِ خير
ثمَّ قَرَأَ عبد الله (يَا أَيهَا الْكفَّار مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين) (سُورَة المدثر الْآيَة ٤٢) إِلَى قَوْله: (وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين) (سُورَة المدثر الْآيَة ٤٦) قَالَ: ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ أحدا فِيهِ خير لَا وَمَا يتْرك فِيهَا أحدا فِيهِ خير فَإِذا أَرَادَ الله أَن لَا يخرج مِنْهَا أحدا غير وُجُوههم وألوانهم فَيَجِيء الرجل من الْمُؤمنِينَ فَيشفع فَيُقَال لَهُ: من عرف أحدا فيخرجه فَيَجِيء الرجل فَينْظر فَلَا يعرف أحدا فَيَقُول الرجل للرجل: يَا فلَان أَنا فلَان فَيَقُول: مَا أعرفك فَيَقُولُونَ: (رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ١٠٧) فَيَقُول: (اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ١٠٨) فَإِذا قَالَ ذَلِك أطبقت عَلَيْهِم فَلم يخرج مِنْهُم بشر
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿وَلَا تكن كصاحب الْحُوت﴾ قَالَ: تغاضب كَمَا غاضب يُونُس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَلَا تكن كصاحب الْحُوت﴾ قَالَ: لَا تعجل كَمَا عجل وَلَا تغاضب كَمَا غاضب
261
وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: كَانَ فِي خلق يُونُس ضيق فَلَمَّا حملت عَلَيْهِ أثقال النُّبُوَّة مِنْهَا تفسخ الرّبع فقذفها من يَدَيْهِ وهرب قَالَ تَعَالَى لنَبيه ﴿وَلَا تكن كصاحب الْحُوت إِذْ نَادَى وَهُوَ مكظوم﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَهُوَ مكظوم﴾ قَالَ: مغموم وَفِي قَوْله: ﴿وَهُوَ مَذْمُوم﴾ قَالَ: مليم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَهُوَ مكظوم﴾ قَالَ: مغموم
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا﴾ الْآيَة
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ﴾ قَالَ: ينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ﴾ لينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ﴾ قَالَ: لينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ معاداة لكتاب الله وَلذكر الله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ ﴿وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ﴾ قَالَ: يَقُول: ينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ من شدَّة النّظر إِلَيْك قَالَ ابْن عَبَّاس: فَكيف يَقُولُونَ أزلق السهْم أَو زهق السهْم
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فضائله وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ ليزهقونك بِأَبْصَارِهِمْ
وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْعين حق
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْعين تدخل الرجل الْقَبْر والجمل الْقدر
وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَكثر من يَمُوت من أمتِي بعد قَضَاء الله وَقدره بِالْعينِ
262

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

٦٩
سُورَة الحاقة
مَكِّيَّة وآياتها اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ
مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الحاقة بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بَرزَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر بالحاقة وَنَحْوهَا
وَأخرج أَحْمد عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: خرجت أتعرض لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن أسلم فَوَجَدته قد سبقني إِلَى الْمَسْجِد فَقُمْت خَلفه فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الحاقة فَجعلت أعجب من تأليف الْقُرْآن فَقلت: هَذَا وَالله شَاعِر كَمَا قَالَت قُرَيْش فَقَرَأَ ﴿إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم وَمَا هُوَ بقول شَاعِر قَلِيلا مَا تؤمنون﴾ قلت: كَاهِن قَالَ: ﴿وَلَا بقول كَاهِن قَلِيلا مَا تذكرُونَ تَنْزِيل﴾ إِلَى آخر السُّورَة فَوَقع الْإِسْلَام فِي قلبِي كل موقع
الْآيَة ١ - ١٣
263
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ﴾ قال : هم الكفار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون فاليوم يدعون وهم خائفون، ثم أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا، فإنه قال : ما كانوا يستطيعون السمع وهي طاعته، وما كانوا يبصرون وأما الآخرة فإنه قال : لا يستطيعون خاشعة أبصارهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : أخبرنا أن بين كل مؤمنين منافقاً يوم القيامة، فيسجد المؤمنان وتقسو ظهور المنافقين، فلا يستطيعون السجود ويزدادون لسجود المؤمنين توبيخاً وحسرة وندامة.
وفي قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ﴾ قال : في الصلوات.
وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال : والذي أنزل التوراة على موسى والإِنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادي بهن ﴿ يوم يكشف عن ساق ﴾ إلى قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ﴾ الصلوات الخمس إذا نودي بها.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود ﴾ قال : الصلوات في الجماعات.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود ﴾ قال : الرجل يسمع الأذان فلا يجيب الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يجمع الله الخلائق يوم القيامة ثم ينادي مناد : من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فيتبع كل قوم ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون وأهل الكتاب، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون الله وموسى، فيقال لهم : لستم من موسى وليس موسى منكم، فيصرف بهم ذات الشمال، ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون الله وعيسى. فيقال لهم : لستم من عيسى وليس عيسى منكم، ثم يصرف بهم ذات الشمال، ويبقى المسلمون فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : الله، فيقال لهم : هل تعرفونه ؟ فيقولون : إن عرّفنا نفسه عرفناه، فعند ذلك يؤذن لهم في السجود بين كل مؤمنين منافق، فتقصم ظهورهم عن السجود، ثم قرأ هذه الآية ﴿ ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ﴾ ».
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ ولا تكن كصاحب الحوت ﴾ قال : تغاضب كما غاضب يونس.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وابن المنذر عن قتادة ﴿ ولا تكن كصاحب الحوت ﴾ قال : لا تعجل كما عجل، ولا تغاضب كما غاضب.
وأخرج الحاكم عن وهب قال : كان في خلق يونس ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة تفسخ منها تفسخ الربع، فقذفها من يديه وهرب، قال تعالى لنبيه ﴿ ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وهو مكظوم ﴾ قال : مغموم وفي قوله :﴿ وهو مذموم ﴾ قال : مليم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ وهو مكظوم ﴾ قال : مغموم.
قوله تعالى :﴿ وإن يكاد الذين كفروا ﴾ الآية.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ ليزلقونك بأبصارهم ﴾ قال : ينفذونك بأبصارهم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ ليزلقونك بأبصارهم ﴾ لينفذونك بأبصارهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ليزلقونك بأبصارهم ﴾ قال : لينفذونك بأبصارهم معاداة لكتاب الله ولذكر الله.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن عطاء قال : كان ابن عباس يقرأ ﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم ﴾ قال : يقول : ينفذونك بأبصارهم من شدة النظر إليك، قال ابن عباس : فكيف يقولون أزلق السهم أو زهق السهم.
وأخرج أبو عبيدة في فضائله وابن جرير عن ابن مسعود أنه قرأ «ليزهقونك بأبصارهم ».
وأخرج البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«العين حق ».
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر ».
وأخرج البزار عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين ».
Icon