ﰡ
وقوله: فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [٧٨] من ضيق.
وقوله: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ) نصبتها عَلَى: وسَّع عَليكم كملَّة أبيكم إِبْرَاهِيم لأن قوله (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يقول: وسّعه وسمَّحه كملة إِبْرَاهِيم، فإذا ألقيت الكاف نصبت. وقد تنصب (مِلَّة إِبْرَاهِيمَ) عَلَى الأمر بِهَا لأن أول الكلام أمر كأنه «١» قَالَ: اركعوا والزموا مِلّة إِبْرَاهِيم.
وقوله: (مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا) يعنى القرآن.
ومن سورة المؤمنين
قوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [٥] إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ [٦] المعنى: إِلَّا من أزواجهم اللاتي أَحَلَّ الله لهم من الأربع لا تجاوز «٢».
وقوله: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (ما) فِي موضع خفض. يقول: لَيْسَ عليهم فِي الإماء وقت «٣»، ينكحون ما شاءوا. فذلك قوله: حفظوا فروجهم إلا من هذين (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) فيه. يقول: غير مذنبين.
وقوله: الْفِرْدَوْسَ [١١] قَالَ الكلبي: هُوَ البستان بلغة الروم. قَالَ الفراء: وهو عربي أيضًا.
العرب «٤» تسمي البستان الفردوس. وقوله: [من سلالة] [١٢] والسّلالة التي تسلّ من كلّ تربة.
(٢) ش: «تجاوزوا».
(٣) أي حد. يقال: وقت الشيء إذا بين حده ومقداره.
(٤) ش: «والعرب».
وقوله: (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) يذهب إلى الْإِنْسَان وإن شئت: إلى العظم والنطفة»
والعصب، تجعله كالشيء الواحد.
وقوله: بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ [١٥] تقرأ (لَمَيِّتُونَ) و (لمائتون «٤» ) وميّتون أكثر، والعرب تَقُولُ لمن لم يَمت: إنك ميّت «٥» عَن قليل ومائت. ولا يقولونَ للميت الَّذِي قد مات، هَذَا مائت إنما يقال فِي الاستقبال، ولا يجاوز بِهِ الاستقبال. وكذلك يُقال: هَذَا سيد قومه اليوم، فإذا أخبرت أَنَّهُ يكون سيدهم عَن قليل قلت: هَذَا سائد قومه عَن قليل وسيد. وكذلك الطمع، تَقُولُ: هُوَ طامع فيما قِبلك غدًا. فإذا ١٢٣ ب وصفته بالطمع قلت: هُوَ طمع. وكذلك الشريف تقول: إنه لشريف قومه «٦»، وهو شارف عن قليل. وهذا الباب كله فِي العربية عَلَى ما وصفت لك «٧».
وقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ [١٧] يعني السموات كل سماء طريقة (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) عما خلقنا (غافِلِينَ) يقول: كنا لَهُ حافظين.
وقوله: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ [٢٠] وهى شجرة الزيتون (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) وقرأ الْحَسَن (تُنْبِتُ بالدهنِ) وهما لغتانِ يُقال نبتت وأنبتت كقول زهير:
(٢) فى الطبري: «خلقنا».
(٣) أخذت فى اعن (العصب).
(٤) هى قراءة زيد بن على وابن أبى عبلة وابن محيصن كما فى البحر ٦/ ٣٩٩
(٥) أخرى في اعن (مائت).
(٦) ا: «القوم».
(٧) سقط فى ث، ب. [.....]
رأيتُ ذوي الحاجات حول بيوتهم | قَطِينًا لَهم حَتَّى إِذَا أنبت البقلُ «١» |
(وهو «٥» أجود) وَفِي قراءة عبد الله (تُخْرجُ الدهن).
وقوله: (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) يقول: (الآكلون يصطبغون «٦» بالزيت. ولو كَانَ (وصِبْغًا) عَلَى (وَصِبْغًا أنبتناه) فيكون. بِمنزلة قوله (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً «٧» ). وَذَلِكَ أن الصبغ هُوَ الزيت بعينه. ولو كَانَ خلافه لكان خفضًا لا يجوز غيره. فمن ذَلِكَ أن تَقُولَ: مررت بعبد الله ورجلًا ما شئت من رجل، إِذَا جعلت الرجل من صفة عبد الله نصبته. وإن كَانَ خلافه خفضته لأنك تريد: مررت بعبد الله وآخر.
وقرأ أهلُ «٨» الحجاز (سِيناء) بكسر السّين والمدّ، وقرأ عاصم وغيره (سيناء) ممدودة مفتوحة السِّين. والشجرة منصوبة بالرد عَلَى الجنات، ولو كانت مرفوعة إذ لَمْ يصحبها الفعل كَانَ صَوَابًا، كمن قرأ (وَحُورٌ عِينٌ «٩» ) أنشدنى بعضهم:
إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت | وقال كرام المال فى السنة الأكل |
(٢) هذه رواية فى البيت وقد سقط هذا فى ش.
(٣) هم نافع وابن كثير وأبو جعفر.
(٤) الآية ٦٥ سورة الحجر.
(٥) سقط فى ش، ب.
(٦) أي يتخذونه إداما. والصبغ: الإدام المائع كالخل والزيت.
(٧) الآيتان ٦، ٧ سورة الصافات.
(٨) هم نافع وابن كثير وأبو جعفر. وقرأ بالكسر أيضا أبو عمرو البصري.
(٩) الآية ٢٢ سورة الواقعة. يريد المؤلف أن التقدير: ولهم حور عين. وهو وجه فى الآية. والرفع قراءة حمزة والكسائي وأبى جعفر. وقرأ الباقون بالجر.
ومن يأت مَمْشَانا يصادِف غنيمةً | سِوَارًا وخَلخالا وبُرْدً مُفَوَّفِ «١» |
هزئت حُمَيدة أن رأت بي رُتّة | وفمًا بِهِ قَصَم وجلدٌ أسودُ «٢» |
وقوله: جِنَّةٌ [٢٥] هُوَ الجنون. وقد يقال للجن الْجِنَّة، فيتفق الاسم والمصدر.
وقوله (فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) لَمْ يُرَد بالحين حين موَقّت. وهو فِي المعنى كقولك. دعه إلى يوم «٤» ولم ترد: إلى يوم معلوم واحدٍ من ذي «٥» قَبل: ولا إلى مقدار يوم معلوم. إنما هُوَ كقولك إلى يوم ما.
وقوله: وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ [٣٣] المعنى مما تشربون منه. وجاز حذف (منه) لأنك تَقُولُ: شربت من مائك «٦». فصارت (ما تشربون) بمنزلة شرابكم. ولو حذفت (من «٧» ) (تأكلون) «منه» كَانَ صوابًا.
وقوله: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ [٣٥] أعيدت (أنكم) مرتين ومعناهما «٨» واحد. إلا أن ذَلِكَ حَسن لَمَّا فرقت بين (أنكم) وبين خبرها بإذا. وهي فِي قراءة عبد الله (أيعدكم إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) وكذلك تفعل «٩» بكل اسم أوقعت عَلَيْهِ (أنّ) بالظن وأخوات الظن، ثُمَّ اعترض عَلَيْهِ الجزاء دون خبره. فإن
(٢) الرتة: حبسة فى اللسان. وعن المبرد: هى كالريح تمنع الكلام فاذا جاء شىء منه اتصل كما فى المصباح. والقصم:
انكار السن. يقال: رجل أقصم الثنية إذا كان منكسرها من النصف.
(٣) ش. «جلدى».
(٤) سقط فى ا.
(٥) افيما يستانف ويجىء من الأيام. [.....]
(٦) ا: «شرابك».
(٧) ش، ب: «منه مما تأكلون»
(٨) ا: «معناها».
(٩) ا: «فافعل».
وقوله: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ [٣٦] لو لَمْ تكن فِي (ما) اللام كَانَ صوابًا. ودخول اللام عربي. ومثله فِي الكلام هَيْهَات لك، وهيهات أنت مِنّا، وهيهات لأرضك.
قَالَ الشاعر «٢» :
فأيْهات أيهات العقِيقُ ومَن بِهِ | وأيهات وصل بالعقيق نُواصله |
فإذا وقفت عَلَى هيهات وقفت بالتاء «٤» فِي كلتيهما لأن من العرب من يخفض التاء، فدل ذَلِكَ عَلَى أنها ليست بِهَاء التأنيث «٥» فصارت بمنزلة دراك «٦» ونظار. ومنهم من يقف عَلَى الْهَاء لأن من شأنه نصبها فيجعلها كالهاء. والنصب الَّذِي فيهما «٧» أنهما أداتان جُمِعتا فصارتا بمنزلة خمسة عشر. وإن
(٢) أي جرير. وأيهات لغة فى هيهات. وقوله: «وصل» فى ا: «حبا» وكأنه مصحف عن «حب» أي: أي محبوب. وانظر ديوانه طبعة بيروت ٣٨٥
(٣) آخر فى اعن «أهله»
(٤) ا: «على التاء»
(٥) ا: «تأنيث»
(٦) دراك اسم فعل أمر بمعنى أدرك، ونظار كذلك اسم فعل أمر بمعنى انتظر
(٧) أي فى هيهات هيهات. وفى ا: «فيها»
ماويّ بَلْ رُبَّتما غارةٍ | شَعْوَاءَ كاللذْعة بالميِسَم |
وقوله: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً [٤١] كغُثَاء الوادي يُبَّسًا «٥» بالعذاب.
وقوله: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا [٤٤] أكثر العرب عَلَى ترك التنوين، تنزل بمنزلة تقوى ومنهم من نون فيها وجعلها ألفًا كألف الإعراب، فصارت فِي تغير «٦» واوها بمنزلة التراث والتُجاه. وإن شئت جعلت بالياء منها كأنها أصلية «٧» فتكون بمنزلة المعزَى تنون ولا تنون «٨».
ويكون الوقوف «٩» عليها حينئذ بالياء وإشارة «١٠» إلى الكسر. وإن جعلتها ألف إعراب لَمْ تُشر لأنك لا تشير إلى ألفات الإعراب بالكسر، ولا تَقُولُ رأيت زيدي «١١» ولا عمري.
وقوله: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ [٥٠] الربوة: ما ارتفع من الأرض. وقوله: (ذاتِ قَرارٍ)
(٢) هو ضمرة بن ضمرة النهشلي كما فى شواهد العيني فى مبحث حروف الجر. وماوى مرخم ماوية اسم امرأة.
والغارة الشعواء: الفاشية المتفرقة. والميسم: الأداة يكوى بها
(٣) ا: «فنصبت» [.....]
(٤) فى ا: «وكان الكسائي يختار الوقوف على الهاء، وأنا أختار التاء فى الوقف على هيهات».
(٥) جمع يابس
(٦) يريد أن التاء أصلها واو فأبدلت تاء كما فى تاءى التراث والتجاه أصلهما واو
(٧) أي ملحقة
(٨) إنما يترك التنوين إذا قدرت الألف للتأنيث ولم تجعل كالأصلية.
(٩) ا: «الوقف»
(١٠) يريد الإماتة
(١١) كتبت الألف فيهما ياء للامالة كما يكتب الفتى والندى. ورسما فى ا: «زيدا وعمرا» وكتب فوق كل «منهما: بمال»
واهية أو معين مَعْنٍ... أو هضبة دونَها لُهُوب «٢»
وقوله: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [٥١] أراد النَّبِيّ «٣» فجمع كما يُقال فِي الكلام للرجل الواحد: أيّها ١٢٤ ب القوم كفوا عنا أذاكم. ومثله (الَّذِينَ «٤» قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) الناس واحد (معروف كَانَ «٥» رجلًا من أشجع يقال له نعيم ابن مسعود).
وقوله: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ [٥٢] قرأها عَاصِم «٦» والأعمش بالكسر عَلَى الائتناف «٧».
وقرأها أهل الحجاز والحسن (وأنّ هَذِه أمتكم) والفتحُ على قوله (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وعليم «٨» بأن هَذِه أمتكم. فموضعها خفض لأنها مردودة عَلَى (مَا) وإن شئت كانت منصوبة بفعل مضمر كأنك قلت: واعلم هَذَا.
وقوله: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [٥٣] : فرَّقوه. تفرقوا يهود ونصارى. ومن قَالَ (زُبُراً)
(٢) من معلقته. وقبله فى وصف دمعه:
عيناك دمعاهما سروب... كأن شأنيهما شعيب
وسروب: جار.. والشأن: مجرى الدمع. والشعيب: القربة المنشقة، فقوله: «واهية» وصف «شعيب» واللهوب جمع لهب وهو مهواة ما بين الجبلين. يشبه مجارى دمعه بقربة واهية منشقة أو ماء حار أو ماء هضبة عالية ودونها مهاو ومهابط
(٣) فى الطبري أنه عيسى عليه السلام
(٤) الآية ١٧٣ سورة آل عمران
(٥) فى ا: «وهو نعيم بن مسعود كان رجلا من أشجع» :
(٦) وكذلك حمزة والكسائي وخلف [.....]
(٧) ا: «الاستئناف»
(٨) سقط فى ا
وقوله: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حتّى حين) : فِي جهالتهم.
وقوله: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ [٥٥] (ما) فِي موضع الَّذِي، وليست بحرف واحد.
وقوله: نُسارِعُ لَهُمْ [٥٦] يقول: أيحسبون أن ما نعطيهم فى هَذِه الدُّنْيَا من الأموال والبنين أنا جعلناهُ لَهُم ثوابًا. ثُمَّ قَالَ (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) أنما هُوَ استدراج منا لهم:
وقوله: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا [٦٠] الفراء عَلَى رفع الياء ومد الألف فِي (آتَوْا) حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي مِنْدَلٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَرَأَتْ أَوْ قَالَتْ مَا كُنَّا نَقْرَأُ إِلا (يَأْتُونَ مَا أَتَوْا) وَكَانُوا أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ تَوْجَلَ قُلُوبُهُمْ.
قَالَ الْفَرَّاءُ يَعْنِي بِهِ الزَّكَاةَ تَقُولُ: فَكَانُوا أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يُؤْتُوا زَكَاتَهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ.
وقوله (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ) : وَجِلَةٌ «٣» من أنهم. فإذا ألقيت (مِن) نصبت. وكل شيء فِي القرآن حذفت منه خافضًا فإن الْكِسَائي كَانَ يقول: هُوَ خفض عَلَى حَالِهِ. وقد فسرنا أَنَّهُ نصب إِذَا فُقِدَ الخافض.
وقوله: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ [٦١] يبادرون بالأعمال (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) يقول:
إليها سابقون. وقد يقال (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) أي سبقت لهم السّعادة.
(٢) أي كلاهما جمع زبرة بمعنى قطعة
(٣) يريد أن الكلام على تقدير من داخلة على (أنهم)
وقوله: يَجْأَرُونَ [٦٤] : يضجّون. وهو الْجُؤار.
وقوله: عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ [٦٦] وَفِي قراءة عبد الله (عَلَى أدباركم تنكصُون) يقول:
ترجعون وهو النكوص.
وقوله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ [٦٧] «١» (الْهَاء للبيت العتيق) تقولون: نحن أهله، وإذا كَانَ الليل وسمرتم هجرتم القرآن والنبي فهذا من الْهِجران، أي تتركونه وترفضونه. وقرأ ابن عباس «٢» (تَهْجُرُونَ) من أهجرت. والهُجْر أنهم كانوا يسبّون النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَلَوا حول البيت ليلًا. وإن «٣» قرأ قارئ (تَهْجُرُونَ) يجعله كالهَذَيان، يقال: قد هَجَرَ الرجل فِي منامه إِذَا هذى، أي إنكم تقولون فِيهِ ما لَيْسَ فِيهِ ولا يضره فهو كالهذيان.
وقوله: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ [٦٩] أي نسب رسولهم.
وقوله: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ [٧١] يقال: إن الحق هُوَ الله. ويُقال: إنه التنزيل، لو نزل بما يريدون (لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ) قال الكلبىّ (وَمَنْ فِيهِنَّ) من خَلْق. وَفِي قراءة عبد الله (لفسدت السّماوات والأرض وما بينهما) وقد يجوز فِي العربية أن يكون ما فيهما ما بينهما ١٢٥ الآن السماء كالسقف عَلَى الأرض، وأنت قائل: فِي البيت كذا وكذا، وبين أرضه وسمائه كذا وكذا، فلذلك جازَ أن تُجعل الأرض والسماء كالبيت.
وقوله (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) : بشرفهم.
(٢) وهى قراءة نافع، وافقه ابن محيصن
(٣) جواب الشرط محذوف أي كان مصيبا، مثلا.
وقوله: لَناكِبُونَ [٧٤] يقول: لَمُعْرِضُون عَن الدين. والصراط هاهنا الدين.
وقوله: وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [٨٠] يقول: هُوَ الَّذِي جعلهما مختلفين، كما تَقُولُ فِي الكلام:
لك الأجر والصلة أي إنك تؤجَر «٢» وتصل.
وقوله: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [٨٤] (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [٨٥] هَذِه «٣» لا مسألة «٤» فيها لأنه قد استفهم بلام فرجعت فِي خبر المستفهم. وأما الأخريان «٥» فإن أهل المدينة وعامة أهل الكوفة يقرءونها (لِلَّهِ)، (لله) وهما فِي قراءة أبي كذلك (لِله) (لِلَّهِ) (لله) ثلاثهنَّ. وأهل «٦» البصرة يقرءونَ الأخريين (اللهُ) (اللهُ) وهو فِي العربية أبين لأنه مردود مرفوع ألا ترى
[أن] قوله: (قُلْ مَنْ رَبُّ «٧» السَّماواتِ) مرفوع لا خفض فِيهِ، فجرى جوابه عَلَى مبتدأ بِهِ.
وكذلك هي فِي قراءة عبد الله (لِلَّهِ) (الله). والعلة فِي إدخال اللام فِي الأخريين فِي قول أبيّ وأصحابه أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟ فقال: أنا لفلان، كفاك من أن يقول: مولاي فلان. فلما كَانَ المعنيان واحدًا أُجري ذَلِكَ فِي كلامهم. أنشدني بعض بني عَامِر:
وأعلمُ أنني سأكون رمسًا | إِذَا سار النواجع لا يسير «٨» |
الرمس)
فقال السائلونَ لمن حفرتم... فقال المخبرون لهم: وزير
(٢) كذا وقد يكون: «تأجر»
(٣) ا: «هذا»
(٤) يريد أن الكلام جاء على مقتضى الظاهر فلا يقال فيه: لم أي هكذا؟
(٥) يريد قوله تعالى: «سيقولون لله قل أفلا تتقون» وقوله: «سيقولون لله قل فأنى تسحرون»
(٦) الذي قرأ كذلك أبو عمرو ويعقوب البصريان [.....]
(٧) الآية ٨٦ سورة آل عمران
(٨) الرمس: القبر يريد: سأكون ملازم رمس. والنواجع يريد الفرق النواجع. وهم الذين يطلبون الكلأ ومساقط الغيث، يقال فى ذلك: نجع الأرض وأنجعها. وفى الطبري: «النواعج» والنواعج من الإبل: البيض الكريمة
(٩) سقط فى ش. وهو يعنى الضمير فى (يسير) أنه الرمس.
وقوله: فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [٨٩] : تصرفون. ومثله تؤفكون. أُفِك وسُحر وصُرف سَوَاء.
وقوله: وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ [٩١] إِذًا جواب لكلام مضمر. أي لو كانت معه آلهة (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) يقول: لاعتزل كل إله بخلقه، (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ) يقول:
لبغى بعضهم عَلَى بعض ولغلب بعضهم بعضا.
وقوله: عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ [٩٢] وجه الكلام الرفع «١» عَلَى الاستئناف. الدليل عَلَى ذَلِكَ دخول الفاء فِي قوله (فَتَعالى) ولو خفضت لكان وجه الكلام أن يكون (وتَعالى) بالواو لأنه إِذَا خفض فإنما أراد: سُبْحان الله عالم الغيب والشهادة وتعالى. فدلّ دخول الفاء أَنَّهُ أراد: هُوَ عالم الغيب والشهادة فتعالى ألا ترى أنك تَقُولُ: مررتُ بعبد الله المحسن وأحسنت إِلَيْهِ. ولو رفعت (المحسن) لَمْ يكن بالواو لأنك تريد: هُوَ المحسن فأحسنت إِلَيْهِ. وقد يكون الخفض فِي (عالم) تُتبعه ما قبله «٢» وإن كَانَ بالفاء لأن العرب قد تستأنف بالفاء كما يستأنفونَ بالواو.
وقوله: رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي [٩٤] هَذِه الفاء جواب للجزاء لقوله (إِمَّا تُرِيَنِّي) اعترض النداء بينهما كما: تَقُولُ إن تأتني يا زيد فعجِّل. ولو لَمْ يكن قبله جزاء لَمْ يجز أن تَقُولَ: يا زيد فقم، ولا أن تَقُولُ يا رب فاغفر لي لأن النداء مستأنف، وكذلك الأمرُ بعده مستأنف لا تدخله الفاء ولا الواو.
لا تَقُولُ: يا قوم فقوموا، إلا أن يكون جوابًا لكلام قبله، كقول قائل: قد أقيمت الصلاة، فتقول: يا هَؤُلَاءِ فقوموا. فهذا جَوازه.
وقوله: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [٩٩] فجعل الفعل كأنه لجميع «٣» وإنما دعا ربه. فهذا ممّا جرى على
(٢) ا: «مما»
(٣) ا: «لجمع»
وقوله: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ [١٠٠] البرزخ من يوم يَموت إلى يوم يبعث. وقوله (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) يقول حاجزًا. والحاجز والمهلة متقاربان فِي المعنى، وَذَلِكَ أنك تَقُولُ: بينهما حاجز أن يتزاورا، فتنوي بالحاجز المسافة البعيدة، وتنوي الأمر المانع، مثل اليمين والعداوة. فصار المانع فِي المسافة كالمانع فِي الحوادث، فوقع عليهما البرزخ.
وقوله: قالُوا رَبَّنا «٢» غَلَبَتْ عَلَيْنا شقاوتُنا [١٠٦] حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (وَقَيْسٌ «٣» ) عن أبى إسحاق، وزهير ابن مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ (شَقَاوَتِنَا «٤» ) بِأَلِفٍ وَفَتْحِ الشِّينِ. قيل للفراء أأخبرك زهير؟ فقال:
يا هَؤُلَاءِ إني لَمْ أسمع «٥» من زهير شيئًا. وقرأ أهل المدينة وَعَاصِم (شِقْوَتُنا) وهي كثيرة.
أنشدني أَبُو ثرْوان:
كُلِّف من عَنائه وشِقْوته | بنتَ ثمانِي عَشْرَةٍ من حِجَّتِه «٦» |
(٢) الآية ١٠٦ سورة المؤمنون
(٣) ا: «قال الفراء: وحدثنا قيس». وهذه أسانيد عن أبى إسحاق. والظاهر أنه السبيحى عمرو بن عبد الله من التابعين. وكانت وفاته سنة ١٢٧ كما فى الخلاصة
(٤) هذه قراءة حمزة والكسائي وخلف وافقهم الحسن والأعمش. والباقون (شِقْوَتُنا) بكسر الشين وإسكان القاف بلا ألف
(٥) كانه يستجيز فى (حدثنى) أن يكون الحديث بالواسطة
(٦) يرد هذا الرجز فى كتب النحو فى مبحث العدد. وفي العيني أنه قيل إن قائله نفيع بن طارق. وقوله. «من حجته» ففى كتابة يس على التصريح ما يفيد أن المراد: فى حجته أي أنه علقها حين كان فى الحج