تفسير سورة الحجرات

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة الحجرات من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ يَا أَيُّهَا الذَّيِن آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُوِلهِ ﴾ تقول العرب : فلان يقدِّم بين يدي الإمام وبين يدي أبيه يعجل بالأمر والنهى دونه.
﴿ أَولِئَك الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّهُ قلوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ﴾ من المحنة امتحنه اصطفاه.
﴿ إنَّ الَّذِينَ يُنَادُوَنكَ مِنْ وَرَاءِ الُحْجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلون ﴾ واحدتها حجرة قال :
أَمَا كان عبَّاد كفّياً لِدارهم بلى ولأبياتٍ بها الحجراتُ
يقول بلى ولبنى هاشم والذين نادوه صلى الله عليه وسلم من بني تميم وفي قراءة عبد الله بن مسعود : " وأكثرهم بنو تميم لا يعقلون ".
﴿ حَتَّى تَفِيَء إلَى أَمْرِ اللهِ ﴾ ترجع.
﴿ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّنْ قَوْمٍ ﴾ جزم لأنه نهىٌ.
﴿ وَلاَ تَلْمِزوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي لا تعيبوا أنفسكم، و ﴿ يَلمِزُكَ فيِ الصَّدَقَاتِ ﴾ يعيبك ﴿ بِالأَلْقَابِ ﴾ والأنباز واحد.
﴿ وَلاَ تَجَسَّسُوا ﴾ وتجسسوا سواء والتجسس التبحث يقال رجل جاسوس وقال رؤبة :
لاَ تمكن الخَنَّاعَة الناموسا *** وتَحصِب اللعَّابَة الجاسوسا
حصْبَ الغُواتِ العَوْمَجَ المنسوسا ***...
الجاسوس والناموس واحد العومج : الحية والمنسوس المسيل وإنما سميت عومجاً لأنها تعمج أي تجيء على غير قصد ويقال :: تعمج السيل قال العجاج :
تدافُعَ السِّيل إذا تعمّجا ***...
﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ ﴾ يقال : من أي شعب أنت ؟ فيقول من مضر بن ربيعة، والقبائل دون ذلك قال ابن أحمر :
مِن شعَبْ هَمْدَانَ أَو سَعْد العشيرة أو خولان أَو مَذحِجٍ هاجوا له طَرَباً
وقال الكميت بن زيد الأسدي :
جمعتَ نِزاراً وهْي شتّى شعوبها كما جمْعت كفٌّ إليها الأباخسا
﴿ لِتَعَارَفُوا ﴾ من الآية الأولى ثم ابتدأت ﴿ إنَّ أَكْرَمَكمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكمْ ﴾ ولو عملت لقلت أن أكرمكم عند الله.
﴿ لاَ يَأْلِتْكِم مِنْ أَعْمالِكْم شَيْئاً ﴾ أي لا ينقصكم لا يحبس وهو من ألت يألت وقوم يقولون : لات يليت وقال رؤبة :
وليلةٍ ذات نَدى سَرَيتُ ولم يلتني عن سارها لَيْتُ
وبعضهم يقول : ألاتني حقي وألاتني عن وجهي وعن حاجتي أي صرفني عنها قال الحطيئة :
أبلغ سَراة بني كَعْبٍ مُغَلْغلةً جَهْدَ الرسالة لا أَلتاً ولا كَذِبا
﴿ ثمَّ لَمْ يَرتَابُوا ﴾ لم يشكوا.
Icon