تفسير سورة غافر

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة غافر من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ

﴿حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير﴾ قوله عز وجل: ﴿حم﴾ فيه خمسة أوجه: أحدهما: أنه اسم من أسماء الله أقسم به، قاله ابن عباس. الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. الثالث: أنها حروف مقطعة من اسم الله الذي هو الرحمن، قاله سعيد بن جبير وقال: الر وحم ون هو الرحمن. الرابع: هو محمد ﷺ، قاله جعفر بن محمد. الخامس: فواتح السور، قاله مجاهد قال شريح بن أوفى العبسي:
(يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم)
ويحتمل سادساً: أن يكون معناه حُم أمر الله أي قرب، قال الشاعر:
141
ومنه سميت الحمى لأنها تقرب منه المنية. فعلى هذا يحتمل وجهين: أحدهما: أنه يريد به قرب قيام الساعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثت في آخرها ألفاً) الثاني: أنه يريد به قرب نصره لأوليائه وانتقامة من أعدائه يوم بدر. قوله عز وجل: ﴿غافر الذنب﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه غافره لمن استغفره، قاله النقاش. الثاني: ساتره على من يشاء، قاله سهل بن عبد الله. ﴿وقابل التوب﴾ يجوز أن يكون جمع توبة، ويجوز أن يكون مصدراً من تاب يتوب توباً، وقبوله للتوبة إسقاط الذنب بها مع إيجاب الثواب عليها. قوله عز وجل: ﴿ذي الطول﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: ذي النعم، قاله ابن عباس. الثاني: ذي القدرة، قاله ابن زيد. الثالث: ذي الغنى والسعة، قاله مجاهد. الرابع: ذي الخير، قاله زيد بن الأصم. الخامس: ذي المن، قاله عكرمة. السادس: ذي التفضيل، قاله محمد بن كعب. والفرق بين المن والفضل أن المن عفو عن ذنب، والفضل إحسان غير مستحق والطول مأخوذ من الطول كأنه إنعامه على غيره وقيل لأنه طالت مدة إنعامه.
142
قوله عز وجل :﴿ غافر الذنب ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه غافره لمن استغفره، قاله النقاش.
الثاني : غافره بمعنى أنه موصوف بمغفرته، قاله ابن عيسى.
الثالث : ساتره على من يشاء، قاله سهل بن عبد الله.
﴿ وقابل التوب ﴾ يجوز أن يكون جمع توبة، ويجوز أن يكون مصدراً من تاب يتوب توباً، وقبوله للتوبة إسقاط الذنب بها مع إيجاب الثواب عليها.
قوله عز وجل :﴿ ذي الطول ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : ذي النعم، قاله ابن عباس.
الثاني : ذي القدرة، قاله ابن زيد.
الثالث : ذي الغنى والسعة، قاله مجاهد.
الرابع : ذي الخير، قاله زيد بن الأصم.
الخامس : ذي المن، قاله عكرمة.
السادس : ذي التفضيل، قاله محمد بن كعب.
والفرق بين المن والفضل أن المن عفو عن ذنب، والفضل إحسان غير مستحق. والطوْل مأخوذ من الطُّول كأنه طال إنعامه على غيره وقيل لأنه طالت مدة إنعامه.
{ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة
142
برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار} قوله عز وجل: ﴿ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا﴾ فيه وجهان: أحدهما: ما يماري فيها، قاله السدي. الثاني: ما يجحد بها، قاله يحيى بن سلام. وفي الفرق بين المجادلة والمناظرة وجهان: أحدهما: ان المجادلة لا تكون إلا بين مبطلين أو مبطل ومحق، والمناظرة بين محقين. الثاني: أن المجادلة فتل الشخص عن مذهبه محقاً أو مبطلاً، والمناظرة التوصل إلى الحق في أي من الجهتين كان. وقيل إنه أراد بذلك الحارث بن قيس السهمي وكان أحد المستهزئين. ﴿فلا يغررك تقلبهم في البلاد﴾ قال قتادة: إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم، وفيه وجهان: أحدهما: لا يغررك تقلبهم في الدنيا بغير عذاب، قاله يحيى. الثاني: لا يغررك تقلبهم في السعة والنعمة قاله مقاتل وقيل إن المسلمين قالوا نحن في جهد والكفار في السعة، فنزل ﴿فلا يغررك تقلبهم في البلاد﴾ حكاه النقاش وفيه حذف تقديره: فلا يغررك تقلبهم في البلاد سالمين فسيؤخذون. قولة عز وجل: ﴿وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه﴾ فيه وجهان: أحدهما: ليحبسوه ويعذبوه، حكاه ابن قتيبة. الثاني: ليقتلوه، قاله قتادة والسدي. والعرب تقول: الأسير الأخيذ لأنه مأسور للقتل، وأنشد قطرب قول الشاعر:
(قد حُمّ يومي فسر قوم قومٌ بهم غفلة ونوم)
143
وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان: أحدهما: عند دعائه لهم. الثاني: عند نزول العذاب بهم. ﴿وجادلوا بالباطل ليُدْحضوا به الحقَّ﴾ قال يحيى بن سلام: جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان. ﴿فأخذتهم﴾ قال السدي: فعذبتهم. ﴿فكيف كان عقاب﴾ في هذا السؤال وجهان: أحدهما: أنه سؤال عن صدق العقاب، قال مقاتل وجدوه حقاً. الثاني: عن صفته، قال قتادة: شديد والله. قوله عز وجل: ﴿وكذلك حقت كلمة ربِّك على الذين كفروا﴾ أي كما حقت على أولئك حقت على هؤلاء. وفي تأويلها وجهان: أحدهما: وكذلك وجب عذاب ربك. الثاني: وكذلك صدق وعد ربك. ﴿أنهم أصحاب النار﴾ جعلهم أصحابها لأنهم يلزمونها وتلزمهم.
144
قولة عز وجل :﴿ وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ليحبسوه ويعذبوه، حكاه ابن قتيبة.
الثاني : ليقتلوه، قاله قتادة والسدي. والعرب تقول : الأسير الأخيذ لأنه مأسور للقتل، وأنشد قطرب قول الشاعر :
(فإما تأخذوني تقتلوني ومن يأخذ فليس إلى خلود)
فإما تأخذوني تقتلوني ومن يأخذ فليس إلى خلود١
وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان :
أحدهما : عند دعائه لهم.
الثاني : عند نزول العذاب بهم.
﴿ وجادلوا بالباطل ليُدْحضوا به الحقَّ ﴾ قال يحيى بن سلام : جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان.
﴿ فأخذتهم ﴾ قال السدي : فعذبتهم.
﴿ فكيف كان عقاب ﴾ في هذا السؤال وجهان :
أحدهما : أنه سؤال عن صدق العقاب. قال مقاتل وجدوه حقاً.
الثاني : عن صفته، قال قتادة : شديد والله.
١ هكذا في ط و ع وفي تفسير القرطبي: فكم من آخذ يهوي خلودي***
وفي تفسير السمين وكم من واحد يهوى خلودي..

قوله عز وجل :﴿ وكذلك حقت كلمة ربِّك على الذين كفروا ﴾ أي كما١ حقت على أولئك حقت على هؤلاء. وفي تأويلها وجهان :
أحدهما : وكذلك وجب عذاب ربك.
الثاني : وكذلك صدق وعد ربك.
﴿ أنهم أصحاب النار ﴾ جعلهم أصحابها لأنهم يلزمونها وتلزمهم.
١ كما سقطت من ك..
﴿الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم﴾ قوله عز وجل: ﴿ربنا وسعت كل شَيْءٍ رحمة وعلماً﴾ فيه وجهان: أحدهما: ملأت كل شيء رحمة وعلماً، أو رحمة عليه وعلماً به، وهو معنى قول يحيى بن سلام. الثاني: معناه: وسعت رحمتك وعلمك كل شيء.
144
﴿فاغفر للذين تابوا﴾ قال يحيى: من الشرك. ﴿واتبعوا سبيلك﴾ قال الإسلام لأنه سبيل إلى الجنة. ﴿وقهم عذاب الجحيم﴾ بالتوفيق لطاعتك.
145
﴿إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون﴾ قوله عز وجل: ﴿إن الذين كفروا ينادَوْنَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنهم ينادون يوم القيامة، قاله قتادة. الثاني: ينادون في النار، قاله السدي. ﴿لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعوْن إلى الإيمان فتكفرون﴾ فيه وجهان: أحدهما: لمقت الله بكم في الدنيا إذا دعيتم إلى الإيمان فكفرتم أكبر من مقتكم لأنفسكم في الآخرة حين عاينتم العذاب وعلمتم أنكم من أهل النار، قاله الحسن وقتادة. الثاني: معناه: إن مقت الله لكم إذ عصيتموه أكبر من مقت بعضكم لبعض حين علمتم أنهم أضلوكم، حكاه ابن عيسى. فإن قيل: كيف يصح على الوجه الأول أن يمقتوا أنفسهم؟ ففيه وجهان: أحدهما: أنهم أحلوها بالذنوب محل الممقوت.
145
الثاني: أنهم لما صاروا إلى حال زال عنهم الهوى وعلموا أن نفوسهم هي التي أوبقتهم في المعاصي مقتوها. وفي اللام التي في ﴿لمقت الله﴾ وجهان: أحدهما: أنها لام الابتداء كقولهم لزيد أفضل من عمرو، قاله البصريون. الثاني: أنها لام اليمين تدخل على الحكاية وما ضارعها، قاله ثعلب. قوله عز وجل: ﴿قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه خلقهم أمواتاً في أصلاب آبائهم، ثم أحياهم بإخراجهم ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث، فهما ميتتان إحداهما في أصلاب الرجال، الثانية في الدنيا، وحياتان: إحداهما في الدنيا والثانية في الآخرة، قاله ابن مسعود وقتادة. الثاني: أن الله أحياهم حين أخذ عليهم الميثاق في ظهر آدم قوله ﴿وإذ أخذ رَبُكَ مِن ابني آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذرِيتَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٧١] الآية. ثم إن اللَّه أماتهم بعد أخذ الميثاق عليهم، ثم أحياهم حين أخرجهم، ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث فتكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة، قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. الثالث: أن الله أحياهم حين خلقهم في الدنيا، ثم أماتهم فيها عند انقضاء أجالهم، ثم أحياهم في قبورهم للمساءلة، ثم أماتهم إلى وقت البعث. ثم أحياهم للعبث، قاله السدي. ﴿فاعترفنا بذنوبنا﴾ أنكروا البعث في الدنيا وأن يحيوا بعد الموت، ثم اعترفوا في الآخرة بحياتين بعد موتتين. ﴿فهل إلى خروج مِن سبيل﴾ فيه وجهان: أحدهما: فهل طريق نرجع فيها إلى الدنيا فنقر بالبعث، وهو معنى قول قتادة. الثاني: فهل عمل نخرج به من النار، ونتخلص به من العذاب؟ قاله الحسن.
146
وفي الكلام مضمر تقديره: لا سبيل إلى الخروج. قوله عز وجل: ﴿ذلكم بأنه إذا دُعي الله وحده كفرتم﴾ أي كفرتم بتوحيد الله. ﴿وإن يُشرك به تؤمنوا﴾ فيه وجهان: أحدهما: معناه تصدقوا من أشرك به، قاله النقاش. الثاني: تؤمنوا بالأوثان، قاله يحيى بن سلام. ﴿فالحكم لله﴾ يعني في مجازاة الكفار وعقاب العصاة. ﴿العلي الكبير﴾ إنما جاز وصفه بأنه علي ولم تجز صفته بأنه رفيع لأنها صفة قد تنقل من علو المكان إلى علو الشأن والرفيع لا يستعمل إلا في ارتفاع المكان.
147
قوله عز وجل :﴿ قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه خلقهم أمواتاً في أصلاب آبائهم، ثم أحياهم بإخراجهم ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث، فهما ميتتان إحداهما في أصلاب الرجال، الثانية في الدنيا، وحياتان : إحداهما في الدنيا والثانية في الآخرة، قاله ابن مسعود١ وقتادة.
الثاني : أن الله أحياهم حين أخذ عليهم الميثاق في ظهر آدم قوله
﴿ وإذ أخذ رَبُكَ مِن ابني آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذرِيتَهُمْ ﴾
[ الأعراف : ١٧١ ] الآية. ثم إن اللَّه أماتهم بعد أخذ الميثاق عليهم، ثم أحياهم حين أخرجهم، ثم أماتهم عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم للبعث فتكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة، قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
الثالث : أن الله أحياهم حين خلقهم في الدنيا، ثم أماتهم فيها عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم في قبورهم للمساءلة، ثم أماتهم إلى وقت البعث، ثم أحياهم للعبث، قاله السدي٢.
﴿ فاعترفنا بذنوبنا ﴾ أنكروا البعث في الدنيا وأن يحيوا بعد الموت، ثم اعترفوا في الآخرة بحياتين بعد موتتين.
﴿ فهل إلى خروج مِن سبيل ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فهل طريق نرجع فيها إلى الدنيا فنقر بالبعث، وهو معنى قول قتادة.
الثاني : فهل عمل نخرج به من النار، ونتخلص به من العذاب ؟ قاله الحسن.
وفي الكلام مضمر تقديره : لا سبيل إلى الخروج.
١ وهو قول ابن عباس والضحاك ومثله قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم..
٢ إنما صار إلى هذا لأن لفظ الميت لا ينطلق في العرف على النطفة. واستدل بعض العلماء من هذا في إثبات سؤال القبر، ولو كان الثواب والعقاب للروح دون الجسد فما معنى الإحياء والإماتة؟.
قوله عز وجل :﴿ ذلكم بأنه إذا دُعي الله وحده كفرتم ﴾ أي كفرتم بتوحيد الله.
﴿ وإن يُشرك به تؤمنوا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : معناه تصدقوا من أشرك به، قاله النقاش.
الثاني : تؤمنوا بالأوثان، قاله يحيى بن سلام.
﴿ فالحكم لله ﴾ يعني في مجازاة الكفار وعقاب العصاة.
﴿ العلي الكبير ﴾ إنما جاز وصفه بأنه علي ولم تجز صفته بأنه رفيع لأنها صفة قد تنقل من علو المكان إلى علو الشأن والرفيع لا يستعمل إلا في ارتفاع المكان.
﴿رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب﴾ قوله عز وجل: ﴿رفيع الدرجات﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: رفع السموات السبع، قاله سعيد بن جبير والكلبي. الثاني: عظيم الصفات، قاله ابن زياد. الثالث: هو رفعه درجات أوليائه، قاله يحيى. ﴿ذو العرش﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن عرشه فوق سماواته، قاله سعيد بن جبير. الثاني: أنه رب العرش، قاله يحيى. ﴿يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: أن الروح الوحي، قاله قتادة. الثاني: النبوة، قاله السدي. الثالث: القرآن، قاله ابن عباس.
147
الرابع: الرحمة، حكاه إبراهيم الجوني. الخامس: أرواح عباده، لا ينزل ملك إلا ومعه منها روح، قاله مجاهد. السادس: جبريل يرسله الله بأمره، قاله الضحاك. ﴿لينذر يوم التلاق﴾ فيه قولان: أحدهما: لينذر الله به يوم القيامة، قاله الحسن. الثاني: لينذر أنبياؤه يوم التلاق وهو يوم القيامة وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: لأنه يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، قاله السدي وابن زيد. الثاني: لأنه يلتقي فيه الأولون والآخرون، وهو معنى قول ابن عباس. الثالث: يلتقي فيه الخلق والخالق، قاله قتادة. قوله عز وجل: ﴿يومَ هم بارزون﴾ يعني من قبورهم. ﴿لا يخفى على الله منهم شَيْءٌ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه أبرزهم جميعاً لأنه لا يخفى على الله منهم شيء. الثاني: معناه يجازيهم من لا يخفى عليه من أعمالهم شيء. ﴿لمن الملك اليوم﴾ هذا قول الله، وفيه قولان: أحدهما: أنه قوله بين النفختين حين فني الخلائق وبقي الخالق فلا يرى - غير نفسه - مالكاً ولا مملوكاً: لمن الملك اليوم فلا يجيبه لأن الخلق أموات، فيجيب نفسه فيقول: ﴿لله الواحد القهار﴾ لأنه بقي وحده وقهر خلقه، قاله محمد بن كعب. الثاني: أن هذا من قول الله تعالى في القيامة حين لم يبق من يدَّعي ملكاً، أو يجعل له شريكاً. وفي المجيب عن هذا السؤال قولان: أحدهما: أن الله هو المجيب لنفسه وقد سكت الخلائق لقوله، فيقول: لله الواحد القهار، قاله عطاء. الثاني: ان الخلائق كلهم يجيبه من المؤمنين. والكافرين، فيقولون: لله الواحد القهار، قاله ابن جريج.
148
قوله عز وجل :﴿ يومَ هم بارزون ﴾ يعني من قبورهم.
﴿ لا يخفى على الله منهم شَيْءٌ ﴾ < فيه وجهان :
أحدهما : أنه أبرزهم جميعاً لأنه لا يخفى على الله منهم شيء>١.
الثاني : معناه يجازيهم من لا يخفى عليه من أعمالهم شيء.
﴿ لمن الملك اليوم ﴾ هذا قول الله، وفيه قولان :
أحدهما : أنه قوله بين النفختين حين فني الخلائق وبقي الخالق فلا يرى - غير نفسه - مالكاً ولا مملوكاً : لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد لأن الخلق أموات، فيجيب نفسه فيقول :﴿ لله الواحد القهار ﴾ لأنه بقي وحده وقهر خلقه، قاله محمد بن كعب.
الثاني : أن هذا من قول الله تعالى في القيامة حين لم يبق من يدَّعي ملكاً، أو يجعل له شريكاً.
وفي المجيب عن هذا السؤال قولان :
أحدهما : أن الله هو المجيب لنفسه وقد سكت الخلائق لقوله، فيقول : لله الواحد القهار، قاله عطاء.
الثاني : أن الخلائق كلهم يجيبه من المؤمنين والكافرين، فيقولون : لله الواحد القهار، قاله ابن جريج.
١ ساقطة من ك..
﴿وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير﴾ قوله عز وجل: ﴿وأنذرهم يوم الآزفة﴾ فيه قولان: أحدهما: يوم حضور المنية، قاله قطرب. الثاني: يوم القيامة وسميت الآزفة لدنوها، وكل آزف دانٍ، ومنه قوله تعالى ﴿أزفت الآزفة﴾ [النجم: ٥٧] أي دنت القيامة. ﴿إذ القلوب لَدَى الحناجر﴾ فيه قولان: أحدهما: أن القلوب هي النفوس بلغت الحناجر عند حضور المنية، وهذا قول من تأول يوم الآزفة بحضور المنية، قاله قتادة. ووقفت في الحناجر من الخوف فهي لا تخرج ولا تعود في أمكنتها. ﴿كاظمين﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: مغمومون قاله الكلبي. الثاني: باكون، قاله ابن جريج. الثالث: ممسكون بحناجرهم، ماخوذ من كظم القربة وهو شد رأسها. الرابع: ساكتون، قاله قطرب، وأنشد قول الشماخ:
(فظلت كأن الطير فوق رؤوسها صيامٌ تنائي الشمس وهي كظوم)
﴿ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع﴾ في الحميم قولان: أحدهما: انه القريب، قاله الحسن. الثاني: الشفيق، قاله مجاهد، ومعنى الكلام: ما لهم من حميم ينفع ولا شفيع يطاع أي يجاب إلى الشفاعة، وسميت الإجابة طاعة لموافقتها إرادة المجاب. قوله عز وجل: ﴿يعلم خائنة الأعين﴾ فيه خمسة أوجه:
149
أحدها: أنه الرمز بالعين، قاله السدي. الثاني: هي النظرة بعد النظرة، قاله سفيان. الثالث: مسارقة النظر، قاله ابن عباس. الرابع: النظر إلى ما نهى عنه، قاله مجاهد. الخامس: هو قول الإنسان ما رأيت وقد رأى، أو رأيت وما رأى، قاله الضحاك. وفي تسميتها خائنة الأعين وجهان: أحدهما: لأنها أخفى الإشارات فصارت بالاستخفاء كالخيانة. الثاني: لأنها باستراق النظر إلى المحظور خيانة. ﴿وما تُخفي الصدور﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: الوسوسة، قاله السدي. الثاني: ما تضمره [عندما ترى امرأة] إذا أنت قدرت عليها أتزني بها أم لا، قاله ابن عباس. الثالث: ما يسره الإنسان من أمانة أو خيانة، وعبر عن القلوب بالصدور لأنها مواضع القلوب.
150
قوله عز وجل :﴿ يعلم خائنة الأعين ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه الرمز بالعين، قاله السدي.
الثاني : هي النظرة بعد النظرة، قاله سفيان.
الثالث : مسارقة النظر، قاله ابن عباس.
الرابع : النظر إلى ما نهى عنه، قاله مجاهد.
الخامس : هو قول الإنسان ما رأيت وقد رأى، < أو رأيت١ وما رأى> قاله الضحاك.
وفي تسميتها خائنة الأعين وجهان :
أحدهما : لأنها أخفى الإشارات فصارت بالاستخفاء كالخيانة.
الثاني : لأنها باستراق٢ النظر إلى المحظور خيانة.
﴿ وما تُخفي الصدور ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : الوسوسة، قاله السدي.
الثاني : ما تضمره [ عندما ترى امرأة ] ٣ إذا أنت قدرت عليها أتزني بها أم لا، قاله ابن عباس.
الثالث : ما يسره الإنسان من أمانة أو خيانة وعبر عن القلوب بالصدور لأنها مواضع القلوب.
١ ساقطة من ك..
٢ في ع استراق..
٣ زيادة يقتضيها وضوح المراد..
﴿أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب﴾ قوله عز وجل: ﴿... كانوا هم أشدَّ منهم قوة﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني بطشاً، قاله يحيى. الثاني: قدرة، قاله ابن عيسى. ﴿وآثاراً في الأرض﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: أنها آثارهم من الملابس والأبنية، قاله يحيى.
150
الثاني: خراب الأرضين وعمارتها، قاله مجاهد. الثالث: المشي فيها بأرجلهم، قاله ابن جريج. الرابع: بُعْد الغاية في الطلب، قاله الكلبي. الخامس: طول الأعمار، قاله مقاتل. ويحتمل سادساً: ما سنوا فيها من خير وشر.
151
﴿ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب﴾ قوله عز وجل: ﴿وقال فرعون ذروني أقتُل موسى﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه أشيروا عليّ بقتل موسى لأنهم قد كانوا أشاروا عليه بأن لا يقتله لأنه لو قتله منعوه، قاله ابن زياد. الثاني: ذروني أتولى قتله، لأنهم قالوا إن موسى ساحر إن قتلته هلكت لأنه لو أمر بقتله خالفوه. الثالث: أنه كان في قومه مؤمنون يمنعونه من قتله. فسألهم تمكينه من قتله. ﴿وليدع ربه﴾ فيه وجهان: أحدهما: وليسأل ربه فإنه لا يجاب. الثاني: وليستعن به فإنه لا يعان. ﴿إني أخاف أن يبدِّل دينكم﴾ فيها وجهان: أحدهما: يغير أمركم الذي أنتم عليه، قاله قتادة. الثاني: معناه هو أن يعمل بطاعة الله، رواه سعيد بن أبي عروبة. الثالث: محاربته لفرعون بمن آمن به، حكاه ابن عيسى.
151
الرابع: هو أن يقتلوا أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم، قاله ابن جريج. ويحتمل خامساً: أن يزول به ملككم لأنه ما تجدد دين إلا زال به ملك.
152
قوله عز وجل :﴿ وقال فرعون ذروني أقتُل موسى ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه أشيروا عليّ بقتل موسى لأنهم قد كانوا أشاروا عليه بأن لا يقتله لأنه لو قتله منعوه، قاله ابن زياد.
الثاني : ذروني أتولى قتله، لأنهم قالوا إن موسى ساحر إن قتلته هلكت لأنه لو أمر بقتله خالفوه.
الثالث : أنه كان في قومه مؤمنون يمنعونه من قتله. فسألهم تمكينه من قتله.
﴿ وليدع ربه ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : وليسأل ربه فإنه لا يجاب.
الثاني : وليستعن به فإنه لا يعان.
﴿ إني أخاف أن يبدِّل دينكم ﴾ فيها وجهان :
أحدهما : يغير أمركم الذي أنتم عليه، قاله قتادة.
الثاني : معناه هو أن يعمل بطاعة الله، رواه سعيد بن أبي عروبة.
الثالث : محاربته لفرعون بمن آمن به، حكاه ابن عيسى.
الرابع : هو أن يقتلوا أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم، قاله ابن جريج.
ويحتمل خامساً : أن يزول به ملككم لأنه ما تجدد دين إلا زال به ملك.
﴿وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾ قوله عز وجل: ﴿وقال رجلٌ مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه كان ابن عم فرعون، قاله السدي، قال وهو الذي نجا مع موسى. الثاني: أنه كان قبطياً من جنسه ولم يكن من أهله، قاله مقاتل. قال ابن إسحاق: وكان أسمه حبيب. وحكى الكلبي أن اسمه حزبيل، وكان مَلِكَا على نصف الناس وله الملك بعد فرعون، بمنزلة ولي العهد. وقال ابن عباس: لم يكن من آل فرعون مؤمن غيره وامرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر فقال ﴿إن الملأ يأتمرون بك﴾ [القصص: ٢٠]. وفي إيمانه قولان: أحدهما: أنه آمن بمجيء موسى وتصديقه له وهو الظاهر. الثاني: أنه كان مؤمناً قبل مجيء موسى وكذلك امرأة فرعون قاله الحسن، فكتم إيمانه، قال الضحاك كان يكتم إيمانه للرفق بقومه ثم أظهره فقال ذلك في حال كتمه.
152
﴿أتقتلون رجلاً أن يقول ربي اللهُ﴾ أي لقوله ربي الله. ﴿وقد جاءَكم بالبينات من ربِّكم﴾ فيها قولان: أحدهما: أنه الحلال والحرام، قاله السدي. الثاني: أنها الآيات التي جاءتهم: يده وعصاه والطوفان وغيرها، كما قال تعالى ﴿ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقصٍ من الثمرات﴾ [الأعراف: ١٣٠] قاله يحيى. ﴿وإن يك كَاذباً فعليه كَذِبُه﴾ ولم يكن ذلك لشك منه في رسالته وصدقه ولكن تلطفاً في الاستكفاف واستنزالاً عن الأذى. ﴿وإن يَكُ صادقاً يصبكم بعض الذي يعدُكم﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه كان وعدهم بالنجاة إن آمنوا وبالهلاك إن كفروا، فقال ﴿يصبكم بعض الذي يعدكم﴾ لأنهم إذا كانوا على إحدى الحالتين نالهم أحد الأمرين فصار ذلك بعض الوعد لا كله. الثاني: لأنه قد كان أوعدهم على كفرهم بالهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، فصار هلاكهم في الدنيا بعض وما وعدهم. الثالث: أن الذي يبدؤهم من العذاب هو أوله ثم يتوالى عليهم حالاً بعد حال حتى يستكمل فصار الذي يصيبهم هو بعض الذي وعدهم لأنه حذرهم ما شكوا فيه وهي الحالة الأولى وما بعدها يكونون على يقين منه. الرابع: أن البعض قد يستعمل في موضع الكل تلطفاً في الخطاب وتوسعاً في الكلام كما قال الشاعر:
(قد يُدْرِك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل)
﴿إن الله لا يهدي من هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: مسرف على نفسه كذاب على ربه إشارة إلى موسى، ويكون هذا من قول المؤمن. الثاني: مسرف في عناده كذاب في ادعائه إشارة إلى فرعون [ويكون] هذا من قوله تعالى.
153
قوله عز وجل: ﴿ويا قوم لكم الملك اليوم ظاهِرين في الأرض﴾ قال السدي: غالبين على أرض مصر قاهرين لأهلها، وهذا قول المؤمن تذكيراً لهم بنعم اللَّه عليهم. ﴿فمن ينصرنا من بأس الله إِن جاءَنا﴾ أي من عذاب الله، تحذيراً لهم من نقمة، فذكر وحذر فعلم فرعون ظهور محبته. ﴿قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى﴾ قال عبد الرحمن بن زيد: معناه ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي. ﴿وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾ في تكذيب موسى والإيمان بي.
154
قوله عز وجل :﴿ ويا قوم لكم الملك اليوم ظاهِرين في الأرض ﴾ قال السدي :
غالبين على أرض مصر قاهرين لأهلها، وهذا قول المؤمن تذكيراً لهم بنعم اللَّه عليهم.
﴿ فمن ينصرنا من بأس الله إِن جاءَنا ﴾ أي من عذاب الله، تحذيراً لهم من نقمة، فذكر وحذر فعلم فرعون ظهور محبته.
﴿ قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى ﴾ قال عبد الرحمن بن زيد : معناه ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي.
﴿ وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ﴾ في تكذيب موسى والإيمان بي
﴿وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار﴾ قوله عز وجل: ﴿ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التنادِ﴾ يعني يوم القيامة، قال أمية بن أبي الصلت:
(وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم سكانها حتى التّنَادِ)
سمي بذلك لمناداة بعضهم بعضاً، قاله الحسن. وفيما ينادي به بعضهم بعضاً قولان: أحدهما: يا حسرتا، يا ويلتا، يا ثبوراه، قاله ابن جريج. الثاني: ينادي أهلُ الجنة أهل النار أن ﴿قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً﴾ [الأعراف: ٤٤] الآية.
154
وينادي أهل النار الجنة ﴿أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللَّه﴾ [الأعراف: ٥٠] قاله قتادة. وكان الكلبي يقرؤها: يوم التنادّ، مشدودة، أي يوم الفرار، قال يندّون كما يندّ البعير. وقد جاء في الحديث أن للناس جولة يوم القيامة يندون يطلبون أنهم يجدون مفراً ثم تلا هذه الآية. ﴿يوم تولون مدبرين﴾ فيه وجهان: أحدهما: مدبرين في انطلاقهم إلى النار، قاله قتادة. الثاني: مدبرين في فِرارهم من النار حتى يقذفوا فيها، قاله السدي.
﴿ما لكم من الله من عاصم﴾ فيه وجهان: أحدهما: من ناصر، قاله قتادة. الثاني: من مانع، وأصل العصمة المنع، قاله ابن عيسى. ﴿ومن يضلل الله فما له من هاد﴾ وفي قائل هذا قولان: أحدهما: أن موسى هو القائل له. الثاني: أنه من قول مؤمن آلِ فرعون. قوله عز وجل: ﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات﴾ فيه قولان: أحدهما: أن يوسف بن يعقوب، بعثه الله رسولاً إلى القبط بعد موت الملك من قبل موسى بالبينات. قال ابن جريج: هي الرؤيا. الثاني: ما حكاه النقاش عن الضحاك أن الله بعث اليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف.
155
قوله عز وجل :﴿ ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التنادِ ﴾ يعني يوم القيامة، قال أمية بن أبي الصلت :
وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم سكانها حتى التّنَادِ
سمي بذلك لمناداة بعضهم بعضاً، قاله الحسن.
وفيما ينادي به بعضهم بعضاً قولان :
أحدهما : يا حسرتا، يا ويلتا، يا ثبوراه، قاله ابن جريج.
الثاني : ينادي أهلُ الجنة أهل النار أن ﴿ قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ﴾ [ الأعراف : ٤٤ ] الآية.
وينادي أهل النار أهل الجنة
﴿ أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللَّه ﴾
[ الأعراف : ٥٠ ] قاله قتادة.
وكان الكلبي يقرؤها : يوم التنادّ، مشددة، أي يوم الفرار، قال يندّون كما يندّ البعير. وقد جاء في الحديث أن للناس جولة يوم القيامة يندون يطلبون أنهم يجدون مفراً ثم تلا هذه الآية.
﴿ يوم تولون مدبرين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مدبرين في انطلاقهم إلى النار، قاله قتادة.
الثاني : مدبرين في فِرارهم من النار حتى يقذفوا فيها، قاله السدي.
﴿ ما لكم من الله من عاصم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من ناصر ؛ قاله قتادة.
الثاني : من مانع، وأصل العصمة المنع، قاله ابن عيسى.
﴿ ومن يضلل الله فما له من هاد ﴾ وفي قائل هذا قولان :
أحدهما : أن موسى هو القائل له.
الثاني : أنه من قول مؤمن آلِ فرعون.
قوله عز وجل :﴿ ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبيّنات ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن يوسف بن يعقوب، بعثه الله رسولاً إلى القبط بعد موت الملك من قبل موسى بالبينات. قال ابن جريج : هي الرؤيا.
الثاني : ما حكاه النقاش عن الضحاك أن الله بعث إليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف.
{وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب
155
وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} قوله عز وجل: ﴿وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: يعني مجلساً، قاله الحسن. الثاني: قصراً، قاله السدي. الثالث: أنه الآجر ومعناه أوقد لي على الطين حتى يصير آجراً، قاله سعيد بن جبير. الرابع: أنه البناء المبني بالآجر، وكانوا يكرهون أن يبنوا بالآجر ويجعلوه في القبر، قاله إبراهيم. ﴿لعلّي أبلغ الأسباب﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: ما يسبب إلى فعل مرادي. الثاني: ما أتوصل به إلى علم ما غاب عني، ثم بين مراده فقال: ﴿أسباب السموات﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: طرق السموات، قاله أبو صالح. الثاني: أبواب السموات، قاله السدي والأخفش، وأنشد قول الشاعر:
(ومن هاب أسباب المنايا يَنَلنه ولو نال أسباب السماء بِسلَّمِ)
الثالث: ما بين السموات، حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم. ﴿فأطَّلعَ إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه غلبه الجهل على قول هذا أو تصوره. الثاني: أنه قاله تمويهاً على قومه مع علمه باستحالته، قاله الحسن.
156
﴿وما كَيْدُ فرعون إلا في تبابٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: في خسران قاله ابن عباس. الثاني: في ضلال، قاله قتادة. وفيه وجهان: أحدهما: في الدنيا لما أطلعه الله عليه من هلاكه. الثاني: في الآخرة لمصيره إلى النار، قاله الكلبي.
157
﴿ أسباب السموات ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : طرق السموات، قاله أبو صالح.
الثاني : أبواب السموات، قاله السدي والأخفش، وأنشد قول الشاعر :
ومن هاب أسباب المنايا يَنَلنه ولو نال أسباب السماء بِسلَّمِ١
الثالث : ما بين السموات، حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم.
﴿ فأطَّلعَ إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه غلبه الجهل على قول هذا أو تصوره.
الثاني : أنه قاله تمويهاً على قومه مع علمه باستحالته، قاله الحسن.
﴿ وما كَيْدُ فرعون إلا في تبابٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : في خسران قاله ابن عباس.
الثاني : في ضلال، قاله قتادة٢.
وفيه وجهان :
أحدهما : في الدنيا لما أطلعه الله عليه من هلاكه.
الثاني : في الآخرة لمصيره إلى النار، قاله الكلبي.
١ البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته والذي في ديوانه: وأن يرق أسباب، وفي تفسير القرطبي ولو رام أسباب..
٢ قاله قتادة ساقطة من ك..
﴿ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ قوله عز وجل: ﴿لا جَرَمَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه: لا بد، قاله المفضل.
157
الثاني: معناه: لقد حق واستحق، قاله المبرد. الثالث: أنه لا يكون إلا جواباً كقول القائل: فعلوا كذا، فيقول المجيب: لا جرم انهم سيندمون، قاله الخليل. ﴿أن ما تدعونني إليه﴾ أي من عبادة ما تعبدون من دون الله. ﴿ليس له دعوةٌ في الدنيا ولا في الآخرة﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة، قاله السدي. الثاني: لا ينفع ولا يضر في الدنيا ولا في الآخرة، قاله قتادة. الثالث: ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة، قاله الكلبي. ﴿وأن مردنا إلى الله﴾ أي مرجعنا بعد الموت إلى الله ليجازينا على أفعالنا. ﴿وأن المسرفين هم أصحاب النار﴾ فيهم قولان: أحدهما: يعني المشركين، قاله قتادة. الثاني: يعني السفاكين للدماء بغير حق، قاله الشعبي، وقال مجاهد: سمى الله القتل سرفاً. قوله عز وجل: ﴿فستذكرون ما أقول لكم﴾ فيه قولان: أحدهما: يعني في الآخرة، قاله ابن زيد. الثاني: عند نزول العذاب بهم، قاله النقاش. ﴿وأفوّض أمري إلى الله﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه: وأسلم أمري إلى الله، قاله ابن عيسى. الثاني: أشهد عليكم الله، قاله ابن بحر. الثالث: أتوكل على الله، قاله يحيى بن سلام. ﴿إن الله بصير بالعباد﴾ فيه وجهان: أحدهما: بأعمال العباد. الثاني: بمصير العباد. وفي قائل هذا قولان: أحدهما: أنه من قول موسى. الثاني: من قول مؤمن آل فرعون، فعلى هذا يصير بهذا القول مظهراً لإيمانه.
158
قوله عز وجل: ﴿فوقاه الله سيئات ما مكروا﴾ فيه قولان: أحدهما: أن موسى وقاه الله سيئات ما مكروا، فعلى هذا فيه قولان: أحدهما: أن مؤمن آل فرعون نجاه الله مع موسى حتى عبر البحر واغرق الله فرعون، قاله قتادة، وقيل إن آل فرعون هو فرعون وحده ومنه قول أراكة الثقفي:
(لا تبك ميتاً بعد موت أحبةٍ عليّ وعباس وآل أبي بكر)
يريد أبا بكر. الثاني: أن مؤمن آل فرعون خرج من عنده هارباً إلى جبل يصلي فيه، فأرسل في طلبه، فجاء الرسل وهو في صلاته وقد ذبت عنه السباع والوحوش أن يصلوا إليه، فعادوا إلى فرعون فأخبروه فقتلهم فهو معنى قوله ﴿فوقاه الله سيئات ما مكروا﴾. ﴿وحاق بآل فرعون سوء العذاب﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنهم قومه، وسوء العذاب هو الغرق، قاله الضحاك. الثاني: رسله الذين قتلهم، وسوء العذاب هو القتل. قوله عز وجل: ﴿النار يعرضون عليها غُدُوّاً وعشيّاً﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه يعرض عليهم مقاعدهم من النار غدوة وعشية، فيقال: لآلِ فرعون هذه منازلكم، توبيخاً، قاله قتادة. الثاني: أن أرواحهم في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح فذلك عرضها، قاله ابن مسعود. الثالث: أنهم يعذبون بالنار في قبرهم غدواً وعشياً، وهذا لآل فرعون خصوصاً. قال مجاهد: ما كانت الدنيا. ﴿ويوم تقولم الساعةُ﴾ وقيامها وجود صفتها على استقامة، ومنه قيام السوق وهو حضور أهلها على استقامة في وقت العادة. ﴿أدخلوا آل فرعون أشد العذاب﴾ لأن عذاب جهنم مُخْتَلِف. وجعل الفراء في الكلام تقديماً وتأخيراً وتقديره: ادخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، وهو خلاف ما ذهب إليه غيره من انتظام الكلام على سياقه.
159
قوله عز وجل :﴿ لا جَرَمَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه : لا بد، قاله المفضل.
الثاني : معناه : لقد حق واستحق، قاله المبرد.
الثالث : أنه لا يكون إلا جواباً كقول القائل : فعلوا كذا، فيقول المجيب : لا جرم أنهم سيندمون، قاله الخليل.
﴿ أن ما تدعونني إليه ﴾ أي من عبادة ما تعبدون من دون الله.
﴿ ليس له دعوةٌ في الدنيا ولا في الآخرة ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة، قاله السدي.
الثاني : لا ينفع ولا يضر في الدنيا ولا في الآخرة، قاله قتادة.
الثالث : ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة، قاله الكلبي.
﴿ وأن مردنا إلى الله ﴾ أي مرجعنا بعد الموت إلى الله ليجازينا على أفعالنا.
﴿ وأن المسرفين هم أصحاب النار ﴾ فيهم قولان :
أحدهما : يعني المشركين، قاله قتادة.
الثاني : يعني السفاكين للدماء بغير حق١، قاله الشعبي، وقال مجاهد : سمى الله القتل سرفاً.
١ في ع بغير حقها وهناك قول ثالث أن المسرفين هم الجبارون والمتكبرون، قاله عكرمة..
قوله عز وجل :﴿ فستذكرون ما أقول لكم ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يعني في الآخرة، قاله ابن زيد.
الثاني : عند نزول العذاب بهم، قاله النقاش.
﴿ وأفوّض أمري إلى الله ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه : وأسلم أمري إلى الله، قاله ابن عيسى.
الثاني : أشهد عليكم الله، قاله ابن بحر.
الثالث : أتوكل على الله، قاله يحيى بن سلام.
﴿ إن الله بصير بالعباد ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : بأعمال العباد.
الثاني : بمصير العباد.
وفي قائل هذا قولان :
أحدهما : أنه من قول موسى.
الثاني : من قول مؤمن آل فرعون، فعلى هذا يصير بهذا القول مظهراً لإيمانه.
قوله عز وجل :﴿ فوقاه الله سيئات ما مكروا ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن موسى وقاه الله سيئات ما مكروا، فعلى هذا فيه قولان :
أحدهما : أن مؤمن آل فرعون نجاه الله مع موسى حتى عبر البحر وأغرق الله فرعون، قاله قتادة، وقيل إن آل فرعون هو فرعون وحده ومنه قول أراكة الثقفي :
لا تبك ميتاً بعد موت أحبةٍ عليّ وعباس وآل أبي بكر
يريد أبا بكر.
الثاني : أن مؤمن آل فرعون خرج من عنده هارباً إلى جبل يصلي فيه، فأرسل في طلبه، فجاء الرسل وهو في صلاته وقد ذبت عنه السباع والوحوش أن يصلوا إليه، فعادوا إلى فرعون فأخبروه فقتلهم فهو معنى قوله ﴿ فوقاه الله سيئات ما مكروا ﴾.
﴿ وحاق بآل فرعون سوء العذاب ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنهم قومه، وسوء العذاب هو الغرق، قاله الضحاك.
الثاني : رسله الذين قتلهم، وسوء العذاب هو القتل.
قوله عز وجل :﴿ النار يعرضون عليها غُدُوّاً وعشيّاً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه يعرض عليهم مقاعدهم من النار غدوة وعشية، فيقال : لآلِ فرعون هذه منازلكم، توبيخاً، قاله قتادة.
الثاني : أن أرواحهم في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح فذلك عرضها، قاله ابن مسعود.
الثالث : أنهم يعذبون بالنار في قبرهم غدواً وعشياً، وهذا لآل فرعون خصوصاً. قال مجاهد : ما كانت الدنيا.
﴿ ويوم تقوم الساعةُ ﴾ وقيامها وجود صفتها على استقامة، ومنه قيام السوق١ وهو حضور أهلها على استقامة في وقت العادة.
﴿ أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ﴾ لأن عذاب جهنم مُخْتَلِف. وجعل الفراء في الكلام تقديماً وتأخيراً وتقديره : ادخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها غدواً وعشياً. وهو خلاف ما ذهب إليه غيره من انتظام الكلام على سياقه.
١ في ك الضيوف..
﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير﴾ قوله عز وجل: ﴿إنا لننصُرُ رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا﴾ فيه قولان: أحدهما: بإفلاج حجتهم، قاله أبو العالية. الثاني: بالانتقام من أعدائهم قال السدي: ما قتل قوم قط نبياً أو قوماً من دعاة الحق من المؤمنين إلا بعث الله من ينتقم لهم فصاروا منصورين فيها وإن قُتلوا. ﴿ويومَ يقَوم الأشْهاد﴾ بمعنى يوم القيامة. وفي نصرهم قولان: أحدهما: بإعلاء كلمتهم وإجزال ثوابهم. الثاني: إنه بالانتقام من أعدائهم. وفي ﴿الأشهاد﴾ ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم الملائكة شهدوا للأنبياء بالإبلاغ، وعلى الأمم بالتكذيب، قاله مجاهد والسدي. الثاني: انهم الملائكة والأنبياء، قاله قتادة.
160
الثالث: أنهم أربعة: الملائكة والنبيون والمؤمنون والأجساد، قاله زيد بن أسلم ثم في ﴿الأشهاد﴾ أيضاً وجهان: أحدهما: جمع شهيد مثل شريف، وأشراف. الثاني: أنه جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب. قوله عز وجل: ﴿فاصبر إنَّ وعد الله حق﴾ فيه قولان: أحدهما: هو ما وعد الله رسوله في آيتين من القرآن أن يعذب كفار مكة، قاله مقاتل. الثاني: هو ما وعد الله رسوله أن يعطيه المؤمنين في الآخرة، قاله يحيى بن سلام. ﴿واستغفر لذنبك﴾ اي من ذنب إن كان منك. قال الفضيل: تفسير الاستغفار أقلني. ﴿وسبح بحمد ربِّك﴾ قال مجاهد: وصَلِّ بأمر ربك. ﴿بالعشي والإبكار﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها صلاة العصر والغداة، قاله قتادة. الثاني: أن العشي ميل الشمس إلى أن تغيب، والإبكار أول الفجر، قاله مجاهد. الثالث: هي صلاة مكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية، قاله الحسن. قوله عز وجل: ﴿إنّ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم﴾ أي بغير حجة جاءتهم. ﴿إن في صدورهم إلا كبرٌ ما هم ببالغيه﴾ فيه قولان: أحدهما: أن اكبر العظمة التي في كفار قريش، ما هم ببالغيها، قاله مجاهد. الثاني: ما يستكبر من الإعتقاد وفيه قولان: أحدهما: هو ما أمله كفار قريش في النبي ﷺ وفي أصحابه أن يهلك ويهلكوا، قاله الحسن. الثاني: هو أن اليهود قالوا إن الدجال منا وعظموا أمره، واعتقدوا أنهم يملكون، وينتقمون، قاله أبو العالية.
161
﴿فاستعذ بالله﴾ من كبرهم. ﴿إنه هو السميع﴾ لما يقولونه ﴿البصير﴾ بما يضمرونه.
162
قوله عز وجل :﴿ فاصبر إنَّ وعد الله حق ﴾ فيه قولان :
أحدهما : هو ما وعد الله رسوله في آيتين من القرآن أن يعذب كفار مكة، قاله مقاتل.
الثاني : هو ما وعد الله رسوله أن يعطيه المؤمنين في الآخرة، قاله يحيى بن سلام.
﴿ واستغفر لذنبك ﴾ أي من ذنب إن كان منك. قال الفضيل : تفسير الاستغفار أقلني.
﴿ وسبح بحمد ربِّك ﴾ قال مجاهد : وصَلِّ بأمر ربك.
﴿ بالعشي والإبكار ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها صلاة العصر والغداة، قاله قتادة.
الثاني : أن العشي ميل الشمس إلى أن تغيب، والإبكار أول الفجر، قاله مجاهد.
الثالث : هي صلاة مكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية، قاله الحسن.
قوله عز وجل :﴿ إنّ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ﴾ أي بغير حجة جاءتهم.
﴿ إن في صدورهم إلا كبرٌ ما هم ببالغيه ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن الكبر العظمة التي في كفار قريش، ما هم ببالغيها، قاله مجاهد.
الثاني : ما يستكبر من الاعتقاد وفيه قولان :
أحدهما : هو ما أمله كفار قريش في النبي صلى الله عليه وسلم وفي أصحابه أن يهلك ويهلكوا، قاله الحسن.
الثاني : هو أن اليهود قالوا إن الدجال منا وعظموا أمره، واعتقدوا أنهم يملكون وينتقمون، قاله أبو العالية.
﴿ فاستعذ بالله ﴾ من كبرهم.
﴿ إنه هو السميع ﴾ لما يقولونه ﴿ البصير ﴾ بما يضمرونه.
﴿لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون﴾ قوله عز وجل: ﴿لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لخلق السموات والأرض أعظم من خلق الدجال حين عظمت اليهود شأنه، قاله أبو العالية. الثاني: أكبر من إعادة خلق الناس حين أنكرت قريش البعث، قاله يحيى بن سلام. الثالث: أكبر من أفعال الناس حين أذل الكفار بالقوة وتباعدوا بالقهر.
﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾ قوله عز وجل: ﴿وقال ربكم ادعوني استجبْ لكم﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه وحدوني بالربوبية أغفر لكم ذنوبكم، قاله ابن عباس. الثاني: اعبدوني استجب لكم، قاله جرير بن عبد الله، أي اتبعكم على عبادتكم. الثالث: سلوني أعطكم، قاله السدي. وإجابة الداعي عند صدق الرغبة مقيد بشرط الحكمة. وحكى قتادة أن كعب قال: أعطيت هذه الأمة ثلاثاً لم تعطهن
162
أمّة قبلكم إلا نبي: كان إذا أرسل نبي قيل له: أنت شاهد على أمتك، وجعلكم شهداء على الناس، وكان يقال للنبي، ليس عليك في الدين من حرج، وقال لهذه الأمة: وما جعل عليكم في الدين من حرج، وكان يقال للنبي: ادعني أستجب لك، وقال لهذه الأمة: ادعوني أستجب لكم.
163
﴿الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون﴾ قوله عز وجل: ﴿الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لتستريحوا فيه من عمل النهار. الثاني: لتكفوا فيه عن طلب الأرزاق. الثالث: لتحاسبوا فيه أنفسكم على ما عملتم بالنهار.
163
﴿والنهار مبصراً﴾ فيه وجهان: أحدهما: مبصراً لقدرة الله في خلقه. الثاني: مبصراً لمطالب الأرزاق. قوله عز وجل: ﴿كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: كذلك يصرف، قاله يحيى. الثاني: كذلك يكذب بالتوحيد، قاله مقاتل. الثالث: كذلك يعدل عن الحق، قاله ابن زيد.
164
قوله عز وجل :﴿ كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : كذلك يصرف، قاله يحيى.
الثاني : كذلك يكذب بالتوحيد، قاله مقاتل.
الثالث : كذلك يعدل عن الحق، قاله ابن زيد.
﴿ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون﴾
164
قوله عز وجل: ﴿ذلكم بما كنتم تفرحون..﴾ الآية. في الفرح والمرح وجهان: أحدهما: أن الفرح: السرور والمرح: البطر، فسرّوا بالإمهال وبطروا بالنعم الثاني: الفرح والسرور، قاله الضحاك، والمرح العدوان. روى خالد عن ثور عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يبغض البذخين الفرحين المرحين، ويحب كل قلب حزين ويبغض أهل بيت لحمين، ويبغض كل حبر سمين) فأما أهل بيت لحمين فهم الذين يأكلون لحوم الناس بالغيبة، وأما الحبر السمين فالمتحبر بعلمه ولا يخبر به الناس، يعني المستكثر من علمه ولا ينفع به الناس.
165
قوله عز وجل :﴿ ذلكم بما كنتم تفرحون. . ﴾ الآية. في الفرح والمرح وجهان :
أحدهما : أن الفرح : السرور، والمرح : البطر، فسرّوا بالإمهال وبطروا بالنعم
الثاني : الفرح والسرور، قاله الضحاك، والمرح العدوان.
روى خالد عن ثور عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله تعالى يبغض البذخين الفرحين المرحين، ويحب كل قلب حزين ويبغض أهل بيت لحمين، ويبغض كل حبر سمين " فأما أهل بيت لحمين فهم الذين يأكلون لحوم الناس بالغيبة، وأما الحبر السمين فالمتحبّر بعلمه ولا يخبر به الناس، يعني المستكثر من علمه ولا ينفع به الناس.
﴿أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون﴾ قوله عز وجل: ﴿فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العِلمْ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: بقولهم نحن أعلم منهم لن نبعث لن نعذب، قاله مجاهد. الثاني: بما كان عندهم أنه علم وهو جهل، قاله السدي. الثالث: فرحت الرسل بما عندهم من العلم بنجاتهم وهلاك أعدائهم، حكاه ابن عيسى.
165
الرابع: رضوا بعلمهم واستهزأوا برسلهم، قاله ابن زيد. ﴿وحاق بهم﴾ فيه وجهان: أحدهما: أحاط بهم، قاله الكلبي. الثاني: عاد عليهم. ﴿ما كانوا به يستهزئون﴾ فيه وجهان: أحدهما: محمد ﷺ أنه ساحر. الثاني: بالقرآن أنه شِعْر.
166
سورة فصلت

بسم الله الرحمن الرحيم

167
قوله عز وجل :﴿ فلما جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم من العِلمْ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : بقولهم نحن أعلم منهم لن نبعث لن نعذب، قاله مجاهد.
الثاني : بما كان عندهم أنه علم وهو جهل، قاله السدي.
الثالث : فرحت الرسل بما عندهم من العلم بنجاتهم وهلاك أعدائهم، حكاه ابن عيسى.
الرابع : رضوا بعلمهم واستهزؤوا برسلهم، قاله ابن زيد.
﴿ وحاق بهم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أحاط بهم، قاله الكلبي.
الثاني : عاد عليهم.
﴿ ما كانوا به يستهزئون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : محمد صلى الله عليه وسلم أنه ساحر.
الثاني : بالقرآن أنه شِعْر.
١ وهي سورة غافر وتسمى الطول، وهي خمس وثمانون آية.
Icon