تفسير سورة المرسلات

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة المرسلات من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سورة المرسلات
مكية في قول الجمهور، وقيل: فيها مدني قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ على تأويل من قال: إنها حكاية حال عن المنافقين في القيامة، وآيها: خمسون آية، وحروفها: ثماني مئة وستة عشر حرفًا، وكلمها: مئة وإحدى وثمانون كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)﴾.
[١] ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ يعني: الملائكة التي أرسلت بالمعروف من أمر الله ونهيه، و ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ﴾ نصب على الحال.
...
﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢)﴾.
[٢] ﴿فَالْعَاصِفَاتِ﴾ يعني: الرياح الشديدة الهبوب ﴿عَصْفًا﴾ مصدر.
...
﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣)﴾.
[٣] ﴿وَالنَّاشِرَاتِ﴾ يعني: الرياح اللينة ﴿نَشْرًا﴾ مصدر أيضًا.
﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤)﴾.
[٤] ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا﴾ يعني: الملائكة تأتي بما يفرق بين الحق والباطل.
...
﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥)﴾.
[٥] ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾ يعني: الملائكة تلقي الذكر إلى الأنبياء. قرأ أبو عمرو، وخلاد عن حمزة بخلاف عنه: بإدغام التاء في الذال، وقرأ الباقون: بالإظهار (١).
...
﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦)﴾.
[٦] ﴿عُذْرًا﴾ قرأ يعقوب من رواية روح: بضم الذال، والباقون: بإسكانها ﴿أَوْ نُذْرًا﴾ قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف، وحفص عن عاصم: بإسكان الذال، والباقون: بضمها (٢)، فإسكان الذال فيهما على أنهما مصدران، وضم الذال يصح معه المعنى، ويصح أن يكون جمعًا لنذير وعاذر اللذين هما اسم فاعل، والمعنى: أن الذكر يلقى بإعذار وإنذار، وأما النصب في قوله: (عُذْرًا أَوْ نُذْرًا)، فيصح إذا كانا مصدرين أن يكون ذلك
(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٨٥ - ١٨٦)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤٣٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٣٣).
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٢١٨)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٥٣٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢١٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٣٣ - ٣٤).
على البدل من الذكر، ويصح أن يكون مفعولًا للذكر كأنه قال (١): فالملقيات أن تذكر عذرًا، ويصح أن يكون عذرًا مفعولًا من أجله؛ أي: يلقى الذكر من أجل الإعذار، وأما إذا كان عذرًا أو نذرًا جمعًا، فالنصب على الحال، والواو الأولى للقَسَم، والباقي للعطف؛ لأنه تعالى أقسم بالمرسلات، وعطف عليها الباقي.
...
﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧)﴾.
[٧] وجواب القسم: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ﴾ من البعث والعذاب ﴿لَوَاقِعٌ﴾ كائن لا محالة.
...
﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨)﴾.
[٨] ثم ذكر متى يقع فقال: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ مُحِيَ نورُها.
...
﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩)﴾.
[٩] ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ﴾ شُقَّت.
...
﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (١٠)﴾.
[١٠] ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾ قُطعت من أماكنها (٢).
(١) "قال": ساقطة من "ت".
(٢) في "ت": "أساكنها".
﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)﴾.
[١١] ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ قرأ أبو عمرو، وأبو جعفر بخلاف عن الثاني: (وُقِّتَتْ) بواو مضمومة مبدلة من الهمزة، واختلف عن أبي جعفر في تخفيف القاف وتشديدها، وقرأ الباقون: (أُقِّتَتْ) بالهمز وتشديد القاف (١)، وهما لغتان، والعرب تعاقب بين الواو والهمزة؛ كقولهم وَكَّدْتُ، وأَكَّدْتُ، ووَرَّخْتُ، وأَرَّخْتُ، ومعناهما: جُمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة؛ ليشهدوا على الأمم.
...
﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢)﴾.
[١٢] ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢)﴾ أُخرت، وضرب الأجل لجمعهم، يعجِّبُ العبادَ من ذلك اليوم.
...
﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣)﴾.
[١٣] ثم بين تعالى فقال: ﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾ بين الخلائق.
...
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)﴾.
[١٤] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ من أين تعلم كنهه ولم تر مثله؟
(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٢١٨)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٥٣٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٩٦ - ٣٩٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٣٤ - ٣٥).
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)﴾.
[١٥] ﴿وَيْلٌ﴾ مبتدأ وهو نكرة لما فيه من معنى الدعاء قال ابن عباس: "ويلٌ: واد في جهنم" (١) ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرفه ﴿لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ بالبعث.
...
﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦)﴾.
[١٦] ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ﴾ يعني: الأمم الماضية حين كذبوا رسلهم.
...
﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧)﴾.
[١٧] ﴿ثُمَّ﴾ نحن ﴿نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾ السالكين سبيلَهم في الكفر والتكذيب؛ يعني: كفار مكة.
...
﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨)﴾.
[١٨] ﴿كَذَلِكَ﴾ مثلَ فعلنا بالمكذبين ﴿نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ بكل من أجرم.
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩)﴾.
[١٩] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ كرره في هذه السورة عشر مرات مبالغةً في التهديد؛ نحو: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (١/ ٢٠٢)، وقد جاء مرفوعًا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠)﴾.
[٢٠] ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ ضعيف، والمراد: المني. واتفق القراء على إدغام القاف في الكاف في هذا الحرف، وذكر النقاش أنه في قراءة ابن كثير، ونافع براوية قالون، وعاصم في رواية حفص: بالإظهار، قاله في "الإيضاح".
...
﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١)﴾.
[٢١] ﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ موضع حريز (١)، وهو الرحم.
...
﴿إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢)﴾.
[٢٢] ﴿إِلَى قَدَرٍ﴾ أي: مؤخرًا إلى مقدار من الزمان ﴿مَعْلُومٍ﴾ وهو وقت الولادة.
...
﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣)﴾.
[٢٣] ﴿فَقَدَرْنَا﴾ قرأ نافع، وأبو جعفر، والكسائي: (فَقَدَّرْنَا) بتشديد الدال؛ من التقدير؛ أي: قدرناه تقديرًا مرة بعد مرة، وقرأ الباقون: بتخفيفها؛ من القدرة (٢).
(١) "حريز" زيادة من "ت".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٦٦)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٥٣٣)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٩٧)، و"معجم القراءات =
﴿فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ روى ابن مسعود عن النبي - ﷺ -: أنه فسر القادرون بالمقدِّرين (١).
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤)﴾.
[٢٤] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ بقدرتنا على ذلك.
...
﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥)﴾.
[٢٥] ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا﴾ أوعيةً، جمع كافت، وهو الوعاء.
...
﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦)﴾.
[٢٦] ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ منتصبان بـ (كِفَاتًا) على المفعولية، فالأرض تكفتُ الأحياء على ظهرها، وتكفتُ الأموات في بطنها.
...
﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧)﴾.
[٢٧] ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ جبالًا ﴿شَامِخَاتٍ﴾ مرتفعاتٍ ثوابتَ.
﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا﴾ عذبًا.
...
= القرآنية" (٨/ ٣٧).
(١) انظر: "تفسير القرطبي" (١٩/ ١٦٠).
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)﴾.
[٢٨] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ بأمثال هذه النعم.
...
﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩)﴾.
[٢٩] ثم أخبر تعالى أنه يقال لهم يوم القيامة: ﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ﴾ من العذاب ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ في الدنيا.
...
﴿انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠)﴾.
[٣٠] ﴿انْطَلِقُوا﴾ تكرير للأول ﴿إِلَى ظِلٍّ﴾ يعني: إلى دخان جهنم. قرأ رويس عن يعقوب: (انْطَلَقُوا) الحرف الثاني بفتح اللام، والباقون: بكسرها (١).
﴿ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾ لأنه إذا ارتفع، افترق ثلاث فرق؛ لعظمته. قرأ أبو عمرو: (ثَلاَث شُّعَبٍ) بإدغام الثاء في الشين (٢).
...
﴿لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١)﴾.
[٣١] ﴿لَا ظَلِيلٍ﴾ نعت (ظِلٍّ)؛ أي: لا كَنينٍ يُظلهم من حر ذلك اليوم.
(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٩٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٣٧).
(٢) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٧٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٣٧).
﴿وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ لا يردُّ عنهم شيئًا من لهب النار.
...
﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)﴾.
[٣٢] ﴿إِنَّهَا﴾ أي: النار ﴿تَرْمِي بِشَرَرٍ﴾ جمع شرارة، وهو ما تطاير من النار، كلُّ شرارة ﴿كَالْقَصْرِ﴾ وهو البناء العظيم.
...
﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (٣٣)﴾.
[٣٣] ثم رد الضمير إلى لفظ النار دون معناها، فقال: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ﴾ قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص عن عاصم: (جِمَالَةٌ) بغير ألف بعد اللام مع كسر الجيم على جمع جَمَل، وقرأ الباقون: بالألف، جمع (جمالة) التي هي جمع جَمَل، ومنهم رويس عن يعقوب: بضم الجيم، والباقون: بكسرها، فمن قرأ بضم الجيم، أراد الأشياء العظام المجموعة، والقراءة بالكسر قال ابن عباس وسعيد بن جبير: "هي حبال سفن البحر، يُجمع بعضُها إلى بعض لتكون كأوساط الرجال" (١) ﴿صُفْرٌ﴾ جمع أصفر؛ يعني: لون النار؛ فإن الشرار لما فيه من النارية يكون أصفر، وشبه الشرار بالقصر؛ لعظمه، وبالجمال للعظم والطول واللون، وهذا تشبيه بما يشاهد.
(١) رواه البخاري (٤٦٤٩)، كتاب: التفسير، باب: قوله: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وذكره البغوي في "تفسيره" (٤/ ٤٣٥)، والثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ١١١)، عن سعيد بن جبير.
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤)﴾.
[٣٤] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
...
﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥)﴾.
[٣٥] ﴿هَذَا﴾ مبتدأ، خبره:
﴿يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾ أي: هذا المذكور في يوم لا ينطقون فيه (١) خوفًا ودهشًا.
...
﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)﴾.
[٣٦] ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ﴾ بالاعتذار (٢) ﴿فَيَعْتَذِرُونَ﴾ عطف ﴿فَيَعْتَذِرُونَ﴾ على ﴿يُؤْذَنُ لَهُمْ﴾ فلا يعتذرون.
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧)﴾.
[٣٧] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
...
﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨)﴾.
[٣٨] ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ بين الخلائق ﴿جَمَعْنَاكُمْ﴾ أيها المكذبون من هذه الأمة ﴿وَالْأَوَّلِينَ﴾ من المكذبين من قبلكم، فتحاسبون جميعًا.
...
(١) "فيه" ساقطة من "ت".
(٢) في "ت": "في الاعتذار".
﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩)﴾.
[٣٩] ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ﴾ حيلة تدفعون بها عنكم العذاب ﴿فَكِيدُونِ﴾ فاحتالوا لأنفسكم. قرأ يعقوب: (فَكِيدُونِي) بإثبات الياء، والباقون: بحذفها (١).
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)﴾.
[٤٠] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ إذ لا حيلة لهم.
...
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١)﴾.
[٤١] ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾ من الشرك؛ لأنهم في مقابلة المكذبين.
﴿فِي ظِلَالٍ﴾ جمع ظل؛ أي: في ظلال الشجر.
﴿وَعُيُونٍ﴾ ماء. قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر، وابن ذكوان: بكسر العين، والباقون: بضمها (٢).
...
﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢)﴾.
[٤٢] ﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾.
(١) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٩٧)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٤٠).
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤٣١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٤٠).
﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)﴾.
[٤٣] ويقال لهم: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا﴾ بلا داء ولا تخمة.
﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا بطاعتي.
...
﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤)﴾.
[٤٤] ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ في العقيدة.
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)﴾.
[٤٥] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
...
﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)﴾.
[٤٦] ثم قال لكفار مكة: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا﴾ في الدنيا (١).
﴿إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ﴾ كافرون مستحقون للعذاب.
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧)﴾.
[٤٧] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ حيث عَرَّضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل.
...
(١) "في الدنيا" زيادة من "ت".
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨)﴾.
[٤٨] ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا﴾ صَلُّوا ﴿لَا يَرْكَعُونَ﴾ قال ابن عباس: "إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يُدعون إلى السجود فلا يستطيعون" (١). قرأ الكسائي، وهشام، ورويس: (قِيلَ) بإشمام القاف الضم (٢).
...
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩)﴾.
[٤٩] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
...
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)﴾.
[٥٠] ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ﴾ بعدَ القرآن ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ إذا لم يؤمنوا به؟! وهذا توقيف وتوبيخ. وروي عن يعقوب أنه قرأ: (تُؤْمِنُونَ) بالخطاب على المواجهة، ورويت عن ابن عامر، قاله ابن عطية في "تفسيره" (٣)، والله أعلم.
* * *
(١) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٥٣٥).
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٤٣١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٤١).
(٣) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٤٢٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٤١).
Icon