تفسير سورة النازعات

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة النازعات من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة النازعات
مكية. وهي ست وأربعون آية. ومناسبتها لما قبلها قوله :﴿ إنا أنذرناكم عذابا قريبا ﴾ [ النبأ : ٤٠ ]، فهو الذي أقسم عليه بقوله :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً ﴾*﴿ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً ﴾*﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً ﴾*﴿ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً ﴾*﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً ﴾*﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ﴾*﴿ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴾*﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴾*﴿ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ﴾*﴿ يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ﴾*﴿ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً ﴾*﴿ قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ﴾*﴿ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾*﴿ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ ﴾.
فإنَّ جواب القسم : لتُبعثن ثم لتعذِّبن.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ والنازعاتِ ﴾ أي : والملائكة التي تنزع الأرواح من أجسادها، كما قال ابن عباس، أو أرواح الكفرة، كما قاله هو أيضاً وابن مسعود، ﴿ غَرْقاً ﴾ أي : إغراقاً، من : أَغرق في الشيء : بالغ فيه غايةً، فإنها تُبالغ في نزعها فتخرجها من أقاصي الجسد. قال ابن مسعود : تنزع روح الكافر مِن جسده من تحت كل شعرة، ومِن تحت الأظافر، ومن أصول القدمين، ثم تفرقها في جسده، ثم تنزعها حتى إذا كادت تخرج تردها في جسده، فهذا عملها بالكفار دون المؤمنين. أو : تُغرقها في جهنم، فهو مصدر مؤكد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ والناشطاتِ نشطاً ﴾ أي : ينشطونها ويخرجونها من الجسد، من : نَشط الدلو من البئر : أخرجها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ والسابحاتِ سَبْحاً ﴾ أي : يسبحون بها في الهوى إلى سدرة المنتهى. شبّه سرعة سيرهم بسبح الهوام، أو يسبحون في إخراجها سبح الغواص الذي يخرج من البحر ما يخرج.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ فالسابقاتِ سبقًا ﴾ فيسبقون بأرواح الكفرة إلى النار، وبأرواح المؤمنين إلى الجنة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ فالمُدبراتِ أَمْراً ﴾ تُدبر أمر عقَابها وثوابها، بأن تهيئها لإدراك ما أعدّ لها من الآلام والثواب، أو السابحات التي تسبح في مضيها، فتسبق إلى ما أمروا به، فتدبر أمراً من أمور العباد، مما يصلحهم في دينهم ودنياهم كما رُسم لهم.
أو : يكون تعالى أَقْسَم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب، غرقاً في النزع، بأن تقطع الفلك حتى تنحطّ في أقصى المغرب، وتنشط من برج إلى برج، أي : تخرج، من : نَشط الثور : إذا خرج من بلد إلى بلد، وتَسْبح في الفلك، فتسبق بعضها بعضاً، فتُدبر أمراً نِيط بها، كاختلاف الفصول، وتقدير الأزمنة، وتدبير مواقيت العبادة، وحيث كانت حركاتها من المشرق إلى المغرب قسرية أي : قهرية - وحركاتها من برج إلى برج ملائمةً، عبَّر عن الأولى بالنزع، وعن الثانية بالنشط.
أو : بأنفس الغُزاة، أو : بأيديهم التي تنزع القِسي، بإغراق السهام، وينشطون بالسهم إلى الرمي، ويَسْبحون في البر والبحر، فيسبقون إلى حرب العدو، فيُدبرون أمرها، أو : بصفات خيلهم، فإنها تنزع في أعنّتها نزعاً تغرق فيه الأعنّة لطول أعناقها، لأنها عراب، وتخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب، وتَسْبح في جريها، فتسبق إلى العدو، فتدبر أمر الظفر والغلبة. وسيأتي في الإشارة أحسن هذه الأقوال إن شاء الله.
وانتصاب " نشطاً " و " سَبْحاً " و " سبقاً " على المصدرية، وأما " أمراً " فمفعول به، وتنكيره للتهويل والتفخيم. والعطف مع اتحاد الكل لتنزيل التغاير العنواني منزلة المتغاير الذاتي ؛ للإشعار بأنَّ كل واحدٍ من الأوصاف المعدودة من معظّمات الأمور، حقيق بأن يكون حياله مناطاً لاستحقاق موصوفه للإجلال والإعظام بالإقسام من غير انضمام أوصاف الآخر إليه. والفاء في الأخيرين للدلالة على ترتيبهما على ما قبلهما بلا مهلة. والمقسم عليه محذوف، تعويلاً على إشارة ما قبله من المقسم به إليه، ودلالة ما بعد من أحوال القيامة عليه، فإنَّ الإقسام بمَن يتولى نزع الأرواح، ويقوم بتدبيرها، يلُوح بكون المقسم عليه مِن قبل تلك الأمور لا محالة، ففيه من الجزالة ما لا يخفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

أي : لتُبعثن ﴿ يومَ ترجُفُ الراجِفةُ ﴾، فالعامل في الظرف هو الجواب المحذوف. والرجف : شدة الحركة. والراجفة : النفخة الأولى، وُصفت بما حدث عندها لأنها تضطرب لها الأرض حتى يموت مَن عليها، وتزلزل الجبال وتندك الأرض دكاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

ثم ﴿ تتبعها الرادِفةُ ﴾ ؛ النفخة الثانية، لأنها تردف الأولى، وبينهما أربعون سنة، والأولى تُميت الخلق والثانية تُحْييهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ قلوبٌ يومئذٍ ﴾، وهي قلوب منكري البعث، ﴿ واجفةٌ ﴾ ؛ مضطربة، من : الوجيف، وهو الاضطراب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ أبصارُها ﴾ أي : أبصار أصحابها ﴿ خاشعةٌ ﴾ ؛ ذليلة لهول ما ترى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ يقولون ﴾ أي : منكرو البعث في الدنيا استهزاءً وإنكاراً للبعث :﴿ أئنا لمردودون في الحافرة ﴾، استفهام بمعنى الإنكار، أي : أنُردّ بعد موتنا إلى أول الأمر، فنعود أحياءً كما كنا ؟ والحافرة : الحالة الأولى، يُقال لمَن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه : رجع إلى حافرته، أي : إلى حالته الأولى، ويُقال : رجع في حافرته، أي : طريقته التي جاء فيها، فحفر فيها، أي : أثر فيها بمشيه، وتسميتها حافرة مع أنها محفورة، كقوله :
﴿ عيشة راضية ﴾ [ الحاقة : ٢١ ] على تسمية القابل بالفاعل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

أنكروا البعث ثم زادوا استبعاداً فقالوا :﴿ أئذا كنا عظاماً نخرةً ﴾ ؛ بالية. ونخرة أبلغ من ناخرة ؛ لأنَّ " فَعِلٌ " أبلغ من فاعل، يقال : نَخِرَ العظم فهو نَخِرٌ وناخر : بِلَى، فالنَخِر هو البالي الأجوف الذي تمر به الريح فيسمع له نخير، أي : أنُرد إلى البعث بعد أن صرنا عظاماً بالية ؟. و " إذا " منصوب بمحذوف، وهو : أنُبعث إذا كنا عظاماً بالية مع كونها أبعد شيء في الحياة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ قالوا ﴾ أي : منكروا البعث، وهو حكاية لكفر آخر، متفرع على كفرهم السابق، ولعل توسيط " قالوا " بينهما للإيذان بأنّ صدور هذا الكفر عنه ليس بطريق الاطراد والاستمرار، مثل كفرهم الأول المستمر صدوره عنهم في كافة أوقاتهم، حسبما يُنبئ عنه حكايته بصيغة المضارع، أي : قالوا بطريق الاستهزاء، مُشيرين إلى ما أنكروه من الرد في الحافرة، مشعرين بغاية بُعدها من الوقوع :﴿ تلك إِذاً كرةٌ خاسرةٌ ﴾ أي : رجفة ذات خسران، أو خاسر أصحابها، والمعنى : أنها إن صحّت وبُعثنا فنحن إذاً خاسرون لتكذيبنا بها، وهذا استهزاءُ منهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

قال تعالى في إبطال ما أنكروه :﴿ فإِنما هي زجرةٌ واحدة ﴾ أي : لا تحسبوا تلك الكرّة صعبة على الله، بل هي أسهل شيء، فما هي إلاّ صيحة واحدة، يُريد النفخة الثانية، من قولهم : زَجَر البعير : إذا صاح عليه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

﴿ فإِذا هم بالسَّاهرةِ ﴾ أي : فإذا هم أحياء على وجه الأرض، بعدما كانوا أمواتاً في جوفها. والساهرة : الأرض البيضاء المستوية، سُميت بذلك، لأنَّ السراب يجري فيها، من قولهم : عين ساهرة جارية، وفي ضدها : عين نائمة، وقيل : إنَّ سالكها لا ينام خوف الهلكة، وقيل : أرض بعينها بالشام إلى جنب بيت المقدس، وقيل : أرض مكة. وقيل : اسم لجهنّم. وعن ابن عباس : أنَّ الساهرة : أرض مِن فضة، لم يُعص اللهَ تعالى عليها قط، خلقها حينئذ. وقيل : أرض يُجددها الله تعالى يوم القيامة. وقيل : الأرض السابعة، يأتي الله بها يوم القيامة فيُحاسب عليها الخلائق، وذلك حين تُبدل الأرض غير الأرض، وقيل : الساهرة : أرض صحراء على شفير جهنم. والله تعالى أعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : والأرواح النازعات عن ملاحظة السِّوى غرقاً في بحار الأحدية. والناشطات من علائق الدنيا ومتابعة الهوى نشطاً، والسابحات بأفكارها في بحر أنوار الملكوت، وأسرار الجبروت، سبحاً، فالسابقات إلى حضرة القدس سبقاً، فالمدبرات أمر الكون، بالتصرُّف فيه بالنيابة عن الحق، وهو مقام القطبانية، أو النازعات عن الحظوظ والشهوات غرقاً في التجرُّد إلى العبادات بأنواع الطاعات. وهذه أنفس العُبّاد، والناشطات عن الدنيا، وأهلها فراراً إلى الله نشطاً، وهي أنفس الزُهّاد، والسابحات بعقولها في أسرار العلوم، فتستخرج من الكتاب والسنة درراً ويواقيت، يقع النفع بها إلى يوم الدين، وهي أنفس العلماء الجهابذة، فالسابقات إلى الله بأنواع المجاهدات والسير في المقامات، حتى أفضت إلى شهود الحق عياناً، سبقاً، وهي أنفس الأولياء العارفين، فالمُدبرات أمر الخلائق بقسم أرزاقها وأقواتها ورتبها، وهي أنفس الأقطاب والغوث. وقال البيضاوي : هذه صفات النفوس، وحال سلوكها، فإنها تنزع من الشهوات، وتنشط إلى عالم القدس، فتسْبَح في مراتب الارتقاء، فتسبق إلى الكمالات، حتى تصير من المكمِّلات، زاد الإمام : فتُدبْر أمر الدعوة إلى الله. وقال الورتجبي : إشارة النازعات إلى صولات صدمات تجلي العظمة، فتنزع الأرواح العاشقة عن معادن الحدوثية. ثم قال : والناشطات : الأرواح الشائقة تخرج من أشباحها بالنشاط، حين عاينت جمال الحق بالبديهة وقت الكشف. ثم قال : والسابحات تسْبَح في بحار ملكوته وقاموس كبرياء جبروته، تطلب فيها أسرار الأولية والآخرية والظاهرية والباطنية، فالسابقات في مصاعدها عالم الملكوت، وجنات الجبروت، تُسابق كل همة، فالمدبِّرات هي العقول القدسية تُدَبّر أمور العبودية بشرائط إلهام الحقيقة. هـ.
والمقسَم عليه : ليبعَثن اللهُ الأرواحَ الميتة بالجهل والغفلة، حين تنتبه إلى السير بالذكر والمجاهدة، فإذا حييت بمعرفة الله كانت حياة أبدية. وذلك يوم ترجف النفس الراجفة، وذلك حين تتقدّم لخرق عوائدها ومخالفة هواها، تتبعها الرادفة، وهي ظهور أنوار المشاهدة، فحينئذ تُبعث من موتها، وتحيا حياة لا موت بعدها، وأمّا الموت الحسي فإنما هو انتقال من مقام إلى مقام. قلوب يومئذ ـ أي : يوم المجاهدة والمكابدة ـ واجفة، لا تسكن حتى تُشاهد الحبيب، أبصارُها في حال السير خاشعة، لا يُخلع عليها خلعُ العز حتى تصل.
يقول أهل الإنكار لهذه الطريق : أئِنا لمردودون إلى الحالة الأولى، التي كانت الأرواح عليها في الأزل، بعد أن كنا ميتين بالجهالة، مُرْمى بنا في مزابل الغفلة، كعِظام الموتى، قالوا : تلك كرة خاسرة، لزعمهم أنهم إذا صاروا إلى هذا المقام لم يبقَ لهم تمتُّع بشيء أصلاً، مع أنَّ العارف إذا تحقق وصوله تمتع بالنعيمين ؛ نعيم الأشباح ونعيم الأرواح. قال تعالى في رد ما استحالوه : فإنما هي زجرة واحدة من همة عارف، أو نظرة وليّ كامل، فإذا هم في أرض الحضرة القدسية. قال الشيخ أو العباس : والله ما بيني وبين الرجل إلاَّ أن أنظر إليه وقد أغنيته. قلت : والله لقد بقي في زماننا هذا مَن يفوق أبا العباس والشاذلي وأضرابهما في الإغناء بالنظرة والملاحظة، والحمد لله.

ولما تقدم إنكارهم البعث وتمردهم على الرسول، قص عليه قصة موسى وتمرد فرعون على الله، حتى ادعى الألوهية، تسلية له عليه الصلاة والسلام، فقال :
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴾*﴿ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾*﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾*﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ﴾*﴿ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴾*﴿ فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى ﴾*﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى ﴾*﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ﴾*﴿ فَحَشَرَ فَنَادَى ﴾*﴿ فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾*﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُوْلَى ﴾*﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ هل أتاك حديثُ موسى ﴾، تشويقاً لما يُلقى إليه مِن خبره، أي : هل أتاك حديثه، أنا أُخبرك به، إن كان هذا أول ما أتاه من حديثه. وإن كان تقدّم قبل هذا حديثه، وهو المتبادر، فالمعنى : أليس قد آتاك حديثه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
وقوله :﴿ إِذْ ناداه رَبُّه ﴾ : ظرف للحديث لا للإتيان، لاختلاف وقتهما، أي : هل وصلك حديثه ناداه ربه ﴿ بالوادِ المقدّس ﴾ ؛ المبارك المطهّر، اسمه :﴿ طُوى ﴾ بالصرف وعدمه. فقال في ندائه له :﴿ اذهبْ إِلى فرعون إِنه طَغَى ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ اذهبْ إِلى فرعون إِنه طَغَى ﴾. تجاوز الحدّ في الكفر والطغيان.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ فقلْ ﴾ له بعد أن تأتيه :﴿ هل لك إِلى أن تزكَّى ﴾ أي : هل لك رغبة وتَوَجُّه إلى التزكية والتطهير من دنس الكفر والطغيان بالطاعة والإيمان. قال ابن عطية :" هل " هو استدعاء حسن. قال الكواشي : يقال : هل لك في كذا ؟ وهل لك إلى كذا ؟ كقولك : هل ترغب في كذا، وهل ترغب إلى كذا. قال : وأخبر تعالى أنه أمر موسى بإبلاغ الرسالة إلى فرعون بصيغة الاستفهام والعرض، ليكون أصغى لأذنه، وأوعى لقلبه، لِما له عليه من حق التربية. ه. وأصله :" تتزكى "، فحذف إحدى التاءين، أو : أدغمت، فيمن شدّد الزاي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ وأهْدِيَكَ إِلى ربك ﴾ ؛ وأهديك إلى معرفته، بذكر دلائل توحيده وصفات ذاته، ﴿ فتخشَى ﴾، لأنَّ الخشية لا تكون إلاَّ مع المعرفة، قال تعالى :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاؤُاْ ﴾ [ فاطر : ٢٨ ] أي : العلماء بالله. وقال بعض الحكماء : اعرفوا الله، فمَن عرف الله لم يقدر أن يعصيه طرفةَ عين. فالخشية ملاك الأمر، فمَن خشي الله أتى منه كل خير، ومَن أَمِنَ اجترأ على كل شر. ومنه الحديث :" مَن خشي أدلج، ومَن أدلج بلغ المنزل " ١ قال النسفي : بدأ مخاطبته بالاستفهام، الذي معناه العرض، كما يقول الرجل لضيفه : هل لك أن تنزل بنا ؟ وأردفه الكلامَ الرقيق، ليستدعيه باللطف في القول، ويستنزله بالمداراة من عتوّه، كما أمر بذلك في قوله :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِِّناً ﴾
[ طه : ٤٤ ] ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.

١ أخرجه الترمذي في صفة القيامة حديث ٢٤٥٠..
﴿ فأراه الآيةَ الكبرى ﴾، الفاء : فصيحة تفصح عن جملة قد طويت تعويلاً على تفصيلها في السور الأخرى، فإنه عليه السلام ما أراه إياها عقب هذا الأمر، بل بعدما جرى بينه وبينه من المحاورات إلى أن قال :﴿ إِن كُنتَ جِئْتَ بِئَايَةٍ فَأْتِ ﴾ [ الأعراف : ١٠٦ ]. والآية الكبرى : العصا، أو : هي واليد، لأنهما في حكم آية واحدة. ونسبتُها إليه عليه السلام بالنسبة إلى الظاهر، كما أنّ نسبتها إلى نون العظمة في قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا ﴾ [ طه : ٥٦ ] بالنظر إلى الحقيقة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ فكذَّب وعَصَى ﴾ أي : كذَّب موسى عليه السلام. وسمَّى معجزته سحراً، وعصى اللهَ عزّ وجل بالتمرُّد، بعدما عَلِمَ صحة الأمر ووجوب الطاعة، أشد العصيان وأقبحه، حيث اجترأ على إنكار وجود رب العالمين رأساً. وكان اللعين وقومه مأمورين بعبادته عزّ وجل، وترك القولة العظيمة التي يدّعيها الطاغية، ويقبلها منه الفئة الباغية، لا بإرسال بني إسرائيل من الأسر فقط. قاله أبو السعود.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ ثم أّدْبَر ﴾ أي : تولَّى عن الطاعة، أو : انصرف عن المجلس ﴿ يسعَى ﴾ في معارضة الآية، أو : أدبر هارباً من الثعبان، فإنه رُوي أنه عليه السلام لمّا ألقى العصا انقلب ثعباناً أشعر، فاغراً فاه، بين لحييه ثمانون ذرعاً، فوضع لحيه الأسفل على الأرض، والأعلى على القصر، فتوجه نحو فرعون، فهرب وأحدث، وانهزم الناس مزدحمين، فمات منهم خمسة وعشرون ألفاً من قومه وقيل : إنها ارتفعت في السماء قدر ميل، ثم انحطت مقبلة نحو فرعون، وجعلت تقول : يا موسى مُرني بما شئت، وجعل فرعون يقول : بالذي أرسلك إلاّ أخذته، فأخذه فعاد عصا. .
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ فحشَرَ ﴾ أي : فجمع السحرة، كقوله :﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ [ الشعراء : ٥٣ ] أو : جمع الناس، ﴿ فنادَى ﴾ في المقام الذي اجتمعوا فيه، قيل : قام خطيباً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ فقال أنا ربكم الأعلَى ﴾ لا رب فوقي، وكان لهم أصنام يعبدونها. وهذه العظيمة لم يجترئ عليها أحد قبله. قال ابن عطية : وذلك نهاية في المخارقة، ونحوُها باقٍ في ملوك مصر وأتباعهم. ه. قيل : إنما قال ذلك ابنُ عطية لأنَّ ملك مصر في زمانه كان إسماعيليًّا، وهو مذهب يعتقدون فيه إلهية ملوكهم. وكان أول مَن ملكها منهم : المعتز بن المنصور بن القاسم بن المهدي عبيد الله، وآخرهم العاضد. وقد طهَّر الله مصر من هذا المذهب، بظهور الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذا رحمه الله وجزاه عن الإسلام خيراً. ه. من الحاشية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ فأخَذَه اللهُ نكال الآخرةِ والأُولى ﴾ بالإغراق، فالنكال : مصدر بمعنى التنكيل، كالسلام بمعنى التسليم، وهو التعذيب الذي ينكل مَن رآه أو سمعه، ويمنعه من تعاطي ما يُفضي إليه. وهو منصوب على أنه مصدر مؤكد، كوعْدَ الله وصبغةَ الله، وقيل : مصدر ل " أخذ "، أي : أخذه الله أخذ نكال الآخرة، وقيل : مفعول من أجله، أي : أخذه الله لأجل نكال الآخرة. وإضافته إلى الدارين باعتبار وقوع بعض الأخذ فيهما، لا باعتبار أنَّ ما فيه من المنع والزجر يكون فيهما، فإنَّ ذلك لا يتصور في الآخرة، بل في الدنيا، فإنَّ العقوبة الأخروية تنكل مَن يسمعها، وتمنعه من تعاطي ما يؤدي إليها لا محالة. وقيل : المراد بالآخرة والأولى : قوله :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ وقوله :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [ القصص : ٣٨ ]. قيل : كان بين الكلمتين أربعون سنة، فالإضافة إضافة المسبب إلى السبب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
﴿ إِنَّ في ذلك ﴾ أي : فيما ذكره من قصة فرعون وما فعل به ﴿ لَعِبرةً ﴾ عظيمة ﴿ لِمن ﴾ شأنه أن ﴿ يَخْشَى ﴾ وهو مَن عرف الله تعالى وسطوته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : جعل القشيري موسى إشارة إلى القلب، وفرعون إشارة إلى النفس، فيُقال : هل أتاك حديث القلب حين ناداه ربه بالحضرة المقدسة، بعد طي الأكوان عن مرآة نظره، فقال له : اذهب إلى فرعون النفس إنه طغى. وطغيانها : إرادتها العلو والاستظهار، فقل له : هل لك إلى أن تَزَكَّى وتتطهر من الخبائث، لتدخل الحضرة، فأَهديك إلى معرفة ربك فتخشى، فإنما يخشى اللهَ مَن عرفه. فأراه الآية الكبرى مِن خرق العوائد ومخالفة الهوى، فكَذَّب وعصى، حين رأى عزم القلب على مجاهدته، فحشر جنوده مِن حب الدنيا والرئاسة، وإقبال الناس والحظوظ والشهوات، فنادى، فقال : أنا ربكم الأعلى، فلا تعبدوا غيري. هذا قول فرعون النفس، فأخذه اللهُ نكال الآخرة والأولى، أي : استولى جند القلب عليه، فأغرقه في قلزوم بحر الفناء والبقاء. إنَّ في ذلك لعبرة لمَن يخشى، ويسلك طريق التزكية، فإنه يصل إلى بحر الأحدية. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
ولما أقسم تعالى في صدر السورة على البعث، بين سهولته على قدرته، فقال :
﴿ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴾*﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴾*﴿ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴾*﴿ وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾*﴿ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾*﴿ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴾*﴿ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ ﴾*﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ﴾*﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى ﴾*﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ﴾*﴿ فَأَمَّا مَن طَغَى ﴾*﴿ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾*﴿ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾*﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾*﴿ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله : مخاطباً أهلَ مكة، المنكرين للبعث، بناء على صعوبته في زعمهم، وتوبيخاً وتبكيتاً، بعدما بيّن سهولته على قدرته بقوله :﴿ فَإِنَّمَا هِي زَجْرَةٌ وَاحدَةٌ ﴾ ﴿ أأنتم أشدُّ خَلْقاً ﴾ أي : أَخَلْقُكم بعد موتكم أشق وأصعب في تقديركم ﴿ أم السماءُ ﴾ أي : أم خلق السماء على عِظمها وانطوائها على تعاجيب البدائع التي تحار العقول عن ملاحظة أدناها، وهذا كقوله :﴿ أَوَلَيْسَ الَذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى ﴾ [ يَس : ٨١ ]. ثم بيَّن كيفية خلقها فقال :﴿ بناها ﴾ أي : الله، وفي عدم ذكر الفاعل، فيه وفيما عطف عليه، من التنبيه على تعينه وتفخيم شأنه عزّ وجل ما لا يخفى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ رَفَعَ سَمْكَها ﴾ أي : أعلى سقفها من الأرض، وذهب بها إلى سمت العلوّ مدًّا رفيعاً مسيرة خمسمائة عام ﴿ فسوّاها ﴾ أي : فعدّلها مستوية ملساء، ليس فيها تفاوت ولا فطور، أو : تممها بما جعل فيها من الكواكب والدراري، وغيرها مما لا يعلمه إلاَّ الخلاَّق العليم، من قولهم : سوَّى فلان أمره : إذا أصلحه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ وأغْطشَ ليلها ﴾ أي : أظلمه، ويُقال : غطش الليل وأغطشه الله، كما يُقال : ظلُم وأظلمه الله. ﴿ وأخرج ضحاها ﴾ أي : أبرز نهارها، عبّر عنه بالضُحى، لأنه أشرف أوقاته وأطيبها، فكان أحق بالذكر في مقام الامتنان. ويجوز أن يكون أضاف الضحى إليها بواسطة الشمس، أي : أبرز ضوء شمسها. والتعبير بالضُحى لأنه وقت قيام سلطانها وكمال إشراقها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ والأرضَ بعد ذلك دحاها ﴾ أي : بسطها ومهّدها لسكْنى أهلها وتقلُّبهم في أقطارها، وكانت حين خُلقت كورة غير مدحوةٍ، فدحيت من تحت مكة بعد خلق السماء بألفي عام.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

ثم فسّر الدحو فقال :﴿ أخرج منها ماءها ﴾ بتفجير عيونها وإجراء أنهارها، ﴿ ومرعاها ﴾ ؛ كلأها، وهو ما ترعاه البهائم، وهو في الأصل : موضع الرعي، أو : مصدر ميمي بمعنى المفعول، وتجريد الجملة من العاطف إِمّا لأنها تفسير لدحاها، أو تكملة له، فإنَّ السكنى لا تتأتى لمجرد البسط، بل لا بد من تهيئة أمر المعاش من المأكل والمشرب حتماً، أو : لأنها حال بإضمار " قد " عند الجمهور، أو بدونه عند الكوفيين.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ والجبالَ أرساها ﴾ أي : أثبتها وأثبت بها الأرض أن تميد بأهلها، وإرساء الجبال لها من باب الحكمة، وإلاَّ فالقدرة هي الحاملة للكل. وانتصاب الأرض والجبال بفعل يُفسره ما بعده. ولعل تقديم إخراج الماء والمرعى ذكراً مع تقديم الإرساء عليه وجوداً ؛ لإبراز كمال الاعتناء بأمر المأكل والمشرب. وهذا كما ترى يدل بظاهره على تأخر دحو الأرض عن خلق السماء وما فيها، كما يروى عن الحسن : من أنه تعالى خلق الأرض في موضع بيت المقدس، كهيئة الفِهْر، عليه دخان ملزق بها، ثم أصعد الدخان وخلق منه السموات، وأمسك الفِهْرَ في موضعها وبسط منها الأرض، وذلك قوله تعالى :﴿ كَانَتَا رَتْقاً. . . ﴾ [ الأنبياء : ٣٠ ]. وفي القاموس : الفِهْرُ بالكسر : الحَجَرُ قَدْرَ ما يدق به الجَوْزُ، أو ما يملأ الكفَّ. ه.
والتحقيق في المسألة : أنَّ أول ما خلق اللهُ العرش من القبضة النورانية المحمدية، ثم خلق ياقوتة صفراء، فذابت من هيبته تعالى فصارت ماء، ثم اضطرب الماء فعلته زبدة، فخلق منها الأرض، ثم علا منه دخان فخلق منه السماء، ثم دحا الأرض وهيّأ فيها أقواتها للناس والأنعام وغيرهما، كما قال تعالى :﴿ متاعاً لكم ولأنعامكم ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ متاعاً لكم ولأنعامكم ﴾. أي : فجعل ذلك تمتيعاً لكم ولأنعامكم، فهو مفعول لأجله ؛ لأنَّ فائدة البسط والتمهيد وإخراج الماء والمرعى واصلة للإنسان والأنعام، أو : مصدر من غير لفظه، فإنَّ قوله تعالى :﴿ أخرج منها ماءها ومرعاها ﴾ في معنى : متّعكم بذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ فإذا جاءت الطامةُ الكبرى ﴾ أي : الداهية العُظمى التي تطمّ على سائر الدواهي، أي : تعلوها وتغلبها، من قولك : طمّ الأمر : إذا علا وغلب، وهي القيامة، أو النفخة الثانية، أو : الساعة التي يُساق فيها الخلائق إلى محشرهم، أو : التي يُساق فيها أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ يوم يتذكَّرُ الإِنسانُ ما سعَى ﴾ أي : يتذكر فيه كل واحد ما عمله من خير وشر، بأن يُشاهده مدوناً في صحيفته، وقد كان نسيه مِن فرط الغفلة، وطول الأمل، كقوله تعالى :﴿ أحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ ﴾ [ المجادلة : ٦ ]. و " يوم " : بدل من " إذا " والأحسن : أنه مفعول بفعل محذوف، أي : أعني.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ وبُرّزَت الجحيمُ ﴾ أي : أظهرت إظهاراً بيناً لا يخفى على أحد ﴿ لمن يرى ﴾ كائناً مَن كان، فلا تتوقف رؤيتها إلاّ على وجود حاسة البصر، ولا مانع من الرؤية ولا حاجب. يُروى أنه يُكشف عنها فتلتظي نيرانها كل ذي بصر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ فأمَّا مَن طَغَى ﴾ أي : جاوز الحدّ في العصيان.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ وآثر الحياةَ الدنيا ﴾ الفانية، فانهمك فيما متع به فيها، ولم يستعد للحياة الآخرة الأبدية بالإيمان والطاعة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ فإِنَّ الجحيم ﴾ التي ذكر شأنها ﴿ هي المأوى ﴾ أي : مأواه. فاللام سادّة مسد الإضافة للعلم بأنَّ صاحب المأوى هو الطاغي، وجملة " فأمّا " : جواب " إذا " على طريقة :
﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّى هُدىً فَمَن تَبِعَ هُدَايَ. . . ﴾ [ البقرة : ٣٨ ]، وقيل : جواب " إذا " محذوف، وهي تفصيل له، أي : إذا جاءت انقسم الناس على قسمين، فأمّا مَن طغى. . الخ، والذي يستدعيه فخامة التنزُّل، ويقتضيه مقام التهويل ؛ أنَّ الجواب المحذوف تقديره : يكون من عظائم الشؤون ما لم تُشاهده العيون، ثم فصَّل أحوال الناس بقوله : فأمّا. . الخ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ وأمّا مَن خاف مَقامَ ربه ﴾ أي : مُقامه بين يدي مالك أمره يوم الطامة الكبرى، يوم يتذكر الإنسانُ ما سعى. ﴿ ونهى النفسَ عن الهوى ﴾ المُرْدِيِّ، أي : زجرها عن اتّباع الشهوات الفانية، ولم يعتد بمتاع الحياة الدنيا وزهرتها، ولم يغتر بزخارفها وزينتها، علماً منه بوَخَامة عاقبتها، وقيل : هو الرجل يهم بالمعصية فيتذكّر مقامه للحساب فيتركها. والهوى : ميل النفس إلى ما تهوى من غير تقييد بالشريعة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

﴿ فإِنَّ الجنة هي المأوى ﴾ له لا لغيره، وسيأتي تحقيقه في الإشارة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فإذا جاءت الطامة، وهو التجلَّي الجلالي الذي لا يعرفه فيه إلاّ الرجال، يومئذ يتذكر الإنسان ما سعى فيه من علم التوحيد، فمَن كان عارفاً بالله في جميع الأشياء عرفه في جميع التجليات، كيفما تلوّنت، ومَن كان قاصراً في المعرفة في البعض وأنكره في البعض، كما في حديث القيامة، حيث يتجلّى لبعض عباده في صورة لا يعرفونها، فيُنكرونه، ويقولون، هذا موضعنا حتى يأتينا ربنا، ثم يتجلّى لهم في صورة يعرفونها، فيُقرونه، وهذا لقصورهم في المعرفة، ولو عرفوا الله في جميع تجلياته ما أنكروه في شيء منها، وبُرّزت الجحيم لمَن يرى، أي : وبُرّزت حينئذ نار القطيعة لمَن يرى. قال القشيري : أي : ظهرت جحيم الحجاب لمَن يراه غيرَ الأشياء، فإنه عين الأشياء في جميع التجليات، الجمالية والجلالية، العلوية والسفلية، الصورية والمعنوية. هـ.
فأمَّا مَن طغى وتبع هواه، وآثر الحياة الدنيا، والاشتغال بها عن الإقبال على الله، فإنَّ الجحيم هي المأوى، أي : جحيم الحرمان عن مشاهدة الرحمان، وأمّا مَن خاف مقام ربه، أي : قيام ربه بالأشياء، أو على الأشياء، واطلاعه عليها، أو قيامه بين يدي الله غداً للحساب، فالأول لأهل المشاهدة، والثاني لأهل المراقبة، والثالث لأهل المحاسبة، ونهى النفسَ عن الهوى، عن كل ما يشغل عن الله، ويُقسي القلبَ عن ذكر مولاه، مما تهواه النفوس، فإنّ الجنة هي المأوى، جنة المعارف لمَن ترك ما تهوى نفسُه من المباحات، وجنة الزخارف لمَن ترك ما تهواه من المحرّمات.
قال الورتجبي : خاطب تعالى العبادَ بهذه الآية في أوائل مقاماتهم، حين وجب عليهم ترك النفوس، وشرَه هواها، والميل إلى حظوظها، لأنهم في وقت قصودهم إلى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية، فقد وجب عليهم الإعراض عن حظوظ أنفسهم، خوفاً من الاحتجاب عن الوصول إلى الله تعالى، ولعلمهم بأنه محيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية، حين تميل بخفاياها إلى مرادها دون الله، فإذا جاهدوها وقهروها بتأييد الله أوصلهم الله مقامَ مشاهدته، وهي جنة العارفين، فإذا ترقُّوا إلى درجات المعرفة لم يحتاجوا إلى قهر النفس عن الهوى، فإنّ نفوسهم وأجسامهم وشياطينهم صارت روحانية، فجانست الأرواح الملكوتية، فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة أرواحهم في مشاهدة الحق، فتشتهي الأنفسُ ما تشتهي الأرواحُ في الغيوب والعقول والقلوب، فيضطرهم هناك إلى كل شيء يكون للنفوس والأرواح، جنات تظهر فيها أنوار شهود الحق، وأين الكافر والمعطِّل والمدّعِي من هذا المقام ؟ وهم خلقوا من الجهالة، فيموتون في الضلالة، وأصحاب القلوب والمعارف عيش أرواحهم عيش الربانيين، وعيش نفوسهم عيش الجنّانيين ـ أي أهل الجنة الحسية ـ والله قادر بذلك يختص برحمته مَن يشاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :" أسلم شيطاني " ١. وقال :" نحن معاشر الأنبياء أجسادنا روح " ثم قال عن سهل : لا يَسلم من الهوى إلاَّ الأنبياء وبعض الصدّيقين، ليس كلهم، وإنما يسلم من الهوى مَن ألزم نفسه الأدب. هـ. قلت : الذي يُلزم نفسه الأدب هو الذي ينزل إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين والرسوخ في اليقين، وقليل ما هم.

ثم ذكر سؤالهم عن الطامة، فقال :
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴾*﴿ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴾*﴿ إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ﴾*﴿ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾*﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ يسألونك عن الساعةِ أيّان مُرْسَاها ﴾ أي : متى إرساؤها، أي : إقامتها، يُريدون : متى يُقيمها الله تعالى ويكوّنها، وقيل : أيّان منتهاها ومستقرها، كما أنّ مرسى السفينة المحل التي تنتهي إليه وتستقر فيه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يسألونك أيها العارف عن الساعة التي يفتح الله فيها على المتوجِّه بالدخول في مقام الفناء في الذات، أيَّان مُرْساها، إنما أنت منذر مَن يخشى فواتها، أي : إنما أنت مُبَيّن الطريق التي توصل إليها، وتُخوِّف من العوائق التي تعوق عنها، وليس مِن وظيفتك الإعلام بوقتها، لأنها موهبة من الكريم الوهّاب، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشية أو ضحاها، أي : يستصغرون مدة مجاهدتهم وسيرهم في جانب عظمها. وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم.
﴿ فِيمَ أنتَ مِن ذِكراها ﴾ أيّ : في أي شيء أنت مِن أن تذكر وقتها لهم وتعلمهم به ؟ أي : ما أنت من ذكراها وتبيين وقتها لهم في شيءٍ حتى يسألونك بيانها، إنما أنت نذير بها، كقولك : ليس فلان من العلم في شيءٍ وهو إنكار ورد لسؤال المشركين عنها، لأنَّ علمها مما استأثر به علاّم الغيوب وقيل : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت، فكفّ، فهو على هذا تعجيب من كثرة ذكره لها، أي : أنت في شُغل وأي شغل أنت من الاهتمام بالسؤال عنها.
وقالت عائشة رضي الله عنها : كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة كثيراً، فلما نزلت هذه الآية انتهى عن ذلك. ولا يرده قوله :﴿ كَأَنَّكَ حَفِيُّ عَنْهَا ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ] أي : إنهم يزعمون أنك مُبالغ في السؤال عنها حتى علمتها ولست كما يزعمون، لأنّا نقول هذه الآية نزلت قبل تلك، وأنه كان أولاً يسأل عنها حتى نُهي بهذه الآية فانتهى، كما ذكر في الحديث المذكور، فنزلت تلك مخبرة عن حاله بعد انتهائه. والله أعلم. قال القشيري : من أين لك علمها ولم نعلمك بذلك، وقيل : يوقف على قوله :" فِيمَ " أي : هذا السؤال الذي يسألونك فيم، أي : في أي شيء هو، فيكون إنكاراً لسؤالهم، ثم ابتدأ :" مِن ذكراها " أي : إن ظهورك وبعثك وأنت خاتم النبيين من جملة ذكراها، أي : أشراطها وعلامتها، ومؤذن بقيامها، فلا حاجة لسؤالهم عنها، ويرده : عدم الإتيان بهاء السكت، ويجاب : بأنه ليس بلازم، وإنما تَلزمُ فيما جرّ بإضافة اسم، لبقائه على حرف واحد، كما هو مقرر في محله، مع عدم ثبوته في المصحف.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يسألونك أيها العارف عن الساعة التي يفتح الله فيها على المتوجِّه بالدخول في مقام الفناء في الذات، أيَّان مُرْساها، إنما أنت منذر مَن يخشى فواتها، أي : إنما أنت مُبَيّن الطريق التي توصل إليها، وتُخوِّف من العوائق التي تعوق عنها، وليس مِن وظيفتك الإعلام بوقتها، لأنها موهبة من الكريم الوهّاب، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشية أو ضحاها، أي : يستصغرون مدة مجاهدتهم وسيرهم في جانب عظمها. وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم.
ثم أومأ تعالى إلى أنه مختص بحقيقة علمها، فقال :﴿ إِلى ربك منتهاها ﴾ ؛ منتهى علمها متى يكون، لا يعلمها غيره.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يسألونك أيها العارف عن الساعة التي يفتح الله فيها على المتوجِّه بالدخول في مقام الفناء في الذات، أيَّان مُرْساها، إنما أنت منذر مَن يخشى فواتها، أي : إنما أنت مُبَيّن الطريق التي توصل إليها، وتُخوِّف من العوائق التي تعوق عنها، وليس مِن وظيفتك الإعلام بوقتها، لأنها موهبة من الكريم الوهّاب، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشية أو ضحاها، أي : يستصغرون مدة مجاهدتهم وسيرهم في جانب عظمها. وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم.
﴿ إِنما أنت منذرُ من يخشاها ﴾ أي : لم تُبعث لتُعلمهم وقت الساعة، وإنما بُعثت لتُخوّف مِن أهوالها مَن يخاف شدائدها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يسألونك أيها العارف عن الساعة التي يفتح الله فيها على المتوجِّه بالدخول في مقام الفناء في الذات، أيَّان مُرْساها، إنما أنت منذر مَن يخشى فواتها، أي : إنما أنت مُبَيّن الطريق التي توصل إليها، وتُخوِّف من العوائق التي تعوق عنها، وليس مِن وظيفتك الإعلام بوقتها، لأنها موهبة من الكريم الوهّاب، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشية أو ضحاها، أي : يستصغرون مدة مجاهدتهم وسيرهم في جانب عظمها. وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم.
﴿ كأنهم يوم يرونها ﴾ أي : الساعة ﴿ لم يَلبثوا ﴾ في الدنيا ﴿ إِلاَّ عشيةً أو ضُحاها ﴾ أي : ضحى العشية، استقلُّوا مدّة لبثهم في الدنيا لما عاينوا من الهول، كقوله :﴿ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ﴾ [ الأحقاف : ٣٥ ] وإنما صحّ إضافة الضحى إلى العشية للملابسة، لاجتماعهما في نهارٍ واحد، والمراد : أن مدة لبثهم لم تبلغ يوماً كاملاً، ولكن أحد طرفي النهار عشية يومٍ واحدٍ أو ضحاه.
وقال أبو السعود : الآية إما تقرير وتأكيد لما يُنبئ عنه الإنذار من سرعة مجيء المنذَر به، أي : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الإنذار إلاّ عشية يوم واحد أو ضحاه، فلما ترك اليوم أضيف ضحاه إلى عشيته. وإمّا رد لما أدمجوه في سؤالهم، فإنهم كانوا يسألون عنها بطريق الاستهزاء مستعجلين لها، فالمعنى : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الوعيد بها إلاّ عشية أو ضُحاها، واعتبار كون اللبث في القبور أو في الدنيا لا يقتضيه المقام، وإنما الذي يقتضيه اعتبار كونه بعد الإنذار، أو بعد الوعيد، تحقيقاً للإنذار، وردًّا لاستبطائهم. والجملة على الأول : حال من الموصول، فإنه على تقدير الإضافة وعلى عدمها مفعول لمُنذر، كما أنَّ قوله تعالى :﴿ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارٍ ﴾ [ يونس : ٤٥ ] حال من الضمير في " نحشرهم " أي : نحشرهم مشبّهين بمَن لم يلبث في الدنيا إلاّ ساعة من النهار، خلا أن التشبيه هناك في الأحوال الظاهرة من الزي والهيئة، وفيما نحن فيه من الاعتقاد، كأنه قيل : عِدْهم مشبهين يوم يرونها في الاعتقاد بمَن لم يلبث بعد الإنذار بها إلاّ تلك المدة اليسيرة، وعلى الثاني : مستأنفة، لا محل لها من الإعراب. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : يسألونك أيها العارف عن الساعة التي يفتح الله فيها على المتوجِّه بالدخول في مقام الفناء في الذات، أيَّان مُرْساها، إنما أنت منذر مَن يخشى فواتها، أي : إنما أنت مُبَيّن الطريق التي توصل إليها، وتُخوِّف من العوائق التي تعوق عنها، وليس مِن وظيفتك الإعلام بوقتها، لأنها موهبة من الكريم الوهّاب، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاّ عشية أو ضحاها، أي : يستصغرون مدة مجاهدتهم وسيرهم في جانب عظمها. وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم.
Icon