تفسير سورة الحاقة

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
تفسير سورة سورة الحاقة من كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن .
لمؤلفه الشنقيطي - أضواء البيان . المتوفي سنة 1393 هـ

قوله تعالى :﴿ الْحَاقَّةُ مَا الْحَآقَّةُ ﴾.
الحاقة من أسماءِ القيامة.
وجاء بعدها ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ﴾ وهي من أسماء القيامة أيضاً، كما قال تعالى :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴾ [ القارعة : ٣ -١٤ ] الآية.
سميت بالحاقة لأنه يحق فيها وعد الله بالبعث والجزاء، وسميت بالقارعة، لأنها تقرع القلوب بهولها ﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى ﴾ [ الحج : ٢ ].
كما سميت الواقعة ﴿ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [ الواقعة : ٢ ].
قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ ﴾. والطَّاغية فاعلة من الطُّغيان، وهو مجاوزة الحد مطلقاً، كقوله :﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ ﴾ [ الحاقة : ١١ ].
وقوله :﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى ﴾ [ العلق : ٦ ].
وقد اختلف في معنى الطغيان هنا، فقال قوم : طاغية عاقر الناقة، كما في قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ﴾ [ الشمس : ١١ -١٢ ] فتكون الباء سببية أي بسبب طاغيتها، وقيل : الطاغية الصيحة الشديدة التي أهلكتهم، بدليل قوله تعالى :﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾ [ القمر : ٣١ ] فتكون الباء آلية، كقولك : كتبت بالقلم وقطعت بالسكين.
والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني لقوله تعالى :﴿ وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ [ الذاريات : ٤٣ -٤٤ ]، ولو قيل : لا مانع من إرادة المعنيين لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب، لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيداً، ويشير إليه قوله تعالى :﴿ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ﴾ [ الذاريات : ٤٤ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤:وجاء بعدها ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ﴾ وهي من أسماء القيامة أيضاً، كما قال تعالى :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴾ [ القارعة : ٣ -١٤ ] الآية.
سميت بالحاقة لأنه يحق فيها وعد الله بالبعث والجزاء، وسميت بالقارعة، لأنها تقرع القلوب بهولها ﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى ﴾ [ الحج : ٢ ].
كما سميت الواقعة ﴿ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [ الواقعة : ٢ ].
قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ ﴾. والطَّاغية فاعلة من الطُّغيان، وهو مجاوزة الحد مطلقاً، كقوله :﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ ﴾ [ الحاقة : ١١ ].
وقوله :﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى ﴾ [ العلق : ٦ ].
وقد اختلف في معنى الطغيان هنا، فقال قوم : طاغية عاقر الناقة، كما في قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ﴾ [ الشمس : ١١ -١٢ ] فتكون الباء سببية أي بسبب طاغيتها، وقيل : الطاغية الصيحة الشديدة التي أهلكتهم، بدليل قوله تعالى :﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾ [ القمر : ٣١ ] فتكون الباء آلية، كقولك : كتبت بالقلم وقطعت بالسكين.
والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني لقوله تعالى :﴿ وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ [ الذاريات : ٤٣ -٤٤ ]، ولو قيل : لا مانع من إرادة المعنيين لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب، لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيداً، ويشير إليه قوله تعالى :﴿ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ﴾ [ الذاريات : ٤٤ ].


فالعتو هو الطغيان في الفعل، والصاعقة هي الصيحة الشديدة، وقد ربط بينهما بالفاء.
قوله تعالى :﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ﴾.
تقدم للشيخ رحمة تعالى علينا وعليه، بيان ذلك عند قوله تعالى } فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } [ فصلت : ١٦ ] المتقدم في فصلت، وفي هذا التفصيل لكيفية إهلاك عاد وثمود بيان لما أجمل في سورة الفجر، في قوله تعالى :﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ [ الفجر : ١٣ ].
قوله تعالى :﴿ وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ﴾. المؤتفكات : المنقلبات، وهي قرى قوم لوط.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه تفصيل ذلك عند قوله تعالى في هود ﴿ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ﴾ [ هود : ٨٢ ] الآية.
وفي النجم عند قوله تعالى :﴿ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ﴾ [ النجم : ٥٣ ].
تنبيه
نص تعالى هنا أن فرعون ومن قبله، والمؤتفكات جاءوا بالخاطئة وهي :﴿ فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ ﴾ [ الحاقة : ١٠ ]، وكذلك عاد وثمود كذبوا بالقارعة. فالجميع اشترك في الخاطئة، وهي عصيان الرسول ﴿ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ﴾ [ المزمل : ١٦ ]، ولكنه قد أخذهم أخذة رابية.
ونوع في أخذهم ذلك : فأغرق فرعون وقوم نوح، وأخذ ثمود بالصيحة، وعاداً بريح، وقوم لوط بقلب قراهم، كما أخذ جيش أبرهة بطير أبابيل، فهل في ذلك مناسبة بين كل أمة وعقوبتها، أم أنه للتنويع في العقوبة لبيان قدرته تعالى وتنكيله بالعصاة لرسل الله.
الواقع أن أي نوع من العقوبة فيه آية على القدرة، وفيه تنكيل بمن وقع بهم، ولكن تخصيص كل أمة بما وقع عليها يثير تساؤلاً، ولعل مما يشير إليه القرآن إشارة خفيفة هو الآتي :
أما فرعون فقد كان يقول :﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ﴾ [ الزخرف : ٥١ ]، فلما كان يتطاول بها جعل الله هلاكه فيها أي في جنسها.
وأما قوم نوح فلما يئس منهم بعد ألف سنة إلا خمسين عاماً، وأصبحوا لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً، فلزم تطهير الأرض منهم، ولا يصلح لذلك إلا الطوفان.
وأما ثمود فأخذوا بالصيحة الطاغية، لأنهم نادوا صاحبهم فتعاطى فعقر، فلما كان نداؤهم صاحبهم سبباً في عقر الناقة كان هلاكهم بالصيحة الطاغية.
وأما عاد فلطغيانهم بقوتهم، كما قال تعالى فيهم :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ ﴾ [ الفجر : ٦ -٨ ]، وسواء عماد بيوتهم وقصورهم، فهو كناية عن طول أجسامهم ووفرة أموالهم وتوافر القوة عندهم، فأخذوا بالريح وهو أرق وألطف ما يكون، مما لم يكونوا يتوقعون منه أية مضرة ولا شدة.
وكذلك جيش أبرهة لما جاء مدل بعدده وعدته، وجاء معه بالفيل أقوى الحيوانات، سلط الله عليه أضعف المخلوقات والطيور ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾ [ الفيل : ٣ -٤ ].
أما قوم لوط فلكونهم قلبوا الأوضاع بإتيان الذكور دون الإناث، فكان الجزاء من جنس العمل، قلب الله عليهم قراهم. والعلم عند الله تعالى.
ولا شك أن في ذلك كله تخويف لقريش.
قوله تعالى :﴿ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾.
تقدم بيانه للشيخ رحمه الله في سورة الكهف عند قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ ﴾ [ الكهف : ٤٧ ].
قوله تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَي مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾.
تقدم بيانه للشيخ رحمة الله عند قوله تعالى :﴿ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا ﴾ الكهف : ٤٩ ].
قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾.
تقدم للشيخ رحمه الله بيان قضية أخذ الكتب وحقيقتها، عند قوله تعالى :﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ ﴾ [ الكهف : ٤٩ ] في سورة الكهف.
وكذلك بحثها في كتابه دفع إيهام الاضطراب، وبيان القسم الثالث من وراء ظهره، وفي هذا التفصيل في حق الكتاب والكتابة وتسجيل الأعمال وإيتائها بنصوص صريحة واضحة، كقوله تعالى :﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
وقولهم صراحة :﴿ يا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
وقوله :﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ ق : ١٨ ].
وقوله :﴿ اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [ الإسراء : ١٤ ]، فهو كتاب مكتوب ينشر يوم القيامة يقرؤه كل إنسان بنفسه مما يرد قول من يجعل أخذ الكتاب باليمين أو الشمال كناية عن اليمين والشؤم. وهذا في الواقع إنما هو من شؤم التأويل الفاسد وبدون دليل عليه، والمسمى عند الأصوليين باللعب. نسأل الله السلامة والعافية.
قوله تعالى :﴿ إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ ﴾.
والظن واسطة بين الشك والعلم، وقد يكون بمعنى العلم إذا وجدت القرائن، وتقدم للشيخ بيانه عند قوله تعالى :﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا ﴾ [ الكهف : ٥٣ ] أي علموا بقرينة.
قوله :﴿ وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ [ الكهف : ٥٣ ]، وهو هنا بمعنى العلم، لأن العقائد لا يصلح فيها الظن، ولا بد فيها من العلم والجزم.
وقد دل القرآن على أن الظن قد يكون بمعنى العلم، بمفهوم قوله تعالى :﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾، فمفهومه أن بعضه ليس إثماً، فيكون حقاً، وكذلك قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ ﴾.
قوله تعالى :﴿ مَآ أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ﴾.
قيل : فيما إنها استفهامية بمعنى أي شيء أغنى عني ماليه، والجواب لا شيء، وقيل : نافية، أي لم يغن عني ماليه شيئاً في هذا اليوم، ويشهد لهذا المعنى الثاني قوله تعالى :﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ ﴾ [ الشعراء : ٨٨ ].
وقوله :﴿ مَآ أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [ المسد : ٢ ].
وتقدم للشيخ رحمة الله علينا وعليه في سورة الكهف على قوله تعالى :﴿ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي ﴾ [ الكهف : ٣٦ ].
وفي سورة الزخرف عند قوله تعالى :﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا ﴾ [ الزخرف : ٣٣ ] الآية.
قوله تعالى :﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾.
أي لا سلطان ولا جاه ولا سلطة لأحد في ذلك اليوم، كما في قوله تعالى :﴿ وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ صَفَا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الكهف : ٤٨ ] حفاة عراة.
وقوله :﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾ [ الأنعام : ٩٤ ].
قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾.
فيه عطف عدم الحض على طعام المسكين، على عدم الإيمان بالله العظيم، مما يشير إلى أن الكافر يعذب على الفروع.
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث هذه المسألة في أول سورة فصلت عند قوله تعالى :﴿ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزكاة ﴾ [ فصلت : ٦ ]، وكنت سمعت منه رحمة الله تعالى علينا وعليه قوله : كما أن الإيمان يزيد بالطاعة، والمؤمن يثاب على إيمانه وعلى طاعته، فكذلك الكفر يزداد بالمعاصي. ويجازى الكافر على كفره وعلى عصيانه، كما في قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ﴾ [ النحل : ٨٨ ].
فعذاب على الكفر وعذاب على الإفساد، ومما يدل لزيادة الكفر، قوله تعالى :﴿ إِنّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ﴾ [ آل عمران : ٩٠ ]، وتقدم للشيخ رحمه الله مبحث زيادة العذاب عند آية النحل.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٣:قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾.
فيه عطف عدم الحض على طعام المسكين، على عدم الإيمان بالله العظيم، مما يشير إلى أن الكافر يعذب على الفروع.
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث هذه المسألة في أول سورة فصلت عند قوله تعالى :﴿ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزكاة ﴾ [ فصلت : ٦ ]، وكنت سمعت منه رحمة الله تعالى علينا وعليه قوله : كما أن الإيمان يزيد بالطاعة، والمؤمن يثاب على إيمانه وعلى طاعته، فكذلك الكفر يزداد بالمعاصي. ويجازى الكافر على كفره وعلى عصيانه، كما في قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ﴾ [ النحل : ٨٨ ].
فعذاب على الكفر وعذاب على الإفساد، ومما يدل لزيادة الكفر، قوله تعالى :﴿ إِنّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ﴾ [ آل عمران : ٩٠ ]، وتقدم للشيخ رحمه الله مبحث زيادة العذاب عند آية النحل.

قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾.
إضافة القول إلى الرسول الكريم على سبيل التبليغ.
كما جاء بعدها، قوله ﴿ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ الحاقة : ٤٣ ] والرسول يحتمل النَّبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل جبريل، وقد جاء في حق جبريل. قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [ التكوير : ١٩ -٢١ ].
وهنا المراد به الرسول صلى الله عليه وسلم بقرنية. قوله تعالى :﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ﴾ [ الحاقة : ٤١ ] وما عطف عليه لأن من اتهم بذلك هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فنفاه ذلك عنه، فيكون في ذل كله إثبات الصفة الكريمة لسند القرآن من محمد عن جبريل عن الله، وقد أشار لذلك في الآية الأولى في قوله ﴿ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾ [ التكوير : ٢١- ٢٢ ].
فأثبت السلامة والعدالة لرسل الله في تبليغ كلام الله، وفي هذا رد على قريش ما اتهمت به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفيه أيضاً الرد على الرافضة دعواهم التغيير أو النقص في القرآن.
قوله تعالى :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه وبيان هذا المعنى وهو على ظاهره عند الكلام على قوله تعالى :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ﴾ [ الأحقاف : ٨ ]، وهو على سبيل الافتراض بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقد استبعد أبو حيان أن يكون الضمير في تقول راجع إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم لاستحالة وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم.
وقال : إنها قرئت بالمبني للمجهول ورفع بعض، وقال : وعلى قراءة الجمهور يكون فاعل تقول مقدر تقديره : ولو تقول علينا متقول، وقد ذكر تلك القراءة كل من القرطبي والكشاف، ولكن لم يذكرها ابن كثير ولا الطبري ولا النيسابوري ممن يعنون بالقراءات، مما يجعل في صحتها نظراً، فلو صحت لكانت موجهة ولكن ما استبعده أبو حيان ومنعه بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم هو في الواقع صحيح، ولكن على سبيل الافتراض فليس ممنوعاً، وقد جاء الافتراض في القرآن فيما هو أعظم من ذلك.
كما في قوله تعالى ﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ [ الزخرف : ٨١ ] وقوله :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] والنص الصريح في الموضوع ما قاله الشيخ : في قوله تعالى ﴿ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ﴾.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾.
في هذا نفي كل باطل من شعر أو كهانة أو غيرها، ولكل نقص أو زيادة.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان إضافة الحق لليقين، ومعنى التسبيح باسم ربك عند آخر سورة الواقعة، وحق اليقين هو منتهى العلم، إذ اليقين ثلاث درجات :
الأولى : علم اليقين.
والثانية : عين اليقين.
والثالثة : حق اليقين كما في التكاثر ﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ [ التكاثر : ٥ -٧ ] فهاتان درجتان، والثالثة إذا دخلوها كان حق اليقين، ومثله في الدنيا العلم بوجود الكعبة والتوجه إليها في الصلاة، ثم رؤيتها عين اليقين ثم بالدخول فيها يكون حق اليقين، وكما نسبح الله وهو تنزيهه، فكذلك ننزه كلامه، لأنه صفة من صفاته.
Icon