( سورة المعارج مكية، وآياتها ٤٤ آية، نزلت بعد سورة الحاقة )
تبدأ السورة بهذا المطلع المتميز، وهو سؤال سأله أحد الكافرين عن يوم القيامة، سؤال تهكم أو استعجال لهذا اليوم.
وفي الإجابة على هذا السؤال وصفت السورة يوم القيامة وألوان الهوان النفسي والحسي الذي يصيب الكافرين فيه، ثم وصفت هلع الإنسان وجزعه، واستثنت المؤمنين الموصولين بالله، فهم في يقين ثابت وأدب كريم.
تنوع أساليب القرآن :
سورة المعارج جولة من جولات المعركة الطويلة الشاقة التي خاضها القرآن في داخل النفس البشرية، وخلال دروبها ومنحنياتها، ورواسبها وركامها، وهي أضخم من المعارك الحربية.
لقد سلك القرآن كل سبيل ليصل إلى نفوس المشركين ويقنع الجاحدين، ويثبّت المؤمنين، ولوّن القرآن في طرق الهداية والدعوة، ومواجهة النفوس الجامحة.
( فتارة يواجهها بما يشبه الطوفان الغامر، من الدلائل الموحية والمؤثرات الجارفة، وتارة يواجهها بما يشبه السياط اللاذعة، وتارة يواجهها بما يشبه المناجاة الحبيبة، والمسارة الودود التي تهفو لها المشاعر وتأنس لها القلوب، وتارة يواجهها بالهول المرعب والصرخة المفزعة التي تفتح الأعين على الخطر الداهم القريب، وتارة يواجهها بالحقيقة في بساطة ونصاعة، وتارة يواجهها بالأمل والرجاء الذي يهتف لها ويناجيها، وتارة يتخيل مساربها ودروبها ومنحنياتها، فيلقى عليها الأضواء الكاشفة... ومئات اللمسات والمؤثرات، يطلع عليها قارئ القرآن الكريم )i وهو يتابع تلك المعركة الطويلة التي قادها القرآن على عادات الجاهلية وركامها حتى انتصر عليها.
وسورة المعارج لون من ألوان البيان القرآني، في تقرير حقيقة الآخرة، وما فيها من جزاء، وموازين هذا الجزاء، وإقرار هذه الحقيقة في النفوس. وتكاد تكون لونا من ألوان السياط اللاذعة، والأضواء الكاشفة التي ساقها القرآن لتفتح عيون المشركين على ما هم فيه من ضلال، وما ينتظرهم من حساب وعقاب.
مع آيات السورة
١- ٥- يسأل المشركونii رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤال استهزاء عن العذاب الذي يخوفهم به، ويجيب الله سبحانه بأنه واقع لا شك في وقوعه، ولا يستطيع أحد دفعه، وهذا العذاب من الله ذي الدرجات العلى، ويأمر الله نبيه بالصبر الجميل الهادئ.
٦- ١٤- كان الكفار ينكرون حقيقة الآخرة، ويرونها بعيدة الوقوع، وقد لقيت منهم معارضة نفسية عميقة، وكانوا يتلقونها بغاية العجب والدهشة والاستغراب.
وقد بينت الآيات أن ذلك اليوم قريب الوقوع، وكل آت قريب، ثم رسمت مشاهد هذا اليوم في مجال الكون وأغوار النفس، وهي مشاهد توحي بالهول الشديد في الكون وفي النفس. وفي يوم القيامة تكون السماء، كالمهل. والمهل : ذوب المعادن الكدر، أي كدردي الزيت. وتكون الجبال. كالعهن : أي كالصوف الواهن المنتفش، ويتمنى الكافر في ذلك اليوم لو يفتدي من العذاب ببنيه، وزوجته وأخيه، وقبيلته وجميع من في الأرض وهي صورة للهول الشديد الذي يصيب الكافر فيتمنى النجاة ولو قدم أعز الناس إليه، ومن كان يفتديهم بنفسه في الحياة.
١٥- ١٨- تردع الآيات هذا الكافر عن تلك الأماني المستحيلة، في الافتداء بالبنين والعشيرة. وتبين للكافر أن ما أمامه هو النار، تتلظى وتتحرق، وتنزع الجلود عن الوجوه والرؤوس نزعا، وهي غول مفزعة تنادي من أعرض عن الحق، وحرص على المال وبخل به، ليدخل فيها.
١٩- ٢١- جبل الإنسان على الهلع فهو قليل الصبر، شديد الحرص، يجزع إذا نزل به الضر والألم، فلا يتصور أن هناك فرجا، ومن ثم يأكله الجزع، ويمزقه الهلع، كما يغلبه الحرص والبخل عند وجود المال والعافية.
٢٢- ٣٥- تستثنى الآيات المصلين، فإنهم يحافظون على صلاتهم، فتمنحهم الصلاة الثبات والاستقرار، وتراهم صابرين في البأساء، شاكرين في النعماء، يخرجون زكاة أموالهم، ويتصدقون على الفقراء، ويصدقون بيوم الجزاء، ويخافون غضب الله وعقابه، ويتسمون بالاستقامة والعفة، وحفظ الفروج عن الحرام، والتمتع بالحلال من الزوجة وملك اليمين، وأداء الشهادة بالحق والعدل، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وأداء سننها وآدابها وخشوعها، تلك الصفات هي صفات هذا الفريق المؤمن الذي يستحق الجنة والتكريم، ويتمتع بالنعيم الحسي والنعيم الروحي : أولئك في جنات مكرمون. ( المعارج : ٣٥ ).
٣٦، ٣٧- تعرض الآيتان مشهدا من مشاهد الدعوة في مكة، والمشركون يسرعون الخطى إلى المكان الذي يكون فيه الرسول يتلو القرآن، ثم يتفرقون حواليه جماعات وفئات، لا ليسمعوا ويهتدوا، ولكن ليستطلعوا ثم يتفرقوا يدبرون الكيد والرد على ما سمعوا.
٣٨- أيطمعون في دخول الجنة وهم على هذا الحال من الإعراض والتكذيب ؟
٣٩- ٤١- لقد خلقوا من ماء مهين، وهم يعلمون أصل خلقتهم، إن الله قادر على أن يخلق خيرا منهم، وهم لا يسبقونه ولا يفوتونه، ولا يهربون من مصيرهم المحتوم.
٤٢، ٤٣- ثم تتجه الآيات في الختام إلى وعيدهم وتهديدهم بيوم الجزاء، يوم يخرجون من القبور مسرعين، كأنما هم ذاهبون إلى نصب يعبدونه، وهم، يوفضون. أي يسرعون.
٤٠- وترسم الآية الأخيرة سماتهم، وتلمح صورة ذليلة عانية، في ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون به، فيستريبون فيه ويشكون.
المعنى الإجمالي للسورة
( بيان جزاء الكافر في استعجال العذاب، وطول القيامة وهولها، وشغل الخلائق في ذلك اليوم المهيب، وتصوير النفس البشرية في السراء والضراء، وبيان محافظة المؤمنين على خصال الخير، وطمع الكفار في غير مطمع، وذل الكافرين يوم القيامة )iii في قوله تعالى : خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون. ( المعارج : ٤٤ ).
أسماء السورة :
من أسماء السورة : سأل سائل لافتتاحها بذلك، والمعارج لقوله تعالى فيها : من الله ذي المعارج.
ﰡ
بسم اله الرحمان الرحيم
﴿ سأل سائل بعذاب واقع ١ للكافرين ليس له دافع ٢ من الله ذي المعارج ٣ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ٤ فاصبر صبرا جميلا ٥ إنهم يرونه بعيدا ٦ ونراه قريبا ٧ يوم تكون السماء كالمهل ٨ وتكون الجبال كالعهن ٩ ولا يسأل حميم حميما ١٠ يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ١١ وصاحبته وأخيه ١٢ وفصيلته التي تؤويه ١٣ ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه ١٤ كلاّ إنها لظى ١٥ نزّاعة للشوى ١٦ تدعوا من أدبر وتولّى ١٧ وجمع فأوعى ١٨* ﴾
المفردات :
سأل سائل : دعا داع.
ليس له دافع : إنه واقع لا محالة، ونازل وحاصل، لا مانع يردّه.
المعارج : واحدها معرج وهو المصعد ( أسانسير )، أي صاحب المصاعد والدرجات التي تصعد فيها الملائكة من سماء إلى سماء.
الروح : جبريل عليه السلام.
تمهيد :
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
التفسير :
١، ٢، ٣، ٤- سأل سائل بعذاب واقع* للكافرين ليس له دافع* من الله ذي المعارج* تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
دعا داع، وطلب كافر من كفار مكة لنفسه ولقومه نزول عذاب واقع لا محالة، والسائل هو النضر ابن الحارث، من صناديد قريش وطواغيتها، لما خوّفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال استهزاء : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ).
فأهلكه الله يوم بدر، ومات شرّ ميتة، ونزلت الآية بذمّه، وهذا العذاب نازل بالكافرين لا محالة، لا يستطيع أحد أن يدفعه أو يمنعه، لأنه من الله الغالب، ولا يغلب الله غالب.
من الله ذي المعارج.
هذا العذاب نازل وصادر من الله تعالى، صاحب المصاعد التي تصعد منها الملائكة وتنزل بأمره ووحيه.
تعرج الملائكة والروح إليه...
تصعد الملائكة وجبريل الأمين من سماء إلى سماء، إلى عرش الرحمان، حيث تهبط أوامره سبحانه وتعالى، ويد القدرة تمسك بزمام هذا الكون، وترفع السماء، وتبسط الأرض، وتسخّر السحاب والفضاء، وتيسّر مصاعد الملائكة إليه ومعها أعمال العباد.
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وفي صلاة الفجر، اقرؤوا إن شئتم قول الله تعالى : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا. ( الإسراء : ٧٨ ). فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم ربّهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : يا ربنا، تركناهم وهم يصلّون، وأتيناهم وهم يصلّون، فاغفر لهم يوم الدّين )iv.
والملائكة عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
أي : ذلك العذاب واقع لهؤلاء الكفار في يوم طويل، يمتد إلى خمسين ألف سنة.
قال ابن عباس : هو يوم القيامة، جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة، ثم يدخلون النار للاستقرار.
والجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى : في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدّون. ( السجدة : ٥ ).
أن القيامة مواقف ومواطن، فيها خمسون موطنا، كل موطن ألف سنة ( وأن هذه المدة الطويلة تخفّ على المؤمن حتى تكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا )v.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
فاصبر صبرا جميلا : الصبر الجميل : هو الذي لا جزع فيه، ولا شكوى لغير الله.
التفسير :
٥- فاصبر صبرا جميلا.
اصبر أيها الرسول على أذى قومك، وتحمل ذلك موقنا بوعد الله تعالى، مع اليقين الكامل بأن الله معك، ولن يتخلى عنك، وقد أمر جميع الأنبياء بالصبر واليقين بالنصر، والصبر الجميل هو ما كان صاحبه متيقنا بثواب الله، راضيا بقضائه وقدره، موقنا بأن يد الله وراء الأحداث، وقد قضت أن يقاوم الكفار رسالات السماء، ويستبعدوا خضوعهم لها، وأن يتحمّل الرسل أعباء الرسالة في ثقة ويقين.
قال تعالى : فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ... ( الأحقاف : ٣٥ ).
وقال تعالى : حتى إذا استيئس الرسل وظنّوا أنهم قد كذّبوا جاءهم نصرنا... ( يوسف : ١١٠ ).
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
٦، ٧- إنهم يرونه بعيدا* ونراه قريبا.
إن هؤلاء الكفار يستبعدون العذاب، ويرونه بعيدا، أو غير نازل بهم، ويتشككون في وقوعه، ونراه نحن قريبا، فهو في قبضتنا وتحت تصرفنا، وما نؤخره إلا لأجل معدود، وكل آت قريب.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
المهل : دردى الزيت، وهو ما يكون في قعر الإناء منه، أي كعكر الزيت.
العهن : الصوف المصبوغ ألوانا.
التفسير :
٨، ٩- يوم تكون السماء كالمهل* وتكون الجبال كالعهن.
نفقد السماء تماسكها، وتنشقّ وتتشقق يوم القيامة، وربما رجعت إلى حالتها الغازية الأولى.
قال تعالى : ويوم تشقّق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا. ( الفرقان : ٢٥، ٢٦ ).
والمهل دردى الزيت، أو الزيت العكر، ولون السماء الآن يميل إلى الخضرة، فيتغيّر لونها ويشبه ما أذيب من النحاس والرصاص والفضة، ويتحوّل لونها من الخضرة إلى الحمرة.
وتكون الجبال كالعهن.
تكون الجبال متناثرة متطايرة في الجوّ، تشبه الصوف المنفوش.
وعن الحسن : تسيّر الجبال مع الرياح، ثم تنهدّ، ثم تصير كالعهن، ثم تنسف فتصير هباء.
وقال الزمخشري في تفسير الكشاف :
المراد بالعهن المنفوش : الصوف المصبوغ ألوانا، لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها، وعرابيب سود، فإذا بسّت وطيّرت في الجوّ أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
الحميم : القريب.
التفسير :
١- ولا يسأل حميم حميما.
لا يسأل صديق صديقه، ولا قريب قريبه عن شأنه، لشغل كل إنسان بنفسه، وذلك لشدّة ما يحيط بهم من الهول والفزع.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
يبصّرونهم : يبصر الأحماء ويرونهم.
يودّ : يتمنى.
المجرم : المذنب.
صاحبته : زوجته.
فصيلته : عشيرته.
تؤويه : تضمّه ويأوي إليها.
التفسير :
١١، ١٢، ١٣، ١٤- يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤويه* ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
أي : يبصر الحميم حميمه، والصديق صديقه، والقريب قريبه، لا يخفى منهم أحد عن أحد، ولا يتساءلون، ولا يكلم بعضهم بعضا من شدة الهول، وانشغال كل إنسان بنفسه.
قال ابن عباس :
يبصرونهم : أي : يعرف بعضهم بعضا، ويتعارفون بينهم، ثم يفرّ بعضهم من بعض.
يود الكافر أن يفدي نفسه من العذاب بأعزّ ما يملك، ويتمنّى أن يقدر أبناءه وزوجته وأخاه وعشيرته التي تؤويه وتضمّه إليها إذا ألمت به ملمّة، ويتمنى أن يقدم أيضا جميع من في الأرض، ليفتدي نفسه من العذاب، فيقدم أعزّ الناس عليه، بل كل من في الأرض رغبة في النجاة من العذاب في ذلك اليوم.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
يبصّرونهم : يبصر الأحماء ويرونهم.
يودّ : يتمنى.
المجرم : المذنب.
صاحبته : زوجته.
فصيلته : عشيرته.
تؤويه : تضمّه ويأوي إليها.
التفسير :
١١، ١٢، ١٣، ١٤- يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤويه* ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
أي : يبصر الحميم حميمه، والصديق صديقه، والقريب قريبه، لا يخفى منهم أحد عن أحد، ولا يتساءلون، ولا يكلم بعضهم بعضا من شدة الهول، وانشغال كل إنسان بنفسه.
قال ابن عباس :
يبصرونهم : أي : يعرف بعضهم بعضا، ويتعارفون بينهم، ثم يفرّ بعضهم من بعض.
يود الكافر أن يفدي نفسه من العذاب بأعزّ ما يملك، ويتمنّى أن يقدر أبناءه وزوجته وأخاه وعشيرته التي تؤويه وتضمّه إليها إذا ألمت به ملمّة، ويتمنى أن يقدم أيضا جميع من في الأرض، ليفتدي نفسه من العذاب، فيقدم أعزّ الناس عليه، بل كل من في الأرض رغبة في النجاة من العذاب في ذلك اليوم.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
يبصّرونهم : يبصر الأحماء ويرونهم.
يودّ : يتمنى.
المجرم : المذنب.
صاحبته : زوجته.
فصيلته : عشيرته.
تؤويه : تضمّه ويأوي إليها.
التفسير :
١١، ١٢، ١٣، ١٤- يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤويه* ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
أي : يبصر الحميم حميمه، والصديق صديقه، والقريب قريبه، لا يخفى منهم أحد عن أحد، ولا يتساءلون، ولا يكلم بعضهم بعضا من شدة الهول، وانشغال كل إنسان بنفسه.
قال ابن عباس :
يبصرونهم : أي : يعرف بعضهم بعضا، ويتعارفون بينهم، ثم يفرّ بعضهم من بعض.
يود الكافر أن يفدي نفسه من العذاب بأعزّ ما يملك، ويتمنّى أن يقدر أبناءه وزوجته وأخاه وعشيرته التي تؤويه وتضمّه إليها إذا ألمت به ملمّة، ويتمنى أن يقدم أيضا جميع من في الأرض، ليفتدي نفسه من العذاب، فيقدم أعزّ الناس عليه، بل كل من في الأرض رغبة في النجاة من العذاب في ذلك اليوم.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
يبصّرونهم : يبصر الأحماء ويرونهم.
يودّ : يتمنى.
المجرم : المذنب.
صاحبته : زوجته.
فصيلته : عشيرته.
تؤويه : تضمّه ويأوي إليها.
التفسير :
١١، ١٢، ١٣، ١٤- يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤويه* ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
أي : يبصر الحميم حميمه، والصديق صديقه، والقريب قريبه، لا يخفى منهم أحد عن أحد، ولا يتساءلون، ولا يكلم بعضهم بعضا من شدة الهول، وانشغال كل إنسان بنفسه.
قال ابن عباس :
يبصرونهم : أي : يعرف بعضهم بعضا، ويتعارفون بينهم، ثم يفرّ بعضهم من بعض.
يود الكافر أن يفدي نفسه من العذاب بأعزّ ما يملك، ويتمنّى أن يقدر أبناءه وزوجته وأخاه وعشيرته التي تؤويه وتضمّه إليها إذا ألمت به ملمّة، ويتمنى أن يقدم أيضا جميع من في الأرض، ليفتدي نفسه من العذاب، فيقدم أعزّ الناس عليه، بل كل من في الأرض رغبة في النجاة من العذاب في ذلك اليوم.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
كلا : هي كلمة تفيد الزجر عمّا يطلب.
لظى : هي النار.
الشوى : واحدها شواة، وهي جلدة الرأس تنتزعها النار انتزاعا، فتفرّقها ثم تعود إلى ما كانت عليه.
التفسير :
١٥، ١٦- كلاّ إنها لظى* نزّاعة للشّوى.
كلا. حرف ردع وزجر، أي : ليرتدع المجرم عن هذه الأماني، فلا فداء ولا شفاعة، فليرتدع الكافر الأثيم عن ذلك، فليس ينجيه من عذاب الله فداء، بل أمامه جهنم تتلظّى نيرانها وتلتهب، وتتلمظ غضبا على من عصى الله، وتلتهم الكافر فتنزع وتقتلع أطرافه، وتلتهم جلدة رأسه فتبتّكها وتقطّعها ثم تعاد.
قال المفسرون :
نزّاعة للشّوى. والشواة جلدة الرأس، ، تنزعها بشدة من الإنسان، كلما قلعت عادت كما كانت، زيادة في التنكيل والعذاب، وخصّها بالذّكر لأنها أشدّ أجزاء الجسم حساسية وتأثّرا بالنار.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
كلا : هي كلمة تفيد الزجر عمّا يطلب.
لظى : هي النار.
الشوى : واحدها شواة، وهي جلدة الرأس تنتزعها النار انتزاعا، فتفرّقها ثم تعود إلى ما كانت عليه.
التفسير :
١٥، ١٦- كلاّ إنها لظى* نزّاعة للشّوى.
كلا. حرف ردع وزجر، أي : ليرتدع المجرم عن هذه الأماني، فلا فداء ولا شفاعة، فليرتدع الكافر الأثيم عن ذلك، فليس ينجيه من عذاب الله فداء، بل أمامه جهنم تتلظّى نيرانها وتلتهب، وتتلمظ غضبا على من عصى الله، وتلتهم الكافر فتنزع وتقتلع أطرافه، وتلتهم جلدة رأسه فتبتّكها وتقطّعها ثم تعاد.
قال المفسرون :
نزّاعة للشّوى. والشواة جلدة الرأس، ، تنزعها بشدة من الإنسان، كلما قلعت عادت كما كانت، زيادة في التنكيل والعذاب، وخصّها بالذّكر لأنها أشدّ أجزاء الجسم حساسية وتأثّرا بالنار.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
تدعو : تجذب وتحضر من أعطى ظهره للحق وأعرض عن الطاعة، للدخول فيها.
وجمع فأوعى : جمع المال فجعله في وعاء، وكنزه ولم يؤدّ حقه.
التفسير :
١٧، ١٨- تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى.
تدعو جهنم يوم القيامة إليها كلّ أصحابها، وكل من استحق العذاب فيها، تلتقط الكافرين من أرض المحشر، كما يلتقط الطير الحبّ، وتناديهم بلسان فصيح مبين، تقول بلسان حالها، أو بلسان يخلقه الله فيها : تعالوا إليّ، وتعذبوا في داخلي، واحتلّوا أماكنكم في جهنم، يا كل من أدبر وولّى دبره لدعوة الإسلام، وأعرض عن سماع القرآن، وانشغل بجمع المال الحرام، وكنزه في وعاء، وربط عليه فلم يؤد زكاته.
قال ابن كثير :
وجمع فأوعى. أي : جمع المال بعضه على بعض، فأوعاه أي أوكاه ( أي ربط عليه، وحبس حق الله فيه ) ومنع الواجب عليه في النفقات وإخراج الزكاة.
وقد ورد في الحديث :( ولا توعى فيوعى الله عليك )vi. أي : لا تحبس حق الفقر والمسكين، فيضيّق الله عليك، وكان عبد الله بن حكيم لا يربط له كيس، يقول : سمعت الله يقول : وجمع فأوعى.
وقال الحسن البصري : يا ابن آدم، سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا.
وقال قتادة : وجمع فأوعى. كان جموعا قموما للخبيث.
وقال المفسرون : جمع المال ولم يؤدّ زكاته، وتشاغل به عن دينه، وزها باقتنائه، وتكبر وتجبر فكان جموعا منوعا.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
تدعو : تجذب وتحضر من أعطى ظهره للحق وأعرض عن الطاعة، للدخول فيها.
وجمع فأوعى : جمع المال فجعله في وعاء، وكنزه ولم يؤدّ حقه.
التفسير :
١٧، ١٨- تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى.
تدعو جهنم يوم القيامة إليها كلّ أصحابها، وكل من استحق العذاب فيها، تلتقط الكافرين من أرض المحشر، كما يلتقط الطير الحبّ، وتناديهم بلسان فصيح مبين، تقول بلسان حالها، أو بلسان يخلقه الله فيها : تعالوا إليّ، وتعذبوا في داخلي، واحتلّوا أماكنكم في جهنم، يا كل من أدبر وولّى دبره لدعوة الإسلام، وأعرض عن سماع القرآن، وانشغل بجمع المال الحرام، وكنزه في وعاء، وربط عليه فلم يؤد زكاته.
قال ابن كثير :
وجمع فأوعى. أي : جمع المال بعضه على بعض، فأوعاه أي أوكاه ( أي ربط عليه، وحبس حق الله فيه ) ومنع الواجب عليه في النفقات وإخراج الزكاة.
وقد ورد في الحديث :( ولا توعى فيوعى الله عليك )vi. أي : لا تحبس حق الفقر والمسكين، فيضيّق الله عليك، وكان عبد الله بن حكيم لا يربط له كيس، يقول : سمعت الله يقول : وجمع فأوعى.
وقال الحسن البصري : يا ابن آدم، سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا.
وقال قتادة : وجمع فأوعى. كان جموعا قموما للخبيث.
وقال المفسرون : جمع المال ولم يؤدّ زكاته، وتشاغل به عن دينه، وزها باقتنائه، وتكبر وتجبر فكان جموعا منوعا.
﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ١٩ إذا مسّه الشّر جزوعا ٢٠ وإذا مسّه الخير منوعا ٢١ إلا المصلين ٢٢ الذين هم على صلاتهم دائمون ٢٣ والذين في أموالهم حقّ معلوم ٢٤ للسائل والمحروم ٢٥ والذين يصدّقون بيوم الدين ٢٦ والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ٢٧ إن عذاب ربهم غير مأمون ٢٨ والذين هم لفروجهم حافظون ٢٩ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ٣٠ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ٣١ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ٣٢ والذين هم بشهاداتهم قائمون ٣٣ والذين هم على صلاتهم بهم يحافظون ٣٤ أولئك في جنات مكرمون ٣٥ ﴾
المفردات :
هلوعا : كثير الجزع، شديد الحرص.
جزوعا : كثير الجزع والأسى.
منوعا : كثير المنع والإمساك.
تمهيد :
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
التفسير :
١٩، ٢٠، ٢١- إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسّه الشّر جزوعا* وإذا مسّه الخير منوعا.
تلك صفات جبلّيّة فطرية في الإنسان، أي الكافر أو أيّ إنسان لم يأنس قلبه بنور الإيمان، من شأنه أن يتصف بالهلع، وهو شدة الحرص وقلة الصبر، فلا يصبر على بلاء، ولا يشكر عل نعماء.
وإذا مسّه الشّر جزوعا.
أي : إذا أصابه الفقر أو المرض، أو المصيبة في ماله أو زرعه، أو أسرته أو منزله، اشتدّ جزعه وحزنه وشكواه.
وإذا مسّه الخير منوعا.
وإذا جاء إليه المال أو الجاه، أو السلطان أو العافية، منع خيره عن الفقير واليتيم، والأرملة والمصاب، وبخل على غيره.
روى الإمام أحمد، وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( شر ما في رجل شحّ هالع، وجبن خالع )vii.
وقال صلى الله عليه وسلم :( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له )viii.
﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ١٩ إذا مسّه الشّر جزوعا ٢٠ وإذا مسّه الخير منوعا ٢١ إلا المصلين ٢٢ الذين هم على صلاتهم دائمون ٢٣ والذين في أموالهم حقّ معلوم ٢٤ للسائل والمحروم ٢٥ والذين يصدّقون بيوم الدين ٢٦ والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ٢٧ إن عذاب ربهم غير مأمون ٢٨ والذين هم لفروجهم حافظون ٢٩ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ٣٠ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ٣١ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ٣٢ والذين هم بشهاداتهم قائمون ٣٣ والذين هم على صلاتهم بهم يحافظون ٣٤ أولئك في جنات مكرمون ٣٥ ﴾
المفردات :
هلوعا : كثير الجزع، شديد الحرص.
جزوعا : كثير الجزع والأسى.
منوعا : كثير المنع والإمساك.
تمهيد :
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
التفسير :
١٩، ٢٠، ٢١- إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسّه الشّر جزوعا* وإذا مسّه الخير منوعا.
تلك صفات جبلّيّة فطرية في الإنسان، أي الكافر أو أيّ إنسان لم يأنس قلبه بنور الإيمان، من شأنه أن يتصف بالهلع، وهو شدة الحرص وقلة الصبر، فلا يصبر على بلاء، ولا يشكر عل نعماء.
وإذا مسّه الشّر جزوعا.
أي : إذا أصابه الفقر أو المرض، أو المصيبة في ماله أو زرعه، أو أسرته أو منزله، اشتدّ جزعه وحزنه وشكواه.
وإذا مسّه الخير منوعا.
وإذا جاء إليه المال أو الجاه، أو السلطان أو العافية، منع خيره عن الفقير واليتيم، والأرملة والمصاب، وبخل على غيره.
روى الإمام أحمد، وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( شر ما في رجل شحّ هالع، وجبن خالع )vii.
وقال صلى الله عليه وسلم :( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له )viii.
﴿ إن الإنسان خلق هلوعا ١٩ إذا مسّه الشّر جزوعا ٢٠ وإذا مسّه الخير منوعا ٢١ إلا المصلين ٢٢ الذين هم على صلاتهم دائمون ٢٣ والذين في أموالهم حقّ معلوم ٢٤ للسائل والمحروم ٢٥ والذين يصدّقون بيوم الدين ٢٦ والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ٢٧ إن عذاب ربهم غير مأمون ٢٨ والذين هم لفروجهم حافظون ٢٩ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ٣٠ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ٣١ والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ٣٢ والذين هم بشهاداتهم قائمون ٣٣ والذين هم على صلاتهم بهم يحافظون ٣٤ أولئك في جنات مكرمون ٣٥ ﴾
المفردات :
هلوعا : كثير الجزع، شديد الحرص.
جزوعا : كثير الجزع والأسى.
منوعا : كثير المنع والإمساك.
تمهيد :
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
التفسير :
١٩، ٢٠، ٢١- إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسّه الشّر جزوعا* وإذا مسّه الخير منوعا.
تلك صفات جبلّيّة فطرية في الإنسان، أي الكافر أو أيّ إنسان لم يأنس قلبه بنور الإيمان، من شأنه أن يتصف بالهلع، وهو شدة الحرص وقلة الصبر، فلا يصبر على بلاء، ولا يشكر عل نعماء.
وإذا مسّه الشّر جزوعا.
أي : إذا أصابه الفقر أو المرض، أو المصيبة في ماله أو زرعه، أو أسرته أو منزله، اشتدّ جزعه وحزنه وشكواه.
وإذا مسّه الخير منوعا.
وإذا جاء إليه المال أو الجاه، أو السلطان أو العافية، منع خيره عن الفقير واليتيم، والأرملة والمصاب، وبخل على غيره.
روى الإمام أحمد، وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( شر ما في رجل شحّ هالع، وجبن خالع )vii.
وقال صلى الله عليه وسلم :( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له )viii.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
المفردات :
على صلاتهم دائمون : مواظبون عليها، لا يشغلهم عنها شاغل.
التفسير :
٢٢، ٢٣- إلا المصلين* الذين هم على صلاتهم دائمون.
استثنى الله ممن اتصف بالهلع والجزع والمنع فئة المصلّين، فإن الصلاة تربط المؤمن بالله، وتجعله يحنّ إلى الوقوف بين يديه وطاعته، وامتثال أمره واجتناب نواهيه، فتزيده الصلاة يقينا وهدوء بال، وانشراح صدر وجميل عطاء.
الذين هم على صلاتهم دائمون.
فهم مستمرون في المحافظة عليها، لا يتركون صلاة مفروضة، بل يؤدون جميع الفرائض، ويحفّونها بالنوافل.
وقيل : معنى : الذين هم على صلاتهم دائمون.
أي : خاشعون في الصلاة، يتدبّرون معاني ما يقرؤون، وما يسبّحون ويحمدون ويكبّرون، فهم في الصلاة جسما وروحا، مداومون على الخشوع داخل الصلاة، مداومون على إتمام ركوعها وسجودها وخشوعها، وذلك بمعنى قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون. ( المؤمنون : ١، ٢ ).
ومن معاني المداومة على الصلاة الاستمرار في الصلاة وإكمالها، بإسباغ الوضوء لها وأدائها في أول الوقت، وصلاة النوافل معها، والبعد عن المعصية واللغو وكل ما يضادّ الطاعة.
قال تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر... ( العنكبوت : ٤٥ ).
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ )ix.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
المفردات :
على صلاتهم دائمون : مواظبون عليها، لا يشغلهم عنها شاغل.
التفسير :
٢٢، ٢٣- إلا المصلين* الذين هم على صلاتهم دائمون.
استثنى الله ممن اتصف بالهلع والجزع والمنع فئة المصلّين، فإن الصلاة تربط المؤمن بالله، وتجعله يحنّ إلى الوقوف بين يديه وطاعته، وامتثال أمره واجتناب نواهيه، فتزيده الصلاة يقينا وهدوء بال، وانشراح صدر وجميل عطاء.
الذين هم على صلاتهم دائمون.
فهم مستمرون في المحافظة عليها، لا يتركون صلاة مفروضة، بل يؤدون جميع الفرائض، ويحفّونها بالنوافل.
وقيل : معنى : الذين هم على صلاتهم دائمون.
أي : خاشعون في الصلاة، يتدبّرون معاني ما يقرؤون، وما يسبّحون ويحمدون ويكبّرون، فهم في الصلاة جسما وروحا، مداومون على الخشوع داخل الصلاة، مداومون على إتمام ركوعها وسجودها وخشوعها، وذلك بمعنى قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون. ( المؤمنون : ١، ٢ ).
ومن معاني المداومة على الصلاة الاستمرار في الصلاة وإكمالها، بإسباغ الوضوء لها وأدائها في أول الوقت، وصلاة النوافل معها، والبعد عن المعصية واللغو وكل ما يضادّ الطاعة.
قال تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر... ( العنكبوت : ٤٥ ).
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ )ix.
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
والذين في أموالهم حق معلوم : قدر معين يستوجبونه على أنفسهم، تقربا إلى الله، وهو الزكاة.
المحروم : من العطاء لتعففه عن السؤال.
التفسير :
٢٤، ٢٥- والذين في أموالهم حق معلوم* للسائل والمحروم.
لقد أوجبوا على أنفسهم حقّا معلوما في أموالهم، فهم أوجبوا على أنفسهم فريضة الزكاة في أموالهم أو تجارتهم أو زراعتهم، أو أموال الرّكاز وما يستخرج من باطن الأرض، يخرجون زكاته، وينفقونها في مصارفها الشرعية، ويقدّمون الزكاة والصدقة للسائل الذي يسأل، وللمحروم المتعفف الذي لا يسأل.
قال تعالى : يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم. ( البقرة : ٢٧٣ ).
كان أهل مكة يسخرون من عذاب جهنم، أو يستبطئونه ويقول بعضهم لبعض : إن محمدا يخوفنا بالعذاب، فما هذا العذاب، ولمن هو ؟ وكان النضر بن الحارث ومن لفّ لفّه، يقولون إنكارا واستهزاء :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ( الأنفال : ٣٢ ). فنزلت هذه الآيات.
وسورة المعارج تأتي بعد سورة الحاقة التي تحدثت عن القيامة، وعن تبدّل الكون ونهاية الحياة. وسورة المعارج تتحدث عن هذا الأمر لكن من منظور نفسي، فالكافر يتمنى أن يفتدي نفسه من العذاب بأولاده وزوجته، وإخوته وعشيرته، ومن في الأرض جميعا، لينجو من هول العذاب، لكن لا أمل في ذلك، فجهنم تنزع فروة رأسه، وتتحول جهنم إلى عنق طويل يبحث عن الكفار المعرضين عن الحق، وتمسك بهم ليصطلوا بنارها : كلا إنها لظى* نزّاعة للشّوى* تدعوا من أدبر وتولّى* وجمع فأوعى. ( المعارج : ١٥- ١٨ ).
المفردات :
والذين في أموالهم حق معلوم : قدر معين يستوجبونه على أنفسهم، تقربا إلى الله، وهو الزكاة.
المحروم : من العطاء لتعففه عن السؤال.
التفسير :
٢٤، ٢٥- والذين في أموالهم حق معلوم* للسائل والمحروم.
لقد أوجبوا على أنفسهم حقّا معلوما في أموالهم، فهم أوجبوا على أنفسهم فريضة الزكاة في أموالهم أو تجارتهم أو زراعتهم، أو أموال الرّكاز وما يستخرج من باطن الأرض، يخرجون زكاته، وينفقونها في مصارفها الشرعية، ويقدّمون الزكاة والصدقة للسائل الذي يسأل، وللمحروم المتعفف الذي لا يسأل.
قال تعالى : يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم. ( البقرة : ٢٧٣ ).
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
٢٦- والذين يصدّقون بيوم الدين.
والذين يوقنون بيوم الجزاء يقينا صادقا لا شك فيه، كأنهم يرون القيامة، ويشاهدون الحساب والجزاء، وهذا يدفعهم إلى العمل الصالح والسلوك الحميد، لأن الكثيرين يصدّقون بيوم الدين لكن من ترجم التصديق إلى سلوك وعمل هو الفائز، بتجنبه الحرام، وإقباله على الطاعات، وبعده عن المنهيات، وتجنّبه للشبهات، وانشغاله بمرضاة ربه.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
المفردات :
مشفقون : خائفون استعظاما لله تعالى.
التفسير :
٢٧، ٢٨- والذين هم من عذاب ربهم مشفقون* إن عذاب ربهم غير مأمون.
إنهم يخافون غضب الله وعقابه، فلا يأمنون مكره، ولا يجترئون على معاصيه، وفي كتاب ( إحياء علوم الدين ) للإمام أبي حامد الغزالي، ( باب في فضل الرجاء والأمل في رحمة الله ) ثم ( باب في فضل الخوف والإشفاق من غضب الله )، ثم ذكر أن الخوف والرجاء جناحان يطير بهما المؤمن في سماء الطاعات، وإذا زاد الرجاء عن حدّه صار طمعا بدون عمل، وإذا زاد الخوف عن حده صار يأسا من رحمة الله، والمؤمن مطالب بالجمع بين الخوف والرجاء، فإذا كان الإنسان في مرحلة الشباب والقوة، وجب أن يغلّب الخوف على الرجاء حتى يعصمه ذلك من المعصية، وإذا كان في مرحلة الشيخوخة والضّعف، وجب أن يغلب الرجاء على الخوف حتى يلقى الله وهو متمتّع بالأمل في رحمته وقبول توبته.
إن عذاب ربهم غير مأمون.
إن عذاب الله واقع حتما بكل من يستحقّه.
قال تعالى : الذين إذا ذكر الله وجلت قوبهم... ( الأنفال : ٢ ).
وقال عزّ شأنه : والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. ( المؤمنون : ٦٠ ).
وقال تعالى : فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. ( الأعراف : ٩٩ ).
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
المفردات :
مشفقون : خائفون استعظاما لله تعالى.
التفسير :
٢٧، ٢٨- والذين هم من عذاب ربهم مشفقون* إن عذاب ربهم غير مأمون.
إنهم يخافون غضب الله وعقابه، فلا يأمنون مكره، ولا يجترئون على معاصيه، وفي كتاب ( إحياء علوم الدين ) للإمام أبي حامد الغزالي، ( باب في فضل الرجاء والأمل في رحمة الله ) ثم ( باب في فضل الخوف والإشفاق من غضب الله )، ثم ذكر أن الخوف والرجاء جناحان يطير بهما المؤمن في سماء الطاعات، وإذا زاد الرجاء عن حدّه صار طمعا بدون عمل، وإذا زاد الخوف عن حده صار يأسا من رحمة الله، والمؤمن مطالب بالجمع بين الخوف والرجاء، فإذا كان الإنسان في مرحلة الشباب والقوة، وجب أن يغلّب الخوف على الرجاء حتى يعصمه ذلك من المعصية، وإذا كان في مرحلة الشيخوخة والضّعف، وجب أن يغلب الرجاء على الخوف حتى يلقى الله وهو متمتّع بالأمل في رحمته وقبول توبته.
إن عذاب ربهم غير مأمون.
إن عذاب الله واقع حتما بكل من يستحقّه.
قال تعالى : الذين إذا ذكر الله وجلت قوبهم... ( الأنفال : ٢ ).
وقال عزّ شأنه : والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. ( المؤمنون : ٦٠ ).
وقال تعالى : فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. ( الأعراف : ٩٩ ).
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
٢٩، ٣٠- والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.
أباح الإسلام الاتصال الجنسي بين الزوج والزوجة، ورسم لذلك نظاما وآدابا، مثل عقد الزواج الصحيح، والنفقة والعشرة بالمعروف، وطاعة الزوجة لزوجها، وقيام الزوج بواجباته، والزوجة بواجباتها.
وفي هذه الآية ما يفيد أن المؤمنين من صفاتهم حفظ فروجهم عن الزنا واللواطة، وبعدهم عن الفاحشة، لكن الله أباح لهم إشباع رغبتهم وجماع زوجاتهم اللائي أحلهن الله لهم.
أو ما ملكت أيمانهم. وهن الأسيرات من الجهاد في سبيل الله، يباح لمن ملكها أن يستبرئ رحمها ليتأكد من خلوّها من الحمل، وله جماعها بعد العدّة، فإذا حملت صارت أم ولد، أعتقها ولدها، ونهى الإسلام عن بيع أمّهات الأولاد، وهذه العلاقة الصريحة النظيفة من محاسن الإسلام، حيث أباح الزواج الشرعي والتّسرّي بملك اليمين، وقد نظر الإسلام إلى الرّق نظرته إلى نهر يجري، فضيّق المنابع ووسّع المصبّات، وكان ذلك حريّا بأن يجفّ نهر الرق، والآن.. انتهى الرقّ بحمد الله مدنيّا ودينيّا.
لكن التقارير تشير إلى أن هناك تجارة رائجة كبيرة، هي ثالث تجارة في العالم، بعد تجارتي السّلاح والمخدّرات، تلك التجارة هي تجارة الرقيق الأبيض، تباع فيها ملايين النساء والأطفال والبنات، بقصد الاتجار في الجنس، وهناك عصابات دولية تحدد ثمن كل فتاة وكل ولد وكل امرأة.
والقرآن نزل والزنا منتشر، فحرّم الزّنا واللواط والمثلية الجنسية، وشجّع الزّواج الحلال، والعلاقات النظيفة الواضحة.
قال تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون* إلى على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.
فهم لديهم شهوة ورغبة وقوّة، لكنهم يحفظون فروجهم عن الحرام، ولا يبيحون لأنفسهم الجماع إلا مع زوجاتهم الشرعيات، أو جواريهم اللاتي يملكونهنّ بملك اليمين الذين كان معاملة بالمثل لمن يحاربهم الإسلام في بلاد الفرس والروم وغيرهما، وكان الإسلام مضطرّا أن يعامل أسيرات الحرب بمثل ما تعامل به الأسيرات المسلمات في تلك البلاد، ومع ذلك وصّى القرآن بالرقيق، وحث على العتق، وجعل عتق الرقيق كفارة لأخطاء يتكرر وقوعها في المجتمع، مثل كفارة الظهار، والحنث في اليمين، والقتل الخطأ، وغير ذلك.
إن غيرنا يبيح تعدد العشيقات والعشّاق، أما الإسلام فلا يبيح إلا علاقة شرعية نظيفة أمينة واضحة.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
٢٩، ٣٠- والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.
أباح الإسلام الاتصال الجنسي بين الزوج والزوجة، ورسم لذلك نظاما وآدابا، مثل عقد الزواج الصحيح، والنفقة والعشرة بالمعروف، وطاعة الزوجة لزوجها، وقيام الزوج بواجباته، والزوجة بواجباتها.
وفي هذه الآية ما يفيد أن المؤمنين من صفاتهم حفظ فروجهم عن الزنا واللواطة، وبعدهم عن الفاحشة، لكن الله أباح لهم إشباع رغبتهم وجماع زوجاتهم اللائي أحلهن الله لهم.
أو ما ملكت أيمانهم. وهن الأسيرات من الجهاد في سبيل الله، يباح لمن ملكها أن يستبرئ رحمها ليتأكد من خلوّها من الحمل، وله جماعها بعد العدّة، فإذا حملت صارت أم ولد، أعتقها ولدها، ونهى الإسلام عن بيع أمّهات الأولاد، وهذه العلاقة الصريحة النظيفة من محاسن الإسلام، حيث أباح الزواج الشرعي والتّسرّي بملك اليمين، وقد نظر الإسلام إلى الرّق نظرته إلى نهر يجري، فضيّق المنابع ووسّع المصبّات، وكان ذلك حريّا بأن يجفّ نهر الرق، والآن.. انتهى الرقّ بحمد الله مدنيّا ودينيّا.
لكن التقارير تشير إلى أن هناك تجارة رائجة كبيرة، هي ثالث تجارة في العالم، بعد تجارتي السّلاح والمخدّرات، تلك التجارة هي تجارة الرقيق الأبيض، تباع فيها ملايين النساء والأطفال والبنات، بقصد الاتجار في الجنس، وهناك عصابات دولية تحدد ثمن كل فتاة وكل ولد وكل امرأة.
والقرآن نزل والزنا منتشر، فحرّم الزّنا واللواط والمثلية الجنسية، وشجّع الزّواج الحلال، والعلاقات النظيفة الواضحة.
قال تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون* إلى على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.
فهم لديهم شهوة ورغبة وقوّة، لكنهم يحفظون فروجهم عن الحرام، ولا يبيحون لأنفسهم الجماع إلا مع زوجاتهم الشرعيات، أو جواريهم اللاتي يملكونهنّ بملك اليمين الذين كان معاملة بالمثل لمن يحاربهم الإسلام في بلاد الفرس والروم وغيرهما، وكان الإسلام مضطرّا أن يعامل أسيرات الحرب بمثل ما تعامل به الأسيرات المسلمات في تلك البلاد، ومع ذلك وصّى القرآن بالرقيق، وحث على العتق، وجعل عتق الرقيق كفارة لأخطاء يتكرر وقوعها في المجتمع، مثل كفارة الظهار، والحنث في اليمين، والقتل الخطأ، وغير ذلك.
إن غيرنا يبيح تعدد العشيقات والعشّاق، أما الإسلام فلا يبيح إلا علاقة شرعية نظيفة أمينة واضحة.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
المفردات :
العادون : المجاوزون الحلال إلى الحرام.
التفسير :
٣٠- فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون.
فمن أنشأن علاقة آثمة مع غير زوجته، أو مع غير ما ملكت يمينه، فإنه معتد آثم، حيث ترك زوجته الحلال، وأنشأ علاقة آثمة مع من لا تحلّ له.
قال صلى الله عليه وسلم :( رأيت ليلة أسري بي رجلا بين يديه طعام هنئ نضيج، وطعام خبيث نيّئ، فجعل الرجل يترك الطعام الهنئ النضيج، ويأكل من الطعام الخبيث النيّئ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الرجل من أمّتك تكون عنده زوجته حلالا طيّبا، فيتركها ويبيت بامرأة خبيثة، والمرأة من أمتك تقوم من عند زوجها حلالا طيبا طاهرا، فتتركه وتبيت برجل حبيث ).
قال الطبري :
من التمس لفرجه منكحا سوى زوجته أو ملك يمينه، ففاعلوا ذلك هم العادون الذين تعدّوا حدود ما أحلّ الله لهم إلى ما حرمه عليهم، فهم الملومون. اه.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
المفردات :
لأماناتهم وعهدهم راعون : لا يخلّون بشيء مما اؤتمنوا عليه، ولا مما أعطوا عليه العهد للوفاء به.
التفسير :
٣١- والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون.
هم يحافظون على الأمانة بالعهود، وقد تكررت توصية القرآن الكريم والسنّة المطهرة بالمحافظة على الأمانة والوفاء بالعهد.
قال تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل... ( النساء : ٥٨ ).
والأمانة الكبرى هي طاعة الله وعدم الشرك به، والالتزام بنواميس الإسلام وفرائضه، وأركانه وآدابه، فالصلاة أمانة، والكيل أمانة، والوزن أمانة، وكذلك الزكاة والصيام والحج، وسائر شعائر الإسلام.
قال تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان... ( الأحزاب : ٨٢ ).
وقال تعالى : وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا. ( الإسراء : ٣٤ ).
وقال تعالى : والموفون بعدهم إذا عاهدوا... ( البقرة : ١٧٧ ).
وقال صلى الله عليه وسلم :( يا معشر الناس، اضمنوا لي ستّا أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا عاهدتم، وأدّوا الأمانة إذا اؤتمنتم، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفّوا أيديكم )x.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
٣٢- والذين هم بشهاداتهم قائمون.
يؤدون الشهادة احتسابا لوجه الله، ويؤدونها على وجهها الصحيح، لما يرتبط بها من أداء الحقوق، وصيانة الأمانة، بل الشهادة نفسها أمانة من الأمانات، وقد أفردها بالذكر لأهميتها.
قال تعالى : وأقيموا الشهادة لله... ( الطلاق : ٢ ).
وقال تعالى : ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه... ( البقرة : ٢٨٣ ).
وقد أمرنا أن نؤدّي الشهادة على وجهها الصحيح، بدون ميل إلى قريب أو شريف، أو غني أو فقير، أو قريب أو حبيب، إظهارا للصلابة في الدين، ورغبة في إحياء حقوق المسلمين.
قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. ( النساء : ١٣٥ ).
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
٣٣- والذين هم على صلاتهم يحافظون.
يحافظون على إقامة الصلاة بتفريغ القلب لها، وتدبّر التلاوة، واستحضار الخشوع والخضوع في القراءة والقيام والركوع والسجود، مع طهارة البدن والثوب والمكان والقلب.
قال المفسرون :
والدوام غير المحافظة، فداومهم عليها أن يحافظوا على أدائها، لا يخلّون بها ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل، وحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها، ومواقيتها، ويقيموا أركانها، ويكملوها بسننها وآدابها، ويحفظوها من الإحباط باقتراف المآثم، فالدوام يرجع إلى نفس الصلوات، والمحافظة ترجع إلى أحوالهاxi.
وإذا نظرنا إلى الصفات العشر وجدنا أنّها بدئت بالصلاة، وختمت بالصلاة، مما يدل على العناية بها، والتنويه بشرفها، فهي صلة بين المخلوق والخالق، وهي عماد الدين، وهي وسيلة القربى والزلفى إلى الله رب العالمين.
وخلاصة الصفات التي اتصف بها المؤمنون، عشر صفات هي :
١- الصلاة.
٢- المداومة عليها في أوقاتها.
٣- إقامتها على الوجه الأكمل بحضور القلب، والخشوع للرب، ومراعاة سننها وآدابها.
٤- التصديق بيوم الجزاء يقينا واعتقادا وسلوكا.
٥- إخراج الزكاة وإعطاء الصدقات من أموالهم للفقراء والمحرومين.
٦- مراعاة العهود والمواثيق.
٧- أداء الأمانات إلى أهلها.
٨- حفظ فروجهم عن الحرام.
٩- أداء الشهادة على وجهها.
١٠- الخوف من عذاب الله.
بعد الحديث عن أوصاف يوم القيامة، تحدثت السورة عن طبائع البشر، واتّصافهم بالجزع والهلع والمنع التي تجمع أصول الأخلاق الذميمة، ثم استثنى المؤمنين الذين يعملون صالح الأعمال، ويتصفون بعشر صفات كريمة، وهي جماع المثل الأعلى لمن يكون قدوة يقتدى به في خلقه وسلوكه.
٣٤- أولئك في جنات مكرمون.
أي : هؤلاء المتّصفون بتلك الصفات الحميدة يستقرّون في جنات النعيم، يلقون فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين، ويلقون فيها صنوف التكريم الحسّيّ، والتكريم المعنوي، ويشمل ذلك القربى من الله، والتمتع برضوان الله، ولذة النظر إلى وجه الله العظيم، والحصول على رضوان الله فلا يسخط عليهم أبدا.
﴿ فمال الذين كفروا قبلك مُهْطِعِينَ ٣٦ عن اليمين وعن الشمال عزين ٣٧ أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم ٣٨ كلاّ إنا خلقناهم مما يعلمون ٣٩ فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون ٤٠ على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ٤١ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ٤٢ يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون ٤٣ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ٤٤ ﴾
المفردات :
قبلك : في الجهة التي تليك.
مهطعين : مسرعين نحوك، مادّين أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك، ليظفروا بما يجعلونه هزوا.
عزين : فرقا شتّى، حلقا حلقا، واحدهم عزّة، وأصلها عزوة، لأن كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير من تعتزى إليه الأخرى.
تمهيد :
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
التفسير :
٣٦، ٣٧- فمال الذين كفروا قبلك مهطعين* عن اليمين وعن الشمال عزين.
كان كفار مكة يسرعون الخطى إلى الكعبة، ويلتفون جماعات جماعات حول النبي صلى الله عليه وسلم، يسمعون ما يقوله ثم يحرّفونه، ويستهزئون بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، ويسخرون من فقراء المؤمنين، ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة لندخلنّها قبلهم، فأنزل الله هذه الآيات.
والمعنى :
أي شيء حملهم على الإسراع تجاه المكان الذي تجلس فيه يا محمد، حال كونهم متحلّقين عن يمينك وشمالك، فرقا متعددة، كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير ما تنتسب إليه الفرقة الأخرى، لقد حرموا أنفسهم من الهدى، وأمامهم رسول كريم يحمل وحي السماء، فلم يهتدوا به، وأصرّوا على الكفر والضلال، ومحاولة الاستماع للقرآن استماع الباحث عن عيب، الكاره للهداية، فما أظلمهم لأنفسهم، حيث باعوا الهدى واشتروا الضلالة، مع قرب الوسيلة منهم، فقد حرموا أنفسهم من أبلغ نافع، مع وجوده قريبا منهم.
﴿ فمال الذين كفروا قبلك مُهْطِعِينَ ٣٦ عن اليمين وعن الشمال عزين ٣٧ أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم ٣٨ كلاّ إنا خلقناهم مما يعلمون ٣٩ فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون ٤٠ على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ٤١ فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ٤٢ يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون ٤٣ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ٤٤ ﴾
المفردات :
قبلك : في الجهة التي تليك.
مهطعين : مسرعين نحوك، مادّين أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك، ليظفروا بما يجعلونه هزوا.
عزين : فرقا شتّى، حلقا حلقا، واحدهم عزّة، وأصلها عزوة، لأن كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير من تعتزى إليه الأخرى.
تمهيد :
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
التفسير :
٣٦، ٣٧- فمال الذين كفروا قبلك مهطعين* عن اليمين وعن الشمال عزين.
كان كفار مكة يسرعون الخطى إلى الكعبة، ويلتفون جماعات جماعات حول النبي صلى الله عليه وسلم، يسمعون ما يقوله ثم يحرّفونه، ويستهزئون بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، ويسخرون من فقراء المؤمنين، ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة لندخلنّها قبلهم، فأنزل الله هذه الآيات.
والمعنى :
أي شيء حملهم على الإسراع تجاه المكان الذي تجلس فيه يا محمد، حال كونهم متحلّقين عن يمينك وشمالك، فرقا متعددة، كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير ما تنتسب إليه الفرقة الأخرى، لقد حرموا أنفسهم من الهدى، وأمامهم رسول كريم يحمل وحي السماء، فلم يهتدوا به، وأصرّوا على الكفر والضلال، ومحاولة الاستماع للقرآن استماع الباحث عن عيب، الكاره للهداية، فما أظلمهم لأنفسهم، حيث باعوا الهدى واشتروا الضلالة، مع قرب الوسيلة منهم، فقد حرموا أنفسهم من أبلغ نافع، مع وجوده قريبا منهم.
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
سبب النزول :
ذكر الواحدي في سبب نزول قوله تعالى : أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم.
قال : كان المشركون يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم، يستمعون كلامه، ولا ينتفعون به، بل يكذّبون به ويستهزئون، ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة، لندخلنّها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
التفسير :
٣٨، ٣٩- أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم* كلاّ إنّا خلقناهم مما يعلمون.
تجاوز الكفار حدودهم حين قالوا : لئن دخل أتباع محمد الجنة، وهم فقراء بسطاء، لندخلنّها قبلهم، فنحن أفضل منهم في الدنيا، وسنكون أفضل منهم في الآخرة.
وكان جواب القرآن لهم :
كلا. حرف ردع وزجر.
لقد خلقنا الناس جميعا من منيّ يمنى، أي أن الله سوّى بين الناس جميعا في الخلق، وترك لكل إنسان العقل والإرادة ليسك طريقة في الدنيا عن قصد وإرادة واختيار : فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى. ( النازعات : ٣٧- ٤١ ).
وفي الحديث الشريف :( الخلق كلهم عيال الله، الله ربّهم وهم عباده، يتفاضلون عنده بالتقوى، ويدركون ثوابه بالعمل الصالح ).
وقال تعالى :﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ﴾ ( الحجرات : ١٣ ).
وخلاصة المعنى :
أيطمع هؤلاء الكفار –وحالتهم واضحة من الكفر والتكذيب لرسولي- أن يدخلوا الجنة ؟ كلا، إن أعمالهم تقودهم إلى جهنم، لقد خلقناهم مما يعلمون، من نطفة مزرة، ليعملوا ويطيعوا، فتكبّروا وأعرضوا، فصاروا أهلا للنار لا للجنة.
أخرج أحمد، وابن ماجة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يقول الله تعالى : ابن آدم، أنّى تعجزني وقد خلقتك من نطفة مزرة، حتى إذا سوّيتك وعدّلتك مشيت بين بردين، وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي أتى أوان الصدقة )xii.
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
سبب النزول :
ذكر الواحدي في سبب نزول قوله تعالى : أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم.
قال : كان المشركون يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم، يستمعون كلامه، ولا ينتفعون به، بل يكذّبون به ويستهزئون، ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة، لندخلنّها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
التفسير :
٣٨، ٣٩- أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم* كلاّ إنّا خلقناهم مما يعلمون.
تجاوز الكفار حدودهم حين قالوا : لئن دخل أتباع محمد الجنة، وهم فقراء بسطاء، لندخلنّها قبلهم، فنحن أفضل منهم في الدنيا، وسنكون أفضل منهم في الآخرة.
وكان جواب القرآن لهم :
كلا. حرف ردع وزجر.
لقد خلقنا الناس جميعا من منيّ يمنى، أي أن الله سوّى بين الناس جميعا في الخلق، وترك لكل إنسان العقل والإرادة ليسك طريقة في الدنيا عن قصد وإرادة واختيار : فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى. ( النازعات : ٣٧- ٤١ ).
وفي الحديث الشريف :( الخلق كلهم عيال الله، الله ربّهم وهم عباده، يتفاضلون عنده بالتقوى، ويدركون ثوابه بالعمل الصالح ).
وقال تعالى :﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ﴾ ( الحجرات : ١٣ ).
وخلاصة المعنى :
أيطمع هؤلاء الكفار –وحالتهم واضحة من الكفر والتكذيب لرسولي- أن يدخلوا الجنة ؟ كلا، إن أعمالهم تقودهم إلى جهنم، لقد خلقناهم مما يعلمون، من نطفة مزرة، ليعملوا ويطيعوا، فتكبّروا وأعرضوا، فصاروا أهلا للنار لا للجنة.
أخرج أحمد، وابن ماجة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يقول الله تعالى : ابن آدم، أنّى تعجزني وقد خلقتك من نطفة مزرة، حتى إذا سوّيتك وعدّلتك مشيت بين بردين، وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي أتى أوان الصدقة )xii.
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
المفردات :
بمسبوقين : بمغلوبين، إن شئنا تبديلهم خير منهم.
التفسير :
٤٠، ٤١- فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب إنا لقادرون* على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين.
أي أقسم بالله الخالق، رب المشارق والمغارب، أي مشارق الشمس والقمر والنجوم ومغاربها، فللشمس في كل يوم من أيام السنة منزلة لشروقها ومنزلة لغروبها، وكذلك القمر والنجوم، أو المراد مشارق الشمس وهي في كل لحظة تشرق في مكان وتغرب عن مكان، وكذلك القمر والنجوم، وكل ذلك يوحي بالعظمة والجلال، والقدرة والإبداع للخالق المبدع الذي أحسن كل شيء خلقه.
قال تعالى : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ( غافر : ٥٧ ).
وقد أقسم القرآن بجهتي الشرق والغرب، والمراد بهما الجنس، فهما صادقان على كل مشرق من مشارق الشمس، وعلى مغرب من مغاربها، وبذلك يتبين أنه لا تعارض بين مجيء لفظتي الشرق والغرب تارة بصيغة المفرد، وتارة بصيغة المثنى، وتارة بصيغة الجمع.
فقال تعالى : رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا. ( المزمل : ٩ ).
وقال تعالى : رب المشرقين ورب المغربين. ( الرحمان : ١٧ ).
أي : مشرق ومغرب الشتاء والصيف، أو الشمس والقمر.
وقال تعالى : فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون.
والمقصود بيان عظمته تعالى وقدرته، وبديع خلقه، والتهوين من أمر الكافرين.
على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين.
أي : أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نذهب بهؤلاء الكافرين كما أهلكنا من سبقهم من المكذبين، وأن نأتي بقوم أطوع لله منهم، وأفضل استقامة، وأكثر اعترافا بفضل الله، وما نحن بمغلوبين على أمرنا، ولا توجد قوة تمنعنا عن تنفيذ ما نريد، سوى أن حكمتنا البالغة اقتضت تأخير عقوبتهم.
قال تعالى : يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد* إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز. ( فاطر : ١٥- ١٧ ).
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
المفردات :
بمسبوقين : بمغلوبين، إن شئنا تبديلهم خير منهم.
التفسير :
٤٠، ٤١- فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب إنا لقادرون* على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين.
أي أقسم بالله الخالق، رب المشارق والمغارب، أي مشارق الشمس والقمر والنجوم ومغاربها، فللشمس في كل يوم من أيام السنة منزلة لشروقها ومنزلة لغروبها، وكذلك القمر والنجوم، أو المراد مشارق الشمس وهي في كل لحظة تشرق في مكان وتغرب عن مكان، وكذلك القمر والنجوم، وكل ذلك يوحي بالعظمة والجلال، والقدرة والإبداع للخالق المبدع الذي أحسن كل شيء خلقه.
قال تعالى : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ( غافر : ٥٧ ).
وقد أقسم القرآن بجهتي الشرق والغرب، والمراد بهما الجنس، فهما صادقان على كل مشرق من مشارق الشمس، وعلى مغرب من مغاربها، وبذلك يتبين أنه لا تعارض بين مجيء لفظتي الشرق والغرب تارة بصيغة المفرد، وتارة بصيغة المثنى، وتارة بصيغة الجمع.
فقال تعالى : رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا. ( المزمل : ٩ ).
وقال تعالى : رب المشرقين ورب المغربين. ( الرحمان : ١٧ ).
أي : مشرق ومغرب الشتاء والصيف، أو الشمس والقمر.
وقال تعالى : فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون.
والمقصود بيان عظمته تعالى وقدرته، وبديع خلقه، والتهوين من أمر الكافرين.
على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين.
أي : أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نذهب بهؤلاء الكافرين كما أهلكنا من سبقهم من المكذبين، وأن نأتي بقوم أطوع لله منهم، وأفضل استقامة، وأكثر اعترافا بفضل الله، وما نحن بمغلوبين على أمرنا، ولا توجد قوة تمنعنا عن تنفيذ ما نريد، سوى أن حكمتنا البالغة اقتضت تأخير عقوبتهم.
قال تعالى : يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد* إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز. ( فاطر : ١٥- ١٧ ).
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
المفردات :
فذرهم يخوضوا ويلعبوا : اتركهم في باطلهم الذي تعوّدوا الدخول فيه واقترافه والحديث عنه، ولا تعبأ بلعبهم في دنياهم فإنه لا يجدي.
التفسير :
٤٢- فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون.
وما دام الأمر كذلك فاترك هؤلاء الكفار يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في لهوهم وآثامهم، واستخفافهم بوعيد الله وقدرته، حتى يجدوا أمامهم يوم القيامة وجها لوجه، ذلك اليوم الذي وعدهم القرآن به، وحذّرهم من عذابه وعقابه، والمراد من الآية التهديد والوعيد بذلك اليوم، الذي سيجدونه أمامهم وفيه جميع أعمالهم.
قال تعالى : ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا. ( الكهف : ٤٩ ).
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
المفردات :
الأجداث : القبور، واحدها جدث.
السّراع : واحدهم سريع، أي مسرعين.
النصب : كل شيء منصوب كالعلم والراية، وكذا ما ينصب للعبادة، والأنصاب جمع جمع.
يوفضون : يسرعون.
خاشعة : ذليلة.
ترهقهم : تغشاهم.
التفسير :
٤٣، ٤٤- يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون.
اذكر يوم يقومون من قبورهم مسرعين لتلبية النداء، والوقوف في عرصات القيامة لفصل القضاء، كأنهم في إسراعهم إلى ساحة القيامة، كما كانوا في الدنيا يهرولون إلى شيء منصوب : علم أو راية أو صنم من الأصنام.
قال المفسرون :
كان الإسراع إلى المعبودات الباطلة وسائر الطواغيت من عادات المشركين، وكانوا إذا أبصروا أصنامهم أسرعوا إليها، يحاول كل منهم أن يستلم الصنم أوّلا، وفي هذا التشبيه تذكير بسخافة عقولهم، وتهكّم بإسراعهم إلى الباطل، وفرارهم من الحق.
خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون.
إنهم يحشرون يوم القيامة أذلاء، منكسرة عيونهم، تغشاهم المذلة والمهانة والعذاب والهوان في ذلك اليوم، يوم القيامة، الذي توعّدهم القرآن به وحذّرهم من عذابه، لقد كانوا في أعيادهم يسرعون إلى أصنامهم، فرحين لاهين عابثين في باطلهم، لكن الصورة اختلفت عند قيامهم من قبورهم، فإنهم يحشرون أذلاء مرهقين، قد بدا الانكسار في عيونهم، وإرهاق المذلة على أبدانهم، بسبب استهتارهم بذلك اليوم، واستبعادهم لوقوعه.
وبذلك تتوافق بداية السورة ونهايتها، فقد كانت البداية سؤال من الكافرين عن يوم القيامة، سؤال استبعاد واستنكار، وكانت نهاية السورة رؤية اليوم عيانا، والإسراع لتلبية الداعي إلى المحشر في حالة من العذاب والهوان والانكسار، وقد شاهدوا القيامة مشاهدة فعلية واقعية.
قال تعالى : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذّركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد. ( آل عمران : ٣٠ ).
تستعرض الآيات أعمال الكافرين، واستماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم نفارهم من دعوته، وادعاءهم أنهم أولى بالجنة ونعيمها من الفقراء البسطاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ردّ عليهم القرآن بأن الله خلق الناس جميعا من نطفة مزرة، ثم سوّى الله الإنسان بشرا سويّا، وكرّمه بالعقل والإرادة والاختيار، وحكم بأن من سما بنفسه وزكّاها بالطاعة والامتثال لأمر الله فله الجنة، وبأنّ من دسّى نفسه وآثر الكفر والمعصية فله العذاب يوم القيامة، ثم أقسم الحق سبحانه بنفسه أنه قادر على أن يهلكهم، وينشئ خلقا أطوع لله منهم، ثم أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم وشأنهم ولا يبالي بهم، فسيلقون الجزاء يوم القيامة، حين يخرجون من قبورهم مسرعين، كأنهم ذاهبون إلى أصنام منصوبة لعبادتها، فهم يسرعون أيّهم يستلم الصّنم أوّلا، وسيحشرون أذلاء، ناكسة رؤوسهم، ذليلة عيونهم، حيث يقال لهم : هذا هو اليوم الذي وعدتم به في الدنيا فأنكرتم واستكبرتم.
المفردات :
الأجداث : القبور، واحدها جدث.
السّراع : واحدهم سريع، أي مسرعين.
النصب : كل شيء منصوب كالعلم والراية، وكذا ما ينصب للعبادة، والأنصاب جمع جمع.
يوفضون : يسرعون.
خاشعة : ذليلة.
ترهقهم : تغشاهم.
التفسير :
٤٣، ٤٤- يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون.
اذكر يوم يقومون من قبورهم مسرعين لتلبية النداء، والوقوف في عرصات القيامة لفصل القضاء، كأنهم في إسراعهم إلى ساحة القيامة، كما كانوا في الدنيا يهرولون إلى شيء منصوب : علم أو راية أو صنم من الأصنام.
قال المفسرون :
كان الإسراع إلى المعبودات الباطلة وسائر الطواغيت من عادات المشركين، وكانوا إذا أبصروا أصنامهم أسرعوا إليها، يحاول كل منهم أن يستلم الصنم أوّلا، وفي هذا التشبيه تذكير بسخافة عقولهم، وتهكّم بإسراعهم إلى الباطل، وفرارهم من الحق.
خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون.
إنهم يحشرون يوم القيامة أذلاء، منكسرة عيونهم، تغشاهم المذلة والمهانة والعذاب والهوان في ذلك اليوم، يوم القيامة، الذي توعّدهم القرآن به وحذّرهم من عذابه، لقد كانوا في أعيادهم يسرعون إلى أصنامهم، فرحين لاهين عابثين في باطلهم، لكن الصورة اختلفت عند قيامهم من قبورهم، فإنهم يحشرون أذلاء مرهقين، قد بدا الانكسار في عيونهم، وإرهاق المذلة على أبدانهم، بسبب استهتارهم بذلك اليوم، واستبعادهم لوقوعه.
وبذلك تتوافق بداية السورة ونهايتها، فقد كانت البداية سؤال من الكافرين عن يوم القيامة، سؤال استبعاد واستنكار، وكانت نهاية السورة رؤية اليوم عيانا، والإسراع لتلبية الداعي إلى المحشر في حالة من العذاب والهوان والانكسار، وقد شاهدوا القيامة مشاهدة فعلية واقعية.
قال تعالى : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذّركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد. ( آل عمران : ٣٠ ).